القانون الدولي الخاص اليمني
المقدمة:
نتيجة للتطورات
السريعة في الحياة المعاصرة, والانتقال الواسع للأفراد والأموال عبر الحدود, وتزايد
اتصال أفراد الشعوب المختلفة بعضهم ببعض, ودخولهم في علاقات قانونية واقتصادية واجتماعية
وثقافية وغيرها, مرتبطة بأكثر من دولة بسبب جنسية أطرافها, أو محل انعقادها, أو محل
وجودها, أو السبب المنشئ لها, فقد فرض ذلك استجابات مناسبة لمواجهتها في التشريعات
المحلية والدولية, بما يتلاءم مع مصالح الدول والأفراد والمجتمع الدولي في تحقيق العدالة
والأمان القانوني لجميع الأطراف.
إضافة إلى هذا,
ولكون القانون الدولي الخاص قانون دائم التطور لمواكبته كل المتغيرات الدولية, والاختلافات
في النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول, ولارتباطه بالعديد من فروع القانون
الأخرى, فقد أدى هذا التطور إلى بروز متطلبات متجددة لا يستطيع أي مجتمع أن يعني بها
منفرداً, بل يتطلب البحث عن قواعد قانونية ملائمة, لحكم هذه العلاقات ذات الطابع الدولي.
والقانون الدولي
الخاص بالأساس هو قانون وطني كسائر القوانين الداخلية الأخرى, وهو فرع من فروع القانون
الخاص يحكم علاقات خاصة بين الأشخاص مشتملة على عنصر أجنبي.
تعريف القانون الدولي
الخاص:
مجموعة القواعد القانونية, التي تعيِّن الاختصاص
التشريعي والاختصاص القضائي الدولي’ في علاقة قانونية مشوبة بعنصر أجنبي.
عناصر
العلاقات القانونية:
لكي ينجم عن أي
علاقة قانونية اثر في الواقع, ينبغي أن يكون لهذه العلاقة أطراف تشكل احد عناصرها الأساسية,
ولتحديد القانون الذي يحكم هذه العلاقة, يجب العودة إلى عناصرها, لذلك فإن العلاقات
القانونية تنقسم إلى نوعين:
النوع
الأول: إذا كانت عناصر هذه العلاقة
مرتبطة بالدول أو بالمنظمات الدولية, فإن مثل هذه العلاقة يحكمها القانون الدولي العام.
النوع
الثاني: إذا كانت عناصر هذه العلاقة
مرتبطة بأشخاص طبيعية أو معنوية, ففي هذه الحالة سوف تنقسم العلاقة إلى قسمين, بناء
على جنسيات عناصرها:
- إذا كانت عناصر
هذه العلاقة محلية وداخل حدود الدولة فإن القانون الوطني بكل فروعه هو الذي يحكمها.
-إذا اشتملت هذه
العلاقة على عنصر أجنبي, فلا يمكن تطبيق القانون الوطني عليها مباشرةً بسبب اختلاف
جنسيات أطرافها, أو ارتباط موضوع هذه العلاقات بإقليم دولة أجنبية, أو أن التصرف القانوني
أو الواقعة تمت خارج إقليم الدولة.
اهم
ما يحتوي عليه القانون الدولي الخاص:
تعد العلاقة المرتبطة
بالقانون الخاص والمشتملة على عنصر أجنبي, السبب الرئيسي في تنازع قوانين الدول المختلفة
في اختصاص محاكمها بنظر هذه العلاقة, حيث تختلف القوانين في تقييم مثل هذه العلاقة,
لاتصال بعض من عناصرها بالدولة المعنية.
كما تبرز أيضا مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق,
مثل قانون جنسية الأطراف, أو قانون محل نشؤ العلاقة القانونية, أو قانون موقع المال,
أو قانون المحكمة المختصة المعروض عليها النزاع, مما يؤدي إلى عدم الاستقرار في العلاقات
والمعاملات الدولية, وتضيع المصالح والحقوق.
لذا استلزم لحل
هذه الإشكالية, وجود فرع خاص من فروع القانون الخاص, يهتم بتنظيم علاقات الأفراد الخاصة
ذات العنصر الأجنبي, وهو ما أتفق على تسميته بالقانون الدولي الخاص, والذي يحمل بين
دفتيه العديد من الموضوعات الهامة والمترابطة مثل:
1- التمييز
بالجنسية بين الوطني والأجنبي.
2- تحديد مركز
الأجانب وقدرتهم على التمتع بالحقوق داخل إقليم الدولة.
3- تحديد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم الوطنية بنظر
المنازعات بعنصر أجنبي.
4- بيان القانون الواجب التطبيق على هذه المنازعات.
5- تحديد إمكانيات تنفيذ الأحكام الأجنبية.
الاختصاص
القضائي الدولي, للمحاكم اليمنية:
الأجنبي هو العنصر
الأساسي للقانون الدولي الخاص, ويعتبره التشريع اليمني اهلاً للتقاضي امام محاكم الجمهورية,
متى توافرت فيه شروط الاهلية طبقاً للقانون, ولو لم يكن أهلا بحسب قانون بلاده.
كما منحه الحماية القضائية أمام المحاكم اليمنية
طبقاً للشريعة والقانون, ففي الدعاوى المعروضة على القاضي اليمني والمشتملة على عنصر
أجنبي, فإن أول ما يقوم به القاضي هو تقييم هذه العلاقة, وتحديد ما إذا كانت المحاكم
اليمنية مختصة بنظر الدعوى, وذلك بالعودة إلى القواعد المنظمة للاختصاص القضائي الدولي,
في التشريعات الوطنية.
الاصطلاحات المرتبطة
بالاختصاص القضائي الدولي, في القانون اليمني:
يلاحظ غالبا في
المسائل المرتبطة بالقانون الدولي الخاص, استخدام اصطلاحي الموطن, ومحل الإقامة, اللذان
يختلف مدلولهما بين مختلف النظم القانونية.
فالموطن في إنجلترا مثلا يقصد به الإقليم الذي يقيم
فيه الشخص على وجه الدوام ولو تركه مؤقتا، أما في فرنسا فيقصد به المركز الرئيسي لأعمال
الشخص, ويقصد به عنوان محدد في مدينة معينة, اما بالنسبة للقانون اليمني فقد
عرفهما قانون المرافعات على النحو الآتي:
الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص
عادة ويباشر فيه اعمال الحياة العادية ويستوفى ماله ويؤدي ما عليه، ويكون المكان الذي
يباشر فيه الشخص تجارة او حرفة او مهنة او وظيفة موطنا له لإدارة هذه الاعمال . المــادة(33)
يجوز ان يكون للشخص الواحد في وقت واحد
اكثر من موطن كما يجوز ان لا يكون له موطن ما . المــادة(34)
موطن القاصر ومن في حكمه هو موطن النائب
عنه قانونا، وليا او وصيا وموطن التركة قبل القسمة هو آخر موطن للمتوفى عنها . المــادة(35)
موطن الشركات والجمعيات والمؤسسات القائمة
او التي في دور التصفية هو مركز ادارتها الرئيسي، ويعتبر مقر فرعها موطنا لها في المسائل
المتعلقة به . المــادة(36)
يجوز اتخاذ موطن او محل مختار لتنفيذ
عمل قانوني معين بالاتفاق مع الطرف الآخر كتابة او بإعلانه به بوجه رسمي ويعتبر المحل
المختار موطنا بالنسبة لكل ما يتعلق بهذا العمل،بما في ذلك اجراءات تنفيذ الاتفاق الا
اذا اشترط صراحة قصر هذا الموطن على اعمال دون اخرى . المــادة(37)
محل الاقامة هو المكان الذي يقيم فيه
الشخص بصفة مؤقتة لعمل عارض او ظرف خاص . المــادة(38)
الالتزامات
الدولية في مواد الدستور والقانون الخاص اليمني:
تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة
والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي
المعترف بها بصورة عامة, وفي هذا التزام واضح للدولة اليمنية بالعمل وفق المواثيق الدولية
وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامه. مادة(6) الدستور اليمني
استنادا إلى هذا
النص الدستوري سمح القانون المدني اليمني النافذ بتجاوز أحكامه المتعلقة بالتنازع,
وإعطاء الأولوية في التطبيق للقواعد التي نص عليها قانون خاص, أو اتفاق دولي, أو معاهدة
دولية نافذة في الجمهورية, وفي حالة عدم وجود نص في قوانين الجمهورية اليمنية يحكم
مسألة تنازع القوانين المعروضة على القضاء, فقد ألزم القانون القاضي بالرجوع إلى قواعد
القانون الدولي الخاص المتعارف عليها دولياً, بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
إضافة إلى هذا
فهناك قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني نص على:
أن العمل بقواعده لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة
والتي تعقد بين اليمن وبين غيرها من الدول في هذا الشأن.
كما يؤكد قانون
الجنسية اليمني على: التزام اليمن بأحكام جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية المصادق
عليها من قبل مجلس النواب اليمني في مسائل الجنسية والتي أبرمت أو تبرم بين اليمن والدول
الأجنبية.
من خلال هذه المواد
نلاحظ بان المشرع اليمني أكد احترام اليمن لالتزاماتها الدولية, بل وأعطى لها الأولوية
في التطبيق على قانونه الوطني في المسائل المرتبطة بها.
من جانب آخر ترك
المشرع اليمني لقانون البلد الذي ترفع فيه الدعوى, تحديد قواعد الاختصاص, والمسائل
الإجرائية في النزاع المعروض عليه, وتجنب الدخول في تنازع معه, حيث نص القانون المدني
اليمني على أن:
يرجع في قواعد الاختصاص والمسائل الخاصة بالإجراءات
القضائية إلى قانون البلد الذي ترفع فيه الدعوى.
وهذا يعفي الأجهزة القضائية اليمنية من الاختصاص
في القضايا المشتملة على عنصر أجنبي, والمنظورة في بلد آخر, فإذا رفعت الدعوى أمام
قضاء أجنبي, فإن قانون ذلك البلد هو الذي يحدد ما إذا كانت محاكمه مختصة بنظر الدعوى
أم لا.
وينحصر دور القضاء اليمني هنا بتحديد قواعد الاختصاص،
والمسائل الخاصة بالإجراءات القضائية في القضايا المرفوعة أمامه فقط, وهذا يدل على
عدم تدخل القضاء اليمني في القضايا المرفوعة أمام القضاء الأجنبي.
تنفيذ
السندات التنفيذية الأجنبية:
التنفيذ إجراء
قضائي تمنح المحكمة المعنية بموجبه للأحكام والقرارات القوة التنفيذية, ويعتبر تنفيذ
السندات التنفيذية الأجنبية في إقليم الدولة اليمنية, من الاختصاص القضائي الدولي للمنظومة
القضائية اليمنية, والمرتبط مباشرة بسيادة الدولة, والتزاماتها المتبادلة أمام المجتمع
الدولي.
ينظم
تنفيذ السندات التنفيذية الأجنبية في الجمهورية اليمنية قانون المرافعات, والتنفيذ
المدني:
يشترط لتنفيذ السند التنفيذي الاجنبي
ما يأتي: –
1- الا يخالف السند التنفيذي الاجنبي
احكام الشريعة الاسلامية او الآداب العامة او قواعد النظام العام في اليمن .
2- ان تكون المحاكم اليمنية غير مختصة
بالنزاع الذي صدر فيه السند التنفيذي الاجنبي وان المحكمة الاجنبية التي اصدرته مختصة
به طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها .
3- ان يكون التنفيذ بنفس الشروط المقررة
في ذلك البلد لتنفيذ السندات التنفيذية اليمنية معاملة بالمثل .
4- ان يكون السند التنفيذي صادرا من محكمة
او هيئة قضائية مختصة وان يكون الحكم او الامر حائز لقوة الامر المقضي به وفقا لقانون
ذلك البلد الاجنبي .
5- ان يكون الخصوم في الدعوى التي صدر
فيها الحكم الاجنبي قد كلفوا بالحضور ومثلوا امام تلك المحكمة تمثيلا صحيحا .
6- الا يتعارض السند التنفيذي الاجنبي
مع حكم سبق صدوره من المحاكم اليمنية . المــادة(494)مرافعات
الاختصاص
القضائي الدولي في مواد القانون اليمني:
يمكن تصنيف قواعد
الاختصاص القضائي للمحاكم اليمنية, في الدعاوى المشتملة على عنصر أجنبي إلى ثلاث فئات
بناءً على:
اولا:
مركز اطراف الدعوى:
استنادا إلى القاعدة العامة التي تقرر الاختصاص للمحاكم
اليمنية بالدعاوى المرفوعة أمامها, باستثناء ما يتعلق منها بعقار واقع في الخارج, إذا
تحققت إحدى الحالات التالية:
إذا كان المدعي
عليه يمني الجنسية: ويسري ذلك على الأشخاص الطبيعية, سواءً كانوا
في اليمن أو خارجها, وكذا الأشخاص الاعتبارية دون أن ينتقص ذلك من حقهم بالقبول صراحةً,
أو ضمناً بالاختصام أمام محكمة أجنبية.
تختص المحاكم اليمنية بالدعاوى المرفوعة
على اليمني ولو لم يكن لــه موطن أو محل إقامة في اليمن فيما عدا الدعاوى المتعلقة
بعقار واقع في الخارج. المادة 78مرافعات
إذا كان المدعي
عليه أجنبي متوطن او مقيم في اليمن: ويسري ذلك على الأشخاص الطبيعية والاعتبارية, ويشترط
للشخص الاعتباري الأجنبي, أن يكون مركز إدارته الرئيسية أو فرعه أو وكالته موجود في
اليمن.
تختص المحاكـم اليمنية بنظر الدعاوى التي
ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في اليمن فيما عدا الدعاوى المتعلقة بعقار
في الخارج. المادة 79مرافعات
الخضوع
الإرادي لأطراف الدعوى صراحةً أو ضمناً لولاية القضاء اليمني:
بشرط توافر رابطة جدية بين النزاع المطروح والمحاكم
اليمنية, فإذا كان المدعى عليه أجنبياً ليس له موطن في اليمن, وكانت الدعوى في غير
الحالات المحددة:
تختص المحاكم اليمنية بنظر الدعاوى المرفوعة
على الاجنبي الذي ليس له موطن في اليمن وذلك في الحالات الآتية: –
1- اذا كان له موطن مختار في اليمن .
2- اذا كانت الدعوى تتعلق بمال موجود
في اليمن او كانت متعلقة بالتزام نشا او نفذ او كان واجبا تنفيذه في اليمن او كانت
متعلقة بافلاس اشهر في اليمن .
3- اذا كانت الدعوى تتعلق بطلب نفقة للام
او للزوجة او للصغير اذا كانوا مقيمين في اليمن .
4- اذا كانت الدعوى بشان نسب الصغير او
الولاية على نفسه متى كان مقيما في اليمن .
5- اذا كانت الدعوى متعلقة بمسالة من
مسائل الاحوال الشخصية وكان القانون اليمنى هو الواجب التطبيق في الدعوى .
6- اذا كانت الدعوى متعلقة بالتركات وكانت
التركة قد بدئ في تقسيمها في اليمن او كان المورث يمنيا او كانت اموال التركة كلها
او بعضها في اليمن .
7- اذا كان لاحد المدعى عليهم موطن او
محل اقامة في اليمن . المادة (80 مرافعات)
فإن الاختصاص لا ينعقد إلا بقبول المدعى عليه لولايتها
بحسب نص المادة (81 مرافعات).
تختص المحاكم اليمنية بالفصل في الدعوى
ولو لم تكن داخله في اختصاصها طبقا للمواد السابقة اذا قبل المدعى عليه ولايتها صراحة
او ضمنا .
وإذا رفعت الدعوى
أمام المحاكم اليمنية وهي غير مختصة بنظرها, ولم يحضر المدعى عليه, تحكم المحكمة بعدم
اختصاصها من تلقاء نفسها استناداً لنص المادة (84 مرافعات), لأنه في هذه الحالة يعلن
عدم قبوله لولايتها.
اذا رفعت الدعوى امام المحاكم اليمنية
وهي غير مختصة بنظرها ولم يحضر المدعى عليه تحكم المحكمة بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها
.
ثانيا. نوعية الدعوى: وتنقسم إلى قسمين:
ما يتعلق بمسائل
الأحوال الشخصية للأسرة من زواج وطلاق, إذا كان القانون اليمني هو الواجب التطبيق.
ما يتعلق
بالنفقات والولاية على النفس والنسب إذا كان:
1- المدعى عليه
أجنبيا ليس له موطن, أو محل إقامة في اليمن
2- المدعي زوجة
كانت أو أماً أو طفلاً مقيماً في اليمن.
-ما
يتعلق بدعاوى التركات:
فإضافةً إلى وجوب
أن يكون المدعى عليه اجنبياً ليس له موطن أو محل إقامة في اليمن, يشترط القانون لانعقاد
الاختصاص للقضاء اليمني, أن تكون التركة قد بدئ في تقسيمها في اليمن, أو كان المورث
يمنياً, أو كانت أموال التركة كلها أو بعضها في اليمن.
-ما
يتعلق بالمعاملات المالية:
وتشمل كافة الدعاوى
المتعلقة بمال موجود في اليمن, وكذا دعاوى الالتزامات التعاقدية إذا نشا الالتزام أو
نفذ أو كان واجباً تنفيذه في اليمن, وغير التعاقدية إذا وقع الفعل من يمني خارج اليمن
وعاد بعده إلى اليمن, إضافة إلى دعاوى الافلاس.
ثالثا- في فن
تنظيم الخصومة في الدعاوى المرتبطة والقضايا المستعجلة على النحو التالي:
الفصل في المسائل
الاولية, التي يتوقف الحكم في الدعوى على الفصل فيها.
الفصل في الطلبات
العارضة, المرتبطة بالطلبات الاصلية في الدعوى المنظورة أمامها.
تختص المحاكم اليمنية بالفصل في المسائل
الأولية والطلبات العارضة المرتبطة بالطلبات الأصلية إذا كانت مختصة بها.(المادة
82 مرافعات).
الاختصاص بالإجراءات
المستعجلة, التي تكون مرتبطة بولاية محكمة اجنبية, ويراد بمقتضاها اتخاذ إجراء في اليمن
وقتي, مثل نفقة او تعويض مؤقت, أو تحفظي مثل فرض حراسة على مال منقول مرتبط بالنزاع.
وترتبط الإجراءات
الوقتية والتحفظية التي تنفذ في اليمن, بشروط تنفيذ السند التنفيذي الأجنبي.
نلاحظ من خلال
هذا التقسيم بان الاختصاص في الفئة الثانية بناءً على نوعية الدعوى, قد تحدد إساساً
إذا كانت الدعوى مقامة على اجنبي, ليس له موطن في اليمن.
ولهذا السبب وضع
المشرع شروطاً إضافية تتعلق بالمدعي, أو بموضوع الدعوى هروباً من تعقيدات التنازع في
هذه الحالة, لكون المدعى عليه ليس تحت سلطته المباشرة, مما لا يسمح له بتنفيذ أحكامه
دون الحاجة إلى تدخل جهات أجنبية بشروطها, متجاهلاً الضرر الذي قد يلحقه بالمدعي, وخاصةً
إذا كان مواطناً يمنياً ليس له من يدافع عن حقوقه سوى سلطة بلاده.
ففي دعاوى النفقة والنسب, اشترط المشرع اليمني الإقامة
في اليمن للمدعي وهو(الطفل أو الزوجة أو الأم) وليس الموطن.
ولكون المدعى عليه أجنبي ليس له موطن في اليمن, فلا
يمكن للمدعي طفلاً أو زوجة أو أماً أن يكون مقيما, إلا إذا كان الأمر متعلق بالمرأة
اليمنية المتزوجة من اجنبي وأبنائها.
وفي حال كانت الدعوى متعلقة بالزواج والطلاق والفسخ,
فقد أشترط لكي ينعقد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم اليمنية, ان يكون القانون اليمني
هو الواجب التطبيق, إلا أنه لم يحدد الشروط الواجب توافرها في المدعي او في الدعوى,
وأرجع هذه الدعاوى إلى قانون الأحوال الشخصية عند المرافعة فقط, وليس كقانون واجب التطبيق.
تنازع
القوانين في القانون اليمني:
المقصود
بالتنازع, تزاحم قانونين متعارضين أو أكثر, لدولتين أو أكثر, بشأن حكم علاقة قانونية
أجنبية في احد عناصرها على الأقل.
ويقصد بالعلاقات الخاصة العلاقات بين الأفراد التي
لا تتصل بالمصلحة العامة للدولة بشكل مباشر بل عن طريق مصالح الأفراد المنتمين لهذه
الدولة, وتنظمها عادةً القوانين الخاصة كقوانين الأحوال الشخصية والمدنية والتجارية.
بالنسبة للتشريع
اليمني نجد أن المواد المتعلقة بتنازع القوانين, تحدد موقف المشرع اليمني
في تنازع القوانين من حيث المكان, وتكييف العلاقات في قضايا تتنازع فيها القوانين لمعرفة
القانون الواجب تطبيقه:
يرجع في قواعد الاختصاص والمسائل الخاصة
بالإجراءات القضائية إلى قانون البلد الذي ترفع فيه الدعوى. المادة (32) مدني
وتعطي هذه المادة
الشرعية لتصرف القاضي برجوعه إلى قانونه الوطني, طالما أن الدعوى قد رفعت أمامه.
فإذا رفعت الدعوى
أمام المحاكم اليمنية, فان القانون اليمني هو المرجع في تحديد قواعد الاختصاص, والمسائل
الخاصة بالإجراءات القضائية, وهو المرجع أيضاً في تقييم العلاقات المسببة لهذا التنازع,
القانون اليمني هو المرجع في تكييف العلاقات عندما
يطلب تحديد نوع هذه العلاقة في قضية تتنازع فيها القوانين وذلك لمعرفة القانون الواجب
تطبيقه من بينها. المادة (23) مدني
ويفهم من ذلك أنه طالما أن الدعوى قد قدمت أمام القاضي
اليمني, فان ذلك يمكن اعتباره طلباً إليه بتحديد القانون الواجب تطبيقه.
أهم
الاصطلاحات المرتبطة بالتنازع في القانون اليمني:
عرف المشرع اليمني
في القضايا المشتملة على عنصر أجنبي, الاصطلاحات التي عادة ما تؤدي إلى التنازع مثل
الأهلية, والجنسية على النحو التالي:
الأهلية: الأهلية نوعان
أهلية وجوب للحقوق الشرعية للشخص وعليه, تثبت له منذ ولادته كالميراث لا يفرق بين الورثة
في السن, وأهلية أداء بمقتضاها يباشر الإنسان حقوقه المدنية.
فعلى سبيل المثال
يشترط في المتعاقدين أن يكون كل منهم كامل الأهلية للتصرف, فتصرف فاقد الأهلية غير
صحيح ويتوقف تصرف ناقص الأهلية على الإجازة له بذلك. وبناءً عليه رجع المشرع اليمني
في الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم إلى قانون جنسيتهم, وأشار إلى انه في التصرفات
المالية التي تعقد في اليمن وتترتب آثارها فيه لا يؤبه بنقص أهلية الطرف الأجنبي الراجع
إلى قانون بلده إذا كان فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه، وكان كامل الأهلي.
الجنسية: هو الشخص غير المتمتع
بالجنسية اليمنية.
ولتعيين قانون
الجنسية الواجب تطبيقه في حالة الشخص متعدد الجنسيات, إذا كانت احدي جنسياته هي الجنسية
اليمنية, يتم ذلك على أساس أنه يحمل الجنسية اليمنية دون الاعتداد بالجنسيات الأخرى
ويكون القانون اليمني وحده هو الواجب التطبيق
أما في حالة الشخص
الذي لا تعرف جنسيته أو تكون له جنسيات متعددة في وقت واحد ليس من ضمنها الجنسية اليمنية,
فعلى القاضي تعيين قانون الجنسية
يعيّن القاضي قانون الجنسية الواجب تطبيقه
في حالة الشخص الذي لا تعرف جنسيته او تكون له جنسيات متعددة في وقت واحد، ومع ذلك
اذا كانت احدى الجنسيات المتعددة هي الجنسية اليمنية فان القانون اليمني وحده هو الذي
يطبق . لمــادة(34)
أما في نظام الأشخاص
الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات وغيرها, فقد نص القانون على:
يرجع في الحالة المدنية للاشخاص واهليتهم
الى قانون جنسيتهم ومع ذلك فانه بالنسبة للتصرفات المالية التي تعقد في الجمهورية وتترتب
اثارها فيها، اذا كان نقص اهلية الطرف الاجنبي الراجع الى قانون بلده فيه خفاء لا يسهل
على الطرف الاخر تبينه, وكان كامل الاهلية بحسب القانون اليمني فانه لا يؤبه بنقص اهليته
. ويرجع في نظام الاشخاص الاعتبارية الاجنبية من شركات وجمعيات وغيرها الى قانون الدولة
التي اتخذت فيها مركز ادارتها الرئيسي الفعلي . ومع ذلك فاذا باشرت نشاطها الرئيسي
في الجمهورية فان القانون اليمني هو الذي يسري . المــادة(24)
نلاحظ في نص المادة
(24) إشارة المشرع اليمني إلى شرط مباشرة الأشخاص الاعتبارية الأجنبية نشاطها الرئيسي
في الجمهورية, ليرجع الاختصاص للمحاكم اليمنية استثناءً من الاختصاص بحسب الدولة التي
يقع فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي, وهذا الاستثناء لا ينطبق على الواقع القانوني
اليمني, فليس مسموحاً بأي نشاط تجاري في اليمن إلا بشريك يمني, ولا حتى إنشاء فرع لشركة
أجنبية إلا عن طريق وكيل يمني تاجر, حسب المادة (28) من القانون التجاري اليمني والتي
نصت على انه :
من يوم نفاذ هذا القانون لا يجوز لغير
يمني الاشتغال بالتجارة في الجمهورية اليمنية إلاَّ إذا كان له شريك أو شركاء يمنيين.
واضافت المادة
(29) في نفس القانون على أنه:
من يوم نفاذ هذا القانون لا يجوز لشركة أجنبية إنشاء فرع
لها في الجمهورية اليمنية ولا يجـوز أن تباشر أعمالاً تجاريـــة في الجمهورية اليمنية
إلا عن طريق وكيل يمني تاجر.
لذا فالأشخاص الاعتبارية
الأجنبية لا يمكنها مباشرة نشاطها في اليمن إلا بشريك يمني أو وكالة مما يعني عدم إمكانية
جعل اليمن مركزا لنشاطها الرئيسي.
مواد القانون اليمني
عن التنازع في الدعاوى الخاصة بالأحوال الشخصية
حدد المشرع اليمني
في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية, القضايا التي يرجع فيها إلى القانون اليمني
فقط وهي على النحو التالي:
1-الزواج والطلاق والفسخ والنفقات.
مادة (25) مدني
2. المسائل الموضوعية
الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعية لحماية القصر والمحجوزين
والغائبين. مادة (26) مدني
3. الميراث والوصية وغيرها من التصرفات
المضافة إلى ما بعد الموت. مادة (27) مدني
نلاحظ إخضاع المشرع
اليمني للقضايا الخاصة بالأحوال الشخصية, التي تتضمن عدة مواضيع أولها الزواج, وما
ارتبط به مثل خطبة ومهر وعقد وانحلال وغيرها, إضافة إلى النسب والنفقات والوصية والمواريث,
إلى القانون اليمني فقط.
أما قضايا الميراث
والوصية وغيرها من التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت, إلى قانون الأحوال الشخصية تحديدا,
أما قضايا الزواج والطلاق والفسخ والنفقات فقد أرجعها إلى نفس القانون, عند المرافعة
فقط.
وبما أنه من المعلوم
أن قانون الأحوال الشخصية اليمني ماخوذ أساسا من الشريعة الإسلامية, وكل ما لم يرد
به نص في القانون يعمل بأقوى الادلة في الشريعة الاسلامية, هذه الخاصية التي يتميز
بها قانون الأحوال الشخصية اليمني تجعله معزولاً عن كل ما هو أجنبي.
فالدول الأجنبية بشكل عام تستند في قوانينها الى
مصادر وضعية, وديانات مختلفة تتناقض بشكل مباشر, وخاصةً في قضايا الاحوال الشخصية مع
كثير مما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف, وقد
وضع المشرع اليمني ذلك نصب عينيه عند تحديده للقانون الواجب التطبيق في قضايا الأحوال
الشخصية, فهو إما أن يحيلها إلى القانون اليمني دون تحديد, وإذا أحالها إلى قانون الأحوال
الشخصية فعند المرافعة فقط, ما عدى ما يتعلق بالميراث والوصية وغيرها من التصرفات المضافة
إلى ما بعد الموت, فقد احاله بشكل صريح إلى هذا القانون, الذي يشترط أن تكون الأموال
موضوع الدعوى موجودةً أصلاً في اليمن, بحيث لا يمكن أن يرجع فيها إلى قانون أجنبي,
وإذا كانت الأموال موجودة خارج اليمن فان قانون موقع المال هو الذي يحكم هذه العلاقة.
فإذا رجعنا على
سبيل المثال لزوجة الأجنبي اليمنية لتكون مدعية في دعوى طلاق أو نفقة أو نسب لابنها,
فإن عليها أن تتقدم بدعوى وفقا لنص المادة (104) الفقرة (6) من قانون المرافعات والتنفيذ
المدني, التي تشترط إثبات قيام الزوجية كأحد أدلتها.
وليس في قانون الأحوال الشخصية اليمني نص يحدد شروط
الزواج المختلط, سوى شروط عقد الزواج بشكل عام والمحددة بشاهدين عدلين مسلمين,, والولاية
على المرأة وقيد وثيقة الزواج لدى الجهة المختصة, وموافقة وزير الداخلية, وبآن الزواج
الذي لم يستوفي أركانه وشرائطه باطل” بحسب المادة (30) منه.
إضافة إلى ذلك إن:
من أجرى عقد زواج دون ولاية او وكالة
فهو فضولي, وعقد الزواج من الفضولي يعتبر كلا عقد.بحسب المادة (22) منه.
في حين أن القانون لم يحدد الجهات المخولة عقد الزواج,
لا في الداخل ولا في الخارج, فإذا تم العقد في الخارج من جهة غير مخولة فلا عقد, وإذا
لم يشهد عليه شاهدين عدلين مسلمين فهو باطل, وإذا لم يعقد للمرأة وليها فهو باطل, وإذا
لم يثبت بأن الزوج مسلم في بيانات العقد فهو باطل.
من خلال ما أوردناه
سابقاً نلاحظ بأن هذه القضايا مرتبطة بتعاليم الشريعة الإسلامية, ولا يمكن تطبيقها
على الأجنبي الذي ليس له موطن في اليمن, كما لا يمكن تطبيق القانون الاجنبي في اليمن
إذا جاء مخالفاً لإحكام الشريعة الإسلامية, والآداب العامة والنظام العام.
لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي تعين تطبيقه طبقاً للنصوص
السابقة إذا كانت هذه الأحكام تخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو الآداب العامة في الجمهورية. المادة (35) من القانون المدني
مواد
القانون اليمني عن التنازع في الدعاوى الخاصة بالحقوق المالية:
تنقسم الحقوق المالية
إلى حقوق شخصية وحقوق عينية, فالحقوق الشخصية هي ما تعلق بذمة الغير دون أن تحدد بمال
معين, ويقابلها بالنسبة للغير الديون أو التعهدات أو الالتزامات المتعلقة بالذمة.
والحقوق العينية هي ما كان للإنسان من حقوق في مال
بعينه عقار أو منقول, وتنقسم إلى أصلية وتبعية:
الأصلية: وتشمل حق الملكية:
وما يتفرع عنه من حقوق مثل حق الانتفاع, وحق الاستعمال وحق الاستغلال وكذا حقوق الارتفاق.
التبعية: هي الحقوق التي
تنشأ لضمان حق تعلق بالذمة. وتزول بزوال الحق الذي تضمنه وقد تزول بنفسها, كحق الرهن
وحق الامتياز.
وقد حدد المشرع
اليمني هذه القضايا, وارجعها إلى القانون الواجب التطبيق على النحو التالي:
1. في الحيازة والملكية والانتفاع والحقوق العينية الأخرى, إذا
كان المال غير منقول (عقار) فيرجع في ذلك إلى قانون موقع المال (المادة 28 مدني).
2.
في الحيازة والملكية والانتفاع والحقوق العينية الأخرى, إذا كان المال منقولاً فيرجع
فيه إلى قانون المكان الذي يوجد به المال المنقول, وقت تحقق سبب الحيازة أو الملكية
أو الانتفاع أو أي حق عيني آخر أو سبب فقدها (المادة 28 مدني).
3.
في الآثار المترتبة على العقود, باستثناء العقود التي تبرم في شأن مال غير منقول (عقار)
والتي يطبق عليها قانون موقع العقار, فيرجع فيها إلى:
قانون
الموطن المشترك للمتعاقدين, إذا كانوا من موطن واحد, قانون
البلد الذي تم فيه العقد, إذا لم يكونوا من موطن واحد بشرط ان لا يكونا قد اتفقا على
قانون آخر أو يتبين من ظروف الحال أنهما قصدا تطبيق قانون آخر, القانون
المتفق عليه بين الطرفين. المادة (29) من القانون المدني
4.
في شكل العقود فيرجع فيها الى:
قانون
البلد الذي تمت فيه.
القانون
الذي يحكم موضوعها.
قانون
موطن المتعاقدين المشترك, أو قانونهما المشترك. المادة
(30) من القانون المدني
بهذا الخصوص نرى
بأن المشرع اليمني قد سلك نفس المسلك الذي سلكه العديد من المشرعين العرب, وذلك لاعتبارات
سياسية واقتصادية وفنية تتعلق بالمال المنقول وغير المنقول, إلا أنه لم يتطرق الى الحقوق
المعنوية والفكرية والذهنية والادبية والفنية, التي صارت من المسائل الضرورية التي
يجب التطرق لها في قواعد الاسناد اليمنية وقد ذكرتها المادة (125) من القانون المدني
بالنص على أن “الحقوق الفكرية يكفلها القانون وتنظمها
القوانين الخاصة كحق المؤلف والمخترع والمكتشف”. وتشتمل الحقوق الفكرية على الحقوق الشخصية والعينية, فهي تحوي الحق
الشخصي لاسم المؤلف أو المخترع, والحق العيني للقيمة المادية لإنتاجه أو اختراعه.
. ويعتبر من القوانين
الخاصة أيضا, قانون الحق الفكري اليمني رقم (19) لعام 1994م الذي يعترف بحق المؤلف
لغير اليمني, إذا كان قانون بلده يعامل اليمنيين بالمثل, او بناءً على الاتفاقيات الدولية
التي تكون الجمهورية اليمنية طرفاً فيها.
كما اعطى الحماية القانونية للرسوم والنماذج الصناعية
للأجانب المقيمون في اليمن, أما الأجانب المقيمون في الخارج فتتقرر لهم الحماية طبقاً
لاتفاقية دولية تعقدها الجمهورية اليمنية مع الدولة التي ينتمون إليها, أو بناءً على
المعاملة بالمثل.
ويستطيع كل اجنبي
له مشروع انتاجي او خدماتي في اليمن, ان يطلب تسجيل علامته الصناعية والتجارية فيها.
ويتقرر للأجانب
أصحاب المشروعات في الخارج, وللأشخاص الاعتبارية الاجنبية التي يكون نشاطها الرئيسي
في الخارج, الحق في تسجيل علامتهم الصناعية والتجارية, وحقوق المكتشف والمخترع والمقترح,
طبقاً لاتفاقية دولية تعقدها الجمهورية اليمنية, مع الدولة التي ينتمون اليها او بناءً
على المعاملة بالمثل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق