رد الاعتبار, في القانون اليمني

 

 

 

رد الاعتبار, في القانون اليمني

 

 

 مفهوم رد الاعتبار:

 هو إعادة الحق للمحكوم عليه, من خلال المحو في المستقبل لأثار العقوبة الصادرة في حقه, من إحدى المحاكم .

 

رد الاعتبار بحكم القانون:

رد الاعتبار القانوني يكتسب بقوة القانون دون حاجة إلى تقديم طلب من المحكوم عليه أو صدور حكم برد الاعتبار محو حكم بالنسبة للمستقبل وتخليص المحكوم عليه من أثاره القانونية والأدبية.

 نصت المادة (540) إجراءات:

 كل حكم بعقوبة تظل أثاره الجزائية قائمة إلى أن يسترد المحكوم عليه اعتباره بحكم القانون أو بحكم قضائي.

 

من خلال هذا النص نجد المشرع اليمني فرق بين نوعين من رد الاعتبار:

 

الاول: رد الاعتبار القانوني :

 نضم القانون اليمني في المادة :541) إجراءات جزائية رد الاعتبار القانوني بقوله:

يرد الاعتبار بحكم القانون إذا كانت العقوبة المحكوم بها هي الغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة، وذلك بعد مضى سنتين على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوط الحق في تنفيذها بمضي المدة، ما لم يرتكب المحكوم عليه جريمة خلال هذه المدة.

 

شروط رد الاعتبار القانوني:

1- انقضاء العقوبة المحكوم بها بتنفيذها, أو العفو عنها أو سقوطها بالتقادم.

2- مرور فترة معينة من تاريخ انقضاء العقوبة, وهي فترة سنتين وفقا لنص المادة.

 3-كما أنه يجوز رد الاعتبار بحكم القانون أكثر من مرة وذلك على خلاف رد الاعتبار القضائي, الذي لا يجوز أن يرد اكثر من مرة وفقاً لنص المادة (551) إجراءات جزائية

 

ثانياً: رد الاعتبار القضائي:

نصت المادة (541) إجراءات الجزائية من القانون اليمني على:

يرد الاعتبار بحكم القانون إذا كانت العقوبة المحكوم بها هي الغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة، وذلك بعد مضى سنتين على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوط الحق في تنفيذها بمضي المدة، ما لم يرتكب المحكوم عليه جريمة خلال هذه المدة).

يفهم من نص المادة إن الجرائم التي تكون عقوبة الحبس فيها تزيد عن سنة يكون رد الاعتبار فيها بحكم قضائي, وهذا ما نصت عليه المادة (765) من قرار النائب العام رقم (30) لسنة 1998م حيث جاء فيها:

إذا كانت العقوبة المحكوم بها الحبس الذي يجاوز سنة فلا يجوز رد الاعتبار بحكم القانون, وإنما يجري رد الاعتبار بحكم من المحكمة فقط عند توافر الشروط المبينة في المادة (542) إجراءات, الآتـي الحديث عنها في الفقرات التالية.

 

شروط رد الاعتبار بصفه عامة:

نصت المادة (542) إجراءات جزائية على:

 لا يرد الاعتبار إلا بمقتضى حكم يصدر من محكمة استئناف المحافظة, التابع لها محل إقامة المحكوم عليه وبناءً على طلبه, وذلك إذا توفرت الشروط الآتية:

1- أن تكون العقوبة قد نفذت أو عفي عنها أو سقط الحق في تنفيذها بمضي المدة:

2- أن يكون قد مضى على ذلك ثلاث سنوات إذا كانت مدة الحبس المحكوم بها لا تجاوز ثلاث سنوات، وست سنوات في الحالات الأخرى.

3- أن يثبت للمحكمة أن سلوك الطالب منذ صدور الحكم عليه يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه.

4- أن يكون ما اشتمل عليه الحكم من التزامات مالية للدولة أو للأفراد قد انقضى, أو اثبت المحكوم عليه أنه ليس بحالة يستطيع معها الوفاء.

 

 تقديم رد الاعتبار:

نصت المادة مادة (545) من قانون الإجراءات على:

1-يقدم طلب رد الاعتبار القضائي بعريضة إلى النيابة العامة, تشتمل على البيانات اللازمة لتعيين شخصية الطالب وتاريخ الحكم الصادر ضده, والأماكن التي أقام فيها من ذلك الحين.

2-تقدم طلبات رد الاعتبار بعريضة إلى نيابة استئناف المحافظة التي يتبعها محل إقامة المطالب مباشرة, أو لإحدى النيابات الأخرى لرفعها إلى تلك النيابة ، ويوضح على الطلب تاريخ تقديمة

3- يجب أن يشتمل الطلب على البيانات اللازمة لتعيين شخصية الطالب وتاريخ الحكم أو الأحكام الصادرة عليه, والأماكن التي أقام فيها منذ ذلك الحين وحتى تقديم الطلب.

 

المحكمة المختصة برد الاعتبار:

ينعقد الاختصاص في رد الاعتبار لمحكمة استئناف المحافظة التابع لها محل إقامة المحكوم عليه وبناء على طلبه, وهو ما نصت عليه المادة (542) من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت على:

فيما ورد في المادة السابقة، لا يرد الاعتبار إلا بمقتضى حكم يصدر من محكمة استئناف المحافظة التابع لها محل إقامة المحكوم عليه وبناءً على طلبه...

نصت المادة (774) من قرار النائب العام رقم (30) لسنة 1998م بإصدار التعليمات العامة على:

يجوز رد الاعتبار إلى كل محكوم عليه في جريمة ويصدر الحكم بذلك من محكمة استئناف المحافظة التابع لها محل إقامة المحكوم عليه وذلك بناء على طلبه.

 

آثار رد الاعتبار:

رد الاعتبار هو محو نهائي لحكم الإدانة من آثاره القانونية في المستقبل, بحيث يصبح المحكوم عليه من لحظة رد اعتباره كما لو لم يكن قد سبق إدانته, ومن ثم زوال كل آثاره المتعلقة بانعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية الأخرى ،وهذا ما نصت عليه المادة (552) إجراءات جزائية حيث جاء فيها :

 يترتب على رد الاعتبار القانوني أو القضائي محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل, وزوال كل ما ترتب عليه من آثار جزائية, دون مساس بحقوق الغير.

 

المراجع:

1- منتديات استار

2- مدونة انيس جمعان

3-قانون الاجراءات الجزائية اليمني

4- قرار النائب العام

 

إعداد: سليمان أحمد محسن العماد

تملك المراهق العامة بالأحياء, في القانون اليمني

 

 

 

تملك المراهق العامة بالأحياء, في القانون اليمني

 

 

معنى الرهق:

الرهق, ويجمع على مراهق, هو بشكل عام  الأرض  التي لا تزرع, ولا يمكن زراعتها إلا باستصلاحها, وليس عليها إي ملكية خاصة, لكنها تتصل بأرض زراعية ملاصقة لها مملوكة لشخص, أو لمجموعة اشخاص.

 

تعريف الرهق العام في لقانون:

عرف المشرع  اليمني الرهق العام, كما نصت عليه المادة الثانية من قانون أراضي وعقارات الدولة بقولها:

 (المراهـق العامــة : الجبال والآكام والمنحدرات التي تتلقى مياه الأمطار وتصريفها ويعتبر في حكم المراهق العامة السوائل العظمى التي تمر عبرها مياه السيول المتجمعة من سوائل فرعية)

 

وأعتبر المشرع المرهق ملك من املاك الدولة, وفقاً لنص المادة (6) من قانون أراضي وعقارات الدولة.

كما حدد المشرع ملكية المراهق العامة للدولة, في المادة (41) من قانون اراضي وعقارات.

 

 من نص هذه المادة أستثنى المشرع الرهق الذي يعتبر من ملحقات الاراضي الزراعية وعدم تملكه من قبل الدولة, واشترط لذلك أنه يكون الرهق ارتفاعه بزاوية عشرين درجة وفي حدودها, أما إذا ارتفعت اراضي الرهق على زاوية عشرون درجة, فيصير ما زاد ملكا للدولة, بنص المادة (42) من نفس القانون

 

شروط الرهق:

- أن يتصل بأرض زراعية.

- أن يكون غير صالح للزراعة, إلا اذا تم استصلاحه بالمعدات وتسويته.

- ألا توجد عليه ملكية خاصة مستقلة به, تخص شخصا أو جهة.

 

فإذا تحققت هذه الشروط الثلاثة, اطلق على هذه الأرض بأنها رهق للأراضي الزراعية الملاصقة لها.

بعد هذا لا يشترط في الرهق أن يكون مستويا أو منحدرا باتجاه الأرض الزراعية الملاصقة, طالما أنها كانت هي الأرض الزراعية الوحيدة المتصلة به.(احكام المراهق في القانون اليمني)

 

إحياء المراهق العامة:

إحياء المراهق العامة يكون بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة (1247)امن القانون المدني:

مادة (1247):

(يكون الإحياء للأرض بإعدادها للانتفاع بها بأحد أمور هي الحرث والبذر أو امتداد الكرم، أو إزالة الشجر النابت خلفه وتنقيتها من الحشائش, أو اتخاذ حائط أو خندق عميق للغدير من ثلاث ,جهات أو بناء أياً كان أو بحفر في معدن ونحو ذلك.)

 

مادة (1248):

(كل من أحيا أرضاً يجوز إحياؤها كما هو منصوص عليه في المادتين (1242، 1243) بأحد الأمور المتقدمة المنصوص عليها في المادة السابقة يتملكها سواءً في ذلك الدولة أو غيرها من الأشخاص، ويشترط بالنسبة للأشخاص الطبيعيين إلا يزيد ما يتملكه الفرد بطريق الإحياء على ما يلزم له ولأفراد أسرته, ممن تلزمه نفقتهم وللدولة بقدر ما تحتاجه)

 

 

الفرق بين المراهق الخاصة للدولة, والمراهق العامة:

الرهق نوعان, رهق عام, ورهق خاص.

 

اولا: الملكية العامة:

 هي ما تملكته الدولة بموجب احكام القانون, وقد حددت المادة (٦) من قانون اراضي وعقارات الدولة, الاراضي التي تعتبر مملوكة للدولة وهي:

-       الأراضي والعقارات التي تكون رقبة الملك فيها عائدة للدولة.

-        الأراضي والعقارات التي يثبت أنها مملوكة للدولة بأي سبب من أسباب التملك, بموجب وثائق ومستندات وأدلة شرعية.

-        الأراضي والعقارات والتي تشتريها الدولة أو تستملكها للمنفعة العامة, أو تؤول إلى الخزينة العامة استيفاء لديون مستحقة لها بموجب أحكام شرعية نهائية.

-        الأراضي البور والأحرض والغابات, ما لم يتعلق بها ملك ثابت لأحد.

-        الأراضي الصحراوية, ما لم يتعلق بها ملك ثابت لأحد.

 

ثانيا: المراهق العامة:

-       الشواطئ ومحارمها والجزر وأشباه الجزر البحرية غير الآهلة بالسكان, وسائر المناطق البحرية التي يجف ماؤها وتصبح يابسة وذلك وفقا لأحكام هذا القانون .

-        الأراضي والعقارات التي لا يعرف ما لكها أو لا وارث, لها طبقا لقواعد وأحكام الشريعة.

-       أية أراضي وعقارات أخرى تعد وفقا لأحكام القوانين النافذة أنها ملك للدولة.

لذلك تعتبر المراهق العامة سواء جبال أو اكام أو منحدرات تتلقى مياه الأمطار وتصريفها ((مجاري السيول)) التي لا تتصل بأراض زراعية مملوكة ملكية خاصة والسوائل العظمى, تعتبر جميعها مملوكة للدولة.

وحكمها أنه لا يجوز التصرف بها ولا بيعها إلا عبر الجهات الرسمية, وبالإجراءات التي حددها قانون اراضي وعقارات الدولة, ولائحته التنفيذية

 

الملكية الخاصة للدولة:

هي ما تملكته الدولة, بموجب شراء أو هبات من المواطنين.

 

المراهق الخاصة:

 وهي المنحدرات والأراضي الغير زراعية, المتصلة بأموال زراعية مملوكة ملكية خاصة للمواطنين, وحكم هذا الرهق نص عليه قانون اراضي وعقارات الدولة في المادة 42 بقوله:

 

( استثناء من أحكام المادة السابقة تعد من ملحقات الأراضي الزراعية المراهق الملاصقة لها إذا كان معدل ارتفاع الرهق لا تزيد نسبه انحداره على 20 درجة أو في حدود هذه النسبة إذا زاد معدل ارتفاع الرهق عن ذلك ، ويبدأ احتساب نسبة الانحدار من الحد الفاصل بين الرهق والأرض الزراعية الملاصقة له)

 

وكانت المادة 41 قد نصت بقولها:

(تعتبر كافة المراهق العامة مملوكة بالكامل ملكية عامة للدولة)

وطالما ان المادة 42 استثنت من المادة 41 المراهق الملاصقة للأراضي الزراعية المملوكة لمواطنين, فقد اعتبر قانون اراضي وعقارات الدولة هذه المراهق الملاصقة لأراضي زراعية, تابعة للأراضي الزراعية الملاصقة لها بقوله:

(من ملحقات الاراضي الزراعية الملاصقة لها)

إلا ان النص وضع حدا تنتهي عنده هذه التبعية للأرض الزراعية بقوله:

 

(إذا كان معدل ارتفاع الرهق لا تزيد نسبه انحداره على 20 درجة أو في حدود هذه النسبة إذا زاد معدل ارتفاع الرهق عن ذلك)

لذلك تعتبر المراهق الملاصقة للأراضي الزراعية تابعة للأرض الزراعية التي يلتصق بها, إذا كان معدل ارتفاع الرهق لا تزيد نسبة انحداره عن عشرين درجة,  فإذا زادت نسبة انحداره عن عشرين درجة.

 

 تملك المراهق العامة بالأحياء:

 لثابت أن المشرع أجاز للمسلم إحياء وتحجر الأرض الموات التي لم يملكها أحد, ولا تحجرها كما نصت على ذلك أحكام المادة(1242) من القانون المدني بقولها:

(يجوز للمسلم إحياء أو تحجر الأرض الموات المباحة للكافة, وهي التي لم يملكها أحد ولا تحجرها أحد ولا تعلق بها حق عام أو خاص, طبقاً لما هو منصوص عليه في هذا القانون، وقانون المراهق والمرافق العامة والخاصة) (م/ القانون المدني )

 

كذلك أحكام المادة(12) من قانون الإثبات بقولها:

(لا يثبت حق بيد في ملك الغير ولا في حقه ولا في حق عام إلا ببينه قانونية, وتكون البينة على إقرار الخصم بالحق أو على النذر أو الوصية أو استثناء الحق المدعي به أو تقدم الإحياء في المباح أو وجود الآثار القديمة في السواقي)

 

 

المراجع:

 

- موقع محاماه نت عنوان الرهق واحكامه الشرعية والقانونية في القانون اليمني

- القاضي مازن امين الشيباني, صفحة((ميدان المعرفة))

 

 

إعداد / هشام عزيز احمد الجمرة

السببية في جناية القتل, وفقا للقانون اليمني

 

 

السببية في جناية القتل, وفقا للقانون اليمني

 

 

ماهية علاقة السببية في جرائم القتل:

 يُقصد بعلاقة السببية أن النشاط هو الذي تسبب في حدوث النتيجة, وعلاقة السببية عنصر في الركن المادي للجريمة.

 من الواضح أن المقصود بالنتيجة هنا التي ترتبط بالنشاط هي النتيجة المادية, فإذا زهقت روح المجني عليه, فإن الفاعل لا يُسأل عنها إلاّ إذا كان هو الذي تسبب في حدوثها.

 

نظريات علاقة السببية في جناية القتل:

 

 أولا: نظرية تعادل الأسباب:

ومنطقها أنه متي ساهم فعل الجاني ولو مع عوامل أخرى في احداث النتيجة توافرت رابطة السببية, سواء كانت العوامل الأخرى طبيعية أو إنسانية, وتحمل الجاني تبعة النتيجة.

 

ثانيا: نظرية السبب المباشر:

مقتضاها أنه عند تعدد العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة، يتعين إقصاء الأسباب البعيدة في علاقتها بالنتيجة، بحيث تتوقف المسئولية الجنائية على السبب الذي لعب دوراً مباشراً فعالاً وفوريا في إحداث النتيجة , أما الأسباب الأخرى فهي مجرد ظروف ساعدت السبب الأساسي في إحداث النتيجة, ولا يبوء بها.

 

 ثالثا: نظرية السبب الملائم, أو الكافي:

 هي التي تقوم على التفرقة بين العوامل التي أدت إلى النتيجة الإجرامية. فالعامل الذي يعتد به هو الذي ينطوي في ذاته على صلاحية إحداث النتيجة وفق السير العادي للأمور.

فيعد سلوك الجاني سبباً للنتيجة الإجرامية, ولو ساهمت معه في إحداثها عوامـل أخـرى سابقة, أو معاصرة أو لاحقـه عليـه، مادامت هذه العوامل متوقعة ومألوفة.

 أما إذا تدخل في التسلسل السببي عامل شاذ غير متوقع ولا مألوف، فإنه يقطع علاقة السببية بين سلوك المتهم ووفاة المجني عليه، وتقف مسئولية الجاني عند حد الشروع في القتل, إذا توافر لديه القصد الجنائي، بينما يتحمل العامل الشاذ تبعة النتيجة الإجرامية.

وتأخذ محكمة النقض في جريمة القتل العمد والضرب المفضي الي موت بهذه النظرية الاخيرة.

 ومن أمثلة العوامل المتوقعة المألوفة التي لا تقطع علاقة السببية, بين فعل الجاني والوفاة في أحكام النقض, ضعف المجني عليه أو مرضه، وتسمم الجروح، وإهمال المجني عليه في علاج نفسه, إهمالاً يتوقع أن يصدر ممن يوجد في مثل ظروفه، وخطأ الطبيب البسيط في العلاج.

 وفي مقابل ذلك يعد من قبيل العوامل الشاذة غير المألوفة التي تقطع علاقة السببية، تعمد المجني عليه عدم علاج نفسه لتسويء مركز المتهم، والخطأ الجسيم للطبيب في العلاج، واحتراق المستشفى الذي نقل إليه المجني عليه. اذ يجري قضاء النقض علي أن المتهم مسئول في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة, ولو كانت عن طريق غير مباشر، كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه، مالم يكن متعمداً لتجسيم مسئولية الجاني .

وتقول النقض في حكم حديث لها:

من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية, تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني, وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها, ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه, ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اثبت في حق الطاعنين أنهما تعديا على المجني عليه بالضرب بالأيدي وبالسب وإنه قد توفى أثر ذلك ، ودلل على توافر رابطة السبية بين الفعل المسند للطاعنين ووفاة المجني عليه, بما أثبته تقرير الصفة التشريحية وما قرره الطبيب الشرعي بالتحقيقات, من أن ما صاحب واقعة الاعتداء على المجني عليه من انفعال شديد, أدى إلى توقف عضلة القلب ووفاة المجني عليه ورد الحكم على دفع الطاعنين بانتفاء رابطة السببية فاطرحه في منطق مقبول وتدليل سائغ ، فإن في ذلك جميعه ما يحقق مسئوليتهما في صحيح القانون عن هذه النتيجة التي كان من واجبهما أن يتوقعا حصولها, لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي, ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ، ومن أن مرض المجني عليه إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم .

 

رابعا: نضريه السبب الأقوى أو المباشر:

تقيم تلك النظرية علاقة السببية بين النتيجة وبين السبب الأقوى عند تعدد هذه الأسباب,  فإذا وجد أكثر من سبب وكان أحداها أقوى من الآخر بحيث كان كافيا لإحداث النتيجة بذاته، فإن علاقة السببية تقوم بينه وبين النتيجة. فإذا أطلق شخص الرصاص على المجني عليه في صدره, وأطلق عليه شخص آخر الرصاص نحو كتفه، فإن الفعل الأول أقوى في إحداث النتيجة عن الفعل الثاني، وبالتالي يُعتبر الأول مسئولا عن الوفاة دون الثاني، مادام لم يثبت توافر المساهمة الإجرامية بينهما.

 

أهمية علاقة السببية في جناية القتل:

جريمة القتل من جرائم النتيجة، وتتمثل وفق النموذج القانوني لها في إزهاق روح إنسان حي.

ويتطلب الركن المادي لهذا النوع من الجرائم ليس فقط وقوع فعل القتل من الجاني، وإزهاق روح إنسان حي، بل أيضاً توافر علاقة سببية بين فعل الاعتداء على الحياة ووفاة المجني عليه، أي أن تقوم بينهما رابطة السبب بالمسبب.

ولا تثير علاقة السببية صعوبة في مدى توافرها بين فعل الجاني ووفاة المجني عليه, إذا كان هذا الفعل قد أدى بمفرده وفور ارتكابه إلى تحقق الوفاة، كمن يطعن آخر طعنات متتالية حتى يلفظ أنفاسه، أو يسدد إليه عياراً في القلب فيموت في الحال, فيكون واضحاً وملموساً أن سلوك الجاني هو سبب الوفاة .

إلا أن إسناد الوفاة إلى سلوك الجاني وحده لا يعرض بهذه البساطة في واقع الحياة، ففي الغالب تتعدد العوامل التي تساهم في إحداث الوفاة، ويكون سلوك الجاني أحد هذه العوامل ، فيصعب تحديد العامل الذي كان سبباً في حدوثها.

هذه العوامل قد تكون سابقة على وقوع فعل الاعتداء كاعتلال صحة المجني عليه، وقد تكون معاصرة للفعل كما لو أطلق شخص عياراً نارياً على غريمه فأصابه، وفي ذات اللحظة أصيب المجني عليه بسكته قلبية. وقد تكون تلك العوامل لاحقة على فعل الاعتداء، كإهمال المجني عليه في علاج نفسه، أو خطأ الطبيب المعالج في استخراج العيار الناري، وقد يشب حريق في المستشفى يودي بحياة المجني عليه.

 لاشك في أن إطلاق الرصاص يعد أحد العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة، ولكن هل يسوغ المنطق القانوني مساءلة من اطلق الرصاص, عن النتيجة التي تضافرت عوامل أخرى مع سلوك الجاني في إحداثها .

وتكتسي علاقة السببية أهمية بالغة في تحديد المسئولية الجنائية للفاعل في جرائم القتل خاصة، ففي القتل العمدي لا يكفي إسناد فعل الاعتداء على الحياة إلى الجاني، بل يلزم ربط وفاة المجني عليه سبباً بهذا الفعل، فإذا انتفت علاقة السببية بينهما, كانت الواقعة شروعاً في قتل.

وفي القتل الغير عمدي يلزم أيضاً توافر علاقة سببية بين الإصابة والوفاة, وإلا كنا بصدد جنحة اعتداء غير عمدي على سلامة الجسم, لا قتل غير عمدي.

 

إثبات علاقة السببية في جناية القتل:

علاقة السببية عنصر في الركن المادي لجريمة القتل، وشرط لتحقق مسئولية الجاني عن الوفاة، لذلك يجب على محكمة الموضوع عند إدانة المتهم بجريمة القتل، أن تثبت في حكمها توافر علاقة السببية بين سلوكه ووفاة المجني عليه، وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه. وعلاقة السببية مسألة موضوعية، يقدر توافرها أو عدم توافرها قاضي الموضوع من وقائع الدعوى دون معقب، مادام حكمه مؤسساً على أسانيد معقولة مستمدة من وقائع الدعوى.

 وهذا يعني أن محكمة النقض لا تراقب قاضي الموضوع في استخلاص علاقة السببية، إلا إذا كان ما خلص إليه مشوباً بسوء الاستدلال، كأن يكون العامل الذي ربط النتيجة به لا يصلح لأن يكون سبباً لها .

وفي أغلب جرائم القتل يلجأ القاضي في إثبات علاقة السببية, إلى الخبرة الفنية التي تتمثل في التقرير الطبي ، فتستند المحكمة في استخلاص توافر علاقة السببية إلى ما ورد في التقرير الطبي.

 

وبالرجوع الى قانون الجرائم والعقوبات اليمني المادة (7) والتي نصت على:

لا يسأل شخص عن جريمة يتطلب القانون لتمامها حدوث نتيجة معينة, إلا إذا كان سلوكه فعلا أو امتناعا هو السبب في وقوع هذه النتيجة، وتقوم رابطة السببية متى كان من المحتمل طبقا لما تجري علية الامور في الحياة عادة أن يكون سلوك الجاني سببا في وقوع النتيجة, وما كان سببه منه فهدر.

ومن خلال النص القانوني يتبن أن المشرع اليمني قد أخذ بنظرية السبب الملائم أو الكافي, والتي بطبيعتها تتطلب تحقق أمرين لتوافر علاقة السببية:

-       مساهمه فعل الجاني بإحداث النتيجة, التي لولاه ما وقعت.

-       أن تكون العوامل التي ساهمت مع الفعل, عوامل مألوفة وفقا لما تسير عليه الأمور عادة, بحيث كان يجب على الفاعل توقعها إذا أتاه عمدا، وكان في استطاعته توقعها إذا ارتكبه خطأ.

والواجب على المحكمة في حكمها الصادر بالإدانة, أن تثبت توافر علاقة السببية بين الفعل وبين الوفاة، وإذا لم تفعل ذلك كان حكمها قاصرا, أو معيبا مما يستوجب نقضه.

 

 

المراجع:

 

1-     د. رؤوف عبيد/ العلاقة السببية في جريمة القتل

2-     المدونة الخاصة بالطب الشرعي, للدكتور جامع كمال على الانترنت.

3-     الدكتور خالد الخطيب.

 

 

 

إعداد: أ. حمدان الذيباني

 

 

 

 

 

 

 

 

الحماية القانونية للمسافر عن طريق البحر, في القانون اليمني

 

 

 

 

 

 

الحماية القانونية للمسافر عن طريق البحر, في القانون اليمني

 

 

تعريف عقد النقل البحري:

تنص المادة(٢١٤) بحري يمني على:

عقد النقل البحري عقد يلتزم بمقتضاه الناقل بنقل بضائع أو أشخاص في البحر, مقابل أجرة معينة.

 

عقد نقل الأشخاص أو المسافر:

تعريفه في القانون اليمني:

نصت المادة (262)من القانون البحري اليمني على:

 عقد يلتزم فيه الناقل بنقل المسافر رحلة بحرية معينة, مقابل أجر معين.

 

العناصر الاساسية لعقد النقل البحري للمسافرين:

بما أنه عقد يلزم بمقتضاه الناقل بنقل المسافرين بالبحر مقابل أجرة, كان لابد من وجود عناصر يضفي على هذا العقد خصوصية و يجعله متميزا:

 

 ١-ضرورة وجود عقد نقل:

لا بد من وجود عقد نقل يربط الناقل بالراكب، وأن يكون طرفا في عقد نقل الأشخاص بالبحر كل شخص يوجد على السفينة, من غير الربان والبحارة، إذ إقامة هؤلاء على السفينة ليست بمقتضى عقد نقل, وإنما سندها عقد عمل بحري.

٢-أن يتعلق العقد بنقل شخص:

لا بد أن يكون التزام الناقل بعملية النقل عل أساس نقل شخص طبيعي حيّ، وإن نقل جثث الموتى ليس من قبيل نقل الأشخاص.

٣-أن يكون النقل بمقابل:

ذلك أن أحكام عقد نقل السافرين بالبحر لا تشمل النقل المجاني, أي بدون مقابل مالي، ولا يستثنى من ذلك وفقاً للمادة (٢٨٥) من القانون البحري اليمني في فقرتها الاولى: ١-لا تسري أحكام عقد نقل الأشخاص على النقل المجاني إلا إذا كان الناقل محترفا, كما لا تسري على الأشخاص الذين يتسللون إلى السفينة خلسة بقصد السفر بغير أجرة.

 فالنقل المجاني يتم من قبل المؤسسات البحرية للنقل، وهو صورة مجانية للنقل تقوم بها هذه المؤسسات لأغراض دعائية بمناسبة افتتاح خط ملاحي جديد, هو رحلة أولى لسفينة جديدة.

 فهذا النقل وعلى الرغم من مجانتيه, إلا أن الناقل فيه يسأل مسؤولية عقدية عم يلحق المسافرين من أضرار اثناء النقل.

٤-أن يكون النقل عن طريق البحر:

معنى ذلك أن يكون النقل عن طريق سفينة تبحر في البحر, ويستوي أن يكون نقل الركاب على سفينة مخصصة لنقل البضائع أو لنقل المسافرين، وكما يكون نقل الركاب بالبحر من ميناء إلى آخر, فيجوز كذلك أن يكون في رحلة دائرية تبدأ وتنتهي في الميناء نفسه.

 

 خصائص عقد النقل البحري للمسافرين:

١- عقد النقل عقد رضائي:

يعتبر عقد النقل البحري للمسافرين عقدا رضائيا, إذ ينعقد بمجرد تبادل التراضي بين المتعاقدين الناقل و المسافر, و هو في هذا الشكل يخضع للأحكام العامة للعقود من توافر الرضا و خلوه من العيوب.

 والرضا ضروري لإبرام مثل هذا العقد, بحيث لا ينشأ عقد بين الناقل وشخص يدخل السفينة متسللاً.

٢- عقد النقل عقد ملزم لجانبين:

ويعتبر هذا العقد من العقود الملزمة للجانبين, إذ يرتب التزامات متقابلة على عاتق  طرفيه، فيلتزم الناقل بنقل المسافر و أمتعته إن وجدت بحرا لمسافة معينة في أحسن الظروف و بما يضمن له سلامته ، وفي المقابل  يلتزم المسافر بدفع أجرة السفر.

٣- عقد النقل يعتبر من عقود الاذعان:

فعقد النقل البحري للمسافرين يعتبر من عقود الاذعان، فلا يملك المسافر أن يناقش  شروط العقد المطبوعة والمعدّ سلفاً، ويلتزم المسافر بقبولها دون تعديل أي كما وردت في تذكرة السفر.

 لذا فإن أي  إشكال يثار بخصوص تفسير هذا العقد يجب الاحتكام بشأنه إلى المواد(1٦١،٢١٣،٢١٤)من القانون المدني اليمني ، الخاصة بعقود الاذعان، حيث يوفر القانون الحماية لمصلحة الطرف المذعن, فالشك يفسر لمصلحة الراكب سواء كان مديناً أو دائناً، كما يجوز للقاضي أن يعدل الشروط التعسفية أو يعفي المذعن منها.

٤- عقد النقل البحري من عقود الاعتبار الشخصي:

ذلك أن اسم المسافرين من البيانات الأساسية التي يجب أن تتضمنها تذكرة السفر ، فلا يستطيع المسافر أن يتنازل عنها لأحد آخر إلا بموافقة الناقل, عملاً بأحكام المادة )٢٦٢)من القانون البحري اليمني والتي نصت في فقرتها الرابعة :

ولا يجوز النزول عن تذكرة السفر إلى الغير إلا بموافقة الناقل, أو من ينوب عنه.

 

٥-عقد النقل البحري عقد تجاري:

يعتبر الفقه عقد النقل البحري للمسافرين تجاريا بالنسبة للناقل,  سواء كان من الأشخاص العامة أو الخاصة، وتنتفي عنه هذه الصفة متى قام بالنقل على سبيل التبرع ، وفي هذا الشأن تقضي المادة ١٠ فقرة ١١من القانون التجاري اليمني على:

 تعد أعمالً تجارية الاعمال المتعلقة بالأمور التالية ، بقطع النظر عن صفة القائم بها أو نيته: ١1- النقل براً وبحراً وجواً .

 ونص المادة (١١) من نفس القانون:

يعد عملًا تجاريا جميع الاعمال المتعلقة بالملاحة البحرية وبوجه خاص:-٤-النقل والارساليات البحرية.... ،٥- التأمين البحري بأنواعه المختلفة.

وعلى العموم فإنه لإضفاء الطابع التجاري على عقد النقل البحري أن يقع النقل في إطار مقاولة ،إذ لابد أن يقوم به ناقل محترف, بغض النظر عن الشخص القائم به, سواء كان طبيعيا أو معنويا (شركة) أو أيا كانت صفة الناقل.

 

أطراف عقد النقل البحري للمسافرين:

١- الناقل البحري:

هو أي شخص يبرم بنفسه أو يبرم بأسمة عقد نقل,  سواء تم النقل فعلياً من قبله ويعرف هنا بالناقل المتعاقد, لأنه هو الذي تعاقد مع الراكب على تنفيذ النقل، أو من طرف ناقل فعلي ويقصد به المنفذ, وهو أي شخص غير الناقل الذي يؤمن فعلياً على النقل كله أو جزء منه سواء كان هذا الشخص هو مالك السفينة أو مستأجرها أو مجهزها ، وقد تعهد بإنجاز عقد النقل البحري بوسائله الخاصة.

٢-المسافر أو الراكب:

يقصد بالراكب أو المسافر كل شخص تعاقد مع الناقل, على أن ينقله إلى المكان المحدد في عقد النقل.

وهناك أشخاص لا يطلق عليهم وصف المسافر, وهما الراكب خلسه أو المتسلل والراكب المجاني لانعدام الرابطة العقدية، أي انتفاء عقد النقل البحري للمسافرين.

 

 اثبات عقد النقل البحري للمسافرين:

تنص المادة(٢٦٢) القانون البحري اليمني في فقرتها الثانية والثالثة:

٢- يثبت عقد نقل الأشخاص بتذكرة السفر أو بأية وثيقة أخرى.

3-وتشمل تذكرة السفر على وجه الخصوص على تاريخ ومكان إصدارها واسم الناقل واسم المسافر, واسم السفينة ونوعها, وميناء المغادرة وتاريخها وميناء الوصول وتاريخه, والموانئ المتوسطة المعينة لرسو السفينة, وأجرة النقل والدرجة ورقم الغرفة التي يشغلها المسافر, أو مكانه في السفينة.

 

التزامات الناقل البحري تجاه المسافرين:

اولاً: اعداد السفينة للملاحة:

 فيلتزم الناقل بأن يعد السفينة ويجهزها لتكون صالحة للملاحة البحرية ونقل المسافر عليها بحسب العقد المتفق بينهما,  ويشمل التزام الناقل بتجهيز السفينة إعداد المكان أو المقصورة التي سيمكث فيها المسافر اثناء السفر, ونظافتها والدرجة المتفق عليها, والتزام الناقل بذلك التزام مستمر يبدأ مع بداية السفر, ولا يتحلل الناقل من التزامه إلا عند وصول المسافر وجهته الأخيرة في ميناء الوصول.

 وهو ما نصت عليه المادة (٢٦٥) من القانون البحري اليمني:

 يلتزم الناقل بإعداد السفينة وتجهيزها بما يلزم لتكون صالحة للملاحة ولتنفيذ السفر المتفق عليه, ويلتزم بإبقاء السفينة على هذه الحالة طوال مدة السفر.

 

ثانياً: نقل وتوصيل المسافر ورعايته:

يجب على الناقل ايضاً اخذ المسافر ونقله في الزمان والمكان المحددين في تذكرة السفر, بعد ان يكون المسافر قد وضع نفسه تحت حراسة الناقل وإمرته وامتثل لتعاليمه.

ويلتزم الناقل برد أجرة السفر كاملة في حالة تعذر السفر لسبب لا يرجع إلى الناقل أو احد تابعيه, كحالة الطقس أو نشوب الحرب أو قوة قاهرة منعته من البدء في تنفيذ عقد النقل .

كما يلتزم الناقل برد الأجرة كاملة إضافة إلى تعويض بقدر نصف الأجرة, إن سبب تعذر السفر راجع إلى فعله أو إهماله هو أو أحد تابعيه أو وكلائه.

ويفترض القانون اليمني أن السفر قد تعذر بفعل من الناقل حتى يستطيع الناقل إثبات عكس ذلك، وهو ما نصت عليه المادة (٢٦٨) بحري يمني:

إذا تعذر السفر لسبب لا يرجع إلى الناقل فسخ العقد دون تعويض, وفي هذه الحالة يلتزم الناقل برد أجرة السفر, وإذا ثبت أن المانع من السفر يرجع إلى فعل الناقل التزم بتعويض يعادل نصف الأجرة, ويفترض أن تعذر السفر راجع إلى فعل الناقل حتى يقوم الدليل على غير ذلك.

أما إن الغى الناقل الرحلة دون أن يعد سفينة اخرى بنفس المواصفات لنقل المسافر أو يتفق مع غيره من الناقلين لنقل المسافر على سفينة تتوافر فيها جميع مواصفات السفينة التي الغى الناقل سفرها, فإن للمسافر في هذه الحالة فسخ العقد واسترجاع الأجرة كاملة والتعويض المناسب والذي قد يفوق الأجرة.

كأن يفوت الناقل على المسافر صفقة تجارية, ويكون المسافر مستحق الأجرة كاملة ايضاُ مع التعويض المناسب أن لم تلغى الرحلة, لكن الناقل قام بإدخال تعديلات جوهريه تمس مواعيد السفر أو خط سير السفينة والرسو في موانئ  تتخلل الرحلة البحرية المعلن عنها والمتفق عليها.

غير أن الناقل يعفى من التعويضات إن استطاع إثبات أن التعديلات لم تكن بمحض إرادته, وأنه قد بذل العناية المعتادة لتفاديها من غير ان يظفر بذلك، وهي ما نصت عليه المادة (269)بحري يمني :

١_ يجوز للمسافر فسخ العقد مع التعويض المناسب إذا الغى الناقل الرحلة أو قطعها دون أن يعد سفينة أخرى تكون تابعة له أو لناقل أخر, وتتوافر فيها جميع صفات السفينة التي ألغي سفرها للقيام بالرحلة أو إتمامها.

2-للمسافر أن يطلب فسخ العقد عند الاقتضاء إذا أجرى الناقل تعديلا جوهريا في مواعيد السفر, أو في خط سير السفينة, أو في موانئ الرسو المتوسطة المعلن عنها, ومع ذلك يعفى الناقل من التعويض إذا أثبت أنه بذل العناية المعتادة لتفادي هذا التعديل.

 

 ثالثاً: نقل أمتعة المسافر:

 يلتزم الناقل عند تنفيذ عقد النقل بنقل أمتعة المسافر، وهي ما نصت عليه مادة(263) بحري يمني:

 يشمل التزام الناقل نقل أمتعة المسافر في الحدود التي يعينها العقد أو العرف.

والامتعة كما عرفتها اتفاقية اثينا لنقل الركاب وأمتعتهم بحراً الموقع عليها في ٣١ ديسمبر ١٩٧٤م  بأنها كل سلعة أو عربة باستثناء الحيوانات الحية يحملها المسافر معه, والتي لا تنقل بواسطة مشارطة إيجار أو وثيقة شحن أو عقد آخر غير عقد نقل الاشخاص بحراً.

 

 و تنقسم الأمتعة إلى أمتعة مسجلة:

وهي تلك التي يسلمها المسافر إلى الناقل قبيل بدء الرحلة ليتكفل هذا الأخير بنقلها وحراستها والحفاظ عليها, ويتم تسليم المسافر إيصالاُ بهذه الأمتعة من قبل الناقل أو الربان, كما يجب على الناقل تسجيلها في دفتر السفينة الخاص بذلك.

 

 مادة(277) بحري يمني:

١-يسلم الناقل أو وكيله أو الربان إيصالا بالأمتعة التي يسلمها إليه المسافر لنقلها, ويجب تسجيل هذه الأمتعة في دفتر خاص في السفينة.

  ويخضع نقل هذه الأمتعة بعد تسجيلها واعطاء المسافر إيصالاً عنها إلى الأحكام الخاصة بنقل البضائع.

 ٢-يخضع نقل أمتعة المسافر لجميع الأحكام الخاصة بنقل البضائع, إذا سجلت وحرر إيصال بشحنها.

 

 الأمتعة غير المسجلة:

 وهي متعلقات المسافر التي لا تسلم للناقل بل تضل بصحبة المسافر في قمرته وتحت حراسته.

وعادة ما يحدد العقد المتفق عليه بين الناقل والمسافر مقدار الوزن المسموح للمسافر حمله معه, سواء من الامتعة المسجلة أو غير المسجلة وعدد القطع المسموح بها وإبعادها,  فإن لم يحدد ذلك عقد النقل يتم الرجوع بشأن ذلك إلى العرف السائد بين الناقلين الآخرين في الجمهورية اليمنية ، وهي ما نصت عليه المادة(٢٦٣) بحري يمني:

 يشمل التزام الناقل نقل أمتعة المسافر في الحدود التي يعينها العقد أو العرف.

 

حالات قيام مسؤولية الناقل البحري, في عقد نقل الأشخاص بحراً:

يحتم عقد نقل الأشخاص بحراً على الناقل تنفيذ كافة الالتزامات التي يقررها العقد، والاخلال بأي من تلك الالتزامات يؤدي إلى قيام مسؤوليته عنها.

 وقد قرر القانون اليمني عدة حالات لقيام مسؤولية الناقل البحري نذكرها كما يلي:

أولاً: وفاه المسافر أو اصابته:

نصت عليه المادة( 27٤)بحري يمني على:

١-يسأل الناقل عن وفاة المسافر أو إصابته أثناء السفر, إلا إذا أثبت الناقل أن الوفاة أو الإصابة نشأت بسبب أجنبي عنه.

2-يسأل الناقل عما يحدث من ضرر بسبب وفاة المسافر أو ما يلحقه من إصابات بدنية, إذا وقع الحادث الذي نشأ عنه الضرر خلال تنفيذ عقد النقل.

٣_ويعد الحادث واقعا خلال تنفيذ عقد النقل إذا وقع أثناء السفر أو أثناء صعود المسافر إلى السفينة, في ميناء القيام أو نزوله منها, في ميناء الوصول أو في ميناء متوسط, أو أثناء المدة التي يكون فيها المسافر في حراسة الناقل قبل صعوده إلى السفينة, أو بعد نزوله منها.

 

وطبيعة مسؤولية الناقل هنا مسؤولية عقدية منشؤها عقد النقل, وتقوم على اساس افتراض مسؤولية الناقل عن الأفعال التي تصيب المسافر فتؤدي بحياته أو تصيبه في بدنه.

ولم يختلف القانون اليمني في هذه الحال عن اتفاقية أثينا المتعلقة بنقل الركاب وأمتعتهم بحراً, التي قررت بأن:

 يسأل الناقل عن أي ضرر واقع نتيجة وفاه راكب أو اصابته الجسمانية, أذا ما كان الحادث المؤدي إلى الضرر الواقع قد حدث اثناء النقل, وكان ناجماً عن خطأ أو إهمال من جانب الناقل أو أجرائه أو وكلائه أن كان في نطاق سلطاتهم .

غير ان اتفاقية أثينا قد بنت مسؤولية الناقل البحري على اساس الخطأ المفترض, والذي يتعين معه على المدعي (المسافر أو ورثته) إثبات أن الحادث المؤدي إلى الوفاه أو الضرر البدني, قد حدث أثناء النقل.

اما القانون اليمني فقد جعل عبء الإثبات على الناقل, كون المسافر يعد الطرف الأضعف في عقد النقل البحري, وأفترض مسؤولية الناقل عن الضرر الذي سبب الوفاة أو الإصابة البدنية, حتى يثبت الناقل أن الحادث أو الضرر بسبب أجنبي عنه. مادة 274) بحري يمني:

1-يسأل الناقل عن وفاة المسافر أو إصابته أثناء السفر, إلا إذا أثبت الناقل أن الوفاة أو الإصابة نشأت بسبب أجنبي عنه.

 كأن يثبت الناقل أن المسافر قد ترك كبينته مخالفاً لتعليمات الربان واتجه إلى سطح السفينة حيث وقع الضرر بفعل أحوال الطقس أو غيرها من الأسباب الأجنبية عن الناقل. كما أن القانون قد جعل ذلك من القواعد الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها . فيقع باطلاً كل اتفاق يقع قبل وقوع الحادث الذي نشأ عن الضرر ويكون موضوعه ، تعديل عبء الإثبات ونقله على عاتق المسافر، مادة (٢٧٦/ب) بحري يمني  ب-تعديل عبء الإثبات الذي يضعه القانون على عاتقه.

 ومع ذلك فإن القانون اليمني قد أشترط على المسافر في حاله الإصابة البدنية أن يبلغ الناقل كتابه بتعرضه للإصابة, وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ مغادرته للسفينة، مادة(275) بحري يمني:

 في حالة الإصابة البدنية يجب إخطار الناقل كتابة بالإصابة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ مغادرة المسافر للسفينة, وإلا افترض أنه غادرها دون إصابة ما لم يثبت هو غير ذلك.

 

 ولا يسقط حق المسافر في رفع  الدعوى بعد هذه المدة, إنما يسقط حقه في عبء الإثبات الذي كان على عاتق الناقل، فيفترض القانون في هذه الحالة أن المسافر قد غادر السفينة دون إصابة ويقع عليه عبء إثبات أن الإصابة قد وقعت أثناء تنفيذ عقد النقل البحري.

 

 ثانياً: التأخير في تنفيذ الالتزامات:

كما تقوم مسؤولية الناقل أيضاً عن التأخير في نقل المسافر وأمتعته, سواء التأخير قبل بدء تنفيذ عقد النقل أو اثناء تنفيذ العقد في ميناء التوقف أو عرض السفينة، مادة(273) بحري يمني:

 يسأل الناقل عن الضرر الذي ينشأ عن التأخير في تنفيذ الالتزامات التي يرتبها عليه العقد, إلا إذا أثبت أن هذا التأخير ناشئ عن سبب أجنبي لا يد له فيه.

 

 ثالثاً: فقد أو تلف الأمتعة:

يسأل الناقل أيضاً عن الأضرار التي تصيب أمتعة المسافر في حالة تلفت الأمتعة كلياً أو جزئياً أو فقدت فأن تلفها أو فقدانها يؤدي إلى قيام مسؤولية الناقل عنها.

ولم يفرق القانون اليمني بين الأمتعة المسجلة وغير المسجلة, لكنه  نص على أن مسؤولية الناقل عن الامتعة المسجلة التي يحرر بشحنها  ويسلم إلى المسافر بأن تنطبق عليها الأحكام الخاصة بنقل البضائع.

ألا ان بعض القوانين العربية قد نصت بألا يسأل الناقل عن الأمتعة غير المسجلة إلا إن اثبت المسافر أن ما أصابها يرجع إلى خطأ الناقل أو احد تابعيه.

 كما أن بعض أحكام القضاء الفرنسي قد أعفت الناقل من المسؤولية عن الأمتعة غير المسجلة في حالة الجنوح القهري  للسفينة, إلا أذا أهمل الناقل إنقاذ تلك الأشياء المودعة في خزائن السفينة, بشرط أن يثبت المسافر أنه قام بإيداعها.

 

 

المراجع:

- محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري.

-محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري.

-ايمان فتحي حسن جميل، تقادم الدعوى في عقد النقل البحري في التشريع الوطني ، والاتفاقات الدولية، ص٢٨٢.

- القانون البحري اليمني، رقم (١٥) لسنه ١٩٩٤، المادة (٢٦٢).

- د. عبد الخالق صالح معزب، المبسط في القانون البحري اليمني.

 

 

إعداد المحامي/ محمد نجيب القوسي

جريمة تشوية السمعة, وعقوبتها في القانون اليمني

 

 

 

 

جريمة تشوية السمعة, وعقوبتها في القانون اليمني

 

 

تعريف التشهير:

هو تصريح مكتوب أو مطبوع عبر وسائل الصحافة, يقصد به إيذاء سمعة شخص ما، باستخدام الصور والإشارات أو بث الأخبار, ويمكن أن يكون المذياع والتلفاز من سائل نقل هذه الأشياء المسيئة للسمعة.

 

قد يكون إقدام شخص طبيعي أو معنوي على إصدار كلام مكتوب باليد أو مطبوع بالآلة يتضمن تهجماً على أحد الاشخاص أو أحدى المؤسسات ،يمس سمعتها بهدف التشويه والتشهير بها.

 

أركان التشهير:

1-المشهر:

 وهو الشخص الذي يجب أن تقع عقوبة التشهير في الجرائم الحدية والتعزيرية، أو هو الشخص الذي يجب ان تقع عليه عقوبة التشهير في حالة يكون الشهير جريمة.

2- لمشهر به:

هو الشخص الذي ارتكب جريمة وعوقب على أثرها بالتشهير, والخزي والتسميع به مع اعلام الناس بجرمه.

 

 

كيفية التشهير:

قد يكون بالقول , أو الفعل أو بالكتابة أو عن طريق عرض صور للأشخاص للتشنيع والتشهير بهم , أو عن طريق الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة والحديثة كـــ( الأنترنت والتلفاز والمذياع ) والهدف من ذلك فضحه لكي يتجنبه الأخرون, أو تشويه سمعته بين الناس .

 

 شروط التشهير:

1-أن يكون الخبر أو البيان المعلن عن هذا الشخص, ليس له أساس من الصحة

2-نشر الخبر في مواقع في الصحف والمجلات والجرائد, ووسائل التواصل الاجتماعي.

3-لابد أن يكون البيان أو الخبر يشير الى إهمال أو تجاوز, على الشخص المنسوب له الخبر

4-وقوع ضرر على الشخص المنسوب إليه الخبر أو البيان, كفقدانه عمله أو تشويه سمعته .

 

أركان جريمة التشهير:

1-الركن المادي: و يشمل الإعلان والنشر والأسناد.

2-الركن المعنوي: ويتمثل بالقصد الجنائي وهو قصد عام يتحقق كلما كان الجاني يعلم أن العبارات التي تلفظ بها في حق المجنى عليه, من شأنها ان تمس سمعته وتستلزم احتقاره لدى الغير, ولو لم يكن يقصد النيل منه. 

 

عقوبة التشهير:

تنص المادة(103)من قانون الصحافة والمطبوعات اليمني على:

(يلتزم كل من العاملين في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية, وبصفة خاصة المسئولين في الاذاعة المسموعة والمرئية, وكل من صاحب الصحيفة ورئيس التحرير المسئول وصاحب المطبعة ودور النشر والصحفيين, بالامتناع عن طباعة ونشر وتداول  واذاعة ما يلي, وذكر منها:

1-ما يؤدي الى الإخلال بالآداب العامة, وما يمس كرامة الشخص والحريات الشخصية, بهدف الترويج والتشهير الشخصي.

2- الاعلانات المتضمنة عبارات أو صورا تتنافى مع القيم الاسلامية والآداب العامة, او قذف وتشويه سمعة الاشخاص أو الاعتداء على حقوق الغير, أو تضليل الجماهير.

 

ونصت المادة(١٠٤)من قانون الصحافة والمطبوعات اليمني:

مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في أي قانون آخر يعاقب كل من خالف هذا القانون, بغرامة لا تزيد عن (١٠٠٠٠)ألف ريال, أو بالحبس مدة لا تزيد عن سنة واحدة.

 

 

 

 

 

     المراجع والمصادر:

-       الموسوعة العربية العالمية

-       معجم المصطلحات القانونية والفقهية

-       الكاساني, علاء الدين, بدائع الصنائع.

-       قانون رقم(٢٥)لسنة ١٩٩٠م بشأن الصحافة والمطبوعات من القانون اليمني.

 

 

إعداد: محمد نجيب القوسي

 

 

 

الإيداع مع التخصيص, وفقاً للقانون اليمني

 

 

 

 

الإيداع مع التخصيص, وفقاً للقانون اليمني

 

 

 تعريف الإيداع مع التخصيص:

 هو  نظام بمقتضاه (يودع)  مبلغ لذمة الحاجز (أياً كان نوع الحجز) فيصبح الحجز مقصوراً على هذا المبلغ وحده ، بشرط أن (يخصص) الحاجز بهذا المبلغ دون الحاجزين اللاحقين.

فالمدين المحجوز عليه يستطيع أن يرفع الحجز الذي أوقعه الحاجز على أمواله, عن طريق إيداع مبلغ نقدي في خزانة محكمة التنفيذ, يخصصه للوفاء بحق الحاجز, ويساوي من حيث المبدأ الديون المحجوز من أجلها, مضافاً إليها ملحقاتها كالفوائد والمصاريف ، فينتقل الحجز إلى المبلغ المودع.

 بمعنى أن أحكام الإيداع والتخصيص هو في جوهره تعديل محل الحجز باستبدال مبلغ من النقود بالأموال التي تم الحجز عليها.

وهو جائز في كل أنواع الحجوز التحفظية أو التنفيذية ، وسواءً وقعت الحجوز على المنقولات تحت يد المدين أو لدى الغير, أو وقعت على العقارات .

 ويظل المبلغ مودعاً حتى تنتهي كل المنازعات المتعلقة بإجراءات الحجز أو بحق الحاجز ، وهو ممكن أياً كان السند الذي يجري التنفيذ بموجبه, ولوكان حكماً نافذاً معجلاً.

 

موقف القانون اليمني من الإيداع مع التخصيص :

نصت المادة ( 377 ) مرافعات بقولها:

 ( الحجز هو وضع المال تحت يد القضاء لمنع صاحبه ـ المحجوز عليه ـ من أن يقوم بأي عمل مادي أو قانوني من شأنه إخراج هذا المال أو ثماره من ضمان الدائن الحاجز ويترتب على حجز المال حجز ثماره ولا يرتفع الحجز إلا بما يقرره هذا القانون ).

 

يتبين من نص المادة سالفة الذكر، أن الحجز لا يرتفع إلا بما يقرره القانون, وبعد مطالعة قانون المرافعة وجدت نصوص تبين طريقة رفع الحجز،  من ضمنها طريقة الإيداع مع التخصيص، حيث نصت عليه المادة ( 351 ) مرافعات  بقولها:

 ( يجوز للمنفذ ضده في أية حالة تكون عليها إجراءات التنفيذ إلى ما قبل إيقاع البيع ، أن يودع خزينة المحكمة أو أحد البنوك المعتمدة مبلغاً من النقود مساوياً للمطلوب يخصص للوفاء به ، فيمتنع التنفيذ ويرتفع الحجز على الأموال المحجوزة ويتحول إلى المبلغ المودع ) . 

 

يتضح لنا أن المقنن قد أجاز للمنفذ ضده في حالة الحجز على أمواله, أن يرفع الحجز على أمواله بطريق الإيداع مع التخصيص، وبذلك ينتقل الحجز إلى الأموال المودعة والمخصصة للوفاء بالدين .

 

ملاحظة:

يشترط أن يكون الإيداع مع التخصيص إلى ما قبل إيقاع  البيع .

 الإيداع يتم بوضع مبلغاً من النقود مساوياً للمطلوب الوفاء به, إلى خزينة المحكمة أو أحد البنوك المعتمدة .

وبناءً على ما سبق فقد نصت المادة ( 384 ) مرافعات على:

( يرتفع الحجز بقوة القانون إذا قام المحجوز عليه أو الغير بوفاء الديون كاملة أو بالإيداع مع التخصيص ) .

ولذلك يتضح أن الإيداع مع التخصيص قد يكون من المحجوز عليه أو الغير ، وكذا يرتفع الحجز بقوة القانون دون الحاجة للحكم به .

 

أهم الأحكام التي ترد على الإيداع مع التخصيص:

من خلال ما نص المشرع عليه في المواد ( 351 ، 384 ) فإن أحكام رفع الحجز بطريق الإيداع مع التخصيص ، تتمثل في الآتي :

1ـ الإيداع مع التخصيص وسيلة عامة يمكن استخدامها في التنفيذ غير المباشر ، سواءً كان الحجز تنفيذياً أو تحفظياً ، وسواءً كان محل الحجز عقاراً أو منقولاً أو أموال للمدين لدى الغير ، وأياً  كان نوع السند التنفيذي ، ولو كان حكماً مشمولاً بالتنفيذ المعجل .

2ـ يجوز الإيداع والتخصيص بواسطة المدين أو بواسطة الغير ، وهذا ما نصت عليه صراحه المادة ( 384) مرافعات .

3ـ يمكن قيام الإيداع والتخصيص في أي وقت بعد إيقاع الحجز وقبل إتمام بيع الأموال المحجوزة ، ولذلك من الجائز استخدام هذه الوسيلة إذا لم يتم البيع ولو بعد الشروع في إجراءاته ، كما لولم يتقدم أحد في جلسة المزايدة للشراء أو تخلف من رسا عليه المزاد عن دفع بقية الثمن في الميعاد المحدد

4ـ يجب ، لترتيب آثار الإيداع والتخصيص ، أن يتم إيداع مبلغ من  النقود مساوياً للحق الذي أوقع الحجز لاقتضائه ولنفقات التنفيذ ، وأن يكون الإيداع في خزينة المحكمة أو في بنك معتمد مصحوباً بتقرير يعلن فيها المدين أن المبلغ المودع مخصص للوفاء بحق الدائن الحاجز .

 الآثار المترتبة على الإيداع مع التخصيص:

أي عمل يقوم به الشخص لابد من آثار تترتب عليه ، وإلا فلن  تكون هناك فائدة من ذلك العمل، لذا فإن الآثار التي تترتب على الإيداع مع التخصيص تتمثل في التالي :

1ـ ارتفاع الحجز عن الأموال المحجوزة ك

،وهذا الأثر يترتب بقوة القانون فيمتنع التنفيذ عليها ، وتعود للمدين سلطة التصرف فيها أو استغلالها أو استعمالها ، ومع ذلك فيجوز الحجز مجدداً على الأموال التي زال عنها الحجز من دائن آخر ، بل ويجوز الحجز عليها من الحاجز الأول لاقتضاء دين آخر .

 

2ـ تحول الحجز إلى المبلغ المودع :

 نص القانون صراحه على أن الإيداع والتخصيص يؤدي إلى ارتفاع الحجز عن الأموال المحجوزة (ويتحول إلى المبلغ المودع) واستخدامه لهذه العبارة يظهر طبيعة الإيداع والتخصيص, فهو ليس وفاء ولا امتياز للحاجز, بل نظام يتم بموجبه تحويل أو استبدال محل الحجز بمبلغ من النقود ، ويتحول الحجز إلى المبلغ المودع بذات الطبيعة والاوصاف التي كان عليها ، فإذا كان الحجز على الأموال تحفظياً فإنه يبقى كذلك على المبلغ المودع ، ويلاحظ رغم ذلك أن محل الحجز ومقداره يتغيران .

 

3ـ تخصيص المبلغ المودع للحق الذي تتم إيقاع الحجز لاقتضائه :

من المقرر فقهاً أن المقصود بهذا الأثر ترتيب أولوية إجرائية للحاجز قبل الإيداع في استيفاء حقه من المبلغ المودع قبل الحاجز بعد الإيداع ، غير أن القانون اليمني و إن نص على أن المبلغ المودع يخصص للوفاء بالحق المحجوز من أجله (351) مرافعات ، إلا أنه لم يصرح بترتيب الأولوية الإجرائية كأثر للإيداع والتخصيص ، مع أنه صرح بترتيب تلك الأولوية كأثر للحكم بقصر الحجز ، كما سنرى ، وعلى كلٍ فأن تخصيص المبلغ المودع للحاجز معلق على ثبوت حقه سواءً بإقرار المحجوز عليه أو بحكم قضائي .

 

يظل المبلغ المودع ، وبمراعاة الأثر السابق ، في ملكية المدين ، ولذلك فيجوز الحجز عليه من دائن آخر.

إن ترتيب الإيداع والتخصيص للآثار السابقة لا يمنع المحجوز عليه من الاعتراض على الحجز الأول لأسباب تتعلق بصحته ، فالحجز يتحول إلى المبلغ المودع بأوصافه وعيوبه . 

 

 إنهاء بعض وسائل الإجبار على التنفيذ, بالإيداع مع التخصيص:

من خلال قراءة نصوص قانون المرافعات ومطالعتها يتضح أن هناك أحوال خرى نص عليها المقنن، لإنهاء بعض وسائل الإجبار على التنفيذ ، عن طريق الإيداع مع التخصيص ، ولبيان تلك الأحوال ، سيتم ذكرها كالتالي :

 

1ـ الحبس التنفيذي:

نصت عليه المادة (363/2) مرافعات:

( يجب إنهاء إجراءات التنفيذ بوسيلة الحبس في أية مرحله كانت عليها ويفرج عن المنفذ ضده بقوة القانون في الحالات الآتية :

1ـ إذا قام المنفذ ضده بتنفيذ السند التنفيذي .

2ـ إذا قام المنفذ ضده باستعمال وسيلة الإيداع مع التخصيص .

3ـ ..........الخ ).

 

2ـ المنع من السفر:

 نصت المادة (405/ج) مرافعات على:

 (يستمر أمر المنع من السفر نافذاً حتى ينقضي التزام المدين قِبَل دائنة ومع ذلك يسقط الأمر في الأحوال الآتية :

....... ج ـ إذا استعمل المدين وسيلة الإيداع مع التخصيص)

 

 

 الخاتمة :

من خلال ما سبق ، نستطيع استعمال وسيلة الإيداع مع التخصيص  في الأحوال

التالية :

1ـ لرفع الحجز على أموال المدين .

2ـ للإفراج عن المحبوس ( المنفذ ضده) .

3ـ لسقوط أمر المنع من السفر ضد ( المنفذ ضده ).

وكل ذلك يتم بقوة القانون دون الحاجة إلى حكم قضائي ، ويكون الإيداع مع التخصيص لدى خزينة المحكمة أو لدى بنك معتمد .

 

 المصادر والمراجع :

1ـ قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني رقم (40) لسنة 2002م ، وتعديلاته بالقانون رقم (2) لسنة 2010م ، والقانون رقم (1) لسنة 2021م

2ـ أصول التنفيذ الجبري ـ للمؤلف الدكتور/ أحمد هندى ـ أستاذ قانون المرافعات ـ كلية الحقوق ـ جامعة الإسكندرية .

3ـ التنفيذ الجبري وفقاً لقانون المرافعات اليمني ـ للمؤلف الدكتور / عادل علي محمد النجار ـ أستاذ قانون المرافعات المساعد ـ كلية الشريعة والقانون ـ جامعة صنعاء .

 

 

 

إعداد / يوسف أحمد صالح الكميم.