جريمة قتل الأصول لفروعهم, في الفقه والقانون
اليمني
القتل في
اللغة:
قتله يقتله قتلاً, وتقتالاً, وقتله إذا أماته
بضرب أو حجر, أوسم أو علة, والمنية قاتلة .
القتل في
الفقه:
هو العدوان على حياة إنسان بإماتته.
القتل في
القانون:
لم يعرف
قانون الجرائم والعقوبات القتل ، وإنما بين الجرائم التي تكون قتلاً ، وكذا صورها
وأحوالها .
موقف القانون في قتل الوالد لولده:
نصت المادة
(59) عقوبات على:
لا يقتص من الأصل بفرعه, و إنما يحكم بالدية
أو الأرش على حسب الأحوال.
مادة
(232)عقوبات ، بقولها:
إذا قتل الزوج زوجته هي ومن يزني بها حال
تلبسهما بالزنى, أو اعتدى عليهما اعتداء افضى على موت أو عاهة, فلا قصاص في ذلك وإنما
يعزر الزوج, الحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة, ويسري ذات الحكم على من فاجأ
احدى اصوله أو فروعه أو اخواته متلبسة بجريمة الزنا.
مادة (233)
:
إذا اعتدى الأصل على فرعه بالقتل أو الجرح فلا
قصاص, وإنما يحكم بالدية أو الارش, ويجوز تعزير الجاني في هذه الحالة بالحبس مدة
لا تزيد على ثلاث سنوات, أو بالغرامة في القتل وبالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر,
أو بالغرامة في الجرح مالم يحصل عفو.
خلاصة ما
جاء في المواد السابقة, هي أن القانون اليمني أسقط القصاص عن الوالد إذا قتل ولده,
واوجب الدية في القتل، ولم يجز القصاص بأي
حال من الأحوال.
أقوال الفقهاء:
قول
جمهور العلماء:
لا يقاد الوالد بولده ولا الجد بحفيدة إذا قتله
بأي وجه كان من أو جه العمد .
وعمدتهم
حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( .......، ولا يقاد بالولد
الوالد ) .
قول
الشافعي:
لا يقتل
والد بولد لأنه إجماع ولا جد من قِبَل أم ، ولا أب بولد ولد وإن بعُد لأنه والد.
قال
الماوردي : ولا يقتل والد بولد ولا والدة ولا جد ولا جدة بولد ولا بولد ولد وإن سفل ، سواءً قتله ذبحاً أو
حذفاً .
وقال مالك:
إن ذبحه غيلةً قتل به, وإن حذفه بسيف فقتله لم
يقتل به, استدلالاً بعموم الكتاب والسنة،
ولأن تساويهما في الإسلام والحرية يوجب تساويهما في القود كالأجانب, ولأنه لما قتل
الولد بالوالد جاز قتل الوالد بالولد .
دليل من
قال بعدم القود ما روى قتادة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال :
لا تقام الحدود في المساجد ، ولا يقاد بالولد
الوالد.
وروى محمد
بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن عبدالله بن عمرو بن العاص, أن رجلاً من بن مدلج أولد
جارية فأصاب منها ابناً ، وكان يستخدمها ، فلما شَّب الغلام قال : إلى متى تستامي
أمي أي : تستخدمها خدمة الإماء, فغضب وحذفه بسيف أصاب رجله فقطعها ومات, فانطلق في رهط إلى عمر رضي الله عنه فقال
:
يا عدو
نفسه أنت الذي قتلت ابنك, لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا
يقاد الأب من ابنه لقتلتك, هلم ديته.
قال: فأتاه بعشرين ومائة بعير, قال فخير منها
مائة فدفعها إلى ورثته ، وترك أباه.
فإن قيل إنما أسقط عنه القود للحذف ودخول الشبهة
فيه بما جعل له من تأديبه ، وهذا المعنى مفقود في ذبحه غيلة .
قيل هذا فاسد من وجهين, إنه ليس في عرف التأديب
حذفه بالسيف, فلم يجز حمله عليه .
وقيل لأن
الشبهة في الفاعل وهو ,ابوه والولد بعض ابيه ، ولا قود على الإنسان فيما جناه على
نفسه, كذلك لا قود عليه في ولده لأنه بعض نفسه .
قول
الزيدية :
لا يجب
القصاص ( لفرع ، وعبد ، وكافر على ضدهم ) فلا يجوز أن يقتص فرع من أصل ،فلا يقتل أب ولا جد ، وإن علا ، ولا أم ولا
جدة وإن علت بفرع لهم وإن سفل.
وقالوا
الزيدية مع عدم القود ، على الأصل الدية إذ لا موجب لسقوطها ، ويلزمه معها الكفارة لأن
عمده خطأ .
قول المالكية:
لا يقاد الأب بالابن إلا أن يضجعه فيذبحه ، فأما
إن حذفه بسيف أو عصا فقتله لم يقتل، وكذا الجد عنده مع حفيده.
وعمدة مالك
عموم القصاص بين المسلمين ، وسبب اختلافهم
حديث الرجل من بني مدلج المذكور انفاً ، فإن مالك حمل هذا الحديث على أنه لم يكن
عمداً محضاً ، وأثبت منه شبه العمد فيما بين الابن والأب .
قول
الحنفية:
لو قتل
الأب ولده لا قصاص عليه ، وكذلك الجد أب الأب أو أب الأم وإن علا ، وكذلك إذا قتل
الرجل ولد ولده وإن سفلوا ، وكذا الأم إذا قتلت ولدها أو أم الأم أو أم الأب إذا
قتلت ولد ولدها ، الأصل فيه ما روي عن النبي علية الصلاة والسلام أنه قال : ( لا يقاد الوالد بولده ) واسم الوالد
والولد يتناول كل والد وإن علا ، وكل ولد وإن سفل .
ولوكان في
ورثة المقتول ولد القاتل أو ولد ولده ـ فلا قصاص ، لأنه تعذر إيجاب القصاص للولد
في نصيبه ، فلا يمكن الإيجاب للباقين ، لأنه لا يتجزأ ، وتجب الدية للكل ، ويقتل
الولد بالوالد لعموم القصاص من غير فصل، ثم خص منها الوالد بالنص الخاص ، فبقي
الولد داخلاً تحت العموم. ولأن القصاص شرع لتحقيق حكمة الحياة بالزجر والردع ،
والحاجة إلى الزجر في جانب الولد لا في جانب الوالد ، لأن الوالد يحب ولده لولده
لا لنفسه ، وفيه ايضاً زيادة شفقة تمنع الوالد عن قتله ، وذاك ليس في الولد ،
وكذلك قد يتعجل الولد بقتل والد للحصول على املاكه ، ومثل هذا يندر من جانب الأب .
قول
الحنابلة:
لا يقتل والد بولده ، وإن سفل ، وجملته أن الأب
لا يقتل بولده ، والجد لا يقتل بولد ولده ، وإن نزلت درجته ، وسواءٌ في ذلك ولد
البنين أو ولد البنات ، والأم في ذلك كالأب .
وممن نقل
عنه أن الوالد لا يقتل بولده ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه .وبه قال ربيعة ،
والثوري ، والأوزعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .
وقال ابن
نافع ، وابن عبد الحكم ، وبن المنذر :يقتل به لظاهر أي الكتاب ، والأخبار الموجبة
للقصاص ، ولأنهما حران مسلمان من أهل القصاص, فوجب أن يقتل كل واحد منهما بصاحبه ،
كالأجنبيين .
لا قصاص
على الوالد في قتله ولده وإن لم يتساويا في الدين والحرية ، وسواءٌ كان الوالد
مساويا للولد في الدين والحرية ، أو مخالفاً له في ذلك ، لأن انتفاء القصاص لشرف
الأبوة ، وهو موجود في كل حال ، فلو قتل
الكافر ولده المسلم ، أو قتل المسلم أباه الكافر, أو قتل العبد ولده الحر، أو قتل
الحر ولده العبد ، لم يجب القصاص لشرف الأبوة فيما إذا قتل ولده ، وانتفاء
المكافأة فيما إذا قتل والده.
في القاعدة القضائية:
م( جواز إيقاع عقوبتين فأكثر على الجاني ـ أثر
تنازل أولياء الدم عن القصاص )
وذلك من
خلال ما ذكر في حيثيات موضوع الحكم الفقرة الثالثة بقولها:
( ............، وعقوبة الدية والحرمان من
الميراث في قتل الوالد لولده وغير ذلك مما هو مقرر في الشريعة الإسلامية ، ....)
المصادر
والمراجع :
-
القرآن الكريم ، سورة
البقرة ، الآية رقم 178, سورة الإسراء ،الآية رقم 33, سورة المائدة ، الآية رقم 32,
سورة النساء ، الآية رقم 93.5ـ
-
المنتزع المختار من الغيث المدرار المعروف بـ شرح
الأزهار ـ المجلد العاشرـ الطبعة الأولى
لسنة (1424هـ ـ 2003م ) ـ كتاب الجنايات ـ الحاشية صـ 160 ـ مكتبة التراث
الإسلامي ـ الجمهورية اليمنية ـ صعدة ـ للعلامة / ابوالحسن عبدالله بن مفتاح رحمه
الله.
-
لمنتزع المختار من الغيث المدرار المعروف بشرح الأزهارـ
مشار إليه سابقاً.
-
الحاوي الكبير في فقه مذهب
الامام الشافعي رضي الله عنه و
هو شرح مختصر المزني ـ الجزء الثاني عشر ـ الطبعة الأولى لسنة (1414هـ ـ
1994م) ـ كتاب القتل ـ باب تحريم القتل صـ5 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان ـ
للإمام / أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري المتوفي سنة 450
هـ.
-
لسان العرب ـ المجلد الحادي عشر ـ دار صادر ـ بيروت ـ
(قتل) باب اللام فصل القاف ـ لمحمد بن مكرم بن علي بن منظور المتوفي سنة 711هـ .
-
قانون الجرائم والعقوبات اليمني ـ رقم 12 لسنة
1994م وتعديلاته حتى سنة 2006م.
-
بداية المجتهد ونهاية المقتصد ـ الجزء الرابع ـ الطبعة
الأولى لسنة 1415هـ ـ كتاب القصاص في النفوس ـ صـ 303ـ مكتبة ابن تيمية ـ القاهرة
ـ للإمام القاضي / ابي الوليد محمد بن
أحمد بن محمد بن رشد الحفيد ـ المتوفي سنة 595هـ .
-
الحاوي الكبير في فقه مذهب الامام الشافعي رضي الله عنه
و
هو شرح مختصر المزني ـ مشار إليه سابقاً.
-
المنتزع المختار من الغيث المدرار المعروف بـ شرح
الأزهار ـ مشار إليه سابقاً.
-
بداية المجتهد ونهاية
المقتصد ـ مشار إليه سابقاً.
-
بدائع الصنائع في ترتيب
الشرائع ـ الجزء العاشر ـ الطبعة الثانية لسنة (1424هـ ـ 2003م ) ـ كتاب الجنايات
ـ صـ 241ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان ـ للإمام / علاء الدين أبي بكر بن
مسعود الكاساني الحنفي المتوفي سنة 587هـ.
-
المغني ـ طبع عام 2004م ـ بيت الأفكار الدولية ـ لبنان ـ
للإمام/ موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي المتوفي
سنة630هـ .
-
جلسة 17 / شوال/ 1435هـ الموافق 25/ 11 / 2004م ـ في
الطعن رقم (20240) لسنة 1425هـ (جزائي).
إعداد/ يوسف احمد صالح الكميم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي