حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات
إعداد/ نوح محمد
مقدمة:
جاءت العديد من النداءات
للمشرع اليمني بالعمل على مواجهة التطورات التقنية والإلكترونية الحديثة في
القوانين اليمنية، وخاصة ما يتعلق بالقانون التجاري والقانون المدني، وقانون
الإثبات، وإيجاد النصوص القانونية، لمساعدة القضاء في أحكامهم فيما يتعلق بقضايا
التجارة الإلكترونية وحُجية التوقيع الإلكتروني (التعاقد الإلكتروني) عبر أجهزة
الحاسوب والبطائق الممغنطة.
والتجارة الإلكترونية
ليست مجرد استشراق للمستقبل فقط، وإنما هي حاضر قائم فعلاً ومتنامي وسريع الخطى،
ولا بد من مواكبة هذه التطورات على المستوى القانوني والعملي، مع أهمية إيجاد
التشريعات والنصوص القانونية التي تحفظ لكل من الأطراف الحقوق والإلتزامات وتساعد
القضاء اليمني على الفصل في الدعاوى والمنازعات التي تنتج عن هذه المعاملات
الإلكترونية محلياً أو عالمياً.
وقد أصدر المشرع اليمني
قانوناً خاصاً لتنظيم المعاملات الإلكترونية وهو: (قانون رقم (40) لسنة 2006م شأن أنظمة الدفع والعمليات المالية
والمصرفية الإلكترونية) وسنركز في بحثنا هذا على مدى حجية التوقيع الإلكتروني في
الإثبات وفقاً لنصوص هذا القانون.
أولاً/ التعريفات:
عرف قانون المعاملات الإلكترونية اليمني التوقيع الإلكتروني
بأنه:
عبارة عن جزء مشفر في رسالة البيانات أو مضاف إليها أو
مرتبط بها ويتخذ هيئة حروف وأرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون مدرجا بشكل
إلكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أي وسيلة أخرى مماثلة بحيث يمكن من خلاله التعرف على
المنشئ وتمييزه وتحديد هويته والتأكيد على موافقته على محتواها.
وكما عرف السند
الإلكتروني بأنه:
أي بيان أو رسالة أو قيد أو عملية أو معلومة أو عقد أو
توقيع أو برنامج أو سجل أو إجراء أو شهادة أو رمز أو توثيق أو أية أوراق مالية أو
تجارية يتم الحصول عليها بوسيلة إلكترونية.
تعريف العقود الإلكترونية:
الاتفاق الذي يتم إبرامه بوسائل إلكترونية كلياً
أو جزئياً. ثم يحدث التوقيع الرقمي الإلكتروني مثل ما يتم التوقيع مادياً في
الأوراق.
مضافة عليها أو مرتبطة
بها يستدل به على صاحبه، وتكون هذه الرموز معروفة عند الطرفين ولها طابع يسمح
بتحديد هوية الشخص الذي وقعها وتميزه عن غيره.
ثانياً/ حجية المعاملات
الإلكترونية في الإثبات:
إثبات هذه المعاملات
والعقود الإلكتروني هي من أهم العقبات فطرق الإثبات المعروفة قانوناً هي المحررات
الرسمية والعرفية وشهادة الشهود والقرائن واليمين والإقرار. وهذه الوسائل غير
كافية لإثبات معاملات ذات طابع رقمي. لأن التعاملات الإلكترونية تتم من خلال دخول
طالب المعلومات أو الشركات التجارية والمشتري إلى سوق التجارة الإلكترونية من خلال
زيارة المواقع الإلكترونية للشركات الموردة والمستوردة للسلع والخدمات والبضائع وتتم
العملية التجارية من خلال البيانات والمعلومات وقد تكون هذه المعلومات والبيانات
خادعة ومضللة ولا توجد بها مصداقية وشفافية في بعض الأحيان في ظل عدم رؤية
المتعاملين بعضهم البعض، فمنهم من دول مختلفة وجنسيات متعددة وشركات مختلفة، يكون
التعامل فيما بينهم فقط عن طريق شبكة المعلومات الإلكترونية والحاسوب. وهذا الأمر
يطرح عدة عقبات متعلقة بإثبات هذه التعاملات الإلكترونية ومدى حجيتها.
وهنا نجد أن المشرع
اليمني قد نص على أن التوقيع الإلكتروني له حجة في إثبات المعاملات الإلكترونية،
حيث نص في المادة (4) من قانون المعاملات الإلكترونية على:
((يسري هذا القانون -وبما لا يتعارض مع أحكام قانون
الاتصالات السلكية واللاسلكية- على جميع المعاملات التي تتناولها أحكامه وعلى وجه
الخصوص ما يلي:
3- الترميز والتوثيق الإلكتروني،
والتوقيع الإلكتروني.))
ثالثاً/ إجراءات توثيق التوقيع الإلكتروني:
تبين من المادة (4) أن التوقيع الإلكتروني يعد حجة في إثبات التعاملات
الإلكترونية ولكن إذا تم توثيقه بالإجراءات الصحيحة. حيث عرف قانون التعاملات
الإلكترونية اليمني إجراءات التوثيق: بأنها الإجراءات المتبعة للتحقق من أن
التوقيع الإلكتروني أو السجل الإلكتروني قد تم تنفيذه من شخص معين، أو لتتبع
التغيرات والأخطاء التي حدثت في السجل الإلكتروني بعد إنشائه بما في ذلك استخدام
وسائل التحليل للتعرف على الرموز والكلمات والأرقام وفك التشفير والاستعادة
العكسية أو أي وسيلة أو إجراءات أخرى تحقق الغرض المطلوب.
