من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الأحد، 17 أبريل 2022

سلطة محكمة الاستئناف في قضايا أحكام التحكيم, وفقا للقانون اليمني

 

 

 

 

سلطة محكمة الاستئناف في قضايا أحكام التحكيم, وفقا للقانون اليمني

 

 

تعريف حكم التحكيم :    

لم تضع النصوص القانونية الصادرة في اليمن والعديد من الدول, والمنظمة للتحكيم التجاري تعريفا لما هو المقصود بحكم التحكيم , ولكن هناك بعض تعريفات الفقهاء ,والتي سنقوم بذكرها على النحو التالي :

 

التعريف الموسع لحكم التحكيم :

يذهب ا E.GAILLARD إلى تعريف حكم التحكيم بأنه:

القرار الصادر عن المحكم الذي يفصل بشكل قطعي على نحو كلي أو جزئي في المنازعة المعروضة عليه , سواء تعلق هذا القرار بموضوع المنازعة ذاتها أو بالاختصاص أو بمسألة تتصل بالإجراءات , أدت بالمحكم إلى الحكم بإنهاء الخصومة.

 

التعريف الضيق لحكم التحكيم :

يذهب جانب من الفقه السويسري والذي يمثله كل من الأساتذة ZOLIVE ,ROUDRET , RMONDEY , إلى أن القرارات الصادرة عن محكمة التحكيم حتى تلك المتصلة بموضوع المنازعة والتي لا تفصل في طلب محدد لا تعد أحكاماً تحكيمية , إلا إذا أنهت بشكل كلي أو جزئي منازعة التحكيم , ووفقاً لهذا الاتجاه فإن كل القرارات التي تفصل في المسائل المتصلة بالموضوع كصحة العقد الأصلي , لا تعد أحكاما  تحكيمية وإنما أحكاماً تحضيرية ,وبالتالي لا يمكن أن تكون هذه الأحكام محلاً للطعن عليها بالبطلان , استقلالاً عن الحكم التحكيمي الذي يصدر بناء على الطلبات المقدمة من الأطراف.

 

أنواع حكم التحكيم :

لم يبين قانون التحكيم اليمني أنواع لحكم التحكيم, لكنه اورد فيه أنواع التحكيم, ومن خلالها نستطيع أن نتعرف على أنواعه:

1-حكم التحكيم التجاري :

الحكم الصادر في نزاع تكون أطرافه أشخاص طبيعيين أو اعتباريين, يمارسون أعمالاً تجارية أو اقتصادية أو استثمارية أيا كان نوعها, سواءً كانوا يمنيين أم عرب أو أجانب.

 

2-التحكيم الوطني :

الحكم الصادر في نزاع تكون أطراف المنازعة أشخاص تحمل جنسية الجمهورية اليمنية .

 

3- التحكيم الدولي :

 الحكم الصادر في نزاع تكون أطراف التحكيم أشخاص من جنسيات مختلفة, أو يكون موطنها أو مقرها الرئيسي في بلدان مختلفة, أو إذا تم التحكيم في مركز دولي للتحكيم.

 

الطعن في حكم التحكيم ودعوى البطلان:

نصت المادة (53) من القانون اليمني بشان التحكيم على أنه:

 مع مراعاة أحكام هذا القانون لا يجوز طلب إبطال حكم التحكيم إلا في الأحوال التالية :

أ) إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو انتهت مدته, أو كان باطلاً وفقاً للقانون.

ب)إذا كان أحد أطراف التحكيم فاقد الأهلية.

ج)إذا كانت الإجراءات غير صحيحة.

د)إذا تجاوزت لجنة التحكيم صلاحيتها.

ه)إذا تم تشكيل لجنة التحكيم بصورة مخالفة لاتفاق التحكيم.

و)إذا لم يكن حكم التحكيم مسبباً.

ز) إذا خالف حكم التحكيم أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام, وفيما عدا هذه الأحوال المبينة في هذا القانون فإن أحكام التحكيم التي تصدر وفقاً لهذا القانون, لا يجوز الطعن فيها بأي طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

 

من فحوى هذه النصوص يتبين لنا أن طريق الطعن في حكم التحكيم ليس مشابهاً لطرق الطعن في الاحكام القضائية الصادرة من المحاكم , وذلك لأن المشرع انتهج طريقاً خاصاً للطعن في أحكام التحكيم, وهذه الطريق هي دعوى البطلان.

 

دعوى البطلان في القانون  والفقه :

لم يضع المشرع اليمني تعريفاً خاصاً بدعوى البطلان , ولكن وضع لها في القانون الخاص بشأن التحكيم نصاً خاصاً بالكيفية التي ترفع ,حيث وقد نصت المادة (54) من القانون سالف الذكر على أنه:

  ترفع دعوى البطلان إلى محكمة الاستئناف خلال مدة الاستئناف القانونية, ويترتب على رفع الدعوى وقف تنفيذ الحكم إلى أن تقضي المحكمة بالاستمرار فيه بناءً على طلب الطرف المعني, ويجوز للمحكمة أن تقبل رفع الدعوى بعد انقضاء الميعاد المحدد إن كان التأخير ناتجاً عن أسباب قهرية, شريطة أن يقوم الطالب برفع الدعوى في أقرب وقت بعد زوال هذه الأسباب.

 

سلطة محكمة الاستئناف عند نظر دعوى البطلان :

كما أسلفنا في السابق أن الطريق الوحيد لإبطال حكم التحكيم هو رفع دعوى ببطلانه إلى محكمة الاستئناف إذا توفرت الأسباب, والتي وردت في القانون اليمني, وبهذا لم يعد حكم التحكيم يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن .

نصت المادة (52\1) من قانون التحكيم على أنه:

 لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر وفقا لهذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

 

 ومن المقرر أن قاضي الدعوى هو صاحب السلطة في تكييفها التكييف القانوني الصحيح , دون التقيد بما يصفه بها المدعي,  فالعبرة هي بحقيقة المقصود من المدعي وليس بالألفاظ التي صيغت بها صحيفة الدعوى ,ولهذا فإن الدعوى المرفوعة إلى المحكمة بطلب إبطال حكم التحكيم, تعتبر في تكييفها الصحيح دعوى بطلان, ولو كانت قد وصفت بأنها استئناف وطلب فيها المدعي الحكم مجددا في الموضوع الذي فصل فيه حكم التحكيم, ولهذا فإن دعوى البطلان ليست طريقا من طرق الطعن في الاحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

ورغم أن المحكمة التي تنظر دعوى البطلان هي دائما محكمة الدرجة الثانية , إلا أنها لا تنظر الدعوى باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي , بل باعتبارها قضية جديدة غير القضية التي فصل فيها الحكم محل دعوى البطلان , فهي لا تعيد نظر النزاع الذي فصل فيه حكم التحكيم ,ولا تكون لها بالنسبة لهذا النزاع ما كان لهيئة التحكيم من سلطات , فليس لها أن تناقش  ما طرح فيه أمام هيئة التحكيم من أدلة اثبات أو دفاع أو دفوع , أو ان تسمح للخصوم بتقديم اية ادلة اثبات جديدة أو اوجه دفاع أو دفوع تتعلق بالموضوع, سواء مما سبق تقديمه أمام هيئة التحكيم أو مما لم يسبق تقديمه.

كما أنه ليس لها أن تنزلق إلى موضوع النزاع, فليس لها أن تبحث في الخطاء في تفسير القانون المطبق من هيئة التحكيم أو خطأ المحكمين في التكييف القانوني ,أو تبحث في عدم كفاية التسبيب القانوني , أو في التقدير الفاسد لوقائع القضية.

ورغم أنه يمتنع على المحكمة التي تنظر دعوى البطلان  نظر موضوع الدعوى التي صدر فيها حكم التحكيم , إلا أنه لكي تتمكن المحكمة من التحقق من توافر بعض حالات البطلان التي يدعيها المدعي , مثل صدور الحكم  دون اتفاق تحكيم صحيح أو متجاوزا نطاقه , أو عدم قابلية النزاع لأن يكون محلا للتحكيم أو الاخلال بحق الفاع ,فإن لمحكمة البطلان السلطة كاملة في بحث جميع عناصر النزاع من الواقع والقانون, وتفسير اتفاق التحكيم أو بحث ما قدم من الخصوم من مذكرات أو مستندات أمام هيئة التحكيم , بما يلزم للتأكد من توافر العيب المنسوب إلى حكم التحكيم.

فلا تتقيد محكمة البطلان بما تتقيد به محكمة النقض عند نظر الطعن بالنقض, فلها السلطة الكاملة في تقدير ظروف النزاع سواء تعلقت بالواقع أو بالقانون , وهذا ما قررته محكمة النقض الفرنسية في حكمها في 6 يناير 1987 بقولها:

 لا يوجد اي قيد على سلطة القضاء في البحث من حيث الواقع أو القانون في العيوب اساس دعوى البطلان.

واذا طلب المدعي ابطال حكم التحكيم برمته, وتبين للمحكمة أن الإبطال مقرر فقط لمصلحة رافع دعوى البطلان, أو أن اسباب البطلان تلحق فقط جزءا من الحكم وأن الحكم يقبل التجزئة ,فإنها لا تقضي إلا ببطلان هذا الجزء, فإذا كان الحكم لا يقبل التجزئة فإنها تقضي ببطلان الحكم برمته.

ولكن نرى أن هذا لا يتناسب مع قواعد قانون التحكيم الذي حدد وبصراحة أن حكم التحكيم لا يقبل الطعن بطريق الاستئناف, وإذا عملنا بالقول الذي يتيح لمحكمة الاستئناف بتجزئة حكم التحكيم فإن هذا مؤدى للقول أنه يعتبر تعديل في حكم التحكيم, وبالتالي يعتب مماثلا للطعن بالاستئناف في الاحكام القضائية, والذي يتيح فيه القانون لمحكمة الاستئناف التعديل في الحكم.

ويهدف أطراف النزاع من اللجوء إلى التحكيم لتفادي اللجوء إلى قضاء الدولة , لكون الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم غير قابلة للطعن عليها ,ولسرعة الفصل في النزاع بهيئة مشكلة بمعرفة الأطراف وبالقانون الوضعي المتفق عليه, وهو مما لا يستقيم مع الطعن في الأحكام الصادرة عن الهيئة , لذلك هناك بعض التشريعات منها التشريع اليمني لا تسمح بالطعن مطلقاً, ولا يكون لمن صدر ضده الحكم سوى اللجوء إلى الطعن بالبطلان بدعوى البطلان الأصلية بالأسباب التي حصرها المشرع اليمني في المادة (53)  سالفة الذكر.

وطبقا لتلك الاسباب فلا يجوز  بحال الطعن على أحكام المحكمين بالبطلان بغير هذه الأسباب , وإذا حدث وتم الطعن لأسباب أخرى فيتعين على المحكمة التي تنظر الطعن أن تحكم برفض الدعوى , كرفع دعوى بطلان تأسيساً على سوء تفسير نصوص العقد, أو نصوص القانون الواجب التطبيق طبقاً لاتفاق الأطراف , وذلك لأنها ليست من بين الأسباب التي أوردها المشرع على سبيل الحصر في كلا القانونين.

 

 

ملاحظة:

الطعن على حكم التحكيم يشمل الحكم النهائي لجملة الأحكام التي صدرت في شأن المسائل المعروضة على الهيئة بحكم واحد , فلا يقبل أن يتم الطعن على جزء من الحكم أو في الأحكام المؤقتة والتي صدرت قبل الحكم النهائي, أو الأحكام التفسيرية أو المكملة أو المصححة للحكم النهائي , وإنما يقتصر الطعن على الحكم النهائي القاطع لدابر الخلاف .

ومما لا شك فيه أن قضاء البطلان يستطيع إما إبطال حكم التحكيم , إذا انطوى على أحد الأسباب الموجبة لذلك , وأما رفض الدعوى وسلطة, قضاء البطلان في هذا الصدد تقترب من تلك التي يمارسها بمناسبة إصدار الأمر بالتنفيذ , حيث تقف عند حد التحقق من توافر الشروط الشكلية للأمر بالتنفيذ دون أن تمتد إلى مراجعة الحكم من الناحية الموضوعية , وبالتالي فإن محكمة الاستئناف عندما تنظر دعوى بطلان حكم التحكيم فإنها تقترب من الدور الذي تلعبه محكمة النقض عند نظر الطعن بهذا الطريق , وتنتهي مهمة محكمة البطلان بصدور حكمها إما بالبطلان لحكم التحكيم , أو برفض الدعوى , فلا تمس موضوع النزاع لا من قريب أو من بعيد.

ولهذا وطبقاً لنص المادة (53) تحكيم ولما قررته صراحة عدم جواز الطعن في أحكام التحكيم بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية , وهذا يعني عدم جواز الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم, وتبعاً لذلك عدم جواز تطبيق (288) مرافعات والتي تنص على:

 (  على دعاوى البطلان , لأنها ليست استئناف أو طعن بالاستئناف حيث يجب على محكمة الاستئناف بدلاً من ذلك تطبيق القانون الخاص والنص الخاص في قانون التحكيم وهي المادة (53) حيث يتحدد اختصاص محكمة الاستئناف بالنسبة لدعوى البطلان, في بحث حالة البطلان المدعى بها من قبل المدعي بالبطلان في ضوء حالات البطلان المذكورة على سبيل الحصر في المادة (53) تحكيم السابق ذكرها , حيث تكون محكمة الاستئناف في هذه الحالة محكمة قانون مثلها في ذلك مثل المحكمة العليا, فاذا تأكدت من تحقق حالة البطلان المدعى بها قضت ببطلان حكم التحكيم, وأحالت القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة أصلاً بنظر النزاع, وإن ثبت لمحكمة الاستئناف عدم تحقق حالة البطلان المدعى بها, فإنها حينئذ تحكم برفض الدعوى , فليس لها أن تحكم بتأييد حكم التحكيم إذا وجدت عدم صحة حالة أو حالات البطلان المدعى بها وانما تحكم برفض الدعوى. 

وبذلك تنتهي مهمة محكمة البطلان بصدور حكمها, إما بالبطلان لحكم التحكيم ,أو برفض الدعوى , ولا تمس موضوع النزاع من قريب أو من بعيد, ويشرك الأمر لشؤون الأفراد لحله بالشكل الذي يريدونه.

 

 

 الخلاصة:

1_ لا يجوز لمحكمة الاستئناف تعديل حكم التحكيم ولا تجزئته, وإنما حقها محصور في رفض دعوى البطلان, وبالتالي تأييد الحكم برمته أو قبول دعوى البطلان, وبالتالي إبطال حكم التحكيم برمته.

2_ محكمة الاستئناف في نظرها لقضايا أحكام التحكيم تعتبر محكمة قانون, وتشبه المحكمة العليا عند نظرها للقضايا المطعون فيها بالنقض.

 

رأي الباحث:

1- يتعين على المشرع اليمني أن ينص صراحة على حدود سلطة الاستئناف, بأن يقوم بإضافة نص قانوني إلى قانون التحكيم, يبين أن سلطة محكمة الاستئناف تتوقف عند تأييد حكم التحكيم أو إبطاله ( إلغائه), وذلك حتى لا تخرج اي محكمة استئناف عن حدود هذا النص .

2_ بعض النصوص القانونية في قانون التحكيم اليمني توحي أنه يجوز الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم, وبالتالي قد يطعن بعض الاشخاص_ من هذه النصوص _ بالاستئناف وإذا قبلت محكمة الاستئناف هذا الطعن فإنها ستطبق على حكم التحكيم. نص المادة (288)مرافعات .

 

 

المراجع:

- قانون التحكيم اليمني.

-حفيظة السيد حداد , الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات الخاصة الدولية.

 -تعليق على الفرق بين دعوى البطلان واستئنافه\ عبد المؤمن شجاع الدين\ منشور على قناته في موقع التليجرام.

 

 

                                     إعداد \عبد القوي حُميد

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات: