الصفحات

الأحد، 17 أبريل 2022

جرائم السحر والشعوذة, في القانون اليمني

 

 

جرائم السحر والشعوذة, في القانون اليمني

 

أولا السحر:

 

 السحر  في اللغة: هو حرف الشيء عن وجهه.

السحر في الاصطلاح:

1-عرفة أبن قدامة بأنه: عزائم  وعُقَد يؤثر في القلوب والأبدان فيُمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه.

2- وعرّفه أبو بكر الرازي بأنه:  كل أمر خفي سببه وتُخِيِلَ على غير حقيقته, ويجري مجرى التمويه والخُدَأع.

تعريف ابن قدامة قائم على أن للسحر حقيقة، أما تعريف الرازي فهو قائم على مذهب من يرى أن السحر ليس حقيقة, وإنما مجرد خدع وتمويهات وتخييل.

وأختلف الفقهاء إلى قولين:

القول الاول:  أن السحر له حقيقة:

قال الإمام القرطبي - رحمه الله - : ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة.

وقال الإمام ابن القيم : وقد استدل  لقوله تعالى: { ومن شر النفاثات في العقد }( الفلق:4 ) وحديث عائشة رضى الله عنها على تأثير السحر, وإن له حقيقة, ومن أدلتهم على ذلك قوله تعالى:{ واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون }(البقرة: 102 )

 وجه الدلالة من الآية أن الله أخبر فيها أن للسحر آثاراً محسوسة كالتفريق بين المرء وزوجه، وأن له ضرراً مباشرة – يحصل بإذن الله –،  وهي آثار محسوسة لا يمكن إنكارها، مما يدل على أن للسحر حقيقة وليس مجرد خُدَع وتخيلات.

القول الثاني: قول عامة المعتزلة أن السحر خداع, وليس حقيقه:

يتلخص رأيهم في أن السحر مجرد تمويه وتخييل, فلا تأثير له لا في مرض ولا عَقْدٍ، وبناءً عليه فإنهم يجعلون السحر نوعاً واحداً وهو سحر التخييل.

يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي:  أن السحر في الحقيقة لا يوجب المضرة , لأنه ضرب من التمويه والحيلة…

 ويقول أبو منصور الماتريدي : والأصل أن الكهانة محمول أكثرها على الكذب والمخادعة، والسحر على التشبيه والتخييل.

ودليلهم نص الآية  { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى  }(طه:66) فأخبر الله تعالى أن عمل أولئك السحرة إنما كان تخيلاً لا حقيقة...

 والاستدلال بهذه الآية مدفوع عند مذهبهم أن السحر لا يكون إلا من قبيل التخييل، بل غاية ما تدل عليه الآية أن سحر السحرة في زمن فرعون والذي وقع في ذلك الموطن, كان من ذلك قبيل الخداع والتخيل.

 

 

آثار السحر :

1-  سحر  التفريق:            

هو تفريق المرأة عن زوجها وتفريق الزوج عن زوجته, عن طريق الاستعانة بالشياطين والجن بحيث يجعل الرجل القوي لا يقدر على مباشرة زوجته، ويجعل المرأة تتمتنع على زوجها وتأبى قربه، وهذا من اخطر أنواع السحر

2-سحرالجنون:

وهو سحر الشرود والذهول والنسيان والهبل والخب,:ويجمع ذلك كله عدم القدرة الإنسان على التحكم في نفس الإنسان  وتصرفاته، وسبب هذا اقتران الشيطان بالمصاب وتأثيره على مخه الإنسان

3-سحر المرض:

 الوحدة والصمت ولأنطوي الدائم.

 

 4- سحر ألتهيج, وهومن افحش ما يكون, يجمع بين السحر وطلب الفاحشة حيث يسعى الإنسان المسحور لارتكاب الفاحشة, سواءً كان ذكراً أو انثى.

 

 

 

عقوبة الساحر عند فقهاء الإسلام:

القول الأول:  لمذهب الحنفية:

 يقتل الساحر في حالين:              

الأولى: أن كان سحر كفراً بالله.

الثاني: إذا عرفت مزاولة الساحر للسحر بما فيه إضرار وإفساد, ولو بغير كفر .

القول الثاني  لمذهب المالكية:

 يقتل إذا حكم بكفره, وثبت عليه بالبينة لدى الإمام.

القول الثالث: لمذهب الشافعية:

إن كان سحر الساحر ليس من قبيل ما يكفر به فهو فسق, إلا إذا قتل أحداً بسحره عمداً, فإنه يقتل به قصاصاً .

 القول الرابع: لمذهب الحنابلة:

 قالوا أن الساحر يقتل حداً ولو لم يقتل بسحره أحدا, لكنه لا يقتل إلا بشرطين:

الأول: أن يكون سحره مما يحكم بكونه كفر

الثاني: أن يكون مسلماً, فإن كان ذميا لم يقتل لأنه أقرَّ على شركه, وهو أعظم من السحر.

 

 

 

ثانيا الشعوذة:

 

 الشعوذة اصطلاحاً:

عرف اهل العلم الشعوذة على إنها الافعال المموهة الباطلة, التي لا حقيقه لها ولا اصل يثبتها.

وذكر اخرون أن الشعوذة هي أفعال من السحر, تقوم على الطلاسم .

 

 أنواع الشعوذة :

1-   الكهانة:

هي ادّعاء بالاطلاع على الغيب ومعرفتة بواسطة الجن والشياطين, وأمَّا من يُتقن ذلك الفعل فيسمى كاهنًا, والكاهن يأخذ علمه من الجن الذين كانوا يسترقون السمع من السماء.

2-التنجيم:

عرَّفه ابن تيمية -رحمه الله- أنَّه الاستدلال بعلوم الفلك وأحواله لمعرفة الحوادث في الأرض، وزاد الخطابي في قوله أن التنجيم هو ادعاءٌ -ممن يشتغل بذلك الفعل- بمعرفة الحوادث التي ستقع في قابل الأيام، مثل جريان الريح وحدوث المطر وطلوع الشمس، ويزعم المشتغلون في ذلك العلم أنهم يحصلون على تلك المعلومات من تتبعهم لسير الكواكب وجريانها واجتماعها واقترانها, وأحد أشكال التنجيم هو الموالد, ومعناه أن يدّعي المنجِّم معرفة مستقبل الشخص من النجم الذي كان طالعًا عند ولادته.

- العرافة:3

العرافة هي الاستدلال وادعاء المعرفة عن طريق الحصى، أو قراءة الفنجان أو قراءة الزهر، أو قراءة الودع أو عن طريق ورق الشدة، وإلى غير ذلك ممّا  يستعين معه صاحبه بالشياطين، فإن استعان بالشياطين كان كاهنًا، وإن استعان بالنجوم كان منجمًا.

 

الشعوذة نوع من أنواع السحر :

بما أن الشعوذة نوع من السحر، وبما أن المشعوذين يتكلمون رجمًا بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم في أفعالهم وأقوالهم، يرى أهل العلم أنهم في [عداد الكفر إذا أدَّعَوْا علمَ الغيب] وفي عِداد [الضلال إذا احتالوا على الناس دون ادعاء علم الغيب] ويستشهدون في هذا الحُكم على عدد من الأحاديث النبوية.

فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي الكريم قال: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبَل له صلاة أربعين يومًا). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الكريم قال: (من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد)

 

عقوبة الساحر:

 

1-اذا اتي الساحر في سحره بكفر قتل لردتة حداً

2-اذا ثبت أن الساحر في سحرة قتل نفساً معصومة, قتل قصاصاً

3-أذا لم يأتي الساحر بسحرة بكفر ولم يقتل نفساً, في هذه الحالة حلاف عند الفقهاء إلى قولين هل يقتل الساحر أو لا  

 

القول الاول:

يقتل الساحر حداً لردتة عن السلام, وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد, واستدلوا بقوله تعالى:

وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.

 وقالوا أن الآية تدل علي كفر الساحر مطلقاً

واستدلوا من السنه في صحيح بخاري عن بجالة بن عبدة انه قال, كتب عمر أبن الخطاب رضي الله عنه عن حفصه أم المؤمنين أنها أمرت بقتل جارية سحرتها.

القول الثاني للشافعية :

لا يقتل الساحر ألا اذا اعترف انه قتل بسحرة فيقتل به.

 

تكييف جريمة السحر في القانون والقضاء اليمني:

 إشكالية السحر إنه أمر خفي إضافة إلى أنه يتداخل مع غيره من المسائل مثل الشعوذة, لذا هناك صعوبة في تكييف السحر سواء في القانون أو القضاء.

 تكييف السحر في القانون والقضاء اليمني جاء في تعليق من قبال الدكتور عبد المؤمن شجاع الدين, على الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20/5/2013م في الطعن الجزائي رقم (48194) لسنة 1434ه :

أن النيابة العامة أصدرت قرار إتهام إتهمت فيه شخص بأنه يقوم بأعمال السحر والشعوذة والنصب, وأنه أخذ من أحد الاشخاص الذين تعالجوا عنده مبالغ مالية نظير معالجتهم من مس الشيطان , وقد حكمت المحكمة الابتدائية بسجن المتهم سنة كاملة ادباً في الحق العام, لثبوت التهمة المنسوبة إليه والزامه بإعادة المبالغ التي اخذها من الشاكين, وكذلك الزامه بدفع أتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي بالإضافة إلى مصادرة كتاب شمس المعارف وكتاب الرقية, وقد سببت المحكمة ألابتدائية حكمها بانه : بناء على ما ورد في قرار الاتهام ومحاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة وقائمة أدلة الاثبات المتضمنة, اعتراف المتهم باشتغاله بهذه المهنة وإستلامه مبالغ مالية مقابل قيامه بإخراج الجن من المجني عليه وزوجته وبناته, فلم يقتنع المتهم المحكوم عليه بالحكم الابتدائي حيث قام باستئناف الحكم الابتدائي إلا أن الشعبة الجزائية الاستئنافية قضت بتأييد الحكم الابتدائي, وقد جاء في أسباب الحكم الاستئنافي انه من خلال ما ورد في  اوراق القضية, فقد اتضح  ثبوت أنه قام  الواقعة وثبوت نسبتها الى المتهم, وقد بادر المتهم بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أمام المحكمة العليا على عيب الحكم الاستئنافي بأنه لم يقم ببحث الافعال التي يقوم  بها المتهم,مثل الرقية وحصوله على فائدة مستندا الى المادة (310) عقوبات التي تنص (في حين أن الرقية عمل مشروع بنص الكتاب والسنة)

وقال المتهم بأنه يعالج الناس  بالرقية من اتى إليه مصابا بمرض  بما في ذلك المصابون بالمس الشيطاني, ولذلك فان المادة (310) عقوبات لا تنطبق باي حال من الاحوال على الفعل الذي صدر من المتهم, وتطبيق تلك المادة على فعل المتهم لا يوافق القانون, إلا أن الدائرة الجزائية بالمحكمة  العليا أقرت الحكم الاستئنافي مسببة حكمها بأنه (من خلال رجوع الدائرة الى ملف القضية والحكمين الصادرين فيها تبين أن ما أثاره الطاعن لا يخرج في مجمله عن كونه  جدلا في الوقائع المنسوبة اليه ونزاع في الادلة التي استندت عليها محكمة الموضوع في حكمهما وتلك من الامور المتروك تقديرها لمحكمة الموضوع دون معقب عليها من هذه المحكمة, وذلك استنادا الى ما قررته المادة (431) اجراءات التي اوضحت أن النقاش في الأدلة والجدل في الوقائع مما تختص به محكمتا الموضوع, ولا تمتد إليه رقابة هذه المحكمة وكذلك الحال بالنسبة الى قيمة الادلة التي عولت عليها محكمة الموضوع في الاثبات, وحيث أن الطعن المقدم من الطاعن لم تتحقق فيه أية حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة (435) أجراءات الامر الذي يقتضي رفض الطعن)  

 

المراجع :

ً القران الكريم  والسنة النبوية

م2006/3/9 النشر  ً كتاب : اسلام ويب بتاريخ

م 2006/2/19 بتاريخ النشر  كتاب اسلام ويب

منشور الاستاذ : محمد الحياني

منشور عفراء  بكري 

 القانون اليمني،

تعليق الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين

 

 

 

إعداد/سليمان احمد محمد محسن العماد

هناك تعليق واحد:

  1. أنا معي قضية في المحكمة في هذا الموضوع يترافع بها خالي وهو محامي
    هل لديكم احكام جاهزة بخصوص النصب والاحتيال باستخدام السحر والشعوذة ولكم جزيل الشكر والتقدير
    رقمي الوتس الشخصي 775168370

    ردحذف

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي