الوصية الواجبة لابناء الابن وفقا للفقه والقانون اليمني


تعريف الوصية الواجبة
-(1الوصية في اللغة : 
يقصد بالوصية في اللغة الوصل يقال وصيت الليلة باليوم أو صلها، فكأن الموصي لما أوصى بالشيء وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف لأن الموصي يصل بها ما كان في حياته بعد مماته أو لان الموصي يصل خير دنياه بخير أخرته لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه مسلم في صحيحه (إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وقد وردت في القرآن الكريم بمعان مختلفة ومنها الإيصاء أي العهد الذي هو فعل الموصي لقوله تعالى في سورة العنكبوت الآية 03 (ووصينا الإنسان بوالديه)، كما وردت بمعنى اسم المفعول، قال تعالى في سورة النساء الآية 15 (من بعد وصية يوصي بها او دين)، كما وردت بمعنى الأمر في سورة البقرة الآية 130 قال تعالى (وأوصى بها إبراهيم بنيه) وبمعنى الفرض والوجوب كما في قوله تعالى في سورة النساء الآية 10 يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).
 2) -الوصية في اصطلاح: -
  للوصية في اصطلاح الفقهاء تعاريف مختلفة باختلاف مذاهبهم لكنه يبقى مجرد اختلاف شكلي لا يمس الجوهر والمضمون فقد عرفها ابن عرفة في حدوده بكونها " عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته او نيابة عنه بعده " وعلى العموم تبقى الوصية في مفهومها أنها (تصرف في التركة مضاف لما بعد الموت) "أن الوصية عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته"   الشيء الذي يجعلها قد تبنت تعريف ابن عرفة أعلاه.
وهذا التعريف ينطبق على الوصية بمفهومها العام ويشمل الوصايا بمختلف أنواعها أما الوصية الواجبة على وجه التخصيص فإنها تستمد مفهومها من هذه التعاريف يضاف إليها ما تنفرد به من أحكام فقد عرفها محمد الزحيلي على "أنها نصيب من التركة يستحقه حفدة الميت الذين مات أبوهم او أمهم قبل أصله أو مات معه وجوبا بحكم قانوني بضوابط وشروط خاصة(،و عرفها أستاذنا عمرو لمزرع في كتابه الشعاع الفائض في علم الفرائض فقها و عملا بأنها وصية مالية ثابتة للأحفاد في تركة جدهم أو جدتهم مما ينوبهم في حصة أبيهم أو أمهم الذي توفي قبل أو مع أبيه أو أمه .
ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن الوصية الواجبة تكون لبعض الأقارب غير الوارثين (أولاد الابن، وأولاد البنت) وأنها لا تحتاج في تنفيذها إلى إنشاء من وجبت عليه، فإن أنشأها باختياره وإرادته نفذت، وإن تركها كانت واجبة بحكم القانون.
ثانيا: شروط استحقاق الوصية الواجبة
" لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية، إذا كانوا وارثين لأصل موروثهم جدا كان أو جدة أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة، فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته، وإن أوصى بأكثر كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصى لبعضهم فقط، وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر".
ويتبين من خلال هذه المادة أن شروط الوصية الواجبة هي
الشرط الأول: كون الحفيد غير وارث
اشترطت هذا الشرط كل القوانين التي أخذت بالوصية الواجبة لأن الوصية وجبت للحفيد عوضا له عما كان يستحقه من ميراث أصله لو بقى حيا  فإذا كان وارثا ولو مقدارا  قليلا فلا تجب له الوصية، كما إذا مات  رجل عن زوجته وبنت ابن توفي في حياة أبيه، فإن بنت الابن تأخذ السدس فرضا مع البنت تكملة لثلثان اقال أبو زهرة ألا يكون الفروع الذين مات أصلهم في حياة أحد أبويهم وارثين فإن كانوا وارثين ولو مقدارا قليلا لا تجب لهم  الوصية والوصية باعتبار ارث الأحفاد وعدمه لها سبع حالات يرثون في أربع ويسقطون في ثلاث فيستحقون الوصية الواجبة :
1-الذكر يرث بالتعصيب واحدا كان أو متعددا، إذا لم يحجب بابن أعلى منه.
2-الأنثى إذا كانت واحدة ترث بالفرض النصف، إن لم تكن مع البنت أعلى منها.
3-الأنثى إن تعددت يشتركن في الثلثين بالفرض إن لم تكن مع بنت أعلى منها.
4-الأنثى إن كانت مع بنت أعلى منها ترث بالفرض السدس تتمة للثلثين.
5-الذكر يسقط مطلقا إذا كان مع ابن أعلى منه.
6-الأنثى إذا كانت مع ابن أعلى منها تسقط مطلقا واحدة كانت أو متعددة.
7-الأنثى إذا كانت مع البنتين فأكثر تسقط بشرط ألا يكون معها ابن مساو لها أو أسفل منها ".
ولا تجب للأحفاد الوصية في القانون إلا في حالات السقوط وعدم الإرث، أما الحالات التي ورثوا فيها فإنهم لم يستحقوا فيها شيئا من التركة، ويأخذون نصيبهم من الإرث فقط دون الوصية الواجبة، سواء كان هذا الإرث أقل أم أكثر من الوصية الواجبه).
الشرط الثاني: كون الحفيد غير مستفيد من التركة
ألا يكون جد الحفدة أوصى لهم أو أعطاهم بلا عوض (هبة-أو صدقة...) قبل وفاته بمثل ما يستحقه من الوصية الواجبة أو باعهم بيعا صوريا بلا ثمن بمقدار ما يستحقه بالوصية وطبعا إن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت لهم التكملة، وإن بأكثر كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصى للبعض دون البعض الآخر كانت الوصية الواجبة لهذا البعض الآخر بقدر نصيبه والوصية الواجبة باعتبار استفادة الحفدة من الميراث خمس حالات:
1-ألا يعطيهم الجد شيئا، فتجب لهم الوصية قانونا.
2-أن يعطيهم ما يستحقونه فلا تجب لهم الوصية الواجبة.
3-أن يعطيهم أكثر مما يستحقونه، فيكون لهم حكم الوصية الاختيارية فإن تجاوز الثلث تعلق على إجازة الورثة أو رفضهم كما سبق.
4-أن يعطيهم أقل مما يستحقون، فيجب لهم إكمال باقي حصتهم على أساس الوصية الواجبة.
5-أن يعطي البعض دون البعض، فتجب الوصية لمن لم يعطى
الشرط الثالث: موت وارث الحفدة قبل أصله أو معه.
 على اشتراط موت والد الحفدة أو والدتهم قبل أصله أو معه، والوصية باعتبار هذا الشرط على ثلاثة أقسام:
1-موته بعد أصله، فيستحق ورثته كلهم أبناء أو غيرهم حصته كلها إرثا عنه لا وصية واجبة.
2-موته قبل أصله، فتجب الوصية لأولاده الذكور والإناث معا حسب القانون المغربي والمصري، أو الذكور فقط حسب القانون السوري.
3-موته مع أصله في حادثة كالغرق، وحوادث السير والزلازل، فتجب لأولاده الوصية مثل موته قبله
الشرط الرابع: عدم مجاوزة الوصية الواجبة الثلث
نصت كل التشريعات العربية التي أخذت بالوصية الواجبة على اشتراط عدم مجاوزتها لثلث التركة، وإلا ردت حصتهم إلى الثلث وبطل الباقي لأن الوصايا محدودة بالثلث فإن تجاوزتها تعلق نفاذها بإجازة الورثة الرشداء
الفقرة الثانية: التأصيل الفقهي للوصية الواجبة
ينطلق الحديث عن المستند الفقهي للوصية الواجبة من قوله تعالى:) كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين، فمن بدله بعد ما سمعه فإن إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم)  
 قال جمع من أئمة الفقه والحديث من صحابة وفقهاء تابعين أن الآية في وجوب الوصية، وأنها نسخت الوصية للوالدين والأقربين الوارثين فقط، وبقي العمل بالوصية لغير الوارثين. وهو قول الحسن البصري وسعيد بن المسيب، ومسروق وطاووس والضحاك، وأحمد بن خليل وداوود الظاهري وابن راهوية وابن حزم ، ومع قولهم بأن آية الوصية لم تنسخ، اعتبروا أن عدم العمل بها أمر ديني، وأن الإنسان يأثم ديانة بتركها، أما الإمام ابن حزم فقد ذهب وحده إلى القول بأن الوصية واجبة ديانة وقضاء، فإن لم ينشئها الموصي لأقربائه الذين لا يرثون وجبت على الورثة لقوله تعالى)إذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه  فإن امتنع الورثة من إخراجها، كان لولي الأمر ذلك، دون أن يحدد ابن حزم نصابا معينا وترك تحديد نصابها إلى اجتهاد ولي الأمر بحسب تصوره حسب ظروف التركة وعدد من يستحقون العطية.

اولا: مستحقو الوصية الواجبة
 "تكون هذه الوصية لأولاد الابن وأولاد البنت ولأولاد ابن الابن وإن نزل واحدا كانوا أو أكثر للذكر مثل حظ الانثيين، يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط".
يتبين انطلاقا من هذه المادة أن المشرع المغربي وسع دائرة المستفيدين من الوصية الواجبة فبعد أن كانت مدونة الأحوال الشخصية تحصرها في أولاد الابن فقط أصبحت في ظل مدونة الأسرة تشمل أولاد البنت على الشكل التالي:
أ: أولاد الابن وإن نزلوا أو ما يصطلح عليهم بأولاد الظهور في القانون المصري وهم من لم يكن في اتصالهم بالموروث أنثى.
ب: أولاد البنت ذكورا أو إناثا وينحصرون في الطبقة الأولى من أبناء البطون بالمفهوم الحنفي
كما نجد أن الوصية الواجبة يستحقها أولاد الظهور وأولاد البطون مطلقا وإن نزلوا وهذا ما قال به القانون الجزائري مفهوما والقانون الإماراتي منطوقا وبهذا يتبين لنا أن القوانين كلها اتفقت على أن الأحفاد من الابن-وإن اختلفت المصطلحات الشرعية في تسميتهم -يستحقون الوصية الواجبة مطلقا وإن نزلوا أما الحفدة من البنت فقد اختلفوا في مسألة استحقاقهم للوصية الواجبة
 جاءت بمستجد فيما يخص الوصية الواجبة وهو أنها أوجبت للطبقة الأولى من أولاد البنت ذكورا وإناثا).
كما أن الوصية الواجبة تقسم بينهم على أساس قاعدة التفاضل، أي للذكر مثل حظ الاثنين وهذا ما يميز الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية وحيث أن هذه الأخيرة تقسم بالتساوي بين الموصي لهم إلا أن يصرح الموصى بالتفاضل، غير أن التنزيل فالأصل فيه أن يكون بالتفاضل شأنه شأن الوصية الواجبة، إلا أن يصرح المنزل-كسرا-بالمساواة فيكون التنزيل حينئذ كالوصية الاختيارية
إضافة إلى قاعدة التفاضل نجد قاعدة الحجب حيث نصت أن كل أصل يحجب أولاده وفروعه دون أولاد غيره ولو كانوا أسفل منه في الدرجة التي ينتسب من خلالها إلى الميت وذلك وفقا للقاعدة التي تقول "كل من أدلى إلى الميت بشخص لا يرث بوجود ذلك الشخص، إلا الأخوة لأم" وللقاعدة" من كان ببطن أقرب يقدم على الذي كان ببطن أبعد
ثانيا: مقدار الوصية الواجبة
 على أن "الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موت موروثهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز تلت التركة"  الوصية الواجبة لهؤلاء الحفدة والحفيدات تكون بمقدار نصيبهم مما كان يستحقه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موته بعد وفاة أبيه أو أمه أي على فرض تحقق شرط الإرث المتمثل في وفاة الابن أو البنت بعد وفاة الأصل بمعنى أننا نعتبرهما في العمل التمهيدي كأنهما توفيا بعد وفاة الجد أو الجدة ونمضي في العمليات الفرضية على هذا الأساس) من هنا يتبين أن مدونة الأسرة لم تترك الوصية الواجبة دون تحديد وإنما حددت لها حد أقصى لا يمكن تجاوزه وهو الثلث من التركة فإن كانت حصة من تجب لهم أكثر من ذلك حصرت في الثلث كسائر الوصايا.
وإن كان أقل من ذلك أعطوا ما يستحقون ويتمثل الحد الأدنى للوصية الواجبة بمقدار الحصة التي كان سيرثها موروثهم عن أصله المتوفى لو بقي حيا.
 نصيب الحفدة يتحدد حسب حصتهم في مسألة أبيهم أو أمهم؟
فذهب رأي أول إلى أن نصيب مستحقي الوصية الواجبة يكون بمقدار سهم أبيهم أو أمهم لا بمقدار سهمهم مما يرثه أبوهم أو أمهم، أي أن ما يرثه الابن المتوفي (أو البنت المتوفاة) سيوزع فقط على أولاده دون باقي ورثته الآخرين وبالتالي استخراج الوصية الواجبة عن طريق سلوك عملية التنزيل بالمساواة والتي تصير فيها الفريضة عائلة.
في حين يذهب الرأي الثاني ويمثله الدكتور الغازي الحسيني رحمه الله  إلى القول بأن مقدار الوصية الواجبة هو مقدار الحصة التي يرثها الأحفاد من الحصة التي يرثها أبوهم من جدهم أو من جدتهم على فرض أنه بقي حيا بعد أبيه أو أمه (أو جدة أو جدته) وليس مقدار الوصية الواجبة هو جميع الحصة التي يرثها والد الأحفاد من أبيه أو أمه لأن القانون المغربي لم يطبق عليها مقدار التنزيل بالمساواة بل حددها بمقدار آخر يساويه أو يكون أقل منه ،والقول بخلاف ذلك أي حول الوصية الواجبة من حصة الابن المتوفى مع وجود من يرثه بالفرض فيه تضييع لورثة الأصل في جزء ميراثهم
"يكون نصيب الأحفاد بمقتضى الوصية الواجبة مساويا لنصيبهم في والدهم فيما يرثه من جدهم على فرض تأخير وفاته عليه فنصيب الطاعنة باعتبارها الوارث الوحيد لوالدها هو النصف فيما يرثه من والده وليس جميع الحصة التي كان سيرثها لقوله تعالى: "وإن كانت واحدة فلها النصف"، إن الفصل اقتسام الوصية الواجبة بين الأحفاد وما يتعرض له عمود نسبهم من حجب الأصل لفرع دون فرع غيره واختصاص كل فرع لم يحجب بأصله بما ينوب أصله
الفقرة الثانية: إشكالية اجتماع الوصية الواجبة مع الوصية الإرادية.
إن اجتماع الوصية الواجبة مع الوصية الإرادية في فريضة واحدة قد يأتي على شكلين:
 اجتماع الوصيتين للأحفاد والأسباط الذين توفي أبوهم أو أمهم قبل أو مع وفاة أصلهم دون غيرهم أو اجتماعهما معا إضافة إلى موصى لهم آخرين، وفي كل ذلك إما أن يتسع ثلث التركة لكل الوصايا وإما أن يضيق عن الاتساع لها جميعا، وفي هذه الحالة إما أن يجيز الورثة الزائد عن الثلث أو يرفضوا إجازته وإما أن يجيزه البعض ويمتنع البعض الآخر وإما ان تكون الإجازة جزئية للبعض دون الآخر كما يمكن ان ينصب المنع عن البعض دون البعض الآخر.
ففي الحالة الأولى حيث تجتمع الوصية الإرادية والوصية الواجبة للأحفاد والحفيدات دون غيرهم كأن يوصي الجد أو الجدة لأحفاده وحفيداته  الذين توفي والدهم أو أمهم بجزء من التركة ثم يموت الجد أو الجدة، ويثبت لهؤلاء الأحفاد أو الحفيدات حقهم في  الوصية الواجبة بحكم القانون،  أنه إذا كان جدهم أو جدتهم أوصى (ت) لهم أو أعطتهم في حياتها بلا عوض مقدار ما يستحقون بالوصية  الواجبة ، فالعمل على ما تضمنته الوصية الإرادية أو العطية ولا عمل حينئذ بالوصية الواجبة ,وإن كانت الوصية  لهم بأقل ما يستحقونه بالوصية الواجبة وجبت تكملته, وإن كانت الوصية بأكثر من الثلث  كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصت لبعضهم فقط وجبت الوصية الواجبة للآخر بقدر نصيبه على نحو ما ذكر، فإن بقيت بقية بعد أخذ كل حفيد أو حفيدة ما يستحقه بالوصية الواجبة، وكانت وصية أو عطية الجد تتضمن أكثر مما يستحقه الحفيد أو الحفدة بالوصية الواجبة استحق الموصى له البقية في حدود الثلث ما لم يجز الورثة أو الحفدة الآخرون عند فيتحصل أنه عند اجتماع الوصيتين تنفذ الوصية الأكثر قيمة  الاقتضاء الزائد على الثلث وخلاصة القول إذا زادت قيمة الوصية الإرادية على قيمة الوصية الواجبة نفذت الوصية الإرادية في حدود الثلث
قانون اليمني       الوصية الواجبة
مادة (259): إذا توفي شخص ذكراً  كان أو أنثى عن أولاد أبن غير وارثين له أو كانوا وارثين موصى لهم بقدر يقل عن ميراث أبيهم فيه لو كان حيا  عند موته وكانوا فقراء أو أولاد بنت من الطبقة الأولى والدهم فقير وكانوا فقراء ولم يقعدهم المتوفى أو يوصى لهم أو أوصى لهم بأقل من نصيب مؤرثهم فيه لو فرض حيا  فيرضخ لهم من تركته بقدر نصيب مؤرثهم لو فرض حيا  أو ما يمكنه بشرط أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة وإذا تعدد الأبناء  المتوفون بنون وبنات على النحو المتقدم ذكره أشترك أبناؤهم وأبناء البنات من الطبقة الأولى في ثلث التركة كل بقدر نصيب أصله ، ويحجب كل أصل من أبناء الأبناء فرعه وتقدم الوصية الواجبة على غيرها من الوصايا التبرعية.
الله الموفق....
أعداد الباحث /فياض علي خالد الغظباني
تحت إشراف الأستاذ المحامي / أمين حفظ الله الربيعي

حق الزوج في فسخ عقد الزواج وفقا للفقه والقانون اليمني



تعريف فسخ عقد الزواج: معنى الفسخ في اللغة
الفسخ في اللغة النقض، فيقال: فسخ البيع أي نقضه وأزاله، وتفسخت الفأرة في الماء تقطعت، وفسخت العود فسخاً أزلته عن موضعه بيدك فانفسخ، وفسخت الثوب ألقيته، وفسخت العقد فسخاً أي رفعته وتفاسخ القوم العقد توافقوا على فسخه وفسخت الشيء فرقته، وفسخت المفصل عن موضعه أزلته،
وبذلك يتضح لنا أن الفسخ يطلق في اللغة على معان عدة متقاربة وهي: النقض، والتقطع، والإزالة، والإلقاء، والرفع، والتفّرق، والفساد، وهذه المعاني بينها قاسم مشترك وهو التغيير والتحويل، فهو قائم فيها كلها، فإن نقض الشيء يحول الأمر عما كان عليه سابقاً، كنقض البناء، وكذلك نقض العقد، فإنه مزيل لما يترتب عليه من الأحكام في الحال.

الفسخ في اصطلاح الفقهاء:

الفسخ في اصطلاح الفقهاء لا يخرج عن نطاق معناه اللغوي فهو عندهم حل رابطة العقد المبرم سابقاً، وهدم لكل الآثار التي كانت قد ترتبت عليه بحيث لم يعد له وجود اعتباري، وذلك من وجهة نظر الشارع فقط، لأن الفسخ لا يمكن أن يعدم العقد من الناحية المادية، فإنه قد وجد بالفعل والموجود لا يمكن أن يعتبر معدوماً من ناحية الحس، ولكنه يعتبر معدوماً من حيث إنتاجه لآثاره التي رتبها عليه الشارع، فالانعدام هنا مجازي وليس حقيقياً، وإذا انعدم العقد وأعتبر كأنه لم يكن، انهدمت كل ما ترتب عليه من أثار والتزامات وتحلل كل من المتعاقدين فيه من التزاماته فلا يستطيع أحدهما أن يلزم الآخر بشيء استنادا إلى العقد المفسوخ)1
1)المرجع (صفحة كتب ومراجع قانونيه بالفيس دراسة مقارنة للدكتور :عبد المؤمن شجاع الدين)
محاور البحث
1-   حق الزوج في فسخ عقد النكاح في الفقه الإسلامي.
2-   حق الزوج في فسخ عقد النكاح في القانون اليمني.
3-   الاثار المترتبة على طلب الزوج فسخ عقد النكاح والمحكمة المختصة بالفسخ.
4-   الفرق بين الفسخ والطلاق.
v   حق الزوج في فسخ عقد النكاح في الفقه الإسلامي
اختلف القائلون بفسخ عقد النكاح بالعيب، في ثبوت ذلك في حق الزوج بعد أن اتفقوا في ثبوته في حق الزوجة، ولهم في ذلك قولان:
القول الأول: أن للزوجين حق فسخ عقد النكاح بالعيب، وإلى هذا ذهب جمهور القائلين بجواز فسخ عقد النكاح بالعيب، وهم المالكية والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أن حق فسخ عقد النكاح بالعيب خاص للزوجة دون الزوج، يكفي الزوج ما يملكه من حق الطلاق، وإلى هذا ذهب الحنفي.
قال الكاساني: «وأما في جانب المرأة فخلوها عن العيب ليس بشرط للزوم عقد النكاح بلا خلاف بين أصحابنا حتى لا يفسخ بشيء من العيوب الموجودة فيه
فالطلاق للرجل لا ينفي أن يملك حق الفسخ؛ لأنه لا منافاة بين الحقين وكل واحد منهما يثبت بأسباب مستقلة.
وهناك عيوب بالمرأة تثبت للرجل الحق بطلب الفسخ كما ذكرها بعض الفقه الى جانب عيوب مشتركة بين الرجل والمرأة وهي
العيوب الخاصة بالمرأة:
وجملة ما ذكره الفقهاء من العيوب الخاصة بالمرأة والتي يفسخ بها عقد النكاح عند من قال به ستة عيوب، وهي عيوب خاصة بالجهاز التناسلي للمرأة، وهي:
1-   : الرتق لغة من رتق الشيء إذا سده أو لحمه أو أصلحه وفي اصطلاح الفقهاء هو: «انسداد الفرج باللحم».
2-   القرن: لغة يطلق على الطرف الشاخص من كل شيء وعلى الجمع والوصل وفي اصطلاح الفقهاء هو: «انسداد الفرج بعظم»
3-   العفل: وهو لغة يطلق على شيء يخرج من قبل النساء، شبيه بالأدرة التي للرجال وفي الاصطلاح اختلفت عبارات العلماء في تعريفه، وخلاصته أنه يطلق عندهم على معنيين:
      الأول: أنه لحم ينبت في الفرج، فيسده، لا بأصل الخلقة، فإن كان بأصل الخلقة فهو الرتق
      الثاني: قيل إنه رغوة في الفرج تمنع لذة الوطء
4-   الفتق: لغة الشق، فهو ضد الرتق وفي الاصطلاح هو: «اختلاط مسلك الذكر بمسلك البول، أو اختلاطه بمسلك الغائط» ويسمى عند بعض الفقهاء بالإفضاء.
5-   البخر: يطلق البخر في اللغة على الرائحة الكريهة والنتن وعند الفقهاء يطلق على الرائحة الكريهة في الفرج وفي الفم.
6-   القروح السيالة في الفرج: ولم أجد تعريفا محددا لها عند الفقهاء، والظاهر من كلامهم أنها يطلق على الجروح التي في الفرج ويسل منها الدم وما شابهه.

العيوب المشتركة بين الزوجين:
1-   الجنون: وهو لغة يطلق على الستر والخفاء. وفي الاصطلاح هو: «اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال على نهجة إلا نادرا»
2-   الجذام: ويطلق في اللغة على القطع، وعلى داء معروف، وسمي بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها وتساقطها.
وعند الفقهاء هو: «علة يحمر منها العضو ثم يسود، ثم ينقطع وتناثر، وينتشر في كل عضو، غير أنه يكون في الوجه أغلب».
3-   البرص: هو بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج، وعند الفقهاء هو: «بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته».
4-   العذيطة وهي لغة الحدث عند الجماع، وعند الفقهاء هي: التغوط عند الجماع.
5-   الباسور: في اللغة هو علة تحدث في المقعدة وفي داخل الأنف، وغير ذلك والأشهر حدوثها في المقعدة وعند الفقهاء هو: «داء في المقعدة منه ما هو نائي كالعدس، أو الحمص أو العنب أو التوت، ومنه ما هو غائر داخل المقعدة وكل ذلك إما سائل أو غير سائل».
6-   الناسور: هو في اللغة القطع والنقض والكشط، وعند الفقهاء هو: قروح غائرة تحدث في المقعدة، يسيل منها الصديد، ويخرج الريح، والنجو بلا إرادة.)2

2) المرجع  الملتقى الفقهي صفحة على جوجل
وهذه هي العيوب التي ذكرها الفقهاء عموما، وهي ليست متفق عليها كما سبق بيان الاختلاف في ذلك.
 فقياس ثبوت حق الفسخ بالعيب للرجل على ثبوت ذلك للمرأة بجامع التضرر، فإن كل واحد منهما يتضرر بعيب الزوج الآخر فيجب أن يثبت خيار الفسخ للجميع
فالأدلة على فسخ عقد النكاح عامة يثبت ذلك في حق الزوجين فلا وجه لتخصيص ذلك بالزوجة فقط.
ونجد أن الفسخ والطلاق طريقان مستقلان للفرقة بين الزوجين، ويترتب على كل واحد منهما من الآثار ما يختلف عن غيره، ومن ذلك التبعات المالية، فلا يصح حرمان الزوج من هذا الحق.
 ولا منافاة بين ثبوت الحقين، فلا يمنع ثبوت حق الطلاق بثبوت حق الفسخ.
حق الزوج في فسخ عقد الزواج في القانون اليمني:
نظم قانون الأحوال الشخصية مسألة فسخ عقد الزواج في المادتين (36،47) منه والتي نصتا على الاتي:
مادة(36): ـ
((يستحق نصف المهر المسمى بالطلاق أو بالفسخ إذا كان من جهة الزوج قبل الدخول فإذا كان الفسخ من جهة الزوجين معا أو من جهة الزوجة فقط فلا يستحق من المهر شيء ويكون على الزوجة رد ما قبضته مما لا يستحق لها ولا يلزمها رد مثل ما وهبته لزوجها)).
يفهم من نص المادة (36)
1-   انه إذا طلق الزوج زوجته او طلب فسخ عقد نكاحها قبل ان يدخل عليها فانه يجب عليه ان يدفع نصف المهر فيحق له ان يفسخ كما يحق له ان يطلق.
2-   يفهم أيضا ان الفسخ يصح ان يكون من الزوجين مع ترتيب اثار كل منهما بالنسبة للزوج او الزوجة.
فاعطاء المشرع الحق للزوج كالزوجة بالفسخ لعقد النكاح وهذا ما قضت به المادة(47): ـ
((لكل من الزوجين طلب الفسخ إذا وجد بزوجه عيبا منفرا سواء كان العيب قائما قبل العقد أم طرأ بعده))
فمن نص المادة نجد ان للزوج الحق بمطالبة فسخ عقد النكاح من الزوجة ولكن هذا الحق موقوف على توفر سبب من الأسباب الموجبة للفسخ او عيب من العيوب التي نصت عليها الماده 47 بالقول
 ((يعتبر عيبا في الزوجين معا الجنون والجذام والبرص، ويعتبر عيبا في الزوجة القرن والرتق والعفل))
فهذه الأسباب التي بينتها المادة سواء المشتركة او العيوب المنفردة في الزوجة والتي تجعل الحق للزوج بطلب الفسخ
وحق الزوج بطلب فسخ عقد النكاح قد يسقط بالرضا بالعيب  الا عيب الجنون والجذام والبرص والامراض المعدية  فان الرضا يجب ان يكون متجدد حتى وان سبق الرضا وهذا ما تضمنته المادة 47 بالقول((يسقط الحق في طلب الفسخ بالرضا بالعيب صراحة أو ضمناً إلا في الجنون والجذام والبرص وغيرها من الأمراض المعدية أو المستعصي علاجها فإنه يتجدد الخيار فيها وإن سبق الرضا،))

ويمكن اثبات وجود العيب عن طريق الإقرار او بتقرير طبي وهذا أيضا ما نصت عليه المادة 47 بالقول ((يثبت العيب إما بالإقرار ممن هو موجود به أو بتقرير من طبيب مختص)).
ونجد ان الوسيلة او الجهة المختصة بفسخ عقد النكاح وفقا لقانون الأحوال الشخصية هي المحكمة
 عن طريق رفع دعوى فسخ اماها بالأسباب الموجبة بالفسخ والاسانيد القانونية اللازمة
وهذا ما نجده واضح جلي بنص المادة 45 من قانون الأحوال الشخصية ان الفسخ لا يكون الا بحكم محكمة ولا اثر يترتب على الفسخ أي اثر قبل الحكم به
مادة(45):ـ
لا ينفسخ الزواج بفسخ أحد الزوجين للآخر بعيب من العيوب ونحوها من الأسباب المختلف في ثبوت الفسخ بها إلا بحكم المحكمة ولا يترتب على الفسخ شيء قبل الحكم به فإذا حكم بالفسخ وكان بعد الدخول وجب العدة أو الاستبراء من حين الحكم به.

الاثار المترتبة على فسخ عقد الزواج
1:انتهاء العلاقة الزوجية بين الزوجين
2:عدم دفع الزوج أي مبالغ للزوجة كالطلاق لان الفسخ لعيب في الزوجة
3:عدم احقية الزوج بمطالبة الزوجة ما سلمه لها مما تستحقه وعلى الزوجة رد ما لا تستحقه مما اعطاها الزوج
4ـ لا يلزم الزوجة رد شيء وهبة لزوجها مثله
وقد بينت المادة(36) الاثار المترتبة على فسخ الزوج عقد الزواج بالنص على
((يستحق نصف المهر المسمى بالطلاق أو بالفسخ إذا كان من جهة الزوج قبل الدخول فإذا كان الفسخ من جهة الزوجين معا أو من جهة الزوجة فقط فلا يستحق من المهر شيء ويكون على الزوجة رد ما قبضته مما لا يستحق لها ولا يلزمها رد مثل ما وهبته لزوجها))
 الفرق بين الطلاق والفسخ ( المرجع موقع الاهرامات جوجل)

1/الطلاق لا يكون إلا بلفظ الزوج واختياره ورضاه ، وأما الفسخ فيقع بغير لفظ الزوج ، ولا يشترط رضاه واختياره .
قال الإمام الشافعي: “كل ما حُكِمَ فيه بالفرقة ، ولم ينطق بها الزوج ، ولم يردها ... فهذه فرقة لا تُسمَى طلاقاً» انتهى ،  «الأم» (5/ 128
2/الطلاق أسبابه كثيرة ، وقد يكون بلا سبب ، وإنما لرغبة الزوج بفراق زوجته .
وأما الفسخ فلا يكون إلا لوجود سبب يُوجب ذلك أو يبيحه .
ومن أمثلة ما يثبت به فسخ العقد :
عدم الكفاءة بين الزوجين ـ عند من اشترطها للزوم العقد .
- إذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام ولم يعد إليه .
- وجود عيب في أحد الزوجين يمنع من الاستمتاع ، أو يوجب النفرة بينهما .
3/لا رجعة للزوج على زوجته بعد الفسخ ، فلا يملك إرجاعها إلا بعقد جديد وبرضاها
وأما الطلاق فهي زوجته ما دامت في العدة من طلاق رجعي ، وله الحق في إرجاعها بعد الطلقة الأولى والثانية دون عقد ، سواء رضيت أم لم ترض .
4/الفسخ لا يُحسب من عدد الطلقات التي يملكها الرجل . قال الإمام الشافعي : “وكل فسخٍ كان بين الزوجين فلا يقع به طلاق ، لا واحدة ولا ما بعدها» انتهى من «الأم» (5 /199) .
قال ابن عبد البر : «والفرق بين الفسخ والطلاق وإن كان كل واحد منهما فراقاً بين الزوجين : أنَّ الفسخ إذا عاد الزوجان بعده إلى النكاح فهما على العصمة الأولى ، وتكون المرأة عند زوجها ذلك على ثلاث تطليقات ، ولو كان طلاقاً ثم راجعها كانت عنده على طلقتين». انتهى «الاستذكار» (6 /181
5/الطلاق من حق الزوج ، ولا يشترط له قضاء القاضي ، وقد يكون بالتراضي بين الزوجين .
وأما الفسخ فيكون بحكم الشرع أو حكم القاضي ، ولا يثبت الفسخ لمجرد تراضي الزوجين به ، إلا في الخلع .
قال ابن القيم : «ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض [أي : الخلع] بالاتفاق» انتهى «زاد المعاد» (5/598
والله الموفق
                        بحث وجمع/ عبده ناجي الحيظاني
                               اشراف الأستاذ/ امين حفظ الله الربيعي