أصل البراءة, وفق القانون اليمني

 

 

 

أصل البراءة, وفق القانون اليمني

 

 

 

المقدمة:

إن أصل البراءة هو من مقاصد التشريع الاسلامي ومن المصالح الضرورية التي يجب الالتزام به والمحافظة عليه، لأنه يصون الحقوق والحريات التي كفلت النصوص التشريعية حمايتها، فقد جاء في الحديث المتفق على صحته بين علماء الأمة:

 قال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم.

لذا كرس فقهاء الشريعة الإسلامية والقانون مبدأ البراءة في المتهم وأولوها عناية فائقة, ويرجع اهتمامهم بهذا المبدأ إلى التثبت في إثبات الجرائم بكافة أنواعها، سواءً ما كان منها من قبيل الحدود والقصاص, أو ما كان منها من قبيل التعزير, حتى لا يقع تحت طائلة العقاب إنسان لم يرتكب جرماً.

 

 

أصل البراءة وقواعد الإثبات :

يفرض على سلطة الاتهام أن تتحمل وحدها عبء إثبات التهمة ولا تنتظر مساهمة المتهم في ذلك, ويبنى على ذلك أنه لا يجوز إجبار المتهم على أن يقدم شيء لكي يبرئ نفسه, لأن الأصل فيه البراءة, كما لا يجوز أن يتخذ من صمته عنصر تستند إليه في إدانته وإلا كان ذلك قلباً لعبء الإثبات.

 

حماية أصل البراءة أثناء القبض :

يجب ألا ينفذ القبض عليه إلا في الأماكن المخصصة التي يحددها القانون, حيث حرصت المواثيق الدولية والدساتير على تأكيد هذا الحق, حيث لا يحوز حجز الشخص المقبوض عليه في غير الاماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون.

وبناءً على ذلك إذا حجز الشخص المقبوض عليه في مكان غير المخصص للسجون, كأن يكون في غرفة أحدى المؤسسات الحكومية فإن ذلك يعد حبساً بغير حق, حتى ولو كفلت له جميع الضمانات,  وعلة ذلك أن إيداع المقبوض عليه في سجن رسمي يكفل معاملته وفقاً للقانون والاحتفاظ له بالحقوق التي يقررها للسجناء, ويدرأ عنه احتمال تعذيبه أو امتهان كرامته, وهو ما يغلب تحققه إذا أودع في مكان لا يخضع لإشراف السلطات المختصة.

 

الجزاء المترتب على الإخلال بضمانات المساس بالحرية:

يعتبر البطلان الذاتي هو البطلان السائد في القانون اليمني, بالإضافة إلى  أنه أخذ بنظام البطلان المنصوص عليه، أي لا بطلان بغير نص, حيث نصت المادة (396) من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:

 (يقع باطلاً كل إجراء جاء مخالفاً لأحكام هذا القانون إذا نص القانون صراحة على بطلانه, أو إذا كان الإجراء الذي خولف أو أغفل جوهرياً).

 

فمتى يكون الإجراء جوهري يترتب عليه البطلان, ومتى يكون غير جوهري لا يترتب عليه البطلان؟

من قبيل الإجراء الجوهري نصت المادة  (مادة 92) من قانون الإجراءات على:

(ضمان تحرير محضر جمع الاستدلالات والتوقيع عليه من مأمور الضبط القضائي, وبيان وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها, وتوقيع الشهود والخبراء على محضره)

ومن قبل الإجراءات الجوهرية في القانون اليمني, وجوب السماع الفوري لأقوال المتحفظ عليه, وإحالته مع المحضر الذي يحرر بذلك في مدى أربع وعشرين ساعة, وكذلك من الضمانات الجوهرية التي يترتب على مخالفتها البطلان, حق الاستعانة بمدافع في كافة مراحل القضية الجزائية.

 المادة (105، 109) إجراءات جزائية يمني.

 

ضمان الحق في الصمت:

الحق في الصمت هو عبارة عن حق قانوني للمتهم يمكنه من السكوت, أو الامتناع عن الإجابة على ما قد يوجهه من أسئلة أو استجواب من قبل جهة التحقيق في جريمة  من الجرائم, دون ان يفسر صمته على انه قرينه ضده, فالصمت حق له ولا يجوز أن يضار شخص لممارسته حق له.

وبناءً على ذلك فإن الصمت حق للمتهم في عدم الكلام أو اتخاذ موقف سلبي تجاه كل إجراء أو أكثر, يهدف إلى جمع الأدلة لاتهامه أو إثبات إدانته, وهو حق طبيعي يتلازم مع حق الإنسان في الكلام, ويترتب على ذلك التزام يقع على عاتق السلطة المعنية باحترام هذا الحق وعدم التعرض له, وإتاحة الفرصة كاملة لممارسته دون عوائق, ومن ثم فإن أي انتهاك أو اعتداء على هذا الحق هو في ذات الوقت يشكل ـ بطريقة غير مباشرة ـ اعتداءً على أصل البراءة, ويستوجب العقاب.

نص الدستور اليمني في الفقرة الأخيرة من المادة (48) على أنه:

 (... للإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأية أقوال...)

ونصت المادة (9/2) من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:

 (يجب على مأمور الضبط القضائي والنيابة العامة والمحكمة أن ينبهوا المتهم إلى ماله من حقوق تجاه التهمة الموجهة إليه وإلى وسائل الاثبات المتاحة له, وأن يعملوا على صيانة حقوقه الشخصية والمالية) ومن حقوقه الشخصية حقه في الصمت.

كما نصت المادة (178) إجراءات جزائية:

(لا يجوز تحليف المتهم اليمين الشرعية ولا اجباره على الاجابة, ولا يعتبر امتناعه عنها قرينه على ثبوت التهمة ضده .

 كما لا يجوز التحايل أو استخدام العنف أو الضغط بأي وسيلة من وسائل الاغراء والإكراه لحمله على الاعتراف)

ونصت المادة (182) على أنه :

 (عند حضور المتهم لأول مره في التحقيق يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته, ثم يحيطه علماً بحقيقة التهمة والوقائع المسندة إليه, وتعريفة بأنه حر في الادلاء بأية ايضاحات, ويثبت اقواله في المحضر)

هذه النصوص جميعها تقطع بما لا يدع مجالاً للشك على أنه من حق المتهم أن يلتزم الصمت, في كافة مراحل الإجراءات الجنائية في القانون اليمني.

 

ضوابط المحاكمة المنصفة:

أولاً: توخيها الأسس التي تقوم عليها صون كرامة الإنسان, وحماية حقوقه الأساسية :

ويقصد بالحقوق الأساسية هي تلك الحقوق المقدسة التي يتعين حمايتها لصالح الإنسان, من عدوان السلطة العامة داخل الدولة التي يخاطب هذا الإنسان بأحكامها, والتي وردت في القواعد الدولية لحقوق الإنسان, باعتبارها القاسم المشترك بين بني البشر دون تمييز بينهم لأي سبب من الأسباب, وباعتبار حمايتها الملزمة للدول كافة تمثل الحد الأدنى الذي لا يجوز النزول عنه مطلقاً, للحفاظ على إنسانية الإنسان وكرامته المتأصلة في شخصه.

ثانيا: اتصالها بالحرية الشخصية:

من خصائص المحاكمة المنصفة أنها وثيقة الصلة بالحرية الشخصية, فالقضاء باعتباره الحارس الطبيعي لحماية الحرية الشخصية وسائر الحقوق والحريات, يعمل على التوازن بين حماية الحرية الشخصية من جهة, وحماية حق المجتمع في الأمن والسكينة دون إفراط أو تفريط, فإذا كان المجتمع يهمه إدانة المجرمين ومعاقبتهم فإنه يتأذى من أن يدان بريء, وهو في هذه الأخير أشد وأظلم من إفلات مجرم من العقاب.

ومن الواضح أن حماية الحرية الشخصية خلال الخصومة الجنائية, لا ينال منها سوى الإدانة التي تصدر عن محاكمة منصفة تحترم فيها كافة الضمانات, وفي مقدمتها حقه في أصل البراءة وكفالتها حقوق الدفاع.

ثالثا: اعتمادها على قيم دستورية تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية وفي مقدمتها أصل البراءة:

لا تتحقق محاكمة منصفة ما لم يتم الاعتماد على أصل البراءة عند إدارة المحاكمة, فمعاملة المتهم بما يشير إلى أنه مذنباً, أو حرمانه من حق الدفاع, أو عدم إفساح المجال أمامه لمناقشة الشهود أو حقه في استدعاء شهود نفي, أو عدم محاكمته أمام قاضيه الطبيعي كل ذلك يخل بأصل البراءة، وبالتالي تصبح المحاكمة خالية من معايير العدل والإنصاف.

 

أصل البراءة في ضوء قواعد الخصومة الجنائية:

يهيمن أصل البراءة على كافة مراحل الدعوى المختلفة, ولا يقتصر إعماله على مرحلة دون أخرى، فهو ينطبق على المشتبه فيهم قبل اتهامهم رسمياً بارتكاب أية جريمة, تمهيداً لتقديمهم للتحقيق والمحاكمة, ويستمر هذا الحق قائماً إلى أن يتم تأييد حكم الإدانة وصيرورته باتاً.

ويهدف أصل البراءة في المقام الأول إلى حماية الحرية الشخصية للمتهم عند اتخاذ الإجراءات الجنائية في مواجهته, وذلك بالنظر إليه على أنه برئ مما نسب إليه من اتهام, ويجب على السلطة التي تمارس الإجراءات الجنائية أن تعامله على هذا الاساس, فلا يجوز لها أن تحيط المتهم بسمات تشير إلى أنه مذنب أثناء سير الإجراءات مما يؤثر على حقه في أصل البراءة, وأن لا يخضع لمعاملة مهينة أو حاطه من الكرامة أثناء التحقيق معه أو محاكمته، كما يتطلب ذلك مراعاة الضمان القضائي فيما يتخذ ضده من إجراءات وإخضاعه لمحاكمة منصفة بكافة ضماناتها.

ويفرض هذا الأصل على القاضي أن يدير المحاكمة دون أن يكون له رأي مسبق حول إدانة أو براءة المتهم الماثل أمامه, ويجب أن يضمن أن يتفق سير المحاكمة مع الالتزام بهذا المبدأ.

كما يجب الحرص على ألا يحاط المتهم بسمات تشير إلى أنه مذنب أثناء المحاكمة مما قد يؤثر على أصل البراءة, ومن ذلك وضعه في قفص بقاعة المحكمة وتكبيل يديه أو قدميه بالأصفاد أو الأغلال, أو إرغامه على ارتداء ثياب السجن في قاعة المحكمة.

ويقتضي حماية الحق في أصل البراءة أن يتحاشى القضاة أي تحيز مسبق ضد المتهم, وينطبق هذا أيضاً على جميع الموظفين العموميين الآخرين, ومعنى هذا أن على السلطات العامة خاصة النيابة العامة والشرطة, أن تمتنع عن الإدلاء بأية تصريحات عن إدانة المتهم أو براءة المتهم قبل صدور الحكم عليه، كما يعني هذا أيضاً ان على السلطات منع أجهزة الاعلام الاخبارية أو غيرها من التنظيمات الاجتماعية من التأثير على نتيجة الدعوى بمناقشة حيثياتها علانية.

 

 

حق الاستعانة بمحام:

يعد حق المتهم في الاستعانة بمدافع أحد فروع حق الدفاع, حيث يتسع هذا الأخير ليشمل الحق في الصمت وحق العدول عن الأقوال, ومن ثم فأن حق الاتصال بمدافع هو من الحقوق الممهدة والمتممة لحقوق الدفاع.

ويرتبط هذا الحق ارتباطاً وثيقاً بأصل البراءة, إذ أن كفالة الاستعانة بمدافع يعد وسيلة رئيسية لضمان حماية الحق في أصل البراءة المكفول لكل من يشتبه فيه أو يتهم بارتكاب افعال جنائية, وبالتالي فإن ضمان هذا الحق هو ضمان لأصل البراءة.

ولذلك يعد الإخلال بحق المتهم في الاستعانة بمدافع إخلالاً بأصل البراءة, مما يخل بالقواعد المبدئية التي تقوم عليها المحاكمة المنصفة, ومصادماً للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة.

نصت المادة (181) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على:

 (لا يجوز للمحقق في الجرائم الجسيمة ان يستجوب المتهم أو يوجهه بغيره من المتهمين أو الشهود, إلا بعد دعوه محامية للحضور إن وجد, وعليه أن يخطر أن من حقه إلا يجيب ألا بحضور محامية)

 

ولكي تتحقق الفائدة من الاستعانة بمحام كركيزة لحق الدفاع, فإنه لا يجوز إعاقة هذا الاتصال بأية صورة ومهما كانت الدوافع, فلا يسوغ لسلطة الاتهام أو رجال الشرطة حضور مقابلة المتهم لمحاميه, كما لا يجوز إخضاعها لأية رقابة محسوسة أو مستورة, حتى لا تنتهك سرية اتصالات الدفاع بموكله مما يفقدها قيمتها.           

ويتفرع عن ذلك  أن المشرع كفل حماية ما يصل إلى علم المحامي من أسرار تخص موكله, وكذلك حظر ضبط ما لدى المدافع أو الخبير من أوراق أو مستندات يكون سلمها المتهم لهما, لأداء المهمة المعهود إليه بها وحق الدفاع عن حقوق المتهم.

 

المصادر والمراجع:       

-قانون الإجراءات الجزائية اليمني.

-الحماية الجنائية للحق في أصل البراءة "دراسة مقارنة" د/ عبد المنعم سالم شرف الشيباني

-دور المحكمة الدستورية العليا في إقرار مبادئ العدالة الجنائية, د. حامد راشد

-الحماية الجنائية لحقوق المتهم وحرياته دراسة مقارنة ـ د/ محمد رشاد الشايب.

 

 

 

الرجوع عن الشهادة في القضايا المدنية وحجيتها, وفق القانون اليمني

 

 

 

الرجوع عن الشهادة في القضايا المدنية وحجيتها, وفق القانون اليمني

 

رجوع الشاهد عن الشهادة هو نفي ما أثبته  بشهادته, كأن يقول رجعت عما شهدت به.

ويكون الرجوع بأن يصرح به أو أن يقول شهادتي باطلة، أو لاً شهادة لي فيه.

"وسائل الإثبات- د.محمد الزحيلي - صـ778"

 

والرجوع عن الشهادة أمر مشروع ومرغوب فيه ديانة إذا كانت الشهادة غير صحيحة أو أخطأ فيها, لأنه الرجوع إلى الحق والعدل والصدق وخلاص من ارتكاب الكبائر وعقوبتها.

أما إنكار الشهادة فليس برجوع عنها، ولا يضمن الشاهد إلا في الحد, فإن أقر به ثم أنكر سقط عنه.

"وسائل الإثبات  د.محمد الزحيلي"

وهذا ما جاء به المشرع اليمني في قانون الإثبات رقم(21) لسنة 1992م في المادة(50) المعدلة بالقانون رقم(20) لسنة 1996م بقولها:

 

 يصح الرجوع عن الشهادة قبل الحكم وبعده بأن يقول الشاهد رجعت عن شهادتي أو بأن يكذب نفسه, ولابد أن يكون الرجوع أمام المحكمة التي سمعت الشهادة إذا كانت قد حكمت بشهادته لا قبل الحكم ، فيكفي لتوقفها الحكم بشهادته ثبوت رجوعه أو إكذابه نفسه ولو خارج المحكمة.

 

أما الرجوع عن الرجوع في الشهادة فقد حسمها قانون الإثبات في المادة(51) بأنه: (لا يصح الرجوع عن الرجوع في الشهادة)

 

أثر الرجوع عن الشهادة:

ينتج عن الرجوع عن الشهادة أثر في الحكم وأثر في الضمان, والرجوع عن الشهادة أما أن يكون قبل الحكم أو بعده.

 

أ)أثر الرجوع عن الشهادة قبل الحكم:

إذا كان الرجوع عن الشهادة قبل الحكم فلا يأخذ بها, وهذا عند جماهير العلماء من المذاهب الأربعة والظاهرية والأمامية والزيدية والإباضية, لأن الشهادة بطلت قبل الحكم فلا يصح القضاء بها.

ولا يضمن الشاهد في الرجوع عن شهادته قبل الحكم, لأنه لم يتلف شيئاً على المدعي أو المدعى عليه.

ويعزر إذا قال الشاهد تعمدت الزور والكذب.

وهناك رأي لأبي نور والزركشي, أنه إذا رجع الشاهد قبل الحكم يحكم بشهادته لأنها قد أوديت فلا تبطل برجوع من شهد بها, وقال محققون من الفقهاء أن هذا رأي فاسد لأن الشهادة شرط, للحكم فإذا زالت قبل الحكم لم يجز الحكم بها.

والراجح ما ذهب إليه جماهير الفقهاء لقوة دليلة وصحة تصوره.

"وسائل الإثبات –د.محمد الزحيلي"

ب)أثر الرجوع بعد الحكم:

يترتب على ذلك أثران: أثر على الحكم وأثر على الضمان:

أ- أثر الرجوع عن الشهادة في الحكم:

اختلف الفقهاء على قولين:

الأول: إذا رجع الشاهد عن شهادته بعد الحكم نقض الحكم, لأن الحكم أصبح غير معتمد على سبب لأن الشهادة سبب الحكم فإذا بطلت الشهادة بطل الحكم, وقاسوا ذلك أنه إذا تبين أن الشهود كانوا كفاراً أو عبيداً بطلت شهادتهم, وأصحاب هذا الرأي هم: الظاهرية وحماد بن سليمان، الحسن البصري، سعيد بن المسيب والاوزاعي وهو رأي لأبو حنيفة رجع عنه.

 

واعترض الجمهور على ذلك من عدة أوجه:

1)  أن قياس الرجوع عن الشهادة على ظهور الشهود كفاراً قياس مع الفارق, لأنه في حال تبين كفر الشهود فإن لا يوجد شرط الحكم وهو شهادة العدول من الأصل, أما في الرجوع فإن الشهادة كانت صحيحة مستوفية الشروط بالإضافة إلى أن الرجوع يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.

2)   أن الرجوع في الأحكام المالية وغير المالية تختلف عن الرجوع في العقوبات, لان العقوبات تدرأ بالشبهات مما يمنع تنفيذ الحكم أما بقية الأحكام فلا تدرأ بالشبهة, ولذلك تستوفي الأحكام ولو رجع الشهود بعد الحكم وقبل الاستيفاء.

3)  أن الشهادة ملزمة للجميع بعد الحكم, أما الرجوع فهو إقرار فلا يجوز أن ينقض به الحكم لئلا بصير إقراره لغيره.

والراجح ما ذهب إليه الفقهاء بعدم نقض الحكم لاكتسابه الحجية وأن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد, وإذا تغير اجتهاد الحاكم فلا ينقض حكمه السابق, ومنه قصة سيدنا عمر رضي الله عنه: (تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي)

واستدل الجمهور على عدم نقض الحكم بما يلي:

1-    أن الشهادة وإن كانت ظنية لكنها تأكدت بالقضاء.

2-  أن الحكم ثبت بقول عدول وسبب شرعي صحيح, والرجوع اعتراف منهم بأنهم فسقه.

3-  أن القضاء قد اثبت حقاً للمشهود له, فلا يسقط ورجوعهم ليس بينه.

4-  أن الرجوع عن الشهادة إقرار بالغلط والكذب, والإقرار قاصر على صاحبه.

ب_ اثر الرجوع عن الشهادة في الضمان:

اتفق الفقهاء على تضمين الشاهد إذا رجع عن شهادته بعد الحكم, واختلفوا في التفاصيل على قولين:

1_ أن الشاهد يضمن مطلقاً سواءً أكان المشهود به مالاً أو غيره, ذهب إلى ذلك جماهير الفقهاء.

2_ أن الشاهد يضمن في حالات دون أخرى, وكل مذهب فصل هذا الحالات بأسباب وظروف:

حيث ذكر بعضهم على عدم الرجوع على الشهود بالغرامة والضمان إذا رجعوا عن شهادتهم في المال فقط, ويضمن الشاهد في الرجوع عن القصاص والدية والأرش, وهذا قول الشافعي.

وقال الأمامية: أن كانت العين قائمة ارتجعت ولم يضمن الشهود, وأن كانت تالفة ضمن الشهود.

وقال الاباضية: بالضمان على الشاهد إذا رجع عن شهادته بعد الحكم, لتحقق الإتلاف وهو سبب الضمان.

أما قانون الإثبات فقد نص في المادة(52) منه في حكم الرجوع في الشهادة على ما يلي:

أ_ إذا كان الرجوع قبل الحكم فلا يحكم بالشهادة, ويكون الحكم بها بعد الرجوع باطلاً, ويحكم القاضي إذا كان الرجوع في مجلسه.

ب_ إذا كان الرجوع بعد الحكم جاز للمشهود عليه طلب إعادة النظر في الحكم, وإذا ألغى القاضي الحكم فيضمن الراجع ما نفذ وتعذر إرجاعه, ويعاقب بشهادة شاهد الزور..........الخ

وعليه فإن القانون اليمني يكون قد أخذ بما ذهب إليه جمهور الفقهاء, بجواز رجوع الشاهد عن شهادته مع ضمانة إذا كان الرجوع عن الشهادة بهد الحكم.

المحامي/أحمد عرمان

العلاقة بيت الدفاع الشرعي وحالة الضرورة, في القانون اليمني

 

العلاقة بيت الدفاع  الشرعي وحالة الضرورة, في القانون اليمني

 

تعريف الدفاع الشرعي:

 هو استعمال القوه اللازمة لصد خطر حال غير مشروع يهدد بالإيذاء حقا, تحميه الشريعة والقانون.

تعريف الاضطرار:

هو بلوغ درجة الخشية من الشر, سواء قامت تلك الخشية على علم يقيني, أو على مجرد الظن الغالب. 

نص القانون الجنائي اليمني في المادة (36) تحت عنوان الضرورة :

لا مسؤولية على من ارتكب فعلا الجأته إليه ضرورة وقاية نفسه أو غيره أو ماله أو مال غيره من خطر جسيم  محدق, لم يتسبب فيه عمدا ولم يكن في قدرته منعه بوسيلة أخرى, ويشترط أن الفعل متناسبا مع الخطر اتقاءه  ولا يعتبر في حالة ضرورة من اوجب عليه القانون مواجهة ذلك الخطر.

شروط حالة الضرورة:

 شروط تتعلق بالشخص :

1-  ألا يكون ملزما بمواجهة الخطر:

أي ألا يكون الشخص الواقع في حالة الضرورة مكلفا قانونا بمواجهة هذا الخطر, لأنه لوكان كذلك لكان في حالة اداء الواجب وليس في حالة ضرورة, حيث تعتبر حالة الضرورة من موانع المسؤولية الجنائية, بينما أداء الواجب يعتبر من اسباب الاباحة, أي الأسباب التي تجعل الفعل مباح اصلا .

2-ألا يكون قد تسبب بإرادته في حلول الخطر المنذر بالضرورة:

بمعنى أن يكون الشخص الواقع في حالة الضرورة  لا دخل له ولا يد له في الخطر الحاصل, وإذا كان مسؤولا عنه  حينها يكون مسؤولا عن فعله العمدي, وبالتالي ينال أو يستحق العقوبة المقررة لفعله قانونا.

 

الشروط المتعلقة بالخطر:

1-اشترط المشرع في الخطر المتعلق بحالة الضرورة أن يكون جسيما, ولم يشترط ذلك في حالة الدفاع الشرعي, وهذا من احد الفروق بينهما

2-ان يكون الخطر حال, وسنتكلم عن هذا الشرط عند الحديث عن الدفاع الشرعي لكون هذا الشرط مشترك بين حالة الضرورة وحالة الدفاع الشرعي.

 

شروط  متعلقة بالفعل:

1-  أن يكون الفعل لازما لاتقاء الخطر

2-  أن يكون متناسبا مع الخطر

وهاذان الشرطان مشتركان في كل من الدفاع الشرعي وحالة الضرورة, وفي هذا الجدول نبين أهم اوجه الاتفاق والخلاف بين حالة الضرورة والدفاع الشرعي.

الشروط المشتركة بين الدفاع الشرعي وحالة الضرورة

الشروط التي تنفرد بها حالة الضرورة عن الدفاع الشرعي

الشروط التي ينفرد بها الدفاع الشرعي عن حالة الضرورة

1-  حلول الخطر, أي أن يكون الخطر حالا

2-  لزوم الرد

3-  تناسب الرد مع الفعل حسب مضمون نص المادة (27) والمادة (36) من قانون العقوبات

1-  شرط جسامة الخطر

2-  ألا يكون للشخص دخل في حدوثه

3-  ألا يكون الشخص ملزما بمواجهة الخطر, علما بأن حالة الضرورة من موانع المسؤولية

1-  أن يكون الخطر غير مشروع.

ملاحظة:

الدفاع الشرعي سبب من اسباب الإباحة, كذلك يعتبر الدفاع الشرعي اعم من حالة الضرورة لأن حالة الضرورة على كل خطر يقع على النفس فقط, أما الدفاع الشرعي فإنه يكون في مواجهة كل خطر على النفس أو على المال

 

 

 

ملاحظة:

اشترط المشرع في الدفاع الشرعي أن يكون الخطر الواقع على المدافع غير مشروع, وهناك شرط يقابله في حالة الضرورة وهو ألا يكون الشخص ملزما بمواجهة الخطر, والشرطان متقاربان من ناحية المعنى إلا انهما يختلفان من ناحية المصدر, حيث يكون مصدر الخطر في الدفاع الشرعي هو الانسان, بينما مصدر الخطر في حالة الضرورة هو غير الانسان, ويكفي أن يكون الشخص غير ملوم بمواجهته هذا حسب رأي  الاستاذ الدكتور علي حسن الشرفي, في كتابة النظرية العامة للجريمة

(حالة الضرورة اضيق من الدفاع الشرعي لأن حالة الضرورة محدده بالخطر الواقع على النفس, بينما حق الدفاع الشرعي يشمل الدفاع عن النفس وعن المال وعن الدين وعن الحق العام والحق الخاص, ناهيك عن أن الدفاع الشرعي حق عام بينما حالة الضرورة فهي عام مقصور على كل اعتداء النفس)

 

شروط الدفاع الشرعي:

وقبل الخوض في شروط الدفاع الشرعي, يفترض ذكر كل النصوص القانونية التي تنظم حق الدفاع الشرعي:

نص قانون العقوبات اليمني الصادر برقم 12 لسنة 19994م الفصل الخامس تحت عنوان الاسباب التي تستدعي صفة الجريمة.

الفرع الاول اسباب الاباحة وذلك في المواد (27-30 ) المتعلقة بالدفاع الشرعي.

 نصت المادة (27):

 أنه تقوم حالة الدفاع الشرعي إذا واجه المدافع خطرا حالا من جريمة على نفسة أو عرضه أو ماله أو نفس الغير أو عرضه أو ماله

وكان من المتعذر عليه الالتجاء إلى السلطات العامة باتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب ويجوز للمدافع عندئذ أن يدع الخطر بما يلزمه لرده وبالوسيلة المناسبة.

 المادة ((28) :

 لا يبيح الدفاع الشرعي القتل العمد إلا إذا قصد به دفع فعل يتخوف منه وقوع جريمة من الجرائم الآتية إذا كان لهذا التخوف

أسباب معقولة:

1-القتل أو جراح بالغة إذا كانت الجراح على المدافع نفسه أو أحد أقاربه.

2-لشروع في الزنا أو اللواط بالقوة على المدافع أو زوجه وأي محرم له .

3-اختطاف المدافع أو زوجه أو ولده أو أحد محارمه بالقوة أو بالتهديد بالسلاح, و يؤخذ في كل صور الدفاع الشرعي بالقرائن القوية, فإذا دلت على ذلك فلا قصاص و لا دية و لا أرش .

 

مادة (29) :

 لا يجوز أن يبيح حق الدفاع الشرعي عن المال القتل العمد, إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية : 

1-جرائم الحريق العمد .

2-جرائم سرقة من السرقات الجسيمة .

3-الدخول ليلاً في منزل مسكون أو أحد ملحقاته

مادة (30) :

إذا تجاوز الشخص بإهماله حدود الإباحة أو الضرورة أو الدفاع الشرعي, يعاقب على هذا التجاوز إذا كان القانون يجرمه بوصفة جريمة غير عمدية .

 

ومن النصوص اعلاه نستخرج شروط الدفاع الشرعي على الترتيب التالي :-

 شروط الخطر المبرر للدفاع:

1-  حلول الخطر:

يشترط المشرع حلول الخطر كشرط أول ومبرر ابتدائي لحالة الدفاع الشرعي, ويلزمنا هنا أن نعرف الخطر, وهو اعتداء محتمل, أي أنه اعتداء لم يتحقق ولكن تحققه منتظر وفق السير العادي للأمور

 والحلول المقصود يعني وضع وسط بين الاستقبال والتحقق, أي بين كون الخطر سيقع في المستقبل وبين كونه قد وقع فعلا, أي أنه وضع ينذر بخطر وشيك يكاد يقع بحيث لا يكون بينه وبين الوقوع إلا وقت قصير جدا, لا يسع الشخص أن يبحث عن مخرج  منه غير الدفاع, وعليه فالخطر يكون حالا إذا تحقق شرطان فيه وهما:

أ‌-      ألا يكون قد  وقع فعلا, ويعني ذلك أن الخطر الحال هو الذي ينذر به عدوان لم يقع بعده ولكنه على وشك الوقوع, ومعرفة ذلك سهل يسير حيث ينظر إلى الفعل المادي الذي يقوم به العدوان, فإذا كان وشيك ولكن لم يحدث بعد فيكون الشرط متحقق, أما إذا كان قد حدث فعلا فإن الخطر الناجم لم يعد مهددا وإنما واقع حقيقة, وبالتالي فلا يتحقق الشرط لفوات وقت  الدفاع

ب-ألا يكون متعلقا بالمستقبل أي ان الخطر الحال هو الذي اصبح على وشك الوقوع, وهذا يحتج إلى ضبط وتحديد, أي يلزمه ضابط يضبطه وضابط هذه الحالة هو أن يكون قد صدر من المعتدي افعال تجعل من المنتظر أو المدافع وفق المعتاد, والمألوف للأمور أن يبتدئ العدوان على الفور مثال على ذلك أن يشهر أحد سلاحه ويتجه نحو آخر بكل جديه, بحيث يعرف هذا الأخير ويحس أنه في خطر وأنه لا يمكن له أن يهرب أو يستغيث, وليس أمامه سوى الدفاع عن نفسه, ففي هذه الحالة يتحقق الشرط ويصبح الدفاع مشروع لأن الخطر وشيك الوقوع بلا شك.

أما إذا تبين من ظروف الحال المعتادة أنه لا خطر فلا مجال للدفاع الشرعي لانتفاء الخطر الحال, ومثال هذه الحالة التي لم يتوفر فيها الخطر الحال, كأن يهدد شخص آخر بأنه سوف يضربه غدا, فهنا لا يتحقق مبرر الدفاع الشرعي لعدم تحقق شرط الخطر ولأن المهدد به مستقبلا, أي أن هناك فرصه لمن وقع عليه التهديد للجوء إلى السلطة العامة, لأن العله من شرط حلول الخطر هو عدم القدرة على اللجوء إلى  السلطات العامة  أو لشخص آخر.

 

 

حكم الخطر المتتابع:

أ‌-     إذا كان الخطر بشكل متتابع, كأن يكون بعده ضربات أو بعده الفاظ جارية كالسب والقذف, فهنا يجب أن تفرق بين ما حدث فيكون الدفاع بشأنه غير متحقق وبين ما هو وشيك الوقوع, فيكون شرط الدفاع متحقق, فلو ضرب الضربة الاولى وتوقف فلا مرد للدفاع الشرعي, وإن حاول فعل الضربة الثانية فعلى من يقع عليه الضرب التصدي والمدافعة, لأن شرط الدفاع في هذه الحالة متوفر ومتحقق لأن الخطر مستمر.

حكم الخطر الوهمي:

أ‌-     الخطر الوهمي هو الذي يتوهم الشخص في ذهنه أمر ما مع أنه لا يوجد خطر, وبالتالي سرعان ما يبدا في الدفاع الشرعي ضنا منه أنه إذا  لم يدافع عن نفسه أو ماله الخ فإن الخطر سيصيبه, فالخطر الوهمي لا يعد سوى صورة من صور الغلط في الاباحة لا يساوي الاباحة ذاتها ولا يأخذ احكامها, وبالتأمل في نص المادة (28) عقوبات نجد أن المشرع اكتفى بمجرد توهم الخطر حيث نصت على :

 إذا قصد به دفع فعل يتخوف منه وقوع جريمة من الجرائم الخ...

ب-الحقيقة أن المشرع لم يقصد ذلك وإنما قصد بالتخوف توهم درجة الخطر الواقع حقيقة من حيث الجسامة, أي أن الشخص يتوهم أن الخطر جسيم وهو ليس كذلك, وبعبارة أخرى يتوهم أن الخطر كاف لفعل الدفاع الشرعي ولكن الامر ليس كذلك.

ت-وبناء عليه فان الخطر الوهمي لا يبيح افعال الدفاع, ولكن حالة الاعتقاد بوجود الخطر تؤثر على القصد الجنائي, أي قد تنفي القصد الجنائي لدى المدافع, وقد تنفي الخطأ العمدي إذا بني الاعتقاد على اسباب جديه ومعقولة, ولكن بعد التثبت والتحري, ويخضع  للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع

 

شرط عدم مشروعية الخطر:

يشترط في الخطر أن يكون غير مشروع بعد كونه حال, أي خطر تقوم به جريمة توصف بالعدوان, وتستند صفة العدوان إلى مبدا المشروعية (الركن الاول من اركان الجريمة ) والمقصود به النص القانوني المجرم للفعل, أي لابد أن يكون الفعل المنذر بالخطر فعلا يجرمه القانون, وعليه فهذا الشرط لابد من أن يتوافر فيه  خضوع الفعل لنص تجريم, بحيث لو وقع لكيف جريمة وفاعله مجرم.

 ويجدر بنا أن نتكلم تحت هذا الشرط عن حكم الخطر الواقع من المجنون والصغير, فاذا حصل الفعل المحظور قانونا من المجنون والصغير ومن في حكمهما فهذا لا يعني أن الفعل مباح, وإنما يكون الفعل جريمة لأنه مخالف لنصوص القانون أو ما يسمى بمبدأ المشروعية,  ولكن الفعل يبقى جريمة وتنتفي المسؤولية الجنائية لوجود خلل في قواه العقلية أو الذهنية, وهذه من موانع المسؤولية الجنائية.

 والسؤال هنا هل يتوفر الدفاع الشرعي بحق من يقع عليه عدوان من مجنون أو صغير؟

الجواب هو نعم لأن افعال هؤلاء تعتبر افعال غير مباحه, أي افعال محضورة قانونا, وبالتالي تتوفر حالة الدفاع الشرعي بحق من وقع عليه عدوان من المذكورين.

انواع الجرائم التي يصح الدفاع الشرعي ضدها :

الحقيقة أن الدفاع الشرعي يصح في مواجهة أي خطر يهدد النفس أو الجسم أو الدين أو المال  أو العرض, مهما كانت درجة الخطر بشرط توافر شروط الدفاع الشرعي, وهذا ما نصت عليه المادة (27) المذكورة سابقا.

 الدفاع ضد خطر الحيوان:

لا يوصف فعل الحيوان  بأنه جريمة, لأن الشرع يخاطب الناس ولا يخاطب الحيوانات, وبالتالي فصفة عدم المشروعية لا تلحق افعالها, ولكن لا يعني هذا أنه لا يصح الدفاع الشرعي ضد الخطر القادم من الحيوان لانتفاء شرط عدم المشروعية, بل يصح دفع الخطر بموجب أحكام الضرورة (حالة الضرورة ) والمعلوم أن حالة الضرورة لا تساوي الإباحة, وعلية لا يكون فعل المدافع مباحا إذا اضر الحيوان, بل يجب علية التعويض عن الضرر وفقا للقاعدة الفقهية (الضرورة تقدر بقدرها )

شرط عدم خضوع الفعل لسبب إباحة:

والفعل المقصود هنا هو فعل المبتدأ وليس فعل المدافع أو المقاوم, فإذا كان الفعل يخضع لسبب إباحة فلا يجوز الدفاع اطلاقا لأن الفعل هنا يكون مشروع , مثل أن يكون الفاعل منفذا لحكم الاعدام قصاصا بموجب أمر من يحق له اصدار الأمر, فهنا يكون الجندي المنفذ لحكم الإعدام منفذ لفعل مشروع فلا يحق للمحكوم عليه المقاومة والدفاع, وقس على ذلك بقية أسباب الإباحة.

شروط فعل الدفاع:

أولا: شرط اللزوم:

وهذا الشرط مقتضاه أن الشارع حسم الدفاع بأن يكون هو الوسيلة الوحيدة أمام المدافع, وليس لديه وسيله أخرى كاللجوء إلى السلطات العامة أو الاستعانة بأحد وكان الخطر على وشك الوقوع.

وقد نص القانون ماده (27)

(وكان من المتعذر علية الالتجاء إلى السلطات العامة لاتقاء الخطر )

وشرط اللزوم نتيجة منطقية لشرط حلول الخطر, فمتى كان الخطر حالا كان الدفاع لازما, وعلية إذا لم تتوافر حالة اللزوم كان وصف الخطر بالحال محل شك.

وهذا يبرهن أن الاصل في الدفاع عن الناس هو واجب على الدولة ممثلة بسلطاتها العامة فهي المعنية بذلك, ولا ينتقل إلى الاشخاص الطبيعيين إلا إذا لم يكن لديهم الفرصة للالتجاء إلى السلطات العامة.

ثانيا: شرط التناسب:

يعتبر من شروط الدفاع الذي يقتضي أن يكون الفعل متناسبا مع الخطر الحال المحدق, أي يكون بالقدر اللازم والمناسب لدفع الخطر دون تجاوز, وهذا ما اوضحته المادة (27) عقوبات

(..ويجوز للمدافع عندئذ ان يرفع الخطر بما يلزم لرده وبالوسيلة المناسبة)

وهذا الشرط يشير إلى عنصرين هما مقدار فعل الدفاع والوسيلة المناسبة لدفع الخطر.

فيما يتعلق بالمقدار يجب أن يكون بما يكفي لدرء الخطر فقط, فإذا كان اكثر من فعل الخطر عد المدافع متجاوزا حدود الدفاع الشرعي .

اما فيما يتعلق بالوسيلة فيجب أن تكون مناسبة لدرء الخطر, فلو فرضنا أن بيد الشخص اكثر من وسيلة فعلية أن يستخدم المناسبة منها لدفع الخطر, فلا يستخدم السلاح الناري في مواجهة المعتدي بالعصا الخشبي.

ولا يقصد بالتناسب المماثلة بين الوسيلة المستخدمة من جانب المعتدي والوسيلة المستخدمة من جانب المدافع, وإنما المقصود استخدام الوسيلة الكافية لدرء الخطر الحال دون تجاوز ويراعي  ظروف الحال وملابساته,
فقد يكفي الاستعانة بصراخ أو استخدام الايدي والعصي وهكذا.

 

الحالات اللاتي يجوز فيها القتل العمد دفاعا شرعيا:

مادة (28) عقوبات:

  لا يبيح الدفاع الشرعي القتل العمد إلا إذا قصد به دفع فعل يتخوف منه وقوع جريمة من الجرائم الآتية, إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة :

-القتل أو جراح بالغة, إذا كانت الجراح على المدافع نفسه أو أحد أقاربه.

-الشروع في الزنا أو اللواط بالقوة على المدافع أو زوجه وأي محرم له, فإذا كان على غير من ذكر فيخضع للقاعدة العامة القاضية بجواز الدفاع بالوسيلة المناسبة, دون الوصول إلى حد القتل.

 -الشروع في اختطاف المدافع أو زوجه أو ولده أو أحد محارمه بالقوة أو بالتهديد بالسلاح, و يؤخذ في كل صور الدفاع الشرعي بالقرائن القوية فإذا دلت على ذلك فلا قصاص و لا دية و لا أرش.

مادة (29) عقوبات:

 لا يجوز أن يبيح حق الدفاع الشرعي عن المال القتل العمد, إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية : 

1-جرائم الحريق العمد.

2- جرائم سرقة من السرقات الجسيمة .

3-الدخول ليلاً في منزل مسكون أو أحد ملحقاته .

 

تجاوز الدفاع الشرعي:

التجاوز هو عبارة عن انتفاء التناسب بين جسامة الخطر الذي يهدد المعتدى عليه, وبين فعل الرد الصادر من قبله.

  كما يعرفه البعض بأنه استعمال قدر من القوة, يزيد على ما كان كافيا لدفع الخطر.

إذا قام الدفاع الشرعي على شروطه الشرعية والقانونية فلا تجاوز, أما إذا اختل شرط من شروط الدفاع الشرعي وبالأخص شرط التناسب, فيكون المدافع متجاوزا حدود الدفاع الشرعي.

 نص قانون الجرائم والعقوبات اليمني في المادة (30) على حكم التجاوز في الدفاع الشرعي بقوله:

(إذا تجاوز الشخص بإهمال حدود الاباحة أو الضرورة أو الدفاع الشرعي, يعاقب على هذا التجاوز إذا كان القانون يجرمه بوصفه جريمة غير عمدية)

اثبات حاله الدفاع الشرعي:

-يثبت المدافع أنه تعرض لخطر حقيقي, وأن الخطر كان حالا ومحدقا ووشيكا يكاد أن يقع عليه أو على من يقربه, ممن نص عليهم القانون.

-يثبت أن الخطر قد حصل بفعل غير مشروع, بحيث لو وقع لشكل جريمة يعاقب عليها القانون.

-يثبت أن فعل الدفاع كان لازما لرد الخطر, وأنه ما كان باستطاعته دفع الخطر بغير الفعل الذي واجه به الخطر.

-يثبت حالة التناسب بين فعله والخطر الذي وقع عليه بما يؤكد أن الخطر ما كان ليندفع باستعمال قوة أقل من الوسيلة المستخدمة أو القوة المستخدمة, فإذا اثبت ذلك أمام القاضي يكون في حالة دفاع شرعي صحيح وتترتب عليه احكامه, وبالتالي يكون فعله مباح ولا مسؤولية عليه.

 

المصادر والمراجع:

1-  القرءان الكريم

2-  سنن النسائي ج7 ص116

3-  سبل السلام للأمير الصنعاني ج4 ص40

4-  الجريدة الرسمية رقم 14لقانون لجرائم والعقوبات 94 م

5-  النظرية العامة للجريمة القسم العام  أد /علي حسن الشرفي

6-  النظرية العامة للجريمة القسم العام  للدكتور حسن علي مجلي

7-  الاحكام السلطانية علي محمد الماوردي

8-  محاضرة الدفاع الشرعي موقع التواصل  الاجتماعي د غير معروف

9-  ضوابط الدفاع الشرعي على مواقع التواصل قوقل للباحث بن عومر الوالي

 

إعداد الباحث أ/احمد محمد محمد المطرقي