بحث حول قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته
أولا: المقصود بقسمة الإنسان ماله في أثناء حياته
هو
قيام الشخص نفسه في أثناء حياته بحصر أمواله وتثمينها ثم يقوم بتقسيمها بين ورثته المحتملين
سواء تمت القسمة بواسطته او بواسطة شخص يكلفه بإجراء القسمة وكتابة الفصول.
ثانيا: الدافع لقسمة الإنسان ماله في أثناء حياته:
1- الخوف من استئثار بعض الورثة دون البعض بالميراث
2- الخوف من اختلاف الورثة في تقسيم الميراث
3- رغبة الشخص في جبر ضعف بعض الورثة وتعويضهم
4- رغبة المؤرث في المساواة بين الورثة ذكوراً وإناثا
5- رغبته في تقدير سعاية أحد الورثة الذي سعوا في نماء وزيادة
المال
6- واخيرا فانه لا يستبعد أن يكون الدافع على إجراء هذه القسمة
حرمان بعض الورثة من أنصبتهم الشرعية أو إنقاصها
ثالثا: مميزات قسمة الإنسان ماله في أثناء
حياته:
1- انها تكون في أثناء حياة المؤرث وليس بعد موته.
2- انها لا تتم بنظر القضاء
3- انه لا يستطيع أحد مطالبة المؤرث بقسمة امواله اثناء
حياته.
رابعا: صور قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته لها صورتين
الأولى:
أن يقوم الشخص بقسمة ماله على ورثته المحتملين بإرادته المنفردة ويعطي كل واحد من هؤلاء
الورثة المحتملين ما يخصه حيث يقوم هؤلاء بقبض هذه الأموال والتصرف فيها أثناء حياة
المؤرث، فعندئذ يكون هذا التصرف من قبيل العطية للأولاد أو الهبة لغير الأولاد.
الثانية:
يقوم الشخص في أثناء حياته بقسمة ماله على ورثته المحتملين ويطلب منهم التوقيع على
وثيقة القسمة بما يفيد رضاهم بذلك وموافقتهم عليها، ولكنه لا يمكن الورثة من الأموال
التي حددها لهم في الوثيقة ولا يقبضونها، فهذا التصرف يندرج ضمن الوصية وتنطبق عليه
أحكامها.
خامسا: الفرق بين قسمة الإنسان ماله أثناء حياته
والعطية والهبة والوصية والميراث
·
الفرق بين قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته والعطية
والهبة:
العطية هي ما
يعطى الوالد لأولاده خاصة أثناء حياته وتجب فيها المساواة.
أما الهبة فهي المال الذي يهبه الشخص لغير أولاده
ولا تشترط فيها المساواة. ويشترط لنفاذ العطية والهبة أن يقبضها المعطى له أو الموهوب
له.
وعلى هذا الأساس فان قسمة
الإنسان ماله في أثناء حياته إذا انحصرت على الأولاد فقط فكان هؤلاء هم كل الورثة المحتملين
للشخص فعندئذ يكون هذا التصرف من قبيل العطية الخالصة، وتنطبق على هذا التصرف أحكام
العطية.
أما إذا كان هناك ورثة محتملون غير أولاد الشخص فيكون
التصرف بالنسبة لهم هبة، في حين يكون هبة خالصة إذا لم يكن للشخص أولاد وكان له ورثة
محتملون من غير الأولاد.
·
الفرق بين قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته والوصية
الوصية
|
قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته
|
تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ وَلَوْ
تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ
|
فهو تصرف يتم وينفذ في أثناء
الحياة
|
تكون لغير الورثة فلا وصية لوارث
|
تكون للأولاد والورثة المحتملين
|
لا تشترط فيها المساواة
|
المساواة مشروطة في القسمة أثناء
الحياة عندما يكون الورثة المحتملون هم الأولاد.
|
·
الفرق بين الميراث وقسمة الإنسان ماله في أثناء
حياته
الميراث
|
قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته
|
له احواله بعد موت المؤرث
|
يكون على سبيل العطية أو الهبة
|
فرض قدره الله
|
تطوعٌ وليست فرضًا
|
الشخص في الميراث يكون راضيًا
بما فرضه الله تعالى
|
التفضيل فيه يورث الوَحشة
|
التُّهمة في قسمة الميراث مُنتفية
|
التُّهمة في قسمة الإنسان ماله
في أثناء حياته واردة
|
يحصل التمليك في الإرث بمجرد
الموت ولو لم يرض الوارِّث أو المؤرث
|
هي على سبيل الاختيار ولا تنعقد
إلا برضا طرفي العقد
|
سادسا: حكم قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته
عند العلماء:
منهم
من قال بعدم جوازها مطلقا،
ومنهم من قال يجوز
للشخص قسمة أمواله أثناء حياته شريطة أن يتم ذلك كقسمة الميراث تماماً،
ومنهم
من قال يجوز للشخص قسمة أمواله في أثناء حياته على أن يتم ذلك على سبيل العطية أو الهبة
التي يتساوى فيها الأولاد ذكورا وإناثا شريطة أن يتم التقسيم في غير مرض الموت وان
يقبض كل واحد ما يخصه من العطية أو الهبة في أثناء حياة المؤرث، ومنهم
من قال انها مكروهة.
سابعا: حكم قسمة الإنسان ماله في أثناء حياته في
القانون اليمني:
لم
يتعرض القانون اليمني لهذا الموضوع صراحة ولكن وردت في القانون المدني اليمني وقانون
الأحوال الشخصية نصوص عامة نوردها على النحو الاتي:
اولا: القانون المدني
نظم
القانون المدني قسمة الأموال بين الورثة والشركاء على الشيوع في المواد من (1197) إلى(1223)
وعند الدراسة والتدقيق لفحوى تلك النصوص نجد أنها لم تتعرض لهذا الموضوع، أي أنها لم
تأمر به كما أنها لم تمنعه، وطبقاً للقواعد العامة الحاكمة للقانون المدني وخاصة قاعدة
(الأصل في الأشياء الإباحة) المنصوص عليها في المادة (11) من ذلك القانون(48)، يفهم
من خلال ذلك أن القسمة في أثناء حياة المؤرث مباحة أي جائزة.
ثانيا: قانون الأحوال الشخصية
اشار
قانون الاحوال الشخصية في سياق تنظيمه للهبة والوصية إلى قسمة الإنسان لماله في أثناء
حياته
1-
تنظيم القسمة في أثناء حياة المؤرث ضمن أحكام الهبة:
عرف قانون الأحوال الشخصية الهبة في المادة (168) بأن
(الهبة هي عقد تبرعي يملك به مال أو تباح به منفعة حال الحياة
وطبقاً لهذا النص فان الهبة عقد ينعقد ما بين الواهب والموهوب
له ويكون لازما بقبض الموهوب له للهبة
كما نصت المادة (183) على انه (تجب المساواة في الهبة
والمشتبهات بها بين الأولاد وبين الورثة بحسب الفريضة الشرعية)
2-
تنظيم القسمة في أثناء حياة المؤرث ضمن أحكام الوصية:
نصت المادة (186) على أن (الهبة للوارث ووارثه في حياته
تأخذ حكم الوصية إلا فيما استهلكه الموهوب له في حياة الواهب حقيقة أو حكماً)
وبالتالي فان هبة المؤرث لوارثه لا تكون نافذة إلا بعد وفاة المؤرث
وإجازة بقية الورثة لها بعد وفاة المؤرث ولا تستثني من ذلك إلا حالة ما إذا قام الشخص
الموهوب له باستهلاك الهبة أو تصرف بها إلى الغير، لأن الوصية لا تجوز لوارث إلا إذا
أجازها الورثة بعد وفاة مورثهم
ثامنا: اجتهاد المحكمة العليا بشأن قسمة الإنسان
ماله في أثناء حياته:
أن
المحكمة العليا قد استخلصت من الأحكام التي فصلت فيها قاعدة قضائية مفادها (أن أية
قسمة في أثناء حياة المؤرث هي وصية تكون موقوفة على إجازة الورثة بعد موت المؤرث).
والله الموفق ...
والخلاصة انها جائزة اذا اجازها الورثة بعد وفاة المؤرث وتصبح لازمة.
الحكم
الأول: وهو الحكم الصادر عن دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة العليا بتاريخ
28/8/1999م في الطعن الشخصي رقم (268) لسنة 1420ه وقد جاء في هذا الحكم ما نصه (الموجز:
صحة القسمة الواقعة في حياة المورث-حكمه.
القاعدة: أن القسمة إذا وقعت في حياة المورث فان
صحتها موقوفة على إجازة الورثة بعد الموت.
الحكم:
بعد المداولة والتأمل وإمعان النظر وجدنا ما يفيد أن القسمة وقعت في أثناء حياة المورث
وصحتها موقوفة على إجازة الورثة بعد الموت، فضلا عما فيها من تصرفات غير موافقة لأحكام
الشرع والقانون، وعليه فالالتماس غير مقبول ويغرم رافعه خمسة آلاف ريالا عملا بالمادة
(232) مرافعات مع ألف ومائتي ريالا رسوم الطلب يورد كل ذلك إلى الخزانة العامة) ([58]).
الحكم
الثاني: وهو الحكم الصادر بتاريخ 31/8/1999م عن دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة العليا
في الطعن الشخصي رقم (289) لسنة 1420ه وقد جاء في هذا الحكم ما نصه (الموجز: لا إرث
ولا قسمة إلا بعد ثبوت الوفاة حقيقة أو حكما.
القاعدة: لا قسمة ولا توارث حتى يتحقق موت المورثة
أو مضي عمرها الطبيعي فان تمت القسمة قبل ذلك فتكون موقوفة على إجازة الورثة.
الحكم:
لما كان الطاعن …… قد تقدم بالطعن أمام المحكمة العليا, وأهم ما جاء فيه أن المحكمة
الاستئنافية كانت قد قررت تأييد الحكم الابتدائي إلا أنها تراجعت بعد أن طلب المدعي
اليمين وما كان لها أن تنقض ما أبرمت وكان عليها أن تلزم المدعي بتقديم عريضة طعنه
إلى المحكمة العليا وانه لا وجه لقبول دعوى المدعي بنصيبه من مخلف المورثة المترتب
على قيامها بقسمة مالها في أثناء حياتها وان الأيمان غير حجة عليه …الخ وبعد الاطلاع
على مذكرة الرد من المطعون ضدهم وخلاصتها أن الطاعن قد نكل عن اليمين عندما طلبت منه
بشان تاريخ وفاة المورثة.
هذا
وبعد المداولة والتأمل تبين أن المحكمة الاستئنافية أصدرت قرارا سنة 1418ه وفيه تأييد
الحكم الابتدائي بكل فقراته وعند النطق به وفي أثناء ذلك طلب المدعي اليمين من المدعي
عليهم بشان البصيرة المؤرخة 1381ه الصادرة عن المورثة في أثناء وجودها قبل سفرها,
فلم يمضي المدعى عليهم باليمين بحسب الطلب فأصدرت المحكمة قرارا أخر والذي جاء فيه
بعد ذكر الحيثيات أن المتوجب على أولاد الحاج….إطلاق ما تعين لفلانة من بعد والدها
وهو الأربعة الحبال في حدبة المدحاجية مع ضم ما تقرر لها من بعد أخيها …..بحسب تنزيل
الحاكم وهو أربعة قراريط ونصف وسدس وربع قيراط وثلث سدس ما بقي لها غير ما ذكر ميراثا
فقد اعترف الطاعن بأنه تحت يده, لذلك فان الشعبة لا تقر قسمة فلانة بنت فلان لمالها
في أثناء حياتها وأثناء وجودها بمنطقة… كما أن لا توارث حتى يتحقق موتها أو مضي عمرها
الطبيعي)([59]).
الحكم
الثالث: وهو الحكم الصادر عن دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة العليا بتاريخ
11/9/2001م في الطعن الشخصي رقم (383) لسنة 1422ه وقد ورد في الحكم ما يأتي
(الموجز:
إجراء القسمة والمصالحة بين الورثة في حياة المؤرث أثره.
القاعدة: إجراء القسمة في أثناء حياة المورث لا
تكون حجة مالم يصادق عليها الورثة بعد وفاة المورث.
الحكم
:بعد الاطلاع على ملفات القضية وجميع الأحكام والطعنين بالنقض والدفع بعدم قبول الطعن
م..وبعد المداولة تبين أن حكم الاستئناف السابق قد نقضه حكم المحكمة العليا, كما أنه
قد ظهر إجراء القسمة في أثناء حياة الأب, وذلك ليس له حجة على الأولاد وهذا يعني عدم
الركون إلى مستند القسمة الذي يدعى الطاعن…بأنه قد تم الاتفاق عليها فيما بين الأب
وأولاده وحصول التراضي, والأساس في كل ذلك أن القسمة في أثناء حياة المورث موقوفة على
إجازة الورثة كما جاء في الحكم الاستئنافي وهو الصحيح في تقرير أن القسمة في أثناء
حياة الأب موقوفة على إجازة الورثة, ولذلك فان الطعن بالنقض لم يؤثر في الحكم الاستئنافي
المطعون فيه لعدم تحقق أي سبب من أسباب الطعن بالنقض الأربعة المنصوص عليها في المادة
(214)من قانون المرافعات والتنفيذ المدني(28)لسنة1992م وعليه فنقر ما يلي :-
عدم
قبول الطعن بالنقض شكلا وفي الموضوع.
تأييد
الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة استئناف حجة في الاستئناف الشخصي رقم(80) لسنة
1418ه بتاريخ 5/ذي القعدة/1421ه الموافق 28/1/2001م.
مصادرة
كفالة الطعن بالنقض لخزينة الدولة) ([60]).
الباحث /عبد الله محمد قاسم المرير
مكتب المحامي / أمين حفظ الله الربيعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق