من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

السبت، 18 فبراير 2023

الفرق بين التمالؤ, والاشتراك بالجريمة

 

الفرق بين التمالؤ, والاشتراك بالجريمة

تمهيد:

أورد مشرع القانون الشرعي حديثاً مفصلاً عن احكام الاشتراك في الجريمة تحت عنوان (المساهمة في الجريمة) ونضم تلك المواد من (21_30)، وقد قسم حالات الاشتراك الممكنة إلى ستة اقسام وهي:

 المباشر _ التسبب _ التمالؤ_ المساعدة _التحريض_ التآمر، وتكون جريمة القتل مثال يسهل على القارئ فهم الفرق بين كل نوع من أنواع الاشتراك بالجريمة.

الأساس الذي تقوم عليه فكرة المساهمة أن الجريمة تتم باشتراك عدد من الأشخاص يساهمون بأفعالهم في اقترافها, وهذا يعني أنه لابد من تعدد الفاعلين ووحدة الجريمة، وتعدد الفاعلين شرط بديهي إذ لو كان الفاعل واحداً لما كان هناك شيء اسمه اشتراك أو المساهمة.

 ووحدة الجريمة أمر بديهي ايضاً إذا كانت الجرائم متعددة بحيث كان كل واحد من المجرمين قد ارتكب جريمته مستقلاً عن الاخر, فإن حاله الاشتراك لا تتوفر حتى ولو تم تنفيذ تلك الجريمة في مكان واحد وزمان واحد.

ومن جهة أخرى فإن المجرم الفرد لا يمكن أن تنهض بأفعاله المتعددة حالة اشتراك في الجريمة، إذ لو وقعت من المجرم الواحد عدة جرائم قام بها بمفرده لما قامت حالة الاشتراك وإنما تقوم حالة تعدد الجرائم، ومن ثم كان تعدد الفاعلين ووحدة الجريمة هو الضابط المميز لها عن غيرها, ويمكن توضيح هذا الضابط على النحو التالي:

إذا كان الفعل واحداً والفاعل واحداً والنتيجة واحدة، فالجريمة جريمة بسيطة.

إذا كانت الأفعال متعددة وكان الفاعل واحداً والنتيجة واحدة فالجريمة جريمة واحدة, متتابعة الأفعال.

إذا كانت الأفعال متعددة والفاعلين متعددين والنتيجة واحدة فالجريمة اشتراك أو مساهمة, وهو موضوع بحثنا.

إذا كان الفعل واحد والفاعل واحد والنتائج متعددة, فهو تعدد في الجرائم.

 

تنقسم المساهمة:

إن المساهمة باعتبارها تتم بمعرفة عدد من الفاعلين تثير قضية هامة, وهي أن تعدد الأفعال وتعدد الفاعلين يقتضي تحديد الدور الذي لعبة كل فعل في اجداث النتيجة, ومن ثم تحديد نصيب كل فاعل من المسئولية عن فعلة الذي ساهم به في احداث النتيجة، وهذا التحديد ليس أمراً يسيراً ومن ثم كان لابد من وضع الضوابط التي تضبط عملية تحديد هذه، وبصفه عامة فإن الفقه الوضعي قد قسم المساهمة إلى اصلية وتبعية, واساس هذا التقسيم هو خطورة المشاركة الواقعية في احداث النتيجة أو عدم خطورتها.

ولكن قياس درجة الخطورة التي اتصف بها مشاركة الشخص ليس امراً يسيرا,ً الا أن ذلك الفقه قد اجتهد في وضع معيار في تحديد نوع المساهمة التي قام بها الشخص في مقارفة الجريمة، وكان الراي الراجح هو الذي يجعل المعيار المميز بين العمل التنفيذي والعمل التحضيري، فيكون المساهم الأصلي هو من يكون فعلة جزءاً من الفعل التنفيذي للجريمة، أما المساهم التبعي فهو من يكون فعلة مجرد عمل تحضيري فقط.

في شرج احكام المساهمة وفقاً للمشروع القانون الشرعي للجريمة والعقوبات ، فإذا كان المشروع قد جعل صور المساهمة ست صور كما سبق ، فإنه يمكن تصنيفها إلى صنفين وذلك بجعل الثلاث الصور الأولى صوراً للمساهمة الاصلية ، وجعل الثلاث الصور الأخيرة صور للمساهمة التبعية, وهذا التصنيف لم يشير اليه المشرع صراحة ولكن تبناه ضمناً ، وذلك لأنه جعل العقوبة في الحالات المساهمة الأولى وهي المباشر و التمالؤ, والتسبب عقوبة تامه باعتبار الفاعل فيها مرتكباً للجريمة ومسئولاً عنها مع غيره ، في حين العقوبة في حالات المساهمة الأخيرة وهى المساعدة والتحريض والتآمر عقوبة خفيفة تعزيرية ، بالإضافة إلى أنه سوى في هذه الصور الثلاث في الحكم ، ثم أنه اخذ بذات التسميات التي اخذت بها النظم العقابية التي جعلت هذه النظم العقابية الصور من صور المساهمة التبعية.

ومن اجل ذلك فأننا سوف ندرس احكام المساهمة الاصلية في الجريمة في مبحثين بحيث نجعل المبحث الأول للمساهمة الاصلية، وفية نتحدث عن المباشرة والتمالؤ والتسبب، ونجعل المبحث الثاني للمساهمة، وفية نتحدث عن المساعدة والتحريض والتآمر.

 

المساهمة الاصلية في الجريمة:

المساهم الأصلي هو من يأتي بدور رئيسي في ارتكاب الجريمة, وذلك بالقيام بالفعل التنفيذي لها أو  التدخل في الأفعال التنفيذية لها ، إن كانت تتكون من عدد من الأفعال, وقد تم ذكر هذا النوع من أنواع المساهمة في المادة21  من قانون العقوبات اليمني:

 ((يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالي الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها ويعد فاعلاً بالواسطة من يحمل على ارتكاب الجريمة منفذاً غير مسئول- هذا ولو تخلفت لدى الفاعل بالواسطة صفة يشترطها القانون في الفاعل ويعد فاعلين من يقومون معاً بقصد أو بإهمال مشترك بالأعمال المنفذة للجريمة))

 

المساهمة المباشر:

عرفت المادة 21 من قانون العقوبات اليمني المساهمة المباشرة:

 ((يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالي الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها....)) والحديث عن المباشر في فكرة أو المساهمة يقتضي أن الجريمة قد تمت بمباشرة عدة اشخاص اتصفت افعالهم بالكفاية الذاتية لتحقيق الجريمة، وهذا يعني أن لابد من تعدد الفاعلين ولابد أن يكون فعل كل واحد منهم كافياً لتحقيق النتيجة التي اشترك فيها مع غيره.

وتعدد الفاعلين قضية موضوعي يكفي لتوافرها أن يكون الفعل المكون للجريمة قد قام به أكثر من شخص, ولا أهمية لعدد الأشخاص من الناحية المبدئية ما دام أكثر من شخص، فيكون الحد الأدنى لذلك شخصيان ولا يوجد حد اقصى، إذا أن ترتكب الجريمة بعدد كبير أو قليل من الأفعال الصادرة عن عدد كبير أو قليل من الأشخاص.

الأفعال المباشرة:

لا يقصد بالأفعال المباشر هنا تلك التي تحقق النتيجة فوراً ومباشرة, إنما يقصد بها ذات الفعالية القوية التي تستطيع تحقيق النتيجة بمفردها لو انفردت، ولذلك فإن ضابط المباشرة بحسب النص السابق انما يستند إلى فعالية الفعل وليس إلى فورية الأثر.

والقضية الأساسية في موضوع المساهمة بطريق المباشرة هي تحديد طبيعة الأفعال الكافية لذلك وضبط صفتها، إذا من الواضح أن الامر يقتضي أن يكون الفاعل المباشر قد اقترف فعلاً يتميز بكونه واحداً من الأسباب الرئيسية التي افضت إلى قيام الجريمة.

ويكون الفعل سبباً رئيسياً كلما كان مؤدياً إلى قيام الجريمة، وهذا يتفق مع عبارة النص المذكور انفاً إذ اشترط في فعل المباشرة أن يكون مؤدياً بذاته إلى تحقيق النتيجة، أي كافياً وحده لو انفرد.

وعند تطبيق النص انفاً الذكر على جريمة القتل نجد يجعل الشخص فاعلاً منفذاً إذا كان فعلة قد أحدث الوفاة سواء بمفرده أو مع غيره، ومن ثم فإن المساهمة بهذا الطريقة في جريمة القتل تعني انه لابد أن يتعدد الفاعلون المساهمون في هذا الجريمة بأفعال محدثه للوفاة، حالاً أو مالاً، ويكفي التعدد في الفاعلين أن يكونوا أكثر من واحد، ويكفي للتعدد من الأفعال أن يكون كل فاعل قد أحدث فعلاً واحداً.

ولكن هل يشترط في الفعل المساهم المباشر أن يكون كافياً لحقيق الوفاة منفرداً

لقد عرفت المادة رقم 21 انفاً الفاعل بانه من يتحقق بسلوكه عناصر الجريمة, ثم وصفت الفاعلين بانهم من يقومون معاً بالأعمال المنفذة للجريمة، ونعتقد أن هذا الوصف لا يوجب اشتراط الكفاية الذاتية لفعل كل واحد من المساهمين المباشرين, أي باننا نعتقد يكفي لاعتبار الشخص مساهماً بطريق المباشرة أن يكون قد فعل مع غيره فعلاً يعتبر الشخص مساهماً بطريق المباشرة أن يكون قد فعل مع غيره فعلاً يعتبر واحداً من الأسباب المباشرة لأحداث الوفاة ،ويصح أن يكون الفعل سبباً مباشراً اذا كان ابتدأ به فاعله سلسلة الأسباب التي تتابعت بفعل عوامل أخرى فأحدثت الوفاة ، فاذا وقعت جريمة قتل واتضح أن عدة اشخاص قد ساهموا في اقترافها, وان أفعال البعض كانت ابلغ اثراً من أفعال البعض الاخر ولكن جميعها احدث الوفاة فانه يصح القول بانهم جميعاً قاتلون بطريق المباشرة، وهذا يعني أن المباشر هو من يفعل فعلاً يكفي بذاته أو مع غيره لأحدث الوفاة.

بيان احكام التنفيذ المباشر:

للمساهمة بالمباشرة احكام تفصيلية متعددة اوجزها صاحب شرح الازهار, وهو يبين حكم الجماعة تقتل واحداً, فذكر أن تعدد الجنايات المنسوبة إلى عدد من الفاعلين لا تخلو من احدى حالات ثلاث هي:

-       أن تكون كل جناية لو انفردت قتلت بالمباشرة, أي أنها تكفي لأحداث الوفاة مباشرة وبدون تراخ.

-       أن يكون كل واحدة قاتلة عادة بالسراية، أي انها تكفي لو تتابعت الأسباب وفق المجرى المعتاد للأمور لأحداث الوفاة.

-       أن تكون كل واحدة من الإصابات عاجزة على انفراد على أحدث الوفاة عادة ولكنها بانضمام بعضها إلى بعض أحدثتها.

 

المساهمة بطريق التمالؤ:

ذكرت المادة 21من قانون العقوبات التمالؤ (يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالي الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها....).

ويعر ف المتمالى بانه من يتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة، ويوجد في مكان حدوثها ومستعداً لارتكابها، وبحيث إذا تركها أحد المتمالئين لم تركها هو، وانما يكون تركه لها اكتفاء بمباشرة الاخر لها مادام معضوداً بوجوده، ولوكان رقيباً بشرط أن يكون مستعداً لتنفيذ ما اتفق علية.

فالتمالؤ إذا صورة خاصة من صور المساهمة تتميز عن غيرها بثلاثة شروط:

-       الاتفاق السابق على الاشتراك في ارتكاب الجريمة.

-       الوجود الفعلي في المكان الذي وقعت فيه الجريمة وزمن وقوعها.

-       الاستعداد لمباشرة العمل التنفيذي للجريمة.

وبيان هذا الشروط هو بيان لأحكام التمالؤ جميعاً باعتبارها أركانه التي يقوم عليها.

 شرط الاتفاق: يعني أن تلتقي ارادات المساهمين في ارتكاب الجريمة، وإبراز صورة له أن يلتقي المساهمون فيقعدون العزم على التعاون على ارتكاب الجريمة، أي أن يتامروا على ذلك العمل ويخططوا له قبل البدء.

وأدنى صورة صور الاتفاق أن يكون كل واحد من هؤلاء المساهمون عالماً بانه ليس وحده معنياً بأمر ارتكاب الجريمة، أي انه يعلم بانه يفعل الفعل مع غيره، ولا يلزم بالضرورة أن يجلس المساهمون ويخططون في مجلس واحد يتآمرون على ارتكاب الجريمة أو يخططون لها وان كان ذلك الأصل.

شرط الوجود في مكان وزمان حدوث الجريمة:

ويعني هذا أن يكون المساهم حاضراً في مكان ارتكاب الجريمة ساعة ارتكابها، والحضور بهذا المعنى قضية واقعية يكفي لقيامها الوجود الفعلي في مسرح الجريمة، وزمن الحضور قضية واقعية كذلك، يكفي فيها أن يشهد المساهم الفعل التنفيذي الذي تقوم به الجريمة، أي يتوافر حضوره الفعلي في ذات الزمن الذي اقترفت فيه الجريمة.

وتعتبر الجريمة مرتكبة في كل لحظة تم فيها الفعل التنفيذي لها كله أو بعضه, ومن ثم  يكفي لقيام شرط الوجود أن يكون الحضور قد تم في أي مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة مادام الفعل الاجرامي لم ينتهي بعد، فإن كان قد انتهى فلا قيمه لذلك الحضور، أي لا يقوم به شرط الوجود المطلوب لقيام حاله الاشتراك بالتمالؤ وذلك لان الاشتراك بهذه الصورة يقتضي الحضور الذي تصح به المشاركة في ارتكاب الجريمة، أي اقترف الفعل التنفيذي فإن كان قد تم اقترافه فإن المشاركة فيه بعد ذلك تكون مستحيلة ، ولا يقدح في صحة القول أن يكون الحضور اللاحق قد ساعد على اخفاء معالم الجريمة أو محو  ادلة اثباتها ، لان كل ذلك ليس جزء من الجريمة وانما هو جريمة أخرى قائمة بذاتها.

مكان ارتكاب الجريمة:

 لا بد أن يتوافر الوجود الذي تقوم به حاله التمالؤ في مكان محدد معين هو مكان حدوث الجريمة وهذا أمر بديهي، وذلك لان الوجود المطلوب مشروط بكونه استعداد للمشاركة الفعلية في العمل التنفيذي للجريمة، وهو لا يتم الا إذا تحقق في موضع ذلك العمل.

والمكان الذي يشترط الوجود فيه وهو كل بقعه يقع فيها العمل التنفيذي للجريمة كله أو بعضه, ولا أهمية لوصف المكان أو طبيعته أو حالته، إذ يكفي فيه انه مسرح للجريمة، ولكنه لابد تتم فيه الاعمال التنفيذية وما تستلزمه من ممهدات ومسهلات ومتممات.

شرط الاستعداد على لمباشر الجريمة:

لا يكفي الوجود الفعلي في مكان الجريمة لقيام حاله التمالؤ، ولو كان الموجود قد حضر تنفيذاً لخطة سابقة بينه وبين زملائه المقترفين لجريمة, بل ولو كان الحضور امر لا غنى عنه في تقديره وتقدير زملائه ( كان يكون قد اوكل اليه دور الرقيب أو المموه أو المشجع) انما لابد أن تقترن بذلك الوجود الفعلي نيه المشاركة في الاعمال التنفيذية للجريمة وان يجعل العملية الاجرامية قائمة قضيته التي لا يمكن تركها أو التراجع عنها، وانه انما جاء ليقترف الجريمة لا ليقوم بعمل ثانوي متعلق بها.

التمالؤ لا يكون في الجرائم الخطأ, لا يفوتنا أن نضع هنا ملاحظة هامه وهي أن لا يصح الحديث عن التمالؤ الا اذا كانت الجريمة عمدية أو على الأقل شبة عمديه، وذلك لان التمالى، لا أن يتفق مع غير على ارتكاب الجريمة، ولابد أن تنفيذ الجريمة بناء على هذا الاتفاق، ولابد أن يكون التمالئ مستعد على ارتكاب الجريمة مباشرة، وهذا كله يؤكد صفة العمدية.

المساهمة بطريقة التسبب:

عرفت المادة رقم في فقرتها الثانية المتسبب بانه:

 (من لا يحقق بذاته الجريمة وانما يكون سبباً في حدوثها، بان يتوقف على فعل المجني علية أو شخص اخر مسخر منه أو غير مسخر.....)

وقد يتبادر إلى الذهن أن التسبب يساوي السببية .... وهو غير صحيح إذا أن السببية كما سبق هي حكم عام في اغلب الجرائم، وهي تعني أن النتيجة قد حدثت بسبب الفعل أي افعل الفاعل قد كان هو السبب في حدوث النتيجة، وهذا ليس هو المعنى المقصود في مجال التسبب.

وكمثال لهذا الحالة المتسبب على هذا الأساس هو من يضع بفعلة السبب كحفر حفره في طريق الناس يقع فيها بعض المارة فيموت أو يصاب بأذى، وشهادة الزور بما يوجب عقوبة الإعدام فيقع تلك العقوبة على المشهود علية بسبب تلك الشهادة، ووضع السم في الطعام فيتناوله ويموت.

والسبب بهذا التحديد هو أمر لا يحدث شيئاً حتى يأتي من يستخدمه بطريقة تؤدي إلى النتيجة، فيجتمع من متسبب ومستخدم، فيكون بحسب القواعد العامة شريكين في احداث النتيجة التي حدثت.

ولكن لا يجوز أن يفهم من هذا القول أن التسبب دائماً يمثل صورة من صور المساهمة، أي لا يصح أن يفهم أن الاشتراك امر لازم لحاله التسبب، إذ يصح أن يكون المتسبب هو المسئول وحده عن الجريمة التي تحققت بسبب فعله كما أن يشترك معه متسببون ومباشرين.

وهذا يعني أن القواعد العامة في شان المساهمة تسري على حالات التسبب، فاذا ساهم أكثر من شخص في اقتراف جريمة قتل، وكان بعضهم متسببا فقط في اقترفها وكان البعض الاخر مباشراً لها باستخدام تلك الأسباب فإن الأول يعتبر مساهما فيها بالتسبب والأخر مساهما بالمباشرة.

ولكن يصح أن ينفرد المتسبب بالمسئولية عن الجريمة التي تسبب فيها وذلك إذا كان الذي استخدم شخصاً عديم الاهلية أو كان حسن النية، وتعرف هذا الحالة بالتسبب المعنوي.

التسبب الخطأ يفترض التعدي:

وحتى تنسب إلى المتسبب مسئولية جنائية ارتكاب الجريمة بطريق الخطأ يجب أن يكون السبب الواقع بفعله قد تم بطريق التعدي، أي أن فعله الذي أصبح سبباً للجريمة قد اتصف بعدم المشروعية بحيث كان واضع السبب مخالفاً للقوانين أو النظم المتبعة.

كما يصح أن يكون للمتسبب حكمان.

-       إذا كان المتسبب قد وضع السبب قاصداً في اقتراف الحريمة، فتمت كما قصد فهو مسئول عنها بطريق العمد، أي مسئولية جنائية كاملة عمدية.

-       إذا كان قد وضع السبب بإهمال وعدم حذر أو مخالفة للقوانين والأنظمة فهو مسئول عن النتائج المترتبة علية مسئولية خطئيه.

المساهمة التبعية في الجريمة:

اولاً: المساهمة بطريقة المساعدة:

المساعدة: هي تقديم العون إلى مرتكب الجريمة باي طريقة كانت وهي تقتضي أن يكون المساعد عالماً بانه انما يفعل ذلك اعانة الجاني.

وقد جاء المشرع القانون حديث عن المساعدة في المادة رقم 23:

(الشريك هو من يقدم للفاعل مساعدة تبعية بقصد ارتكاب الجريمة وهذه المساعدة قد تكون سابقة على التنفيذ أو معاصرة له، وقد تكون لاحقه متى كان الاتفاق عليها قبل ارتكاب الجريمة، أما المساعدة اللاحقة التي لم يتفق عليها قبل ارتكاب الجريمة كالإخفاء فيعاقب عليها كجريمة خاصة)

اذن المساهمة بغير التمالؤ تشمل الاشتراك بطريق التوافق أي المصادفة مطلقاً، فهي تتسع لبعض الحالات المساهمة بطريق مباشرة وبعض حالات المساهمة بطريق التسبب، فهي تعني كل اشتراك في الجريمة لم يكن باء على اتفاق سابق مطلقاً، ومن ثم فقصرها على حالات المساعدة يحتاج المساعدة إلى ما يدل عليه.

ضوابط المساعدة:

المساعدة هي العون المادي الذي يستعين به في ارتكاب الجريمة ولكنة عون لا يبلغ حد الاشتراك معه التنفيذ إذ المساعد هو من يعين الجاني بعمل لا يدخل ضمن الاعمال التنفيذية للجريمة وهذا يقتضي أن التنفيذ الفعلي للجريمة يكون بمعرفة فاعل أصلي (مباشر أو متسبب) وان المساعد انما قدم لذلك الفاعل دون أن يشاركه في التنفيذ.

وقد تتمثل في صورة عطاء مادي، كتقديم الأسلحة القاتلة أو المواد السامة أو المفاتيح أو نحو ذلك.

صور المساعدة:

 ويتضح مما سبق أن المساعدة يمكن أن تتم بصورتين.

-       صورة الاعمال المنجزة: وهي تلك الاعمال التي يستعين بها الجاني على البدء في جريمته ومثالها إعطاء، التعليمات والاشارات التي تيسر الجاني الوصول إلى مكان الجريمة أو توضح كيفية ارتكابها.

-       صورة الاعمال المسهلة والمتممة: وهي تلك الاعمال التي يستعين بها الجاني على السير في جريمته واتمام مراحلها النهائية، ومن امثلتها الاعمال المسهلة ترك الحارس أبواب المنزل مفتوحة لتيسر للصوص الدخول اليه.

حكم المساعدة اللاحقة:

 العون الذي يمكن تقديم للجاني قد يثمل في صور لاحقة على الجريمة بعد تمام الجريمة، والقواعد العامة تقتضي بان المساعد على الشيء هو من يعين الفاعل فعله، وهذا يعني أن أي عون لاحق على جريمة تامة مستقلة قائمة بذاتها، فإخفاء الجثة القتيل هذا العمل لا يعتبر مساعدة على جريمة القتل وانما هي جريمة مستقلة تسمى جريمة إخفاء جسم الجريمة أو جريمة تضليل العدالة أو جريمة إيواء الفارين من العدالة.

وقد اعتبرت مساعدة الجاني بعد تمام الجريمة نوعاً من المساهمة في ارتكابها ونرى أن تلك المساعدة انما هي جريمة مستقلة المساهمة في تلك الجريمة المستقلة.

المساهمة في التحريض:

المحرض هو: (من يغري الجاني على ارتكاب الجريمة فتقع الجريمة بناء على هذا الاغراء، ويشترط على لمعاقبته أن يبدا الفاعل في التنفيذ ومع ذلك تجوز المعاقبة على التحريض الذي لا يترتب عليه إثر في جرائم معينة.) وقد يكون التحريض بخلق فكرة الجريمة في ذهن الجاني ام كان ذلك بحثه أو تقوية عزيمته على ارتكابها فهو يفترض نشاطاً موثر مثير للرغبة في مقارفة الجريمة أو مقوياً لتلك الرغبة أن كانت قد وجدت قبل ذلك.

ولا أهمية للوسيلة التي يستخدمها المحرض لأثارة الرغبة, فقد تكون قولاً أو إشارة أو حركة على أي نحو، ولكن يجب أن تكون قد أحدثت         ذلك الأثر فعلاً أي حركت الرغبة ثم حققت الجريمة بناء عليها، أو على الأقل دفعت الجاني إلى البدء في التنفيذ.

الأصل أن المحرض انه مساهم في الجريمة وليس فاعلاً اصلياً، ومع ذلك يصح اعتباره فاعلاً للجريمة بطريق غير مباشرة كما في حالة الفاعل المعنوي، وقد سبق بيانها في الحديث عن المساهمة بالتسبب التام، كما يصح اعتباره فاعلاً اصلياً في جرائم معينة إذا ورد نص على ذلك في القانون.

التحريض العام:

الأصل في التحريض أن يكون خاصاّ، أي انصرف إلى فرد أو افراد معينين ولكن يصح مع ذلك أن يكون التحريض عاماً، أي موجه إلى عدد غير معلوم من الناس، وأبرز صورة له أن توجه وسائل الاغراء أو التأثير إلى الجمهور من الناس فتتحرك في الأشرار منهم الرغبة في ارتكاب الجريمة بناء على ذلك الاغراء أو التأثير، سواء كان ذلك التحريض بالقول الجهري أو الكتابة أو الايماء أو الصور أو الرموز أو أي وسيلة أخرى، والذي يميز هذا التحريض صفة العلنية التي تجعل التأثير أوسع نطاقاً أو ابعد مدى.

المساهمة بطرق الاتفاق:(التآمر)

التآمر هو: (من يتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة فتقع الجريمة بناء على هذا الاتفاق) فهو يقتضي اجتماع عدة ارادات على ارتكاب الجريمة ثم يقتضي أن ترتكب بناءً على ذلك الاجتماع.

فالاشتراك بطريق التآمر يقتضي عدم المباشرة وعدم الحضور، فهو قائم على الاتفاق فقط، فاذا تواطأ شخصان على قتل ثالث مثلاً واتفقا على القيام بالعمل التنفيذي للجريمة معاً فإن باشرا ذلك فهما مباشران وان باشر أحدهما وبقي الاخر وقفاً إلى جانبه مستعداً للمباشرة، فإن الأول مباشر والثاني متمالى، وان باشر أحدهما وتخلف الثاني الاخر ولم يحضر مطلقاً فهو شريك بالاتفاق، إذ أن مساهمته بهذا الكيفية تقوى زميله وتعضده معنوياً على الأقل.

ومعلوم أن المتآمر بانه شريك في الجريمة لا يعني استحقاقه لذات العقوبة التي يستحقها المباشر، وانما يعني أن له نصيباً من المسئولية عن تلك الجريمة.

عقوبة المساعد والمحرض والشريك:

اشارت المادة 24من قانون العقوبات لعقوبة المساعد والمحرض والشريك:

 (مادة (24) في الجرائم التعزيرية من ساهم في الجريمة بوصفة فاعلاً أو محرضاً أو شريكاً يعاقب بالعقوبة المقررة لها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك غير أنه إذا أختلف قصد مساهم في الجريمة عن قصد غيره من المساهمين عوقب كل منهم حسب قصده).

نستنتج مما ورد طيات هذا البحث إجابة إلى على السؤال موضوع البحث.

الفرق بين التمالؤ والاشتراك بالجريمة:

استناد إلى نص المادة 21 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني:

 (يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالي الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها ويعد فاعلاً بالواسطة من يحمل على ارتكاب الجريمة منفذاً غير مسئول- هذا ولو تخلفت لدى الفاعل بالواسطة صفة يشترطها القانون في الفاعل ويعد فاعلين من يقومون معاً بقصد أو بإهمال مشترك بالأعمال المنفذة للجريمة (نجد أن التمالو ما هو الا فرع من الأصل فهو الصورة الثانية من صور الاشتراك بالجريمة.

فقد حددت المادة سالفة الذكر الشروط التي يجب أن تتوفر في الشريك المتالى بما يلي:

-       الاتفاق السابق على الاشتراك في ارتكاب الجريمة.

-       الوجود الفعلي في المكان الذي وقعت فيه الجريمة وزمن وقوعها.

-       الاستعداد لمباشرة العمل التنفيذي للجريمة.

وفي حالة عدم توافر أحد الشروط سالفة الذكر إلى أحد حالات المساهمة التبعية في الجريمة في أحد حالاتها المذكورة في المادة رقم 22_23من قانون العقوبات اليمني وتم تحديد العقوبة الخاص بهذا النوع من الجرائم في المادة رقم 24:

في الجرائم التعزيرية من ساهم في الجريمة بوصفه فاعلاً أو محضراً أو شريكاً يعاقب بالعقوبة المقررة لها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك غير أنه إذا اختلف قصد مساهم في الجريمة عن قصد غيره من المساهمين عوقب كل منهم حسب قصده).

 

 المراجع:

•شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني القسم الخاص جرائم الاعتداء على الأشخاص_ الدكتور علي حسن الشرفي _اوان للخدمات الإعلامية.

•شرح الاحكام العامة للتشريع العقابي اليمني لمشروع القانون الشرعي للجرائم والعقوبات_ الدكتور علي حسن الشرفي_ دار المنار.

•قرار جمهوري بالقانون رقم (12) ل سنة1994 م بشأن الجرائم والعقوبات اليمني.

 

‘عداد / المحامي واعد القدسي.

 

ليست هناك تعليقات: