من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الأحد، 20 مارس 2022

ماهية الجريمة السياسية

 

 

 

ماهية الجريمة السياسية

 

مقدمة:

يعتبر مفهوم الجريمة السياسية من أكثر المفاهيم القانونية غموضا وتعقيدا,  والتي استعصت على الفقه والقضاء إيجاد تعريف محدد لها.

 حيث عزفت جل الدول عن وضع تعريف لها في تشريعاتها الوطنية, رغم المبادرات المتعددة للمنتظم الدولي في هذا الإطار.

 وترجع هذه الصعوبة في تحديد المفهوم أساسا إلى الطبيعة المعقدة للجريمة السياسية في حد ذاتها, واختلاف رؤية الدول في معالجة هذا النوع من الجرائم, حسب طبيعة نظامها السياسي، وكذا إلى صعوبة وضع تعريف محدد لمصطلح (السياسة) نفسه, الذي ما يزال معناه غامضاً ومطاطاً مفتوحا لكل التأويلات, يصعب أن يكون أساسا لنظرية معينة في صلب قواعد القانون الجزائي, المتسمة بالثبات والاستقرار.

 

 

ماهية الجريمة السياسية:

الجرائم السياسية هي جرائم موجهة ضد تنظيم الدولة وسيرها، وكذلك الجرائم الموجهة ضد حقوق المواطن التي تشتق منها, وهي ما يطلق عليها اسم (الجرائم السياسية البحثة)

تعد الجرائم السياسية من الجرائم العادية, التي تضع موضع التنفيذ الجرائم المذكورة في الفقرة السابقة، وكذلك الجرائم التي تسهل تنفيذ الإجرام السياسي, أو التي تساعد الفاعل على الهرب من تطبيق القانون عليه.

 

التعريف الفقهي للجريمة السياسية:

انقسم الفقه في تعريفه للجريمة السياسية إلى ثلاثة اتجاهات:

 الاتجاه الأول: يعتمد المعيار الموضوعي

الاتجاه الثاني: يأخذ بالمعيار الشخصي.

 الاتجاه الثالث: يجمع بين المعيارين الشخصي والموضوعي (المذهب المزدوج)

المذهب الموضوعي:

يرى أصحاب هذا الاتجاه على أن موضوع الجريمة هو الذي يحدد طبيعة الجريمة السياسية مهما كان الباعث على ارتكابها، فالجريمة السياسية هي التي تنطوي على معنى الاعتداء على نظام الدولة السياسي, سواء من جهة الخارج، أي المس باستقلالها أو سيادتها، أو من جهة الداخل، أي المساس بشكل الحكومة أو نظام السلطات أو الحقوق السياسية للأفراد والجماعات.

المذهب الشخصي:

 يقوم تعريف الجريمة السياسية في هذا المذهب على الهدف من الجريمة, والباعث على ارتكابها الذي يكون غرضا سياسيا، وذلك على خلاف المذهب الموضوعي, الذي ينطلق من طبيعة الحق المعتدى عليه.

ويعرف أنصار المذهب الشخصي الجريمة السياسية, بكونها الجريمة التي ترتكب لتحقيق أغراض سياسية أو تدفع إليها بواعث سياسية، فالجريمة العادية إذا كان الهدف منها ينطوي على باعث أو رغبة سياسية, تعتبر جريمة سياسية.

المذهب المزدوج:

في إطار التوفيق بين المذهبين الموضوعي والشخصي, يذهب أنصار المذهب المزدوج إلى ربط الجريمة السياسية بالمعيار الموضوعي (طبيعة الحق المعتدى عليه) والمعيار الشخصي (الباعث لدى الجاني والهدف الذي يرمي إليه).

وعرفوا الجريمة السياسية ب (الجريمة التي يكون الباعث الوحيد منها محاولة تغيير النظام السياسي أو تعديله أو قلبه.

 ويشمل النظام السياسي استقلال الدولة وسلامة أملاكها وعلاقاتها مع الدول الأخرى، وشكل الحكومة ونظام السلطات وحقوق الأفراد السياسية، فكل تعد مباشر على هذه النظم يكون جريمة سياسية)

 

التعريف القضائي للجريمة السياسي:

على غرار التضارب الذي عرفه تعريف الجريمة السياسية على مستوى الفقه القانوني، فإن العمل القضائي انتهج بدوره معالجة متعددة المسالك, اختلفت حسب طبيعة بت القضاء في القضية, هل في إطار نظره في قضية داخلية (محاكمة داخلية) أو إذا كان الأمر يتعلق بطلبات تسليم مقدمة من دول أجنبية.

 

الجريمة السياسية وطلبات تسليم المجرمين:

ينظر القضاء الفرنسي إلى الجرائم السياسية في إطار تطبيق إجراءات التسليم, بكيفية مغايرة عن الطريقة التي يبت فيها في الجرائم المذكورة, كمحاكمة داخلية فرنسية.

 إذ رفض القضاء الفرنسي اعتبار جريمة اغتيال رئيس الجمهورية الفرنسي جريمة سياسية, وقرر محاكمة المتهم بارتكابها على أساس أنها جريمة من جرائم الحق العام (القتل العمد مع سبق الإصرار) (قرار محكمة النقض بتاريخ 20/08/1932).

 كما اعتبر أعمال العنف المرتكبة ضد أفراد القوة العمومية جرائم الحق العام, بالرغم من الباعث السياسي على ارتكابها (قرار محكمة النقض بتاريخ 12 مارس 1969 وقرارها بتاريخ 13 يونيو 1972).

ونفس الأمر ينطبق على جرائم الكتابات الحائطية التي اعتبرها جرائم عادية وليست بسياسية, رغم مساسها بالنظام السياسي القائم وارتكابها لأهداف سياسية (قرار محكمة النقض بتاريخ 29/2/1972 و 15/11/1983).

غير أن القضاء الفرنسي كان يعتبر الأفعال ذاتها جرائم سياسية حينما يتعلق الأمر بمطلوبين للتسليم من طرف دول أخرى، ويرفض تسليمهم من أجلها.

 

 أهمية تقسيم الجرائم إلى سياسية وعادية:

 من حيث المعاملة العقابية:

اتبعت غالبية القوانين الحديثة نظاما خاصا في معاملة المجرم السياسي, يقوم على أساس اللين والاحترام وتمتعه ببعض القواعد التفضيلية.

 

من حيث تسليم المجرمين:

نصت جل القوانين تماشيا مع ما أقرته الاتفاقات الدولية والعرف الدولي, على عدم جواز تسليم المجرم السياسي إذا التجأ إلى دولة أخرى, غير الدولة التي ارتكب فيها الجريمة.

 

عدم الحرمان من بعض الحقوق والمزايا:

ذهب بعض التشريعات في إطار تفضيل المجرم السياسي عن المجرم العادي, بالتنصيص صراحة على عدم إصدار عقوبات إضافية, كالمنع من حق التوظيف وحق التصويت والترشيح في الانتخابات وعدم أحقية مزاولة بعض المهن, كمهمة الطب وحمل السلاح وغيرها من الحقوق (المادة 96 من قانون العقوبات العراقي).

عدم اعتبار الجريمة السياسية سابقة في العود, لاختلاف طبيعتها عن الجرائم العادية.

.تخفيف العقوبات في الجرائم السياسية, كاستبدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد.

 الاستفادة من حق اللجوء السياسي.

 

 

مرجع:

الكاتب هشام الملاطي/مدونة على موقع الانترنت    

 

 

                    اعداد أ. حمدان الذيباني

 

 

 

ليست هناك تعليقات: