الإفلاس وعلاقته بالإعسار, وفق القانون اليمني
مفهوم الإعسار في الفقه الإسلامي:
من أهم التعريفات
التي عرفت المعسر هي:
1-عرف
الكاساني, من مذهب الحنفية بقوله عن
المعسر:
هو الذي يحل له أخذ الصدقة، ولا تجب عليه الزكاة,
وهو المحتاج.
فيكون
الإعسار بحالة الشخص الذي لا يصل ماله نصاب الزكاة, ويحل له اعطاه سهم منها.
2- وعرفه
الدسوقي, من المذهب المالكي في حاشيته بقوله:
المعسر الحقيقي هو الذي ليس عنده ما يباع على
المفلس.
وهنا يتميز
كلا المعسر والمفلس, فالمعسر أسواء حالاً من المفلس , فهو ضيق الحال من جهة عدم
المال, وهذا قد يوجد في المفلس و قد لا يوجد.
3- وعرفه
الصنعاني, من مذهب الزيدية بقولة:
المعسر الذي لا يملك النصاب, ويقصد بذلك الزكاة.
وبهذه
التعاريف يمكن القول بأن الاعسار كون الشخص في الحالة التي لا يملك شيئا, سوى ما
لزمة من ملبس ومأكل بحيث أنه لا يجد في ملكة شيء, إذا باعه لا يستطيع أداء الدين
من ثمنه, فهو لا يملك شيء إلا مما له من اشياء ضرورية تلزم له فقط.
الفرق
بين الاعسار والإفلاس في الشريعة :
وبهذا يكون
الاعسار مختلف عن حالة الافلاس, حيث يكون الشخص عديم المال اصلا عدى ما يملك من
الضروريات للحياة, وبمقارنة ذلك على الراي
الأنسب في حالة الافلاس, فيكون عند الشخص مال ولكن المال الذي لدية لا يفي بالديون,
فحالة المعسر تكون أوسع وأسوا حالا من المفلس, فبينهما عموم وخصوص, فكل مفلس معسر،
وليس كل معسر مفلس.
مفهوم الإعسار في القانوني اليمني:
نصت المادة (359) من القانون المدني بأن المعسر:
(هو من لا يملك شيئاً غير ما استثنى له مما
لا يجوز الحجز عليه أو بيعه, وهو مما يحتاجه من مسكن وثياب صالحين لمثله ...)
ومن خلال هذا
التعريف يظهر جلياً أن القانون اليمني في تعريفه لم يخرج عن المعنى الموضوع له في الشرع ,وذلك من عدم القدرة على الأداء
والكسب, وحيازته تشمل على الضروريات المستثناة له في باب الزكاة.
الفرق
بين الإفلاس والإعسار في القانون اليمني:
من خلال ما
نصت عليه المادة (395) من القانون المدني, نجد أنها قد بينت الفرق بين كلاً من
المعسر والمفلس بقولها:
(والمعسر
هو من لا يملك شيئاً غير ما استثنى لـه مما لا يجوز الحجز عليه أو بيعه, وهو ما
يحتاجه من مسكن وثياب صالحين لمثله, وآلة حرفته إذا كان ذا حرفة, وكتبه إذا كان ذا
علم, وقوته ومن تلزمه نفقته من الدخل إلى الدخل, والمفلس هو من لا يفي ماله بديونه
.)
فيكون
المعسر أسوأ حالاً من المفلس, كون المعسر لا يملك الا ما هو ضروري له، فليس كل
معسر مفلساً ولكن كل مفلس معسر.
فقد يكون الشخص معسراً ولكن لم يحكم بإفلاسه
بعد، ولكن يكون لدائنيه الحق في طلب الحكم عليه بالإفلاس, فيترتب الإفلاس أحكامه,
وهي الحجر على المفلس طبقاً لنصوص القانون.
وبمقارنة
ذلك مع احكام الشريعة, نجد أن المشرع اليمني في القانون المدني لم يخرج عن الاطار
الذي بينه في التفرقة بين حالة الاعسار والإفلاس.
غير أن
الاختلاف في ماهية المفلس والمعسر قد ظهر بارزاً في الشكل التنظيمي في القانون
التجاري, حيث يختلف ايضاً عن الإعسار ويمكن اجمال ذلك من ناحية:
1- أن
الإفلاس التجاري مناطه يكون بمجرد توقف المدين التاجر, عن الوفاء بدين عليه في
الميعاد المحدد, سوأ زاد ماله عن الدين أم قل، بينما الاعسار يقتصر على الشخص
العاجز عن دفع ديونه, كون أن ماله اقل مما له.
2- لا ينظر
إلى الإفلاس التجاري حال التاجر ما إذا كان المدين معسراً أو موسرا, فقد تكون أمواله
ضعف ديونه, كأن تكون عقارات أو منقولات يعتذر بيعها لوفاء الدين من ثمنها, حيث
يجوز شهر افلاس المدين مهما بلغ من اليسار, وتكون المحكمة ملتزمة بإصدار حكم
الإفلاس من تلقاء نفسها طالما توافرت شروطه، أما حالة الإعسار فسلطتها تقديرية.
4-عدم وجود
فكرة التصفية الجماعية في أموال المعسر,
كما هي في القانون التجاري اليمني.
5-المعسر
لا ترفع يده عن إدارة أمواله كون أن
الإعسار يثبت بإحالة الشخص, فقد يكون الشخص معسراً ومع ذلك له مطلق إدارة أمواله, كون أن المنع من الإدارة يدخل في الحجر.
كما أن المعسر يحتاج إلى شهر إعسار إن كان له
ديون مستحقة, بخلاف المفلس الذي يشهر لمجرد توقفه عن الدفع للديون .
6- فيما
يتعلق بالمدين المعسر يحيل بينه وبين دائنيه على أن يثبت إيساره، أما المدين
المفلس فلدائنه طلب الحجر عليه بسبب الدين.
بمعنى
الحجر لمصلحة الغير الدائنين, وليس الحجر لنقص الأهلية أو انعدامها, أو لسفه أو
لغفلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق