من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

السبت، 18 فبراير 2023

التصدي الوجوبي والجوازي, وفق القانون اليمني

 

التصدي الوجوبي والجوازي, وفق القانون اليمني

. المقدمة:

من المبادئ الأساسية في التشريع الجنائي مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والحكم، أي الفصل بين النيابة العامة وقضاء الحكم, بمعنى أن القضاء لا يختص إلا بنظر الدعوى الجزائية التي ترفع إليه من الجهة التي خولها القانون هذا الحق وهي النيابة العامة، أي تقيد قضاء الحكم بالوقائع المرفوعة عنها الدعوى وبالأشخاص المتهمين باقترافها.

فقضاء الحكم يقضى في حدود ما يسمى بمبدأ عينية الدعوى وشخصيتها، وكل ما له في حدود هذا المبدأ هو أن يعدل في حكمه الوصف القانوني للوقائع المسندة غلى المتهم, وذلك بإضافة الظروف المشددة أو المخففة التي تثبت امامه من التحقيق النهائي واستثناء من ذلك, فقد خول المشرع القضاء الجزائي حالات التصدي وهي نوعان: هما التصدي الوجوبي والتصدي الجوازي.

اولا: التصدي الوجوبي:

 تعريفه:

عرف الفقه الجزائي التصدي (بانه سلطة المحكمة إثناء نظرها دعوى جزائية معينة في إقامة دعوى جزائية ثانية لوجود صلة بينهما, سواء أكانت هذه الصلة تتعلق بالوقائع في الدعويين أم بالمتهمين فيها ويحدد القانون هذه الصلة)

ثانيا: الحكمة من التصدي الوجوبي:

هو تخويل القضاء نوع من الاشراف والرقابة على سلطة النيابة العامة إذا اتضح للمحكمة تقصير النيابة العامة في أداء واجبها, أو أنها لم توجه الاتهام على النحو الذي ينبغي عليها أن توجهه به.

ثالثا: حالات التصدي الوجوبي:

نظم المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية الحالات التصدي (في إقامة الدعوى الجزائية من المحكمة) في المادة (32) إ.ج، والتي نصت على أنه

{ إذا رأت المحكمة الابتدائية في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى.. غير المسندة فيها إليهم أو أن هناك جريمة مرتبطة بالتهمة المعروضة أمامها فعليها أن تحيلها غلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الثالث من الكتاب الثاني من هذا القانون.

وإذا صدر قرار بإحالة الدعوى غلى محكمة جاز للمحكمة إحالتها غلى محكمة أخرى وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطاً لا يقبل التجزئة جاز إحالة القضية كلها غلى محكمة أخرى}                                                                       بمعنى انه تكون المحكمة ملزمة بالتصدي إذا رات اثناء نظرها لدعوى مرفوعة أمامها توافر احدى الحالات والشروط التالية:

الحالة الأولى: وجود وقائع اقترفها المتهمون الذين رفعت الدعوى عليهم لم ترفع بها الدعوى الجزائية.

ويشترط في هذه الحالة أن لا يكون في إمكان المحكمة إضافتها للدعوى بناءً على سلطتها في تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة، سوء أكانت هذه الوقائع منسوبة غلى الجميع من رفعت الدعوى عليهم أم بعضهم، وسواء أكانت مرتبطة بالدعوى المسندة غلى المتهمين أم مستقلة عنها.

ـ مثال هذه الحالة: رفع دعوى غلى المحكمة عن جريمة ضرب نشأ عنها عاهة مستديمة، ثم يكشف التحقيق المحكمة عن اقتراف المتهمين أو بعضهم جريمة سرقة.

الحالة الثانية: حالة وجود متهمين آخرين لم ترفع الدعوى عليهم:

ـ مثال هذه الحالة: رفع دعوى جزائية في جريمة قتل ضد الفاعل ويقدم للمحكمة, ثم تكشف أثناء نظرها لموضوع الدعوى أن ثمة أشخاص آخرين ساهموا معه في اقترافها لم تشملهم الدعوى المرفوعة وكان يجب أن تشملهم, سواء كانوا فاعلين اصيلين أم شركاء أم تمثلوا مع الفاعل أم قدموا مساعدة سابقة أو معاصرة أو لاحقة على اقتراف الجريمة.

الحالة الثالثة: وجود جريمة مرتبطة بالتهمة المرفوعة بها الدعوى لم تشملها الدعوى المرفوعة, سواء كان الارتباط بسيطا أم لا يقبل التجزئة:

ـ مثال للارتباط لا يقبل التجزئة: أن يقدم متهم في جريمة اختلاس فيبن للمحكمة وقوع جريمة تزوير لإخفاء جريمة الاختلاس ارتكبها متهم آخر مشترك في جريمة الاختلاس

ـ مثال الارتباط الذي يقبل التجزئة (البسيط): أن ترفع دعوى ضد متهمون باقتراف جريمة معينة فيبين للمحكمة أن هناك جريمة مماثلة اقترفها شخص آخر مساهم معهم في اقتراف الجريمة المرفوعة بها الدعوى.

رابعا: شروط حالات التصدي الوجوبي:

1ـ أن تتوافر احدى حالات التصدي الوجوبي.

2ـ أن يكون القضاء الجزائي قد اتصل بموضوع الدعوى الاصلية اتصالات صحيحا للحكم فيها:

ـ وهذا الشرط يتضمن شقين:

الشق الأول: أن يكون القضاء الجزائي قد اتصل بالدعوى الجزائية الاصلية المرفوعة امامة اتصالا صحيحا.

الشق الثاني: أن يكون اتصال القضاء الجزائي بالدعوى الاصلية يهدف غلى إصدار حكم فاصل في موضوعها.

3ـ أن تتكشف للمحكمة الوقائع الجديدة والمتهمين الجدد أثناء نظرها موضوع الدعوى المرفوعة امامها.

4ـ أن يكون إقامة الدعوى الجزائية الجديدة جائزا قانونا.

5ـ أن يكون اتصال المحكمة بالموضوع متعلقا بالدعوى الجزائية.

خامسا: نطاق سلطة القضاء الجزائي في حالات التصدي الوجوبي:

نصت المادة (32) إ.ج، على أنه:

{ إذا رأت المحكمة الابتدائية في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى.. غير المسندة فيها إليهم أو أن هناك جريمة مرتبطة بالتهمة المعروضة أمامها فعليها أن تحيلها غلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الثالث من الكتاب الثاني من هذا القانون.

وإذا صدر قرار بإحالة الدعوى غلى محكمة جاز للمحكمة إحالتها غلى محكمة أخرى وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطاً لا يقبل التجزئة جاز إحالة القضية كلها غلى محكمة أخرى}

وكذلك المادة (33) من ذات القانون بقولها:

{ لمحكمة الطعن الاستئنافية عند نظر الاستئناف نفس الصلاحيات المقررة في المادة السابقة ويجوز في هذه الحالة أن تكون الإحالة غلى محكمة ابتدائية أخرى غير التي أصدرت الحكم المستأنف ويكون النقل في جميع الأحوال بقرار من رئيس المحكمة طبقاً للقانون}

وأيضا المادة (34) من ذات القانون بقولها:

{ للدائرة التي تنظر الموضوع بناءً على الطعن في المرة الثانية في المحكمة العليا نفس الصلاحيات المقررة في المادتين السابقتين}

ـ أي أن سلطة القاضي الجزائي في المحكمة في أحوال التصدي الوجوبي تقتصر على تحريك الدعوى الجزائية وإحالتها غلى النيابة للتحقيق فيها، ومن ثم لا يجوز للقاضي الذي تصدى وحرك الدعوى الفصل فيها، بل يفصل فيها قاضي آخر من أعضاء المحكمة التي يعمل فيها القاضي.

ملاحظة: قرار التصدي الذي تصدره المحكمة يجب أن يكون صريحا، ولا يشترط أن يكون مسببا، وهو قرار لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، لأنه ليس حكما في الدعوى بل مجرد أجراء أولى من إجراءات تحريكها.

ثانيا: التصدي الجوازي:

أ ـ بينت المادة (35) إ.ج، التصدي الجوازي بقولها:

{:للمحكمة في حالة نظر الموضوع إذا وقعت أفعال من شأنها الإخلال بأوامرها أو الاحترام الواجب لها والتأثير في قضائها أو في الشهود وكان ذلك في صدد دعوى منظورة أمامها أن تقيم الدعوى الجزائية على المتهم طبقاً للمادتين (32 ، 33) وتقضي فيها}

 حالات التصدي الجوازي:

1ـ حالة ارتكاب جرائم من شانها الاخلال بالاحترام الواجب للمحكمة, وكان ذلك بصدد دعوى منظورة امامه.

2ـ حالة ارتكاب جرائم من شأنها الاخلال بأوامر المحكمة, وكان ذلك بصدد دعوى منظورة امامها.

3ـ حالة اقتراف جرائم تنطوي على التأثير في قضاء المحكمة, إذا كان ذلك بصدد دعوى منظورة امامها.

4ـ حالة اقتراف جرائم تنطوي على التأثير في الشهود الذين يشهدون أمام المحكمة إذا كان ذلك بصدد دعوى منظورة امامها.

 الحكمة من التصدي الجوازي:

يوفر للقضاء جو من الهدوء والنائي به عن المؤثرات لكي يتمكن من تحرى الصدق والموضوع والحياد وتحقيق العدالة المأمولة, وتعد عاملا مهما للمحافظة على استقلال القضاء والمحافظة على هيبة المحاكم وفرض احترامها.

 شروط صحة التصدي الجوازي:

1ـ توافر احدى حالات التصدي الجوازي

2ـ أن يكون تحريك الدعوى الجزائية من القضاء الجزائي بمناسبة دعوى معروضة عليه.

3ـ أن تكون الجريمة التي وقعت ويجوز للقضاء الجزائي أن يحرك الدعوى الجزائية عنها من شأنها الاخلال بأوامره أو بالاحترام أو بالاحترام الواجب له.

ينطاق سلطة القضاء الجزائي في أحوال التصدي الجوازي:

 خول المشرع للقضاء الجزائي سلطة تحريك الدعوي، أما الفصل في الدعوى فلا يخرج عن أحد فرضين:

1ـ أما أن يفصل في الدعوى الجديدة محل التصدي القاضي الذي تصدى إذا كانت المحكمة التي تصدت مشكلة من قاضي فرد وهو الذي تصدى وحرك الدعوى.

2ـ وإما أن يفصل فيها قاضي آخر غير الذي تصدى إذا كانت المحكم التي تصدت مشكلة من أكثر من قاضي، بحيث يكلف في هذه الحالة قاضي آخر غير القاضي الذي تصدى للفصل في الدعوى محل التصدي.

 

المراجع:

1ـ قانون الإجراءات الجزائية اليمني.

2ـ د/ عبد الباسط محمد الحكيمي، شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني.

 

إعداد المحامي/ نوح محمد بن محمد الحداء

 

 

 

ليست هناك تعليقات: