من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 17 ديسمبر 2018

بحث حول جواز إثبات الحالة وعدم جواز إثبات الواقعة وفقاً لقانون الإثبات اليمني


بحث حول جواز إثبات الحالة وعدم جواز إثبات الواقعة وفقاً لقانون الإثبات.
أولاً: إثبات الحالة
هو طلب يقدم أمام المحاكم بإجراءات موافقة للقواعد العامة والنظام العام وترفع إلى القضاء المستعجل او قاضي الموضوع ووفقاً للشروط القانونية لرفع الدعوى أمام القضاء المستعجل وعلى حسب التحديد في القضايا المدنية والتجارية والشخصية وقد نص قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني في مادة (239): يكون القضاء المستعجل في المسائل المدنية والتجارية والأحوال الشخصية. مادة (240): يعتبر من المسائل المستعجلة في الحالة التي يخشى عليها من فوات الوقت ما يأتي: طلب إثبات الحالة.
 معنى إثبات الحالة:
هو طلب أو دعوى يقصد منها تهيئة الدليل في دعوى موضوعية مرفوعة فعلا أو سترفع في المستقبل وذلك عندما تحدث واقعة يخشى من زوال معالمها أو من تغيير هذه المعالم بمرور الوقت.
وبالتالي فإن دعوى إثبات الحالة ما هي إلا مجرد تصوير مادي واقعي لحالة يصح أن تكون محل نزاع في المستقبل أمام قاضي الموضوع
ومثال ذلك دعوى إثبات حالة أرض غمرتها المياه قبل أن تنحسر عنها، أو دعوى إثبات حالة حريق أو طريق او هدم او تلف بضاعة. الخ.
وفي هذه الأحوال قد يقوم القاضي المستعجل بالمعاينة بنفسه ويحرر بذلك محضراً يثبت فيه ما شاهده في المعاينة. وقلما ينتقل القاضي للمعاينة بنفسه
 أو يقوم بانتداب خبير لوصف الحالة القائمة، وهذا هو الغالب، ومتى تم وصف الحالة القائمة تنتهي الدعوى بذلك ويصدر القاضي حكما بانتهائها.
إذا قام الخبير تقريراً فمن الجائز مناقشة هذا التقرير والطعن عليه، وقد ينتهي الأمر بتعيين خبير آخر أو بتكليف الخبير نفسه بإكمال عمله إذا تبين أن به نقصاً أو ثمة ما يستدعى استكمالا، وقد ترى المحكمة استدعاء الخبير أمامها لمناقشته في تقريره.
وبالتالي فأن دعوى إثبات الحالة تقف على ذلك وتقتصر على تهيئة الدليل، ويحكم القاضي عندئذ بانتهاء الدعوى.
ويشترط في دعوى إثبات الحالة
توافر ركن الاستعجال أي أن تكون الواقعة المراد إثبات حالتها متغيرة المعالم مع مضي الزمن ويترتب على مضي الزمن تفويت مصلحة أو حق نتيجة ذلك
فإن كانت المعالم قد زالت فعلا-أو كانت من المعالم الثابتة التي لا تزول بمرور الوقت ولا يترتب على مضي الزمن تفويت مصلحة أو حق نتيجة لذلك – فإن ركن الاستعجال ينتفي في هذه الحالة وتخرج الدعوى من مجال اختصاص القضاء المستعجل، ويجب عندئذ أن يطلب إثبات الحال من القاضي الموضوعي عند رفع الدعوى الموضوعية.
الواضح عند نظر دعوى أثبات الحالة على المحاكم التقيد بالشروط التالية:
1ـ ألا يكون من شأن الفصل في الدعاوي المستعجلة المساس بأصل حق من الحقوق المدعى بها من جانب أحد الطرفين.
2ـ الحرص على عدم المساس بأصل الحق.
وعدم المساس بأصل الحق هي كشرط لاختصاص القضاء المستعجل يتمثل في جملة مواطـــــــــن في مواضع من الدعوى:
أولها: في الطلبات المعروضة على القاضي:
إذ يجب ألا تكون طلبات موضوعية. والطلبات الموضوعية هي التي تتعلق بأصل الحق. ومثالها طلب الحكم بالمديونية أو الملكية أو البطلان أو الفسخ أو براءة الذمة أو سقوط الحق بالتقادم إلى غير ذلك من الطلبات المماثلة.
وثانيها: في بحث المستندات:
 إذ أن القاضي المستعجل يحكم بحسب الظاهر فلا يجوز له أن يتعمق في بحث المستندات أو أن يقطع في شأنها برأي حاسم أو أن يفسرها سواء كانت عقوداً أو أحكاماً، بل أنه يحكم بحسب ما يبدو له لأول وهلة أو لأول نظرة (أو على حد تعبير محكمة النقض أنه يتحسس المستندات، أي يبحثها بحثاً عرضيا).
فإذا ما تعمق في بحثها أو تطرق إلى تفسيرها فإنه يكون قد جاوز اختصاصه.
وثالثهما – هو في تسبيب الحكم:
إذ يجب ألا يستند القاضي المستعجل في أسبابه إلى ثبوت الحق أو نفيه بل يجب أن يقتصر على الترجيح بين الاحتمالات دون أن يقطع برأي في أصل الحق، وإلا فإن حكمه يكون مبنياً‌ على أساس فاسد لتجاوزه حد اختصاصه.
ولهذا نجد أن أسباب الأحكام المستعجلة تتردد فيها غالباً عبارة: "وحيث أنه يبدو...." أو "وحيث أن الظاهر من الأوراق أو من الظروف......" فلا يجوز أن يقول القاضي المستعجل: "وحيث أنه قد ثبت...." –لأنه بذلك يكون قد اعتدى على ولاية القاضي الموضوعي ولم يبق شيئاً ليحكم فيه-مع أن القاعدة أن أصل الحق يبقى سليماً محفوظاً يتناضل فيه الخصمان أمام محكمة الموضوع ولا يتأثر بما ورد في الحكم المستعجل.
ورابعهما: هو في منطوق الحكم:
 فلا يجوز للقاضي المستعجل أن ينتهي في قضائه إلى تقرير ثبوت الحق أو نفيه أو إلى إلزام أحد الخصمين بأداء حق إلى الآخر بل كل ما يستطيع هو الحكم بإجراء مؤقت.
وعلة الحظر المقرر بعدم جواز إثبات الواقعة الحرص على سير العمل في المحاكم لما فيه الصالح العام بعدم جواز المساس بأصل الحق عند نظر دعوى إثبات الحالة وإصدار قرار بشأنه.
فالواقعة بوصفها محل الإثبات هي كل سبب منشئ للحق المدعى به او زواله او وصفه.
وسبب الواقعة هو مصدر الالتزام والمدعي فيها ملزم بإثبات الواقعة القانونية التي أدت الى نشؤ الحق المدعى به ومحل الإثبات هو مصدر الحق ((مصدر الالتزام))
وان إثبات واقعة ما عند نظر النزاع أمام القضاء مقصود به أن يوصل إلى إظهار حقيقة ما يدعي به وليس تهيئة الدليل كما في دعوى إثبات الحالة.
فهناك شروط تتعلق بالواقعة محل الإثبات، وهي شروط إذا لم تتوفر لا يجوز إثبات الواقعة ولو كانت طرق الإثبات المستخدمة في إثباتها مما يجيز القانون إثبات مثلها بها.
وهي أن يكون محل الأثبات ((الحق المدعى فيه)) معينا وان تكون الواقعة المراد إثباتها متنازعاً فيها وان تكون الواقعة المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجه وجائزة القبول قانوناً وممكنة الوقوع. وهذا ما نصت به المادة 6قانون الإثبات الشرعي.
وشروط أساسية تتعلق بالدليل وهو قوام حكم القاضي وله أن يقدر أهميته وملائمته فيجب على القاضي أن يطلب من كل مدع إثبات دعواه ولا يقبل منه ادعائه مجردا من دليل إثباته وان يناقش هذا الدليل ولا يقضي له بمقتضاه ألا بعد استيثاقه من صدق الدليل وصلاحيته لإثبات الحق المدعي به او نفيه ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يجب أن يقبل مقدم الدليل مناقشة خصمه للدليل الذي قدمه وان يكون مستعدا للرد عليه.
وعليها فإن القانون لا يجيز إثبات واقعة معينة لاعتبارات تتعلق بالنظام العام أو لأنها غير منتجة في الدعوى. فنصت المادة (8) من قانون الإثبات: ـ ما لا تسمع فيه الدعوى لا تسمع فيه البينة لا العكس. فالواضح من هذه الشروط سالفة البيان أنها تهدف جميعاً إلى ضمان صلاحية الواقعة لأن تساهم على فرض ثبوتها، في تكوين اقتناع القاضي لحل النزاع المعروض وإصدار قرار ملزم بشائنها.
وعلى ذلك فإن الوقائع القانونية سواء كانت تصرفاً قانونياً أو واقعة مادية يقع عبء إثباتها على الخصوم، وينحصر دور القاضي فيها على فحصها وتقويمها، والتأكد على وجه الخصوص من توافر الشروط التي يستوجبها القانون من الواقعة المراد إثباتها. فنصت المادة (8) مكرر ((لا يجوز للمحاكم النظر في أية دعوى إلا بعد عرضها على المدعى عليه للرد عليها والدخول في خصومة مع المدعي بشأنها ويحظر على المحاكم حظراً باتاً النظر في طلب ما يسمى بإثبات الواقعة وإصدار أي قرار بشأنه.))
ويستخلص مما سبق بان الحظر المقرر بنص المادة (8) مكرر من قانون الإثبات الشرعي محصور في طلب إثبات الواقعة فقط أما طلب إثبات الحالة فقد جاء حق الادعاء به أمام المحاكم مقرراً للخصوم بنص قانوني خاص هو نص المادة (240/3) من قانون المرافعات وذلك لا يتعارض مع نص م(8) مكرر من قانون الإثبات لاختلاف طلب إثبات الواقعة عن طلب إثبات الحالة من حيث المفهوم والدلالة: -
وبالنسبة للواقعة:
فقد تصدى المشرع اليمني لتعريفها والتمثيل لها بنص قانوني جامع مانع حيث نصت المادة (129) من القانون المدني على أنه:
((الواقعة هي أمر حاصل بالفعل سواء أراده الانسان أم لم يرده ولكن القانون يرتب عليه حقوقاً للإنسان أو عليه كميلاد الانسان وموته ونسَبِه وشيوع الملك والجوار فيه وكون الانسان موظفاً في الحكومة أو عاملاً لدى آخر وغير ذلك من العلاقات العامة او الخاصة)).
 وفيما يخص إثبات الحالة: -
فقد استقر تعريفها في أوساط الفقه والقضاء القانوني بأنها: وصف لحالة راهنة وتأكيد لوضع قائم بأوصاف معينة أو تأكيد معالم قائمة يمكن ان تتغير بمرور الزمن فتضيع منها كل أو بعض الآثار الكائنة فتضيع منها كل أو بعض الآثار الكائنة فيها قبل عرض النزاع على قضاء الموضوع.
وفي ذات السياق يؤكد القاضي د/عبدالملك عبدالله الجنداري في كتابه: القضاء المستعجل طبعة 2017م صـ(395) ما لفظه حرفياً: ((وتأكيدا ً لهذا القصد فقد جاء تقرير لجنة العدل والأوقاف بمجلس النواب ليبرر نص الفقرة (3) من المادة (240) من قانون المرافعات بقوله: [دعوى اثبات الحالة إثبات حالة طريق او تلف البضائع او اغراض الأرض حتى لا تضيع معالم الواقعة التي تصبح محلاً لدعوى في المستقبل])).وبذلك فإن إثبات الحالة يَرِدُ على أثار ومعالم الأشياء وليس على الشيء ذاته وذلك ما يجعل طلب إثبات الحالة مختلف جذرياً عن طلب "إثبات الواقعة" وبالتالي فليس هناك أي تعارض بين نص المادة (240) مرافعات ونص المادة (8) مكرر من قانون الاثبات.
اعداد/ المحامي: محمد احمد العماد

ليست هناك تعليقات: