من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 30 مايو 2022

شركة المحاصة, وفق القانون اليمني

 

شركة المحاصة, وفق القانون اليمني

 

المقدمة:

يتميز عقد الشركة عن غيره من العقود ، بأثره الخالق للكائن المعنوي المتميز باسمه وعنوانه وذمته المالية الخاصة ، وشخصيته المعنوية المستقلة عن مجموع الأموال والأشخاص المكونين له في حين أن عقد المحاصة بين الشركاء ، لا يترتب عليه ميلاد كائن قانوني له تلك الخصائص الهامة ، والشخصية القانونية المستقلة ، ويبرر بعض الفقه أن عدم اكتساب شركة المحاصة للشخصية المعنوية ، يأتي من حرص الشركاء على إخفاء عقد المحاصة عن الغير ، وبالتالي فلا يكون للأخير حق سوى قبل من ارتبط معه بتصرف قانوني.

ويمكن القول إجمالاً ، أن الشركة على هذا النحو لا توجد سوى بين الشركاء الذين اتفقوا على تكونيها ، أما بالنسبة للغير فلا شخص معنوي يتعاملون معه ، بل شخص طبيعي يسأل عن التزاماته أمامهم بشكل مباشر .

هذا الأمر ولد الشك بشأن الطبيعة القانونية للمحاصة _ هل هي شركة أم لا _ لولا أن التشريعات حسمت الشك انتصاراً لنية المشاركة لدى أطراف المحاصة ، على قواعد العقود والالتزامات .

 فقد نصت المادة (55) بقولها :

((1- شركة المحاصة شركة مستترة غير ظاهرة ، ينحصر كيانها بين المتعاقدين لصفقة أو صفقات محدودة.

2- لا تخضع شركة المحاصة لمعاملات الشهر المفروضة على الشركات التجارية الأخرى .

3- ليس لشركة المحاصة شخصية اعتبارية ولا يكون للغير رابطة قانونية إلا بالشريك الذي تم التعاقد معه))

ويفصح هذا النص عن الخصائص التي تنفرد بها شركة المحاصة عن غيرها من الشركات التجارية .

 

خصـــائص شركــة المحاصــة:

أبرزت المادة (55)من تشريع الشركات اليمني ، أهم الخصائص التي تنفرد بها شركة المحاصة ، ونحاول أن نلقي عليها الضوء بإيجاز على النحو التالي :

1- الخفاء والاستتار:

لما كان عقد المحاصة ينظم العلاقات القائمة بين أطرافه دون أن تخرج آثاره إلى السطح القانوني ، فقد ذهب جمهور الفقه وأحكام القضاء، إلى أن الطابع المميز لشركة المحاصة أنها شركة مستترة لا تظهر إلى العلن كشركة ، ويقتصر وجود هذا المفهوم على الشركاء دون غيرهم ، ذلك أن تأسيس المحاصة ومباشرة نشاطها تقف حدوده في العلاقات الخاصة بين الشركاء . ويترتب على زوال عنصر الخفاء ، واتجاه الشركاء إلى الإفصاح عن وجود علاقة شراكة بينهما باتخاذ وسائل مادية كاتخاذ اسم الشركة والتوقيع به على معاملاتها (م57) أو تسجيلها للإعلان عنها ، يترتب على ذلك تحولها إلى شركة تضامن أو توصية بسيطة بحسب مقتضى الحال ,أما ظهور علاقة الشركاء إلى العلن ومعرفة الغير بها ، دون عمل مادي من جانبهم للإفصاح عن الشركة فلا يغير من طبيعتها كشركة محاصة.

2- عدم اكتساب شركة المحاصة للشخصية المعنوية :

لا تتمتع هذه الشركة بشخصية قانونية مستقلة عن مجموع الشركاء المؤسسين لها  ، وهذا ما أكد عليه المشرع اليمني في المادة (55) بقولها : ( ليس لشركة المحاصة شخصية اعتبارية ...) ويترتب على هذا الوضع أن شركة المحاصة لا يكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء ، ولا اسم أو عنوان تجاري يميزها عن غيرها ، ولا موطن ولا جنسية , بل المعتبر في هذه المسائل مدير المحاصة حيث ترفع عليه الدعاوى أمام المحكمة التي يقع محله في دائرتها ، أو أمام المحكمة التي يقع محل إقامته في نطاق اختصاصها المكاني ، إذا لم يكن له محل محدد يمارس فيه النشاط التجاري .

3- عدم إشهار شركة المحاصة :

لما كانت هذه الشركة لا وجود لها في الأصل إلا بين الأفراد المكونين لها دون سواهم ، فلم يستلزم المشرع اليمني ضرورة إشهارها لإعلان الغير بتأسيسها وذلك لانعدام الحكمة من القيام بهذا الإجراء ، ذكرت ذلك المادة (55/2) بقولها :( لا تخضع شركة المحاصة لمعاملات الشهر المفروضة على الشركات التجارية الأخرى).

ويترتب على هذا الوضع عدم إمكانية قيام شركة فعلية قبل الغير .

4- عدم اكتساب شركة المحاصة لصفة التاجر :

لما كانت هذه الشركة مستترة ولا تظهر في الساحة الاقتصادية فإنه لا يتصور اكتسابها الصفة التجارية كغيرها من الشركات ، بل يلحق هذا الوصف الشريك الذي يدير المحاصة والذي يظهر أمام الغير باعتباره تاجراً . أما غيره من الشركاء المستترين فالأصل عدم اكتسابهم لتلك الصفة ، نظراً لعدم احترافهم النشاط التجاري ، وعدم  إفصاح تشريع الشركات التجارية بالحكم المذكور.

غير أن المشرع التجاري اليمني قضى في المادة (19) بقوله ( ... وتثبت صفة التاجر لكل من احترف التجارة باسم مستعار ، أو مستتر وراء شخص آخر فضلاً عن ثبوتها الشخص الظاهر...).

والذي يبدو لنا أن هذا النص قابل للمناقشة – خصوصاً في نطاق الشركات التجارية- ذلك أن المنطق يقتضي التفرقة بين الأشخاص الذين اتجهت إرادتهم من أول الأمر إلى تكوين شركة- كشركة المحاصة- وذلك لاستثمار أموالهم بطريق مشروع ، وتسليم حصصهم إلى أحدهم ليضارب فيها واقتسام ما ينتج عنها من أرباح أو خسائر ، حيث آثروا الاستتار على الظهور ليس بهدف التهرب من نصوص القانون ، بل لكي لا تشغلهم الالتزامات الناشئة عن اكتساب صفة التاجر عن مجالات أعمالهم الأخرى ، وبين الأشخاص الذين يمنعهم القانون من احتراف التجارة لأي سبب ، وتهرباً من هذا الحكم يلجئون إلى دفع أموالهم إلى شخص والتخفي وراءه .

فكان المنطق معاملة الفئة الأخيرة بنقيض مقصودهم ، والمشرع اليمني محق في الحكم الذي ذهب إليه ، وذلك حتى لا ينجوا مثل هؤلاء الأشخاص من تبعات النشاط التجاري ، غير أننا لا نملك إزاء العموم الوارد في النص إلا التسليم بأن صفة التاجر تلحق مدير المحاصة الذي ظهر أمام الغير بمظهر التاجر - وهو كذلك- إضافةً إلى شركائه المستترين في كنف عقد المحاصة ، باعتبارهم يشاطرون الأول مخاطر النشاط التجاري ويتحملون نتائجه الإيجابية والسلبية ، ويغامرون بأموالهم في نشاط تجاري يميل إلى عدم الأخذ بالمعيار المؤسسي للمشروعات المشتركة.

5 – شركة المحاصة من شركات الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي:

الاعتبار الشخصي – وقوامه الثقة والائتمان – في شركات الأشخاص الواجب شهرها أمر ملحوظ ، ويزيد بروز هذا الاعتبار وتقوى أهميته في شركة المحاصة الجائز قيامها دون استلزام الأركان الشكلية من كتابة أو من شهر ، وعلى ذلك فلا يعرف بوجودها سوى الشركاء أنفسهم أو من يحيط بهم ، وبالتالي فلا يكون لأحدهم من ضمان قبل غيره من الشركاء ، سوى الثقة الشخصية ببعضهم البعض . وعلاقة قانونية هذا حالها ، فلا يخالجنا أدنى شك بأنها لا تقوم  إلا بين أشخاص يثق كل منهم بالأخر ثقة مطلقة ، وهي عصب قيامها واستمرارها .

ويترتب على ما سبق أن المساس بهذا الاعتبار ، يؤدي إلى خضوعها للحل والتصفية في حالة إنهاء تلك العلاقة أو وفاة أحد الشركاء أو إفلاسه أو إعساره أو فقده الأهلية(م45) هذا فضلاً عما إذا توافر أحد الأسباب العامة للانقضاء (م13) .

تكــــويـــن شـــركــة المـــحاصـــة وإثــباتـــها:

عرف المشرع اليمني في المادة (55/1) المحاصة بأنها شركة , ومن ثم لابد لقيامها أن تنعقد بين شخصين أو أكثر ، وبالتالي يجب أن تتوافر لانعقادها صحيحة ، الأركان الموضوعية العامة ، من رضا صحيح ومحل ممكن من الناحية المادية وجائز من الناحية الشرعية والقانونية , وسبب مشروع ، وأهلية تجارية كاملة . ولا بد من توافر الأركان الموضوعية الخاصة ، حيث يلزم توافر شريكين فأكثر ، ويجب على كل منهم أن يقدم حصة للمساهمة في رأس مال الشركة ، وأن تتوافر لدى الشركاء نية المشاركة في اقتسام الأرباح والخسائر ,وكل شرط يعفي بمقتضاه أحد الشركاء من الخسارة أو يقرر حرمانه من الربح يبطل الشركة بطلاناً مطلقاً.

أما الشروط الشكلية فلا يشترط توافرها في عقد المحاصة ، فلا يلزم أن يكون عقد شركة المحاصة مكتوباً ، فمن الجائز قيامها دون كتابة حيث أنها في الأصل تظل حبيسة الاتفاق الثنائي لأطراف العقد، فلا يطلع عليه الغير ، ومن ثم فلا يهم أن يكون عقد هذه الشركة مكتوباً أم غير مكتوب ، ولا يجب كذلك شهر عقد شركة المحاصة نظراً لطبيعتها المستترة(م55/2) حتى ولو خرجت إرادة الشركاء في صورة عقد مكتوب.

إثبات شركة المحاصة:

الراجح لدى الفقه والقضاء والتشريعات المقارنة ، قيام شركة المحاصة دون محرر مكتوب ، وهذا ما أكدته المادة (10) بقولها:

 ) يجب إثبات جميع الشركات التجارية باستثناء شركة المحاصة بعقد مكتوب).

وتنص المادة (56/2) على أنه :

(( يمكن إثبات وجود الاتفاقات – أي اتفاقات قيام شركة المحاصة والتزاماتها – المتقدم ذكرها بجميع طرق الإثبات القانونية والتجارية بما في ذلك البينة والقرائن)).

ووفقاً لما تقدم , يجوز إثبات وجود الشركة بين الشركاء بكافة وسائل الإثبات ، سواء بالوثائق والمحررات والرسائل التي تثبت لقيام الشركة ، أو بالشهادة ، أو بكل ما يدل على قيام  الشركة(م56/2).

إدارة شـــركــــة المحـــاصــــة:

القاعدة العامة ،أن إدارة الشركة التجارية ينظمها عقد إنشائها ، حيث يبين اسم المدير وسلطاته وطريقة عزلة ، وإذا لم يتضمن العقد تعيين المدير ، كان من حق جميع الشركاء تولي أعمال الإدارة(م26/1).

غير أن ما يلفت النظر بحسب الأصل ، أن إدارة شركة المحاصة باعتبارها شركة لا تتمتع بالشخصية المعنوية ، يرتبط توصيفها تبعاً لاتفاق الشركاء على ملكية الحصص وهي تأخذ في الحياة العملية إحدى صور ثلاث :

الصورة الأولى:

 اتفاق الشركاء على احتفاظ كل منهم بإدارة الحصة التي تعهد بتقديمها ، حيث يقوم كل شريك بالعمل منفرداً لحساب المحاصة ، ثم يقدم لشركائه كشفاً بنتيجة العمل ربحاً أو خسارة لقسمته بينهم وفي هذه الحالة يلتزم كل شريك شخصياً بالآثار القانونية الناشئة عن تعهداته قبل الغير دون سائر الشركاء ، إلا إذا اتفق الشركاء على خلاف ذلك أو أقروا ما أبرمه من تعاقدات ، وفي هذا الفرض يكتسب كل واحد فيهم صفة التاجر لتوافر جميع شروطها ويخضع  لواجبات التجار من قيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية والمنافسة غير المشروعة.

الصورة الثانية:

اتفاق الشركاء على نقل حيازة الحصص إلى أحدهم ، بحيث يختص وحده بإدارة المحاصة وتصريف شئونها ، ويصبح هذا الشخص في هذه الحالة صاحب الصفة القانونية في مباشرة نشاط الشركة باسمه الشخصي ، وإليه وحده  تنصرف جميع الآثار القانونية الناشئة عن العلاقات القانونية بالغير ، وهو وده الذي يرجع عليه الغير باعتباره مديناً بنتيجة التصرف ، ويجب على مدير المحاصة أن يقدم للشركاء كشفاً بنتيجة العمليات التي أجراها لحساب المحاصة ، واقتسام ما نشأ عنها من ربح أو خسارة بحسب الاتفاق. ومدير المحاصة في هذا الفرض يكتسب الصفة التجارية لتوافر شروطها فيه ، باعتباره تاجراً.

الصورة الثالثة:

اتفاق جميع الشركاء على دمج حصصهم بعضها مع بعض ، وقيام حالة من الشيوع بينهم ، وتبعاً لذلك يتفقوا على ضرورة العمل بصورة جماعية بكل تصرف يتم لحساب المحاصة ، بحيث لا ينفذ التصرف إلا باشتراكهم جميعاً بالتوقيع عليه.

وتبعاً لذلك يسأل كل منهم على وجه التضامن عن جميع التزامات الشركة وتعهداتها باعتبارهم من التجار ، ذلك أن التضامن أمر مفترض بين أفراد هذه الطائفة . كما أنهم يكتسبون صفة التاجر ويتحملون الواجبات المفروضة على التجار.

 

آثــــــار شــــركــــة المحـــاصــــة:

شركة المحاصة باعتبارها عقداً ، فإنها بهذا المفهوم يتولد عنها مجموعة من الآثار القانونية الهامة ، سواءً فيما بين الشركاء ، أو في مواجهة الغير ، أو بالنسبة للشركة ذاتها ، ونحاول توضيحها على النحو التالي :

أولاً : آثار شركة المحاصة بالنسبة للشركاء :

أ – التزام كل شريك بتقديم الحصة التي وعد بها :

يلتزم كل شريك بتقديم الحصة التي تعهد بها في الموعد المحدد المتفق عليه، وينظم العقد حقوق الشركاء في رأس مال الشركة على النحو المبين في المبحث السابق ، وإذا جاء العقد خالياً من ذلك التنظيم ، اعتبر كل شريك مالكاً لحصته ملكية مستقلة ، وإذا لم يف أحد الشركاء بحصته في التاريخ المحدد أو لم يعمل حسب الاتفاق ، فإنه يكون مسؤولاً عن تعويض الشركة إذا كان له مقتضى (م18/3).

ب – عدم جواز تنازل الشريك عن الحصة:

لما كانت شركة المحاصة من شركات الأشخاص التي للاعتبار الشخصي فيها أهمية خاصة، فلا يجوز للشريك التنازل عن حصته للغير ، بل لا يمكن الاتفاق على تنظيم تنازل أحدهم لصالح شريك آخر ، أو لمصلحتهم جميعاً ، ذلك أن التنازل عن الحصة للغير قد لا يكون محل ترحيب أحد من الشركاء ، فينفرط عقد الشركة وتنقضي من الوجود. 

ج – المصفي في شركة المحاصة وعلاقته بالشركاء:

المستقر لدى بعص الفقه والقضاء عدم استلزام خضوع شركة المحاصة للتصفية على غرار ما هو مقرر للشركات التجارية الأخرى . بل يرون الاكتفاء بتعيين شخص لإجراء عمليات المحاسبة بين الشركاء وتحديد الأرباح والخسائر.

وأياً كان الأمر سواء خضعت شركة المحاصة للتصفية مثل غيرها من الشركات _ إذا كان نشاطها يتطلب ذلك _ أو يكفي بشأنها عملية محاسبية محدودة ، فإن من يتولى ذلك لا يعمل باسم الشركة ولا يعتبر نائباً عنها ، ولذلك يعتبر المصفي أو المحاسب وكيلاً عن الشركاء حيث يمارس سلطاته باسمهم ولحسابهم الخاص.

ومقتضى ذلك أن الدعاوى الناشئة عن حل الشركة أو الاستحقاقات المترتبة على حل الشركة لا توجه باسم المصفي ، بل باسم الشركاء ، والعكس حين يطالب المصفي بحقوق الشركة قبل الغير ، فإن المطالبات تحرر باسم الشريك الذي تعاقد مع ذلك الغير ، وليس باسم الشركة.  

د – إفلاس أحد الشركاء في شركة المحاصة وآثره على باقي الشركاء :

بينا فيما سبق ، أن شركة المحاصة من شركات الأشخاص التي للاعتبار الشخصي دور ملحوظ  في نشأتها . ولما كان القانون اليمني يرى أن التاجر الظاهر والتاجر المستتر يكتسبان معاً صفة التاجر .

فإنه يثور التساؤل عن آثار إفلاس مدير المحاصة على غيره من الشركاء وعلى الشركة ؟

الراجح أن إفلاس مدير المحاصة _ إذا ما توقف عن الوفاء بدين تجاري حال الأداء _ يمس الاعتبار الشخصي والثقة اللذين روعيا فيه  ومثل هذا الأمر يؤدي إلى حل الشركة وتصفيتها.

ولكن الأمر الذي هو محل للنقاش ، هل يمتد آثر إفلاس مدير المحاصة إلى باقي الشركاء في المحاصة؟

الذي يبدو لنا أن إفلاس مدير المحاصة الذي اكتسب صفة التاجر نتيجة ممارسته النشاط التجاري لا يؤثر على المركز المالي لزملائه في شركة المحاصة ، ولو أن كلاً منهم وفقاً لقانون التجارة اليمني يكتسب صفة التاجر ، إلا أنه مع ذلك يظل آثر الإفلاس مقصوراً على مدير المحاصة باعتباره الشخص الذي تعاطى التصرفات المفقرة للشركة . كما هو الحال في إفلاس الشريك المتضامن نتيجة سوء تصرفه في أمواله الخاصة ، فإن إفلاسه لا آثر له على باقي الشركاء في شركة التضامن ، كذلك الأمر بشأن إفلاس مدير المحاصة الذي استقل بإدارة الشركة ، فإن إفلاسه لا يمس غيره من الشركاء.

هـ - توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء  :

الأصل أن يتم توزيع الأرباح والخسائر وفقاً لما اتفق عليه أطراف المحاصة ، وإذا لم يحصل ذلك ، فإنه يتعين اتباع أحكام التوزيع الواردة في القانون (م49/2) .والتي تقضي في فقرتها الثانية على أنه( في حالة غياب هذه الشروط أو غموضها في عقد الشركة تستعمل موجودات الشركة وتوزع حسب الترتيب الآتي :

أ – تدفع النفقات والمصاريف الناشئة عن تصفية الشركة

ب – تدفع الديون المترتبة على الشركة إلى الدائنين من غير الشركاء مع دفع الحقوق الممتازة أولاً.

ج- تدفع الديون المستحقة لكل من الشركاء نتيجة تسليفهم أمولاً للشركة ليست من رأس المال

د- تدفع لكل شريك حصته من رأس المال... وإذا كان الباقي من موجودات الشركة لا يكفي لذلك فيدفع لكل شريك من هذا الباقي بنسبة حصته في رأس مال الشركة.

ه- يوزع ما تبقى من موجودات الشركة على الشركاء بنسبة توزيع الأرباح بينهم وفي حالة غياب النص على هذه النسبة فبنسبة حصة كل منهم في رأس المال.

 وهذا هو منطوق نص المادة (56/1) حيث قالت))اتفاقات المحاصة التي تعقد بين ذوي الشأن تعين بحرية تامة الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الشركاء وتقاسم الأرباح والخسائر فيما بينهم مع الاحتفاظ بتطبيق المبادئ العامة المختصة بعقد الشركة)).

وعلى ذلك فكل خسارة تلحق الشركة وتمس حقوق الغير ، تخول له حق الرجوع على الشريك الذي تعامل معه ، غير أنه يجوز لهذا الشريك الرجوع على غيره من الشركاء بقدر ما يتحمله كل منهم في الخسارة.

و – حدود المسئولية الناشئة عن تعامل الشركاء في شركة المحاصة مع الغير :

لا تثور المسئولية الجماعية للشركاء في شركة المحاصة بحسب الأصل ،ما لم يتفق الشركاء على الإدارة الجماعية للشركة ، بحيث تنصرف آثار العقود و الالتزامات إليهم جميعاً ، وبالتالي تقوم مسئوليتهم الجماعية وبالتضامن في مواجهة الغير ، أما الشركة فلا تقم في مواجهتها أية مسئولية لعدم وجودها أصلاً.

أما في حالة تعاقد الشركاء كل على حده ، فإن ما ينتج عن تصرف كل منهم من خطأ يكون هو وحده محلاً للمسئولية ، وهو الذي يمكن الرجوع عليه بالتعويض وجبر الضرر.

ثانياً : آثار شركة المحاصة بالنسبة للغير :

ذكرنا فيما سبق أن شركة المحاصة لا تتمتع بالشخصية المعنوية وبالتالي لا وجود لها بهذا المعنى إلا بين الشركاء ، ولذلك فلا توجد علاقة قانونية بين الشركة والغير . إنما الذي يظهر على السطح القانوني يتمثل في العلاقة القائمة بين مدير المحاصة أو الشريك المتصرف والغير ، ذلك أن التصرف لم يجر باسم الشركة ، بل باسم الشخص القائم به شخصياً، وعليه فإن آثاره تقتصر عليه وحده(م55/3) ، وهو الذي يظل محلاً يمكن الرجوع عليه من قبل الغير ، ما لم يوجد اتفاق بين الشركاء يقضي خلاف ذلك ، أو يسلم الشركاء بما أجراه من تعهدات لصالح الغير ، وهذه نتيجة منطقية وقانونية لأن شركة المحاصة في نظر القانون ليست أكثر من رابطة تعاقدية تخضع للقواعد العامة للعقود.

ولكن لا يترتب على هذا العقد ظهور كائن قانوني له شخصية معنوية ، يحتاج إلى شخص طبيعي ينوب عنه في تصرفاته بحيث تنصرف آثارها إلى الشخص الاعتباري . إنما الذي يجري في شركة المحاصة أن كل التزام يحصل من خلال المحاصة إنما يبرم باسم القائم به شخصياً ، فكان منطقياً أيلولة آثار هذا الالتزام إلى القائم به دون غيره بحسب الأصل .

ثالثا: آثار شركة المحاصة بالنسبة للشركة:

إذا اتجهت إرادات الشركاء إلى تأسيس شركة المحاصة ، فلا يترتب على ذلك ظهور كيان قانوني يمتلك الحصص المقدمة منهم في رأس مال الشركة ، ولذلك فإن تصرفات المحاصة والتزاماتها تجري باسم القائم بها مباشرة ، ولكنه لحساب الشركة ، وإذا أجري التصرف باسم الشركة ولحسابها علناً فإن هذا يعني إفصاح الشركاء عن العلاقة الداخلية القائمة بينهم ، ومن ثم تتحول هذه العلاقة إلى شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة  ، بحسب مقتضى الحال ، وبالتالي تسري على الشخص الجديد الأحكام الخاصة به (م58) والقاضي هو صاحب السلطة التقديرية في بيان نوع الشركة الجديدة.

انــقــضـــاء شـــركــــة المحـــــاصــــة:

تنقضي شركة المحاصة بأحد أساب بالانقضاء العامة أو أحد أسباب الانقضاء الخاصة وهذه الأسباب سنبديها كالتالي :

 الأسباب العامة لانقضاء الشركة:

نصت المادة (13) بقولها (( 1 – مع مراعاة ما هو منصوص عليه في هذا القانون من أسباب خاصة لانحلال بعض أنواع الشركات ، تنحل الشركة كذلك لأحد الأسباب العامة الآتية:

أ – إذا انقضت مدتها المحددة في العقد.

ب – إذا انتهى المشروع الذي تأسست الشركة لإتمامه بدون تحديد مدة لها.

ج – إذا زال موضوع المشروع الذي أسست الشركة من أجله .

د – إذا اتفق جميع الشركاء على حل الشركة ، شريطة الوفاء بجميع التزاماتها.

2 – يجوز للمحكمة المختصة أن تقضي بحل الشركة  لأسباب عادلة بناء على طلب الشركاء أو أحدهم))

الأسباب الخاصة لانقضاء شركات الأشخاص :

بما أن شركة المحاصة من شركات الاشخاص فإن اسباب انقضاء شركات الاشخاص الخاصة تسري على شركة المحاصة وتتمثل هذه الاسباب في ما يأتي :

أولا ً : الأسباب الخاصة بانقضاء شركات الاشخاص بقوة القانون :

1 – وفاة أحد الشركاء .

2- انسحاب أحد الشركاء من الشركة.

3- إفلاس أحد الشركاء أو إعساره أو فقده للأهلية العامة.

4- وقوع حادث يجعل استمرار الشركة أو استمرار الشركاء فيها غير مشروع .

ثانياً : انقضاء شركات الاشخاص باتفاق الشركاء.

ثالثاً : انقضاء شركات الأشخاص بحكم القضاء .

 

المصادر والمراجع:

1-القانون التجاري اليمني. 2- قانون الشركات التجارية اليمني

3- الشركات التجارية/د. حمود محمد شمسان. ص 223- 232 /الطبعة الخامسة /2014م

مقدم البحث /عبد القوي حُميد

ليست هناك تعليقات: