من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الخميس، 7 نوفمبر 2013

حكام الردة وما يندرج تحتها " حكم ساب الرسول(ص)-ا لإنسان وحرية الاعتقاد" قاعدة الأمور بمقاصدها – ناقل الكفر ليس بكافر – منهيات الشرع"



# تعريف الردة :-

في اللغة /اسم من الارتداد بمعنى الرجوع فيقال ارتد الشخص أي رجع إلى الكفر
بمعنى اخر / هي الرجوع  - فالراجع مرتد ومن ذلك قوليه تعالى (( ولا ترتدوا على أدبار كم فتنقلبوا خاسرين )).
في الشرع /قطع الإسلام بنية الكفر أو قول الكفر أو فعل الكفر سواء على جهة الاستهزاء أو العناد أو الاعتقاد.
وبمعنى اخر / بأنها الرجوع عن الإسلام او قطع الإسلام وكلاهما بمعنى واحد.
 صـ706 من كتاب د/ عبد القادر عودة التشريع الجنائي الجزء الثاني
# ألانواع الملحقة بالردة :-الساحر – الزنديق:
·       الساحر :- وقد ذهب الفقهاء في الساحر الى قولين         
قول أول :- عقوبة الساحر حداً ولا يلزم استتابه قول الحنفية والمالكية والحنابلة ودليل ذلك فيما روي عن جندب أن النبي (ص)((حد الساحر ضربة بالسيف ))
وري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((اقتلوا كل ساحر وكاهن ))
وقول ثاني :- لا يقتل إلا من يسحره متعمداً قول الشافعي ويعتبر قتله من باب القصاص وليس الحد .
·       الزنديق :-
هي كلمة فارسية معربة أصلها "زندة كرد " أي القول بدوام الدهر ((لذلك تطلق صفة الزنديق على الملحد والد هري ))
وتطلق أيضا على الوثنيين الذين يزعمون أن هناك ألهاً للظلام وأخر للنور .
يقتل الزنديق حدا ًوهي صورة من صور الردة ولكن أختلف العلماء عن استتابته

صـ 95.91.89.82.87من كتاب عقوبات الإعدام في الحدود والتعزيز دراسة مقارنه بين الشريعة والقانون د/ شجاع عبد المؤمن شجاع الدين

# استتابة المرتد :-

الاستتابة :- هي سوال المرتد أن يتوب .
وقد أختلف العلماء و الفقهاء بشأن استتابة بعض أصناف المرتدين في سؤال المرتد على أن يتوب عن أقواله ونتج عن ذلك من الذين لا يستتاب وهم الزنديق الساحر الساب للرسل ومتى تكررت ردته على قولين :-
·       القول الأول :- لا يستتاب هولاء وهو القول الراجح عند كل من الحنفية والمالكية والحنابلة والرأي المرجوح عند الشافعية وبه قال الليث بن سعد وإسحاق بن راهويه والحجة لهذا القول :-
1.    الزنديق لا تعرف توبته لأنه يسر الكفر ويعلن الإسلام وهذا شأن الزنادقة وكذلك الساحر لأن "لا الطريق لنا الى معرفة إخلاصه في توبته لأنه يضمر السحر ولا يجهر به، فيكون إظهار الإسلام والتوبة خوفا ًمن القتل مع بقائه على تلك المفسدة "
2.    سب الله ورسوله دليل على فساد العقيدة والاستخفاف بالخالق تبارك وتعالى الذي يقول في محكم كتابة ((ولئن سألتهم ليقولن أنما كنا نخوض ونلعب قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم   كانوا مجرمين))"1"سورة التوبة الايه65.64
                              ولأن القتل في هذه الحالة حد خاص وأن كان يدخل تحت الردة
3.  تكرار الردة دليل على فساد العقيدة وقمة الا مبالاة بالدين وقد دل النص الكريم على عدم قبول التوبة في هذه الحالة فقد قال تعالى :- ((إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا  ثم زادادو كفر آلم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا))سورة النساء الايه "136
وقال تبارك وتعالى ((إن الذين كفروا بعد أيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ))4"سورة آل عمران الآية 90
وكذلك ما فعله أبن مسعود من قتله لرجل عاد يقرأ برجز مسيلمه .
·       القول الثاني :- لا يقتل الزنديق والساحر والساب لله والنبي والعائد للردة حتى يستتابوا كالمرتدين ؛وهو القول الراجح عند الشافعية والرأي المرجوح عند كل من الحنفية ؛وهو قول كل من الزيديه والاياضيه و احتجوا :-بعموم النص في قوله تعالى ((قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وأن يعودا فقد مضت سنة الأولين ) سورة الأنفال الايه 38
وقوله تعالى(( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيما )) سورة النساء الايه 145؛146
بما روي عن النبي (ص) ((استتاب نبهان أربع مرات ))االسنه الكبرى 1/197
  بما روي أن رجلاً سار النبي ما سارة حتى جهر الرسول (ص) فإذا هو يستأذن في قتل رجل من المسلمين ؛فقال الرسول (ص) ((أليس يشهد أن لا اله إلا الله ؛قال بلى ولا شهادة له قال أليس يصلي ؟ قال بلى ولا صلاة له فقال رسول الله (ص) ((أولئك الذين نهى الله عن قتلهم ))المصنف 10/163
فالرسول "ص" كان يقبل من الناس ظاهر الإسلام     
مرجع سابق صـ97-98

مناقشة وترجيح :-

لم تسلم أدلة القول الاول من اعتراض فقد ناقشها أبن قدامه قائلاً:-  وحديث ابن مسعود حجة على قبول توبتهم مع استمرارهم بكفرهم وأما قتله أبن النواحه فيحتمل أنه لظهور كذبة في توبته لأنه أظهرها وتبين أنه مازال على ما كان عليه من كفر ويحتمل أنه قتله الرسول r حين جاء رسول مسيلمه .
((لولا أن الرسل لا تقتل لقتلك )) فقتله تحقيقاً لقول رسول الله  r فقد روي أنه قتله لذلك " المفتي 9/7”
لذلك فنحن نميل إلى ترجيح القول الثاني لأن النصوص تشهد له وهو أقرب إلى سماحة الإسلام ورحابة صدره ولأن الأمر بالأستتابه عام في كل الأحوال لا فرق   بين مرتد ومرتدة عن التوبة تجدي في الحالتين أو لا تجدي فيهما كما أن النبي   rكف عن المنافقين بما أظهروا من الشهادة مع إخبار الله تعالى له بباطنهم فلم يقتلهم النبي  r والزنادقة والمرتدون والعائدون ليس أشد حالاً من المنافقين ؛فالاستتابة لازمه للجميع فقد كتب محمد بن أبي بكر إلى  علي "رضي الله عنه" يسأله عن مسلمين تزندقا فكتب إليه ((أن تابا و آلا فأضرب أعناقهم )) ولكن للتأكد من صدق توبة هولآء يمكن حبسهم حتى يظهر ذلك .
#بم تتحقق توبة المرتد ؟
إذا كان المرتد قد جحد وحدانية الله سبحانه وتعالى أو جحد رسالة النبي r  أو جحدهما معا فتوبته أن يشهد أن لا أله آلا الله وأن محمد رسول الله .
-         أما إذا ارتد بغير هذا فلا تتحقق إلا بإقرار ه بما جحد فمن أمن برسالة نبينا محمد r وأنكر أنه مبعوث إلى العالمين فلا يثبت إسلامه حتى يشهد أن محمد رسول الله  r  بعث إلى الخلق أجمعين ؟و أن أرتد بجحود فرض فلا تتحقق توبته حتى يقر بما جحد ويعيد الشهادتين لأنه كذب الله ورسوله بما اعتقد ه وكذلك أن جحد نبيا أو آيه من كتاب الله تعالى أو ملكا ًمن ملائكة الله أو استباح محرماً فلابد في توبته من الإقرار بما جحده ويترتب على التوبة إسقاط عقوبة الإعدام من المرتد التائب ويعود معصوم الدم
# دليل عقوبة الإعدام في الردة :-
حديث ((من بدل دينه فاقتلوه ))حديث آحاد وقد صحح بحديث صحيح حيث أخرجه البخاري وأبو دواد و الترمذي والنسائي "بحديث الرسول (ص) قال:-
((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه والمفارق للجماعة)) .
وهناك مرجع فصل عقوبة الردة بشكل الاتي:-
# عقوبة الردة :-
لها عقوبتان : عقوبة أصلية/ وهي القتل
وعقوبة تبعية/ وهي المصادرة أما عقوبة القتل فقد تم شرحها في كتاب عقوية الإعدام  لدكتور عبد المؤمن شجاع الدين .
-    أما عقوبة التبعية "المصادرة " وهي مصادرة مال المرتد ويختلف الفقهاء في مدى المصادرة فمذهب مالك والشافعي والرأي الراجح في مذهب أحمد أن المصادرة تشتمل كل مال المرتد في مذهب أبي حنيفة ويؤيده بعض الفقهاء في مذهب أحمد على أن مال المرتد الذي أكتسبه بعد الردة هو الذي يصادر أما ماله الذي أكتسبه قبل الردة فهو من حق ورثته المسلمين وهنالك رواية عن أحمد بأن المال المكتسب بعد الردة لا يصادر أن كان للمرتد  من يرثه من أهل دينه الذي أختاره. وهي رواية غير" مشهورة صـ 662 "
# عقوبات الردة
أولاً :- العقوبة الأصلية
عقوبة الردة الأصلية هي القتل حداً لقول الرسول  r ((من بدل دينه فاقتلوه ))
والقتل عقوبة عامة لكل مرتد سواء كان رجلاً أو امرأة ؛شاباً أو شيخاً ولكن أبا حنيفه يرى أن لا تقتل المرأة ولكنها تجبر على الإسلام وإجبارها على الإسلام يكون بأن تحبس وتخرج كل يوم فتستتاب ويعرض عليها الإسلام فأن أسلمت وإلا حبست وهكذا إلى أن تسلم أو تموت . والمذاهب الأخرى على خلاف مذهب أبي حنيفه لا تفرق بين الرجل والمرأة وتعاقب المرتدة بالقتل كما تعاقب المرتد.
وحجة أبي حنيفه أن الرسول (ص) نهى عن قتل المرأة الكافرة فأذا كانت المرأة لا تقتل بالكفر الأصلي فأولى أن لا تقتل بالكفر الطارئ وحجة بقية الفقهاء أن الرسول  r قال  (( من بدل دينه فاقتلوه ))وقال ((لا يحل دم امرئ  مسلم آلا بإحدى ثلاث :- الثيب الزاني ؛النفس بالنفس ؛والتارك لدينه المفارق للجماعة ))ونهى الرسول عن قتل المرأة مقصود به الكافرة الأصلية ولا يصح أن يقاس على الكفر الأصلي الكفر الطارئ ؛لأن الرجال والنساء يقرون على الكفر الطارئ .
ويرى أبو حنيفه أيضاً أن لا يقتل الصبي المميز بالردة في أربع حالات :-
الأولى :- إذا كان إسلامه تبعاً لأبويه وبلغ مرتد ففي القياس يقتل وفي الاستحسان لا يقتل لأن إسلامه لم يثبت تبعاً لغيره و صار شبه في إسقاط القتل عنه وان بلغ مرتداً .
الثانية :- إذا أسلم في صغره ثم بلغ مرتداً وفي القياس يقتل وفي الاستحسان لا يقتل لقيام الشبهة بسبب اختلاف العلماء في صحة إسلامه.
الثالثة :- إذا ارتد في صغره .
الرابعة :- اللقيط في دار الإسلام فأنه محكوم بإسلامه تبعاً للدار كما لو كان مولوداً بين المسلمين .
 من كتاب د/ عبد القادر عودة التشريع الإسلامي الجنائي مقارن بالفقه المرجعي طبعة (13) سنة 1415هـ سنة 1994م جـ1


# عقوبة الردة في القانون اليمني :-
تعد عقوبة الردة في القرار الجمهوري بالقانون رقم "12" لسنة 1994م بشأن الجرائم والعقوبات عقوبة حديه حسبما نصت عليه المادة (12) من هذا القانون التي عددت الحدود ومنها حد الردة ومن ثم فأن القانون اليمني قد أخذ بقول جمهور الفقهاء ولم يلتفت إلى محاولات التشكيك التي أثارها بعض المعاصرين في حد الردة وحسبما فعل القانون اليمني :-
وقد بينت المادة (259)من القانون ذاته عقوبة الردة (( كل من ارتد عن دين الإسلام يعاقب بالإعدام بعد الاستتابة ثلاثاً وإمهاله ثلاثين يوماً ويعتبر ردة ًالجهر بأقوال أو أفعال تتنافى مع قواعد الإسلام وأركانه عن عمد أو إصرار فإذا لم يثبت العمد أو الإصرار وأبدي الجاني  التوبة فلا عقاب )) 
# عقوبة الردة في مشاريع تقنين أحكام الشريعة الإسلامية :-
ورد في مشروع قانون الحدود الشرعية الذي أعدته لجنة الأزهر في الباب السابع المادة الرابعة ( يعاقب المرتد عن دين الإسلام ذكراً كان أو أنثى بالإعدام إذا كان يرجى استتابته أو أمهل لمدة لا تزيد عن ستين يوماً )  
من كتاب عقوبة الإعدام في الحدود والتعزير "دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون " تأليف د/ عبد المؤمن شجاع الدين

# النصوص الواردة في الردة :-
قال تعالى (( ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت إعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ))وري عن الرسول "ص" (من بدل دينه فاقتلوه )
# أركان الردة :-
1)    الرجوع عن الإسلام
2)    القصد الجنائي
*الرجوع عن الإسلام ثلاثة طرق :-
 أ)بالفعل : بأيتان أفعال يحرمها الإسلام كسجود لصنم و إلقاء المصحف والاستهزاء بها ؛ وإعلان الزنا والشرب وسلب الأموال..........ألخ
ب) الامتناع عن فعل: وهو ما يوجبه الإسلام مثل الصلاة والزكاة والامتناع عن الحكم بألاحكام الشرعية
ج) بالقول والاعتقاد : ويكون مناف للإسلام مثلاً أن يجحد بروببية وان ينكر الأنبياء والملائكة أو يقول أن الله له ولد ولله المثل الأعلى ...الخ
ويلاحظ هنا : أن الاعتقاد المجرد لا يعتب رده يعاقب عليها ما لم يتجسم في قول أو عمل ؛ فإذا لم يتجسم الاعتقاد الكفراني بقول أو عمل فلا عقاب عليه لقول الرسول  r (إن الله عفا لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم )
فإذا أعتقد المسلم اعتقادا منافياً للإسلام أيا كان هذا الاعتقاد فهو يخرجه عن الإسلام أي إذا أخرجه من سريرته فإذا لم يخرج فهو مسلم ظاهر في أحكام الدنيا أما في الآخرة فقد ثبت عليه الردة
# ردة المكره وإسلامه :-
 ومن أكره على الكفر فأتى بكلمة الكفر أو بعمل مكفر لم يصر كافراً وهذا متفق عليه في المذاهب الأربعة وعليه الشيعية و الزيدية ومذهب الظاهريين وشهادة ذلك قوله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ؛ولكن من شرح بالكفر صدره ًفعليهم غضب الله )
ولقول الرسول (ص) "عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
 والإكراه على الإسلام مما لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن ؛ولا يجعل المكره مسلماً حتى يوجد ما يدل على إسلامه طوعاً مثل ما يثبت على الإسلام بعد زوال الإكراه عنه ؛فإن مات قبل ذلك فحكمه حكم الكفار ؛وإن رجع إلى دين الكفر لم يجز قتله ؛ولا إكراهه على الإسلام .
.#  القصد الجنائي :-
ويشترط لوجود جريمة الردة أن يتعمد الجاني إتيان الفعل أو القول الكفري وهو يعلم بأنه فعل أو قول كفري فمن أتى فعلاً يؤدي إلى الكفر لا يعلم معناها فلا يكفر  ومن حكى كفراً سمعه ولا يعتقد ه لم يكفر وكذلك من جرى على لسانه الكفر سبقاً من غير قصد لشدة الفرح أو وهن أو غير ذلك كقول من أراد أن يقول اللهم أنت ربي وأنا عبدك فقال:أنت عبدي وأنا ربك .
ويشترط الشافعي أن يقصد الجاني أن يكفر ؛فلا يكفي أن يتعمد آتيان القول الكفري بل يجب أن ينوي الكفر مع قصد الفعل وحجته حديث الرسول   r((أنما الأعمال بالنيات )) 
وعلى هذا الرأي مذهب الظاهريين لأنهم يشترطون النية في كل الأعمال وحجتهم حديث الرسول ((أنما الأعمال بالنيات وأنما لكل آمري ما نوى )) فالصحيح عندهم أن كل عمل بلا نية فهو باطل ولا يعتد به وعند بن مالك وأبي حنيفه والشافعي يكفي لاعتبار الشخص مرتداً أن يتعمد إتيان الفعل والقول الكفري ؛ولو لم ينوي الكفر مادام قد جاء بالفعل بقصد  القول او الاستخفاف أو التحقير أو العناد أو الاستهزاء وعلى هذا مذهب الشيعة و الزيدية.
ويرى أبو حنيفه واحمد أن فعل الهازل وقوله كفر ؛فمن تكلم بلفظ كفري أو أتى وهو مختار يعتبر كافراً ولو لم يقصد معنى الفعل او ذلك القول مادام أنه عارف لمعناه لأن التصديق وأن كان موجوداً حقيقة ؛إلا أنه زائل حكماً لأن الشارع جعل بعض المعاصي أمارة على وجوده كما لو سجد لصنم فأنه يكفر وأن كان مصدقاً لأن ذلك في حكم التارك.
        من كتاب د/ عبد القادر عودة التشريع   الإسلامي الجنائي الجز الثاني
حكم ساب الرسول صلى الله عليه سام

                  #  الحكم الشرعي فيمن سب النبي   rأو تنقصه:-
  اعلم وفقنا الله واياك أن جميع من سب النبي   rاوعابه أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصله من خصاله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له او الازراء  عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له ،فهو ساب له والحكم فيه حكم الساب ويقتل كما نبينه ولا نستثني فصلاً من الفصول هذا الباب على هذا المقصد ولا نمتري فيه تصريحاً كان أو تلويحاً.
 وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضره له أو نسب إليه ما لايليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزه بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور أو عيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنه عليه او أغمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة و المعهودة لدية .
وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هلم جراً.
وقال أبو بكر بن المنذر :- أجمع عوام أهل العلم على من سب النبي (ص) يقتل وممن قال ذلك مالك بن آنس الليث وأحمد ،وإسحاق وهو مذهب الشافعي
قال القاضي أبو الفضل هو مقتضي قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولا تقبل توبته عند هؤلاء المذكورين .
وبمثله قال أبو حنيفه وأصحابه والثورى وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلم ،ولكنهم قالوا :- هي ردة
وحكى الطبري مثله عن أبي حنيفه وأصحابه فيمن تنقصه   rأو برئ منه أو كذبه وقال سحنون فيمن سبه :- ذلك ردة كالزندقة .
وعلى هذا وقع الخلاف في استتابة وتكفيره وهل قتله حد أو كفر ،كما سنبينه  إن شاء الله تعالى و المعروف ما قدمناه ،قال محمد بن سحنون :- أجمع العلماء أن شاتم النبي  r المنتقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله  وحكمه عندهم القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر .
وقال ا بن القاسم عن مالك في كتاب ابن سحنون والمبسوط والعتبية ،وحكاه مطرف بن مالك في كتاب أبن حبيب :من سب النبي (ص) قتل ولم يستتب .
وقال ا بن القاسم في العتيبه : من سبه أو شتمه أو عابه او تنقصه فأنه يقتل ، وحكمه عند الأمة القتل كا لزنديق .
وقد فرض الله تعالى توقيره وبره وفي المبسوط عن عثمان بن كنانه : من شتم النبي (ص) من المسلمين قتل أو صلب حياً ولم يستتب والأمام مخير في صلبه حياً أو قتله .
ومن راوية ابي  مصعب ، وابي اويس: سمعنا مالكاً يقول:
من سب رسول الله (ص) أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل مسلماً كان أو كافراً ولا يستتاب.
وفي كتاب محمد : أخبرنا أصحاب مالك أنه قال :- من سب النبي أو غيره من النبيين من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب ،وقال أصبغ :  يقتل على كل حال أسر ذلك أو أظهره ،ولا يستتاب ،لأن توبته لا تعرف .
وقال بعض علمائنا : أجمع العلماء على أن من دعا  علىنبي من الأنبياء بالويل أو بشيء من المكروه أراد عيبه أنه يقتل وبلا استتابه.
وأفتى أبو الحسن القايسي فيمن قال في النبي (ص) الحمال يتيم أبو طالب بالقتل .
وأفتى محمد بن محمد بن زيد يقتل رجل سمع قوماً يتذاكرون صفه النبي (ص) إذ مر بهم رجل قبيح الوجه واللحية، فقال لهم: تريدون تعرفون صفته ،هي صفة هذا المار في خلقه ولحيته .قال : لا تقبل توبته .
وأفتى  فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل إبراهيم الفزاريي ،وكان شاعراً متفنناً في الكثير من العلوم وكان ممن يحضر مجلس القاضي أبي العباس بن طالب للمناظرة فرفعت عليه أمور منكرة من  هذا الباب في الاستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا (ص) فأحضر له القاضي يحي بن عمر وغيره من الفقهاء وأمر بقتله وصلبه ،ثم أنزل وأحرق بالنار .
وحكى بعض المؤرخين أنه لما رفعت خشبته وزالت عنا الأيدي استدارت حولته عن القبلة ،فكان آيه للجميع وكبر الناس ،وجاء كلب فولغ في دمه ،فقال يحي بن عمر : صدق رسول الله (ص) وذكر عنه حديثاً أنه قال  ((لا يلغ الكلب في دم مسلم )).
وقال القاضي أبو عبد الله بن المرابط :من قال : أن النبي (ص) هزم يستتاب ،فأن تاب وإلا قتل  لأنه تنقص ، إذ  لا يجوز ذلك عليه في خاصته، إذ هو على بصيرة من أمره ويقين من عصمته .
وقال حبيب بن ربيع القروي: مذهب مالك وأصحابه أن قال فيه (ص) ما فيه نقص قتل دون استتابه
صـ 243- 247 منت كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى/ للقاضي عياض
 *عقوبة من أستهزئ أو سخر من النبي صلى الله عليه وسلم .
لقد جاء خبر الله الصادق بقولة (إن شانئك هو الأبتر )الكوثر فهذا خبر مؤكد أن كل من شنا النبي صلى الله عليه النبي صلى الله وسلم فهو ابتر. أين كسرى الذي مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فدعا النبي صلى الله عليه وسلم (أن يمزق الله ملكه ) وكان تمزيق ملكه عاجلاً غير آجل ,إذا سلط الله عليه ابنه فقتله روى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أن نصرانياً كان أسلم وكان قد حفظ البقرة وآل عمران وكان كاتباً للنبي (ص) ثم أرتد وكان يقول ,أن محمداً لا يدري إلا ما كتب له فأماته الله فأخذه أهله وكفنوه ودفنوه فأصبح على ظهر الأرض منبوذ لفظه القبر فقالوا هذا محمداً وأصحابه فعلوا به ,فدفنوه فأصبح ملفوظاً على ظهر الأرض فقالوا مقالتهم ثم دفنوه الثالثة فأصبح ملفوظاً فعلموا أنه ليس من فعل أحد من الناس فتركوه وهكذا يكون جزاء الشانئين الحاقدين عليه صلى الله وعليه سلم وأخرج البيهقي في دلائل النبوة والضياء في المختار بسند حسن عن أبن عباس في قول الله عز وجل ( أنا كفيناك المستهزئين ) الحجر قال ا:- المستهزئون هم ( الوليد بن المغيره والأسود بن يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل ) فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم أليه الرسول (ص) فقال أرني إياهم فأراه كل واحد منهم وجبريل يشير إلى كل واحد منهم في موضع في جسده ويقول :-كفينكه والنبي (ص) يقول :- ما صنعت شيئاً ,فأما الوليد فمر برجل من خزاعة وهو من يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها وأما الأسود بن المطلب فنزل تحت سمرة وجعل يقول بابني ألا تدفعون عني ؟ قد هلكت وطعنت بالشوك في عيني فجعلوا يقولون :ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عمت عينها وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها وأما العاص بن وائل فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل أخمص قدميه شوكه فقتلته ).أين ذلك النصراني الذي نال من النبي (ص) في زمن شيخ الإسلام ابن تميمة رحمة الله والذي كان سبباً في تأليف شيخ الإسلام لكتابه (الصارم المسلول على شاتم الرسول ) لقد رفع شيخ الإسلام ومعه شيخ المحدثين أمر هذا النصراني إلى الوالي في ذلك الزمان وحصل ما حصل وخلي سبيل ذلك النصراني ولكن الله تعالى كان له بالمرصاد ففي بعض أسفاره سلط الله عليه أبن أخيه فقتله.الله اكبر صدق الله اذا قال " انا كفيناك المستهزئين " الحجر
من إعداد فضيلة الشيخ / عقيل بن محمد بن زيد المقطري

*في الحجة في إيجاب قتل من سبه أو عابه صلى الله عليه:-
فمن القرآن لعنه تعالى لمؤذية في الدنيا و الآخرة ، وقرنه تعالى آذاه بأذاه ولا خلاف في قتل من سب الله والرسول وأن اللعن إنما يستوجبه من هو كافر وحكم الكافر القتل ،فقال ٍ (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا)" الاحزاب : 57
وقال في قاتل المؤمن مثل ذلك فمن لعنه في الدنيا قتل ،قال تعالى ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا)" الأحزاب:61.60"
وقال – في المحاربين ،وذكر عقوبتهم:( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا او يصلبو ا او تقطع ايدهم  و ارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم  ) المائدة :33"
 وقد يقع القتل بمعنى اللعن قال الله تعالى ( قتل الخراصون )[الذريات 9) و (قاتلهم الله أنى يؤفكون ) [المنافقون 4] أي لعنهم الله ولأنه لا فرق بين أذاهما وأذى المؤمنين وفي أذى مادون القتل من الضرب والنكال : فكان حكم مؤذي الله ونبيه أشد من ذلك وهو القتل .
.وقال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضت ويسلموا تسليما )[النساء 65] فسلب اسم الايمان عمن وجد في صدره من قضائه ، ولم يسلم له ومن تنقصه فقد ناقض هذا.
وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وانتم لا تشعرون)"الحجرات :2" ولا يحبط العمل الا الكفر ، والكافر يقتل
وقال  تعالى ( وإذا جاوءك حيوك بما لم يحيك به الله ) ثم قال ( حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) (المجادلة :8] صـ 248-250مرجع سابق
قال تعالى ( ولئن سألتهم ليقولن أنما كنا نخوض ونلعب قل أ بألله و آياتهه ورسوله كنتم تستهزؤن * لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم أن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) [ التوبة 65،66] 
* وقال اهل التفسير : كفرتم بقولكم في رسول الله " صلى الله عليه وسلم".
 *واما الإجماع  فقد ذكرناه.
*واما الآثار :
وفي الحديث الصحيح : أمر النبي (ص) بقتل كعب بن الأشرف . وقوله :من لكعب بن الأشراف ؛ فأنه يؤذي الله ورسوله (1) ووجه إليه من قتله غيله دون دعوة بخلاف غيره من المشركين ؛ علل قتله بأذاه له ؛ فدل ان قتله إياه لغير الإشراك ؛ بل للأذى
وكذلك قتل أبا رافع ؛ قال البراء : كان يؤذي النبي (ص) ويعين عليه(2)
                                             1)(صحيح )رواه البخاري في الرهن ،مسلم في الجهاد
2-(صحيح)رواة البخاري في المغازي قتل ابي رافع عبدالله بن ابي الحقيق

ومن ذلك كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عامله بالكوفة ،وقد استشاره في قتل رجل سب عمر" رضي الله عنه" فكتب إليه عمر:" أنه لا يحل قتل امرئ مسلم بسب أحد  من الناس إلا سب الرسول (ص) فمن سبه فقد حل دمه" .
 سأل الرشيد مالكاً في رجل شتم الرسول (ص) وذكر أن  فقهاء العراق أفتوه بجلده فغضب مالك وقال يأمير المؤمنين ،" ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها ؛ من شتم الأنبياء قتل ومن شتم أصحاب النبي جلد ".
* ويدل على قتله من جهة النظر والاعتبارت أن من سبه أو تنقصه (ص) فقد ظهرت علامة مرض قلبه وبرهان سر طويته وكفره ولهذا ما حكم له  كثير من العلماء بالردة وهي رواية الشاميين عن مالك والأوزعي وقول الثوري وأبو حنيفه والكوفيين .
*والقول الآخر أنه دليل على الكفر فيقتل حداً وأن لم يحكم له بالكفر إلا أن يكون متمادياً على قوله غير منكر له ولا مقلع عنه فهذا كافر ؛ إما صريح كفر كالتكذيب ونحوه أو من كلمات الاستهزاء والذم ؛ فاعترافه بها وترك توبته عنها دليل استحلاله لذلك وهو كفر ايضا ًفهذا كافر بلا خلاف ؛ قال تعالى في مثله ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ) التوبة 74
قال أهل التفسير : هي قولهم :أن كان ما يقول محمد حقاً لنحن شر من الحمير
وقيل : قول بعضهم : ما مثل محمد الا قول القائل سمن كلبك يأكلك
ولن رجعنا لنخرجن الأعز منها الاذل  
وقد قيل : أن قائل مثل هذا أن كان مستتراً به أن حكمه حكم الزنديق يقتل
 ولأنه قد غير دينه وقد قال (ص) (( من غير دينه فأضربوا عنقه )) صحيح
 لأن لحكم النبي (ص) في الحرمة مزية على أمته ، وساب الحر من أمته يحد ، فكانت العقوبة لمن سبه القتل لعظيم منزلته على غيره.
صـ 253,252,250مرجع سابق
·      أسباب عفو النبي  صلى الله عليه وسلم عن بعض من آذاه:
فان قلت : فلم لم يقتل النبي (ص ) اليهودي الذي قال له : السام عليكم ، وهذا دعاء عليه ، ولا قتل الاخر الذي قال له : ان هذة لقسمة ما أريد بها وجه الله وقد تأذي النبي r من ذلك وقال: (قد أوذى موسى بأكثر من هذا فصبر) صحيح رواة البخاري في الأدب وباب الصبر في الأذي ، ولا قتل المنافقين الذي كانوا يؤذونه في أكثر الأحيان.
فالعم وفقنا الله وإياك أن النبي rكان أول يستألف عليه الناس ويميل قلوبهم ويحبب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم ويداريهم ويقول لأصحابه "إنما بعثت مبشرين ولم تبعثوا منفرين"حديث صحيح
ويقول(( يسروا  و لا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا)) حديث صحيح رواه البخاري في الوضوء ، أبو داود في الطهارة.
ويقول (( لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه))حديث صحيح رواه البخاري في المغازي.
وكانr يداري الكفار والمنافقين ويجمل صحبتهم ويغضي عنهم ويحتمل من أذاهم ويصبر على جفائهم ما لا يجوز لنا اليوم الصبر لهم عليه ؛ وكان يرفقهم بالعطاء والإحسان وبذلك أمره الله تعالى . فقال تعالى ( ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم فأعف عنهم وأصفح أن الله يحب المحسنين ) [المائدة 13]  وقال تعالى: (إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) [فصلت :34] وذلك لحاجة الناس للتآلف أول الإسلام وجمع الكلمة عليه ؛ فلما أستقر وأظهره الله على الدين كله قتل من قدر عليه وأشتهر أمره كفعله بأبن خطل ومن عهد بقتله يوم الفتح ومن أمكنه قتله غيله من يهود وغيرهم  ؛ أو غلبة ممن لم ينظمه قبل سلك صحبته والانخراط في جملة مظهري الإيمان له ممن كان يؤذيه كأبن الاشرف ، وأبي رافع ، والنظر ، وعقبة .
 وكذلك نذر دم الجماعة سواهم ؛ ككعب بن زهير وأبن الزبعري وغيرهما ما ممن آذاه حتى ألقوا بأيدهم ولقوه مسلمين .
وبواطن المنافقين مستترة وحكمه (ص) على الظاهر وأكثر تلك الكلمات إنما كان يقولها القائل منهم خفيه ومع أمثاله ويحلفون عليها إذا مميت و ينكرونها ويحلفون عليها  بالله ما قالوا كلمة الكفر وكان مع هذا يطمع في رجوعهم إلى الإسلام وتوبتهم فيصبر (ص) على هناتهم وجفوتهم وكما صبر أولو العزم من الرسل حتى فاء كثير منهم باطناً كما فاء ظاهراً وأخلص سراً كما أظهر جهراً ونفع الله بكثير منهم وقام منهم للدين وزراء وأعوان وأنصار كما جاءت به الأخبار .
وبهذا أجاب بعض أئمتنا رحمهم الله عن هذا السؤال .
وقال : لعله لم يثبت عنده (ص) من أقوالهم ما رفع ؛ وانما نقله الواحد ومن لم يصل رتبة الشهادة في هذا الباب ؛ من صبي أو عبد أو امرأة ؛ والدماء لا تستباح إلا بعدلين وعلى هذا يحمل أمر اليهود في السلام وأنهم لووا ألسنتهم ولم يبينوه ألا ترى كيف نبهت عليه عائشة رضي الله عنها؛ ولو كان صرح بذلك لم تنفرد بعلمه وهذا نبه النبي (ص) أصحابه على فعلهم وقلة صدقهم في إسلامهم وخيانتهم في ذلك ليا بألسنتهم وطعناً في الدين ؛ فقال : إذا أسلم أحدهم فأنما يقول : السام عليكم و فقولوا عليكم " صحيح راوة البخاري في الأدب.
كذلك قال بعض أصحابنا البغداديين : أن النبي (ص) لم يقتل المنافقين بعلمه فيهم ولم يأت أنه قامت بينه على نفاقهم فلذلك تركهم .
وأيضاَ فأن الأمر سراً أو باطناً وظاهرهم بالإسلام والإيمان  وأن كان من أهل الذمة بالعهد والجوار والناس قريب عهدهم بالإسلام ولم يتميز بعد الخبيث من الطيب .
وقد رأيت معنى ما حررته منسوباً إلى مالك بن أنس رحمه الله ولهذا قال (ص) لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه .قال : أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم .(حديث صحيح ) .
وهذا بخلاف إجراء الأحكام الظاهرة عليهم من حدود الزنا والقتل وشبهة لظهورها واستواء الناس في علمها وقد قال محمد بن المواز : لو أظهر المنافقون نفاقهم لقتلهم النبي (ص) وقاله القاضي أبو الحسن القصار .
وقال قتادة في تفسير قولة تعالى (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا* ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا* سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا *)[الأحزاب 60-62]
قال : معناه إذا أظهروا النفاق وحكى محمد بن مسلمه في المبسوط عن زيد بن أسلم أن  قوله تعالى (يأيها  النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم)[التوبة 73]نسخها ما كان قبلها وقال بعض مشايخنا : لعل القائل : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله  ، وقوله أعدل لم يفهم النبي (ص) منه الطعن عليه والتهمة له وأنما رآها من وجه الغلظ في الرأي وأمور الدنيا ولاجتهاد في مصالح أهل فلم يرى ذلك سباً ورأي أنه من الأذى الذي له العفو عنه والصبر عليه فلذلك لم يعاقبه .
وكذلك يقال في اليهود إذا قالوا : السلام عليكم ليس فيه صريح سب ولا دعاء إلا بما لابد منه من الموت الذي من لحاقه جميع البشر .
وقيل : بل المراد تسأمون دينكم والسأم والسآمة : الملال .
وهذا دعاء على سآمة الدين ليس بصريح السب ولهذا ترجم البخاري على هذا الحديث : باب إذا عرض الذمى أو غيره بسب النبي(ص) .
قال بعض العلماء : وليس هذا يتعرض بالسب وإنما هو تعريض بالأذى .
وقال القاضي أبو الفضل : قد قدمنا أن الأذى والسب في حقه (ص) سواء وقد صبر لهم (ص) على سحره وسمه وهو أعظم من سبه إلى أن نصره ا لله عليهم وأذن له في قتل من حينه منهم وإنزالهم من صياصهم وقذف في قلوبهم الرعب وكتب على من شاء منهم الجلاء وأخرجهم من ديارهم وخرب بيوتهم بأيديهم وأيد المسلمين وكاشفهم بالسب ،فقال : يا إخوة القردة والخنازير وحكم فيهم سيوف المسلمين وأجلاهم من جوارهم وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ،وحكم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .
فأن قلت : فقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه (ص)(( ما انتقم لنفسه في شيء يؤتي إليه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم الله)) صحيح البخاري في باب الأدب وباب قول النبي في يسروا ولا تعسروا
فأعلم أن لا يقتضي أنه لم ينتقم ممن سبه أو آذاه أو كذبه فأن هذه من حرمات الله التي انتقم لها وإنما يكون ما لا ينتقم له في ما تعلق بسوء أدب أو معاملة من القول أو لفعل بالنفس والمال مما لم يقصد فاعله به أذاه ولكن مما جلبت عليه الأعراب من الجفاء والجهل أو جبل عليه البشر من الغفلة كجبذ الأعرابي بإزاره حتى عنقه وكرفع الصوت الآخر عنده.
صـ 354-259مرحع سابق
الآيات الآمرة بالصبر والصفح هي:
قول الله تعالي : "لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذي كثيراً وأن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" آل عمران
وقوله الله تعالى: "ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فأعفوا وأصفحوا حتى يأتي الله بأمره أن الله على كل شيء قدير"البقرة
لقد جاء خبر الله الصادق بقوله (إن شانئك هو الأبتر) الكوثر
حكم من فعل ذلك دون قصد أو اعتقاد:
الوجه الأول:
تقدم الكلام في قتل القاصد لسبه والإزراء به وغمضه بأي وجه كان ممكن أو محال ، فهذا وجه بين لا إشكال فيه .
الوجه الثاني :-
لا حق في البيان والجلاء وهو أن يكون القائل لما قال في جهته (ص) غير قاصد للسب ،الإزراء ولا معتقد له ولكنه تكلم في جهته (ص) بكلمة الفكر، من لعنه أو سبه أو تكذيبه أو أضافه ما لا يجوز عليه أو نفى ما يحب له مما هو في حقه (ص) نقصيه مثل أن ينسب إليه إتيان كبيرة أو مداهنة في تبليغ الرسالة أو في الحكم بين الناس أو يغض من مرتبته أو شرف نسبه أو فور علمه أو زهده أو كذب بما أشتهر من آمور أخبر بها r  (وتواتر الخبر به عنه عن قصد لرد خبره أو يأتي بسفه من القول وقبيح من الكلام ونوع السب في جهته وأن ظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد ذمه ولم يقصد سبه إما لجهالة حملته على ما قاله أو  لضجر أو سكر اضطره إليه أو قله مراقبة وضبط للسانه وعجرفة وتهور في كلامه فحكم هذا الوجه الأول القتل دون تلعثم ، إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان ولا بشيء مما ذكرناه وإذ كان عقله في فطرته سليماً إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .
وبهذا أفتى الأندلسيون على أبن حاتم في نفيه الزهد عن رسول الله (ص) قدمناه وقال محمد بن سحنون في المأسور يسب النبي(ًص) في أيدي العدو : يقتل إلا أن يعلم تنصره أو إكراهه .
وعن أبي محمد بن أبى  زايد : لا يعذر بدعوى الزلل اللسان في مثل هذا وأفتى أبو الحسن القابسي :- فيمن شتم النبي (ص) في سكره : يقتل ، لأنه يظن به أنه يعتقد هذا ويفعله في صحوه .
وأيضاً فأنه حد لا يسقطه السكر ، كالقذف والقتل وسائر الحدود ولأنه أدخله على نفسه ولأن من شرب الخمر على علم من زوال عقله بها وإتيان ما ينكر منه فهو كالعامد لما يكون بسببه .
وعلى هذا ألزمناه الطلاق والعتاق والقصاص والحدود .
ولا يعترض على هذا بحديث حمزه وقوله للنبي(ص) وهل أنتم إلا عبيد لأبي ؛ قال : فعرف النبي (ص) أنه ثمل فانصرف ؛ لأن الخمر كانت حينئذ غير محرمة فلم يكن في جناياتها إثم ، وكان حكم ما يحدث عنها معفوا عنه كما يحدث من النوم وشرب الدواء المأمون


  الإنسان وحرية الاعتقاد


كفل الإسلام حرية الاعتقاد للناس أجمعين:-

اما عن حرية التعبير عن الاعتقاد فلم يفيدها إلا إطار عدم المساس بعقيدة التوحيد في الإسلام باعتبار أن الإيمان بالله الواحد يمثل حجر الأساس في مجتمع المسلمين، وفي هذا الصدد يقول البعض "إذا شئنا أن نحتكم إلى الدين إلى منهج الخطاب القرآني فإننا سنجد ساحة الحوار أوسع ما تكون ولا يحدها سوى ضرورة الحفاظ على جوهر الإيمان بالله حيث يظل المرء أن يكفر وحسابه على الله "حرية الاعتقاد" ولكن ليس له من حقه أن يدعو الآخرين إلى الكفر، والمقصود هنا هو الدعوى الصريحة إلى الشرك بالله سبحانه وتعالى وإذا يبدوا أن ذلك يقتضه تثبت الأساس الذي يبرز منه المجتمع الإسلامي شرعية ووجوده وهو حق مشروع إلا أنه يشكل في الوقت ذاته سياجا يحمى جوهر الاعتقاد في كافة الديانات السماوية وهذه الوجهة من النظر يعتنقها كثير من الفقهاء المحدثين والأقدمين إذا يرى هؤلاء أن الخروج من عقيدة التوحيد إلى الشرك بالله أو الكفر به أمر يتعلق بحرية الاعتقاد، حتى لو اعتبر في الإسلام من باب"عمل سوء" لقوله تعالى: "أن الشرك لظلم عظيم" سورة لقمان أية 13 أو بدليل قوله تعالى: "أن الذين آمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة أن الله على كل شيء شهيد" سورة الحج أية 17 فالدنيا كما يقول أحدهما "بلاغ ومتاع إلى حين"
فالفصل بين العقائد كما تشير إليه الآية الكريمة مؤجل إلى يوم القيامة ولكن التعبير عن هذه الحرية بالطعن في الدين بإنكار ما علم منه بالضرورة كالإنكار علانية لركن من أركانه أو بالسخرية أو الاستهانة أو التجريم أو الازدراء لأحكامه أمر يتعين على الدولة أن تصدى له بالعقاب
أ‌)       الحكم إنما يجرى على الظهار وأن السرائر موكولة إلى الله سبحانه وتعالى.
ب‌) أن الحكم بظاهر الكلام وأنه لا يترك الظاهر إلى غيره، ما كان له مساغ وأمكن فيه استعمال.
ذكر الإمام الخطابي الجملة الأولى حين شرحه قوله صلى الله عليه وسلم "أفلا شققت عن قلبه؟" مختصر سند داود"
 مخاطباً أحد الصحابة رضي الله عنهم وتعرض للجملة الثانية عن تعليقه على قوله صلى الله عليه وسلم بـ: "لاهلك المتنطعون ثلاث مرات".
صـ284
 وكذلك قوله تعالى: "وأما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين" سورة البينةالآية5  ((ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نوتيه أجراً عظيماً"))سورة النساء أية 114
 وأخر (( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله)) سورة البقرة الآية 265
فجميع هذه الآيات فيها دلالة واضحة على كون النية ركناً أساسياً في قبول الأعمال وصحتها فلما ذكر الله سبحانه وتعالى بالصدقة قرنا ثوابها بالنية وبالقصد الذي تتجه إليه القلوب.
وفي هذا المعنى قوله تعالى في ((لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبك)) سورة البقرة الآية 225 "
فلغو اليمن لا كفارة فيه ولا اعتبار له في نظر الشارع، لأنه مما جرى عليه اللسان عفواً من غير قصد بالقلب.
وقد ذهب ابن حزم إلى وجوب النية في جميع الأعمال والتصرفات فمن الأدلة التي أوردها في هذا الباب قوله تعالى: "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبكم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريبا" سورة
الفتح الآية18
وقوله تعالى "ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يونبهم الله خير الله أعلم بما في أنفسهم" سورة هود الآية31
وقوله تعالى: "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون"سورة المنافقون أية 1.
وبعد أن ساق هذه الآيات الكريمة وما سواها من الأدلة قال: "تصح بكل ما ذكرنا أن النفس هي المأمورة بالأعمال وأن الجسد آلة لها" فإن نوت النفس بالعمل الذي تصرف فيه الجسد وجهاً ما فليس لها غيره..وقد أخبر الله تعالى على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام أنه لا ينظر إلى الصور، فإذا لم ينظر إلى الصور فقد بطل أن يجزى عمل الصورة المنفرد عن عمل القلب الذي هو النية وصح أنه تعالى إنما ينظر إلى القلب وما قصد به فقط ولا بيان أكثر من تكذيب الله عز وجل المنافقين في شهادتهم أن محمداً رسول الله وهذا عين الحق وعنصره الذي لا يتم حق إلا به، فلما كانوا غير ناوين لذلك القول بقلوبهم صاروا كاذبين وهذا بيان جلي في بطلان كل قول وعمل لم ينو بالقلب.
فهذا كلام حسن يلقي ضوء على أهمية النية ومدى الاعتداد بها في ضوء النصوص أما الأحاديث الأخرى التي توصل هذه القاعدة بجانب الحديث المشهور الذي ذكرنا.
ومن شواهد القاعدة ما جاء في حديث طويل قوله صلى الله عليه وسلم "يبعثهم الله على نياتهم"                                        صحيح مسلم في كتاب الفتن.صـ308

 # الضرورات تبيح المحظورات:
وكذلك قول الله عز وجل "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" سورة النحل الآية106 فاللجوء إلى محظور عند الاضطرار والنطق بكلمة الكفر عند الإكراه مما عفا الله العباد عنه وسوغه لهم بإنزال آيات بينات فهذه القاعدة تعتبر من الأصول المحكمة الأصلية  في بناء الفقه الإسلامي وهي دليل في ذاتها على مرونة الفقه ومدى صلاحية واتساعه لحاجات الناس.

- الإسلام وحرية الرأي:
شمل القرآن الكريم عشرات الآيات تدعو إلى التفكر والتدبر والتي تستنكر الوقوف عند مشاهدة الظواهر المحسوسة فحسب دون تدبرها والتفكر فيها وفي العديد من الآيات وهي دعوى صريحة لأعمال الفكر والبحث عن البراهين والأدلة فيما يعترض الإنسان من مشكلات دينه او دنيوية وكان r يطلب من أصحابه أن يشروا عليه فيما ليس مرجعة إلى الوحي وقد ورد الحديث الشريف "شيروا على أيها الناس" وكان يقبل مشورة أصحابه حتى في أدق الأمور وأكثرها اتصالاً بحياته الشريفة كما حدث عن استشارته لعلي بن أبي طالب في شان حديث الأفك وناقشت امرأة عمر بن الخطاب وخالفته في رأيه حيث دعا إلى عدم التغالي في المهور فالإسلام يطلق حرية الفكر وبحث عليها باعتبارها أولى الضرورات للإنسان فلا تقيد إلا حماية العقيدة الإسلامية في أصولها التي تقوم عليها.
وقد أوجب الإسلام أصلاً اجتماعياً هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"سورة  آل عمران أية 104وفي ذلك دعوى للمجتمع إلى التفكير في الإصلاح وإعلان الرأي والدعوة له مما يقتضي أن تكون حرية الرأي ذات سند ديني فلم يصادر الإسلام حق الأفراد في هذه الحرية بل جعلها أصلاً في المجتمع الإسلامي.
ولقد دار الحوار في الإسلام بين أهل السنة والخوارج وأهل العقل وأهل النقل وبين المعتز له وإلا شاعرة وبين الفقهاء والمتصوفين واتسع لفرق عديدة تنتمي لمدارس فكرية مختلفة لتباعدة المناهج والأفكار وماعدا ما يخص الحرص على الدين (فأن مجال حرية الرأي مكفولة دون خوف او تهيب في كل شئون الحياة من زراعة وصناعة وتجارة وسياسية غير ان المعتقدات الأصلية في الإسلام والأصول المقررة في الشريعة ينبغي أن تكون في الدولة الإسلامية فوق حرية الرأي وليس هذا قيدا على الحرية ولكنه ضمان أكيد لها.
فحرية الرأي في الإسلام مرتبطة بالإطار الشرعي والذي لا يجوز للمسلم تجاوزه فالإنسان في الإسلام مقيد بالشرعية ولا يسمح له مطلقاً بالمناداة بإزاء الكفر والإلحاد)
مرجع من كتاب:الحماية الجنائية لأسرار الأفراد في مواجهة النشر –د/طارق أحمد فتحي سرور سنة1991م
# حسن القصد وخلوص النية:
حسن القصد في التعبير عن الرأي يتمثل في اتجاه نية القائل بقوله الله عز وجل وإذا كان التوجه إلى الله بالأعمال مطلوباً للتقرب إليه فإن القول يعد من أعظم الأعمال التي يجب أن يتوافر فيها ذلك عملاً بقول الله تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة".
فالإخلاص لله بالقول هو الذي يجب أن يوجه أقوال القائلين بحيث يتجرد القائل عن الهوى والغرض ليبتغي بقوله وجه الله عز وجل وهو إن يتوفر تلك الغاية النبيلة فوق سلم من التجاوز الذي يمكن أن يوهم به التعبير عن الرأي يصحابه إلى مسألة جنائية ومدنية.
صـ135 التعسف في استعمال حق النشر ودراسة الفقه مقارنة في الفقهين الإسلامي والوضعي سنة1426هـ -1995م
# القاعدة الأولى – الأمور بمقاصدها :-
أولاً معنى هذه القاعدة/ أن كل أمر يقوم المكلف بألاتيان به قولا ً أو فعلاً إنما يعتبر بحسب نيته وبحسب ما قصده من هذا الفعل أو القول وسيحاسب بحسب نيته ومقصودة.
ثانياً :- الأصل في القاعدة /
الأصل في هذه القاعدة قول النبي r" إنما الأعمال بالنيات "وقولةr " نية المؤمن خير من عمله " وقوله أيضا "لا الهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية "وفي السنن الأربعة ما روى من حديث عقبه بن عامر "أن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة "وفيه "صانعته يحتسب صنعته الآجر " ما رواه النسائي من حديث أبي ذر " من آتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى "وما روى في معجم الطبراني من حديث صهيب " أيما رجل تزوج امرأة فنوى أن لا يعطيها من صداقها شيئاً مات يوم يموت هو زان وأيما رجل اشترى من رجل بيعاً فنوى أن لا يعطيه من ثمنه شيئاً من ثمنه مات يوم يموت وهو خائن "
وفيه أيضا من حديث إمامه :- (( من أدان ديناً وهو ينوي أن يؤديه فمات ؛ قال الله يوم القيامة :- " ظننت أني لا اخذ لعبدي بحقه  ؟ فيؤخذ من حسناته فتجعل في حسنات الآخر ؛ فأن لم يكن له حسنات آخذ من سيئات الآخر فجعلت عليه )).
أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث ؛"حديث الأعمال بالنية" وحديث" من أحدث في أمرنا هذا ليس منه فهو رد" وحديث " الحلال بين والحرام بين "
وقت النية ومحلها
وقال البيضاوي :- النية عبارة عن انبعاث من القلب نحو ما يراه موافقاً من جلب النفع أو دفع الضرر أو مالاً والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه .
والحاصل أن هنا أصلين :
 الأول أنه لا يكفي التلفظ باللسان دونه ، أي دون القصد القلبي لذلك .
الثاني أنه لا يشترط  مع القلب التلفظ .
ومما يتفرع عن اللفظ الأول وهو عدم الاكتفاء بالتلفظ دون القلب
1-     لو أختلف التلفظ باللسان عن النية القلبية فأن العبرة في ذلك بما نواة بقلبه دون التلفظ بلسانه
وعلى ذلك فلو نوى بقلبه الوضوء وبلسانه التبرد صح الوضوء وأن عكس تلفظ بالوضوء وكان ناوياً بقلبه التبرد فلا يصح الوضوء وكذلك لو نوى بقلبه الظهر وتلفظ بالعصر أو بقلبه الحج وبلسانه العمرة فإن العبرة ما نواه بقلبه وهكذا فإن العبرة بنية القلب لا بتلفظ اللسان.
2-  ومن ذلك أيضا :- ما لو سبق لسانه إلى لفظ اليمين من غير قصد القلب فلا تعقده هذه اليمين لعدم قصده لها ولا كفارة في ذلك وأن قصد الحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره فلا تنعقد أيضا ولا كفارة تتعلق بها .
هذا في الحلف بالله تعالى أما أن وقع ذلك في الإيلاء أو الطلاق أو العتق لم يتعلق به شيء باطناً أن لم يقصده ولكنه لا يقبل ظاهراً لأن حق الغير تعلق به وقد ذكر الغرافي أن العادة جرت بإجراء ألفاظ اليمين بلا قصد بخلاف الطلاق والعتاق فدعواه فيهما تخالف الظاهر فلا تقبل

 # شروط النية وما يترتب عليها :-

الشرط الأول الإسلام :- فلا تصح من غير مسلم .
ويتفرع من ذلك أن العبادات لا تصح من الكافر لبطلان نيته بغير الإسلام.
الشرط الثاني :- التمييز فلا تصح من غير مميز ولا من مجنون وعلى ذلك فلا تصح العبارة منهما .
 الشرط الثالث : العلم بالمنوي :
فمن جهل فرضية الوضوء والصلاة لم ينوى فعلها قال البغوي وغيره وقال الغزالي الذي لا يميز الفرائض من السنن تصح عبادته بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض فإن قصده لم يعتد به وأن غفل من التفصيل فنية الجملة كافية.
الشرط الرابع :- أن لا يأتى بما ينافي النية:
وعلى ضوء ذلك فلو ارتد في أثناء الصلاة أو الصوم أو الحج والتيمم بطل ،ولكن لو ارتد في أثناء الوضوء أو الغسل لم يبطلا وذلك لأن أفعالهما غير مرتبطة ببعضها إلا أنه لا يحسب المغسول في زمن الردة.
# ناقل الكفر ليس بكافر:-
السؤال أيضا يقول ناقل الكفر ليس بكافر هل هذا صحيح ام لا ؟
الشيخ : هو أن قصد انه حديث فليس بحديث وان قصد انه كلام لأهل العلم فهذا صحيح إن ناقل الكفر ليس بكافر بمعنى أن الإنسان الذي يحكي قول الكفار لا يكفر.
هذا آمر معلوم لأهل العلم وحسب النظر أيضا فانك إذا قلت قال فلان ان الله ثالث ثلاثة أو ما أشبه ذلك فأنة لا يعد ذلك كفراً منك لأنك إنما تحكي قول غيرك .
موقع من إنترنت أجاب الشيخ محمد بن صالح العثمني الخيرية
س/ اعمل مترجمة وكثيراً ما الترجم لطلاب الدراسات العليا بعض البحوث والكتب مؤخراً جاءني نص فلسفي قيل لي أول الأمر انه ديني ثم بعد أن باشرت بترجمته وجدت فيه الكثير من الكفر الذي علي أن أنقله إلى العربية  ولم أستطع أن أفعل ذلك وأخبرني ربانيون بأني لا أشعر بالارتياح وأخبرني أن هذا الموضوع سيفدني للحاجة من قد أصادف من الملحدين ومن شيا بهم وقيل، أن ناقل الكفر ليس بكافر بحيث كلما وردت كلمة تنكر وجود الله أختار كلمة تشير ان أولئك الذين يعبدون  دونه ؟أريد مشورة؟
على المسلم ان يتقي الله تعالى وان يعظم ربه ويقدره حق قدرة ويتجنب الكفر وكل وسيلة تفضي اليه ، فلا يسوغ له أن يحكي او ينقل الكفر إلا إذا كان لمصلحة شرعية راجحة ، كأن تكون هذه المقالة ألكفريه ظاهرة منتشرة فله ان يحكيها من اجل التحذير منها والزجر عنها او من اجل ردها ودحضها لمن كان عنده أهليه وكفاءة فان كان الأمر كذلك فله ان بنقلها وقد يكون متعيناً في الأحوال وفي حق أشخاص معينين ، والله اعلم .
موقع من إنترنت اجابه الفتوى من فضيلة الشيخ د/ عبد العزيز عبد اللطيف
#بعض المنهيات شرعاً:-
يحرم قول الشخص لمسلم :- يا كافر لحديثين متفق عليهما الأول (( عن أبن عمر رضي الله عنهما قال الرسول r إذا قال الرجل لأخيه يا كافر ؛ فقد باء بها أحدهما "أي متصفاً بها فأن كان كما قال ؛ وألا رجعت عليه ))
أي أن كان المقول به كافراً ؟ فهو من أهلها ؛وان لم يكن المقول له كافراً رجعت الكلمة الموجهة لهذه التهمه على القائل .
الحديث الثاني :- ((عن أبي ذر رضي الله عنه :- أنه سمع الرسول (ص) يقول ((من دعا رجلاً بالكفر أو قال :عدو الله ؛وليس كذلك إلا جار الله عليه )) أي رجع إليه ومعنى الحديث من نادى رجلاً بقوله :يا كافر أو وصفه به وليس المخاطب كافراً ولا عدواً لله ورجع الاتهام على المنادى أو الوصف وهذا دليل على تحريم وصف المسلم بالكافر ومن وصف مسلماً بالكفر وأعتقد كفره دون دليل واضح أو قاطع عليه فقد كفر لأنه جعل الأيمان كفراً.
 من كتاب أخلاق المسلم وعلاقته بالخالق أ.د/وهبه الرحيلي
خلاصة البحث
1.  لم يختلف المشرع اليمني في وضع تعريف الردة وكذلك عقوبتها  وأركانها واخذ بمذهب جمهور العلماء ولم يخصص كيفية الردة وكتفا بقوله ويعتبر ردة ًالجهر بأقوال أو أفعال تتنافى مع قواعد الإسلام وجعلها بشكل عام كما بينتها  نص المادة ( 259)من قانون العقوبات (( كل من ارتد عن دين الإسلام يعاقب بالإعدام بعد الاستتابة ثلاثاً وإمهاله ثلاثين يوماً ويعتبر ردة ًالجهر بأقوال أو أفعال تتنافى مع قواعد الإسلام وأركانه عن عمد أو إصرار فإذا لم يثبت العمد أو الإصرار وأبدي الجاني  التوبة فلا عقاب ))

2.   القصد الجنائي /ويشترط لوجود جريمة الردة أن يتعمد الجاني إتيان الفعل أو القول ألكفري وهو يعلم بأنه فعل أو قول كفري فمن أتى فعلاً يؤدي إلى الكفر لا يعلم معناها فلا يكفر  ومن حكي كفراً سمعه ولا يعتقد ه لم يكفر وكذلك من جرى على لسانه الكفر سبقاً من غير قصد
3.    أجمع العلماء أن شاتم النبيr المنتقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله  وحكمه عندهم القتل
ودليل ذلك قال تعالى ( ولئن سألتهم ليقولن أنما كنا نخوض ونلعب قل بألله و آياتهه ورسوله كنتم تستهزؤن * لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم أن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) [ التوبة 65،66] 
قال تعالى في مثله ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ) [التوبة 74]
وفي الحديث الصحيح : أمر النبي (ص) بقتل كعب بن الأشرف . وقوله :من لكعب بن الأشراف ؛ فأنه يؤذي الله ورسوله (1) ووجه إليه من قتله غيله دون دعوة بخلاف غيره من المشركين ؛ علل قتله بأذاه له ؛ فدل ان قتله إياه لغير الإشراك ؛ بل للأذى
4. اسباب عفو النبي  صلى الله عليه وسلم عن بعض من آذاه: أن النبي rكان أول الاسلام يستألف عليه الناس ويميل قلوبهم ويحبب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم ويداريهم ويقول لأصحابه "إنما بعثت مبشرين ولم تبعثوا منفرين"حديث صحيح
ويقول (( لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه))حديث صحيح راوة البخاري في المغازي.
اما اذا اظهروا النفاق قال قتادة في تفسير قولة تعالى (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا* ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا* سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا *)[الأحزاب 60-62]  اى  يقتلوا
وكذلك يقال في اليهود إذا قالوا : السام عليكم ليس فيه صريح سب ولا دعاء ولا دعاء إلا بما لابد منه من الموت الذي من لحاقه جميع البشر .
وقيل : بل المراد تسأمون دينكم والسأم والسآمة : الملال .
وهذا دعاء على سآمة الدين ليس بصريح السب ولهذا ترجم البخاري على هذا الحديث : باب إذا عرض الذمى أو غيره بسب النبي(ص) .
قال بعض العلماء : وليس هذا يتعرض بالسب وإنما هو تعريض بالأذى
5. اما عن حرية التعبير عن الاعتقاد فلم يفيدها إلا إطار عدم المساس بعقيدة التوحيد في الإسلام باعتبار أن الإيمان بالله الواحد يمثل حجر الأساس في مجتمع المسلمين.
6. أن مجال حرية الرأي مكفولة دون خوف او تهيب في كل شئون الحياة من زراعة وصناعة وتجارة وسياسية غير ان المعتقدات الأصلية في الإسلام والأصول المقررة في الشريعة ينبغي أن تكون في الدولة الإسلامية فوق حرية الرأي وليس هذا قيدا على الحرية ولكنه ضمان أكيد لها.
فحرية الرأي في الإسلام مرتبطة بالإطار الشرعي والذي لا يجوز للمسلم تجاوزه فالإنسان في الإسلام مقيد بالشرعية ولا يسمح له مطلقاً بالمناداة بإزاء الكفر والإلحاد)
7.   الأمور بمقاصدها /أن كل أمر يقوم المكلف بألاتيان به قولا ً أو فعلاً إنما يعتبر بحسب نيته وبحسب ما قصده من هذا الفعل أو القول وسيحاسب بحسب نيته ومقصودة.
الأصل في هذه القاعدة قول النبي r" إنما الأعمال بالنيات "وقولةr " نية المؤمن خير من عمله "
8.  ناقل الكفر ليس بكافر /هو أن قصد انه حديث فليس بحديث وان قصد انه كلام لأهل العلم فهذا صحيح إن ناقل الكفر ليس بكافر بمعنى أن الإنسان الذي يحكي قول الكفار لا يكفر.هذا آمر معلوم لأهل العلم وحسب النظر أيضا فانك إذا قلت قال فلان ان الله ثالث ثلاثة أو ما أشبه ذلك فأنة لا يعد ذلك كفراً منك لأنك إنما تحكي قول غيرك  ،وعليه ممكن ان نقيس هذا على نقل الرسوم ألكراكتيه مع عدم نية  الأساءه على جملة القول السابقة
9.على المسلم ان يتقي الله تعالى وان يعظم ربه ويقدره حق قدرة ويتجنب الكفر وكل وسيلة تفضي اليه ، فلا يسوغ له أن يحكي او ينقل الكفر إلا إذا كان لمصلحة شرعية راجحة ، كأن تكون هذه المقالة ألكفريه ظاهرة منتشرة فله ان يحكيها من اجل التحذير منها والزجر عنها او من اجل ردها ودحضها لمن كان عنده أهليه وكفاءة فان كان الأمر كذلك فله ان بنقلها وقد يكون متعيناً في الأحوال وفي حق أشخاص معينين ، والله اعلم .
  10. يحرم قول الشخص لمسلم :- يا كافر لحديثين متفق عليهما الأول (( عن أبن عمر رضي الله عنهما قال الرسول r إذا قال الرجل لأخيه يا كافر ؛ فقد باء بها أحدهما "أي متصفاً بها فأن كان كما قال ؛ وألا رجعت عليه ))
11. وعليه فأن الحكم إنما يجرى على الظهار وأن السرائر موكولة إلى الله سبحانه وتعالى ويحكم بظاهر الكلام وأنه لا يترك الظاهر إلى غيره، ما كان له مساغ وأمكن فيه استعمال.
ودليل ذلك ذكر الإمام الخطابي الجملة الأولى حين شرحه قوله صلى الله عليه وسلم "أفلا شققت عن قلبه؟" مختصر سند داود

انتهى،،،
والله ولى الهدية والتوفيق،،،















ليست هناك تعليقات: