تحويل الملكية العامة الى الملكية الخاصة

مقدمة

اخذ العالم النامي يتطور بسرعة أكثر نحو تطبيق عمليات نقل الملكية العامة للخاصة، وإيجاد وسائل لتخفيف دواعي القلق السياسي التي لا مفر منها بسبب تقليل دور الدول في الاقتصاد، وقد بات واضحاً ان القطاع الخاص قادر على ان يحل محل مشروعات حكومية تفتقر إلى الكفاءة وتخسر أموالاً كثيرة.

 والواقع ان كلمة الخصخصة"privatization"هي كلمة جديدة تماماً حتى أنها ظهرت لأول مرة في قاموس ويبتسر عام 1983 ,ويعد التحول نحو القطاع الخاص مجالاً جديداً للسياسة المالية العامة.

مفهوم الخصخصة لغة:

 مُؤَسَّسَةٍ عُمومِيّةٍ : نَقْلُ تَسْيِيرِ إِدارَتِها وَشُؤونِها الْمَالِيَّةِ مِنْ مِلْكِيَّةِ الدَّوْلَةِ إلى قِطاعٍ خاصٍّ


أولاً: مفهوم نقل الملكية العامة الى الملكية الخاصة (الخصخصة)


تستحوذ عبارة الخصخصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أم نامية.
ولا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، ولكن لو أردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعاً رئيساً يتم استخدامه في معظم الدول، فأنها فلسفة اقتصادية حديثة ذات استراتيجية لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القطاع العام الى القطاع الخاص.

ويُطلق على نقل الملكية أو الممتلكات أو الأعمال التجارية من الحكومة إلى القطاع الخاص اسم الخصخصة.

وتتوقف الحكومة عن كونها مالكة الكيان أو المشروع التجاري. والعملية التي يستولي فيها عدد قليل من الأشخاص على شركة للتداول العام تسمى أيضاً الخصخصة.

ولم يعد يُتداول في أسهم الشركة في سوق الأسهم، ويُمنع الجمهور العام من حيازة أسهم في هذه الشركة. (1)

 ثانيا أنواع الخصخصة

 

تتعدد أنواع وطرق الخصخصة وتتوحد غايتها القائمة على أساس تحويل ملكية المؤسسات بنقلها من ملكية القطاعات الحكومية إلى الملكية الخاصةو بهدف تحسين الكفاءات الإنتاجيون وإصلاح الاقتصاد، ونأتي فيما يلي على طرق أو أنواع الخصخصة:

 

1-البيع الكلي لأسهم مؤسسات القطاعات الحكومية (الخصخصة الكلية):

 

ويكون ذلك بتنازل الدولة كليا عن حقوق ملكيتها الى القطاع الخاص، وذلك بطرح كل أسهم رأس المال للبيع للجمهور، وتعد هذا النوع من أفضل الأنواع لما له من أثر مباشر على توسيع قاعدة الملكة ودعم المنافسة والشفافة، والذي یؤثر بدوره على نسب الاستثمار وكفاءة الإنتاج.

 

2-البيع الجزئي لأسهم مؤسسات القطاعات الحكومية (الخصخصة الجزئية):

 ويكون بقيام الحكومة بطرح جزء من أسهم رأس مال المؤسسة للبیع للجمهور والاحتفاظ بباقي أسهم المؤسسة ملك للدولة، وتصبح المؤسسة في هذه الحالة مختلطة أي ملك "للحكومة والقطاع الخاص"، وفي هذه الحالة یكون هدف الحكومة هو التدرج في بیع المؤسسة بالكامل أو الاحتفاظ بجزء من الاسهم إلى الأبد نظر لأهمية المنشأة للدولة، يسمي ج.

 ريفيرو الخصخصة الجزئية بالخصخصة "الناعمة" مقارنة بالخصخصة "القاسية" التي تشبه أكثر الخصخصة الشكلية (أو التسيير الذاتي)، و الذي يعرفه كالتالي : " لا تكون الخصخصة إذا بإخراج مؤسسة من القطاع العام لإدخالها في القطاع الخاص، بل يجلب عدد ما من عناصر القطاع الخاص وإدخالها داخل المؤسسة العمومية".

 

3-ضخ استثمارات خاصة جدیدة في المؤسسة:

 یتم ذلك من خلال فتح باب المساهمة في رأس المال المؤسسة للقطاع الخاص بسبب رغبة الحكومة في التوسع أو التحدیث لعملیاتها، في هذه الطریقة للخصخصة الحكومات لا تتصرف في ملكیتها بل تزید من الملكیة الخاصة مقارنة بملكية الدولة، وتتولد تركیبة ملكیة مشتركة بینها وبین القطاع الخاص.

 4-عقود الإدارة:

 تعهد الدولة لجهات خاصة ذات كفاءة مسؤولية إدارة كل أو بعض المشاريع العامة، وفقاً لقواعد العمل في السوق التنافسية، وذلك بالتعاقد مع خبراء من القطاع الخاص، لتسير وادارة الوحدات الاقتصادية المملوكة للدولة في مقابل أتعاب معینة، أو مقاسمة الربح الصافي مع الدولة، وهي نوع من الخصخصة الجزئية.

 5- فـك ارتباط المشاريع العامة بالبيروقراطية الحكومية:

 من خلال إلغاء صور الرقابة الحكومية على الأنشطة الاقتصادية، والاعتماد بدرجة أكبر على قوى السوق وآلياته. ومن أبرز صورها إلغاء سياسات التسعير الجبري، والاستغناء عن العمالة الفائضة بالمشاريع العامة، وترشيد الدعم الحكومي للمشاريع العامة، وتعديل التشريعات العمالية لتوائم مع التوجهات الجديدة.

ثالثا أهداف الخصخصة:

 تمكن الخصخصة من تحقيق جملة من الأهداف تختلف باختلاف الآليات والطرق التي يتم اعتمادها من طرف السلطات الحكومية في تدبير عملية الخصخصة. وهذه الأهداف بشكل مجمل هي:

  • تخفيف الأعباء المالية للدولة عبر التخلص من الشركات العمومية المفتقدة للكفاءة والربحية، والتي تشكل عبئا على المالية العمومية بسبب الدعم الذي تتلقاه من الدولة لتغطية خسائرها وضمان استمراريتها.
  • خلق مناخ الاستثمار المناسب، وتشجيع الاستثمار المحلي لاجتذاب رؤوس الأموال والأجنبية.
  • تطوير الأسواق المالية المحلية من خلال إدراج الشركات المخصخصة في سوق الأوراق المالية (البورصة) المحلية، والرفع بالتالي من عدد الشركات المدرجة ومن عدد الأسهم القابلة للتداول، مما سيكون له أثر إيجابي على جذب الرساميل (المحلية والدولية) وحجم المعاملات في السوق.
  • تحقيق فاعلية ورفاهية المستهلك بضبط تسويات تعاقدية وتطبيقها بطريقة ملائمة واشتغال المؤسسة بصفة فعالة.
  • تأمين محيط القطاع الخاص من التأثيرات السياسية.
  • توسيع قاعدة الملكية داخل البلد عبر إتاحة فرص الاستثمار في الشركات المخصخصة لجمهور المواطنين، وتحويل جزء من الأسهم إلى العاملين في هذه الشركات، والحصول على زيادة في الإنتاج والتصدير وتحسين الجودة.
  • توافر حصيلة لدى الدولة من بيع الوحدات العامة، تستطيع أن تواجه بها عجز الموازنة العامة.
  • التغلب على عدم كفاءة نظم الرقابة والمحاسبة في الوحدات العامة.
  • إعادة توزيع الأدوار بين القطاع العام والقطاع الخاص وانسحاب الدولة تدريجيا من بعض النشاطات الاقتصادية وفسح المجال أمام المبادرات الخاصة عن طريق تشجيع الاستثمار الخاص.

 

·        رابعا الدوافع والاسباب لنقل الملكية العامة الى الملكية الخاصة:

 

·       إن الاهتمام بموضوع الخصخصة ليس مقصورا على الدول الصناعية، حيث نجد أن معظم دول العالم مهتمة بهذا الموضوع وذلك لعدة دوافع نذكر منها:

 

·       1-الدوافع الاقتصادية:

 

·        ينتظر من الوحدات المخصخصة تحسين الأداء الاقتصادي ككل وهذا الأخير لا يحدث بمجرد تحويل الملكية إلى القطاع الخاص، ما لم يصاحب هذا التحويل جملة من الإجراءات أهمها إعادة هيكلة الوحدات المعنية فنيا، ماليا وإداريا وتوفير بيئة تنافسية فعلية. كما أن القطاع الخاص لديه قدرات أفضل وهو أكثر اهتماما بعامل الربحية، وهذا ما يؤدي إلى تحسين أداء المؤسسات الاقتصادية. وللخصخصة تأثيرا كبيرا على سوق العمل في المدى الطويل والمدى القصير، ففي المدى القصير تعمل في اتجاه زيادة معدل البطالة جراء إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتي تتميز بوجود عمالة فائضة، أما على المدى الطويل فتؤدي الخصخصة إلى القضاء على البطالة بشكل تدريجي، و ذلك بسبب ظهور شركات و فروع جديدة بسبب المنافسة الناتجة عن الخصخصة، وهذا ما يؤدي إلى انتعاش اقتصادي، حيث أن زيادة فرص العمل يؤدي إلى زيادة في الدخل و الرفاهية و توزيع الثروة و هذا بدوره يؤدي إلى رفع الميل الحدي للادخار وتحسين مجال التمويل، كما أن الخصخصة تؤدي إلى كسر الاحتكار كما فعلت بريطانيا، حيث قسمت شركة على أساس كونها محتكرة ثم قامت ببيعها للجمهور. 

 

·       2. الدوافع المالية: 

 

·       قيام الدولة بعمليات الخصخصة يؤثر إيجابا على ماليتها العامة وذلك بتقليص النفقات التي كانت توجه لدعم القطاع العام وبالتالي تخفيض العجز، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات المترتبة عن بيع المؤسسات، والضرائب التي تفرض عليها بعد تحويلها للقطاع الخاص، كما أن الخصخصة تؤدي إلى تخفيض عبئ المديونية الخارجية بتحويل جزء من

 

·        3. الدوافع السياسية والاجتماعية: 

 

·       هناك العديد من الدوافع السياسية والاجتماعية التي أدت إلى ترويج الخصخصة نذكر منها: 

·       - تؤدي الخصخصة إلى القضاء على الشعارات السياسية والتي يعيل البيروقراطيين والاشتراكيين إلى استخدامها باعتبارها تستخدم الطبقات الكادحة.

·       - هناك الجانب العملي السياسي والذي يهدف إلى خلق قاعدة الدعم الشعبي لحكومة أو سياسة معينة وذلك ناتج عن الاعتقاد بأن إعطاء العدد الأكبر من أفراد الشعب فرصة المشاركة في ملكية المؤسسات الاقتصادية سوف يؤدي إلى كب أصواتهم الانتخابية.

·       - هناك الجانب السياسي والاجتماعي الذي يهدف إلى خلق طبقة أكبر من مالكي الأسهم وبالتالي توزيع الثروة بأكثر عدالة.

·       إذا الخصخصة وسيلة لتحقيق مزيد من الحرية الشخصية وإيجاد الحافز الشخصي على الإنتاج والقضاء على السلبية وتحقيق انضباط في السلوك داخل مجالات العمل.

 

 خامسا الآثار السلبية للخصخصة:

بقدر ما للخصخصة من فوائد وأهداف ونتائج إيجابية ذكرناها سابقا، فلها أيضا جانب من الآثار السلبية التي قد تنتج جراء اهمال الحكومات وسوء اختيار الأنشطة والقوانين والتواقيت التي تنظم عملية الخصخصة، وغياب معايير عالية ورقابة مستمرة، وشفافية وحكومة، وبالتالي تظهر خطورتها الكامنة، من ضمنها:

  • التركيز على المصالح الخاصة تعمل على إهمال المصلحة العامة فيؤدى إلى إهمال الطبقات الوسطى لأن الخاص يهتم بالمال.
  • الاحتكار للقرارات من القطاع العام على الرغم من وجود خصخصة في حالة الجزئية فيؤدي إلى ارتفاع عدم المساواة بين الاقتصاد والاجتماع.
  • إذا اعتمد الوطن على القطاع الخاص في كل شيء يجعل الوطن سهل لدخول الأجانب والسيطرة عليه وأيضًا حصول فقر على كافة الوطن.
  • بعض من أنواع الخصخصة قد لا يوجد الكفاءة المطلوبة التي يحتاجها الوطن مما يثبت عدم رقابة عامة وهذا يضر الوطن وكذلك أيضًا المواطن.
  • زيادة معدلات التضخم.
  • زيادة معدلات الفقر على المستوى الوطني.
  • تآكل وانعدام الطبقة الوسطى.
  • ارتفاع معدلات اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية.
  • إن خصخصة القطاعات الحكومية قد تنقلنا بشكل مباشر من دول حكم الفرد الواحد أو الحزب الواحد إلى دول حكم رجال المال والأعمال، وبالتالي ستكون السلطة بيد مجموعة من المنتفعين حرصين على مصالحهم الشخصية، وبالتالي غياب الديمقراطية.

 سادسا كيف تتم الخصخصة لأي قطاع عام او مشروع عام (الآلية)

 1-البيع لمستمر رئيسي

يعتبر أسلوب الخصخصة عبر مستثمر رئيسي أكثر الاساليب شيوعا في الدول العربية، اذ يقدر نصيب هذا الاسلوب بحوالي 63% من مجمل إيرادات الخصخصة ومن مجمل ايرادات الخصخصة ساهم أسلوب البيع لمستثمر رئيسي بحوالي 90% في كل من تونس والمغرب وبنحو 41% في مصر، وبحوالي 25% في الكويت وبصورة عامة فإن أهمية هذا الاسلوب تكمن في كونه يشكل محورا هاما لجذب الاستثمار الاجنبي وقد اظهرت التجارب في الدول النامية وجود علاقة وثيقة بين الخصخصة ونفقات الاستثمار الاجنبي المباشر، وهو ما يشير اليه الاداء الجديد نسبيا بالنسبة للبلدان التي طبقت برنامج الخصخصة في اجتذاب نفقات ضخمة من هذه الاستثمارات.

 

2-البيع من خلال سوق الاوراق المالية:

وبالإضافة الى اسلوب الخصخصة عن طريق البيع لمستثمر رئيسي، تعتمد الدول العربية على اسلوب البيع من خلال سوق الاوراق المالية البورصة الذي يتم بموجبة تحويل المؤسسات المراد خصخصتها الى شركات مساهمه وطرح اسهمها للاكتتاب العام، وفي الحالات التي تطرح فيها الحكومة الى نسبة صغيره من اسهمها في المؤسسة العامة للبيع تصبح ملكية هذه المؤسسة او قد يكون هذا الترتيب بمثابة الخطوة الاولى نحو خصخصة المؤسسة بالكامل.

وتشير تجارب الدول النامية في هذا الشأن الى وجود علاقات متبادلة بين الخصخصة وتطور أسواق الاوراق المالية بحيث يعزز كل من هذا النشاطين الاخر من اجل تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية النهائية فوجود سوق نشط للأوراق المالية يستند على القواعد التشريعية الضرورية وتتوافر لديه الخدمات المالية المتطورة يساعد جهد الخصخصة في تحقيق الاهداف النهائية وهي زيادة الكفاءة الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية، عن طريق نقل الملكية العامة الى الملكية الخاصة في اطار يتصف بالكثير من الشفافية والافصاح لضمان سير هذه المؤسسات وفق اسس سليمة وإفساح المجال امام جميع المواطنين لامتلاك اسهمها من اجل توسيع قاعدة الملكية

والحيلولة دون تركزها لدى القليل من ذوي النفوذ وبأسعار تقل عن مستوياتها الحقيقية ومن ناحية اخرى تشكل الخصخصة حافزا فعالا لتطوير واصلاح اسواق الاورق المالية من خلال تعزيزها لحجم المعروض من الاسهم وجذبها لاستثمارات الحافظة الى هذه الاسواق ومن ضمنها استثمارات المغتربين الموجودة حاليا في اسواق مالية اجنبية.

ففي الكويت مثلا تمكنت الهيئة العامة للاستثمار من بيع أسهم الدولة في حالي 26 شركة مدرجة او ادرجت في البورصة أي حوالي 80% من مجموع الشركات التي تم التعامل فيها منذ بدء البرنامج في عام 1993 وحتى نهاية عام 2001 كما بلغ مجمل ايرادات الخصخصة في الكويت.

ختاما

أصبحت الخصخصة منهجا وأسلوبا اعتمد عليه العديد من الدول النامية والمتقدمة للتخلص من الحجم الزائد للقطاع العام وتحقيق الكفاءة الاقتصادية بصفة عامة والكفاءة الإنتاجية في وحدات القطاع العام بصفة خاصة، بحيث أصبح مصطلح الخصخصة من أهم المصطلحات على الساحة الاقتصادية العالمية، وفي ظل التحولات المعاصرة في كثير من الدول، كسياسات التحرير وإعادة الهيكلة، وتحول دور الدولة من الدور الإنمائي إلى الدور التصحيحي، وتعزيز دور القطاع الخاص والانفتاح الاقتصادي والانتقال إلى اقتصاد السوق. وفي ظل تنامي المشاكل الاقتصادية في الدول النامية، ذهب هذا البحث للتعرف على آثار سياسة الخصخصة كأداة من أدوات السياسة الاقتصادية وعلى أهدافها وأساليبها، وتمكنا من معرفة ما إذا كانت الخصخصة حلا للمشاكل الاقتصادية التي عانت منها الدول المتقدمة سابقا ولازالت تعاني منها بعض الدول النامية

المراجع

د. هيثم عبد القادر الجنابي. (1)

المحامي الاستاذ/محمد بن عفيف.                              اعداد أ./حمدان الذيباني

 

 

 

 

 

 

 

 عمالة الأطفال

مقدمة

تعد ظاهرة تشغيل الاطفال ظاهرة خطيرة تمس كيان المجتمع، وهي من الظواهر التي أسالت مداد العديد من الكتاب، وأثارت جدلا دوليا واسعا في إظهارها على ارض الواقع بالرغم من تعقدها وتفاوت مسبباتها التي تتفاعل في تكوينها عوامل متعددة ومتنوعة، ففي المجتمعات الفقيرة يكون عمل الأطفال مورود دخل الأسر، مما يؤدي الى تراتبية حتميه يكون الطفل أول ضحاياها، لأنه ولا بلا شك سيحرم أولا من متابعة تعليمة وسيدخل ميدانا غريبا عنه وغير متناسب مع قدراته.

أهمية البحث:

تتجلى أهمية البحث في الإحاطة بظاهرة عماله الاطفال وبعدها غير المشروع وظروفها غير الصحية، ومحاولة التعرف على أبعادها التنموية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، انها ظاهرة معقدة يصعب تحليها ومحاربتها بصورة فعالة وكامله.

أهداف البحث:

1-   التعرف على ظاهرة عمالة الاطفال، والوقوف الفعلي على أسبابها ونتائجها.

2-   المساهمة في نشر الوعي لدى المجتمع والاسرة وإيجاد ضمانات فعالة لحماية الطفولة ومنع الإساءة إليها.

3-   حلول مشكلة ظاهرة عمالة الاطفال عربيا

التعريف بعمالة الاطفال

يعرف صندوق الأمم المتحدة للأطفال unicef عمالة الأطفال على أنها:

كل عمل ضار بصحة الطفل أو بنموه أو رفاهيته، بحيث تستثنى تلك الاعمال النافعة التي تتناسب مع أعمارهم والتي تساعد على تطورهم الجسماني والعقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي دون أن تؤثر على دراستهم أو راحتهم أو متعتهم، إذ لا يوجد ما يمنع من عمل الأطفال في هذه الفرص.
ما هي أبرز الأسباب والعوامل التي فاقمت مشكلة عمالة الأطفال عالمياً؟
من المعروف منطقياً أن أي مشكلة اجتماعية واجهت أو تواجه العالم لم تخلق من العدم، بل ظهرت تدريجياً بعد انتشار أسباب وعوامل معينة طبيعية أو مفتعلة، بحيث تركت هذه الأسباب أثرها الواضح في لب المجتمع قبل أن تؤدي لظهور هذه المشكلة، سنتعرف فيما يلي عن أهم الأسباب التي أدت لانتشار ظاهرة العمالة عند الأطفال.

·       عدم المساواة الاجتماعية تبيّن أن عدم المساواة الاجتماعية بين الأطفال (إعارة الاهتمام للأذكى والأجمل والأكثر قدرة على الاندماج في المجتمع, وإهمال من هم عكس ذلك) كذلك التفرقة العنصرية وسوء المعاملة، (الأسرية أو داخل المدرسة والمجتمع الخارجي) وخاصة في الدول أو المدن التي تحوي خليط من السكان الأصليين والأفراد المهجرين أو النازحين من مدن أو بلدان أخرى، من الأسباب الرئيسية لانتشار عمالة الأطفال ووصولها للحد الذي بلغته الآن في هذه الدول.

·       الفقر يعتبر الفقر من العوامل المهيمنة والمؤدية لانتشار العمالة عند الأطفال، فبوجود الأسر الفقيرة أو التي تعيش تحت خط الفقر في بعض الدول النامية، يضطر بعض الأطفال لزيادة مدخول الأسرة لتأمين أبسط متطلبات الحياة المتمثلة في الطعام.

·       الحالة الاقتصادية للدول إن وجود الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تضرب غالبية الأسر في دول معينة (نتيجة الحروب أو ضغوطات أخرى) تدفع بعض الآباء لإرسال فلذات أكبادهم وبأعمار صغيرة قد تقل عن 7 سنوات للعمل بهدف الحصول على مصدر دخل إضافي للمساعدة في مصروف الأسرة, إلا أن ما يفعله هؤلاء الآباء غير مبرر له وغير منطقي طبعاً، فأعلى المسؤوليات التي ينبغي على الطفل تحمّلها في عمر كهذا هي الدراسة لتأسيس مستقبله. تبيّن أنه حتى هذه اللحظة يوجد أكثر من 70 مليون طفل في الدول الفقيرة حول العالم يعملون في الزراعة والمناجم وحقول التبغ.

·       اندلاع الحروب مع اندلاع الحروب تتضاعف معاناة الجميع، إلا أن حصة الطفولة من المأساة تصل إلى حد مدمّر، حيث يزداد التحاق الأطفال بسوق العمل، ومع زيادة تهجير الأسر المفككة يفقد الآباء أعمالهم ومصادر دخلهم، فيضطر بعض الأطفال للعمل لتأمين بعض حاجيات الأسرة الأساسية، وهذا ما نراه للأسف في وسط المجتمعات التي تعاني من حروب أو المجتمعات التي هاجر إليها الهاربون من الحرب، ويوضّح التاريخ أنه خلال الحرب العالمية الثانية ازدادت نسبة الأطفال الذين تركوا المدارس من أجل العمل بشكل غير قانوني في معامل ومصانع داخل الولايات المتحدة الأمريكية

·       الجهل يدفع الأطفال لترك التعليم من أجل العمل ينتشر الجهل بشكل كبير في البيئات البسيطة وغير المتعلمة، فانعدام المعرفة الكافية والثقافة اللازمة التي حرمت منها بعض الأسر نتيجة عادات اجتماعية بالية أو أسباب اقتصادية معينة، وبهذا تنتشر ظاهرة العمالة على أنها واجب على الأطفال لبناء شخصيتهم وتعزيزها
والمشاركة بشكل فعال في أسرهم، دون التطرق إلى آثارها السلبية على نفسية الطفل وحياته، حيث تبيّن أنه يوجد 65 مليون فتاة، و56 مليون فتى لا يحصلون على حقهم الضروري في التعليم حول العالم.

·        

ما هي أخطر الآثار والنتائج والأضرار الناتجة عن عمالة الأطفال؟
يترتب على الظواهر الاجتماعية السلبية مثل عمالة الأطفال نتائج كثيرة تؤثر على الأطفال بشكل خاص، وتفكك الروابط الأسرية، وتخرب بنيان المجتمع بشكل عام. حيث لا يمكن التهرب من هذه النتائج أو إنكارها إلا بالقضاء على أسباب المشكلة وحلّها، سنستعرض فيما يلي أهم النتائج الملموسة لعمالة الأطفال، تابعوا معنا قرائنا الأعزاء.

·       أضرار نفسية وجسديةتسببت عمالة الأطفال في الكثير من الأضرار الجسدية بحق الأطفال، مثل هذه الأخطار كانت ناتجة عن الأعمال الخطيرة التي لا تناسب سن هؤلاء الأطفال (كالعمل على آلات ثقيلة أو العمل باستخدام وسائل حادة)، بالإضافة للأضرار النفسية التي سيعاني منها الأطفال نتيجة الاستغلال والجهد والإرهاق نتيجة العمل وعدم توفر استقرار نفسي لهم, مثل أقرانهم من الأطفال غير العاملين، والأهم نتيجة خسارتهم طفولتهم والقدرة على تأسيس مستقبل حقيقي من خلال الدراسة في المدارس والجامعات، أي خسارتهم أبسط حقوقهم الإنسانية.

·       الحرمان من التعليم كما أوضحنا سابقاً أن عمالة الأطفال أحد الأسباب الرئيسية لحرمان الأطفال من التعليم، وسبب أساسي للتسرب من المدارس، حيث أنه كلما زادت نسبة الأطفال العاملين، زادت نسبة التسرب من المدارس وقل عدد الأطفال المتمتعين بأبسط حقوقهم ألا وهو التعليم برغم جهود بعض الدول في جعل التعليم في مرحلته الأساسية مجانياً.

·       الاستغلال الجنسي تبين أن معظم ضحايا الاستغلال الجنسي هم من الأطفال العاملين، حيث بلغ عدد الأطفال الذين تم استغلالهم من قبل المؤسسات أو الأفراد 4،5 مليون طفل، مستغلين خجل الأطفال من الإبلاغ عنهم وجهلهم بما يحدث وخوف الأطفال من خسارة العمل الذي لن يستطع تأمين لقمة العيش إلا من خلاله.

·       زواج القاصرات إن أحد أخطر نتائج عمالة الأطفال هو زواج القاصرات، حيث تبين أنه كلما انتشرت العمالة أكثر، ازدادت نتائجها خطورة، حيث يتم استغلال حاجة الآباء للمدخول الإضافي لعقد صفقات تتضمن الزواج من القاصرات لقاء مبلغ معين من المال. كما ترى الفتاة القاصر في الزواج خلاصها من شروط العمل الصعبة والضغوطات الأسرية المرعبة، جاهلة نتائج زواجها المبكر.

·       أطفال الشوارع (عصابات الأطفال) في سياق آخر، تؤدي ظاهرة عمالة الأطفال إلى استغلال الأطفال جسدياً ونفسياً من قبل جماعات اجرامية بهدف القيام بعمليات السرقة والنشل، مستغلين حاجة الأطفال للمال وجهل الأهل بما يحدث، خاصة في الدول النامية أو دول العالم الثالث، معرضين حياة الأطفال للخطر الجسدي والنفسي الكبير، وفي أسوأ الحالات إلى الموت.

عمالة الأطفال عربياً:

إليكم أحدث الإحصائيات عن نسب البطالة في بعض بلدان الوطن العربي.
في يومنا هذا يوجد 9.2 مليون طفل يعمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أي 8.4% من نسبة الأطفال العاملين في العالم.

 إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تناقص نسب العمالة بين الأطفال (حيث انخفضت نسبة عمالة الأطفال الإناث بنسبة 40% مقارنة مع انخفاض عمالة الذكور بنسبة 25% منذ عام 2000م)، لاتزال توجد أعداد هائلة من الأطفال العاملين في الكثير من الدول العربية.
وعلى سبيل المثال، بلغ عدد الأطفال العاملين في اليمن 1.3 مليون طفل من أصل 7.7 مليون طفل بمعدل 21% من مجمل الأطفال في اليمن، في حين أنه في سوريا تبيّن أن نسبة الأطفال المشاركين في النشاطات الصناعية والاقتصادية وصلت إلى 17.8% من عدد الأطفال الإجمالي.

 تنظيم رعاية الطفل العامل في قانون حقوق الطفل اليمني:

·       بين القانون اليمني من حيث حدود السن القانوني لتشغيل الأطفال، أيضا تضمن ابرام العقود معهم وفقا لنماذج العقود المعدة من الوزارة.

·       كفل القانون اليمني للطفل الحق بالعلاج والتعويض اللازم وفقا للقوانين النافذة أيا كان بسبب الإصابة

·       اجراء الكشف الطبي اللازم قبل التحاقهم بالعمل للتأكد من مدى لياقتهم البدنية والصحية للعمل مع اجراء الكشف الطبي الدوري, ولا يتحمل الطفل أي نفقات مالية مقابل الكشف الطبي.

·       لا يجوز ان تزيد ساعات العمل اليومي للطفل عن ست ساعات متواصلة, ولا يجوز تشغيل الطفل ساعات إضافية أو في أيام الراحة الأسبوعية, وفي جميع الأحوال يمنع تشغيل الطفل ليلا فما بين الساعة السابعة مساء والسابعة صباحا.

·       على صاحب العمل الذي يستخدم أطفالاً عاملين أن يضع سجلاً بالأطفال العاملين وأوضاعهم الاجتماعية والمهنية, يبين فيه أسم الطفل العامل وعمـره، وولي أمره، وتاريخ مباشرة العمل ومحل إقامته وأي بيانات أخرى تعتمدها الوزارة.

·       يستثنى من هذا الأطفال العاملون الذين يعملون في أعمال عائلاتهم تحت إشراف رب الأسرة، وعلى أن يتم العمل في هذه الأحوال وفق شروط صحية واجتماعية ملائمة.

حلول مشكلة عمالة الأطفال عربياً:


 
أكدت منظمة الأمم المتحدة United Nations طلبها من جميع الدول العربية التعاون فيما بينهم لمعالجة آثار عمالة الأطفال والقضاء على الأسباب المؤدية لظهور هذه المشكلة، وطالبت الدول بوضع جدول زمني وأجبرتهم على الالتزام به بحيث يتم التخلص من هذه المشكلة بأسرع وقت. كما أوضحت منظمة الأمم المتحدة من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع لها United Nations Human Rights Council أهمية محاربة عمالة الأطفال ووضع القوانين اللازمة لضبط هذه المشكلة ومحاسبة الدول التي لا تلتزم بهذه القوانين، كما بيّنت الحد الأدنى للسن القانوني للعمل، حيث سلّطت الضوء على الأمور الواجب مراعاتها لحماية الطفولة من الاستغلال، وتم اعتماد هذه الاتفاقية بشكل رسمي عام 1976م.

وضع القوانين والأنظمة والعقوبات الصارمة على أرباب العمل الذين يحاولون تشغيل الأطفال دون السن القانوني.

 تحسين الظروف المعيشيّة للأطفال الذين يعانون من الفقر؛ من خلال خدمات الإعانة، والزكاة، والمساعدة بين الحين والآخر.

مُتابعة الأطفال في المدارس للحيلولة دون تسربهم أو تركهم للدراسة، والتركيز على التعليم المهني الذي يعلم الأطفال الضعيفين في الدراسة الأكاديميّة مهناً تقيدهم في المستقبل.

تقديم الخدمات النفسيّة للأطفال الذين يعانون من التفكك الأسري والمشاكل الأسريّة، ومحاولة حلّ مشاكلهم بكل سريّة وخصوصيّة.

 توفير الأعمال المناسبة لأعمار الأطفال في فترات العطل من المدرسة، سواءً لمُساعدتهم في تحصيل مصروفهم، أو لقضاء أوقات الفراغ لديهم، وبالتالي يكونون بحالة نشاط عند عودتهم للدراسة، بحيث تكون هذه الأعمال تحت رعايةٍ حكوميّة للمحافظة على سلامة الأطفال.

في النهاية، نرى أن العمالة مشكلة حقيقية تواجه مجتمعاتنا، ولابد لنا من محاربتها والقضاء على أسباب حدوثها.

 إن هذه المشكلة سوف تبقى العائق الأساسي أمام تقدم المجتمع العربي وتطوره، ولابد لنا من التعاون من أجل تخفيف الآثار التي تخلفها عمالة الأطفال، وإعادة الطفولة لمن هم أمل المستقبل والمساعدة بمنح هؤلاء الأطفال كل حقوقهم التي حرموا منها بشكل أو بآخر.

المراجع والمصادر

قانون رعاية الاحداث اليمني

الدكتور ماهر سلامة

الدكتورة ميساء حموري

الدكتورة سراء فاضل الانصاري.

 

إعداد/أ. حمدان الذيباني