وقد نظم قانون المعاملات
الإلكترونية اليمني إجراءات التوثيق في المواد (23 – 33 – 34 – 35 – 36) من قانون
المعاملات الإلكترونية والتي نصت على:
- مادة (32):
1- يهدف التحقق من أن
قيدا إلكترونياً لم يتعرض إلى 1اي تعديل منذ تاريخ معين، فيعتبر القيد موثقا من
تاريخ التحقق منه إذا تم بموجب إجراءات توثيق معتمدة أو إجراءات توثيق مقبولة
تجارياً أو متفق عليها بين الأطراف في ذوي العلاقة.
2- تعتبر إجراءات
التوثيق مقبولة تجارياً إذا تم عند تطبيقها مراعاة الظروف التجارية الخاصة بأطراف
المعاملة التجارية بما في ذلك: -
أ- طبيعة المعاملة
ب- علم آل طرف من أطراف
المعاملة.
ج - حجم المعاملات
التجارية المماثلة التي ارتبط بها كل طرف من
الأطراف.
د- توافر الإجراءات
البديلة التي رفض أي من الأطراف استعمالها.
هـ- كلفة الإجراءات
البديلة
و- الإجراءات المعتادة
لمثل هذه المعاملة.
-مادة (33):
1-إذا تبين أن نتيجة تطبيق إجراءات
التوثيق المستخدمة معتمدة أو مقبولة
تجارياً أو متفقاً عليها
بين الأطراف فيعتبر التوقيع الإلكتروني موثقاً إذا اتصف
بما يلي: -
أ- تميز بشكلٍ فريد
بارتباطه بالشخص صاحب العلاقة.
ب- كان كافيا للتعريف
بشخص صاحبه.
ج- تم إنشاؤه بوسائل
خاصة بالشخص وتحت سيطرته.
د- ارتبط بالسجل الذي
يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد
توقيعه دون إحداث تغيير
في التوقيع أو ترك أثر مادي ملموس.
2 -وفي حالة عدم ثبوت
خلاف ما ورد في البند (1) من هذه المادة يفترض ما
يلي: -
أ- أن السجل الإلكتروني
الموثق لم يتم تغييره أو تعديله منذ تاريخ إجراءات
توثيقه.
ب- أن التوقيع
الإلكتروني الموثق صادر عن الشخص المنسوب إليه،
وأنه قد وضع من قبله
ليدل على موافقته على مضمون السند.
3 -إذا لم يكن السجل
الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني موثقاً فليس له أي
حجية.
-مادة (34):
يعتبر السجل الإلكتروني
أو أي جزء منه يحمل توقيعا إلكترونياً موثقاً، سجلاً
موثقاً بكامله أو فيما
يتعلق بذلك الجزء، حسب واقع الحال، إذا تم التوقيع خلال
مدة سريان شهادة توثيق
معتمدة وكان متطابقاً مع رمز التعريف المبين في تلك
الشهادة.
-مادة (35):
تكون شهادة التوثيق التي
تبين رمز التعريف معتمدة إذا كانت: -
1 -صادرة عن جهة مرخصة
أو معتمدة.
2 -صادرة عن جهة مرخصة
من سلطة مختصة في دولة أخرى
ومعترف بها.
3 -صادرة عن جهة وافق
أطراف المعاملة على اعتمادها.
-مادة (36):
تحدد اللائحة إجراءات
التوثيق والبيانات التي يجب أن تحتويها شهادة التوثيق
الصادرة عن الجهة
المختصة.
رابعاً/ توثيق التوقيع الإلكتروني:
الغاية من إصدار شهادات توثيق
التوقيع الإلكتروني تكمن في تحديد هوية المتعاملين في التعاملات الالكترونية،
وتحديد أهليتهم القانونية للتعامل والتعاقد، والتحقق من مضمون هذا التعامل،
وسلامته وكذلك جديته وبعده عن الغش والاحتيال.
وتعرف شهادة التوثيق
بأنها: الشهادة الصادرة عن الجهة المختصة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين
استناداً إلى إجراءات توثيق معتمدة.
والجهة المختصة: هي كل
شخص قانوني مصرح له من قبل الجهة المسؤولة في الدولة يقوم بتسليم شهادات توثيق
للجمهور أو يقدم خدمات مرتبطة بالتوقيعات الإلكترونية.
ويعرف رمز التعريف بأنه:
الرمز الذي تخصصه الجهة المختصة لتوثيق العقود الإلكترونية للشخص المنشئ لكي
يستعمله المرسل إليه في تمييز البيانات الصادرة عن المنشئ.
خامساً وأخيرا/ الآثار
المترتبة على التوقيع الإلكتروني:
- نصت المادة (10) من قانون المعاملات الإلكترونية على:
((يكون للسجل الإلكتروني والعقد الإلكتروني ورسالة
البيانات والمعلومات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني في نفس الآثار
القانونية المترتبة على الوثائق والمستندات والتوقيعات الخطية من حيث إلزامها
لأطرافها أو حجيتها في الإثبات.))
- ونصت المادة (13) من
نفس القانون على:
((1- إذا استوجب قانون
نافذاً توقيعاً على المستند أو نص على ترتيب أثر على خلوة من التوقيع فإن التوقيع
الإلكتروني على السجل الإلكتروني يفي بمتطلبات ذلك القانون.
2- يتم إثبات صحة التوقيع
الإلكتروني ونسبته إلى صاحبه إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على
موافقتها على المعلومات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه إذا كانت
تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في
ذلك اتفاق الأطراف على استخدام تلك الطريقة.))
المصادر:
قانون رقم (40) لسنة 2006م شأن أنظمة الدفع والعمليات المالية
والمصرفية الإلكترونية
المراجع:
حجية الإثبات والتوقيع
الإلكتروني في القضاء والقانون اليمني. للباحث معاذ عبد الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي