الفرق بين القرائن القانونية والقضائية, وفق
القانون اليمني
تعريف
القرينة لغة:
القرينة في اللغة مأخوذة من الفعل قرن, وقرن الشيء بالشيء أي
وصلة به, ويقرن أي يجمع.
القرينة
في الاصطلاح :
هي ما
يستخلصه القاضي أو المشرع من أمر معلوم
للدلالة على أمر مجهول, وهذا الاستنباط قد يقوم به المشرع نفسه وينص علية
القانون, وفي هذه الحالة نكون بصدد قرائن قانونية وقد يقوم القاضي بهذا الاستنباط,
وبالتالي تكون القرينة قضائية.
القرينة
في القانون:
وعرفها
قانون الإثبات نصت المادة (154) من قانون الإثبات على:
(القرينة هي الإمارات التي تدل على إثبات ما خفي
من الوقائع, ودلائل الحال المصاحبة للواقعة المراد إثباتها وهي على ثلاثة أنواع. )
أنواع
القرائن:
تنقسم القرائن الى قرائن قضائية وهي التي تعتبر
من أدلة الإثبات بمعنى الكلمة, لأن القاضي
هو الذي يستنبطها من ظروف ووقائع
الدعوى المطروحة أمامه, أما القرينة القانونية فهي ليست دليل من أدلة الإثبات بقد
ماهي سبب لنقل عبئ الإثبات أو الاعفاء منه, فهي تنقل عبئ الإثبات من على عاتق
الخصم المكلف به وفقا للقواعد العامة الى الخصم الاخر اذا كانت قرينة بسيطة، بينما
تعفي من الإثبات نهائيا إذا كانت قرينة قاطعة، فتكون القرينة على هذا النحو بمثابة
الإعفاء من الإثبات بالنسبة لمن تقررت لمصلحته:
القرائن القضائية:
تعريف القرينة
القضائية:
هي نتيجة يستنبطها القاضي من وقائع وملابسات
الدعوى المطروحة أمامه, والثابتة فعلا لمعرفة واقعة أخرى متنازع عليها.
وعرفها قانون المرافعات اليمني في الفقرة ب
المادة (155) على أنها:
وهي ما
تستنبطه المحكمة من الأمور الواقعية أو المعاينة التي تدل على صور الحال في
القضية, كخروج شخص من داره في يده سكين تقطر دما أو سلاح ناري عليه أثر الاستعمال
مع وجود قتيل في تلك الدار وليس بها غيره، والنكول عن اليمين ممن وجبت عليه.
القرائن
القانونية:
هي استنباط المشرع الواقعة التي لم يقم عليها
الدليل مباشر من واقعه نص عليها, فاذا ثبتت استدل بها على ثبوت تلك الواقعة
المطلوب اثباتها, بمعنى أن المشرع هو الذي يقوم باستنباط فإذا ثبتت استدل بها على
ثبوت تلك الواقعة المطلوب إثباتها, بمعنى ان المشرع هو الذي يقوم باستنباط القرينة
القانونية وهو الذي ينص عليها في صيغة عامة مجرده|.
والقرينة القانونية هي التي ينص عليها القانون فهي من وضع المشرع,
ولا وجود لها بدون نص قانوني يتضمنها وينص عليها صراحة.
والمثال
عليها : ما نص عليها قانون الإثبات في المادة ():
(156 كل قرينه قاطعة قانونية لا يجوز نقضها،
ويتعين الأخذ بها والحكم بمقتضاها)
القرينة وحجيتها:
الأصل في
القرائن أن تكون غير قاطعه, فتقبل اثبات العكس أخذ بفكره نقض الدليل بالدليل, إلا أن المشرع قد
يرى لعلة هامة يقدرها, عدم جواز نقض حجية بعض القرائن الذي يقررها لتعلقها بالنظام
العام, وهي اعفاء استثنائي من عبئ الإثبات
الذي تقضي به القواعد العامة, وعلى القاضي أن يأخذ بها متى توافرت شروطها التي نص
عليها القانون سواء كانت مطابقة للحقيقة الواقعية, أم كانت مخالفة لها.
حجية
القرائن القانونية في الإثبات:
تقوم
القرائن القانونية على فكرة الاحتمال والترجيح،
فالأصل أن كل قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس ما لم يوجد نص يقضي بغير
ذلك, ومع ذلك فإنه يفرق في هذا الصدد بين القرائن القانونية البسيطة والقرائن
القانونية القاطعة، وذلك كما يلي:
1- القرائن القانونية البسيطة: الأصل أن تكون القرائن القانونية بسيطة غير قاطعة ( أي تقبل إثبات عكسها، لأنها ليست
إلا احتمال يقيمه المشرع على الترجيح، وقد يخطئ هذا الاحتمال وقد يتفق مع الحقيقة،
ولذلك يجب إفساح المجال لمن قامت ضده أن يقيم الدليل على عدم مطابقة القرينة
لحقيقة الواقع, من أمثلة القرائن القانونية البسيطة.
مادة(158):
القرينة البسيطة غير القاطعة وهي التي لا تقطع بثبوت الواقعة المراد إثباتها,
وإنما ترشح لثبوتها وقد تحتمل ذلك وغيره ، ولا تعتبر دليلا قاطعا يغني عن المطالبة
بإقامة البينة القانونية على ما يدعيه وإنما يجوز للمحكمة أن تستأنس وتستكمل
الدليل على أساسها.
2- القرائن القانونية القاطعة: إذا كان الأصل في
القرائن القانونية أنها بسيطة أي تقبل إثبات العكس، إلا أن المشرع يرى في بعض
الأحيان عدم الإخلال ببعض القرائن فيجعلها غير قابلة لإثبات العكس نظرا لما لها من
أهمية ً خاصة, فيسلب من تقوم ضده هذه القرينة من إمكانية إثبات عكسها، وبالتالي
تصبح هذه القرينة بمقتضى هذا الحظر من جانب المشرع قرينة قاطعة.
من أمثلة القرائن القانونية القاطعة:
مادة(159) الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي به
حجة على أطرافه وفي موضوعه وسببه(أصلة) قرينة قاطعة(قانونية ) لا تقبل إثبات
العكس.
حجية
القرينة القضائية:
يتمتع
القاضي بسلطة واسعة في استنباط كل قرينة لم يقررها القانون، وسلطته في هذا
الاستنباط مطلقة. حيث يترك لتقديره حرية اختيار أية واقعة من الوقائع الثابتة
أمامه لكي يستنبط منها القرينة، كما أن له سلطة واسعة في استنباط ما تحتمله
الوقائع من دلالة، ثم بعد ذلك هو حر في تكوين عقيدته، فقد تقنعه قرينة واحدة قوية
الدلالة، وقد لا يقتنع بقرائن متعددة ضعيفة الدلالة، لا يخضع في تقديره هذا لرقابة محكمة النقض.
تقوم
القرائن القضائية بدور عملي كبير في الإثبات، وذلك نظرا لتعذر وصعوبة الإثبات
المباشر، الذي ينصب على ذات الواقعة المطلوب إثباتها، في كثير من الأحيان، فيلجأ
المدعي إلى إثبات وقائع مجاورة وما لزمة للواقعة المتنازع عليها، بحيث يستنتج منها
القاضي ثبوت الواقعة المتنازع عليه.
الفرق
بين القرينة القانونية والقرينة القضائية:
القرينة
القانونية والقرينة القضائية تقومان على فكرة واحدة هي فكرة ما هو راجح الوقوع
وهما من طبيعة واحدة من حيث التكيف، لأن كل منهما ينطوي على اثبات غير مباشر،
مقتضاه أن ينتقل محل الإثبات من الواقعة المتنازع فيها الى واقعة اخرى متصلة أو
مجاورة يسهل اثبتها، بحيث اذا ثبتت اعتبر ثبوتها دليلا على صحة الواقعة الأولى، أي
الواقعة المتنازع فيها، وهذا يتم وفقا لفكرة تحول الإثبات التي يستند إليها
الإثبات غير المباشر, ومع ذلك هناك فروق بين القرائن القانونية والقرائن القضائية،
يمكن تلخيصها بما يأتي :
1- القرينة القانونية مصدرها القانون ( نص تشريعي
) وقد وردت على سبيل الحصر, فلا يجوز
التوسع في النص القانوني المنشئ للقرينة القانونية أو القياس عليها, أما القرينة
القضائية فهي من عمل القاضي ويستخلصها من ظروف الدعوى ويعود له أمر الاقتناع,
ويترك له استنباطها وإقامة الحكم متى اقتنع بدلالتها
2- القرينة القانونية القاطعة تعفي من تقررت لمصلحته من الإثبات حتى ولو كان
مما يوجب قانونا إثباته بالكتابة, أما القرينة القضائية فنطاق الإثبات مقصور على
ما يجوز إثباته بالشهادة وتعتبر دليلا إيجابيا في الإثبات, وإن كان غير مباشر
فيلزم الخصم المكلف بالإثبات بجمع المؤشرات أو الأمارات أو الدلائل من وقائع
الدعوى وتقديمها للقاضي, يستدل منها على الواقعة المطلوب إثباتها معتبرا إياها
قرينة قضائية
3- القرينة القانونية القاطعة ملزمة للقاضي ودور القاضي ينحصر في مدى
التحقق من انطباق القرينة القانونية على واقعة الدعوى, وليس له فيها أي سلطة
تقديرية لأن المشرع هو الذي يقرر القرينة القانونية, أما القرينة القضائية فهي
ليست ملزمة للقاضي لأنها تقديرية وذات طابع فردي تختلف من دعوى لأخرى, ولا رقابة
لمحكمة النقض عليها
4- - القرينة القانونية تتصل بموضوع الحق اتصالا
وثيقا وهي ليس لها أثر رجعي إلا بنص قانوني, أما القرينة القضائية فهي من عمل
القاضي ولا يتقيد بأي قيد في تطبيقها متى اقتنع بدلالتها.
إعداد /
عزام حاتم الدوه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق