شروط السند التنفيذي, وفق القانون اليمني

 

 

 

شروط السند التنفيذي, وفق القانون اليمني

 

 تعريف السند التنفيذي:

لم يعرف القانون اليمني السند التنفيذي, وعرفه القانون المصري بأنه:

ورقه مكتوبة بشكل حدده قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري, وثابت بها التزام قانوني لمصلحة الدائن حاملها, هذا الالتزام يراد تنفيذه جبراً لامتناع المدين عن تنفيذه اختيارا, الغرض من السند التنفيذي هو الشروع في التنفيذ الجبري للالتزامات, أي إجبار المدين على تنفيذ التزاماته بالاستعانة بالسلطة التنفيذية, بعد امتناعه عن التنفيذ طوعا.

 

شروط السند التنفيذي:

نصت المادة (326) من قانون المرافعات اليمني في فقرتها الأولى, على أنه:

 (لا يجوز إجراء التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي, اقتضاء لحق محقق الوجود, ومعين المقدار وحال الأداء)

كما نصت في فقرتها الثانية على أنه:

 (لا يجوز التنفيذ إلا بموجب صورة تنفيذية, تتمثل في السند التنفيذي مذيلا بالصيغة التنفيذية, مالم ينص القانون على غير ذلك)

 ويتضح مما سبق أنه يجب أن تتوفر شروط معينة في الحق الموضوعي الثابت في السند (الشروط الموضوعية) كما يجب أن يتخذ السند التنفيذي شكلا معينا أيا كان نوعه (الشروط الشكلية) وسنبين تلك الشروط على النحو التالي:

 

1ـ الشروط الموضوعية:

المقصود بالشروط الموضوعية للسند التنفيذي, أي شروط الحق الذي يجري التنفيذ لاقتضائه, وفقا للمادة (326\1) مرافعات هي أن يكون الحق محقق الوجود , وأن يكون معين المقدار , وأن يكون حال الأداء.

ويجب توافر الشروط الثلاثة السابقة مجتمعة, وإلا كان التنفيذ غير جائز, فإذا جرى التنفيذ رغم تخلفها أو تخلف أحدها كان التنفيذ باطلا, ولكن إذا لم تتوافر جميعها في جزء من الحق الثابت في السند, وتوافرت في الجزاء الأخر فيجوز إجراء التنفيذ, لاقتضاء الجزء الذي توافرت فيه.

كما يجب أن تتوافر تلك الشروط قبل البدء في التنفيذ, طبقا لنص المادة (326) من قانون المرافعات اليمني, ومن جهة أولى أنه لا يلزم توافر تلك الشروط عند تكوين السند التنفيذي, فقد يكون الحق عند صدور السند مقرونا بأجل, أو معلق على شرط, وإنما يجب توافرها عند البدء في التنفيذ, ومن جهة ثانية لا يكفي توافر تلك الشروط في وقت لاحق بعد الشروع في التنفيذ , فإذا جرى التنفيذ بسند لم يكن الحق الثابت في محقق الوجود, أو معين المقدار, أو حال الأداء, كان التنفيذ باطلا ولو تحقق الشرط الناقص بعد ذلك أثناء التنفيذ وقبل اكتماله.

ولا يستثنى من وجوب توافر الشروط الموضوعية قبل بدء التنفيذ, إلا ملحقات الدين الأصلي التي تستحق أثناء التنفيذ , كالفوائد ونفقات التنفيذ .

ويجب كقاعدة أن تتوافر الشروط الموضوعية من ذات السند الذي يجري التنفيذ بموجبه , ويبطل التنفيذ إن تم بناء على سند تنفيذي لم يدل بذاته على توافر شروط الحق الموضوعي الثابت فيه, ولو ثبت توافر تلك الشروط من دليل خارجي, أو من ورقة أخرى.

واستثناء من القاعدة السابقة يجوز تكملة بعض الشروط الموضوعية للسند التنفيذي من سند أخرى, بشرط أن يشير إلية السند التنفيذي صراحة.

وتقدير توافر الشروط الموضوعية في السند التنفيذي يخضع لسلطة قاضي التنفيذ, ويجب أن يكون تقديره قائما على أسباب سائغة, مما هو ثابت في السند التنفيذي, أو السندات التي يجوز تكملته بها, وإلا كان تقديره مشوبا بعيب التناقض, وعمله عرضه للبطلان.

أ‌-     أن يكون الحق محقق الوجود:

اوجب القانون أن يكون الحق المراد اقتضاؤه محقق الوجود غير متنازع عليه, وألا يكون الحق احتماليا أو معلق على شرط.

 وقد استلزم قانون المرافعات اليمني, أن يكون الحق محقق الوجود ليس فقط كشرط للشروع في إجراءات التنفيذ بالمعنى الدقيق, بل كشرط لاتخاذ الإجراءات ذات الطابع التحفظي, كالمنع من السفر (المادة \402) مرافعات والحجز التحفظي (المادة\387) مرافعات.

ب‌- أن يكون الحق معين المقدار:

يجب أن يكون الحق الثابت في السند التنفيذي معين المقدار, فوجود الحق لا يغني عن تعيين مقداره, ولا صعوبة في تحديد المقصود بهذا الشرط إذا كان الحق عبارة عن مبلغ من النقود أو منقول مثلي, فتعين النقود يكون بتحديد مقدار المبلغ الذي يجب على المدين تسليمه, كما أن تعين المنقول المثلي يكون على أساس الوزن, أو القياس, أو العدد, أو غير ذلك حسب طبيعته.

ولكن عندما يكون الحق في السند التنفيذي عبارة عن الزام بتسليم منقول غير مثلي, أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل, فان المقصود بهذا الشرط في الأحوال السابقة تعين الشي المطلوب تسليمه, أو تعين العمل المطلوب من المدين القيام به, أو الامتناع عنه.

ولهذا الشرط أهميته في التنفيذ المباشر, إذ لا يمكن إجراؤه إلا إذ تم تعين الشيء المطلوب تسليمه, أو تعين العمل المطلوب من المدين القيام به, أو الامتناع عنه.

ولا يشترط أن يكون تعين مقدار الحق على وجه الدقة, فيعد الحق معين المقدار إذا أمكن تعيينه بعملية حسابية بسيطة, استناد إلى بيانات السند التنفيذي ذاته.

وأخيرا يلاحظ أن القانون لم يستلزم توافر هذا الشرط لاتخاذ الإجراءات ذات الطابع التحفظي.

ج -أن يكون الحق حال الأداء:

يجب أن يكون الحق الذي يجري التنفيذ لاقتضائه حال الأداء, أي أن يكون مستحقا وواجب الوفاء به , اذا لم يكن الحق حال الأداء فلا تقبل المطالبة القضائية به, وعدم استيفاء الحق لهذا الشرط لا يخول الدائن اتخاذ الإجراءات التحفظية لحماية حقة, وبناء على هذا الشرط لا يجوز التنفيذ اقتضاء لحق مضاف إلى أجل, سواء كان هذا الأجل قانونيا, أو قضائيا, أو اتفاقيا, كما لا يجوز التنفيذ اقتضاء لحق معلق على شرط واقف.

الأصل أن الحق يكون حال الأداء بمجرد ثبوتة ما لم يثبت العكس, وفقا لنص المادة (23) من قانون الاثبات:

 (يعتبر الحق مستحق الأداء من يوم ثبوته, ما لم يضرب له أجل للسداد فلا يعتبر مستحقا, إلا بعد انقضاء الأجل)

ويجب أن يتحقق هذا الشرط وكبقية الشروط الموضوعية عند البدء في التنفيذ, فإذا جرى التنفيذ قبل حلول الأجل أو قبل تحقق الشرط, فإن التنفيذ يكون باطلا, ولا يصحح هذا البطلان حلول الأجل, أو تحقق الشرط أثناء السير في إجراءات التنفيذ, وقبل تمامها.

 

2-الشروط الشكلية.

نصت المادة (326\2) مرافعات على أنه:

 (لا يجوز التنفيذ إلا بموجب صورة تنفيذيه, تتمثل في السند التنفيذي مذيلا بالصيغة التنفيذية. مالم ينص القانون على غير ذلك).

وبناء على هذا النص فإنه لا يكفي لإجراءا التنفيذ الجبري أن يكون بيد الدائن سند تنفيذي, وأن يكون الحق الثابت محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء, بل ويجب أيضا أن يتخذ السند التنفيذي شكلا معينا, يطلق علية (الصورة التنفيذية).

 

 

  المصادر والمراجع:

قانون المرافعات اليمني

التنفيذ الجبري د/عادل علي محمد النجار

                                                         

                                   إعداد/ نسيم الربيعي


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          

 

بيع الإقالة, وفق القانون اليمني

 

 

 

 

بيع الإقالة, وفق القانون اليمني

 

 

المقصود ببيع الوفاء:

هو البيع الذي يشترط فيه البائع استرداد العين المبيوعة إذا هو رد للمشتري الثمن ، أي أنه بيع يقترن بشرط لمصلحة البائع يكون له بمقتضاه  الحق في أن يسترد المال المبيع خلال مدة معينة, مقابل رد ما أخذه من الثمن للمشتري.

 يسمى القانون المدني هذا النوع من البيع بالإقالة العرفية، تمييزاً له عن الإقالة الشرعية التي تتم بعد عقد البيعو باتفاق البائع والمشتري.

عرفها القانون المدني اليمني في نص المادة(577 ):

 بيع الوفاء المعروف بالإقالة العرفية هو أن يشترط حال العقد أو بعده, أنه إذا رد البائع للمشتري الثمن رد له المشتري المبيع, وله حكم خيار الشرط. وتكون فوائد المبيع للبائع في مدة الشرط.

 

 

تكييف الإقالة:

كيف الفقه القانوني شرط استرداد المبيع بأنه شرط فاسخ، وهو ما يعني أن بيع الوفاء بيع معلق على شرط فاسخ, هو رد الثمن وملحقاته من قبل البائع في الميعاد المبين في العقد، وبرد الثمن تزول كل آثار العقد بأثر رجعي ويسترد البائع المبيع بمجرد رد الثمن إلى المشتري، غير أنه إذا مضى الميعاد لهذا الاسترداد تخلف الشرط الفاسخ وتأبيد البيع بصورة نهائية.

أما القانون المدني فكيف هذا الشرط على أنه شرط خيار، وأنه يأخذ حكم خيار الشرط ، وحكم خيار الشرط هو منح البائع حق فسخ البيع واسترداد المبيع بإرادة منفردة ، وينص القانون على جواز  اشتراط هذا الخيار أثناء التعاقد أو بعده ، وأن جميع ثمار المبيع تكون أثناء مدة الشرط للبائع.

وننوه هنا إلى أن اشتراط استرداد المبيع بعد العقد يلزم له موافقة المشتري, وتشير المذكرة الإيضاحية لهذه المادة إلى أن القانون المدني أجاز بيع الوفاء لحاجة الناس إليه, رغم أن العمل به محل خلاف في الفقه الإسلامي.

 

أحكام بيع الإقالة العرفية في القانون اليمني:

أجاز القانون المدني بيع الوفاء كما هو واضح من النصوص السابقة، غير أنه قيده بعدد من الأحكام بغرض منع استخدامه كوسيلة لإخفاء رهن يتملك فيه المرتهن العين المرهونة, عند حجز المدين(البائع) عن رد الدين (الثمن) ، ومنع استخدامه كوسيلة لإخفاء قروض ربوية، وهذه الأحكام كالتالي:

1_ يكون بيع الوفاء صحيحاً إذا اقترن ببيان مدة معلومة يتم خلالها استرداد المبيع ، أما إذا لم يقترن ببيان هذه المدة فهو من قبيل بيع الرجاء الباطل, فيبطل العقد والشرط معاً.

وإذا كان شرط استرداد المبيع لاحقاً للعقد ومجهول المدة فإن العقد يكون صحيحاً والشرط باطل ، ويبطل الشرط بسبب جهالة المدة التي يتم خلالها استرداد المبيع ، وهو ما يعني أن عدم ذكر مدة الاسترداد يرتب بطلان شرط الاسترداد ، سواء كان هذا الشرط مقترناً بالعقد أم حقاً له.

 

٢_ يجب لصحة بيع الوفاء أن تكون جميع منافع وثمار المبيع للبائع خلال مدة شرط الاسترداد ، فإذا كان المبيع عقاراً معداً للسكن فإن أجرته خلال مدة الاسترداد تكون للبائع ، أما إذا اشترط المشتري هذه المنافع خلال هذه المدة بطل العقد والشرط معاً ، وفائدة هذا الحكم أنه يمنع بيع الوفاء من أن يكون وسيلة لستر قرض ربوي مضمون برهن ، لأنه إذا اتفق أن ثمار المبيع للمشتري فهي منافع له دون مقابل وذلك ربا.

٣_ لا يجوز لأي من المتعاقدين (البائع والمشتري ) التصرف في المبيع خلال مدة الاسترداد إلا برضاء الطرف الآخر،  ويظهر أن المراد بهذا الحكم كفالة حق البائع في استرداد المبيع خلال المدة المحددة, عن طريق منع المشتري من التصرف في المبيع خلال مدة الاسترداد إلا برضاء البائع ، لأن تصرف المشتري في المبيع إلى الغير يناقض حق البائع في استرجاع المبيع أثناء المدة المحددة ، غير أنه إذا مضت هذه المدة دون استرداد المبيع استقر المبيع في ملك المشتري ، وخلصت له الملكية وما يتبعها من حقوق بما في ذلك حقه في الشفعة.

٤_ إذا هلك المبيع أثناء مدة الاسترداد وهو في يد المشتري بسبب, لا يد للمشتري فيه كانت تبعة الهلاك على البائع ، وهذا الحكم استثناء من القواعد العامة في تبعة الهلاك ، والتي تجعل تبعة الهلاك مرتبطة بالتسليم ، والسبب في ذلك أن المبيع ما زال في ملك البائع ، وبالتالي فلا يضمن المشتري إلا إذا تعدى أو فرط ، أما إذا تنازل البائع عن الاسترداد  أو مضت مدته دون استرداد البائع, للمبيع تأكدت هذه الملكية وأصبح البيع نهائياً ، وتحمل المشتري تبعة الهلاك من تاريخ التنازل أو مضي المدة.

 

  نظمت المادة (٥٧٨) من القانون المدني اليمني  ، حكم بيع الوفاء ( الإقالة العرفية )  كما يلي :

اولا : إذا كان شرط رد المبيع مقيدا بمده معلومة كان العقد صحيحا والمنافع للبائع في مدة الشرط, وليس لأي من المتعاقدين أن يتصرف في المبيع إلا برضا الآخر, واذا تلف المبيع في يد المشتري في مدة الشرط بسبب لا يد له فيه تلف على البائع .

ثانيا : إذا كان شرط رد المبيع مطلقا وغير مقيد بمدة معلومة واقترن بالعقد فهو من قبيل بيع الرجاء الباطل, فيبطل العقد والشرط معا .

 اما إذا كان شرط الرد المجهول المدة لاحقا للعقد, صح البيع وبطل الشرط .

ثالثا : إذا اقترن العقد بشرط الغلة للمشتري في مدة الشرط, بطل العقد والشرط معا .

رابعا : يستقر المبيع في ملك المشتري وبه يستحق الشفعة إذا امضى البائع البيع, أو انقضت المدة دون رد .

 

مادة(579) مدني يمني:

 كل تواطؤ بين المتعاقدين قبل العقد يعتبر كأنه مقارن للعقد, وتجري عليه الأحكام السابقة .

 

الإقالة الشرعية:

تعريفها:

 نصت المادة (٥٨٢) مدني على أنها:

 (رفع عقد البيع بمثل الثمن الأول ولو مسكوتً عنه فيها, وتجوز في بعض المعقود عليه بما يخصه من الثمن).

ومن خلال استقراء هذا النص نجد أن الإقالة الشرعية هي عبارة عن فسخ عقد البيع بالإقالة الذي سبق له أن انعقد صحيحاً نافذاً غير مشروط, ففي الإقالة الشرعية يتراضى البائع والمشتري على إقالة بعضهما والتحلل من عقد البيع السابق, أي فسخ هذا العقد ورفعه, وعندئذ يعيد البائع الثمن إلى المشتري ويرد المشتري المبيع, فعندئذ تطبق أحكام الفسخ التي تقتضي التراد فيما بين البائع بالإقالة والمشتري بالإقالة.

 وأشار النص القانوني السابق إلى أن بيع الإقالة الشرعية يجوز في اجزاء من المعقود عليه, فيلزم أن تكون في المبيع كله كمن يبيع طابقاً من داره. وقد تضمن النص أن الإقالة الشرعية جائزة حتى ولو لم تتضمن وثيقة الإقالة ذكر الثمن, الذي استلمه البائع بالإقالة عند ابرام العقد طالما والبائع والمشتري متصادقان على ذلك, أو تم إثبات استلام البائع بوثيقة أخرى كسند القبض أو الاستلام.

 

 شروط الإقالة الشرعية:

نصت المادة(٥٨٣) مدني على:

 (تصح الإقالة الشرعية بشروط أربعة هي :

1_أن تكون بلفظها: (أي بعتك داري إقالة).

٢_وأن تكون بين المتعاقدين (وهما طرفا عقد الإقالة) باعتبار

الإقالة عقداً, حيث أن طرفا العقد شرط في كل عقد بما في ذلك الإقالة.

٣_في مبيع باق لم يزد زيادة غير متميزة, حيث ينبغي أن يكون هناك نوع من الثبات في سعر الشيء المباع بالإقالة, خلال الفترة ما بين إبرامه وبين تاريخ الإقالة.

٤_قبول العاقد الآخر في المجلس, حيث ينبغي أن يصدر الإيجاب من البائع بالإقالة ويتم قبول الإقالة من المشتري في مجلس العقد، فمجلس العقد شرط في الإقالة وإن كانت فسخاً لعقد من العقود.

 

حكم الإقالة الشرعية في القانون اليمني:

نصت المادة(584) مدني على:

 ( حكم الإقالة هي عودة المبيع إلى مالكه, وهي بيع في حق الشفيع, فسخ في حق غيره)

 ومن خلال استقراء هذا النص نجد أنه قد تضمن التكييف القانوني للإقالة, حيث كيفها على أنها فسخ للبيع من قبل البائع حيث يعود إليه المبيع عند وقوع الإقالة، في حين أن الإقالة تكون بيعاً بالنسبة للشفيع وهو الوارث, أو الشريك المخالط, أو الجار الملصق أو غيره, حيث تسري على الإقالة أحكام الشفعة بالنسبة للشفيع من حيث قيد الشفعة وتقادمها, أما بالنسبة لغير الشفيع ولغير البائع فإنها فسخ ويدخل ضمن مفهوم الغير المقال(المشتري).

وقد نظم القانون المدني اليمني الإقالة الشرعية بهذا العنوان(الإقالة الشرعية) للتأكيد على أن مصدر هذه الإقالة هو فقه الشريعة الإسلامية، فالإقالة بالمفهوم الشرعي من اسمها, هي عبارة عن فسخ أو رفع لعقد البيع فليست أنشاء لعقد ، فالإقالة عبارة عن إقالة الطرفين البائع والمشتري لبعضهما البعض من التزامهما السابق انشائه, حيث يترتب على الإقالة فسخ العقد والتراد فيما بين طرفي العقد.

 

الفروق بين الإقالة العرفية, والإقالة الشرعية:

١_ الإقالة الشرعية عبارة عن فسخ لعقد بيع قد تم في الماضي, أما الإقالة العرفية فهي أنشاء لعقد بيع مشروط, فشتان بين فسخ العقد وإنشاء العقد.

٢_الإقالة الشرعية لا تثير الإشكاليات التي تظهر في الإقالة العرفية عند حلول المدة, فالفسخ في الإقالة الشرعية يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل الإقالة الشرعية, حيث يتم التراد فيما بين البائع والمشتري بالإقالة الشرعية, بخلاف الإقالة العرفية التي تظهر إشكالياتها الكثيرة عند نفادها بمضي المدة.

٣_الإقالة الشرعية لا تكون إلا في المبيعات الثابتة, القيمة خلال الفترة فيما بين تاريخ إبرام عقد البيع وبين تاريخ الإقالة منه أي فسخه ، أما الإقالة العرفية فهي تقع في المبيعات المتغيرة والثابتة القيمة, ولذلك تثير الإشكاليات.

٤_الإقالة الشرعية أي فسخ العقد لا يتم إلا بالتراضي فيما بين البائع والمشتري، في حين أن الإقالة العرفية قد تتم بغير تراضي حيث تقع من جانب البائع بطريقة سلبية وطريقة إيجابية, فالطريقة الإيجابية أن يمثل البائع بالإقالة العرفية أمام الأمين الشرعي ويقر أمامه بأنه قد أنفذ البيع, والطريقة السلبية أن يتخلف عن الحضور, فعندئذ يصير عقد البيع نافذاً بمضي المدة .

 

 

المراجع:

١_د.عبدالله عبدالله العلفي، أحكام عقد البيع في القانون المدني اليمني، ص٢٠٢.

٢_د.عبدالله عبدالله العلفي، مرجع سابق، ص ٢٠٢_٢٠٣.

٣_د.عبدالله العلفي، مرجع سابق، ص٢٠٣_٢٠٤.

٤_مقال قانوني للدكتور، عبد المؤمن شجاع الدين.

٥_د.عبد المؤمن شجاع الدين، مرجع سابق.

 

إعداد المحامي/ محمد نجيب القوسي

الحدود العينية والشخصية للدعوى الجزائية, وفق القانون اليمني

 

 

الحدود العينية والشخصية للدعوى الجزائية, وفق القانون اليمني

 

المقدمة:

يعتبر موضوع الحدود العينية والشخصية من المواضيع التي أولاها المشرع أهمية خاصة , علما بأن هذا الموضوع يعتبر من المواضيع المعقدة نوعا ما, ومن الأمور التي تلتبس على الكثير من المحامين, الأمر الذي دفعني إلى تقديم هذا البحث المتواضع.

العلة من مبدأ تقيد المحكمة بحدود الدعوى الجزائية العينية والشخصية:

الحقيقة أن العلة من هذا المبدأ أو القاعدة تكمن في( مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والقضاء أو المحاكمة)

 فلا يجوز للمحكمة أن تفصل في دعوى لم ترفع إليها من النيابة العامة صاحبة الحق في تحريك الدعوى الجزائية , وهذا يعد ضمانا لحيادة القاضي, والحياد جوهر العدالة المقصودة من القضاء, ونشير هنا إلى أن سلطة التصدي لا تعد تجاوزا لهذا المبدأ أو استثناء عليه والتي أشار إليها المشرع في المواد (34,33,32)أ.ج , لإنها لا تخول للمحكمة سلطة الفصل في الدعوى التي حركتها, وإنما تخولها سلطة تحريكها فقط , أما ما يعد استثناء على المبدأ محل البحث هو سلطة المحكمة في الفصل في جرائم الجلسات فقط  م(35)أ,ج وعليه إذا لم يثبت لدى المحكمة ارتكاب المتهم للجريمة المنسوبة إليه , تعين على المحكمة القضاء ببراءته ولا يحق لها أن تسند إليه جريمة لم تتضمنها الدعوى الجزائية , مثال : إذا كانت التهمة المنسوبة إلى المتهم تزوير إيصال معين , فلا يجوز محاكمته عن تزوير إيصال آخر , لأن الايصال الآخر يعد واقعة منفصلة تماما عن الواقعة التي تضمنتها الدعوى الجزائية , وفي حال تجاوز المحكمة لهذا المبدأ تكون قد قضت بما لم تتضمنه الدعوى الجزائية, وقرار الإحالة وإعلان التكليف بالحضور مما يترتب عليه مخالفة القانون في أمرين :

الأول: أن المحكمة اضفت إلى سلطتها سلطة أخرى, وهي سلطة الاتهام والتي هي للنيابة العامة.

الثاني: أنها تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصم، وكلا الأمرين يترتب عليهما بطلان الحكم.

 

الحدود الشخصية للدعوى الجزائية:

يتعين على المحكمة أن تتقيد بالأشخاص المرفوعة عليهم الدعوى نزولا عند مبدأ (الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة) فلا يحق لها ادخال اشخاص آخرين غير من تضمنهم قرار الإحالة، سواء كانوا فاعلين أو مساهمين، فاذا حكمت بالعقوبة المقررة على المسؤول عن الحقوق المدنية كونه تبين لها أنه شريك في الجريمة، أو حكمت على شاهد لنفس العلة عد حكمها باطلا، المادة (365) أ، ج، لأنه لا يجوز الحكم على شخص قبل رفع الدعوى الجزائية عليه من النيابة العامة.

 وننوه هنا أن التصدي يقتصر فقط على تحريك الدعوى ضد المتهمين الجدد، دون محاكمتهم، وفق نصوص المواد (43,33,32) أ، ج.

 

 الحدود العينية للدعوى الجزائية:

ويقصد بذلك أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم بالبراءة أو الإدانة على من أقيمت عليه الدعوى الجزائية, من اجل واقعة غير التي نسبة إليه في قرار الإحالة (الاتهام) أي الواقعة المضمنة في الدعوى، (365) أ، ج، علما بأن الواقعة تعني (هي الجريمة التي وردت بقرار الاتهام أو الإحالة وكذا في ورقة التكليف بالحضور والمحددة من قبل سلطة الاتهام)، وهذا يقتضي التلازم بين ما تفصل فيه المحكمة بحكم، وبين ما رفعت به الدعوى الجزائية، تحقيقا لمبدأ وحدة الواقعة، فاذا اختلف التلازم عد تجاوزا للمبدأ محل البحث.

فالمحكمة يحظر عليها أن تنظر واقعة مستقلة عن تلك المرفوعة من قبل النيابة العامة، أو تستبدلها بتهمة أخرى، لأن مثل هذا التصرف يعد باطلا وفقا لما جاء في مجموعة القواعد القانونية ص 425

 ما لا يعد مخالفا أو معارضا لتقيد المحكمة بمبدأ الحدود العينية والشخصية للدعوى الجزائية (الاستثناءات) ونختم بحثنا هذا بمدى رقابة المحكمة العليا على محكمة الموضوع في هذا الصدد:

هناك سلطات تقوم بها المحكمة ولا تعد تجاوزا لمبدأ حدود الدعوى بشقيه.

لقد منح القانون للقاضي سلطة لتقدير وقائع الدعوى ووصف الواقعة الوصف الصحيح والتكيف السليم دون تقيد بتكييف النيابة لأنه غير ملزم لها، وكذا تقدير الظروف المخففة أو المشددة الواردة في قرار الاتهام، ومن هذه السلطات ما يلي:

السلطة الأولى: تعديل التهمة:

من حق المحكمة أن تعدل التهمة الواردة في قرار الاتهام, إذا رات أن تكيف النيابة العامة غير سليم، والتعديل أنواع:

أ‌-     التعديل بالحذف والاستبعاد: ويكون عندما تستبعد المحكمة عنصرا من عناصر التهمة الاصلية, مثل تحويل تهمة الجريمة التامة الواردة في قرار الاتهام إلى شروع، أي باستبعاد رابطة السببية ولهذا التعديل شروط.

1_ أن تكون عناصر التهمة المحكوم فيها قد ظهرت للمحكمة من تحقيقها النهائي.

2_ عدم إضافة عناصر جديدة للتهمة لم تكن موجودة في قرار الاتهام.

3_ عدم الإساءة إلى مركز المتهم.

ب‌- التعديل بالإضافة: وله ثلاث صور:

الصورة الأولى: إضافة الظروف المخففة:

مثل إضافة سبب يسقط القصاص كالعفو أو الصلح.

الصورة الثانية: إضافة الظروف المشددة:

ويشترط أن يظهر ذلك للمحكمة وان لم يشمله قرار الاتهام، كإضافة الظروف المشددة بالمعنى الدقيق في قانون العقوبات, كحمل السلاح أو سبق الإصرار إلى القتل .... الخ

وكذا الوقائع التي تدخل على الركن المادي وتؤدي إلى اكتمال الواقعة الاصلية، مثل تعديل الواقعة من إصابة خطأ إلى قتل خطأ في حال توفي المصاب اثناء المحاكمة.

كذلك التعديل في الركن المعنوي, مثل تعديل التهمة من قتل الخطأ إلى قتل عمد في حال ظهور القصد العمدي.

 

أيضا تعديل التهمة بإدخال وقائع مرتبطة بالواقعة الاصلية ارتباطا لا يقبل التجزئة، مثل إقامة بناء بغير ترخيص على ارض غير مقسمة، وهذا من قبيل الاستثناء على المبدأ محل البحث.

 

الصورة الثالثة: إضافة وقائع جديدة: شرط أن لا تخرج التهمة عن جوهرها وذلك في حالات:

1_ إذا شمل التعديل الركن المادي بعناصره الثلاثة ومثل تعديل وصف المتهم من مساهم أو شريك إلى فاعل أصلي، أو من شروع إلى جريمة تامة.

2_ إذا شمل التعديل الركن المعنوي بشقيه، مثل إضافة نية القتل, وتعديل التهمة من ضرب مفضي إلى الموت إلى تهمة قتل عمد.

3_إذا وقع التعديل على وقائع مكونه لظروف مشددة, كإضافة سبق الإصرار على القتل.

4_اضافة عنصر جديد متمثل في حالة قانونية يأخذها المشرع بعين الاعتبار في تكوين الركن المادي في الجريمة, مثل تعديل التهمة من جريمة سرقة إلى جريمة اختلاس، بإضافة صفة الموظف العام إلى المتهم.

5_ التعديل بالحذف أو الاستبعاد: وقد سبق الإشارة إليه.

 

السلطة الثانية: سلطة المحكمة في تعديل الوصف القانوني للتهمة:

وهذا في حال ما تخطأ النيابة العامة في التكييف والوصف القانوني الصحيح والسليم للتهمة , ولم يرد في قانون الإجراءات لفظ تغير الوصف القانوني وكان المفترض أن يضمنه نص المادة (366) كون المحكمة تعد السلطة العليا ولها الحق في تغيير الوصف القانوني للتهمة, ووصفها القانوني السليم في حال اخفاق النيابة العامة في ذلك, وقد جاء النص في المادة المذكورة خاليا من لفظ تغيير الوصف , الذي يمنح المحكمة حق تغيير الوصف القانوني للتهمة , دون تقيد بوصف النيابة , لأن وصف النيابة للتهمة المنسوبة للمتهم غير ملزم للمحكمة , علما بأن وصف النيابة مؤقت قد تخالفه المحكمة إذا كان وصفا غير صحيح ,لأن الوصف المعتبر هو وصف المحكمة للتهمة وليس وصف النيابة .

ويشترط على المحكمة لممارسة هذه السلطة الاتي:

1_أن تستند في إعطاء الوصف الصحيح للواقعة على أوراق الدعوى, والتحقيق الذي جرى اثناء المحاكمة بمعرفتها.

2_ الا تسند إلى المتهم فعلا غير الذي جاء في الدعوى الجزائية.

السلطة الثالثة: تصحيح الأخطاء المادية, وتدارك السهو من صحيفة الاتهام:

وقد خول المشرع للمحكمة أن تصحح الأخطاء المادية المادة (366) كتصحيح اسم المتهم أو تصحيح مكان الإصابة أو ما شابه من هذا القبيل، وهناك شروط تتقيد بها المحكمة في ممارسة هذه السلطة:

1_ أن لا يؤدي الخطأ إلى بطلان ورقة لتكليف بالحضور أو أمر الإحالة (قرار الاتهام) كان يؤدي إلى تجهيل الاتهام.

2_أن لا يؤدي إلى تعديل في الواقعة المنسوبة إلى المتهم، كأن يعدل من تهمة سرقة مال الغير إلى تهمة اتلاف مال الغير.

 

ملاحظة:

يلزم المحكمة أن تنبه المتهم إلى كل تعديل في التهمة المنسوبة إليه احتراما لحق الدفاع, لأن المتهم يجب أن يعلم بكل تعديل ناتج عن استخدام المحكمة لسلطاتها القانونية المشار إليها , حتى يعدل خطة دفاعه المادة(366) بما يتناسب ومتغيرات التهمة , واذا لم تنبهه المحكمة إلى تلك التغيرات الناتجة عن التعديل في التهمة المنسوبة إليه , تكون قد اخلت بمبدأ الدفاع , الامر الذي يترتب عليه بطلان الحكم , الا إذا كان التعديل تعديل مادي فلا يلزم تنبيه المتهم إلى ذلك, لأن هذا التعديل لا يؤثر على التهمة ولا يؤثر على خطة دفاعه , ويستوي أن يكون التنبيه صريحا أو ضمنيا, لأن القانون لم يتطلب شكلا معينا للتنبيه .

 

مدى رقابة المحكمة العليا على محكمة الموضوع, في مدى التزامها بالتقيد بالحدود الشخصية والعينية, للدعوى الجزائية:

من المعلوم أن المبدأ محل البحث من قبيل النظام العام والتجاوز لهذا المبدأ يعد من قبيل المخالفة للقانون, والذي يترتب عليه البطلان، ولما كانت المحكمة العليا محكمة قانون فإن لها حق الرقابة على محكمة الموضوع في هذا المجال، علما بأن رقابة المحكمة العليا على محكمة الموضوع موقوف على الطعن أمامها بالنقض، ولها حق نقض الحكم لبطلانه كاثر مترتب على تجاوز محكمة الموضوع للمبدأ محل البحث، وفقا لنص المادة (397) إ، ج

 

 

المصادر والمراجع:

 /ا-قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم (13) لسنة1994م

2_ مجموعة القواعد القانونية العدد ج3   - 3_ شرح قانون أ، ج المحاكمة والطعن في الاحكام الدكتور المرحوم / محمد محمد سيف شجاع ج.، صنعاء، م امام، م، العليا.

4_ الحدود العينية والشخصية للدعوى الجزائية والرقابة القضائية عليها _ د/منار عبدا لشمس أ /جامعة تكريت والقاضي/ عواد حسين العبيدي -ق، استئناف م، كركوك.

 

إعداد المحامي /أحمد محمد محمد المطرقي.

تحت إشراف المحامي /سليمان نبيل الحميري.

 

 

 

 

 

الفرق بين النذر والهبة والعطية, وفق القانون اليمني

 

 

 

الفرق بين النذر والهبة والعطية, وفق القانون اليمني

 

أولا: النذر

تعريف النذر في اللغة: مَصْدَرُ نَذَرْتُ أَنْذُرُ بِالضَّمِّ وَكَسْرِهَا فَأَنَا نَاذِرٌ أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا

وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالى (َيُوفُونَ بِالنَّذْر) سورة الانسان ايه 7 وقوله تعالى (قالت إني نذرت للرحمن صوما)

تعريفه في الاصطلاح: عرفه الفقهاء على انه  ايجاب الشخص على نفسه شيئا لم يكن واجبا عليه لأمر:

 النذر في القانون:

مادة (208) قانون أحوال شخصية:

 (النذر هو ايجاب مكلف مختار على نفسه بلفظه أو ما في معناه بمال أو فعل أو ترك, يلزمه الوفاء به دون توقف على قبول.

 

ينعقد بالقول وليس له صيغة معينة، بل كل ما دل على الالتزام فهو نذر سواء قاللله عليّ عهد، أو لله عليّ نذر، أو ما أشبه ذلك مما يدل على الالتزام، مثللله عليّ أن أفعل كذا، وإن لم يقلنذر، أو عهد

 حكمه:

 قال في "المغني": لا يستحب؛ لأَنَّ ابن عمر روى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه نَهى عن النذر، وأنَّه قال: ((لا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِن الْبَخِيلِ)).

حكم النذر بعد وقوعه:

 وجوب الوفاء به متى كان صحيحًا مستكملاً للشرائط[55]؛ لقول الله - تعالى -: ﴿ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ﴾ فبذلك يكون الوفاء بالنذر المشروع واجبًا .

 

 شروط النذر:
1-المــادة(209): يشترط في الناذر أن يكون مكلفا مختارا مسلما .
2-المــادة(210): يشترط في المنذور عليه أن لا يكون جهة معصية .
3-المــادة(211): يشترط في المال المنذور به أن يكون مملوكا للناذر حال النذر هو أو سببه, واصله لا يصح تعليق تعيينه بالذمة .


أحكام الرجوع في النذر فقها وقانونا:

في "المغني": النذر كاليمين، وموجبه موجبها، إلاَّ في لزوم الوفاء به إذا كان قربه، وأمكنه فعله.

ودليل هذا الأصل: قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأخت عقبة، لما نذرت المشي فلم تطقه: ((ولتكفر عن يمينها)) وفي رواية: ((فلتصم ثلاثة أيام))

 ونصت المــادة(213):

 لا يجوز الرجوع في النذر, وإنما يبطل برده من المنذور له, أو من يقوم مقامه عند تحقق المصلحة.

 

 ثانيا: الهـــبة:

الهبة لغة:

 التبرع والتفضل على الغير ولو بغير مال، أي بما ينتفع به سواء كان مالاً أو غير مال فقال تعالى: (ووهبنا له اسحاق ويعقوب) (الأنعام: 84)، وقال تعالى: (يهب لمن يشاء اناثاً ويهب لمن يشاء الذكور)الشورى

 

 وفي الاصطلاح :

يعرف الحنفية الهبة بأنها( تمليك العين بلا شرط العوض في الحال)

 وهذا يعني أن الشخص الذي يملك عيناً معينة، يحق له أن يملكها غيره بدون عوض مالي، ولكن يجوز للمالك أن يهب تلك العين بشرط أن يأخذ عوضاً وهي الهبة بشرط العوض مثال ذلك أن يقول الواهب للموهوب له: وهبتك هذا الدار بشرط ان تعطيني مائة جنيه

وعرفها الحنابلة بأنها (تمليك جائز التصرف مالاً معلوماً أو مجهولاً تعذر علمه، موجوداً مقدوراً على تسليمه غير واجب في الحياة بلا عوض)

ويعرفها الشافعية بأنها (تمليك تطوع حال الحياة) ميز الشافعية الهبة بقولهم تطوع لإخراج الواجبات الاخرى كالنذر والزكاة

الهبة:

عرفها قانون الاحوال الشخصية اليمني في المادة (168) بقولة:

 (الهبة هي عقد تبرعي يملك به حال مال, أو تباح به منفعة ومنفعة الحياة )

أركان الهبة وشروطها:

ولا يشترط في الهبة القربة, وفقا لنص المادة  (169)

مادة (170):

أركان الهبة أربعة وهي:

1- صيغة العقد.

2- الواهب.

3- الموهوب.

4 - الموهوب له

مادة (171) :

 تكون الهبة بإيجاب من الواهب أو نائبه, وقبول من الموهوب له أو نائبه قبل الأعراض, ولا يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا صريحين أو في مجلس واحد, وإنما يشترط التراضي صراحة واضحة أو ضمنا  بما تدل عليه قرائن الأحوال ، وتصح الهبة بالكتابة وبالرسالة والإشارة المفهمة من أخرس ، ولا تتم الهبة إلا  بقبول الموهوب له أو نائبه, ويقوم القبض مقام القبول.

مادة (173) :

 يجب الإشهاد على الهبة ما لم تكن بخط الواهب إلا ما جرى العرف على عدم الإشهاد فيه ، مثل العينيات البسيطة والنقود.

ما يشترط في الواهب:ـ

مادة (174):

1- أن يكون مكلفا  مختارا, مطلق التصرف.

2- أن يكون مالكا  للشيء الموهوب.

3-  أن لا يكون مدينا  بدين مستغرق لماله, أو لا يكفي ما تبقى من ماله بعد الهبة لسداده, إلا أن يجيز الهبة صاحب الدين.

الأصل في عقد الهبة أنه ملزم لجانب واحد هو جانب الواهب, ولكن إذا اشترط الواهب عوضاً له لهبته كانت الهبة ملزمة للجانبين, ووجدت التزامات مقابلة في جانب الموهوب له.

 وذلك فيما قضت به المادة (174):

ما يشترط الواهب:

و ما يشترط في الموهوب  نصت عليها المادة (175):

1- أن يكون مما يجوز تملكه.

2-  أن يكون معينا  بما يميزه, كلقب أو إشارة

3- أن يكون موجودا .

مادة (176):

 لا يصح هبة الشيء المستقبل, ولو كان سببه موجودا.

القانون اليمني قد اشترط الاهلية في الواهب وكذلك في الموهوب له ، كما جاء في نص المادة (178):

 يشترط في الموهوب له أن يكون موجودا له أهلية التملك, فإن كان صغير أو من كان في حكمه طبقت المادة (172): من هذا القانون بشأن قبول الهبة.

احكام الهبه واثارها:

إذا توفي الموهوب له انتقلت الهبة إلى ورثته, ولا  يجوز للواهب عند ذلك الرجوع في الهبة وانتزاع الشيء الموهوب من ورثت الموهوب ل,ه وذلك حق الورثة على الموهوب قد ثبت بالميراث، كما جاء في نص المادة (180):

 إذا مات الموهوب له قبل قبول الهبة بطلت، أما إذا مات بعد القبول قام ورثته مقامه في قبض الموهوب.

هبة المريض مرض الموت:

مرض  الموت هو المرض الذي يؤدي إلى إنهاء الحياة  غالبا, لذا الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية, فتنفذ في ثلث ماله إن كانت لأجنبي  ونقل الاتفاق على ذلك.

وفي المغني إن كانت لوارث  فتنفذ إذا اجازها الورثة

ونصت المادة (185):

 الهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية, ومرض الموت هو المرض الذي يتصل بالوفاة وما في حكمه, كالمبارز, ومن خرج لملاقاة العدو, ومن أصيب في حادث مهلك.

الهبة للوارث تأخذ حكم الوصية وبالتالي فإن نفادها يتوقف على اجازة بقية الورثة, حيث نصت المادة (186):

الهبة للوارث ووارثه في حياته تأخذ حكم الوصية, إلا  فيما أستهلكه الموهوب له في حياة الواهب حقيقة أو حكما.

الهبة المشروطة بعوض مالا كان أو منفعة تأخذ حكم البيع,  وبالتالي  فإنها تكون من العقود التي ترتب التزامات متبادلة بين الواهب والموهوب له, وإن كان غرضا فإنها تضل  هبة تبرعيه, وهذا ما نص عليه قانون الاحوال الشخصية في المادة (188)بقولها:

 الهبة على عوض مشترط أن كان مالا  أو منفعة تأخذ حكم البيع, وأن كان غرضا  تبقى على حكم الهبة التبرعية.

فنية التبرع هي أهم ما يميز عقد الهبة عن العقود الاخرى, فإن قصد من وراء هبته الوفاء بالتزام أو دين طبيعي فان نية التبرع تضل هي نية الموهوب له وذلك ما قضت به المادة (189):

 الهبة التبرعية يجوز الرجوع فيها في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في الفصل الثالث من هذا الباب      .

جاء في المادة (190):

يلزم الواهب بعد القبول بتسليم الموهوب للموهوب له وتمكينه منه,

وهنا يرى بعض الفقهاء أنه اذا لم يقم الواهب بتسليم الموهوب إلى الموهوب له وتمكينه منه فإن الهبه غير نافذة, وهذا ما يعني به الجمهور شرط القبض لنفاذ الهبه

بالنسبة لتصرف الواهب في الموهوب قبل وبعد القبول من الموهوب له

إذا كان التصرف قبل قبول الموهوب له الهبه فهو تصرف على ملكه,  أما إذا تصرف بعد القبول عد ذلك رجوعا تطبق عليه احكام الرجوع في الفصل الثالث  وفقا لنص المادة (191) أحوال شخصيه

ليس على الواهب ضمان استحقاق الشيء الموهوب الا إذا تعمد الواهب إخفاء سبب الاستحقاق أو كانت الهبة بعوض، وفي الحالة الأولى يقدر القاضي للموهوب له تعويضاً عادلاً عما أصابه من الضرر الذي يلحقه من سبب العيب, وفي الحالة الثانية فيلزم الواهب بالتعويض الذي أداه الموهوب له  حسب ما جاء في المادة (192):

إذا استحقت العين الموهوبة أو ظهر فيها عيب فلا ضمان إلا إذا كان الواهب قد أخفى سبب الاستحقاق أو العيب فيقدر الحاكم للموهوب له على الواهب غرامة مالية بمقدار ما أنفق الموهوب له أو غرم، وإذا كانت الهبة بعوض فيلزم الواهب بمقدار ما أداه الموهوب له من عوض

يلتزم الموهوب له اداء العوض أو المال الذي اشترطه عليه فمثلا لو اشترط الواهب مقابل الهبه الوفاء بديون الواهب, فلا يلزم الموهوب له الا بوفاء الديون التي كانت على الواهب وقت انعقاد الهبه

عليه والتحقق في الأخير أنه في الحالة التي يرفض فيها الموهوب له فللواهب  أو لورثته, إما المطالبة بالتنفيذ العيني وإما المطالبة باسترداد الهبة بعد فسخ العقد وفقاً لما تفتضيه القواعد العامة, وكذلك ما نصت عليه المادة (194):

 إذا أشترط الواهب عوضا وفاء ديونه فلا يكون الموهوب له ملزما إلا بوفاء الديون المعلومة وقت الهبة.

مادة (195):

إذا كان الموهوب مثقلا  بضمان أو رهن لدين توقف نفوذ الهبة في حق الدائن على إجازته أو سداد دينه.

الرجوع في الهبه:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يحل للواهب أن يرجع في هبته  ولا للمهدي ان يرجع في هديته, واستدلوا بحديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (العائد في هبته كالعائد يعود في قيئة )فالحديث يدل على تحريم الرجوع في الهبة

في  أولا المادة مادة (196) :

 لا يجوز الرجوع في الهبة التبرعية إلا  في الأحوال الآتية :

1- أن تكون الهبة التبرعية لغرض (مصلحة) ظاهر أو مضمر تدل عليه قرائن الحال وتعذر تحقيق الغرض.

2-  أن يكون الواهب أبا  أو أما  للموهوب له.

3-  أن يكون للواهب عذر تحقق بعد الهبة بأن أصبح فقيرا  عاجزا  عن الكسب.

واشترط  للرجوع في الاحوال السابقة الشروط الاتية:

مادة (197) :

في أحوال الرجوع في الهبة التبرعية في المادة السابقة يشترط للرجوع ما يأتي :ـ

1-  بقاء الواهب والموهوب له على قيد الحياة.

2-  أن لا يكون المال الموهوب قد هلك في يد الموهوب له حقيقة أو حكما  كأن يكون تصرف فيه للغير ، وإذا هلك بعض الموهوب جاز الرجوع في الباقي مع تحقق باقي الشروط.

3- أن لا يكون المال الموهوب قد زاد زيادة متصلة بما لا يتسامح في مثله إلا  إذا كان الواهب أبا  أو أما  فيجوز الرجوع بشرط تعويض الموهوب له بقيمة ما زاد في الموهوب.

4- أن لا يكون قد تعلق بالمال الموهوب ضمان أو رهن بدين إلا  أن يجيز صاحب الدين أو يوفى الدين.

5-  أن لا تكون الهبة بين زوج وزوجته .. يشترط عدم الحيلة ومـــع مراعاة الفقرة (1) من المادة (196) .

6-   أن لا تكون الهبة لذي رحم محرم غير الولد.

7-  أن لا تكون الهبة صدقة

 مادة (198) : الرجوع في الهبة بعد نفوذها يعتبر فسخا .

مادة (199) : يلزم الواهب عند الرجوع تسليم ما أنفقه الموهوب له على العين الموهوبة إلا أن تكون الهبة على عوض لم يسلم أو غرض لم يتحقق فلا رجوع للموهوب له بالنفقة.

مادة (200): يرد الموهوب له الغلات التي استولى عليها عند الرجوع في الهبة من وقت المطالبة بها قضائيا .

مادة (201): إذا تلف الشيء الموهوب في يد الموهوب له بعد مطالبته عند القاضي بالرجوع في الهبة كان ضامنا  سواء   أكان التلف بتفريطه أو بغيره ، ويضمن للواهب قيمة الشيء الموهوب وقت المطالبة.

مادة (202): إذا أستولى الواهب على الشيء الموهوب بغير رضاء الموهوب له وبدون أن يحكم له بالرجوع كان ضامنا  لتلف الشيء الموهوب في يده بتفريطه أو بغيره إذا حكم بعدم صحة الرجوع ويضمن للموهوب له قيمة الشيء الموهوب وقت التلف

 

ثالثا: العطية:

العطية في اللغة: الايتاء بمحض التفضيل, والعطاء أسم لما يعطى وجمعها العطايا.

العطية في الاصطلاح: تأتي بمعنى الهبه وخصها بعض الفقها بالعطية في مرض الموت المخوف, والبعض جعلها في يعطى للأولاد العطية هي ما يعطى الوالد لأولاده خاصة أثناء حياته وتجب فيها المساواة, أما الهبة فهي المال الذي يهبه الشخص لغير أولاده ولا تشترط فيها المساواة, ويشترط لنفاذ العطية والهبة أن يقبضها المعطى له أو الموهوب

ولا يجوز التفضيل  في العطية للأولاد  كما قلنا سابقا التسوية 

واستدلوا على ذلك بحديث النعمان بن بشير :ان اباه اتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اني نحلت ابني هذا غلاما فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اكل ولدك نحلت مثله ) قال :لا قال (فارجعه ) وهذا احد قولين للفقهاء واخذ به الحنابلة والظاهرية

والقول الثاني أن التسوية في العطاء بين الاولاد مستحبة وليست واجبة وهو قول الجمهور, وحملوه على الاستحباب لرواية (فاشهد على ذلك غيري )وقالوا لوكان حراما أو باطلا لما قال هذا الكلام

وحملوا رواية (لا تشهدني على جور ) على كراهة التنزيه لا التحريم

واستدلوا على جواز التفضيل بحديث عائشة  (ان اباها نحلها جاد عشرين وسقا من ماله فلما حضرته الوفاه قال لها : يا بنية ما من النفس احب الي غنى بعدي منك ولا اعز علي فقرا بعدي منك واني كنت  نحلتك جاد عشرين وسقا فاو انك جددتيه واحتزته كان لك وانما هو اليوم مال وارث )

ويرى البعض أن التسوية على اساس الميراث الشرعي بين الذكور والاناث, وهذا مذهب الحنابلة والهادوية وهو قول اسحاق ونقل عن محمد وعن بعض الشافعية

إذا فاضل الاب بين اولاده لزمه ان يسترد الفاضل أو يعطي بقية الورثة حتى يسوي بينهم, فان مات ولم يسترد الفاضل ثبتت الهبة للموهوب له وكانت حينئذ لازمة وليس  لبقية الورثة الرجوع,  وهذا مذهب الجمهور واستدلوا بحديث عائشة السابق بقوله :لو انك جددتيه واحتزتيه كان لك وانما هو اليوم مال وارث .

ويرى البعض أن الهبة لا تلزم وللورثة ان يرتجعوا فيها

القانون اليمني في  المادة  (183) اخذ بقول اصحاب الرأي الأول من وجوب التسوية, وبقول الحنابلة والهادوية في أنه هذه التسوية يجب تتم وفقا للفريضة الشرعية في الميراث  بما نصه (: تجب المساواة في الهبة والمشتبهات بها بين الأولاد وبين الورثة بحسب الفريضة الشرعية.)

إلا أن مما يلاحظ على القانون انه جعل من الهبة للأولاد في حكم الوصية   مادة (186):

الهبة للوارث ووارثه في حياته تأخذ حكم الوصية إلا  فيما أستهلكه الموهوب له في حياة الواهب حقيقة أو حكما.

وبعد العرض المبسط لكل من النذر والهبة والعطية ومن خلاله سنورد اهم الفوارق بينهم من خلال عدة معايير

اولا :- من حيث انعقاد التصرف بقبول:

الهبة والعطية لا تنعقد ولا تكون ملزمة الا بحصول القبول من  الموهوب له أو المعطى له,  بينما يتم النذر بإيجاب من الناذر دون توقف على قبول ويجب على الناذر الوفاء بما بنذر به. 

ثانيا:- من حيث الحكم:

الهبة حكمها على الاستحباب, والعطية للأولاد تأخذ حكم الوصية,  والنذر الكراهة ابتداء ووجوب الوفاء به بعد وقوعه

ثالثا :-  من حيث محل التصرف:

في الهبة والعطية لا يكون محل التصرف الا مالا متقوما, اما النذر فقد يكون مالا وقد يكون عباده

ثالثا:- من حيث جواز الرجوع من عدمه:

الهبة والعطية الاصل عدم جواز الرجوع كما ذكر سابقا, الا ان هناك أحوال يجوز فيها الرجوع للواهب عن هبته وللمعطي عن عطيته وفق شروط واحكام بينها الفقه ونص عليها القانون,  اما بالنسبة للنذر  فلا يجوز الرجوع فيه مطلقا وفقا لنص  المــادة(213):

 لا يجوز الرجوع في النذر, وإنما يبطل برده من النذور له أو من يقوم مقامه عند تحقق المصلحة بالرد.

 

المراجع:

1-  كتاب المعاملات المالية الدكتور القليصي  

2-  الكتاب: المُعَامَلَاتُ المَالِيَّةُ أَصَالَة وَمُعَاصَرَة المؤلف: أبو عمر دُبْيَانِ بن محمد الدُّبْيَانِ

3-  بحث بعنوان قسمة الانسان ماله في اثناء حياته في القانون والقضاء اليمني د  عبد المؤمن شجاع الدين

 4-بحث قانوني حول الهبة في القانون اليمني اعداد/المحامي/حميد النمير

5_قانون الاحوال الشخصية اليمنية

 

الباحث  المتدرب/ عزام حاتم الدوه