أحكام التبني ليتيم الأبوين ومجهول النسب, في الفقه
لاشك أن
التطور الذي شهده المجتمع الإنساني منذ القدم, أثر تأثيرا مباشرا على البنية
الاجتماعية وتحديد على الأسرة، ففي الحقبة الأولى من الزمن كان سائدا قانون القوة,
لذا لم يكن وضع الاولاد مستقر داخل تلك
الأسر، فلقد كان زعماء القبائل حينها يقومون بأخذهم ورعايتهم متى ما عجبهم ولدا, ويمنح له عدة امتيازات كالاسم والإرث, مع العلم إلى أن هذا الأمر كان محل خلاف بين المجتمعات
باختلاف دياناتها ومذاهبها, إلى أن جاء الإسلام باعتباره آخر الكتب السماوية, وفرق
بين مركزين للولد المحضون لدى الغير, فحرم إلحاق نسب الولد إلى حاضنه وما كان خلاف ذلك أجازه, وأعطى الثواب
والأجر عليه.
التبني من تبنى تبنيا, ويقال تبنى الصبي أو ادعى
بنوته, أو اتخذه ابنا.
.التبني اصطلاحا:
تعددت التعريفات، فمنهم من عرفه بحسب مضمونه,
ومنهم من عرفه بحسب غايته.
الدكتور (محمد صبحي نجم) التبني عرفه بالآتي:
هو أن يتخذ
الرجل له ولدا ليس من صلبه, وعرفه أنه ليس ولده, فينتسب هذا المتبنى إلى من تبناه.
وعرفه
الأستاذ (فضيل سعد التبني) :
هو عملية
إلحاق شخص بآخر معلوم النسب أو مجهول, مع علمه يقينا أنه ليس منه.
وهي علاقة
بين الطرفين, أحدهما وهو الشخص الكبير, امرأة أو رجل ويسمي المتبني، أما الخاضع
لهذه العملية هو الطفل.
والمتبنى إما أن يكون معلوم النسب, أو مجهول
النسب كاللقيط.
إذا كان
التبني هو أن يدعى شخص بنوة ولد معروف النسب أو مجهول النسب, مع علمه بأنه ليس
بابنه من صلبه فهذا محرم, ولا يصح في الشريعة الإسلامية.
في حين أن الإقرار بالنسب أحكامه وشروطه معلومة
ومحددة في الشريعة الإسلامية، إذ هو إقرار الشخص صراحة أن شخصا معينا ابنا له,
بنسب صحيح وحقيقي, وحالت ظروف معينة أجلت هذا الإقرار كعقد, تم دون تسجيله بين
زوجين وأنجبا ولدا، أو أنكر الأب الولد فترة معينة, ثم عاد وأعترف بأن عقدا شرعيا
تم بينه وبين امرأة, نتج عنه ولد شرعي.
مجهول
النسب له أحكام اليتيم، بل هو أولى بالعناية لعدم وجود أحد من والديه ومنقطع عن كل أحد, لذا كانت العناية به أوجب من
اليتيم معروف النسب
وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا مجهول النسب, فإنه يدخل في الأجر
المترتب على كفالة اليتيم, لعموم قوله صلى
الله عليه وسلم :
( َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي
الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا
شَيْئًا )
و يجب على مَن كفل مثل هؤلاء الأطفال مجهولي
النسب, أن لا ينسبهم إليه أو يضيفهم معه في بطاقة العائلة, لما يترتب على ذلك من ضياع الأنساب والحقوق، والخطورة
على الأعراض, وتغيير مجرى المواريث بحرمان مستحق, وإعطاء غير مستحق, وإحلال الحرام
وتحريم الحلال في الخلوة والزواج, وما إلى ذلك من انتهاك للحرمات وتجاوز لحدود
الله.
لذا كان لابد أن يعرف مجهول النسب بعد أن يبلغ الرشد, أنه أجنبي بالنسبة للكافل كبقية الناس, إلا إن وجد رضاع محرم للمكفول، فإنه يكون محرماً لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها, ونحو ذلك مما يحرم بالنسب .
تتجلى الأهمية من تحريم التبني في:
منع
اغتصاب واختلاط الأنساب, وتجريد الطفل من نسبة الأصلي, لقوله
تعالى :
( أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ).صدق الله العظيم
إذ أن
رابطة المودة والرحمة النابعة من صلة الرحم الأصلية, لا تتجسد في القرابة عن طريق
البنوة, مهما بلغت درجة الإنسانية.
يقول الإمام (أبو زهرة) رحمه الله في هذا الصدد
:
إن الأبوة والأمومة ليست ألفاظا تتردد ولا عقد
يعقد, ولكنها حنان وشفقة وارتباط لحم ودم.
أ/ طلبه
مالك
فتاوى
اللجنة الدائمة موقع على صفحه الانترنت
اعداد/ أ. حمدان الذيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي