من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 31 أكتوبر 2016

طريقة إثبات الجنون امام القضاء



طريقة إثبات الجنون

يعد الجنون حالة نفسية وعقلية داخلية تأتي نتيجة لاضطراب نفسي وعقلي يفقد  الشخص المصاب توازنه  في قياس الأمور والأشياء فيتصرف  بما لا ياتية الإنسان العادي  . ولما كان للجنون علامات خارجية قد يستدل عليه من خلالها  وهي كثيرة  لا أنها لا تصلح ان تكون هي الوحيدة في إثبات الجنون  وخاصة انه قد يصطنع شخص الجنون والمظاهر التي تدل عليه  لكي يتهرب من الالتزامات المدنية والمسؤوليات الجنائية   باعتبار الجنون حالة داخلية أصلا  ومع التطورات العلمية الهائلة في العلوم الطبية  والتقنية  أصبح القول بان للقاضي  حرية الحكم بجنون الشخص مستدلا با أي من وسائل الإثبات  ضرب من المبالغة والوهم والخيال والتعصب الغير مبرر الى الاتجاهات  القديمة التي تعطي القاضي كل الحرية في تقدير الدعوى والحكم فيها  باعتبار ان القاضي هو الخبير الاول والأخير وان كل ما دون ذلك للقاضي حرية تركه او الأخذ به وسوف نبين في هذا المطلب كيفية أثبات الجنون :
لم يتضمن القانون المدني نصوصا توضح كيفية إثبات الجنون فقد ترك حرية إثباته للقاضي من خلال استرشاده بالمظاهر الخارجية وما يثبت أمامه بوسائل الإثبات المنصوص عليها في قانون الإثبات المادة(13) التي تنص بأن طرق الإثبات هي "1- شهادة الشهود 2 - الإقرار 3- الكتابة 4- اليمين وردعا والنكول عنها 5- القرائن الشرعية والقضائية 6- المعاينة "النظر" 7- تقرير الخبير 8- استجواب الخصم".
فيجوز لمن أراد الإثبات أي واقعة أن يثبتها بأي طريقة من هذه الطرق وكما أشرنا والان الجنون حالة لها أثار قانونية على الشخص المصاب وعلى غيره فإن في إثباتها ضرورة لكي يتسنى للقاضي بأن يحدد الوضع القانوني للشخص المجنون.
وباعتبار الجنون والأمراض العقلية الأخرى هي أمراض نفسية وعقلية فتدق في حالات كثيره حسب نوع الجنون ودرجة خطورته فلا يستطيع القاضي تبيان الحالة الحقيقة للشخص المريض لأن القاضي غير مختص في هذه الحالات فكان لابد من الاستعانة بأهل الخبرة .
قال تعالى: "َاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (1)
والمقصود بأهل الذكر في الآية هم أهل الخبرة في كل جوانب الحياة التي تتطلب رأي خبير الشرعية منها والعلمية ولا يقتصر عمل أهل الخبرة على جانب دون أخر قال تعالى "وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" (2)فالخبرة مطلوبة لحسم أي خلاف أو نزاع أو شك دار حول أمر معين في كل المسائل الجنائية والمدنية وبالأخص في العمل القضائي 
لخطورة الأحكام القضائية بحيث يجب أن تكون على قدر كبير من الصحة والواقعية ولا تعتمد عن مجرد الرأي الذي لا يستند إلى الأسس العلمية فالخبرة أصبحت اليوم هي من هم وسائل الإثبات وخاصة في ظل الثورة العلمية الهائلة التي غيرت الكثير من الحقائق والمسلمات التي كان الكثيرين يعدها مستحيلة التغير فبطريق الخبرة ويتوصل إلى حل الكثير من الأسرار العلمية والظواهر التي ظلت لقرون لا يعرف عنها الإنسان شيء.
وأن إغفال القانون المدني النص على إثبات حالة الجنون طبياً هو نقض تشريعي واضح  ومعيب لا يبرر إلا بأن المشرع لا يواكب التطور .... أو لأنه قد يشكك بكفاءة ومصداقية التقارير الطبية ومع إغفال القانون المدني لذلك الا انه وردت في صلب القوانين الأخرى على ان الخبرة هي أحد وسائل الإثبات كما ورد في قانون الإثبات المادة(165) بقولها: (على المحكمة في المسائل الفنية كمسائل الطب والهندسة والحساب وغيرها مما يدق فهمه أن يعين خبيراً "عدلاً" أو أكثر من المؤهلين علمياً وفنياً أو ممن لهم خبرة خاصة المشهورين بذلك لتستعين بهم في كشف الغامض من هذه المسائل مما يفيد إثبات الواقعة المراد إثباتها ...الخ)

ــــــــــــــــــــــ
1  -سورة النحل – الآية 43
2-سورة فاطر – الآية 14



فالمادة أوجبت على المحكمة في المسائل الفنية أن تعين خبيرا أو أكثر وذلك بقولها "على المحكمة" فالأمر هنا وجوبي بحيث يجب على القاضي الاستجابة لطلب أطراف الدعوى بإحالة الشخص المشكوك بحالة أو المريض مرض عقلي للطبيب المختص لإثبات حالة الجنون من عدمها واثبات مدى الحالة العقلية والوقت الذي بدأ معه حالة الجنون وهل هي حالة جنون منطبق أو مؤقت إلا غير ذلك من الحالات التي يرتب عليها القانون أثر بالغ حيث أن لحالة الجنون بداية تبدأ منها فالجنون الأصلي هو الذي جاء مع الخلقة فيكون الشخص في حالة غفله وخلل من ساعة مولد وملازم له في كل أطوار حياته, هذا الجنون قد لا يحتاج إلى إثبات بداية الجنون ومن الحالات الأخرى الجنون الطارئ و جنون مطبق – أو جزئي- ومتقطع في هذه الحالات يدق معرفة متى ابتدأ المرض ولا يعرف ذلك إلا بالاستعانة بخبير ورأى الطبيب المختص الذي يقدر متى ابتدأ الجنون ومتىانتهى واثبات كل ما يتعلق به  وإثباته.
فقد ورد في قانون الأحوال الشخصية المادة(475) عند تعداد عيوب الزواج كيفية إثبات العيب (والجنون إحداها) بقولها:(.... ويثبت العيب أما بالإقرار من هو موجود به أو بتقرير من طبيب مختص ).
ومن الطبيعي فإن إقرار المجنون لا يصح فلا يعقل أن يأتي شخص ويقر بأنه مجنون وبالتالي يجب الاستعانة بطبيب  مختص لبيان الحالة وحسب قواعد التفسير في القانون المدني باعتباره أصل القوانين الخاصة لبيان  النص المراد تطبيقه على الواقعة فإنه في حالة عدم وجود النص في القانون ينطبق على الواقعة فإنه يطبق النص الموجود في القوانين الأخرى التي تنطبق على نفس الواقعة والحالة, وبما أن قانون الأحوال الشخصية هو من القوانين الخاصة والذي يعد القانون المدني أصلها فإنه يرجع إليه في عدم وجود النص في فروع القانون الخاص او غيره من القوانين سواء المدينة منها أو الجنائية أوفي أي قانون من المنظومة القانونية التي تحكم الواقعة والاستعانة بالخبير أو الخبرة هي أساس لتكوين عقيدة القاضي في الدعوى وقد تحتاج لتكوين عقيدته هذه مسائل فنية لا يتسع عمله ليتعرف عليهاولا وقته .
وحيث جاء في المادة (334/أ.ج) (للمحكمة ان تستعين بخبير او أكثر في مسألة فنية يدق فهمها ويبدي الخبير رائية في تقرير مكتوب موقع علية منه) إذا ففي المسائل ذات الطابع الفني البحت والتي لا تستطيع  المحكمة ان تشق طريقها لإبداء الراى فيه فالمحكمة بالنسبة لهذه المسائل ملزمة بندب خبير حتى ولو سكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الخبرة وإذا قدم الخبير تقريره فيما طلب منه وابدءا الراى فيه فانه يصبح من بين الأدلة المطروحة للمناقشة أمام المحكمة ويكون محل لتقديرها فان شاءت أخذت بنتيجته وان أرادت طرحته وان تعددت تقارير الخبراء فانها تفاضل بينها وتأخذ منها ما تراه وتطرح ما عداه وهي غير ملزمة بندب خبير ان كان هناك تعارض بين تقريرين ( الشك يفسر لصالح المتهم او المدين) لكن هذا القول في المسائل الجنائية يعارض القول بوجوب الاستعانة بالخبير في المسائل الفنية الدقيقة والقول بحرية القاضي بالأخذ والترك لان القول بالأخذ والترك وتخير القاضي بينهما يفقد الأمر وجوبه وغايته لأنه وحسب القاعدة المعمول بها في القانون اليمني هي ان القاضي له كامل السلطة في تقدير حالة المتهم او الشخص بما يستمد في هذا الشأن من أقواله وإجاباته أمامه وبما يراه من وقائع الدعوى وظروفها , على ان من الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا ما يؤكد ان سلطة المحكمة هنا ليست مطلقة فلابد ان يكون قرار المحكمة بصدد حالة المتهم سائغا عقلا وقانونيا ومتفقا مع حقيقة الواقع (1) وأيا يكن الراى فان الاستعانة بالخبير في تقرير مسالة الجنون  هو من المسائل الفنية لابد منها للقاضي المدني او الجنائي  لتقرير كل ما يتعلق بحالة الشخص او المتهم  من حيث الوقت الذي ابتداء فيه الجنون والوقت الذي انتهى  فيه ودرجته وكل ما يتعلق به .

ليست هناك تعليقات: