بطلان الإجراءات في حال تحريك
الدعوى بدون اذن ، الحصانة واثرها على تحريك الدعوى الجزائية
المعلوم من القانون بالضرورة ان اقامة الدعوى الجزائية (قرار الاتهام) كنشاط اجرائي تبدأ من لحظة تحريكها،
وهي تبدأ بأول عمل تباشره النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق او
اتهام على إثر اخطارها بأي وسيله بنبأ وقع الجريمة.
"المرجع: د/ محمد محمد
سيف شجاع، شرح قانون الاجراءات الجزائية اليمني، ط2013، ص39.
وإذا كان الاصل ان النيابة العامة هي
صاحبة الاختصاص الاصيل في موائمة تحريك الدعوى الجزائية، وفقاً لمقتضيات الصالح
العام باعتبارها ممثلة عن المجتمع، فإن المشرع يشترط في بعض الاحوال اتخاذ اجراء،
يصدر من غيرها حتى يمكن لها تحريك الدعوى الجزائية، بحيث لا تستطيع النيابة
العامة تحريكها الا بعد صدور هذا الاجراء، وبتعبير اخر يعد هذا الاجراء قيداً او
عقبة اجرائية يتعين زوالها حتى يمكن للنيابة العامة ان تحرك الدعوى الجزائية.
وعلى هذا فإن سلطة النيابة العامة في
تحريك الدعوى الجزائية في هذه الحالات لا ينشأ من هذا الاجراء، وانما يمثل هذا
الإجراء مجرد عقبة يتعين زوالها عن طريق تحريك الدعوى الجزائية الذي تملكه النيابة
العامة باعتبارها ممثلة عن المجتمع.
"المرجع: أ.د/ مأمون سلامة،
الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، ص82، د/ محمد محمد شجاع، مرجع سابق، ص77.
وقد يتمثل هذا القيد في صورة شكوى من
المجني عليه بالنسبة لجرائم الشكوى، وقد يعلقها على طلب من جانب جهة معينة، وقد
تتوقف على صدور اذن من هيئة معينة بالنسبة للجرائم التي تقع من الاعضاء الذي
ينتمون اليها.
"المرجع: محمد محمد
شجاع، المرجع السابق، ص77.
والاذن كقيد من قيود رفع الدعوى الجزائية (قرار الاتهام) يقصد
به، " بتصريح الهيئة
التي ينتمي لها شخص معين متهم بجريمة باتخاذ الاجراءات الجزائية ضده، وهو
ينطوي بالضرورة على اقرار هذه
الهيئة بانها لا ترى في هذه الاجراءات المتخذة في مواجهة ذلك الشخص كيداً او تعسفا
وهذه الحصانات لا تقرر لمصلحة شخص من تقررت له، وانما للمصلحة العامة، واهم
حالتين للإذن الحصانة البرلمانية والحصانة القضائية.
"المرجع: أ.د/ مطهر علي
صالح انقع، المرجع السابق، ص122،
ومن بين الحالات المقررة للإذن
كذلك الحصانة المقررة لأعضاء مجلس الشورى ، بصريح
نص المادة (106) رقم (39) لسنـ 2002م بشأن
اللائحة الداخلية لمجلس الشورى التي نصت على ذلك بقولها:
[لا
يجوز أن يتخذ نحو عضو مجلس الشورى أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التفتيش أو
القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي إلا بإذن من هيئة الرئاسة ....]
وكذلك المادتين (108،107) من ذات القانون اللتين
بينتا اجراءات تقديم طلب الاذن برفع الحصانة عن عضو مجلس الشورى واجراءات نظرة وكيفيته وشروط الفصل فيه حيث نصت المادة (107) على
أن:
[يقدم
طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو إلى رئيس المجلس من وزير العدل ويجب أن يرفق بالطلب
أوراق القضية المطلوب اتخاذ إجراءات جزائية فيها أو صورة من عريضة الدعوى المزمع رفعها
مع المستندات المؤيدة لها ويحيل الرئيس الطلب إلى لجنة الشئون الدستورية والقانونية
والقضائية لبحثه وإبداء الرأي فيه ويكون نظره في اللجنة أو المجلس بطريق الاستعجال.]
فيما اشترطت المادة (108) في الاذن صدوره بقرار من
المجلس بالأغلبية المطلقة بقولها: -
[...،
ويتخذ المجلس قراره بشأن رفع الحصانة بالأغلبية المطلقة لأعضائه]
وهذه
الحصانة المقررة لأعضاء مجلس الشورى هي ذات الحصانة المقررة لأعضاء مجلس النواب في
المادة (203) من القانون رقم (1) لسنـ2006م بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب
والتي تقضي بأن:
[لا
يجوز أن يُتخذ نحو عضو مجلس النواب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو القبض أو الحبس
أو أي إجراء جزائي إلا بإذن من مجلس النواب ما عدا حالة التلبس، وفي هذه
الحالة يجب إخطار المجلس فوراً، وعلى المجلس أن يتأكد من سلامة الإجراءات وفي غير
دورة انعقاد المجلس يتعين الحصول على إذن من هيئة الرئاسة ويخطر المجلس عند أول
انعقاد لاحق له بما اتخذ من إجراءات]
وكذلك المادتين (205،204) من ذات
القانون اللتين بينتا اجراءات تقديم طلب الاذن برفع الحصانة عن عضو مجلس النواب
واجراءات نظره وكيفية وشروط الفصل فيه، بذات النحو والشكل والاجراءات والشروط والكيفية
المقررة في المادتين (108،107) من القانون رقم (39) لسنـ 2002م بشأن اللائحة
الداخلية لمجلس الشورى.
وهذه
الحصانة تشكل مانعاً قانونياً يحول دون ممارسة النيابة العامة سلطة تحريك
اجراءات الدعوى الجزائية او رفعها امام القضاء ضد أيا من اعضاء المجلسين الا
بأذن يصدر عن مجلس النواب بالنسبة للجرائم المنسوبة لأيا من اعضاءه وعن مجلس
الشورى بالنسبة للجرائم المتعلقة بأيا من اعضاءه، ويصدر بناًء على طلب بالإذن برفع
الحصانة يقدم من وزير العدل وينظر بالإجراءات المنصوص عليها قانوناً بالشكل والكيفية،
والشروط المقررة لذلك في المواد القانونية أنفة الذكر.
واذا لم
تلتزم النيابة العامة، أو تتقيد بتلك الاجراءات يعد مخالفة منها لأحكام القانون
مخالفة جسيمة
وبالتالي/
فإن المترتب على تلك المخالفة اثرين قانونيين هامين: -
الاثر
الاول/ بطلان اجراءات رفع الدعوى الجزائية العامة بطلاناً متعلق بالنظام العام:
فكرة
البطلان في العصر الحديث ترتبط كل الارتباط بأهداف القاعدة الإجرائية الجنائية
ومنها تحقيق الفاعلية الجنائية، وتتمثل في حماية المصالح الآتية: -
1-
الضمانات
المترتبة على قرينة البراءة.
2-
ضمانات
التنظيم القضائي.
3-
الضمانات
التي يشترطها القانون لمباشرة سلطة الادعاء الجنائي أو سلطة الادعاء المدني التبعي
(شروط استعمال الدعوى الجنائية والقيود الواردة على حرية النيابة في تحريكها او
رفعها، وشروط قبول الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائي).
"المرجع: د/ أحمد فتحي سرور، الشرعية
الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية القاهرة،
1993م. ص373."
ولذا يترتب
على مخالفة قواعد الحصانة بطلان الاجراء الذي يتخذ ضد عضو المجلس ، وهذا البطلان
يتعلق بالنظام العام، فيجوز الدفع به في اية مرحلة كانت
عليها الدعوى، ولو لأول مرة امام المحكمة العليا، ويتعين على المحكمة ان تقضي به
من تلقاء نفسها، ولا يصحح الاجراء الباطل رضاء عضو المجلس به لأنه ليس مقرر
لمصلحته الشخصية وانما بصفته الرسمية تبعاً للمصلحة العامة، وما دامت الحصانة
مقررة للمصلحة العامة فلا يجوز التنازل عنها، واذا رفعت الدعوى الجزائية دون الحصول على الاذن، يتعين على المحكمة ان
تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها ولا يجوز لها تأجيلها انتظار لصدور الاذن.
"أ.د/ مطهر على صالح
انقع: المرجع السابق، ص126."
"أ.د محمد نجيب حسين،
شرح قانون الاجراءات الجنائية، مرجع سابق، رقم 152، ص151."
وهذا
الاثر هو عين ما قررته المادة (397) من قانون الاجراءات الجزائية بقولها: -
[إذا
كان البطلان راجعا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بكيفية رفع الدعوى الجزائية
... أو العيب الإجرائي الجوهري المهدر لأي حق من حقوق المتقاضين فيها أو غير ذلك مما
هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به من جميع الأطراف في أية حالة كانت عليها
الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها و ...]
الاثر
الثاني/ لزوم الحكم بعدم قبول الدعوى الجزائية كأثر مترتب قانوناً على بطلان
اجراءات رفعها:
لما
كان عدم القبول نوع من انواع الجزاء الاجرائي الذي يقرره القانون على مخالفة احكامه،
ومفهوم هذا الجزاء هو ان المشرع يتطلب –احياناً –
مفترضات خاصة يجب اتخاذها قبل مباشرة الاجراء، ومفترضات الاجراء امور يتطلب
القانون تقديمها على اتخاذه، ويترتب على انعدامها انعدام الحق في اتخاذ الاجراء، أي
ان يكون الاجراء غير مقبول بمعنى ان الاجراء "غير
المقبول" في ذاته قد يكون صحيحاً ولكن
لم تتوفر واقعة مستقلة عنه، وسابقة عليه يعلق القانون عليها جواز اتخاذه.
وأغلب ما يرد عليه "عدم القبول"
الطلبات التي تقدم الى المحكمة ومنها على سبيل المثال:
-
رفع
دعوى بدون شكوى م/27 اجراءات جزائية
-
او
بدون اذن مجلس القضاء الاعلى في جرائم القضاء م/26 إجراءات جزائية.
-
او
بدون اذن مجلس النواب بالنسبة لجرائم اعضائه م/28 من الدستور، م/203 من قانون
اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
-
أو
بدون طلب م/206 من قانون الجمارك...الخ
"المرجع: أ.د/ مطهر علي صالح انقع، شرح
قانون الاجراءات الجزائية، القسم الثاني، الاجراءات السابقة على المحاكمة، مرجع
سابق، ص29،30.
د/ محمود نجيب حسني، المرجع
السابق، برقم 276، ص358.
"د/ إدوار غالي الذهبي،
الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة
الاولى 1980م ص626.
-
وكذلك
يرد عدم القبول على رفع الدعوى الجزائية بدون اذن مجلس الشورى بالنسبة
لجرائم اعضاءه م/ 106 من قانون اللائحة الداخلية لمجلس الشورى سالفة
الذكر.
ومسالة
عدم قبول الاجراء الجزائي من المسائل الاولية التي ينبغي على المحكمة الجزائية ان
تتعرض لها قبل نظر الموضوع.
"المرجع: -أ.د/ مطهر علي
صالح انقع، المرجع سابق، ذات الصفحة
-د/ عبد الفتاح الصيفي،
النظرية العامة للقاعدة الاجرائية الجنائية، جامعة بيروت العربية، بيروت، طبعة
1974، بد رقم 85، ص161.
فإذا
رفعت الدعوى الجزائية دون الحصول على الاذن وجب على المحكمة الجزائية ان تقضي بعدم
قبولها من تلقاء نفسها ولا يجوز لها تأجيلها انتظار لصدور الاذن كما سبق البيان في
الاثر الاول.
أ.
فهمي عقيل ناجي
انعم.
أ.
احمد التعزي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق