من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

السبت، 1 أكتوبر 2022

بيع الإقالة, وفق القانون اليمني

 

 

 

 

بيع الإقالة, وفق القانون اليمني

 

 

المقصود ببيع الوفاء:

هو البيع الذي يشترط فيه البائع استرداد العين المبيوعة إذا هو رد للمشتري الثمن ، أي أنه بيع يقترن بشرط لمصلحة البائع يكون له بمقتضاه  الحق في أن يسترد المال المبيع خلال مدة معينة, مقابل رد ما أخذه من الثمن للمشتري.

 يسمى القانون المدني هذا النوع من البيع بالإقالة العرفية، تمييزاً له عن الإقالة الشرعية التي تتم بعد عقد البيعو باتفاق البائع والمشتري.

عرفها القانون المدني اليمني في نص المادة(577 ):

 بيع الوفاء المعروف بالإقالة العرفية هو أن يشترط حال العقد أو بعده, أنه إذا رد البائع للمشتري الثمن رد له المشتري المبيع, وله حكم خيار الشرط. وتكون فوائد المبيع للبائع في مدة الشرط.

 

 

تكييف الإقالة:

كيف الفقه القانوني شرط استرداد المبيع بأنه شرط فاسخ، وهو ما يعني أن بيع الوفاء بيع معلق على شرط فاسخ, هو رد الثمن وملحقاته من قبل البائع في الميعاد المبين في العقد، وبرد الثمن تزول كل آثار العقد بأثر رجعي ويسترد البائع المبيع بمجرد رد الثمن إلى المشتري، غير أنه إذا مضى الميعاد لهذا الاسترداد تخلف الشرط الفاسخ وتأبيد البيع بصورة نهائية.

أما القانون المدني فكيف هذا الشرط على أنه شرط خيار، وأنه يأخذ حكم خيار الشرط ، وحكم خيار الشرط هو منح البائع حق فسخ البيع واسترداد المبيع بإرادة منفردة ، وينص القانون على جواز  اشتراط هذا الخيار أثناء التعاقد أو بعده ، وأن جميع ثمار المبيع تكون أثناء مدة الشرط للبائع.

وننوه هنا إلى أن اشتراط استرداد المبيع بعد العقد يلزم له موافقة المشتري, وتشير المذكرة الإيضاحية لهذه المادة إلى أن القانون المدني أجاز بيع الوفاء لحاجة الناس إليه, رغم أن العمل به محل خلاف في الفقه الإسلامي.

 

أحكام بيع الإقالة العرفية في القانون اليمني:

أجاز القانون المدني بيع الوفاء كما هو واضح من النصوص السابقة، غير أنه قيده بعدد من الأحكام بغرض منع استخدامه كوسيلة لإخفاء رهن يتملك فيه المرتهن العين المرهونة, عند حجز المدين(البائع) عن رد الدين (الثمن) ، ومنع استخدامه كوسيلة لإخفاء قروض ربوية، وهذه الأحكام كالتالي:

1_ يكون بيع الوفاء صحيحاً إذا اقترن ببيان مدة معلومة يتم خلالها استرداد المبيع ، أما إذا لم يقترن ببيان هذه المدة فهو من قبيل بيع الرجاء الباطل, فيبطل العقد والشرط معاً.

وإذا كان شرط استرداد المبيع لاحقاً للعقد ومجهول المدة فإن العقد يكون صحيحاً والشرط باطل ، ويبطل الشرط بسبب جهالة المدة التي يتم خلالها استرداد المبيع ، وهو ما يعني أن عدم ذكر مدة الاسترداد يرتب بطلان شرط الاسترداد ، سواء كان هذا الشرط مقترناً بالعقد أم حقاً له.

 

٢_ يجب لصحة بيع الوفاء أن تكون جميع منافع وثمار المبيع للبائع خلال مدة شرط الاسترداد ، فإذا كان المبيع عقاراً معداً للسكن فإن أجرته خلال مدة الاسترداد تكون للبائع ، أما إذا اشترط المشتري هذه المنافع خلال هذه المدة بطل العقد والشرط معاً ، وفائدة هذا الحكم أنه يمنع بيع الوفاء من أن يكون وسيلة لستر قرض ربوي مضمون برهن ، لأنه إذا اتفق أن ثمار المبيع للمشتري فهي منافع له دون مقابل وذلك ربا.

٣_ لا يجوز لأي من المتعاقدين (البائع والمشتري ) التصرف في المبيع خلال مدة الاسترداد إلا برضاء الطرف الآخر،  ويظهر أن المراد بهذا الحكم كفالة حق البائع في استرداد المبيع خلال المدة المحددة, عن طريق منع المشتري من التصرف في المبيع خلال مدة الاسترداد إلا برضاء البائع ، لأن تصرف المشتري في المبيع إلى الغير يناقض حق البائع في استرجاع المبيع أثناء المدة المحددة ، غير أنه إذا مضت هذه المدة دون استرداد المبيع استقر المبيع في ملك المشتري ، وخلصت له الملكية وما يتبعها من حقوق بما في ذلك حقه في الشفعة.

٤_ إذا هلك المبيع أثناء مدة الاسترداد وهو في يد المشتري بسبب, لا يد للمشتري فيه كانت تبعة الهلاك على البائع ، وهذا الحكم استثناء من القواعد العامة في تبعة الهلاك ، والتي تجعل تبعة الهلاك مرتبطة بالتسليم ، والسبب في ذلك أن المبيع ما زال في ملك البائع ، وبالتالي فلا يضمن المشتري إلا إذا تعدى أو فرط ، أما إذا تنازل البائع عن الاسترداد  أو مضت مدته دون استرداد البائع, للمبيع تأكدت هذه الملكية وأصبح البيع نهائياً ، وتحمل المشتري تبعة الهلاك من تاريخ التنازل أو مضي المدة.

 

  نظمت المادة (٥٧٨) من القانون المدني اليمني  ، حكم بيع الوفاء ( الإقالة العرفية )  كما يلي :

اولا : إذا كان شرط رد المبيع مقيدا بمده معلومة كان العقد صحيحا والمنافع للبائع في مدة الشرط, وليس لأي من المتعاقدين أن يتصرف في المبيع إلا برضا الآخر, واذا تلف المبيع في يد المشتري في مدة الشرط بسبب لا يد له فيه تلف على البائع .

ثانيا : إذا كان شرط رد المبيع مطلقا وغير مقيد بمدة معلومة واقترن بالعقد فهو من قبيل بيع الرجاء الباطل, فيبطل العقد والشرط معا .

 اما إذا كان شرط الرد المجهول المدة لاحقا للعقد, صح البيع وبطل الشرط .

ثالثا : إذا اقترن العقد بشرط الغلة للمشتري في مدة الشرط, بطل العقد والشرط معا .

رابعا : يستقر المبيع في ملك المشتري وبه يستحق الشفعة إذا امضى البائع البيع, أو انقضت المدة دون رد .

 

مادة(579) مدني يمني:

 كل تواطؤ بين المتعاقدين قبل العقد يعتبر كأنه مقارن للعقد, وتجري عليه الأحكام السابقة .

 

الإقالة الشرعية:

تعريفها:

 نصت المادة (٥٨٢) مدني على أنها:

 (رفع عقد البيع بمثل الثمن الأول ولو مسكوتً عنه فيها, وتجوز في بعض المعقود عليه بما يخصه من الثمن).

ومن خلال استقراء هذا النص نجد أن الإقالة الشرعية هي عبارة عن فسخ عقد البيع بالإقالة الذي سبق له أن انعقد صحيحاً نافذاً غير مشروط, ففي الإقالة الشرعية يتراضى البائع والمشتري على إقالة بعضهما والتحلل من عقد البيع السابق, أي فسخ هذا العقد ورفعه, وعندئذ يعيد البائع الثمن إلى المشتري ويرد المشتري المبيع, فعندئذ تطبق أحكام الفسخ التي تقتضي التراد فيما بين البائع بالإقالة والمشتري بالإقالة.

 وأشار النص القانوني السابق إلى أن بيع الإقالة الشرعية يجوز في اجزاء من المعقود عليه, فيلزم أن تكون في المبيع كله كمن يبيع طابقاً من داره. وقد تضمن النص أن الإقالة الشرعية جائزة حتى ولو لم تتضمن وثيقة الإقالة ذكر الثمن, الذي استلمه البائع بالإقالة عند ابرام العقد طالما والبائع والمشتري متصادقان على ذلك, أو تم إثبات استلام البائع بوثيقة أخرى كسند القبض أو الاستلام.

 

 شروط الإقالة الشرعية:

نصت المادة(٥٨٣) مدني على:

 (تصح الإقالة الشرعية بشروط أربعة هي :

1_أن تكون بلفظها: (أي بعتك داري إقالة).

٢_وأن تكون بين المتعاقدين (وهما طرفا عقد الإقالة) باعتبار

الإقالة عقداً, حيث أن طرفا العقد شرط في كل عقد بما في ذلك الإقالة.

٣_في مبيع باق لم يزد زيادة غير متميزة, حيث ينبغي أن يكون هناك نوع من الثبات في سعر الشيء المباع بالإقالة, خلال الفترة ما بين إبرامه وبين تاريخ الإقالة.

٤_قبول العاقد الآخر في المجلس, حيث ينبغي أن يصدر الإيجاب من البائع بالإقالة ويتم قبول الإقالة من المشتري في مجلس العقد، فمجلس العقد شرط في الإقالة وإن كانت فسخاً لعقد من العقود.

 

حكم الإقالة الشرعية في القانون اليمني:

نصت المادة(584) مدني على:

 ( حكم الإقالة هي عودة المبيع إلى مالكه, وهي بيع في حق الشفيع, فسخ في حق غيره)

 ومن خلال استقراء هذا النص نجد أنه قد تضمن التكييف القانوني للإقالة, حيث كيفها على أنها فسخ للبيع من قبل البائع حيث يعود إليه المبيع عند وقوع الإقالة، في حين أن الإقالة تكون بيعاً بالنسبة للشفيع وهو الوارث, أو الشريك المخالط, أو الجار الملصق أو غيره, حيث تسري على الإقالة أحكام الشفعة بالنسبة للشفيع من حيث قيد الشفعة وتقادمها, أما بالنسبة لغير الشفيع ولغير البائع فإنها فسخ ويدخل ضمن مفهوم الغير المقال(المشتري).

وقد نظم القانون المدني اليمني الإقالة الشرعية بهذا العنوان(الإقالة الشرعية) للتأكيد على أن مصدر هذه الإقالة هو فقه الشريعة الإسلامية، فالإقالة بالمفهوم الشرعي من اسمها, هي عبارة عن فسخ أو رفع لعقد البيع فليست أنشاء لعقد ، فالإقالة عبارة عن إقالة الطرفين البائع والمشتري لبعضهما البعض من التزامهما السابق انشائه, حيث يترتب على الإقالة فسخ العقد والتراد فيما بين طرفي العقد.

 

الفروق بين الإقالة العرفية, والإقالة الشرعية:

١_ الإقالة الشرعية عبارة عن فسخ لعقد بيع قد تم في الماضي, أما الإقالة العرفية فهي أنشاء لعقد بيع مشروط, فشتان بين فسخ العقد وإنشاء العقد.

٢_الإقالة الشرعية لا تثير الإشكاليات التي تظهر في الإقالة العرفية عند حلول المدة, فالفسخ في الإقالة الشرعية يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل الإقالة الشرعية, حيث يتم التراد فيما بين البائع والمشتري بالإقالة الشرعية, بخلاف الإقالة العرفية التي تظهر إشكالياتها الكثيرة عند نفادها بمضي المدة.

٣_الإقالة الشرعية لا تكون إلا في المبيعات الثابتة, القيمة خلال الفترة فيما بين تاريخ إبرام عقد البيع وبين تاريخ الإقالة منه أي فسخه ، أما الإقالة العرفية فهي تقع في المبيعات المتغيرة والثابتة القيمة, ولذلك تثير الإشكاليات.

٤_الإقالة الشرعية أي فسخ العقد لا يتم إلا بالتراضي فيما بين البائع والمشتري، في حين أن الإقالة العرفية قد تتم بغير تراضي حيث تقع من جانب البائع بطريقة سلبية وطريقة إيجابية, فالطريقة الإيجابية أن يمثل البائع بالإقالة العرفية أمام الأمين الشرعي ويقر أمامه بأنه قد أنفذ البيع, والطريقة السلبية أن يتخلف عن الحضور, فعندئذ يصير عقد البيع نافذاً بمضي المدة .

 

 

المراجع:

١_د.عبدالله عبدالله العلفي، أحكام عقد البيع في القانون المدني اليمني، ص٢٠٢.

٢_د.عبدالله عبدالله العلفي، مرجع سابق، ص ٢٠٢_٢٠٣.

٣_د.عبدالله العلفي، مرجع سابق، ص٢٠٣_٢٠٤.

٤_مقال قانوني للدكتور، عبد المؤمن شجاع الدين.

٥_د.عبد المؤمن شجاع الدين، مرجع سابق.

 

إعداد المحامي/ محمد نجيب القوسي

ليست هناك تعليقات: