من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

السبت، 18 فبراير 2023

العلاقة السببية بين الخطأ والضرر, وفق القانون اليمني

 

العلاقة السببية بين الخطأ والضرر, وفق القانون اليمني

مقدمة:

إن العلاقة السببية لها أهمية كبرى في مجال المسؤولية المدنية( التقصيرية- العقدية)، فإذا وقع الضرر وكان السبب في وقوعه هو الفعل غير المشروع للمدعى عليه، فإن المسؤولية المدنية تنشأ في هذه الحالة، والمسؤولية المدنية تقوم على ثلاثة أركان( الخطأ- الضرر- العلاقة السببية بين الخطأ والضرر)، فإذا تخلف ركن من هذه الأركان فلا تقوم هذه المسؤولية، والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هي وسيلة إثبات المسؤولية سواءً كانت جنائية أو مدنية، ويترتب على قيامها الجزاء( التعويض- العقوبة).

 

تعريف المسؤولية التقصيرية والعقدية في القانون:

(المسؤولية التقصيرية):

هي المسؤولية الناشئة عن الفعل الضار, أي عن الإخلال بالواجب العام بعد الإضرار بالغير.

(المسؤولية العقدية):

هي الجزاء المترتب عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية،  بمعنى آخر تتحقق هذه المسؤولية عندما يكون الضرر الذي تعرض له الشخص ناتجاً عن امتناع المدين عن تنفيذ التزامه العقدي أو تنفيذه بصورة سيئة أو الانقطاع عن تنفيذ جزء منه، فيجب عليه تعويض هذا الضرر.

 

 الفرق بين المسؤولية التقصيرية والعقدية في القانون:

من الفروق الجوهرية بين المسؤولية التقصيرية والعقدية تتمثل بالآتي:

1-  الأهلية:

في المسؤولية التقصيرية: حتى يكون الشخص مسؤولاً يكتفي أن يدرك الفعل الضار من النافع.

أما المسؤولية العقدية:  يجب أن تتوفر الأهلية القانونية.

2-  التعويض:

في المسؤولية التقصيرية:  يكون إصلاح في المسؤولية التقصيرية القاضي لا يتقيد بالتعويض، بل يترك تقديره تخاذ أي وسيلة يراها كفيلة. بإصلاح الضرر، ويكون مدى تعويض الضرر المباشر متوقعاً أو غير متوقع.

في المسؤولية العقدية:  فإن إصلاح الضرر فيها يكون التعويض مبلغاً من المال يقضي به لصالح من لحقه الضرر على من أخل بالالتزام، ويكون مدى تعويض الضرر عن الضرر المتوقع حصوله فقط.

3-  الخطأ:

في المسؤولية التقصيرية:  يكفي لقيام المسؤولية أن يكون الخطأ الواقع فيها تافهاً.

في المسؤولية العقدية: يجب أن يبلغ الخطأ من الجسامة حداً معيناً.

4-  الإثبـات:

في المسؤولية التقصيرية:  الدائن الذي يثبت أن المدين قد خرق التزامه القانوني، وأرتكب عملاً غير مشروع.

في المسؤولية العقدية: المدين هو من يتحمل عبء الإثبات على أنه قام بالتزامه العقدي، بعد أن يثبت الدائن وجود العقد.

5-  التقادم:

في المسؤولية التقصيرية: القاعدة العامة أنها تسقط بمضي ثلاث سنوات، واستثناء بمضي خمسة عشر سنة.

في المسؤولية العقدية: وفقاً للقاعدة العامة تسقط بمضي خمسة عشر سنة.

6-  الإعذار:

في المسؤولية التقصيرية: لا يوجد إعذار لاستحقاق التعويض.

أما المسؤولية العقدية:  يشترط إعذار المدين إلا في حالة استثنائية، ولا يلزم لاستحقاق التعويض، إلا بعد إعذار المدين.

أركان المسؤولية المدنية( التقصيرية- العقدية) في القانون المدني:

1-  من أركان المسؤولية التقصيرية: ( الخطأ- الضرر- العلاقة السببية بين الخطأ والضرر).

2-  أما أركان المسؤولية العقدية:( الخطأ العقدي- الضرر- العلاقة السببية بين الخطأ والضرر).

وهذا ما سيتم توضيحه في هذا البحث بدراسة كلاً ركن من أركان المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية وهي كالتالي:

أولاً: الركن الأول:  الخطأ في المسؤولية المدنية( التقصيرية- العقدية) في القانون المدني:

1-  الخطأ في المسؤولية التقصيرية، تعريفه وأركانه وأنواعه في القانون:

أ‌-     تعريف الخطأ في المسؤولية التقصيرية: هو كل فعل أياً كان يرتكبه الشخص بخطئه ويسبب ضرراً للغير يلزم من كان سبباً في حدوثه بالتعويض.

وقد عرف القانون المدني اليمني الخطأ في نص المادة(304) والتي نصت على:

[كل فعل أو ترك غير مشروع سواءً كان ناشئاً عن عمد أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضرراً، يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه ولا يخل ذلك بالعقوبات المقررة للجرائم طبقاً للقوانين النافذة.

ب‌- أركان المسؤولية التقصيرية في القانون:

·      الركن المادي( النقدي): وهو العمل الذي يرتكبه الشخص ويسبب ضرراً بالغير سواءً بقصد أو بغير قصد.

·      الركن المعنوي(الإدراك):- لقيام ركن الخطأ لا بد أن يصدر من شخص يتمتع بقدر من التمييز والإدراك، فالخطأ لا ينسب إلى غير المميز فلا مسؤولية على الصبي غير المميز عما يحدثه من ضرر، وكذلك الحال بالنسبة للمجنون والمعتوه ومن فقد إدراكه.

 

ج- أنواع المسؤولية التقصيرية في القانون:

·      التعدي العمد:  بمعنى اتيان الفعل بقصد الإضرار بنفسٍ أو مال ولو كان ذلك الفعل مشروعاً، أو هو الإرادة المتوجهة نحو الفعل ونتائجه.

·      التعدي غير العمد:  وهو ما ينشأ عن التقصير والإهمال أو قلة الاحتراز عما أعتاد الناس، وبالتالي إذا تعلق الفعل بفعل أو ترك يترتب على التعويض المدني.

2-   الخطأ في المسؤولية العقدية في القانون:

 من شروط قيام المسؤولية العقدية أن يوجد عقد بين المسؤول والمضرور، وأن يكون هذا العقد صحيحاً وتاماً، وأن يكون الضرر ناشئاً من عدم تنفيذ التزام تعاقدي، ومن أركانها الخطأ العقدي ويعرف: 

أ‌-     تعريف الخطأ في المسؤولية العقدية( الخطأ العقدي) :

ويعرف بأنه الخطأ الناجم من عدم تنفيذ المدين ما ألتزم به نتيجة للعقد المبرم بينه وبين الدائن ، ويشمل هذا الخطأ عدم تنفيذه لالتزامه بالمطلق أو لجزء من هذا الالتزام.

وتختلف صورة الخطأ تبعاً إلى اختلاف نوعي الالتزام العقدي، فقد يكون الالتزام بتحقيق غاية، وقد يكون ببذل عناية، وأهم ما يميز هذه الالتزامات هي إرادة الأطراف، في جعلها أما التزامات بتحقيق غاية أو التزامات ببذل عناية.

ثانياً/الركن الثاني:  الضرر في المسؤولية المدنية( التقصيرية-العقدية) في القانون المدني:

1-  الضرر في المسؤولية التقصيرية في القانون:

أ‌-     تعريف الضرر في المسؤولية التقصيرية: هو الركن الثاني للمسؤولية التقصيرية، فلا يكفي لتحقيق المسؤولية أن يقع فعل فيه تعدي( سواءً كان بالمباشرة أو بالتسبب) بل يجب أن يحدث الفعل ضرراً والمضرور يثبت وقوع الضرر به.

ب‌- أنواع الضرر في المسؤولية التقصيرية:

·      الضرر المادي:  وهو الأذى الذي يلحق خسارة مالية بالمضرور فيؤدي إلى نقص ما في ذمته المالية، كحق الملكية عن طريق الغصب، أو الإتلاف مثل( المساس بجسم الإنسان), والضرر المادي قابل للتعويض وهو ما نصت عليه المادة(304) من القانون المدني والتي نصت على:

[كل فعل أو ترك غير مشروع سواءً كان ناشئاً عن عمد أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضرراً، يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه...]

·      الضرر المعنوي( الأدبي): وهو الضرر الذي يلحق الشخص في مصلحة غير مالية فهو بشكل اعتداء يقع على حق غير مالي للشخص( كالعواطف، والمشاعر، الكرامة، السمعة، والمعتقدات الدينية) و منه أيضاً الضرر المعنوي يصيب الجسم كالآلام الناجمة. عن الجروح، وضرر معنوي يصيب الشرف والاعتبار والعرض( كالقذف والسب وهتك العرض) وضرر معنوي يصيب الشخص من الاعتداء على حق ثابت كاستخدام اسمه في عمل فني أو نسبة كتاب  إلى غير مؤلفه الحقيقي اعتداء على حقه الأدبي.

ج- شروط الضرر في المسؤولية التقصيرية: 

1.   أن يكون الضرر محققاً أو مؤكداً, ويجب أن يكون الضرر سواءً مادياً أم معنوياً لابد أن  يكون مؤكداً في حدوثه وأن يكون قد وقع فعلاً أو كان مستقبلاً , ولا يجوز التعويض عن الضرر المحتمل الذي لم يقع.

2.   أن يكون غير مشروع( كالمنافسة الغير مشروعة).

3.   أن يكون مباشراً أو شخصياً: معنى مباشراً أن يرتبط الضرر مباشرة بالخطأ، وعلى المدعي أن يثبت الضرر الذي أصابه شخصياً أي هو المضرور الأصلي.

4.   أن يصيب الضرر حقاً أو مصلحة مالية مشروعة للمضرور، فلا يجوز التعويض عن الضرر اللاحق جراء أنشطة غير مشروعة.

د- معيار تقدير الضرر في المسؤولية التقصيرية: يقدر القاضي مقدار التعويض تقديراً موضوعياً ويدخل مع هذا التقدير بعض العناصر الذاتية،  فالتعويض في الضرر المادي ما لحق الدائن من خسارة مالية، وما فاته من كسب، أما الضرر الأدبي تتولى المحكمة تحديد ما ينبغي أن تحكم به من تعويض بحيث تكون ترضية كافية للمضرور.

2-  الضرر في المسؤولية العقدية في القانون:

أ‌-     تعريف الضرر في المسؤولية العقدية: هو الركن الثاني من أركان المسؤولية العقدية، فإذا  أثبت الدائن الخطأ( إخلال المدين بتنفيذ التزامه من أجل الحكم عليه بالتعويض) فيجب أن يترتب على هذا الإخلال ضرر يصيب الدائن.

ب‌- أنواع الضرر في المسؤولية العقدية:

·      الضرر المادي:  وهو الذي يصيب الدائن في ذمته المالية.

·      الضرر المعنوي:  وهو ما يصيب الدائن في شرفه أو سمعته وكرامته( مثال المساس بسمعة المؤلف في حال أحدث الناشر تغييرات في مؤلفه).

ج- شروط الضرر في المسؤولية العقدية:

1.   أن يكون الضرر محققاً، أي لا بد أن يكون متوقعاً ساعة إبرام العقد, وهذا عائداً إلى إرادة الأطراف, والضرر غير المتوقع لا يدخل في دائرة التعاقد لا تعويض عنه.

2.   أن يكون الضرر متوقعاً ومباشراً, معناه أن يرتبط الضرر مباشرة بالخطأ, ومثال الضرر المباشر إذا أشترى شخص سيارة  وتفاجأ بأنها معطلة وسبب ذلك صدمة نفسية أدت إلى وفاته, فالمدين يكون مسؤولاً عن الضرر المباشر وهو(تعطل السيارة) ولكنه لا يسأل عن وفاة المشتري لأن وفاته عبارة عن ضرر غير مباشر.

د- معيار تقدير الضرر في المسؤولية العقدية: يقدر القاضي مقدار التعويض تقديراً إذا لم يكن المتعاقدان متفقا على مقدار التعويض في العقد أو بنص القانون, ويكون التعويض على حسب ما لحق صاحب الحق من ضرر محقق وهذا ما نصت عليه المادة(351) من القانون المدني والتي نصت على:

[إذا لم يكن متفقاً على مقدار التعويض في العقد أو بنص القانون فالقاضي هو الذي يقدره، ويكون التقدير على أساس ما لحق صاحب الحق من ضرر محقق بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالحق أو للتأخر في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة صاحب الحق أن يتوقاه ببذل جهد معقول وإذا كان الحق ناشئاً عن عقد فلا يحكم على الملتزم الذي لم يرتكب غشاً أو خطأً جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت العقد]

ثالثاً/الركن الثالث: العلاقة السببية بين الخطأ والضرر في المسؤولية المدنية(التقصيرية- العقدية) في القانون:

1-  تعريف العلاقة السببية في المسؤولية التقصيرية والمسؤولية المدنية:

أ‌-     تعريف العلاقة السببية في المسؤولية التقصيرية في القانون: هي علاقة مباشرة تقوم بين الخطأ والضرر الذي أرتكبه المسؤول والضرر الذي لحق المضرور, فلا يكفي لقيام المسؤولية تحقيق الخطأ والضرر بل يجب أن ترتبط بينهم صلة مباشرة أي الخطأ الذي سبب الضرر فتتشكل لنا علاقة ثلاثية(فعل- فاعل- نتيجة), وقد عبر المشرع اليمني عن الركن السببية في نص المادة(304) والتي نصت على:

ب‌- [كل فعل أو ترك غير مشروع سواءً كان ناشئاً عن عمد أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضرراً، يلزم من ارتكبه بتعويض...].

ت‌- تعريف العلاقة السببية في العلاقة العقدية في القانون: هي تلك الصلة التي تربط الضرر بالخطأ فتجعل الضرر نتيجة للخطأ, فإذا انعدمت هذه الرابطة انتقت المسؤولية لانعدام ركن من أركانها ومن أمثلة ذلك أن يهمل محام في رفع الاستئناف حتى ينتهي ميعاده, ثم تبين أن الدعوى غير قابلة للاستئناف ففي هذه الحالة مسؤولية على المحامي عن الضرر الذي أصاب الموكل بسبب انتهاء ميعاد الاستئناف بسبب رفعه بعد الميعاد المحدد في القانون, فهنا توفرت العلاقة السببية بين الخطأ العقدي وهو إهمال المحامي والضرر الذي أصاب الموكل نتيجة عدم قبول رفع الاستئناف بعد انتهاء ميعاده المحدد قانوناً.

2-  إثبات العلاقة السببية في المسؤولية المدنية(التقصيرية- العقدية) في القانون المدني:

أ‌-     إثبات العلاقة السببية في المسؤولية التقصيرية في القانون:

·       تعدد الأسباب:  يحدث غالباً أن يكون الضرر ناتجاً عن عدة وقائع أو أسباب تشترك في حدوثة فيصعب استبعاد أي واحد منها لأن الضرر وقع لاجتماعها كلها, مثال ذلك: ترك شخص سيارته في الطريق العام ليلاً دون إغلاق وترك المفتاح فيها, فسرقها شخص وقادها بسرعة ليهرب بها فصدم شخصاً وتركه دون إنقاذه ثم مرت سيارة ثانية فقام صاحبها بحمل المصاب إلى المستشفى بسرعة لإسعافه, فأصطدم بشاحنة وأدى الاصطدام إلى وفاة المصاب.

فهنا يتبين أن حادث الوفاة ساهم فيه أكثر من سبب(ترك السيارة مفتوحة وبها مفتاحها- قيادتها بسرعة- سعة صاحب السيارة الثانية- اصطدامه بالشاحنة).

فالأثر الذي يترتب على تعداد الأسباب التي أحدثت الضرر: يجوز للمضرور أن يطالب أحد المسؤولين بالتعويض الكامل عن الضرر, ويكون لمن دفع التعويض أن يرجع على سائر المسؤولين بنصي كلاً منهم في التعويض, وهذا ما نصت عليه المادة(310) من القانون المدني:
[
إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار تكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض بحسب تأثير عمل كل واحد منهم.. وإذا كانوا متواطئين على الفعل كانوا متضامنين في المسؤولية.]

·      تعدد الأضرار وتسلسلها: تسلسل الأضرار أو تعاقبها تنتج عندما يؤدي الفعل الخاطئ ضرر لشخص ثم يقضي هذا الضرر إلى ضرر ثان بنفس الشخص, ويقضي الضرر إلى ضرر ثالث أي حدوث عدة أضرار نتيجة خطأ واحد. مثال ذلك: تاجر مواشي باع بقرة موبوءة فتعدى الوباء إلى مواشي المشتري, فماتت جميع البقر, وتعذر عليه زراعة أرضه, وكثرت عليه الديون فلم يستطيع الوفاء بها فحجز الدائنون على أرضه وقاموا ببيعها بثمن بخس , فتعاقبت الأضرار نتيجة خطأ واحد وهو موت البقرة الموبوءة.

فالأثر الذي يترتب على تعداد الأضرار وتسلسلها التي أحدثت الضرر التعويض, والتعويض لا يكون إلا على الضرر المباشر كما ذكرنا ذلك في المثال السابق موت البقرة الموبوءة وموت باقي المواشي معها.

ب‌- إثبات العلاقة السببية في المسؤولية العقدية في القانون:

يقع على الدائن عبء إثبات العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام (الخطأ غير العمدي), والضرر الذي لحقه, أما العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام وسلوك المدين, فهي مفترضة في نظر المشرع الذي يفترض أن الخطأ راجع إلى الضرر، وعلى المدين إذا كان يدعي عكس ذلك أن يقوم بنفي السببية بين عدم التنفيذ و سلوكه و في هذا المعنى نصت عليه المادة(347) من القانون المدني والتي نصت على:

[إذا استحال على الملتزم تنفيذ الحق عيناً بعد أن كان ممكناً حكم عليه القاضي بالتعويض ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ويحكم أيضاً بالتعويض إذا تأخر الملتزم عن تنفيذ التزامه وأصاب صاحب الحق ضرر من ذلك].

 

3-  انعدام العلاقة السببية في المسؤولية المدنية(التقصيرية- العقدية) في القانون المدني:

أ‌-     انعدام العلاقة السببية في المسؤولية التقصيرية في القانون:

إذا أثبت المضرور الخطأ والضرر الناتج عن المعتدي عندئذ تقوم قرينة لمصلحته بتوافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر, وعليه يكون على المسؤول دحض القرينة بإثبات انعدام السببية بين الخطأ والضرر, وذلك بإقامة الدليل على أن الضرر يرجع إلى سبب أجنبي ومنه:

·      الحادث الفجائي: كالرياح والزلازل والبراكين.

·      خطأ المضرور: المدعي الذي وقع من الفعل الخطأ, كالشخص الذي يصعد للحافلة عند انطلاقها, مما أدى إلى إصابته, فلا يستطيع هذا الشخص المطالبة بالتعويض لأن الضرر الذي أصابه نتيجة لخطأه.

·      خطأ الغير: يقصد به مساهمة خطأ الغير مع خطأ المسؤول في إحداث الضرر, فهنا لا يستطيع المدعي المطالبة بالتعويض إلا إذا أثبت أن الخطأ من الغير وحده.

وقد بين المشرع اليمني في نصوصه القانونية في القانون المدني إنعدام العلاقة السببية بين الخطأ والضر, بإقامة الدليل على أن الضرر يرجع إلى سبب أجنبي وهذا ما نصت عليه المواد التالية:

المادة(306) من القانون المدني:

إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور، أو خطأ من الغير فإنه يكون غير ملزم بتعويض هذا الضرر مالم يوجد نص أو اتفاق يقضي بغير ذلك. المادة

(307):

ـمن أحدث ضرراً وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو عرضه أو ماله أو عن نفس الغير أو عرضه أو ماله كان غير مسؤول عن تعويض هذا الضرر، على أن لا يجاوز القدر الضروري فإذا جاوز القدر الضروري ألزم بتعويض تراعى فيه مقتضيات العدالة.

المادة(308):

ـلا يكون الموظف العام مسئولاً عن عمله الذي ألحق الضرر بالغير إذا قام به تنفيذاً لأمر صدر إليه من رئيس متى كانت طاعة هذا الأمر واجبة عليه شرعاً أو كان يعتقد أنها واجبة عليه وأثبت أنه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وأن اعتقاده مبني على أسباب معقولة شرعاً وأنه راعى جانب الحيطة في عمله، ويسأل الآمر إذا توافرت في أمره صفات الفعل غير المشروع.

 

ب‌- انعدام المسؤولية العقدية في القانون:

لا يستطيع المدين أن يدفع المسؤولية عنه إلا بقطع العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام و سلوكه، و ذلك بإثبات السبب الأجنبي و يقصد به كل أمر غير منسوب إلى المدين أذى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن و السبب الأجنبي الذي جعل التنفيذ مستحيلا قد يكون قوة قاهرة أو حادث مفاجئا أو يكون فعل الدائن أو يكون فعل الغير.

إذن نستخلص مما سبق أن العلاقة السببية علاقة مباشرة تقوم بين الخطأ والضرر الذي أرتكبه المسؤول والضرر الذي لحق المضرور, فلا يكفي لقيام المسؤولية تحقيق الخطأ والضرر بل يجب أن ترتبط بينهم صلة مباشرة أي الخطأ الذي سبب الضرر.

 

 

المصادر والمراجع:

القانون المدني اليمني.

المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير, سعاد بحوصي, جامعة الجزائر.

حدود المسؤولية العقدية في إطار الالتزام ببذل عناية وبتحقيق نتيجة, د/ نادية قزمار, جامعة الأردن.

النظرية العامة للالتزامات/ د/ العربي بلحاج, جامعة الجزائر.

إعداد/ رويدا الأشول

إشراف المحامي/ سليمان الحميري.

ليست هناك تعليقات: