الطعن بطريق الاستئناف

 

الطعن بطريق الاستئناف

تعريف الاستئناف:

 هو حق اجرائي به يطرح الخصم الحكم الصادر ضده أمام محكمة اعلى درجة من المحكمة التي أصدرته، هو طريق طعن عادي تحرص القوانين الإجرائية على كفالته باعتباره ضمانة مهمه من ضمانات التقاضي.

اهداف الاستئناف:

 للاستئناف هدفين أحدهما علاجي, وهو ضمان تصحيح الخطأ أو القصور أو عدم عدالة الحكم المطعون فيه.

 والثاني وقائي ويتمثل في الحرص الذي سيبذله قاضي الدرجة الأولى للوصول إلى عدالة خشية تعرض حكمة للإلغاء, وإذا كان الحكم الاستئناف يؤدي إلى الفصل في النزاع مرة ثانية أمام محكمة الاستئناف, وهو ما يسمى بالأثر الناقل للاستئناف.

خصومة الاستئناف:

بالاستئناف يتم التقاضي أمام محكمة الدرجة الثانية, ولذلك يتم طرح الخصومة بموضوعها واشخاصها وسببها أمام محكمة الدرجة الثانية، وهذا ما يعبر عنه بالأثر الناقل للاستئناف، ولان الخصومة الاستئناف خصومة جديدة ومتميزة فإنه يرد على الأثر الناقل قيود تجعل موضوع الخصومة لا ينتقل بأكمله، كما أن سلطة المحكمة تنحصر في الفصل في القضية السابقة بموضوعها, فلا يجوز ابداء الطلبات جديدة ولا يجوز التدخل الاختصامي أو الادخال امامها لمن لم يكن خصماً أمام المحكمة الأولى درجة.

 

الأثر الناقل للاستئناف:

يقصد به أن الاستئناف ينقل إلى المحكمة الاستئناف النزاع بكل ما يحتويه من سائل واقعية, فهو ينقل الدعوى بكل طلباتها الموضوعية والاجرائية المرتبطة بها، كما ينقل جميع الدفوع والأدلة وما قدم من حجج أمام المحكمة الأولى درجة بالحالة التي قدمت بها أمام المحكمة الأولى درجة.

 

النتائج الناقل للاستئناف:

       ينقل الاستئناف إلى المحكمة الاستئنافية جميع الطلبات التي طرحت أمام المحكمة الأولى درجة.

       ينقل إلى المحكمة الاستئناف كل ما قدم من دفوع أمام المحكمة أول درجة.

       كل ما قدم من أدلة ومذكرات واقوال أمام المحكمة الأولى درجة, يعد مطروحاً بقوة القانون أمام محكمة الاستئناف.

       استئناف الحكم المنهي للخصومة يؤدي حتماً إلى استئناف جميع الاحكام التي سبق صدورها.

 

القيود الواردة على الأثر الناقل للاستئناف:

الأول الموضوع: ويتمثل في أن محكمة الاستئناف لا تفصل إلا فيما سبق عرضة وتم الفصل فيه من طلبات أمام محكمة الأول درجة, وبالتالي فلا يجوز ابداء طلبات جديدة في الاستئناف حتى لا تفوت على الخصم درجة من درجات التقاضي، كما الاستئناف لا يشمل إلا ما تم الفصل فيه من طلبات فلا يجوز الاستئناف عن طلبات قدمت أمام محكمة الأول درجة ولم يتم الفصل فيها.

الثاني اجرائي: ويتمثل في أن محكمة الاستئناف لا تتناول إلا الطلبات المرفوع عنها الاستئناف، لأن عريضة الاستئناف هي التي تحدد إطار الأثر الناقل للاستئناف.

 ثالثاُ الاحكام التي يجوز فيها الاستئناف: القاعدة العامة أن جميع الاحكام الابتدائية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى تقبل الاستئناف ق.م(للخصوم أن يستأنفوا أحكام المحاكم الابتدائية أمام محاكم الاستئناف فيما عدا ما أستُثنيَ طبقاً لهذا القانون أو بنص قانوني آخر ويجوز استئناف الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة أياً كانت المحكمة التي أصدرتها).

ولكن المشرع حدد استثناءات على هذا القاعدة:

أحدهما يحو ز الاستئناف فيه بصرف النظر عن النصاب, والأخر لا يجوز الاستئناف الحكم ولو كان حسب القاعدة العامة يجوز فيه الاستئناف، ولكن ورد استثناء على هذا القاعدة, الاستثناء الأول بقوة القانون الثاني بإرادة الأطراف.

قاعدة النصاب: أنه لا يجوز استئناف الحكم الصادر من محكمة الأولى درجة الصادرة في حدود نصابها الانتهائي، فقد راي المشرع أن بعض الدعاوى لضالة قيمتها الاقتصادية لا تستحق التقاضي على درجتين, وقد حددها القانون في المادة رقم (86) من قانون المرافعات:

يكون الحكم الابتدائي نهائياً غير قابل للطعن بالاستئناف وقابلاً للطعن أمام المحكمة العليا في الأحوال الاتية:

1.     في القضايا الأحوال الشخصية الصادرة بشأن النفقات والزوج والطلاق والفسخ والحضانة والروية والكفالة.

2.     في القضايا الإيجارات والشفعة والاحكام الصادرة في التظلمات من أوامر الأداء وفي الاختصاص.

3.     في المسائل المدنية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز خمسة ملايين ريال.

4.     في المسائل التجارية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز عشرة مليون ريال.

يكون النزاع في سبب الحق المدعى به فاذا كان النزاع بخوص بخصوص استحقاق للنفقة من عدمه كان الطلب غير محدد للقيمة ويكون الحكم قابلاً للاستئناف.

 

الاحكام القابلة للاستئناف بصرف النظر عن النصاب:

•الاحكام الصادرة في المواد المستعجلة أيا كانت المحكمة التي أصدرتها، يستوي أن تكون تلك الاحكام صادرة من محكمة الأمور المستعجلة أو في محكمة الموضوع.

•الاحكام الباطلة أو الصادرة على خلاف حكم سابق لم يجز حجية الامر المقضي.

 

الاحكام غير القابلة للاستئناف بصرف النظر عن النصاب:

ينص القانون على حالات معينة على أن تفصل المحكمة الابتدائية في الدعوى ويكون حكمها نهائياً.

 

 

الاحكام غير قابلة بالاستئناف بإرادة المحكوم علية.

•التنازل عن الحق في الاستئناف ق.م(213) مرافعات يجعل الحكم الابتدائي نهائي.

•قبول الحكم صراحة أو ضمناً يمنع ممارسة الطعن أيا كان نوعه بما في الاستئناف ق.م (373).

•التنازل عن الحكم يعد تناولاً عن الحق الموضوع، ويمنع ممارسة الاستئناف ق.م (213).

•عدم تعجيل القضية في الاستئناف بعد انتهاء مدة الوقف الاتفاقي يجعل الحكم الابتدائي نهائي.

•إذا وقف سير الخصومة أمام محكمة الاستئناف ثلاث سنوات بغير سبب سقطت خصومة الاستئناف وأصبح الحكم الابتدائي نهائي.

 

صور الاستئناف:

الاستئناف الأصلي: وهو الذي يرفع ابتداء من المحكوم علية ضد المحكوم له في الميعاد المحدد قانوناً وبعريضة استئناف.

ويكون استئناف اصلياً ولو رفع من كل طرفي الخصومة، ويكون كذلك في الحالات التي يكون كل خصم محكوماً له ومحكوم علية، ويكون الاستئناف الأصلي مستقلاً عن أي استئناف اخر ولو كان اصلياً، فاذا رفع في قضية واحدة استئنافان اصلياً فان المحكمة تقرر ضمهماً للفصل فيهما بحكم واحد.

الاستئناف المقابل: ويكون الاستئناف المقابل في الحالة التي يكون فيها طرف الخصومة محكوم له ومحكوم علية، فبدلاً من أن يرفع المستأنف استئناف اصلياً، أن يرفع استئناف مقابل يرد به على الاستئناف الأصلي بشرط أن يرفع في الميعاد، والا يكون قد يكون قبل الحكم.

ويرفع اما بالطريق المعتاد لرفع الدعوى أو بمذكرة مسببة يقدمها المسائف علية, ويمتد وقت تقديمه إلى ما قبل اقفال باب المرافعة بشرط أن يكون الميعاد قائماً.

الاستئناف الفرعي: هو مثل الاستئناف المقابل يكون إذا كان كل طرف محكوماً له ومحكوماً علية، الا أن الاستئناف الفرعي يرفع من شخص فوت ميعاد الاستئناف أو كان قبل الحكم.

يتميز الاستئناف الفرعي بما يلي:

•الاستئناف الفرعي يتبع الاستئناف الأصلي وجوداً وعدماً.

•الاستئناف الفرعي يرفع بعد فوات الميعاد أو من شخص يكون قد قبل الحكم فالأصل انه استئناف غير مستوف للشروط.

 

نطاق سلطة محكمة الاستئناف:

أن محكمة الاستئناف تنظر موضوع الاستئناف مرة أخرى من حيث الواقع والقانون, وهذا لا يعني أن محكمة الاستئناف طليقة من أي قيد بل انها مقيد على النحو الاتي:

اولاً: لا تقبل المحكمة طلباً موضوعياً جديداً.

والاستثناء من قاعدة عدم جواز ابداء طلب جديد أمام الاستئناف.

1.طلب التعويض عن الاستئنافات الكيدي أو الإجراءات الكيدية في الاستئناف.

2.الطلب المستعجل أو الوقتي المتعلق بموضوع الاستئناف.

3.يجوز التدخل الانضمامي أمام الاستئناف.

4.يجوز للمحكمة أو للخصوم ادخال خصم أمام الاستئناف لتقديم مستند لمساعدة العدالة.

 

سلطة محكمة الاستئناف في الفصل في الاستئناف:

تقضي محكمة الاستئناف في الموضوع من حيث الواقع والقانون لأنها محكمة موضوع، وقد تحكم بتأييد الحكم المستأنف، وفي هذا الحالة يرفض الاستئناف موضوعاً، وقد يكون الحكم الابتدائي معيباً وفي هذا الحالة تحكم بإلغائه وتقوم بنظر الموضوع من جديد من حيث الوقائع والقانون.

 

النظام الاجرائي لخصومة الاستئناف:

اولاً رفع الدعوى: ترفع الاستئناف بعريضة أمام محكمة الاستئناف أو أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بالأوضاع المقررة لرفع الدعوى، وتودع العريضة مرفقاً به سند الرسوم ومذكرة شارحة والمستندات، ويقوم قلم الكتاب بقيدها في سجل المحكمة ويعتبر الاستئناف مرفوعاً في الميعاد بإيداع تلك العريضة، ولو تم إعلانها بعد فوات الميعاد.

اعلان عريضة الاستئناف إلى المستأنف علية: يجب اعلان تلك العريضة إلى موطن المستأنف علية أو موطنه الأصلي.

سير خصومة الاستئناف: تسري على خصومة الاستئناف القواعد العامة للخصومة أمام الدرجة الأولى، سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

المراجع:

الوجز في أصول قانون المرافعات المدني _ دكتور/ سعيد عبدالله علي الشرعبي _ الطبعة الثالثة_ مكتبة الصادق.

قانون رقم (40) لسنة 2002 بشأن المرافعات والتنفيذ المدني وتعديل بالقانون رقم (2) لسنة 2010م والقانون رقم (1) لسنة 2021م _ وزارة الشئون القانونية.

 

إعداد المحامي / واعد القدسي.

استعمال السلطة سبباً من أسباب الإباحة, والإعفاء عن المسؤولية الجنائية

 

استعمال السلطة سبباً من أسباب الإباحة, والإعفاء عن المسؤولية الجنائية

 

تعريف اسباب الإباحة / عرف فقهاء القانون اسباب الإباحة بأنها ظروف معينة نص عليها المشّرع, من شأنها إذا توافرت في الفعل غير المشروع أن تخلع عنه صفة المشروعية, وتعيده إلى اصله من المشروعية  والإباحة فلا يعتبر جريمة ولا يرتب أي مسؤولية جنائية أو غير جنائية .

وقد حصر المشرع اليمني اربعة اسباب للإباحة منها استعمال السلطة, وفقاً لما نصت علية المادة (26) من القانون الجرائم والعقوبات:

{لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون, أو قياماً بواجب يفرضه القانون أو استعمالاً لسلطه يخولها }.

ومن خلال النص نجد أن المشرع اليمني قد اعتبر أداء الواجب سبباً من اسباب الإباحة, يسري على جميع الجرائم التي تقع تنفيذاً لهذا الواجب أياً كان طبيعتها أو نوعها.

لمادة (308) مدني :

(لا يكون الموظف العام مسؤولا عن عمله الذي الحق الضرر بالغير إذا قام تنفيذاً لإمر صدر إليه من رئيس متى كانت طاعة هذا الأمر واجبه عليه شرعاً, أو كان يعتقد أنها واجبه عليه وأثبت أنه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وإن اعتقاده مبني على اسباب معقولة شرعا, وأنه راعى جانب الحيطة في عمله ويسأل الأمر إذا توافر في امره صفات الفعل غير المشروع.

والفرض أن هؤلاء الاشخاص يقومون بواجبات الزمهم القانون, بها بحيث يكون استعمالهم للسلطة المخولة لهم قد جاء بتكليف من القانون .

ومعلوم أن الفعل إذا اصبح واجباً فلا تصح مساءلة فاعله عن نتائجه المعتادة ، وهذا يعني أن الإباحة ثابته لكل فعل أمر به القانون، وتستند هذه الإباحة إلى رعاية المصلحة العامة لا تستقيم امور الحياة إلا بها, وهي تفوق في اهميتها الاهمية التي تتمتع  بها المصالح الخاصة.

 

حالات مشروعية الإباحة:

1-     تنفيذ احكام الشريعة الاسلامية :

ومقتضى هذا أنه لا تجوز مساءلة أحد من هؤلاء الافراد عن اعمالهم التي يقومون بها تنفيذاً لتلك الاحكام, حتى وإن ترتب عليها ضرر خاص لبعض الافراد.

وتنفيذ احكام الشرع والقانون تتم بصورتين :

الاولى :أن يكون القائم بالعمل ملزماً بها على سبيل التحديد، وهنا يتحدد الاختصاص الوظيفي لهذا الشخص, كما تتحدد شروط ذلك العمل وقيوده وفق احكام الشرع مباشرة  .  

  الثانية :أن يكون القائم بالعمل مرخصاً له به ، وهنا يستطيع الشخص القيام بهذا العمل كما يستطيع العدول عنه إلى غيره وفق سلط تقديرية منحه الشارع, وتكون هذه السلطة في إطار الواجب الوظيفي العام.

وفي كلا الحالتين يكون المكلف بالعمل مؤديا للواجب، ويكون فعله مشمولاً بحكم الإباحة مادام ملتزماً حدود الواجب.

 

شروط الإباحة في تنفيذ احكام الشريعة والقانون:

تشترط لتوافر حالة الإباحة شروط اهمها:

-       المطابقة: يشترط ابتداءً أن يكون الفعل مطابقاً لأحكام الشريعة أو القانون ملتزماً حدودها .

فيجب أن يكون هذا الفعل مطابقاً لهذا الأمر ذاته, فإن كان محدداً حدود الفعل ومبيناً شروطه فإن المطابقة تتم بمراعاة تلك الحدود والشروط ،إذ لامجال للرأي عندئذٍ، ولا صعوبة في معرفة الحكم في هذه الحالة .

-       حسنُ النية: إذا قام المكلف بواجبه ملتزماً حدوده ، وهذا يعني أن جوهر حسنُ النية هو الرغبة الصادقة في تنفيذ أمر الله كما شرع ولما شرع ، ومن ثم يكون المكلف معاقباً إذا ساءت نيته فقصد الإيذاء والإضرار لتحقيق اغراض خاصة غير غرض الشارع, حتى ولو كان ملتزماً الحدود الموضوعية  للواجب .

-       إطاعة أمر الرئيس:

يقتضي حسن العمل أن يكون لبعض العاملين سلطة الأمر و التوجيه والرئاسة على غيرهم، فيكون واجباً على بعض المأمورين أن يطيعوا أمر هؤلاء الرؤساء, وتكون الطاعة في هذه الحالة قائمة وفق احكام الشرع .

ولكي يكون فعل المرؤوس مباحاً لابد أن يتحقق فيه شرطان:

1-أن يكون الأمر قد صدر من رئيس مختص بإصدار الأمر :

فإذا اصدر الرئيس امراً  إلى المرؤوس وكان موضوع الأمر واقعةً لا تدخل في اختصاصه ، أو إنها تدخل ولكن ليس ذلك المرؤوس هو المعنى بتنفيذها فإن هذا الشرط لا يتحقق ومن ثم لا تتوافر حالة الإباحة ، أي أن فعل المرؤوس إذا اطاع أمر رئيس غير مختص بإصدار ذلك الأمر لا يكون مباحاً، وكذلك لو أن المرؤوس نفسه غير مكلف شرعاً أو قانوناً بتنفيذ ذلك الأمر.

2-أن يكون الأمر مشروعاً:

 ويكون الأمر مشروعاً إذا لم يخالف حكماً شرعياً فإن خالفه فلا يكون مشروعاً، وفي هذه الحالة لا يكون المأمور ملزماً بالتنفيذ, فإن نفذ فقد خالف الشرع  واقترف محظوراً وذلك لأنه  لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

 

مقدم البحث / سامي مسعود محمد العميسي

أثر انعدم التسبيب في بطلان الحكم القضائي

 

أثر انعدم التسبيب في بطلان الحكم القضائي

 

تسبيب الأحكام هو اشق المهام الملقاة على عاتق القاضي ، لأن ذلك يتطلب من القاضي صياغة قناعته بالحكم المبني على تلك الاسباب اضافة إلى أن ذلك يتطلب من القاضي أن يقنع الخصوم وكل من يطلع أو يراقب حكمه.

 وتسبيب الاحكام من أهم الضمانات لعدالة الحكم القضائي لضمان التحقق من أن القاضي قد اطلع على وقائع القضية وجميع المستندات والأدلة والاوراق المقدمة فيها, واتصل علمه بجميع ما ابداه الخصوم من طلبات ودفوع وكذا, التحقق من أن القاضي قد استخلص وقائع الدعوى وتأكد من صحتها من واقع ادلة الاثبات الجائزة قانوناً, وإن إجراءات ذلك تمت في مواجهة الخصوم, وأن القاضي قد استخلص ذلك عن واقع الاوراق المقدمة فيها والادلة بحسب قوتها ، وكذا التحقق من أن القاضي قد فهم الدعوى والمسائل القانونية والواقعية المتعلقة بها, وأنه قد كيّف الدعوى التكييف الصحيح بعد التحقق من توفر شروط صحة هذا التكييف, وأنه قد رتب على هذا التكييف الاثار القانونية الصحيحة.

 وتسبيب الاحكام كما ذكر استاذنا المرحوم الدكتور احمد ابو الوفاء في تعليقه على قانون المرافعات, هو دليل ساطع على قيام القاضي بما عليه من واجب الدراسة والتدقيق والبحث وامعان النظر لمعرفة الحقيقة، وبالتسبيب يسلم القاضي من مضنة التحكم والاستبداد ويرتفع عنه الشك والريب والشبهات ، كما أن التسبيب يجلب الاطمئنان إلى نفوس المتقاضين, كما أنه يمكن المحكمة الاعلى من بسط رقابتها على احكام المحاكم الادنى، ومن أهم القواعد الاساسية في تسبيب الإحكام تلخيص الدعوى واستخلاص الصحيح منها وتقديره وتكييف الوقائع الصحيحة, وترتيب الاثار القانونية عليها واتساق منطوق الحكم مع أسبابه, واتساق الأسباب مع بعضها وتسلسل الأسباب وترابطها وكفاية الاسباب, وموافقة الاسباب للوقائع وموافقة الأسباب للنصوص.

 

المقصود بالتسبيب واهميته:

يقصد بالتسبيب أن يتضمن الحكم القضائي الأسباب الواقعية التي اقنعت القاضي في اصدار الحكم على أساسها، وقد فرض قانون المرافعات التزاماً على كل قاضي أن يبين الأسباب التي اعتمد عليها في حكمه مادة (231) ق.م، ولا تتحقق تلك الضمانة إلا إذا سبب القاضي الحكم، ورد على وسائل الدفاع الجوهرية رداً كافياً حتى يطمئن الخصوم إلى عدالة الحكم، وأنه لم يصدر تحت تأثير عاطفة عارضة أو شعوري وقتي.

 

أهمية التسبيب:

1.     أن التسبيب يساعد الخصوم على مراقبة حياد القاضي بالمعنى الفني الدي أن القاضي قد كون اقتناعه بناء على ما قدمه الخصوم من طلبات ودفوع وادله، وأنه لم يتجاوز طلباتهم وأنه لم يأت بادله من عنده فتظهر أسباب الحكم عدله وحياده.

2.     بتأكد الخصوم عن طريق التسبيب أن القاضي قد احترام مبدا الموجهة لا الفانون الحديث قد منح القاضي سلطات كبيرة في مجال القانون والواقع, والزمه باحترام مبدا المواجهة في ذلك.

3.     أن التزام القاضي بذكر أسباب الرد على وسائل الدفاع الجوهرية المتمثلة في الطلبات والدفوع والأدلة يمثل أهمية كبيرة للخصوم, حيث يساعدهم على التأكد من احترام حق الدفاع ومعرفة إذا كان الرد كافياً ومنطقياً ام لا, مما يساعدهم على استعمال الحق في الطعن كما يسهل على المحكمة اعمال الرقابة على الحكم المطعون.

4.     أن التزام القاضي بالتسبيب يدفعه إلى الحرص والتثبيت عند ابداء رأيه في القضية، فلا يصدر هذا الرأي إلا بعد تمحيص ولا يصوغ في الحكم إلا بعد دراسة ومناقشة واقتناع، والأمر الذي يكسب الحكم القوة الاقناع مما يودي إلى اقتناع الراي العام بعدالته.

ومجال الالتزام بالتسبيب هو الاحكام القضائية, أما القرارات المتعلقة بإدارة المرافق القضاء وتنظيم الخصومة أو الأوامر على العرائض, فلا يوجد التزام قانوني على القاضي اليمني بتسبيبها.

 

مضمون التزام القاضي بالتسبيب:

إن مضمون التزام القاضي بالتسبيب يكون من أربعة واجبات قانونية وهي كالاتي:

أولاً: أن يكون الحكم مسبباً: وهذا يقتضي أن يعرض القاضي في حكمة الأسباب الواقعية والقانونية, ويقصد بالأسباب الواقعية بيان الواقعة والأدلة التي يستند اليها الحكم في تقرير وجود الواقعة من عدمه، أما الأسباب القانونية فيقصد بها بيان القاعدة القانونية أو المبدأ القانوني مدعمة بالحجج القانونية التي استند اليها الحكم

•يكون القاضي مخلاً بهذا الالتزام إذا أصدر حكمه دون أسباب, أو إذا كان قد أورد تلك الأسباب في عبارة عامة.

•وكما يكون الحكم غير مسبباً إذا كانت أسباب الحكم متناقضة مع بعضها.

•ويكون الحكم غير مسبباً إذا تناقضت الأسباب مع المنطوق.

ثانياً: أن يكون التسبيب كافياً: وهذا يفترض أمرين:

•أن يتضمن الحكم رداً كافياً على وسائل الدفاع الجوهرية: يتعين على القاضي دراسة وسائل الدفاع الجوهرية في الطلبات والدفوع والمستندات التي يقدمها الخصم بالطريق القانوني ويكون لها إثر في حل النزاع وعلى نحو جازم يقرع سمع المحكمة وتكون متفقة مع صحيح القانون، ويجب على القاضي الرد على وسيلة الدفاع إذا تمثلت في طلب أو دفع أو دليل، ويجب التميز بين وسيلة الدفاع الجوهرية وعي التي تتعلق بحق قانوني أو شرط أو مبد, أو تفسير راجح للقاعدة القانونية.

•يجب أن تكون الأسباب كافية وتكون كذلك إذا أوضحت بجلاء أن الواقعة اللازمة لتطبيق القاعدة القانونية قد توفرت، وتكون غير كافية إذا لم يتضح منها كذلك لقصورها على ايراد العناصر الكافية للواقعة من اجل تبرير تطبيق القاعدة القانونية, كأن يقرر الحكم عدم وجود قوة قاهرة، أو ثبوت الواقعة بمستند دون أن يبين الظروف التي استند عليها في ثبوت الواقعة أو يبين ماهية المستند، فهنا يلحق الحكم عيب القصور في التسبيب.

ثالثاً: أن يكون التسبيب منطقياً: لا بكفي أن يكون التسبيب كافياً بل يحب أن يكون التسبيب منطقاً, ويقصد بمنطقية الأسباب أن تكون الواقعة التي قرر ثبوتها مفترضا يقبله العقل للنتيجة التي استخلصها منها، وهذا الاستخلاص يخضع لعملية عقلية يقوم بها القاضي مستخدماً علمه وذكاءه معاً، فاذا لم يكن التسبيب منطقياً ترتب علية الفساد في الاستدلال، وهو عيب يرجع إلى عقل القاضي واقتناعه بسبب عدم سلامة الاستنباط.

رابعاً: أن تستمد أسباب الحكم من أوراق القضية: فالقضية هي الوعاء الوحيد الذي يجب أن يستمد منه القاضي مادة اقتناعه، ولهذا يعيب الحكم استناد إلى سبب لا سند له من أوراق الدعوى أو على خلاف الثابت فيها، إلا أن الفقه والقضاء يقرر أن يجوز أن تحيل المحكمة في أسباب حكمها حكم سابق صادر بين الخصوم أنفسهم, كالحكم الاستئنافي الذي يحيل إلى الحكم الابتدائي في الأسباب بشرط أن يكون الأخير مسبباً، أو إلى تقرير الخبير إذا كان ضمن أوراق القضية.

 

إثر انعدم التسبيب في بطلان الحكم القضائي:

من خلال استقراء أحكام عدة من الاحكام الصادرة عن المحكمة العليا باليمن, نجد انها قد بذلت جهوداً مشكورة في الاجتهاد لتحديد أوجه القصور في تسبيب الاحكام، ومن خلال استقراء احكام المحكمة العليا نستطيع أن نلخص أوجه القصور التي ذكرتها بعض احكام المحكمة العليا بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: خلو الحكم من التسبيب:

سبق أن ذكرنا أن القانون قد صرح بوجوب تسبيب الاحكام، وتبعاً لذلك فإن الحكم الذي يخلو من التسبيب يكون باطلاً، وهذا ما قررته المحكمة العليا في احكام كثيرة لها منها:

الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بتاريخ 10/4/2007م الذي قرر أن (خلو الحكم من الاسباب يجعله باطلاً).

الوجه الثاني: تناقض اسباب الحكم مع بعضها:

صرح قانون المرافعات في المادة (231) مرافعات بأن تناقض اسباب الحكم يبطله حسبما سبق بيانه، والتناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض به الاسباب وتتهاتر وتتساقط بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم بحسب تعبير محكمة النقض المصرية في حكمها رقم (1018) ل سنة48ق) فاذا كان التناقض بين سببين فإنهما يتساقطا ولا يؤثر ذلك على الحكم ما دامت هناك اسباب اخرى سليمة غير متناقضة، وقد قررت المحكمة العليا هذا المبدأ القانوني في احكام كثيرة منها:

1-الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا بتاريخ 6/2/2007م في الطعن التجاري رقم 28521 لسنة 1428هـ الذي قرر أن (تناقض الحكم الذي يترتب عليه بطلانه هو ذلك التناقض بين اسباب الحكم نفسه وليس بين اسباب الحكم وحكم آخر).

الوجه الثالث: تناقض اسباب الحكم مع منطوقه:

ذكرنا فيما سبق أن من قواعد اصدار الاحكام أن تكون اسباب الحكم متوافقة مع منطوق الحكم فلا تخالفه ولا تناقضه، وقد اوجبت المادة (231) مرافعات أن تكون اسباب الحكم متفقة مع المنطوق وقررت تلك المادة أنه إذا تناقضت اسباب الحكم مع المنطوق فان جزاء ذلك هو بطلان الحكم، وقد سلكت المحكمة العليا هذا المسلك في احكام كثيرة منها:

1.الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا بتاريخ 25/2/2007م في الطعن الجزائي رقم 27212 لسنة 1428هـ الذي قرر أن الحكم بالدية بعد التسبيب الموجب للقصاص تناقض يجعل الحكم باطلاً).

2.عدم مناقشة الحكم لوسائل الدفاع الجوهرية أو إغفالها:

3.وسائل الدفاع الجوهرية هي الادلة والمستندات التي تؤثر في النتيجة التي انتهى اليها الحكم بحيث أن المحكمة لو كانت قد ناقشتها لتغيرت هذه النتيجة، فاذا اغفلت المحكمة الرد على هذه الوسائل فأنها تكون قد اخلت بحقوق الدفاع ، فلا يجوز للقاضي أن يطرح أو يتجاهل الادلة أو المستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يورد في حكمه ما يبرر هذا التجاهل والإغفال بأسباب خاصة ، وقد رتبت المادة(231) مرافعات على عدم مناقشة الحكم لوسائل الدفاع الجوهرية بطلان الحكم على النحو السابق بيانه ، وقد كرست المحكمة العليا ذلك في كثير من احكامها ، ومن ذلك الاحكام التالية:

4.حكم الحكمة العليا في الطعن رقم (23098) لسنة 1426هـ في جلسة 10/12/2005م الذي قرر أن (عدم اشتمال الحكم على مناقشة وقائع النزاع وطلبات الخصوم ودفوعهم وكامل ادلتهم واسانيدهم القانونية والواقعية يبطل الحكم).

الوجه الرابع: عدم مناقشة الحكم لوسائل الدفاع الجوهرية أو إغفالها:

وسائل الدفاع الجوهرية هي الادلة والمستندات التي تؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم, بحيث أن المحكمة لو كانت قد ناقشتها لتغيرت هذه النتيجة، فإذا اغفلت المحكمة الرد على هذه الوسائل فأنها تكون قد اخلت بحقوق الدفاع ، فلا يجوز للقاضي أن يطرح أو يتجاهل الادلة أو المستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يورد في حكمه ما يبرر هذا التجاهل والإغفال بأسباب خاصة ، وقد رتبت المادة(231) مرافعات على عدم مناقشة الحكم لوسائل الدفاع الجوهرية بطلان الحكم على النحو السابق بيانه ، وقد كرست المحكمة العليا ذلك في كثير من احكامها ، ومن ذلك الاحكام التالية:

1-حكم الحكمة العليا في الطعن رقم (23098) لسنة 1426هـ في جلسة 10/12/2005م الذي قرر أن (عدم اشتمال الحكم على مناقشة وقائع النزاع وطلبات الخصوم ودفوعهم وكامل ادلتهم واسانيدهم القانونية والواقعية يبطل الحكم).

 

المراجع:

•الوجز في أصول قانون القضاء المدني اليمني / الدكتور سعيد الشرعبي / الطبع الثالثة/ مركز الصادق.

•قانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني وتعديله بالقانون (2) لسنة 2010 والقانون رقم (1) لسنة 2021م.

•التعليق / الدكتور عبد المؤمن شجاع الدين.

 

إعداد / واعد القدسي.

القيود الواردة على الملكية وفق القانون اليمني

 

القيود الواردة على الملكية وفق القانون اليمني

 

تعريف حق الملكية:

هي حق عيني يخول صاحبة السلطات التي تمكن من الحصول على كل المنافع شيء مادي.

 وقد تضمن القانون هذا المعنى نص المادة 1154 مدني يمني (لمالك الشيء وحده في حدود القانون الشرعي حق الانتفاع به واستعماله واستغلاله والتصرف فيه) النص يحدد السلطات التي يتمتع بها المالك فيحصل بها على كل منافع الشيء, وهي السلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف, وهذا السلطات تسمى عناصر الملكية.

ويشير النص إلى أن حق الملكية لم يعد مطلقاً, وذلك عندما قضى بان المالك يمارس سلطاته الثلاث في حدود القانون الشرعي.

 

عناصر الملكية:

يقصد بعناصر الملكية السلطات التي يستطيع المالك مباشرتها على الشيء الذي يملكه وهي:

-       الاستعمال: ويقصد به استخدام الشيء فيما هو صالح له، والحصول على منافعه فيما عدا الثمار مع بقاء الجوهر الشيء نفسه.

-       الاستغلال: هو القيام بالأعمال اللازمة للحصول على ثمار الشيء

-       التصرف: للتصرف عناصر جوهري من عناصر الملكية له صورتين:

أ‌-التصرف المادي.

ب‌-التصرف القانوني.

 

خصائص الملكية:

 خصائص الملكية كانت الخاصية البارزة لحث الملكية في الماضي حق مطلق, بمعنى أن المالك على الشيء سلطات كاملة غير منقوصة لهذا السلطات على النحو الذي يريد دون قيد.

ولكن هذا النزعة الفردية اخذت بالانكماش لكي تفسح مجال أمام المذاهب الاشتراكية التي ترعى مصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد, بحيث إذا تعارضت مصلحة الفرد قدمت مصلحة الجماعة، وفي هذه المذهب أصبح لا ينظر إلى الملكية على انها ميزة للفرد فحسب, بل كذلك باعتبار انها وظيفية اجتماعية.

 

خصائص الملكية:

-       الملكية حق جامع مانع: بمعنى أنه يخول صاحبة جميع المزايا التي يمكن الحصول عليها من الشيء، فللمالك الشيء أن يستغله وأن يتصرف فيه على النحو الذي يريد, ولا يحد من سلطته في ذلك إلا قيد يفرضه القانون أو تشترطه الإرادة، وهو حق مانع أي مقصور على صاحب الشيء.

-       الملكية حق دائم: وصف الملكية انه حق دائم هو وصف يستخدم للدلالة على أكثر من معنى، فأحيانا يقصد به أن حق الملكية يبقى ما بقي الشيء، والذي يرد احياناً أن حق الملكية لا يسقط بعدم الاستعمال, واخيراً يقصد بدوام الحق أنه لا يقبل التوقيت.

 

نطاق حق الملكية:

 يقصد بنطاق حق الملكية تحديد محل الملكية، ومحل حق الملكية يرد على شيء معين بذاته أي محدد على النحو يتميز به عن غيره من الأشياء, ويتحدد حق في المادة رقم 1155قانون مدني يمني (مالك الشيء يملك كل جزء فيه وكل عنصر من عناصره).

-       العناصر الجوهرية للشيء: كل شيء يتكون من أجزاء يمكن فصل بعضها عن بعض يعتبر من العناصر الجوهرية للشيء, وبالتالي مملوكاً لمالكه إذا ترتب على فصله هلاك الشيء أو تلفه تغييره.

-       ملحقات الشيء وثماره: يقصد بالملحقات كل ماعد بصفة دائمة لاستعمال الشيء طبقاً لما تقتضي طبيعة وعرف الجهة، فيعد من ملحقات الأرض الزراعية مثلاً حقوق الارتفاق والآلات الزراعية وغيرها مما يعد عقاراً بالتخصيص.

-       ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها: تنص المادة 1156 قانون مدني يمني (ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علواً أو عمقاً ويجوز الاتفاق, على أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها وبما لا يتعارض مع ما ينظمه القانون)، وهذا يتضح أن الملكية الأرض لا تقتصر على سطحها فقط, بل تشمل كذلك ما فوقها من فضاء وما تحتها من عمق.

 

القيود الواردة على حق الملكية:

عرفنا أن حق الملكية لم يعد حقاً مطلقاً كما كان في الماضي بل صار حقاً مطلق وظيفة اجتماعية, ولذا ورد المشرع على هذا الحق قيوداً راعي فيها المصلحتين العامة والخاصة, حيث  نص القانون المدني اليمني في المادة رقم 1160 (على المالك أن يراعي في استعمال حقوقه ما تقضي به القوانين المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة)

يقسم الفقه القانوني قيود الملكية إلى قسمين اساسين، القيود التي ترد على حرية التملك, كالقيود الواردة على حرية الأجانب في التملك وقيود ترد سلطات المالك، ثم انهم يقسمون القيود الواردة على سلطات المالك إلى نوعين, قيود قانونية وهي قيود مقررة نصوص قانونية, وقيود إرادية وهي قيود تفرضها الإرادة بمالها من سلطات في هذا الشأن.

القيود على الملكية المتعلقة بالمصلحة العامة:

القيود التي تفوضها المصلحة العامة متعددة و لا داعي لمحاولة حصرها في هذا المقام, فمثلا لا يمكن لصاحب الأرض منع العمل الذي يجري للمصلحة العامة كمرور الأسلاك المعدة للمواصلات أو الإضاءة.

القيود على الملكية للمصلحة الخاصة:

 هي القيود التي تتقرر حماية المصلحة الخاصة الجديرة بالحماية, وهي عدم الاضرار بالجيران ضرراً غير مألوف, والقيود الواردة على حق الري والصرف، وحق المرور في حالة الانحباس، والقيود التي ترجع إلى التلاصق في الجوار، والقيود الواردة على فتح المطلات والمناور.

اولاً: الغلو في استعمال الحق:

 ويقصد به استعمال المالك لحقه على الشيء محل حق الملكية استعمالاً يؤدي إلى الاضرار بالغير ضرراً غير مألوف أو ضرر فاحشاً.

تميز الغلو عن غيره:

  يحدد الفقهاء معيار الغلو باستعمال حق الملكية بالضرر غير المألوف أو الضرر الفاحش كما يسميها الفقه الإسلامي، وفي هذا نصت المادة (للجار أن يطلب إزالة المضار المحدثة إذا تجاوزت الحد المألوف مع مراعاة الأعراف وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة إلى الآخر والغرض الذي خصصت له، ولا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون طلب إزالة الأضرار).

جزاء الغلو في استعمال الحق:

صرحت بجزء الغلو المادة 1162 سالفة الذكر حيث اجازت للمتضرر إزالة الأضرار غير المألوفة، وتتخذ الازالة عدة صور بحسب الحالة فقد يحكم القاضي بإزالة مصدر الضرر نهائياً كغلق مصنع أو رفع الة، وقد يحكم بتعديل الوضع كنقل الالة، وقد يلزم المالك بالامتناع عن العمل الضار كان يكون هذا الوقت وقت ليل، وفي بعض الحالات لا تكون الازالة كافية ففي هذا الحالة يحكم القاضي بالإزالة والتعويض النقدي عما لحق الجار من اضرار خلال الفترة السابقة على الازالة اذا كان هناك مقتضى لذلك، وقد يقتصر القاضي بالتعويض المالي فقط.

ثانياً: القيود الخاصة بمياه الراي والصرف:

المشرع اليمني بوضع القيود على الأملاك الخاصة لمصلحة الأملاك المجاورة فيما يتعلق بمياه الري والصرف, وحقوق الري والصرف وردت في القانون المدني اليمني في المواد (1163/1165).

حق الشرب: يقصد به حق المالك في أن يروي ارضة من مسقاة خاصة مملوكة لأشخص اخر، ونضم القانون المدني اليمني هذا المسائلة في المادة رقم 1164 (يلزم صاحب الأرض أن يسمح بمرور المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن موارد المياه أو بمرور المياه الزائدة لصرفها في أقرب مصرف عمومي في مقابل تعويض عادل، وإذا أصاب الأرض ضرر من ساقية أو مصرف يمر بها فإن لمالك الأرض أن يطلب تعويضاً كافياً عما أصابه من ضرر وليس لمن في ملكه حق مسيل أو اساحة أن يمنع المعتاد وإن أضر).

حق المجرى: يقصد بحق المجرى أن يكون لصاحب الأرض البعيدة عن مورد الماء الحق في أن تمر المياه الكافية في ارض الجار.

حق الصرف أو المسيل: حق مالك البعيدة عن مصرف العام في تصريف المياه الزائدة عن حاجة ارضة إلى مصرف خاص يملكه الجار, أو عن طريق ارض الجار لتصل إلى أقرب مصرف عمومي.

وتم تنظيم الحالتين السابقتين في المادة رقم 1164قانون مدني يمني (يلزم صاحب الأرض أن يسمح بمرور المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن موارد المياه أو بمرور المياه الزائدة لصرفها في أقرب مصرف عمومي في مقابل تعويض عادل، وإذا أصاب الأرض ضرر من ساقية أو مصرف يمر بها فإن لمالك الأرض أن يطلب تعويضاً كافياً عما أصابه من ضرر وليس لمن في ملكه حق مسيل أو اساحة أن يمنع المعتاد وإن أضر).

حق المرور في حالة الانحباس: يقصد به حق مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام في أن يحصل على ممر كاف في الأرض المجاورة للوصول إلى هذا الطريق.

شروط حق المرور:

•انحباس الأرض عن الطريق العام.

•ألا يكون الانحباس راجعاً إلى فعل المالك.

 

القيود الخاصة بفتح المناور والمطلات:

المطلات: هي الفتحات التي تمكن من النظر منها إلى الخارج كالنوافذ والشرافات وغيرها.

المناور: هي الفتحات التي لا يقصد منها سوى مرور الهواء ونفاذ الضوء, دون التمكين من النظر منها إلى ملك الجار كما هو الحال بالنسبة للمطلات.

تقيد فتح المطلات واباحة فتح المناور دون ترك مسافة:

تقيد فتح المطلات للمالك بحسب الأصل أن يبني دون ترك مسافة بينة وبين الطريق العام أو بينه وبين مالك الجار, وقد نظم القانون المدني هذا المسائلة في المادة رقم 1173 من القانون المدني اليمني (ليس للجار أن يفتح على ملك جاره نافذة دون أن يترك من ملكه مسافة متر تقاس من ظهر الحائط أو الخارجة منه، ولا يشترط ترك مسافة عند إنشاء المناور التي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان العادي فلا تسمح لأحد بالرؤية الجارحة وإنما تسمح بنفوذ النور ومرور الهواء فقط، وللجار أن يبني في ملكه وإن سد النور).

فيما يخص المطلات المنحرفة حدد القانون المدني المصري المسافة في المادة 820 ولا نظير لها في القانون المدني اليمني وحيث نصت على انه (لا يجوز للجار على جاره مطل منحرف على مسافة عن خمسين سنتمتر من حرف المطل)

اباحة فتح المناور دون ترك مسافة بشرط عدم التعسف اباح القانون المدني فتح المناور دون ترك اية مسافة, لأنها لا تؤذي الجار فنص القانون المدني اليمني في المادة رقم1173 على انه (....، ولا يشترط ترك مسافة عند إنشاء المناور التي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان العادي فلا تسمح لأحد بالرؤية الجارحة وإنما تسمح بنفوذ النور ومرور الهواء فقط، وللجار أن يبني في ملكه وإن سد النور).

 

إعداد الباحث/واعد القدسي

الاعتراف بالجريمة هل يعتبر دليل كافي لثبوت الجريمة

 

الاعتراف بالجريمة هل يعتبر دليل كافي لثبوت الجريمة

 

الإقرار في اللغة: الاعتراف وهو ضد الانكار، ويطلق على عدة معان منها: الثبوت والاعتراف والاخبار وعدم الانكار.

 الإقرار في الاصطلاح الشرعي : هو اخبار بثبوت حق للغير على نفس المقر ولو في المستقبل.

 الإقرار في القانون :

أما قانون الاثبات اليمني رقم(21)لسنة 1992م فقد عرف الإقرار بما لا يخرج عن تعريف فقهاء الاسلام حيث نصت المادة (78) من قانون الاثبات اليمني على:(الإقرار هو إخبار الانسان شفاها أو كتابة عن ثبوت حق لغيره على نفسه).

دليل حجية الإقرار:

لا خلاف بين الفقهاء على أن الإقرار حجة قاصرة على المقر لا يتعداه على غيره, فيؤاخذ به المقر وحده دون سواه لأن المقر لا ولا يه له إلا على نفسه.

الدليل من القران الكريم:

قال الله تعالى(يأيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم) ووجه الدلالة من هذه الآية على حجية الإقرار, أن شهادة الانسان على نفسه هو اقراره بالحق الذي علية .

وقال الله تعالى(يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفا أو لا يستطيع ان يملل هو فليملل وليه بالعدل)

ووجه الدلالة من هذه الآية على حجية الإقرار أن قوله سبحانه وتعالى(وليملل الذي عليه الحق) المراد به فليقر الذي عليه الحق وليتق الله في هذا الإقرار بحيث يكون موافقا للحقيقة وغير كاذب.

دليل حجية الإقرار من السنة النبوية:

ما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قبل من ماعز والغامدية اقرارهما بالزنا, وعاملهما بموجبه في اقامة الحد عليهما

وما ورد في حديث العسيف من قوله صلى الله عليه واله وسلم (واغد يا انيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها)

الاجماع:

فقد أجمع فقهاء الاسلام على أن الإقرار حجة في الاثبات لاسيما وأن العاقل لا يقر على نفسه بشي إلا وهو صادق ،ومن ثم كان جانب الصدق في الإقرار أرجح من الكذب فيصدق المقر.

الطبيعة القانونية للاعتراف:

بات الاعتراف في ظل مبدأ الاقتناع الشخصي، وبمعنى آخر فهو يخضع

للاقتناع الشخصي للمحكمة, حيث أخذت به التشريعات الحديثة من بينها القانون الفرنسي والقانون الجزائري، ومنها القانون اليمني المادة (321) من قانون الاجراءات الجزائية : تقدير الادلة يكون وفقا لاقتناع المحكمة في ضوء مبدأ تكامل الادلة فلا يتمتع دليل بقوة مسبقة في الاثبات.

فبعدما تتحقق المحكمة من توافر شروط صحته  فتتأكد من صدقه من الناحية الواقعية وتفعل مهمتها التقديرية أي تقدير ذلك الاعتراف ، بيد أن السلطة التي يتمتع بها القاضي الجزائي ليست تحكمية أو تعسفية وإنما هي خاضعة للضوابط والقيود المفروضة على القاضي الذي يتعين عليه مراقبتها في اعتماده على الأدلة المتحصل عليها ، كالاعتراف الصادر في مراحل التحقيق ، فاعتراف المتهم يقرر مسؤوليته لذا يلزم أن يؤسس الاقتناع على قواعد قانونية تكفل احترام الحقوق وحماية الحريات الفردية للمتهم خصوصا وقت الاعتراف.

فالاعتراف في القانون اليمني يخضع للسلطة التقديرية للقاضي ولمبدأ اقتناعه الشخصي بالدليل بكامل حريته, ولا يعني ذلك أن يلتزم القاضي بنص الاعتراف وظاهره وإنما يكون له استنباط الحقيقة التي يصل اليها عن طريق الاستنتاج والتحليل, مادام الاعتراف سليماً مع حكم المنطق.

 المادة(352) من قانون الاجراءات الجزائية: يسأل القاضي المتهم عن التهمة الموجهة اليه ما اذا كان إقراره صحيحا سجل إقراره بكلمات تكون اقرب إلى الالفاظ التي استعملها في إقراره ولها ان تكتفي بذلك في الحكم عليه كما لها ان تتم التحقيق اذا رأت داعيا لذلك.

الاعتراف في المواد الجنائية أمام القضاء إذا تم مستوفياً لشرائطه صح والقوانين الوضعية في التشريعات المختلفة تكاد تجمع على أن الاعتراف لا يؤخذ به كدليل إلا إذا توافرت له الشروط الدالة على صحته وقوته التدليلية في الإثبات, ولصحته يجب توافر الشروط التالية :

1- أن يصدر من متهم: حتى يقبل الاعتراف ويعد صحيحاً يستوجب أن يصدر من شخص على نفسه, وأن يكون هذا الشخص وقت صدور اعترافه متهماً بارتكابه لوقائع الجريمة وثم إقراره بالتهمة المسندة إلية وثم يصرح بأقواله ، بمعنى أن يدلي الشخص بأقواله وتصرفات صدرت عنه شخصياً دون اداء اليمين, وأن يكون الاعتراف متعلق بشخص المتهم لا بغيره وتترتب أثاره على المتهم فقط .

2- صدور الاعتراف عن إرادة حرة وواعية :الاعتراف الصحيح الذي يعتد به كدليل هو الذي يصدر من المتهم عن إرادة حرة وواعية ، وعن علم كامل بمضمونه ويدلي به بعيداً عن كل اشكال الضغط بغض النظر عن طبيعة هذا الضغط,  أما إذا كانت ارادة الجاني تحت التأثير والإكراه فلا يعد اعترافا صحيحاً ما يدلي به المتهم من اقوال تفيد نسبة الجريمة إلية .

مطابقة الاعتراف الصريح للحقيقة: يشترط لصحة الاعتراف الصراحة والوضوح  أن تكون اقوال المتهم واضحة ومفهوم الدلالة, ان يكون كل جزء من جزائيات الاعتراف واضحاً وممكناً وجائزاً ومفهوماً فلا يلزم لموضوع الاعتراف ان يكون بعبارات معينة بل يكفي ان تحمل اقوال المتهم معنى الاعتراف بشكل لا يحتمل التأويل  إذ ان غموض اقوال المتهم من حيث دلالتها على ارتكابه للجريمة محل الاتهام المنسوب إليه ينفي عنه صفة الاعتراف بالمعنى الدقيق لأنها تحتمل اكثر من تأويل وبينت المادة (83)من قانون الاثبات بقولها: يكون الإقرار صراحة بأي عبارة تؤدي إلى الاعتراف بالحق كما يكون ضمنياً بفرع يترتب على ثبوته ثبوت اصله كمن يقر بالطلاق فذلك يتضمن إقراره بالزواج.

هذا وينبغي أن ينصب الاعتراف على نفس الواقعة الاجرامية لا على ملابساتها, وإلا عد مجرد دلائل موضوعية لا تكفي للإدانة إلا إذا عززتها ادلة كافية .

كما لا يعتبر اعترافاً إقرار المتهم بصحة التهمة المسندة إلية مالم يقر صراحةً بارتكابه تلك الافعال المادية المكونة لها.

شروط الإقرار:

نصت المادة(84) على:

يشترط في الإقرار ما يلي:

1-أن يكون غير مشروط.

٢-أن يكون مقيداً في ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين.

٣-أن يكون بالنطق إذا كان حداً من حدود الله تعالى.

 

المراجع:

١-الدعوى والاثبات في الفقه الاسلامي

٢-القانون اليمني

مقدم البحث / سامي مسعود محمد العميسي