من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الجمعة، 26 يوليو 2024

 

الوصية الواجبة

إن الوصية الواجبة نوع جديد من الوصايا اتخذت صفة الوجوب لكونها تنفذ قضائيا لا دينيا والقاضي هو الذي يوجبها في مال المتوفي للفئات الذين نص القانون على اعطائهم سواء أوصى لهم الميت أم لم يوص وسواء رضي الورثة أم لم يرضوا، وقد كان قانون الوصية المصري رقم (71) لسنة 1946م أسبق القوانين العربية في العمل بها وبعد ذلك تبعته العديد من القوانين العربية، وسنتناول في هذا البحث الاتي:

أولاً: تعريف الوصية الواجبة:

تمليك نصيب معلوم من التركة جبراً لفرع الولد الذي مات في حياة مورثه بشروط مخصوصة.[1]

ثانياً: التأصيل الفقهي للوصية الواجبة:

إن الوصية الواجبة بصورتها الحالية هي اجتهاد فقهي معاصر ونظراً لمساسها بأحكام الميراث ومقاديره المالية فإن مشروعيتها محل نظر لدى الكثير من الفقهاء والقانونيين حيث لا يرون فيها الا استدراكا وتعديلا على الله في قسمة المواريث لذلك اختلف الفقهاء المعاصرون حول مشروعيتها.

قالت المذكرة التفسيرية لقانون الوصية المصري رقم(71) لسنة 1946م في الأصل الشرعي لهذه الوصية:

"القول بوجوب الوصية للأقربين غير الوارثين مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين، ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث، ومن هؤلاء : سعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس والإمام أحمد وداود والطبري وإسحاق بن راهويه وابن حزم، والأصل في هذا قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة/180 ، والقول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين على أنه وصية وجبت في ماله إذا لم يوص له مذهب ابن حزم، ويؤخذ من أقوال بعض التابعين ، ورواية في مذهب الإمام أحمد " انتهى .

 وبالتالي يتبين لنا أن الأصل الشرعي لهذه الوصية هو مذهب ابن حزم (المذهب الظاهري) وقول جمع من التابعين.

لقد رد المعارضين على هذا الأصل الشرعي وليس هنا محلا للخوض في هذا الأمر.

ثالثاً: أحكام الوصية الواجبة في القانون اليمني:

لقد كان القانون اليمني من أوائل القوانين العربية التي قررت الوصية الواجبة حيث قررها أول قانون للأحوال الشخصية الصادر عام 1976م.

إن النص القانوني المنظم للوصية الواجبة جاء في قانون الأحوال الشخصية اليمني رقم(20) لسنة 1992م المعدل بالقانون رقم (24) لسنة 1999م في كتابه الخامس من بابه الأول في الفصل الخامس منه وتحديدا المادة(259) التي تنص على الاتي:

[إذا توفي أي من الجد أو الجدة عن ولده أو أولاده الوارثين وعن أولاد ابن أو ابناء الابناء ما نزلوا وكانوا فقراء وغير وارثين لوفاة آبائهم في حياته وقد خلف خيرا من المال ولم يقعدهم فيرضخ لهم مما خلفه بعد الدين كالتالي: -

1-لبنات الابن الواحدة أو أكثر مثل نصيب بنات الابن الأرثي مع بنت الصلب وهو السدس.

2- للذكور من أولاد الابن الواحد إذا أنفردوا أو مع أخواتهم بمثل نصيب أبيهم لو كان حياً بما لا يزيد على الخمس.

3- إذا تعدد المتوفون من الأبناء عن أولاد لهم بنين وبنات فلكل صنف منهم مثل نصيب أبيهم لو كان حياً بحيث لا يزيد ما يرضخ لمجموع الأصناف على الثلث وفي كل هذه الثلاث الحالات يشترط أن لا تزيد حصة الذكر أو الأنثى الواحد من أولاد المتوفين على حصة الذكر الواحد أو البنت من أولاد الصلب وإلا ألغيت الزيادة وأقتصر لهم على ما يتساوون به مع أولاد أو بنات الصلب ويشترك المتعددون فيما تعين لهم لكل بقدر أصله وللذكر مثل حظ الأنثيين ويحجب كل أصل فرعه لا فرع غيره , وتقدم هذه الوصية على غيرها من الوصايا التبرعية.]

وعلى ضوء هذه المادة سنتناول أحكام الوصية المقررة في القانون اليمني على النحو الاتي:

أ-المستحقون للوصية الواجبة:

إن المادة (259) السالف ذكرها بينت المستحقين لهذه الوصية وهم أولاد الابن أو أبناء الأبناء ما نزلوا، ولفظ الولد يشمل الذكر والأنثى فتكون الوصية واجبة لابن الابن وإن نزل ولبنات الابن إن نزل أبوهم.

أما ابن البنت أو بنت البنت ليس لهم وصية واجبة في القانون اليمني الحالي وقد قانون الأحوال الشخصية قبل تعديله بالقانون رقم(24) لسنة 1990م يورث أولاد البنت من الطبقة الأولى.

وبالنسبة للقوانين العربية الأخرى فبعضها ورث أولاد البنت من الطبقة الأولى كالقانون المصري والكويتي وبعضها لم يورثهم كالقانون السوري والأردني.

ب-شروط الوصية الواجبة:

إن المادة 259 اشتملت على العديد من الشروط هي:

1-    موت الاب حال حياة أبيه أو أمه ثم وفاة الجد أو الجدة عن ولده أو أولاده الوارثين وعن أولاد ابن او أبناء الأبناء ما نزلوا.

 ونلاحظ هنا أمرين:

-موت الأب قد يكون حقيقة وقد يكون حكماً كالمفقود

-لقد نصت المادة ان موت الأب يكون حال حياة ابيه أوأمه مع ان الوصية الواجبة تكون حتى في حالة توفي "معه" كما ذكرت ذلك العديد من القوانين لان العلة تظل قائمة بموت الأب مع أصله ولم يعرف من مات قبل الاخر كحوادث السيارة والغرق.

2-ان يكون أولاد الابن وان نزلوا فقراء.

وهذا الشرط يحسب للقانون اليمني لأنه يوافق الحكمة التي من أجلها فرضت الوصية الواجبة خلافاً للكثير من القوانين التي تجاهلت هذا الشرط وجعلت استحقاق الوصية الواجبة للغني والفقير من الحفدة على حد سواء.

إن لفظ الفقراء الوارد في نص المادة 259 جاء مطلقا غير مقيد بحد أو ضابط وبالرجوع الى كتب الفقه نجد أن الفقهاء -رحمهم الله- اختلفوا في معنى الفقر وحده على ثلاثة أقوال والقول الأقوى منها هو قول الامام الشافعي -رحمه الله- الذي حدد وصف الفقير بمن لا يملك ما يكفيه من المال مع عدم القدرة على الكسب والعمل وملك الدار لا يسلبه اسم الفقير، وهذا المعنى متقارب مع تعريف الوارد ذكره في لائحة تنظيم أمور  العون القضائي الصادرة من مجلس الوزراء برقم(70) لعام 2006م بأنه((الذي لا يزيد دخله الشهري عن الحد الأدنى للأجور والمرتبات وليس له ممتلكات ثابتة او منقولة عدا سكنه الشخصي)).

الفقر يقاس على قدر التركة الزائدة ولذلك فإن القضاء في اليمن يرضخ لأبناء الابن الوصية الواجبة على أساس أن الفقر شرط نسبي وأن الأصل ان جميع أبناء الابن فقراء الا إذا كان غنى أبناء الابن ظاهراً وثابتاً أمام القضاء يزيد كثيرا على تركة جدهم. 

3-ان يكون أولاد الابن غير وارثين من جدهم او جدتهم.

فإن كانوا وارثين فلا وصية واجبة لهم وسواء أكان هذا الميراث كثيرا ام قليلا لان الوصية الواجبة وجبت للفرع تعويضاً عما فاته من ميراث أصله فإذا كان الفرع نفسه يستحق الميراث بأن كان وارثا فلا يمنحه القانون شيئا.[2]

4-أن يكون قد خلف خيرا من المال.

5-الا يكون الجد او الجدة قد أوصى في حياته بإقعاد أولاد ابنه ومانلوا مقعد أبيهم.

أ-تعريف الاقعاد: هو قيام الرجل الذي مات ابنه في اثناء حياته بإقعاد أولاد هذا الابن مقام أبيهم بحيث يرثون ما كان سيرث أبوهم لو لم يمت، والعلماء يشترطون ألا يتجاوز الثلث لأنه وصية فإذا زاد الإقعاد عن الثلث فلا ينفذ إلا في الثلث.

وبالتالي فالإقعاد أو كما تسمى (الإقامة) وفي بعض الدول العربية تسمى (التنزيل) أو (غرس) هو وصية وتسري عليه أحكام الوصية المنصوص عليها في القانون.

ب-الفرق بين الاقعاد والوصية الواجبة: [3]

يتلخص الفرق بين الاقعاد والوصية الواجبة في أن الاقعاد هو وصية اختيارية صادرة من الجد في حدود ثلث ماله في حين أن الوصية الواجبة تكون مقررة بحكم القانون.

فإن لم يوص الجد بذلك استحق وصية واجبة في تركته.

 من الملاحظ ان نص المادة 259 حصر الشرط في استحقاق الوصية الوجبة على عدم الاقعاد فقط ولم يذكر الهبة او العطية بغير عوض كما فعلت ذلك القوانين العربية الأخرى وهو المعمول به والصحيح فهذه القوانين قد ذكرت

 -إن كان قد أعطى الجد او الجدة لابن ولده اقل مما وجب له في التركة فيكمل له المقدار الواجب في الوصية

-وان كان أعطاه أكثر مما وجب له بالوصية الواجبة كان الزائد وصية اختيارية تطبق عليها احكام الوصية

- وان كان اعطى او وهب أو أوصى لبعض من وجبت لهم الوصية دون البعض الاخر وجبت وصية واجبة لمن لم يعط او يهب او يوص له.

      6- ان يكون الاستحقاق بالوصية الواجبة بعد سداد ديون الجد أو الجدة.

فلا وصية ولا تركة الا بعد سداد الديون.

7-ان يكون المستحق للوصية الواجبة غير ممنوع من إرث أصله:

 فإن كان ممنوعا من ميراث أصله كأن كان قاتلا او لاختلاف الدين فانه لا يستحق شيئا اذ لم يفته شيء يعوض عنه، لقد أغفل المشرع اليمني النص على هذا الشرط.

ج-مقدار الوصية الواجبة وأمثلة عليها:

يتنوع مقدار الوصية الواجبة في المادة (259) على النحو الاتي:

1-    السدس: إذا كان المستحق للوصية الواجبة بنت ابن واحدة أو أكثر بشرط ألا يزيد حصة بنت الابن الواحدة(الحفيدة) على حصة البنت الصليبية الواحدة والا الغيت الزيادة واقتصرت حصة بنت الابن على ما تتساوى به مع البنت الصليبية.

مثال في حالة عدم الزيادة: مات شخص عن ابن وبنت وبنت ابن او بنات ابن في هذه الحالة تكون التركة كلها للابن والبنت للذكر مثل حظ الانثيين بحسب قواعد الميراث لكن وفقا لنص القانون يُعطى السدس لبنت او بنات الابن كوصية واجبة تستقطع من التركة قبل قسمتها على الورثة الأصليين (البنت والابن) لأن حصة بنت الابن او بنات الابن بالوصية الواجبة لم يزد عن نصيب البنت الصليبية من الميراث.

مثال في حالة عدم الزيادة: مات شخص عن ابن وسبع بنات وبنت ابن ابوها توفي حالة حياة أبيه في هذا المثال لا تستحق بنت الابن(السدس) كوصية واجبة لأنه يزيد عن حصة البنت الصليبية من التركة وهو (تسع التركة) باعتبار ان للذكر مثل حظ الانثيين فتلغى الزيادة وتستحق بنت الابن (تسع التركة) مساواة لها بالبنت الصليبية.

2-    مثل نصيب الأب: إذا كان المستحق للوصية الواجبة أولاد ذكور لابن واحد منفردين او مع اخوتهم مع مراعاة الشروط الاتية:

أ-ألا يزيد نصيب أبيهم إذا كان حيا عن الخمس فإن زاد عن الخمس ألغيت الزيادة واعتمد لهم الخمس فقط.

ب-يقسم النصيب في حال تعدد الذكور والاناث من أولاد الابن المتوفي بنسبة(1:2) أي للذكر مثل حظ الانثيين.

ج-الا تزيد حصة الذكر او الانثى الواحدة من أولاد الابن المتوفي على حصة الذكر الواحد او البنت من أولاد الصلب (أعمام وعمات الحفدة) والا الغيت الزيادة واقتصرت حصة كل منهم على ما يتساوون به من أبناء او بنات الصلب.

د-كل أصل يحجب فرعه لا فرع غيره عند تعدد الأبناء المتوفين في حياة أبيهم او امهم

هـ-التأكد من تحقق الشروط العامة للوصية الواجبة.

مثل نصيب الاب: إذا تعدد المتوفون من الأبناء حال وفاة أبيهم وكانوا قد تركوا أولادا بنين وبنات فلكل صنف منهم (أولاد كل ابن) مع مراعاة الشروط الاتية:

أ‌-       ألا يزيد ما يعطى لمجموع الأصناف على ثلث التركة

مثال: مات شخص عن ثلاثة أبناء وبنتين وأولاد ثلاثة أبناء توفي اباؤهم في حياة الجد وكل ابن من الثلاثة ترك ابنا وبنتا

في هذا المثال نفترض ان للجد المتوفي ستة أبناء ثلاثة منهم الذين توفوا قبل ابيهم لنستخرج نصيبهم من التركة ومن ثم نصيب أولادهم وبقسمة التركة على الورثة (الأصليين والافتراضيين) نجد أن نصيب الابن الواحد يساوي سهمين من أربعة عشر فيكون مجموع سهام الثلاثة الأبناء الذين توفوا قبل أبيهم(ستة) أسهم وهو نصيب يزيد على ثلث التركة التي قدرها (أربعة عشر) سهما، ولما كان شرط استحقاق الوصية الواجبة الا يزيد مجموع حصص الأصناف عن الثلث تلغى الزيادة ونعطيهم ثلث التركة يقتسمونه للذكر مثل حظ الانثيين كما أن حصة أولاد الأبناء الثلاثة المتوفين قبل أبيهم-كما في المثال- لم تزد على حصة الواحد من أبناء وبنات ولد الصلب وهكذا تتحقق شروط الاستحقاق.

د-خطوات استخراج الوصية الواجبة:

لم ينص القانون على طريقة استخراج الوصية الواجبة، ولكنه أرشد إلى ضرورة مراعاة الأمور التالية: -

1 - ألا يزيد المقدار المستخرج عن ثلث التركة.

2 - أن يكون بمقدار نصيب الأب المتوفى في حياة أبيه.

3 - أن يكون التنفيذ على اعتبار أن الخارج وصية، لا ميراث، فيخرج من جميع التركة، لا من الثلث فقط.

والطريقة: هي أن يفرض المتوفى في حياة والده حياً ويعطى نصيبه، ثم يخرج ذلك النصيب من التركة، بشرط ألا يزيد على الثلث، ويعطى للأحفاد. ثم يقسم باقي التركة بين الورثة، من غير نظر إلى الولد المتوفى الذي فرض حياً. [4]

وعلى ذلك لا يوجد لاستخراج مقدار الوصية الواجبة تطبيقا لنص هذا القانون وروحه، إلا طريقة واحدة تتكون من ثلاث خطوات وهي:[5]

أولا: أن يفرض الولد الذي توفي في حياة أحد أبويه، حيا وارثا وتقسم التركة عليه وعلى الورثة الموجودين، كما لو كان الجميع أحياء، ليعرف مقدار تصيبه لو كان موجودا.

ثانيا: أن يخرج من التركة هذا القدر كما هو إن كان يساوي الثلث فأقل، وإن كان يزيد على الثلث، رد إلى الثلث، لأن الوصية لا تزيد على الثلث، وإنما أخرج أولا، لأن الوصية مقدمة على الميراث، ويقسم هذا المقدار على أولاده قسمة الميراث، للذكر ضعف الأنثى.

ثالثا: يقسم الباقي بعد إخراج مقدار الوصية الواجبة على الورثة الأحياء بتوزيع جديد من غير نظر إلى الولد الذي فرض حيا، لأن هذا المقدار هو الميراث للأحساء، ويعطي كل وارث حقه كما هو الشأن في تقسیم التركات بعد إخراج الوصايا منها.

ولا يدخل في قسمة تركة الميت الذي وجبت الوصية في تركته، أولاده الذين ماتوا قبله، وليس لهم عقب، أو أعقبوا من لا يستحق الوصية.

وإذا تعددت الطبقات فيرث كل طبقة فرعها، ويحجب كل أصل فرعه لا فرع غیره.

وهذه الطريقة هي التي سارت عليها دار الإفتاء، وقضت بها محاكم الأحوال الشخصية، وقد رأت لجنة الفتوى بالأزهر وجوب اتباعها فأصدرت قرار بذلك في 14 من رجب سنة ۱۳۷۹هـ، المواق ۱۳ من يناير سنة ۱۹۹۰م.

ه-تقديم الوصية الواجبة في حالة تزاحم الوصايا:

لقد نص القانون اليمني على تقديم الوصية الواجبة على غيرها من الوصايا التبرعية فقد اختتمت المادة(259) بقولها: "...وتقدم هذه الوصية على غيرها من الوصايا التبرعية " وقد كان موقفه موفقاً عندما قدمها على الوصايا التبرعية فقط وليس على كل الوصايا كما فعلت ذلك بقية القوانين العربية وبالتالي لو كانت الوصية فريضة او واجبة ديانة كالوصية بفدية الصوم فلا تقدم عليها الوصية الواجبة.

فإذا كانت الوصية الواجبة تساوي الثلث ولم يجز الورثة ما زاد على الثلث فإن أصحاب الوصية الواجبة يأخذون الثلث وليس لأحد من أصحاب الوصايا التبرعية شيء، وإن كان أصحاب الوصية الواجبة يأخذون أقل من الثلث فإنهم يأخذون نصيبهم كاملاً والباقي من الثلث يتزاحم فيه أصحاب الوصايا التبرعية بحسب أحكام تزاحم الوصايا.

و-الوصية الواجبة لزواج الأولاد وتعليمهم:

إن الاصل عدم جواز الوصية للأولاد باعتبارهم من الورثة لكن الوصية للأولاد بمال لتزويجهم وتعليمهم مقررة على وجه الاستثناء، فهذه الوصية الاستثنائية تستند الى المادة (260) من قانون  الأحوال الشخصية الواردة في فصل الوصية الواجبة التي نصت على انه: [تجب التسوية بين الاولاد في الزواج والتعليم فاذا كان الوالد قد صرف اموالا في تزويج وتعليم البعض فعليه تسوية الاخرين بهم فان لم يفعل حتى مات ولم يوص بها سوى القاضي بينهم بإخراج القدر المساوي لهم مع وجوب التسوية ايضا بين الاولاد وبقية الورثة ان كانوا طبق طريقة المواريث].

وعلى هذا الاساس فان النص القانوني السابق يصرح بوجوب التسوية بين الاولاد في الزواج وهذا يعني انه إذا كان الاب قد قام بتزويج بعض ابنائه في اثناء حياته فعندئذ يتوجب عليه ان يوصي للأولاد الذين لم يقم بتزويجهم بمال لتزويجهم فالوصية الاختيارية من الاب بتزويج من لم يتزوج من اولاده جائزة فهي لا تندرج ضمن قاعدة (لا وصية لوارث) ولا تحتاج هذه الوصية الى اجازة الورثة بل انها صحيحة حتى ولم يجزها الورثة. فان لم يوص يتم تطبيق حكم الوصية الواجبة بقوة القانون حيث يقوم القاضي بتقدير تكاليف زواج هؤلاء وفقا لمعيار المساواة الذي حدده النص القانوني السابق ذكره وهو المعيار  الاساسي بالإضافة الى ذلك فهناك معايير اخرى للتقدير ومن اهمها متوسط ما تعارف  عليه الناس في وقت استخراج التكاليف وكذا ينبغي مراعاة معيار مقدار التركة  فقد يكون متوسط تكاليف الزواج اكثر من التركة ذاتها؛ ولذا اختلف الورثة في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا لان المتزوجين كانوا يرون ان المال الموصى به لزواج غير المتزوجين يمثل نسبة لا باس بها من اجمالي مقدار التركة.[6]

من الملاحظ أن القوانين العربية الأخرى لم تذكر الوصية الواجبة لتزويج وتعليم الأبناء وانما انفرد القانون اليمني بذكرها.

ز-الوصية الاختيارية بمال لتزويج الاولاد بين الحيلة على الورثة وبراءة ذمة الاب:

في البداية ينبغي التقرير ان التشريع لغالب الناس وغالب الوقائع فالغالب في الاباء حب الابناء جمعيا وعدم المفاضلة بينهم وعدم التفاوت بينهم لفرط شفقة الاب وفطرة حبه لأولاده وهذا هو الامر الغالب لدى الاباء الذي ينبغي اعتماده والتعامل معه في هذه المسألة.

 فاذا ظهر  لنا من الاب خلاف ذلك أي عدم المساواة والمفاضلة فان ذلك يكون لعلة وحكمة لدى الاب الاعلم بأبنائه من القاضي وغيره؛ فقد يكون من  بين هؤلاء الابناء فاسقا وقد يكون الاخر صالحا وقد يكون هذا الابن محتاجا ولا قدرة له او امكانية للحصول على المال وهكذا, هذا الامر بالطبع يكون لدى غالب الابناء ولكن قد يكون الاب معروفا بالحمق وقلة التدبر والتدبير وعدم وضع الاشياء في مواضعها فعندئذ لا مناص من حمل وصيته بمال لا بنائه مقابل زواجهم على محمل غالب تصرفاته فعندئذ لا يخلو تصرفه من الحيلة على الورثة الاخرين, وهناك قرائن يسترشد بها القاضي الرصين منها معرفة الاخوة هل هم جميعا اشقاء ام ان بعضهم لأب والتثبت مما اذا كانت الزوجة ام الاولاد الموصى لهم كان له تأثير على فطرة الاب وارادته حين الوصية؛والله اعلم.[7]

 

 

إعداد/سمر عبد السلام العريقي

شركة الربيعي وشركاؤه للخدمات القانونية



[1] كتاب الوسيط في الفقه الإسلامي والمواريث لعبد الرحمن العدوي 1996م ص 86 الناشر المكتبة الازهرية للتراث.

[2] شرح قانون الوصية أبو زهرة ص 177

[3] بحث بعنوان الاقعاد والوصية الواجبة للدكتور عبد المؤمن شجاع الدين.

[4] كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي ص  7570 الجزء10

[5] كتاب فقه المواريث والوصية المؤلف: نصير فريد محمد واصل ص 131

 

[6] بحث للدكتور عبد المؤمن منشور على قناته في التليجرام

[7] [7] بحث للدكتور عبد المؤمن منشور على قناته في التليجرام

 

ليست هناك تعليقات: