الفروق الجوهرية بين الشنق والخنق والانتحار وتوصيف الجريمة

الفروق الجوهرية بين الشنق والخنق والانتحار وتوصيف الجريمة
الواقع يؤكد أنه خلال عام 2018 حدثت العديد من وقائع الشنق والخنق قتلاَ والانتحار، حيث أنه كان يتم الاختلاف وتتباين الأراء والتنبؤات حول هذه الجرائم ومن ثم يتم الإعلان من قبل المختصين بأن توصيف الحالة شنق انتحاري وليس جنائي، الأمر الذى بدوره كان يؤدى إلى حالة من اللغط ولما كان هذا الموضوع من المواضيع الهامه والتى يجب ان يلم بها الكل مع رجال القانون من المحامين ورجال الشرطه واعضاء النيابة العامه لما له من اهمية بالغه فى كشف كثير من الواقع المتصله به جنائية كانت او غير جنائية .
وفى المبحث التالى  نرصد البديهيات والأدلة التي يمكننا استنتاجها من الواقعة أو الصورة أو الفيديو  على أن الحادثة هذه هي انتحار وما هي الأدلة التي تتشابه وتحتمل أن تكون جنائية، والفرق بين الشنق والخنق والانتحار –
أولاَ: الشنق وتعليق الجسم من نقطة ثابتة بواسطة رباط «حبل» حول العنق لمدة كافية تؤدى للوفاة.
التعليق بجسم كله أو لجزء من الجسم وقد يكون التعليق مستند أو تعليق حر، لذالك فإن الشنق إما أن يكون نموذجى «شنق تام»، وفيه يكون الجسم معلق بنقطة ثابتة دون أن يكون مستند على أى سطح تحته «تعليق حر» وهذا ما يحدث عادة فى حالات الشنق القضائي أو حالات الانتحار –
وقد يكون غير نموذجى «شنق غير تام»، وفيه يكون الجسم ملامسا فى أحد اجزائه لسطح ما «تعليق مستند» أى قد يكون التعليق بوضعية الجلوس أو الوقوف أو النوم الاضطجاع وهذا ما يشاهد فى حالات الشنق الجنائي، وعادة يتم الشنق بمعرفة الجهات المختصة وهي الشرطة .
نتناول معاً بإيجاز آلية عملية الشنق بنسبة لحبل الشنق إما أن يكون قاسى أو لين
وتختلف طريقة الشنق بوضع الحبل فأما أن يلف الحبل حول العنق ثم يتم التعليق أو قد يكون الحبل لة عروة مشكلا حلقة يوضع فيها العنق ثم يتم التعليق وقد يكون الحبل على العنق مباشرة ويشد من الطرفين وعادة ما يسبب ذلك سحجات بالعنق ويكون الآثر عميق وله حافتين واضحتين ومتوافق مع وجود آثار لكدمات وسحجات وقد يحدث استخدام المنشفة بدلا من الحبل أو حزام فى حالات الشنق الجنائي، وهنا يكون الشنق على شكل ارجوحة يتعلق فيها المجنى عليه –
أما إذا كان الحبل غير قاسى لين أو طرى فإن الآثر الناتج بالعنق يكون ضعيف وغير واضح وكذا السحجات والكدمات تكون ضعيفة و ينتج عن الشنق عادة وجود بعض الدماء على الثياب واسترخاء فى حوض المثانة فى حالات الشنق الانتحارى وعادة ما تكون قدما المنتحر ملامسة للأرض وتكون هناك علامات حيوية تشير إلى أن الحبل قاسى منها أن الكدمات تبدو واضحة على حواف الآثر مشكلة نسيج خلوى تحت الجلد وعلى العضلات وتهتك وتمزق للشرايين المضغوطة، مما تشير إلى أن التعليق حدث أثناء الحياة ولا توجد تلك العلامات فى حالات التعليق بعد الوفاة، أما إذا كان الحبل المستخدم في الشنق لين أو طرى فإنه يندر وجود انسكابات دموية بالعضلات وتكون الكدمات فقط إلى جانب حدوث تمزق في الشرايين في كلتا الحالتين سواء الحبل قاسى أو طرى، ويلاحظ إذا كان الحبل قاسى فان الآثر بعد الوفاة على العنق يكون عميق ويشكل قشرة بموضع السحجة أو الكدمة تتحول إلى اللون البنى –
فى حالات الشنق القضائي تكون المدة اللازمة لحدوث الوفاة من 4:10 دقائق وفى معظم الحالات تكون الوفاة ما بين 5:7 دقيقة عدا حدوث انهيار عصبي يؤدى للوفاة أسرع، وعموماً فإن شكل اثر الحبل المستخدم فى الشنق يكون حرف v مقلوب.
اعراض الشنق والخنق
اعراض الشنق لا تختلف كثيرآ عن اعراض الخنق من الناحية الطبية والتشريحية وتتمثل فى بعض المظاهر الموضوعية الناتجة عن الشنق أو الخنق وتختلف بإختلاف مدة التعليق وشدته ووزن الشخص المعلق ونوع الحبل ويبقى هذا المظهر مدة 2:4 أسابيع تقريباً ويتمثل في قطع الأحبال الصوتية وعسر الهضم وعسر التنفس واحتقان في الوجه وجحوظ في العينين وشحوب نتيجة نقص الأكسجين وعدم وصوله للرئتين والدماغ.
مظاهر عامة للشنق
هناك مظاهر عامة للشنق تتمثل في فقدان للوعى وسلس فى البول وشلل وزرقة رمية فى الاجزاء سفلية بالجسم فى الفخدين والساقين والاقدام نتيجة انضغاط الشرايين والاوردة وانسداد القصبة الهوائية وانطباق قاعدة اللسان وجدار البلعوم وضغط على الآوعية والمجارى النفسية ويكون الوجه شاحب وهادئ مع بروز خفيف للعينين واللسان والشفتين تكونا محتقنتين ومزرقة، وإذا استمر التعليق فترة يتحول اللون الشاحب إلى الزرقة وبعد 12 ساعة تتحول الزرقة إلى اللون البنفسجى تقريبآ.
الشنق والأسلوب الشائع
الشنق والاسلوب الشائع للانتحار، لابد من ملاحظة أنه نادراً ما يحدث القتل شنقاً حيث يتطلب ذلك تثبيت للضحية والتمكن منها وربطها وتعليقها وهو ما يصعب حدوثه إلا فى حالات شنق الأطفال أو فاقدى الوعى أو المسنين والعجزة.
الشنق النموذجى والغير نموذجى
تختلف العلامات الدالة على الشنق بين الشنق النموذجى «العقدة فى الخلف» أو الغير النموذجى «العقدة فى أحد الجانبين» يكون الضغط على الاوردة ويؤدى احتقان فوق مكان الضغط ونرى زرقة في شكل الملتحمة العينين ونزيف نتيجة نقص الأكسجين وشحوب الوجه ويحدث نتيجة الضغط على الشرايين. 
أما فى حالات الشنق الغير نموذجى «عقدة الرباط الجانبية» فإن الضغط يكون أكثر على الاوردة وينتج عنه احتقان فى الوجة وزرقة وجحوظ فى العينين وبروز اللسان وتكون بقع وكدمات على الجزء العلوي للصدر والعنق بينما تكون الأظافر مزرقة.
علامات مشتركة بين انواع الشنق
وهناك علامات مشتركة بين أنواع الشنق المختلفة سواء الانتحاري أو جنائي أو قضائي أو الجنسي تتمثل في التيبس وانتعاظ القطيب مع دفق منوى عند الرجال وتورم واحتقان الغشاء المهبل عند النساء وحدوث نزيف دموي في المناطق التناسلية وظهور زبد رغوي حول الشفتين وفتحتي الأنف وسيلان للعاب ويكون بمقدمة العنق خطوط متوازية نتيجة الضغط على الغدد اللعابية .
أثناء الشنق يحدث الضغط لأعلى وللخلف فينزاح الجلد ثم يعود لمكانة بعد إنزال الجثة، لذلك فان مستوى الحبل أسفل مكان الاصابة الداخلية فى العنق واعلى الغضروف والحنجرة ويمتد للأمام للخلف ولأعلى «من الفك حتى القفا»، ونادرآ ما يحدث اى كسر نتيجة الشنق فى عظام الرقبة ويقتصر حدوث نزيف والكدمات حيث أن القوة المستخدمة فى الشنق هى قوة ثقل رأس وجسم الشخص المشنوق.
 وهنا يمكن التمييز جنائياً بين التعليق بعد الموت والشنق حيث أن التعليق بعد الموت يقوم فيه المجرم بلف الحبل حول عنق الضحية ثم رفع الحبل لتعليق الضحية، وهنا تكون قوة الشد متجها الى أعلى «لأعلى تحدث تعليق بعد وفاة-----لأسفل شنق»، ويمكن ملاحظة ذلك مجهريا وقد يتخلف بعض الياف من الحبل . 
ثانيا: الخنق وهو الضغط على العنق بحبل يلف حوله أو باليد أو بالذراع لمدة كافية لحدوث الوفاة، وهو لا يختلف عن الشنق فيما عدا كونه فى الخنق تكون القوة الضاغطة عمودية على محور العنق بينما فى الشنق تكون القوة موازية لمحور العنق، وعموما فإن القوة الضاغطة فى الشنق أكبر حيث تمثل ثقل الرأس والجسم بينما فى الخنق اقل .
وغالبا ما يكون الخنق جنائي بينما الشنق يكون انتحاري ويمر المخنوق قبل وفاته بنفس مراحل المشنوق ومظاهرها تماما من أعراض ذكرناها موضوعية أو عامة وعادة ما تحدث الوفاة بالخنق من4 إلى5 دقيقة. 
الخنق اليدوى أو بحبل
وأما يكون الخنق يدوى أو بحبل ويمكن التمييز بينهما حيث نلاحظ أن الخنق باليد غالبا ما يكون جنائى ويحدث نتيجة ضغط اليدين أو الاصابع أو الذراع على الرقبة للضحية وبدافع وعادة ما يحدث فى الأطفال أو النساء وتظهر العلامات الموضوعية والعامة متمثلة فى كدمات دائرية الشكل فى حالة الضغط بالاصابع، وتكون أوسع حال استخدام اليدين وأكثر اتساعا حال استخدام الذراع باكملة ويستفاد منها فى تحديد الجانى وكيفية قيامة بالجريمة مع وجود سحجات ظفرية وتلالية أو خطية وتظل بعد جفافها وقد تتخلف على جسم الجانى وأظافر اصابعه وقد يتخلف عنها انسجة متخلفة من أظافر وشعر يد الجانى على عنق المجنى عليه.
ثالثا: الانتحار
وهو إصابة الانسان لنفسه بقصد افنائها والنحر هو يكون بأعلى الصدر وبالعنق ويكون للإنسان والحيوان، أما الانتحار نفسه فيختص به البشر الآدمى اى الإنسان وقد يكون للشخص بنفسه وليس لغيره والانتحار يعنى كل حالات الموت التي تنتج بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن قتل إيجابي أو سلبي يقوم به الضحية بنفسه ويعلم أنها ستؤدى لوفاته.
وقد عرف القانونيين الانتحار بأنه اعتداء الشخص على نفسه اعتداء يؤدى إلى الوفاء، وقد حرم الاسلام الانتحار تحريم مطلقآ غالبآ فى حالات الانتحار المنتحر مستخدم حبل لين وطرى، وهنا لا تترك العروة أي آثر بالإضافة إلى أن مكان الشنق الانتحاري يكون مرئي فيكون آثر الحبل على العنق متوافق مع مستوى الإصابة الداخلية للعنق عند التشريح بعكس الخنق الذي يكون بأثر فيه مخالف لمكان الاصابة الداخلية إلا إذا حاول الشخص انقاذ نفسه، وهنا نجد عدم ترتيب للآثر بمكانة ووجود بعض الجروح على الجسم ناتجة من الشخص ذاته.
التفريق بين الشنق الانتحارى أو الجنائي
 ويمكن التفريق بين الشنق الانتحارى أو الجنائي عن طريق دراسة ظروف وملابسات الحادث والتى تتمثل فيما يتخلف عنه من وجود رسائل موضحة سبب الانتحار أو غلق الغرفة على المنتحر أو ترتيب الآثاث عدا الكرسى المستخدم بصعود والذى غالبآ ما يركله بقدمه لاتمام الانتحار، بينما فى حالات «الخنق الجنائي» تكون هناك أسباب أخرى ووجود بقع دماء انحدارية واضحة عند نهايات الاطراف الاربعة وعلى الاعضاء التناسلية كما هو فى حالات الشنق الانتحارى، أما فى الجنائي يكون موضعها حسب موضع الجثة بعد الوفاة، وعادة تستخدم المراوح أو النوافذ المرتفعة فى حالات الشنق و الخنق الانتحارى كنقطة للتعليق .
- نستطيع أن نجمل بحثنا بالقول أن كل من الخنق أو الشنق أو الانتحار يعد أسلوب تعذيب للنفس ولا يتوقف على استخدام الحبل فقط فقد ينتج نتيجة استخدام سائل مثل الاغراق وكتم النفس أو استخدام المواد الكيماوية السامة وتتفاوت مظاهر التعذيب حسب شدة الاعتداء وتواترة ومدته وقدرة الشخص على التحمل وحماية نفسه وحالته البدنية

مسائل هامة جداً في منازعات الحيازة (بحيازة ملك ثبوت) في الفقه والقانون اليمني


أولاً: أهمية إطلاق القانون اليمني بتسمية الحيازة (بحيازة ملك ثبوت)

نصت المادة(11039) على الحيازة بأنها نوعان: الأول (حيازة ملك ثبوت) ويلاحظ أن الكثير يتجاهل أهمية اللفظ (ملك ثبوت) لتوضيح ذلك يجب أن نحدد أولاً أركان وشروط قيام الحيازة في القانون اليمني ثم نوضح أهمية تسمية هذه الحيازة بحيازة ملك ثبوت ثم نبين هل يشترط مرور مدة قصيرة على الحيازة غير المدة المطلوبة لمنع سماع دعوى الملك المنصوص عليها في المادة(1118) لتكون فائدتها الحكم بالملك للحائز بدلاً من تقرير يده .



أركان وشروط الحيازة في القانون اليمني هي:

أولاً: الحيازة المادية وهي التصرف، تصرف الملاك في ملكه في حضور المحوز عليه وعلمه ومشاهدته للحائز له دون منازعة أو معارضة بلا عذر يمنعه من ذلك.

ثانياً: الركن المعنوي وهو ادعاء الحائز الملك للشيء المحوز ونسبته إلى نفسه ، أما التمسك بالحوز فقط فلا يكفي عند فقهاء الشريعة  الإسلامية والقانون اليمني (أما القوانين الوضعية فيكفي النية  ا لمستخلصة من قرائن الحال)

ثالثاً: ركن المشروعية : وهو أن تكون الحيازة مشروعة وهي ما يطلق عليها فقهاء الشريعة باليد المحقة التي تكون مجهولة في سبب دخولها على الحائز أما إذا عرف بالبينة أن أصل مدخل حيازة المدعى عليه  هي الغصب والحيلة أو الإجارة والعارية ونحوها فهي لا تنفع الحائز للتمسك بها فهي إما حيازة مبطلة إذا كانت بسبب الغصب أو حيازة عرضية إذا كان أصل مدخلها هي الإجارة أو العارية فهذه الحيازة تظل حيازة غير مشروعة أو حيازة عرضية مهما مضى عليها من زمن إلا إذا تحولت حيازة المدعى عليه من خلال المجاهرة ومنازعة الحائز لمالكها بادعائه الملك لنفسه  وإنكاره الملك له أمام القضاء عند رفع الدعوى عليه فيزول عيب المشروعية  أو عيب العرضية من ذلك التاريخ  وتحسب مدة  الحيازة من تاريخ زوال العيب.

رابعاً: خلوها من عيب الغموض واللبس والإكراه والتشويش بالمنازعة والخفاء وعدم الاستمرار فإذا كانت الحيازة المادية غامضة في دلالتها على ملك الحائز مثل حيازة الأقارب والورثة لأموال التركة وحيازة الشريك للمال المشترك وحيازة الوصي لمال القاصر أو المحجوز عليه وحيازة الوكيل للمال الموكل فيه وحيازة الخدم لمال المخدوم بعد موته ونحو ذلك

أو كانت قائمة  على إكراه أو تهديد أو من المتغلبة والمعروفين بالغصب وأصحاب الغلبة والنفوذ وفي ظروف تسود فيها الفوضى  أو كانت مشوشة بالمنازعة والمعارضة من المالك أو كانت خفية تمت في غياب المدعي أو بدون علمه أو كانت  غير مستمرة المدة  الكافية ليغلب على الظن دلالتها على الملك فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة أطلق عليها حيازة ملك ثبوت ويضيف البعض شرطاً آخر وهو الشهادة بالملك لصاحبها استناداً إليها و نسبة الملك للمشهود له من إضافة إلى مرور ثلاث سنين عند الزيدية  والاباضية وعشرة أشهر عند المالكية في العقارات أو مرور المدة الطويلة الكافية لتكوين غلبة ظن الشهود بأنها عند المشهود ملك للحائز ، فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة وجزم الشهود بالشهادة بالملك للحائز استناداً إليها  جاز أن يحكم القاضي على أساسها بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن إثبات ملكه المضاف إلى سبب أو عند اقتصار بينته على الحيازة السابقة لأن دعوى ملك كان غير جائزة في القانون المدني طبقاً لنص المادة (14) من قانون الإثبات فإذا لم تتوافر هذه الشروط كاملة في حيازة المدعى عليه وعجز المدعي عن إثبات ملكه للمدعى به فإن القاضي لا يحكم بالملك  للمدعى عليه لانعدام بينة المدعي وإنما يحكم بتقرير يد المدعى عليه  بحكم تقريري فقط.

هل للمدة أهمية بخصوص هذه الوظيفة؟

قد يتساءل البعض أن ما دام الأمر كذلك فلا بد من مرور مدة على الحيازة لكي تكتسب صفة حيازة ملك ثبوت ليسهل التفرقة بينها وبين حيازة الثبوت فقط.

الحقيقة أن فقهاء المالكية والزيدية والاباضية قد اشترطوا مرور مدة على الحيازة التي يجوز الحكم  على أساسها بالملك  كما سبق أن أوضحنا أما بقية الفقهاء فاكتفوا باشتراط مدة طويلة وتركوا مسألة تقدير المدة لتقدير الشهود لأنه لا يجوز لهم الشهادة بالملك للحائز استناداً إلى الحيازة إلا عند غلبة الظن بأنها ملك الحائز كما أن من شروط الشهادة على حيازة ملك ثبوت عند البعض الشهادة على  نسبة الناس الملك للحائز  استناداً إلى اليد ولن يصل الأمر إلى ذلك إلا بمرور مدة كافية لخلق تلك القناعة والقانون اليمني رغم أن أقرب المصادر التاريخية لنصوص الحيازة فيه هو الفقه الزيدي وهذا الأخير قد حدد مدة لحيازة ملك ثبوت هو ثلاث سنوات في العقار إلا أن نصوص الحيازة خلت من نص مشابه لذلك ، لذلك  نرى أن بالإمكان تطبيق نص المادة (5) من قانون الإثبات التي حددت مدة خمس سنوات لمنع سماع الدعاوى المتعلقة بالحقوق المنقولة والفقه القانوني والقضاء العربي مُجمع على أن دعاوى الحيازة العقارية هي من الدعاوى المنقولة لأن دعوى استرداد الحيازة المقصود منها حماية الحيازة في ذاتها وبالتالي فيكون  اشتراط مرور خمس سنوات على الحيازة المستوفية الشروط  الأخرى  لتكون من قبيل حيازة ملك ثبوت لغرض الاعتماد عليها في الحكم بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن  إثبات ملكه بدلاً من الحكم بإقرار يده على الشيء المحاز وكذلك تكون كافية لمنع سماع دعوى الملك السابق فهذه الدعوى الأخيرة هي من قبيل دعاوى حيازة ملك ثبوت في الزمن  الماضي المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإثبات لأن القول بمنع سماع دعوى ملك كان استناداً إلى الحيازة السابقة المستوفية شروط حيازة ملك ثبوت أياً كانت ا لمدة الفارقة بين فقد الحيازة السابقة وبين اكتسابها سيمثل خللاً تشريعياً والمشرع منزه من النقص وبالتالي فيكون شروط دعوى  استرداد الحيازة السابقة (الملك السابق) هي مرور مدة خمس سنوات على الحيازة للمدعي وعدم مرور خمس سنوات من تاريخ فقدها وهي المدة اللازمة لاكتساب الحائز الجديد صفة الحائز (حيازة ملك ثبوت) كل ذلك مع مراعاة جهل سبب دخول الحيازة على الحائز وجهل أصل الملك لمن يكون وعدم الاعتماد عليها كوسيلة لمنع سماع الدعوى وإنما لغرض الحكم للحائز بالملك استناداً إلى حيازته ولو لم يثبت سبب ملكه .

ولهذا نصت المادة (1114) من القانون المدني على أنه تسمع دعوى الملك على ذي اليد الثابتة  مطلقاً ويحكم للمدعي في دعوى الملك إذا أقر له ذو اليد الثابتة أو بناء على مستندات كتابية خالية من شبهة التزوير مستوفية للشروط  الشرعية أو بشهادة عدول ـ فإذا لم توجد مستندات مستوفية للشروط أو شهادة عدول عمل بالقرائن وتعتبر قرينة اليد الثابتة إذا لم تعارض بقرينة أقوى منها مع يمين ذي اليد دليلاً كافياً) فاشتراط النص ويمين الحائز مع قرينة الحيازة يدل على أن المقصود بقوله : دليلاً كاملاً أي دليلاً للحكم للمدعى عليه بالملك وليس بتقرير اليد ، أما ما ورد في المادة (1112) فهذه المادة تعالج مسألة أخرى متعلقة بحيازة حقوق الارتفاق حسب ما أوضحنا آنفاً في السطور السابقة من هذه المقالة.

ثانياً: الخلط بين المقصود من حيازة الانتفاع المشار إليها في الفقرة ثانياً من المادة (1103) في القانون المدني بقولها......الثاني حيازة انتفاع بإجارة ونحوها.....)) وبين حيازة الحقوق المنصوص عليها في المادة (12) من قانون الإثبات وكذلك الوهم أن هذه الأخيرة تتعارض مع القاعدة الشرعية: ((لا يمنع المعتاد وإن أضر))

يعتقد البعض أن المقصود بحيازة الانتفاع الواردة في ذلك النص أنها حيازة حقوق الارتفاق وحيازة حق الانتفاع مع أن النص واضح أن المقصود بتلك الحيازة هي الحيازة العرضية بشروطها المعروفة في الفقه القانوني وذلك واضح من مضمون النص

أما حيازة حقوق الارتفاق وحق الانتفاع فقد نصت عليها المادة (12) بقولها: ((لا يثبت حق بيد في ملك الغير ولا في حقه ولا في حق عام إلا ببينة قانونية وتكون البينة على إقرار الخصم بالحق أو على النذر أو الوصية أو استثناء الحق المدعى به أو تقدم الأخبار في المباح أو وجود الآثار القديمة في السواقي))

والقانون اليمني ذهب إلى ما ذهب إليه القانون الفرنسي وبعض القوانين وبعض فقهاء الشريعة الذين لا يعتبرون حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق فيما عدا حقوق الارتفاق القديمة نصوا عليها كاستثناء مثل (السواقي القديمة الدالة على سبق الأحياء) وما عدا ذلك فالأصل أن من يستخدم ملك غيره بالمرور أو السقي أو الشرب ونحو ذلك أنه يستخدمه على وجه التسامح يستطيع أن يرجع فيه المالك في أي وقت والعلة كما يقولون هي حتى لا تؤثر على علاقات الجوار لأن الأصل في علاقات المتجاورين مبني على التسامح فلو جعلنا حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق لأحجم الجيران عن التسامح وبالتالي فكل من يقر بالملك للمدعي ثم يدعي حقاً عليه مستدلاً بحيازته للحق لا ينفعه ذلك بل يكون القول قول المالك بانتفاء الحق وعلى مدعي الحوز أن يثبت هو سبباً صالحاً لاكتساب الحق وقد حددت المادة(12) من قانون الإثبات أسباب محدودة لإثبات  الحق هي سبق الإحياء في المباح والوصية ,والإقرار أو استثناء الحق أو وجود الآثار القديمة في السواقي لذلك فالسبب الأخير هو السبب الوحيد الذي مصدره دلالة  اليد ولهذا يقول فقهاء الزيدية أن الحيلة في تجنب هذا المأزق أن يدعي صاحب الحق الملك للطريق أو المسقى ......الخ   وهو ما أشارت إليه المادة(1112) من القانون المدني اليمني.

والغريب أن هذه الحيلة استخدمها فقهاء القانون الفرنسي وبنفس الصورة التي تكلم عنها فقهاء الزيدية في القول الراجح عندهم ويدخل في مفهوم الحق حقوق الارتفاق وحق الانتفاع وحق الرهن فالمرتهن إذا أقر للمدعي بالملك وادعاء حق الرهن عليه لزمه

الإثبات ولا  يغنيه  أن يثبت الحوز والقبض والحيلة كما يذهب فقهاء الشافعية أن يدعي الملك على الشيء المرهون مثلاً حتى لا يكلف بإثبات الرهن لأنه إن أقر بالملك وأدعى الرهن لزمه الإثبات وإلا فقد دينه ويلاحظ أن الحائز لحق من الحقوق كحق المجرى والمسيل والطريق أو المسقى ونحوه أصبح ذا يد ولكن لا يطلق على حيازته بحيازة ملك ثبوت لكي يستفيد من الحكم له بالملك مع اليمين إذا عجز المدعي (وهو المالك للأرض المدعى بحيازة الطريق أو المجرى فيها) أن يثبت عدم الملك المدعي حيازة الحق  وإن وضع يده عليها كان من قبل التسامح بل يحكم بتقرير يد الحائز لوجود شبهة في ملك الحائز وعملاً بقاعدة: "لا يجوز التوسع في الاستثناء ولا القياس عليه" ويلاحظ أخيراً  بوجود خلط بين هذه القاعدة والقاعدة الشرعية المشهورة عند القضاة والمأخوذة من شرح الأزهار (ج 3) القائلة: (لا يمنع المعتاد وإن أضر) حيث يفهم منها عكس ما ذكر وهذا خطأ في فهم أعمال تلك القاعدة بأن المقصود بالمعتاد ما ثبت أولاً بأخذ تلك الأسباب الواردة في المادة (12) وهذا واضح من المصدر الأصلي الذي نقلت منه تلك القاعدة فهو يتضمن الإشارة إلى اشتراط ثبوت الحق بالبينة الشرعية للقول بثبوت المعتاد وهي نفسها الأسباب الواردة في المادة (12) مع إضافة سبب سادس بديهي وهو ثبوت العادة بالضرورة ويقصد به القيود الشرعية الواردة على الملكية.

ثالثاً:  يوهم البعض  العمل بالقاعدة المنصوص عليها في المادة (83) والتي يطلق عليها بفرع الثبوت ويطلق العمل بها دون مراعاة الاستثناءات مع أن نص المادة (95) من قانون الإثبات قد قيدت العمل بهذه القاعدة وهي حصر العمل بها في حدود الإقرار الذي يقبل التجزئة مثل الإقرار بالوديعة ثم يدعي الإبراء أو الإسقاط أو المقاصة ونحو ذلك ففي هذه الحالة يتم العمل بقاعدة فرع الثبوت حيث يصبح من يدفع دعوى الوديعة  بسقوطها بالمقاصة  أو الإبراء إقرار بالوديعة ويلزمه الإثبات على دعواه الإبراء  لأن هذا الإقرار قابل للتجزئة باعتبار أن الإبراء أو الإسقاط  ليس  من مستلزمات الوديعة أما لو ادعى الرد وادعى النقد لمن يطالبه دفع الثمن  المؤجل فهذا من قبيل الإقرار الذي لا يقبل التجزئة لأن الادعاء بالرد أو بالنقد هي من مستلزمات الوديعة أو الشراء بل يعتبر ذلك من  الأصل وهكذا.

هل للقاضي أن يطلب من مدعي الحيازة بيان سبب ملكيته للشيء الذي يحوزه؟

رابعاً:  نص المادة (1115/3) من القانون المدني يفهم منها من حيث الظاهر أن من حق القاضي أن يطلب من مدعي الحوز أن يثبت سبب ملكه لما هو ثابت اليد عليه وهذا غير صحيح لأن القول بغير ذلك يفقد الحيازة أهميتها في الحد الأدنى من حيث كونها دليلاً على الملك عند جميع فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون فلم يرد في كتب الفقه  الإسلامي ما يخالف ذلك

لذلك فالفهم الصحيح لتلك المادة  أن القاضي وبعد أن يستمع إلى دليل ملكية المدعي للشيء المحاز فإن كان الدليل كافياً للحكم بالملك له استناداً إليه فيلزم قبل أن يقضي بذلك أن يطلب من المدعى عليه أن يبين سبب ملكه لعله يكون قد حصل عليه بسبب ناقل من المدعى فترجح دعواه أو من غير المدعى فيحصل التعارض بين الدليلين فيتم إعمال قواعد الترجيح ما أمكن فإن انعدمت وحصل تعارض طبق القاضي القاعدة المنصوص عليها في المادة (1113) من القانون المدني التي تنص على تقديم بينة الخارج على بينة الداخل عند التعارض وإلى هذا ذهب جميع فقهاء الشريعة الإسلامية فهم  يصرحون أن حجة المدعى عليه هي اليمين وحجة المدعي هي البينة  ولا تسمع بينة الحائز إلا بعد بينة المدعي فترجح عند الشافعية والمالكية أو ترجح بينة الخارج عند الآخرين

خامساً: يجهل  البعض المقصود من اليد التي تعتبر شرطاً  لدعاوى الملك والرد المنصوص عليها في المادة (6) من قانون الإثبات الفقرة  (1) حيث يشترطون اليد الحسية للمدعى عليه كشرط لرفع دعوى الملك أو الرد عليه حيث يجهلون المقصود باليد الحكمية مع أن اليد  الثابتة حقيقةً يطلق عليها اليد الحسية وهي معلومة سواء كانت يداً دالة على الملك مستوفية  شروط الحيازة  وتسمى في القانون اليمني والفقه الإسلامي بحيازة ملك ثبوت  أم  يداً تفيد قرينة الملك فائدتها تكون في اعتبار صاحبها مدعى عليه في دعاوى الحيازة وتسمى بحيازة ثبوت أما اليد الحكمية فهي التي يدعي المدعى عليه بالملك المضاف إلى فعل من المدعى عليه يوجب التسليم كالبيع والغصب والإجارة من المدعى عليه فيعتبر يده  يداً حكمية ولو لم تكن اليد الحسية له لأن سبب الدعوى عليه هو الفعل الذي يوجب الرد وليس اليد الحسية فقط.

سادساً: يجهل البعض التعامل مع نص المادة (1117) من القانون المدني والمادة (240) من قانون المرافعات اللتين تجيزان العمل بدعوى استرداد الحيازة مع ذلك نجد بعض الأحكام  لا يعمل بها كثيراً بل يقع الخلط بين دعوى الملك المضاف إلى سبب الغصب ضد ا لمدعى عليه وبين دعوى الملك المطلق من الإضافة اعتقادا منهم أن فقهاء الشريعة الإسلامية لا يعرفون دعاوى استرداد الحيازة (حماية الحيازة المغصوبة في ذاتها ) بل يجب الفصل في موضوع الملك بحكم نهائي منهٍ للخصومة  مع أن العكس هو الصحيح فجميع فقهاء الشريعة بلا استثناء يشيرون أنه ((إذا ادعى المدعي أن فلاناً غصب الشيء عليه أو أخذه منه أنه يجب على القاضي أن يحكم بالرد إليه إلى أن يبين المدعى عليه سبباً صالحاً لانتقال الملك إليه بحكم مؤقت لا يمس أصل الملك  وكذلك الحكم عند إقرار المدعى عليه باليد أو الملك السابق للمدعي حيث يستصحب الحال  وفقاً لنص المادة  ( 14)  ويحكم بالرد لأن المقر حكم على نفسه وكذلك معاينة القاضي عند من يقول بجواز أن يحكم القاضي بعلمه ففي هذه الحالات يجيز فقهاء الشريعة حماية الحيازة في ذاتها بالحكم بالرد لا بالملك ولو لم يمض على حيازة مدعي الاسترداد سوى يوم واحد ما دام إن سبب حيازة المدعى عليه قائمة على الغصب ونحوها لأن اليد الغاصبة يد مبطلة مهما مضى عليها من زمن والحكمة من ذلك هو عين ما ذهب إليه فقهاء القانون أن الهدف من حماية الحيازة بدعوى الاسترداد ((هو حماية المراكز المستقرة والمحافظة على نظام المجتمع واستقراره بعدم السماح للأفراد أن يقتصوا لأنفسهم بأنفسهم ولا ضرر في ذلك  على حقوق المدعى عليه الغاصب لحيازة المدعي فقد رسم القانون طريقاً لاقتضاء حقه  يجب اتباعها.مسائل في منازعات الحيازة لا يعذر القاضي بجهلها
الأستاذ الدكتور/ إسماعيل محمد المحاقري
أستاذ القانون المدني المشارك (جامعة صنعاء – كلية الشرطة – كلية الشريعة والقانون – جامعة الأحقاف )

أولاً: أهمية إطلاق القانون اليمني بتسمية الحيازة (بحيازة ملك ثبوت)

نصت المادة(11039) على الحيازة بأنها نوعان: الأول (حيازة ملك ثبوت) ويلاحظ أن الكثير يتجاهل أهمية اللفظ (ملك ثبوت) لتوضيح ذلك يجب أن نحدد أولاً أركان وشروط قيام الحيازة في القانون اليمني ثم نوضح أهمية تسمية هذه الحيازة بحيازة ملك ثبوت ثم نبين هل يشترط مرور مدة قصيرة على الحيازة غير المدة المطلوبة لمنع سماع دعوى الملك المنصوص عليها في المادة(1118) لتكون فائدتها الحكم بالملك للحائز بدلاً من تقرير يده .

أركان وشروط الحيازة في القانون اليمني هي:

أولاً: الحيازة المادية وهي التصرف، تصرف الملاك في ملكه في حضور المحوز عليه وعلمه ومشاهدته للحائز له دون منازعة أو معارضة بلا عذر يمنعه من ذلك.

ثانياً: الركن المعنوي وهو ادعاء الحائز الملك للشيء المحوز ونسبته إلى نفسه ، أما التمسك بالحوز فقط فلا يكفي عند فقهاء الشريعة  الإسلامية والقانون اليمني (أما القوانين الوضعية فيكفي النية  ا لمستخلصة من قرائن الحال)

ثالثاً: ركن المشروعية : وهو أن تكون الحيازة مشروعة وهي ما يطلق عليها فقهاء الشريعة باليد المحقة التي تكون مجهولة في سبب دخولها على الحائز أما إذا عرف بالبينة أن أصل مدخل حيازة المدعى عليه  هي الغصب والحيلة أو الإجارة والعارية ونحوها فهي لا تنفع الحائز للتمسك بها فهي إما حيازة مبطلة إذا كانت بسبب الغصب أو حيازة عرضية إذا كان أصل مدخلها هي الإجارة أو العارية فهذه الحيازة تظل حيازة غير مشروعة أو حيازة عرضية مهما مضى عليها من زمن إلا إذا تحولت حيازة المدعى عليه من خلال المجاهرة ومنازعة الحائز لمالكها بادعائه الملك لنفسه  وإنكاره الملك له أمام القضاء عند رفع الدعوى عليه فيزول عيب المشروعية  أو عيب العرضية من ذلك التاريخ  وتحسب مدة  الحيازة من تاريخ زوال العيب.

رابعاً: خلوها من عيب الغموض واللبس والإكراه والتشويش بالمنازعة والخفاء وعدم الاستمرار فإذا كانت الحيازة المادية غامضة في دلالتها على ملك الحائز مثل حيازة الأقارب والورثة لأموال التركة وحيازة الشريك للمال المشترك وحيازة الوصي لمال القاصر أو المحجوز عليه وحيازة الوكيل للمال الموكل فيه وحيازة الخدم لمال المخدوم بعد موته ونحو ذلك

أو كانت قائمة  على إكراه أو تهديد أو من المتغلبة والمعروفين بالغصب وأصحاب الغلبة والنفوذ وفي ظروف تسود فيها الفوضى  أو كانت مشوشة بالمنازعة والمعارضة من المالك أو كانت خفية تمت في غياب المدعي أو بدون علمه أو كانت  غير مستمرة المدة  الكافية ليغلب على الظن دلالتها على الملك فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة أطلق عليها حيازة ملك ثبوت ويضيف البعض شرطاً آخر وهو الشهادة بالملك لصاحبها استناداً إليها و نسبة الملك للمشهود له من إضافة إلى مرور ثلاث سنين عند الزيدية  والاباضية وعشرة أشهر عند المالكية في العقارات أو مرور المدة الطويلة الكافية لتكوين غلبة ظن الشهود بأنها عند المشهود ملك للحائز ، فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة وجزم الشهود بالشهادة بالملك للحائز استناداً إليها  جاز أن يحكم القاضي على أساسها بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن إثبات ملكه المضاف إلى سبب أو عند اقتصار بينته على الحيازة السابقة لأن دعوى ملك كان غير جائزة في القانون المدني طبقاً لنص المادة (14) من قانون الإثبات فإذا لم تتوافر هذه الشروط كاملة في حيازة المدعى عليه وعجز المدعي عن إثبات ملكه للمدعى به فإن القاضي لا يحكم بالملك  للمدعى عليه لانعدام بينة المدعي وإنما يحكم بتقرير يد المدعى عليه  بحكم تقريري فقط.

هل للمدة أهمية بخصوص هذه الوظيفة؟

قد يتساءل البعض أن ما دام الأمر كذلك فلا بد من مرور مدة على الحيازة لكي تكتسب صفة حيازة ملك ثبوت ليسهل التفرقة بينها وبين حيازة الثبوت فقط.

الحقيقة أن فقهاء المالكية والزيدية والاباضية قد اشترطوا مرور مدة على الحيازة التي يجوز الحكم  على أساسها بالملك  كما سبق أن أوضحنا أما بقية الفقهاء فاكتفوا باشتراط مدة طويلة وتركوا مسألة تقدير المدة لتقدير الشهود لأنه لا يجوز لهم الشهادة بالملك للحائز استناداً إلى الحيازة إلا عند غلبة الظن بأنها ملك الحائز كما أن من شروط الشهادة على حيازة ملك ثبوت عند البعض الشهادة على  نسبة الناس الملك للحائز  استناداً إلى اليد ولن يصل الأمر إلى ذلك إلا بمرور مدة كافية لخلق تلك القناعة والقانون اليمني رغم أن أقرب المصادر التاريخية لنصوص الحيازة فيه هو الفقه الزيدي وهذا الأخير قد حدد مدة لحيازة ملك ثبوت هو ثلاث سنوات في العقار إلا أن نصوص الحيازة خلت من نص مشابه لذلك ، لذلك  نرى أن بالإمكان تطبيق نص المادة (5) من قانون الإثبات التي حددت مدة خمس سنوات لمنع سماع الدعاوى المتعلقة بالحقوق المنقولة والفقه القانوني والقضاء العربي مُجمع على أن دعاوى الحيازة العقارية هي من الدعاوى المنقولة لأن دعوى استرداد الحيازة المقصود منها حماية الحيازة في ذاتها وبالتالي فيكون  اشتراط مرور خمس سنوات على الحيازة المستوفية الشروط  الأخرى  لتكون من قبيل حيازة ملك ثبوت لغرض الاعتماد عليها في الحكم بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن  إثبات ملكه بدلاً من الحكم بإقرار يده على الشيء المحاز وكذلك تكون كافية لمنع سماع دعوى الملك السابق فهذه الدعوى الأخيرة هي من قبيل دعاوى حيازة ملك ثبوت في الزمن  الماضي المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإثبات لأن القول بمنع سماع دعوى ملك كان استناداً إلى الحيازة السابقة المستوفية شروط حيازة ملك ثبوت أياً كانت ا لمدة الفارقة بين فقد الحيازة السابقة وبين اكتسابها سيمثل خللاً تشريعياً والمشرع منزه من النقص وبالتالي فيكون شروط دعوى  استرداد الحيازة السابقة (الملك السابق) هي مرور مدة خمس سنوات على الحيازة للمدعي وعدم مرور خمس سنوات من تاريخ فقدها وهي المدة اللازمة لاكتساب الحائز الجديد صفة الحائز (حيازة ملك ثبوت) كل ذلك مع مراعاة جهل سبب دخول الحيازة على الحائز وجهل أصل الملك لمن يكون وعدم الاعتماد عليها كوسيلة لمنع سماع الدعوى وإنما لغرض الحكم للحائز بالملك استناداً إلى حيازته ولو لم يثبت سبب ملكه .

ولهذا نصت المادة (1114) من القانون المدني على أنه تسمع دعوى الملك على ذي اليد الثابتة  مطلقاً ويحكم للمدعي في دعوى الملك إذا أقر له ذو اليد الثابتة أو بناء على مستندات كتابية خالية من شبهة التزوير مستوفية للشروط  الشرعية أو بشهادة عدول ـ فإذا لم توجد مستندات مستوفية للشروط أو شهادة عدول عمل بالقرائن وتعتبر قرينة اليد الثابتة إذا لم تعارض بقرينة أقوى منها مع يمين ذي اليد دليلاً كافياً) فاشتراط النص ويمين الحائز مع قرينة الحيازة يدل على أن المقصود بقوله : دليلاً كاملاً أي دليلاً للحكم للمدعى عليه بالملك وليس بتقرير اليد ، أما ما ورد في المادة (1112) فهذه المادة تعالج مسألة أخرى متعلقة بحيازة حقوق الارتفاق حسب ما أوضحنا آنفاً في السطور السابقة من هذه المقالة.

ثانياً: الخلط بين المقصود من حيازة الانتفاع المشار إليها في الفقرة ثانياً من المادة (1103) في القانون المدني بقولها......الثاني حيازة انتفاع بإجارة ونحوها.....)) وبين حيازة الحقوق المنصوص عليها في المادة (12) من قانون الإثبات وكذلك الوهم أن هذه الأخيرة تتعارض مع القاعدة الشرعية: ((لا يمنع المعتاد وإن أضر))

يعتقد البعض أن المقصود بحيازة الانتفاع الواردة في ذلك النص أنها حيازة حقوق الارتفاق وحيازة حق الانتفاع مع أن النص واضح أن المقصود بتلك الحيازة هي الحيازة العرضية بشروطها المعروفة في الفقه القانوني وذلك واضح من مضمون النص

أما حيازة حقوق الارتفاق وحق الانتفاع فقد نصت عليها المادة (12) بقولها: ((لا يثبت حق بيد في ملك الغير ولا في حقه ولا في حق عام إلا ببينة قانونية وتكون البينة على إقرار الخصم بالحق أو على النذر أو الوصية أو استثناء الحق المدعى به أو تقدم الأخبار في المباح أو وجود الآثار القديمة في السواقي))

والقانون اليمني ذهب إلى ما ذهب إليه القانون الفرنسي وبعض القوانين وبعض فقهاء الشريعة الذين لا يعتبرون حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق فيما عدا حقوق الارتفاق القديمة نصوا عليها كاستثناء مثل (السواقي القديمة الدالة على سبق الأحياء) وما عدا ذلك فالأصل أن من يستخدم ملك غيره بالمرور أو السقي أو الشرب ونحو ذلك أنه يستخدمه على وجه التسامح يستطيع أن يرجع فيه المالك في أي وقت والعلة كما يقولون هي حتى لا تؤثر على علاقات الجوار لأن الأصل في علاقات المتجاورين مبني على التسامح فلو جعلنا حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق لأحجم الجيران عن التسامح وبالتالي فكل من يقر بالملك للمدعي ثم يدعي حقاً عليه مستدلاً بحيازته للحق لا ينفعه ذلك بل يكون القول قول المالك بانتفاء الحق وعلى مدعي الحوز أن يثبت هو سبباً صالحاً لاكتساب الحق وقد حددت المادة(12) من قانون الإثبات أسباب محدودة لإثبات  الحق هي سبق الإحياء في المباح والوصية ,والإقرار أو استثناء الحق أو وجود الآثار القديمة في السواقي لذلك فالسبب الأخير هو السبب الوحيد الذي مصدره دلالة  اليد ولهذا يقول فقهاء الزيدية أن الحيلة في تجنب هذا المأزق أن يدعي صاحب الحق الملك للطريق أو المسقى ......الخ   وهو ما أشارت إليه المادة(1112) من القانون المدني اليمني.

والغريب أن هذه الحيلة استخدمها فقهاء القانون الفرنسي وبنفس الصورة التي تكلم عنها فقهاء الزيدية في القول الراجح عندهم ويدخل في مفهوم الحق حقوق الارتفاق وحق الانتفاع وحق الرهن فالمرتهن إذا أقر للمدعي بالملك وادعاء حق الرهن عليه لزمه

الإثبات ولا  يغنيه  أن يثبت الحوز والقبض والحيلة كما يذهب فقهاء الشافعية أن يدعي الملك على الشيء المرهون مثلاً حتى لا يكلف بإثبات الرهن لأنه إن أقر بالملك وأدعى الرهن لزمه الإثبات وإلا فقد دينه ويلاحظ أن الحائز لحق من الحقوق كحق المجرى والمسيل والطريق أو المسقى ونحوه أصبح ذا يد ولكن لا يطلق على حيازته بحيازة ملك ثبوت لكي يستفيد من الحكم له بالملك مع اليمين إذا عجز المدعي (وهو المالك للأرض المدعى بحيازة الطريق أو المجرى فيها) أن يثبت عدم الملك المدعي حيازة الحق  وإن وضع يده عليها كان من قبل التسامح بل يحكم بتقرير يد الحائز لوجود شبهة في ملك الحائز وعملاً بقاعدة: "لا يجوز التوسع في الاستثناء ولا القياس عليه" ويلاحظ أخيراً  بوجود خلط بين هذه القاعدة والقاعدة الشرعية المشهورة عند القضاة والمأخوذة من شرح الأزهار (ج 3) القائلة: (لا يمنع المعتاد وإن أضر) حيث يفهم منها عكس ما ذكر وهذا خطأ في فهم أعمال تلك القاعدة بأن المقصود بالمعتاد ما ثبت أولاً بأخذ تلك الأسباب الواردة في المادة (12) وهذا واضح من المصدر الأصلي الذي نقلت منه تلك القاعدة فهو يتضمن الإشارة إلى اشتراط ثبوت الحق بالبينة الشرعية للقول بثبوت المعتاد وهي نفسها الأسباب الواردة في المادة (12) مع إضافة سبب سادس بديهي وهو ثبوت العادة بالضرورة ويقصد به القيود الشرعية الواردة على الملكية.

ثالثاً:  يوهم البعض  العمل بالقاعدة المنصوص عليها في المادة (83) والتي يطلق عليها بفرع الثبوت ويطلق العمل بها دون مراعاة الاستثناءات مع أن نص المادة (95) من قانون الإثبات قد قيدت العمل بهذه القاعدة وهي حصر العمل بها في حدود الإقرار الذي يقبل التجزئة مثل الإقرار بالوديعة ثم يدعي الإبراء أو الإسقاط أو المقاصة ونحو ذلك ففي هذه الحالة يتم العمل بقاعدة فرع الثبوت حيث يصبح من يدفع دعوى الوديعة  بسقوطها بالمقاصة  أو الإبراء إقرار بالوديعة ويلزمه الإثبات على دعواه الإبراء  لأن هذا الإقرار قابل للتجزئة باعتبار أن الإبراء أو الإسقاط  ليس  من مستلزمات الوديعة أما لو ادعى الرد وادعى النقد لمن يطالبه دفع الثمن  المؤجل فهذا من قبيل الإقرار الذي لا يقبل التجزئة لأن الادعاء بالرد أو بالنقد هي من مستلزمات الوديعة أو الشراء بل يعتبر ذلك من  الأصل وهكذا.

هل للقاضي أن يطلب من مدعي الحيازة بيان سبب ملكيته للشيء الذي يحوزه؟

رابعاً:  نص المادة (1115/3) من القانون المدني يفهم منها من حيث الظاهر أن من حق القاضي أن يطلب من مدعي الحوز أن يثبت سبب ملكه لما هو ثابت اليد عليه وهذا غير صحيح لأن القول بغير ذلك يفقد الحيازة أهميتها في الحد الأدنى من حيث كونها دليلاً على الملك عند جميع فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون فلم يرد في كتب الفقه  الإسلامي ما يخالف ذلك

لذلك فالفهم الصحيح لتلك المادة  أن القاضي وبعد أن يستمع إلى دليل ملكية المدعي للشيء المحاز فإن كان الدليل كافياً للحكم بالملك له استناداً إليه فيلزم قبل أن يقضي بذلك أن يطلب من المدعى عليه أن يبين سبب ملكه لعله يكون قد حصل عليه بسبب ناقل من المدعى فترجح دعواه أو من غير المدعى فيحصل التعارض بين الدليلين فيتم إعمال قواعد الترجيح ما أمكن فإن انعدمت وحصل تعارض طبق القاضي القاعدة المنصوص عليها في المادة (1113) من القانون المدني التي تنص على تقديم بينة الخارج على بينة الداخل عند التعارض وإلى هذا ذهب جميع فقهاء الشريعة الإسلامية فهم  يصرحون أن حجة المدعى عليه هي اليمين وحجة المدعي هي البينة  ولا تسمع بينة الحائز إلا بعد بينة المدعي فترجح عند الشافعية والمالكية أو ترجح بينة الخارج عند الآخرين

خامساً: يجهل  البعض المقصود من اليد التي تعتبر شرطاً  لدعاوى الملك والرد المنصوص عليها في المادة (6) من قانون الإثبات الفقرة  (1) حيث يشترطون اليد الحسية للمدعى عليه كشرط لرفع دعوى الملك أو الرد عليه حيث يجهلون المقصود باليد الحكمية مع أن اليد  الثابتة حقيقةً يطلق عليها اليد الحسية وهي معلومة سواء كانت يداً دالة على الملك مستوفية  شروط الحيازة  وتسمى في القانون اليمني والفقه الإسلامي بحيازة ملك ثبوت  أم  يداً تفيد قرينة الملك فائدتها تكون في اعتبار صاحبها مدعى عليه في دعاوى الحيازة وتسمى بحيازة ثبوت أما اليد الحكمية فهي التي يدعي المدعى عليه بالملك المضاف إلى فعل من المدعى عليه يوجب التسليم كالبيع والغصب والإجارة من المدعى عليه فيعتبر يده  يداً حكمية ولو لم تكن اليد الحسية له لأن سبب الدعوى عليه هو الفعل الذي يوجب الرد وليس اليد الحسية فقط.

سادساً: يجهل البعض التعامل مع نص المادة (1117) من القانون المدني والمادة (240) من قانون المرافعات اللتين تجيزان العمل بدعوى استرداد الحيازة مع ذلك نجد بعض الأحكام  لا يعمل بها كثيراً بل يقع الخلط بين دعوى الملك المضاف إلى سبب الغصب ضد ا لمدعى عليه وبين دعوى الملك المطلق من الإضافة اعتقادا منهم أن فقهاء الشريعة الإسلامية لا يعرفون دعاوى استرداد الحيازة (حماية الحيازة المغصوبة في ذاتها ) بل يجب الفصل في موضوع الملك بحكم نهائي منهٍ للخصومة  مع أن العكس هو الصحيح فجميع فقهاء الشريعة بلا استثناء يشيرون أنه ((إذا ادعى المدعي أن فلاناً غصب الشيء عليه أو أخذه منه أنه يجب على القاضي أن يحكم بالرد إليه إلى أن يبين المدعى عليه سبباً صالحاً لانتقال الملك إليه بحكم مؤقت لا يمس أصل الملك  وكذلك الحكم عند إقرار المدعى عليه باليد أو الملك السابق للمدعي حيث يستصحب الحال  وفقاً لنص المادة  ( 14)  ويحكم بالرد لأن المقر حكم على نفسه وكذلك معاينة القاضي عند من يقول بجواز أن يحكم القاضي بعلمه ففي هذه الحالات يجيز فقهاء الشريعة حماية الحيازة في ذاتها بالحكم بالرد لا بالملك ولو لم يمض على حيازة مدعي الاسترداد سوى يوم واحد ما دام إن سبب حيازة المدعى عليه قائمة على الغصب ونحوها لأن اليد الغاصبة يد مبطلة مهما مضى عليها من زمن والحكمة من ذلك هو عين ما ذهب إليه فقهاء القانون أن الهدف من حماية الحيازة بدعوى الاسترداد ((هو حماية المراكز المستقرة والمحافظة على نظام المجتمع واستقراره بعدم السماح للأفراد أن يقتصوا لأنفسهم بأنفسهم ولا ضرر في ذلك  على حقوق المدعى عليه الغاصب لحيازة المدعي فقد رسم القانون طريقاً لاقتضاء حقه  يجب اتباعها.
 الأستاذ الدكتور/ إسماعيل محمد المحاقري

أستاذ القانون المدني المشارك (جامعة صنعاء – كلية الشرطة – كلية الشريعة والقانون – جامعة الأحقاف )

حكم التلفظ بفسخ عقد الزواج من قبل الزوجه امام القاضي ومناقشة نصوص القانون اليمني

فـي جلسة 16/5/2002م قضت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في الطعن الشخصي رقم (182) لسنة1422هـ, أنه (وبعد التداول والتأمل ودراسة ملف القضية والطعن والرد عليه اتضح أن محكمة أول درجة حكمت بعجز الزوج عن الوطء ولا تناكر بشأن ذلك, كما أن الشعبة الشخصية بمحكمة الاستئناف قد توصلت إلى النتيجة ذاتها وبموجبها فقد أيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة بفسخ نكاح مدعية الفسخ ولكن شاب هذا الحكم قصور من حيث أن مدعية الفسخ لم تتلفظ أمام المحكمة بلفظ الفسخ المعتبر ثم تحكم المحكمة بصحة فسخها, وذلك إعمالاً للقواعد والمادة (44) من قانون الأحوال الشخصية, ولما أشرنا ناسب الإرجاع لسماع الفسخ وإجراء اللازم في أسرع وقت ممكن). وقد نشر هذا الحكم ضمن القواعد القضائية في العدد الثاني الجزء الثاني الذي نشر عام 2005م صفحة (436) ومن خلال استقراء ما قضى به الحكم السابق ذكره يمكن التعليق على ذلك وعلى النحو الآتي:

 أولاً : الحكم محل تعليقنا اشترط أن تتلفظ المرأة: طالبة فسخ النكاح بلفظ الفسخ أمام القاضي كأن تقول المرأة (فسخت نكاحي من زوجي فلان بن فلان) حيث استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (44) من قانون الأحوال الشخصية النافذ التي نصت على أنه (يشترط في الفسخ لفظه أو ما يدل عليه) إضافة إلى أن مصطلح (الفسخ) يقتضي أن يصدر هذا من المتعاقد أو الطرف في العقد وليس من القاضي .

 ثانياً:المادة (44) أحوال شخصية تنص على أنه (يشترط في الفسخ لفظه أو مايدل عليه) ولفظ الفسخ معلوم وهو قول الفاسخ: (فسخت العقد) أما مايدل على لفظ الفسخ فهي الألفاظ الأخرى التي تدل على الفسخ كنقض العقد أو إزالة العقد أو إنهاء العقد أو انحلال العقد أو حل العقد حسبما ورد في تعريف الفسخ عند الفقهاء وكذا في معجمات اللغة , وهذا هو المقصود مما ورد في نص المادة (44) أحوال شخصية.

 ثالثاً: المادة (44) أحوال شخصية التي اشترطت التلفظ بفسخ الزواج أو ما يدل عليه والتي استند إليها الحكم محل تعليقنا لم تقتصر على اشتراط التلفظ بالفسخ فقط وإنما أجازت أيضاً أن يقع الفسخ بالألفاظ التي تدل على لفظ الفسخ مثل حل الزواج أو نقضه أو إزالته أو إنهائه أو انحلاله , وتبعاً لذلك فمن الممكن قانوناً فسخ عقد الزواج بأي من الألفاظ التي تدل على لفظ الفسخ السابق ذكرها, وهذه الألفاظ التي تدل على الفسخ خالية من المحاذير التي تحيط بلفظ الفسخ حينما يصدر من القاضي, فما هو المحذور حينما يحكم القاضي أو ينص في حكمه على حل أو إنهاء عقد الزواج بعد أن يثبت لدى القاضي شرعاً السبب الموجب لحل عقد الزواج أو إنهائه.

 رابعاً:المادة (44) أحوال شخصية التي اشترطت التلفظ بفسخ الزواج أو ما يدل عليه لم تحدد المكلف بتحقيق هذا الشرط (التلفظ بالفسخ) هل هو المتعاقد باعتباره طرفاً في العقد أم القاضي باعتبار الفسخ لعقد الزواج يتم بنظر القاضي وبحكم القاضي , وبما أن الفسخ يتم بحكم القاضي فإن لفظ الفسخ لعقد الزواج من وجهة نظرنا يتم من جانب القاضي وهذا ما يسمى بالفسخ القضائي , فمصطلح الفسخ ليس قاصراً على المتعاقد وإنما يصلح قانوناً أن يحكم القاضي به إذا ثبت لدى القاضي السبب الموجب للفسخ وهذا ما يتم فعلاً في أحكام القضاء لفسخ الزواج في الدول العربية التي تستعمل قوانين الأحوال الشخصية فيها مصطلح (فسخ الزواج) بدلاً عن مصطلح (التطليق).

 خامساً: تلفظ الزوجة التي تطلب فسخ عقد زواجها أمام القاضي وفرض التلفظ على الزوجة أمام القضاء على النحو المشار إليه في الحكم محل تعليقنا يثير إشكالات شرعية وقانونية وواقعية كثيرة منها:
 1- الزوجة ليست طرفاً أو عاقداً في عقد الزواج وإنما هي محل العقد أو المعقود عليه عند غالبية الفقهاء بخلاف مذهب أبي حنيفة الذي يجيز للمرأة أن تعقد لنفسها , وقد أخذ القانون اليمني بقول غالبية الفقهاء في جعل الولي في عقد الزواج ركناً أو شرطاً في عقد الزواج , وتبعاً لذلك فالعاقد في عقد الزواج أو المتعاقد في عقد الزواج طبقاً للقانون اليمني هو ولي الزوجة الأقرب لها شرعاً وليست الزوجة , فكيف تتلفظ الزوجة بلفظ الفسخ في حين أنها ليست طرفاً في عقد الزواج ولم تقم بإبرام عقد الزواج ولم تصدر منها صيغة الإيجاب والقبول في عقد الزواج؟
 2- إذا كان تلفظ الزوجة بفسخ عقد النكاح معتبراً على النحو الذي ذهب إليه الحكم محل تعليقنا , فما جدوى لجوء الزوجة إلى القضاء لفسخ الزواج طالما وهي تستطيع فسخ عقد نكاحها بلفظها المعتبر خارج نطاق القضاء؟
 3- إذا كان تلفظ الزوجة بالفسخ معتبراً على النحو الذي ورد في الحكم محل تعليقنا فأثار الفسخ ينبغي أن تترتب من تاريخ تلفظ الزوجة بالفسخ بما في ذلك وقت احتساب عدة المفسوخ نكاحها , وهذا يخالف المادة (80) أحوال شخصية التي تنص على أن تبدأ عدة الفسخ من تاريخ الحكم به.
 وختاماً: تلكُم أهم التعليقات على ما قضى به الحكم محل تعليقنا, وقد حاولنا الاختصار والإيجاز في ذلك وكذا الاقتصار على تناول

أهم التعليقات  بما يتناسب مع الحيز المخصص للتعليق على الأحكام في الصحيفة القضائية
و مقصدنا من تناول هذه التعليقات هو التسديد والتصويب والتوعية والتطور، وهذا لا ينتقص ولا يقلل و لا يهون من جهد وأجتهاد القضاة العلماء الأعلام الذين أصدروا الحكم محل تعليقنا والذين نكن لهم الاحترام والتقدير

د/عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون _جامعة صنعاء

المسئولية القانونية عن محظورات النشر في مجموعات الواتس اب



                                     أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء
يقوم كثيرا من الأشخاص بأنشاء مجموعات للتواصل الاجتماعي بين جماعة من الأشخاص تجمعهم مصلحة او مهنة او وظيفة او ثقافة او هوية معينة, ويستخدم الشخص الذي تقوم بأنشاء المجموعة رقم هاتف معين, ويقوم هذا الشخص المسئول بإضافة مجموعة اشخاص الى المجموعة في الواتس اب,و تضيق دائرة المشاركين في المجموعة او تزيد بحسب أهمية الأشخاص اعضاء المجموعة او ما تتناوله المجموعة او تنشره والواتس اب وسيلة نشر شبه مجانية وواسعة الانتشار, ويستطيع الأشخاص المضافين الى هذه المجموعات في الواتس اب نشر الاخبار والمقالات والصور الفوتوغرافية والفلمية بالإضافة الى نشر الكتب والدراسات والأبحاث ,وبعض المجموعات تضع ضوابط للنشر وتبين محظورات النشر وانها غير مسئولة عما ينشره أعضاء المجموعة وغالبها لا تضع ضوابطا ولا تنبه الأعضاء الى ذلك بل انها لا تنتبه الى المسئولية القانونية التي تترتب عليها جراء النشر غير المنضبط ,ومظاهر المسئولية القانونية للنشر في هذه المجموعات تتمثل في أربعة مستويات من المسئوليات:
اولاً: المستولية الجزائية : الجرائم التي تقع بواسطة الواتس اب جرائم كثيرة وخطيرة منها جرائم الأهانة والتشهير والسب والقذف واثارة الفتن والقلاقل ونشر الصور الخليعة والتحريض على ارتكاب الجرائم والإساءة الى الدين والانبياء والرسل ...وغير ذلك كثير, وجميع الجرائم التي تقع بواسطة الواتس اب مركبة أي ان كل جريمة منها تتكون من فعلين ماديين  مستقلين فمثلاً جرائم النشر يكون الكاتب مسئولاً جنائياً مما كتبه وبعد ان يقوم بنشره بواسطة الواتس اب تقع جريمة أخرى وهي جريمة النشر التي يسال عنها شخص اخر وهو الناشر او مدير المجموعة وتكون جريمة النشر اخطر من جريمة الكتابة ,فمثلا في جريمة التشهير لو كتب شخص ما كتابة معينة تتضمن جريمة التشهير بغيره ولم ينشرها فلا مجال لمسائلة جزائياً واذا قام بنشرها في المجموعة فان الناشر يكون هو المسئول عن نشرها ولا يعني هذا افلات الكاتب من العقاب ولكن تكون عقوبته دون عقوبة الناشر ,وكلما اتسع نطاق المجموعة ونوع المشاركين فيها كلما زادت مسئولية الناشر مدير المجموعة ولاسيما وان الرسائل المنشورة بالواتس اب تنتشر من مجموعة الى مجموعات عدة وهنا تكمن خطورة الجرائم التي تقع بواسطة مجموعات الواتس اب, وعند انشاء نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات اذكر أني اعددت دراسة اوصيت فيها تحديد مفهوم الصحفي الذي ينبغي ان يمثل وحده امام تلك النيابة والمحكمة وحينها لم يكن (الواتس اب) قد ظهر ,لان نيابة الصحافة ومحكمتها نوعية تختص بفئة معينة وهم الصحفيون الذين ينطبق عليهم مصطلح الصحفي حسبما عرفه قانون الصحافة والمطبوعات وبناء على ذلك فلا يمثل امام نيابة ومحكمة الصحافة الا الصحفيين فقط وبعد ان ظهر الواتس اب ووسائل النشر الكتروني الأخرى واستعملها كل افراد المجتمع تقريبا فلا يعقل  ان يكون هذا النشر صادر من صحفيين ,وبناء على ذلك فان النيابة والمحكمة المختصة هي القضاء العادي وليس محكمة الصحافة ,فلا يعقل ان يمثل كل من يستعمل وسائل التواصل امام محكمة ونيابة الصحافة فالنيابة العادية والقضاء العادي هو المختص بالتحقيق والعقاب لغير الصحفيين وقد حدد قانون الجرائم والعقوبات النافذ جرائم العلانية والنشر وبين المقصود وذلك من الباب السادس بعنوان جرائم العلانية والنشر حيث نصت المادة (192)من ذلك القانون على انه (يقصد بالعلانية في تطبيق هذا الباب الجهر والإذاعة او النشر او العرض او اللصق او التوزيع على الأشخاص دون تمييز بينهم في مكان عام او مباح للكافة اوفي مكان تستطيع سماعه او رؤيته من كان موجودا في مكان عام وذلك بالقول او الصياح او الكتابة او الرسوم او الصور او اية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر ويعتبر من العلانية مجرد التوزيع على الأشخاص دون تمييز بينهم ولوكان ذلك في مكان غير عام) ومن استقراء هذا النص القانوني نجد الواتس اب يندرج من ضمن وسائل النشر التي تجعل الجرائم علانية.
ثانياً: المسئولية المدنية عن النشر بواسطة الواتس اب:
اذا كان ما تم نشره في الواتس اب جريمة من الجرائم طبقاً للقانون فيحق للمضرور طبقا ًلقانون الإجراءات النافذ ان يرفع دعواه المدنية بالتبعية للدعوى الجزائية وان يطالب بتعويضه عما لحقه من ضرر جراء الجريمة, عندئذ يقوم باختصام مرتكب الجريمة والناشر للجريمة مع التأكد على ان الاضرار المترتبة على جرائم النشر والعلانية والتشهير يكون المسئول فيها بنسبة اكبر هو الناشر ,لان ضرر النشر اكبر من ضرر الفعل,كما قد يكون المنشور في الواتس اب تشهير بحزب سياسي او جماعة او تشهير بشركة او مؤسسة او منتج او بضاعة ووفقا للقواعد العامة فيحق لهؤلاء المطالبة بتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم جراء النشر.
ثالثاً: المسئولية الأدبية او الفكرية :
وهي أيضا مسؤولية يتحملها الناشر (صاحب رقم التلفون الذي قام بأنشاء المجموعة) وتتأسس هذه المسئولية على الحق الفكري والادبي فإذا ما تم نشر كتب او رسائل او أبحاث او اعمال فنية او فكرية في الواتس اب لم يأذن بنشرها صاحب الحق الفكري او لم يقوم هو بنشرها بداية فان ذلك يعد اعتداء على الحق الادبي او الفكري للمؤلف او المصنف يستطيع بموجبه المطالبة بتعويضه.

رابعا: المسئولية الإدارية:
وهذه المسئولية الإدارية او النظامية تتم من قبل الجهة الأشرافية على وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات) فطبقاً للقوانين واللوائح الناظمة للاتصالات فيحق لها ان تقوم بالمسائلة الإدارية للناشرين لخروجهم على قواعد وضوابط النشر وختاما :نوصي مديري المجموعات في الواتس ومشرفيها او مديريها بالانتباه الى هذه المسئوليات السابق ذكرها وهذا هو الغرض الأساسي من نشر هذه المقالة كما ينبغي ان تراعي  ضوابط النشر هذه المسائل, وكذا اتخاذ التدابير الوقائية للحيلولة دون الوقع تحت طائلة المسئوليات السابق ذكرها والله الهادي الى سواء السبيل .

صلاحية الشعبه في نظر القضية المستأنفه مجدداً بعد الإعادة وفقا للقانون اليمني والمصري

هذه النقطة البحثية مستمدة من الحكم الإستئنافي الذي تقضي فيه الشعبة برفض الإستئناف موضوعاً وتأييد الحكم الابتدائي ويتعقبه صدور الحكم من المحكمة العليا في مرحلة الطعن بالنقض الذي يقرر في منطوقه نقض الحكم الاستئنافي المطعون فيه وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لنظر القضية والفصل فيها مجدداً طبقاً للقانون.
*والسؤال المطروح على ضوء ذلك: هل يجوز أن يُعاد نظر القضية والفصل فيها من نفس الهيئة التي أصدرت الحكم الإستئنافي المقرر إلغاؤه ونقضه بحكم المحكمة العليا؟ أم أن الحكم السابق صدوره من ذات الهيئة يُعتبر أحد الموانع القانونية لنظرها؟؟؟؟
ومن يتخذ القانون اليمني مصدراً للبحث عن إجابة شافيه لهذا السؤال يدرك حقيقة أن المشرع اليمني وإن كان قد أدرج هذه المسألة ضمن الحالات التي تجعل القاضي غير صالح لنظر الدعوى ويمتنع عليه نظرها وجوباً إلا أن المشرع لم يكن موفقاً في سن هذه الحالة وصياغتها نظراً لما شاب النص القانوني المقرر لها من عيوب التشريع ومثالبه مقارنة بغيره من التشريعات الموجودة في الدول الأخرى.
ولنأخذ بالتشريع المعمول به في مصر كمثال للمقارنة مع التشريع اليمني، فالمقرر بنص المادة (146/5) من قانون المرافعات المصري أن القاضي يصبح ممنوعاً من نظر الدعوى لمجرد أن يكون قد سبق له نظرها قبل ذلك حيث ورد النص القانوني باللفظ الآتي: [... أو كان قد سبق له نظرها].
وفي سياق تعليقه على النص القانوني سالف الذكر يقول الأستاذ الدكتور/ أحمد هندي في كتابه: التعليق على قانون المرافعات طبعة2005م (ج3) ص(258) ما لفظه حرفياً: [إن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم فالعمل الذي يجعل للقاضي رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعوه إلى إلتزامه مما يتنافى مع حرية العدول عنه.].
ومع وضوح ذلك النص القانوني المقرر كأصل عام إلا أن المشرع المصري عاد ليؤكد على عدم جواز أن يشترك في نظر القضية بعد إحالتها للقاضي الذي سبق له الإشتراك في إصدار الحكم الأول الذي تم نقضه وإلغائه بحكم الإحالة الصادر عن المحكمة العليا، وقد جاء النص على ذلك في معرض النصوص الخاصة المنظمة للآثار المترتبة على نقض الحكم حيث نصت المادة (269) من قانون المرافعات المصري على أنه: [... ويجب ألا يكون من بين أعضاء المحكمة التي اُحيلت إليها القضية أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم المطعون فيه].
وعلى النقيض من ذلك فقد جاء قانون المرافعات اليمني معيباً في صياغته للنص القانوني المقرر لهذه المسألة من وجهين:-
#الوجه_الأول: الأخذ بسبق نظر القاضي للدعوى كأحد الحالات المقرر للامتناع الوجوبي مقيدة بقيدين انفرد بهما المشرع اليمني ليقرر أن سبق نظر القاضي للدعوى لا يُعتبر سبباً وجوبياً لإمتناعه عن نظرها إلا متى كان قد إنتهى في نظره لها إلى إصدار حكم فيها وهذا هو القيد الأول كما إشترط أن يكون ذلك قد صدر عن القاضي في محكمة أدنى درجة وهذا هو القيد الثاني الذي وضعه المشرع اليمني معبراً عن ذلك صراحةً بالمادة (128) الفقرة (7) من قانون المرافعات الجاري نصها بالآتي: [... أو كان قد سبق له نظرها قاضياً وحكم فيها في درجة أدنى...].
والمستفاد من النص القانوني أن القاضي لا يعتبر ممنوعاً من نظر الدعوى لمجرد أن يكون قد سبق له نظرها قبل ذلك بل يجب أن يكون قد أصدر فيها حكماً مع لزوم أن يكون الحكم صادراً أثناء ما كان قاضياً في محكمة أدنى درجة كان يكون الحكم السابق صدوره عنه حكماً إبتدائياً أثناء ما كان قاضياً في محكمة أول درجة وعند تعيينه قاضياً في الإستئناف لا يجوز له نظر القضية في مرحلة الطعن بالإستئناف وبمفهوم المخالفة فإن القاضي الذي سبق له الحكم في القضية في مرحلة الطعن بالاستئناف وبعد نقض الحكم وإلغائه من المحكمة العليا وإعادة القضية لنظرها مجدداً فإن ذلك لا يُعد مانعاً قانونياً لنظرها للمرة الثانية طالما وأنه لا يزال قاضياً في الاستئناف وهذا ما يستفاد من النص القانوني أخذاً بمفهوم المخالفة المقرر لدى الأصوليين كوسيلة لإستنباط الأحكام وكان الأحرى بالمشرع اليمني أن يكتفي بسبق نظر الدعوى كسبب لإمتناع القاضي عن نظرها مجدداً كما هو حال بقية التشريعات لا أن يشترط صدور الحكم فيها ومن محكمة أدنى درجة ولم يتوقف المشرع عند إشتراط صدور الحكم وإيراده بصيغة العموم والإطلاق؛ بل جاء مُقيداً لصدور الحكم من القاضي من محكمة أدنى درجه وعلى سبيل التخصيص وذلك ما يُعتبر عيباً تشريعياً أصاب النص القانوني وجعله مدعاة للتفسير والتأويل الذي يخرج النص التشريعي عن غايته الأساسية ويفقده من محتواه فما شرع سبق إصدار الحكم في جانب القاضي كسبب قانوني لإمتناعه إلا حرصاً من المشرع على إبعاد القاضي عن التعصب للرأي الذي إنتهى إليه في حكمه السابق، وهذه العلة تبقى قائمة ما دام القاضي قد سبق له الحكم في النزاع أياً كان نوع هذا الحكم أو الدرجة التي صدر فيها.
#الوجه_الثاني: سكوت المشرع اليمني عن تأكيد هذا السبب ضمن القواعد الخاصة المنظمة لآثار نقض الأحكام وإلغائها في مرحلة الطعن بالنقض.
حيث إكتفى المشرع اليمني ومنح الأخيره المحكمة العليا سلطة نقض وإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ومنح الأخير صلاحية الحكم في القضية من جديد والنص على ذلك بالمادة (300) من قانون المرافعات دون أن يتضمن النص الإشارة الى ما يفيد عدم جواز أن تتولى الشعبة التي سبق لها إصدار الحكم المنقوض في إعادة نظر القضية بعد الإحالة ويُعتبر سكوت المشرع اليمني عن ذلك عيباً تشريعياً آخر يُضاف إلى عيب الصياغة التي لحقت بالفقرة (7) من المادة (128) من ذات القانون وكأن المشرع اليمني بتلك الصياغة المعيبة قد أراد حصر الحكم السابق صدوره من القاضي كسبب لإمتناعه عن نظر الدعوى مجدداً في الحكم الذي يصدر عنه في المحكمة الأدنى درجة فيكون ممنوعاً عند نظرها في المحكمة الأعلى درجة وما انتهجه المشرع اليمني بهذا الخصوص يتنافى مع ما أنتهجه الفقه الإسلامي ومع ما قررته التشريعات القانونية الحديثة.
            __________
                   والله من وراء القصد،،،

                                         عبدالعزيز المعلمي

الوصية الواجبة لابناء الابن وفقا للفقه والقانون اليمني


تعريف الوصية الواجبة
-(1الوصية في اللغة : 
يقصد بالوصية في اللغة الوصل يقال وصيت الليلة باليوم أو صلها، فكأن الموصي لما أوصى بالشيء وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف لأن الموصي يصل بها ما كان في حياته بعد مماته أو لان الموصي يصل خير دنياه بخير أخرته لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه مسلم في صحيحه (إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وقد وردت في القرآن الكريم بمعان مختلفة ومنها الإيصاء أي العهد الذي هو فعل الموصي لقوله تعالى في سورة العنكبوت الآية 03 (ووصينا الإنسان بوالديه)، كما وردت بمعنى اسم المفعول، قال تعالى في سورة النساء الآية 15 (من بعد وصية يوصي بها او دين)، كما وردت بمعنى الأمر في سورة البقرة الآية 130 قال تعالى (وأوصى بها إبراهيم بنيه) وبمعنى الفرض والوجوب كما في قوله تعالى في سورة النساء الآية 10 يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).
 2) -الوصية في اصطلاح: -
  للوصية في اصطلاح الفقهاء تعاريف مختلفة باختلاف مذاهبهم لكنه يبقى مجرد اختلاف شكلي لا يمس الجوهر والمضمون فقد عرفها ابن عرفة في حدوده بكونها " عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته او نيابة عنه بعده " وعلى العموم تبقى الوصية في مفهومها أنها (تصرف في التركة مضاف لما بعد الموت) "أن الوصية عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته"   الشيء الذي يجعلها قد تبنت تعريف ابن عرفة أعلاه.
وهذا التعريف ينطبق على الوصية بمفهومها العام ويشمل الوصايا بمختلف أنواعها أما الوصية الواجبة على وجه التخصيص فإنها تستمد مفهومها من هذه التعاريف يضاف إليها ما تنفرد به من أحكام فقد عرفها محمد الزحيلي على "أنها نصيب من التركة يستحقه حفدة الميت الذين مات أبوهم او أمهم قبل أصله أو مات معه وجوبا بحكم قانوني بضوابط وشروط خاصة(،و عرفها أستاذنا عمرو لمزرع في كتابه الشعاع الفائض في علم الفرائض فقها و عملا بأنها وصية مالية ثابتة للأحفاد في تركة جدهم أو جدتهم مما ينوبهم في حصة أبيهم أو أمهم الذي توفي قبل أو مع أبيه أو أمه .
ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن الوصية الواجبة تكون لبعض الأقارب غير الوارثين (أولاد الابن، وأولاد البنت) وأنها لا تحتاج في تنفيذها إلى إنشاء من وجبت عليه، فإن أنشأها باختياره وإرادته نفذت، وإن تركها كانت واجبة بحكم القانون.
ثانيا: شروط استحقاق الوصية الواجبة
" لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية، إذا كانوا وارثين لأصل موروثهم جدا كان أو جدة أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة، فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته، وإن أوصى بأكثر كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصى لبعضهم فقط، وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر".
ويتبين من خلال هذه المادة أن شروط الوصية الواجبة هي
الشرط الأول: كون الحفيد غير وارث
اشترطت هذا الشرط كل القوانين التي أخذت بالوصية الواجبة لأن الوصية وجبت للحفيد عوضا له عما كان يستحقه من ميراث أصله لو بقى حيا  فإذا كان وارثا ولو مقدارا  قليلا فلا تجب له الوصية، كما إذا مات  رجل عن زوجته وبنت ابن توفي في حياة أبيه، فإن بنت الابن تأخذ السدس فرضا مع البنت تكملة لثلثان اقال أبو زهرة ألا يكون الفروع الذين مات أصلهم في حياة أحد أبويهم وارثين فإن كانوا وارثين ولو مقدارا قليلا لا تجب لهم  الوصية والوصية باعتبار ارث الأحفاد وعدمه لها سبع حالات يرثون في أربع ويسقطون في ثلاث فيستحقون الوصية الواجبة :
1-الذكر يرث بالتعصيب واحدا كان أو متعددا، إذا لم يحجب بابن أعلى منه.
2-الأنثى إذا كانت واحدة ترث بالفرض النصف، إن لم تكن مع البنت أعلى منها.
3-الأنثى إن تعددت يشتركن في الثلثين بالفرض إن لم تكن مع بنت أعلى منها.
4-الأنثى إن كانت مع بنت أعلى منها ترث بالفرض السدس تتمة للثلثين.
5-الذكر يسقط مطلقا إذا كان مع ابن أعلى منه.
6-الأنثى إذا كانت مع ابن أعلى منها تسقط مطلقا واحدة كانت أو متعددة.
7-الأنثى إذا كانت مع البنتين فأكثر تسقط بشرط ألا يكون معها ابن مساو لها أو أسفل منها ".
ولا تجب للأحفاد الوصية في القانون إلا في حالات السقوط وعدم الإرث، أما الحالات التي ورثوا فيها فإنهم لم يستحقوا فيها شيئا من التركة، ويأخذون نصيبهم من الإرث فقط دون الوصية الواجبة، سواء كان هذا الإرث أقل أم أكثر من الوصية الواجبه).
الشرط الثاني: كون الحفيد غير مستفيد من التركة
ألا يكون جد الحفدة أوصى لهم أو أعطاهم بلا عوض (هبة-أو صدقة...) قبل وفاته بمثل ما يستحقه من الوصية الواجبة أو باعهم بيعا صوريا بلا ثمن بمقدار ما يستحقه بالوصية وطبعا إن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت لهم التكملة، وإن بأكثر كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصى للبعض دون البعض الآخر كانت الوصية الواجبة لهذا البعض الآخر بقدر نصيبه والوصية الواجبة باعتبار استفادة الحفدة من الميراث خمس حالات:
1-ألا يعطيهم الجد شيئا، فتجب لهم الوصية قانونا.
2-أن يعطيهم ما يستحقونه فلا تجب لهم الوصية الواجبة.
3-أن يعطيهم أكثر مما يستحقونه، فيكون لهم حكم الوصية الاختيارية فإن تجاوز الثلث تعلق على إجازة الورثة أو رفضهم كما سبق.
4-أن يعطيهم أقل مما يستحقون، فيجب لهم إكمال باقي حصتهم على أساس الوصية الواجبة.
5-أن يعطي البعض دون البعض، فتجب الوصية لمن لم يعطى
الشرط الثالث: موت وارث الحفدة قبل أصله أو معه.
 على اشتراط موت والد الحفدة أو والدتهم قبل أصله أو معه، والوصية باعتبار هذا الشرط على ثلاثة أقسام:
1-موته بعد أصله، فيستحق ورثته كلهم أبناء أو غيرهم حصته كلها إرثا عنه لا وصية واجبة.
2-موته قبل أصله، فتجب الوصية لأولاده الذكور والإناث معا حسب القانون المغربي والمصري، أو الذكور فقط حسب القانون السوري.
3-موته مع أصله في حادثة كالغرق، وحوادث السير والزلازل، فتجب لأولاده الوصية مثل موته قبله
الشرط الرابع: عدم مجاوزة الوصية الواجبة الثلث
نصت كل التشريعات العربية التي أخذت بالوصية الواجبة على اشتراط عدم مجاوزتها لثلث التركة، وإلا ردت حصتهم إلى الثلث وبطل الباقي لأن الوصايا محدودة بالثلث فإن تجاوزتها تعلق نفاذها بإجازة الورثة الرشداء
الفقرة الثانية: التأصيل الفقهي للوصية الواجبة
ينطلق الحديث عن المستند الفقهي للوصية الواجبة من قوله تعالى:) كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين، فمن بدله بعد ما سمعه فإن إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم)  
 قال جمع من أئمة الفقه والحديث من صحابة وفقهاء تابعين أن الآية في وجوب الوصية، وأنها نسخت الوصية للوالدين والأقربين الوارثين فقط، وبقي العمل بالوصية لغير الوارثين. وهو قول الحسن البصري وسعيد بن المسيب، ومسروق وطاووس والضحاك، وأحمد بن خليل وداوود الظاهري وابن راهوية وابن حزم ، ومع قولهم بأن آية الوصية لم تنسخ، اعتبروا أن عدم العمل بها أمر ديني، وأن الإنسان يأثم ديانة بتركها، أما الإمام ابن حزم فقد ذهب وحده إلى القول بأن الوصية واجبة ديانة وقضاء، فإن لم ينشئها الموصي لأقربائه الذين لا يرثون وجبت على الورثة لقوله تعالى)إذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه  فإن امتنع الورثة من إخراجها، كان لولي الأمر ذلك، دون أن يحدد ابن حزم نصابا معينا وترك تحديد نصابها إلى اجتهاد ولي الأمر بحسب تصوره حسب ظروف التركة وعدد من يستحقون العطية.

اولا: مستحقو الوصية الواجبة
 "تكون هذه الوصية لأولاد الابن وأولاد البنت ولأولاد ابن الابن وإن نزل واحدا كانوا أو أكثر للذكر مثل حظ الانثيين، يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط".
يتبين انطلاقا من هذه المادة أن المشرع المغربي وسع دائرة المستفيدين من الوصية الواجبة فبعد أن كانت مدونة الأحوال الشخصية تحصرها في أولاد الابن فقط أصبحت في ظل مدونة الأسرة تشمل أولاد البنت على الشكل التالي:
أ: أولاد الابن وإن نزلوا أو ما يصطلح عليهم بأولاد الظهور في القانون المصري وهم من لم يكن في اتصالهم بالموروث أنثى.
ب: أولاد البنت ذكورا أو إناثا وينحصرون في الطبقة الأولى من أبناء البطون بالمفهوم الحنفي
كما نجد أن الوصية الواجبة يستحقها أولاد الظهور وأولاد البطون مطلقا وإن نزلوا وهذا ما قال به القانون الجزائري مفهوما والقانون الإماراتي منطوقا وبهذا يتبين لنا أن القوانين كلها اتفقت على أن الأحفاد من الابن-وإن اختلفت المصطلحات الشرعية في تسميتهم -يستحقون الوصية الواجبة مطلقا وإن نزلوا أما الحفدة من البنت فقد اختلفوا في مسألة استحقاقهم للوصية الواجبة
 جاءت بمستجد فيما يخص الوصية الواجبة وهو أنها أوجبت للطبقة الأولى من أولاد البنت ذكورا وإناثا).
كما أن الوصية الواجبة تقسم بينهم على أساس قاعدة التفاضل، أي للذكر مثل حظ الاثنين وهذا ما يميز الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية وحيث أن هذه الأخيرة تقسم بالتساوي بين الموصي لهم إلا أن يصرح الموصى بالتفاضل، غير أن التنزيل فالأصل فيه أن يكون بالتفاضل شأنه شأن الوصية الواجبة، إلا أن يصرح المنزل-كسرا-بالمساواة فيكون التنزيل حينئذ كالوصية الاختيارية
إضافة إلى قاعدة التفاضل نجد قاعدة الحجب حيث نصت أن كل أصل يحجب أولاده وفروعه دون أولاد غيره ولو كانوا أسفل منه في الدرجة التي ينتسب من خلالها إلى الميت وذلك وفقا للقاعدة التي تقول "كل من أدلى إلى الميت بشخص لا يرث بوجود ذلك الشخص، إلا الأخوة لأم" وللقاعدة" من كان ببطن أقرب يقدم على الذي كان ببطن أبعد
ثانيا: مقدار الوصية الواجبة
 على أن "الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موت موروثهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز تلت التركة"  الوصية الواجبة لهؤلاء الحفدة والحفيدات تكون بمقدار نصيبهم مما كان يستحقه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موته بعد وفاة أبيه أو أمه أي على فرض تحقق شرط الإرث المتمثل في وفاة الابن أو البنت بعد وفاة الأصل بمعنى أننا نعتبرهما في العمل التمهيدي كأنهما توفيا بعد وفاة الجد أو الجدة ونمضي في العمليات الفرضية على هذا الأساس) من هنا يتبين أن مدونة الأسرة لم تترك الوصية الواجبة دون تحديد وإنما حددت لها حد أقصى لا يمكن تجاوزه وهو الثلث من التركة فإن كانت حصة من تجب لهم أكثر من ذلك حصرت في الثلث كسائر الوصايا.
وإن كان أقل من ذلك أعطوا ما يستحقون ويتمثل الحد الأدنى للوصية الواجبة بمقدار الحصة التي كان سيرثها موروثهم عن أصله المتوفى لو بقي حيا.
 نصيب الحفدة يتحدد حسب حصتهم في مسألة أبيهم أو أمهم؟
فذهب رأي أول إلى أن نصيب مستحقي الوصية الواجبة يكون بمقدار سهم أبيهم أو أمهم لا بمقدار سهمهم مما يرثه أبوهم أو أمهم، أي أن ما يرثه الابن المتوفي (أو البنت المتوفاة) سيوزع فقط على أولاده دون باقي ورثته الآخرين وبالتالي استخراج الوصية الواجبة عن طريق سلوك عملية التنزيل بالمساواة والتي تصير فيها الفريضة عائلة.
في حين يذهب الرأي الثاني ويمثله الدكتور الغازي الحسيني رحمه الله  إلى القول بأن مقدار الوصية الواجبة هو مقدار الحصة التي يرثها الأحفاد من الحصة التي يرثها أبوهم من جدهم أو من جدتهم على فرض أنه بقي حيا بعد أبيه أو أمه (أو جدة أو جدته) وليس مقدار الوصية الواجبة هو جميع الحصة التي يرثها والد الأحفاد من أبيه أو أمه لأن القانون المغربي لم يطبق عليها مقدار التنزيل بالمساواة بل حددها بمقدار آخر يساويه أو يكون أقل منه ،والقول بخلاف ذلك أي حول الوصية الواجبة من حصة الابن المتوفى مع وجود من يرثه بالفرض فيه تضييع لورثة الأصل في جزء ميراثهم
"يكون نصيب الأحفاد بمقتضى الوصية الواجبة مساويا لنصيبهم في والدهم فيما يرثه من جدهم على فرض تأخير وفاته عليه فنصيب الطاعنة باعتبارها الوارث الوحيد لوالدها هو النصف فيما يرثه من والده وليس جميع الحصة التي كان سيرثها لقوله تعالى: "وإن كانت واحدة فلها النصف"، إن الفصل اقتسام الوصية الواجبة بين الأحفاد وما يتعرض له عمود نسبهم من حجب الأصل لفرع دون فرع غيره واختصاص كل فرع لم يحجب بأصله بما ينوب أصله
الفقرة الثانية: إشكالية اجتماع الوصية الواجبة مع الوصية الإرادية.
إن اجتماع الوصية الواجبة مع الوصية الإرادية في فريضة واحدة قد يأتي على شكلين:
 اجتماع الوصيتين للأحفاد والأسباط الذين توفي أبوهم أو أمهم قبل أو مع وفاة أصلهم دون غيرهم أو اجتماعهما معا إضافة إلى موصى لهم آخرين، وفي كل ذلك إما أن يتسع ثلث التركة لكل الوصايا وإما أن يضيق عن الاتساع لها جميعا، وفي هذه الحالة إما أن يجيز الورثة الزائد عن الثلث أو يرفضوا إجازته وإما أن يجيزه البعض ويمتنع البعض الآخر وإما ان تكون الإجازة جزئية للبعض دون الآخر كما يمكن ان ينصب المنع عن البعض دون البعض الآخر.
ففي الحالة الأولى حيث تجتمع الوصية الإرادية والوصية الواجبة للأحفاد والحفيدات دون غيرهم كأن يوصي الجد أو الجدة لأحفاده وحفيداته  الذين توفي والدهم أو أمهم بجزء من التركة ثم يموت الجد أو الجدة، ويثبت لهؤلاء الأحفاد أو الحفيدات حقهم في  الوصية الواجبة بحكم القانون،  أنه إذا كان جدهم أو جدتهم أوصى (ت) لهم أو أعطتهم في حياتها بلا عوض مقدار ما يستحقون بالوصية  الواجبة ، فالعمل على ما تضمنته الوصية الإرادية أو العطية ولا عمل حينئذ بالوصية الواجبة ,وإن كانت الوصية  لهم بأقل ما يستحقونه بالوصية الواجبة وجبت تكملته, وإن كانت الوصية بأكثر من الثلث  كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصت لبعضهم فقط وجبت الوصية الواجبة للآخر بقدر نصيبه على نحو ما ذكر، فإن بقيت بقية بعد أخذ كل حفيد أو حفيدة ما يستحقه بالوصية الواجبة، وكانت وصية أو عطية الجد تتضمن أكثر مما يستحقه الحفيد أو الحفدة بالوصية الواجبة استحق الموصى له البقية في حدود الثلث ما لم يجز الورثة أو الحفدة الآخرون عند فيتحصل أنه عند اجتماع الوصيتين تنفذ الوصية الأكثر قيمة  الاقتضاء الزائد على الثلث وخلاصة القول إذا زادت قيمة الوصية الإرادية على قيمة الوصية الواجبة نفذت الوصية الإرادية في حدود الثلث
قانون اليمني       الوصية الواجبة
مادة (259): إذا توفي شخص ذكراً  كان أو أنثى عن أولاد أبن غير وارثين له أو كانوا وارثين موصى لهم بقدر يقل عن ميراث أبيهم فيه لو كان حيا  عند موته وكانوا فقراء أو أولاد بنت من الطبقة الأولى والدهم فقير وكانوا فقراء ولم يقعدهم المتوفى أو يوصى لهم أو أوصى لهم بأقل من نصيب مؤرثهم فيه لو فرض حيا  فيرضخ لهم من تركته بقدر نصيب مؤرثهم لو فرض حيا  أو ما يمكنه بشرط أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة وإذا تعدد الأبناء  المتوفون بنون وبنات على النحو المتقدم ذكره أشترك أبناؤهم وأبناء البنات من الطبقة الأولى في ثلث التركة كل بقدر نصيب أصله ، ويحجب كل أصل من أبناء الأبناء فرعه وتقدم الوصية الواجبة على غيرها من الوصايا التبرعية.
الله الموفق....
أعداد الباحث /فياض علي خالد الغظباني
تحت إشراف الأستاذ المحامي / أمين حفظ الله الربيعي