الفرق بين وسائل احتيالية
في جريمة النصب, والاحتيال والحيلة في التعاقد
تعريف الاحتيال:
هو الاستيلاء على مال منقول للغير
بخداعة وحمله على تسليم ذلك المال.
وعرف بأنه: استعمال الجاني وسيلة
من وسائل التدليس المحددة على سبيل الحصر, وحمل المجني عليه بذلك على تسليم الجاني
مالا منقولا للغير.
(محمد هشام صالح عبدالفتاح: جريمة
الاحتيال دراسة مقارنة: رسالة ماجستير في جامعة النجاح الوطنية كلية الدراسات العليا
٢٠٠٨م ص ٧).
تعريف الحيلة:
لم يعرفها القانون وإنما ذكر تطبيقات اجتمعت كلها في معنى واحد, هو أن الحيلة ما هي إلا مخالفه سواء للواقع أو للقانون أو لإرادة
الطرفين, أي أن الحيلة في القانون المدني يختلف مدلولها بحسب مصدرها والغاية منها,
فإما أن تكون من أحد طرفي العقد على الآخر بهدف ايهامه بغير الحقيقة وهي الحيل التدليسية
وإما أن تكون باتفاق الطرفين معا لإخفاء حقيقة
معينة يقصدانها معا وهي الحيل الصورية وإما أن تكون من المشرع الوضعي من أجل ضمان صياغة
خاصة للقانون أو العمل على تطويره وهي الحيل القانونية.
(محمد بن قادة خويره: الحيل كوسيلة
للتعاقد في القانون المدني جامعه وهران ٢ كليه الحقوق والعلوم السياسية: اطروحه للحصول
على شهاده الدكتوراه في القانون المدني 2016-2017 صفحه 19)
خصائص جريمة الاحتيال:
تمتاز جريمة الاحتيال بأنها من جرائم الأموال وذات طابع ذهني خاص, وجريمة
تقوم على تغيير الحقيقة كما أنها من الجرائم التي تستلزم غالبا التخصص والدراية من
قبل الجاني بمجال نشاطه, وهي من الجرائم المتجددة ومن الجرائم التي تشارك بها الضحية,
كما انها من الجرائم المركبة والمنتشرة, وهي من الجرائم التي تتأثر بوسائل التكنولوجيا
ومن الجرائم العابرة للحدود وهي من الجرائم التي يقل اهتمام المواطن العادي فيها (أي
ضعف جانب الوقاية والاهتمام) كما أنها من الجرائم ذات التكلفة العالية في الخسائر الناتجة
عنها كما انها من الجرائم التي تنتشر في المدن.
(دكتور مراد زريقات:
الاحتيال على شركات التأمين رابطة العالم الاسلامي الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد
والتمويل: ملتقى التأمين التعاوني الرياض المملكة العربية السعودية ٢٠٠٨ م صفحة ٦)
يشترط في محل الاحتيال:
١-أن يكون مالا قابلا للتملك وله
قيمه.
٢-ان يكون مالا منقولا أو غير منقول
(عقار).
٣- الطبيعة المادية لمحل الاحتيال حيث يكون له كيان مادي ملموس
بحيث يتصور تسليمه للمجني عليه إلى المحتال.
٤- أن يكون المال مملوك للغير فيتعين
أن يكون هدف المحتال هو الاستيلاء على مال مملوك للغير, يستوي في ذلك أن يكون مالكه
هو الشخص الذي وجه إليه الاحتيال مباشرة أو آخر قصده المحتال.
( دكتور محمد احمد محمد النونة المخلافي: مواجهة الاحتيال
في قانون الجرائم والعقوبات اليمني مجله الاندلس لعلوم الإنسانية والاجتماعية العدد
45 المجلد 8 يوليو سبتمبر 2021 ميلادي صفحه 156)
وقد قضت محكمة النقض المصرية أن جريمة الاحتيال لا تتحقق بمجرد الأقوال والادعاءات
الكاذبة إلا اذا كان قائلها قد صاحب الكذبة بمظاهر خارجية توحي للمجني عليه بصدق تلك الادعاءات الكاذبة فتحمل المجني عليه لتسليم المال إلى الجاني.
( الأستاذ الدكتور عبد المؤمن
شجاع الدين: طريق الاحتيال في القانون اليمني
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء
صفحة ٣).
فالمحتالون يعرضون بذكاء أكاذيبهم المدعومة بمظاهر خارجية في ايقاع هؤلاء
الضحايا في الوهم كون الاحتيال سهل التصديق سريع الانقياد للأفراد وخصوصا منهم السذج
والبسطاء, مما يؤدي بهم إلى تسليم أموالهم طوعا واختيارا دون إكراه أو وسيلة ضغط على
إرادتهم الحرة, ويرتكب الاحتيال عاده في النطاق الوطني إلا أنه مع التقدم التقني والتكنولوجي
ووسائل الاتصال والمعلومات تخطى الحدود الوطنية وأصبح عالمي.
(دكتور محمد احمد النونة المخلافي:
مرجع سابق صفحة 156)
ويلاحظ أن القانون اليمني لم يجرم
الشروع في جريمة الاحتيال حيث فتح الباب واسعا أمام النصابين والمحتالين لاستعمال مهاراتهم
وقدراتهم الإجرامية في هذا المجال طالما أن الأمر لا يتعدى الشروع, ولذلك نلاحظ كثرة
جرائم النصب والاحتيال إضافة إلى أن هناك تداخل في اليمن بين مفاهيم النصب والاحتيال
ومفاهيم الفهلوة والمغالطة والتذاكي والشطارة والرجالة, فلا تكاد تجد فارقا بين هذه
المفاهيم الهلامية المتداخل.
( الاستاذ الدكتور عبد المؤمن
شجاع الدين: طريق الاحتيال بالقانون اليمني صفحة ١)
أركان جريمة النصب والاحتيال ركنان هما:
١-الركن المادي ويشتمل على عنصرين:
العنصر الأول: خداع أي شخص بأي وجه
والثاني: الاستيلاء على أموال للغير
مستعينا بوسائل احتيال, من ضمن تلك الوسائل القيام بالدجل والشعوذة فيقوم المتهم بإيهام
المجني عليه بأنه في استطاعته علاجه من مرضه حتى يستولي على أمواله
٢-الركن المعنوي(سوء القصد) ويكون مصاحب للركن المادي.
( دكتور أحمد محمد الزين:
الاحتيال في القانون السوداني دراسة مقارنة بالقانون الانجليزي. جامعة شندي كليه القانون
مجلة العدل العدد 46 السنة الثامنة عشر 2016 م صفحة 13)
ووسيلة الاحتيال أو الركن المادي هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني في سبيل
تحقيق الغرض الذي يرمي إليه وهو الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو
توقيع على هذا السند أو الغائه أو إتلافه أو تعديله وكذلك من وسائل الاحتيال التصرف
في عقار أو منقول غير مملوك للجاني, فوسيله الاحتيال إذا إما أن تكون بالاستعانة بطريقة
احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة وإما أن يكون بالتصرف في عقار أو
منقول ويمكن إدخال انتحال الشخصية للحصول على من منفعة اقتصادية.
(م. د/يوسف مظهر احمد العيساوي: انتحال
الشخصية للحصول على منفعة اقتصادية كصورة من صور الاحتيال
نصت ماده 310 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على
ما يلي:
« يعاقب بالحبس مده لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من توصل بغير حق إلى
الحصول على فائدة مادية لنفسه أو لغيره وذلك بالاستعانة بطرق احتيالية( نصب) أو اتخذ
اسم كاذب أو صفه غير صحيحه»
اما في القانون المصري فقد نصت المادة 236 من قانون
العقوبات القانون رقم 58 لسنه 1937 على ما يلي:
« كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة
أو متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتياليه
من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي
أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو ايهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند
مخالصة مزور واما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق في التصرف فيه
وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحه»
وتمتاز جريمة النصب والاحتيال عن غيرها من الجرائم بعدة خصائص منها أنها اعتداء
على الملكية وتمثيل سلوك معقد من قبل الجاني وتعدد الاحداث وتسليم المجني عليه للمال للجاني طواعية.
(الشيخ عبد العزيز بن عبد
الرحمن بن سعد الشبرمي جريمه النصب والاحتيال قاضي التنفيذ بمحكمة مكة المكرمة مجلة
العدل عدد 39 رجب 1429 هجري ص١٨٥).
ثانيا: الحيلة
في القانون المدني:
الحيلة في القانون المدني انواع ثلاثة:
1- الحيلة أو القانونية(الافتراضية) وهي وسيلة عقلية لازمة لتطوير
القانون تقوم على اساس افتراض أمر مخالف للحقيقة دائما يترتب عليه تغيير حكم القانون
دون تغيير نصه.
2- حيل تدليسيه.
٣- حيل صورية.
(د/محمود عبدالرحيم الديب:الحيل
في القانون المدني. دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي: كلية الشريعة والقانون بدمنهور:
دار الجامعة الجديدة للنشر ص٢٢٢.)
وقد نصت ماده
125 من القانون المدني المصري على ما يلي:
« ويجوز ابطال العقد للتدليس اذا كانت الحيلة التي لجأ إليها أحد المتعاقدين
أو نائب عنه من الجسامة بحيث لولاهما لما أبرم الطرف الثاني العقد ويعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة اذا ثبت ان المدلس
عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة»
أما الحيل التدليسية فتعتبر هي جوهر التدليس الذي يفسد الرضا بل في الحقيقة
هي النشاط التدليسي ذاته وهي الركن المادي في التدليس وهي الوسائل التي يستخدمها المدلس
لإلباس الباطل بمظهر الحقيقة وتشمل في القانون الفرنسي كل مسلك يستهدف انشاء مظهر كاذب
وهي إما تكون حيلة قولية أو فعلية أو كتمان.
( دكتور محمود عبد الرحيم:
المرجع السابق صفحه 248)
ولم يكن للتدليس أي أثر على العقد قديما ولكن مع تطور القانون اصبح عيبا من
عيوب الإرادة حيث يجوز للمدلس عليه أن يطلب إبطال العقد وطلب التعويض إذا كان التدليس
هو الدافع للتعاقد وأن يكون صادرا من المتعاقد الآخر أو الغير أما الصور فيترتب عليها
آثار فيما يتعلق بطرفيها والغير فالصورية المطلقة يعتبر التصرف غير موجود وبالتالي
لا يكون له أي أثر بين المتعاقدين ففي عقد البيع الصوري تظل الملكية للبائع ولا تنتقل
للمشتري أما اثر الصورية بالنسبة للغير فقد أعطى القانون للدائن والخلف الخاص حق التمسك
بالعقد الصوري أو بالعقد الحقيقي.
(بن حاج زهيرة + بن قسيمة سامية:
الحيلة في القانون المدني والشريعة الإسلامية: مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق
تخصص القانون الخاص الشامل جامعة عبد الرحمن ميرا بجاية كلية الحقوق والعلوم السياسية
قسم القانون الخاص 2015- 2016 صفحة ٨)
أما الحيل الصورية يمكن القول أنها
على الرغم من تعددها واختلاف انواعها إلا انها تشترك في حقيقة واحدة هي أنها تخالف
الحقيقة المتفق عليها بين الأطراف, سواء كانت هذه المخالفة كلية أو جزئية وذلك حسب
نوع الصورية التي تعاقد عليها الطرفان, وهذا يعني أن جميع وسائل الصورية إنما هي وسائل
تخالف الحقيقة ولهذا أمكن إطلاق لفظ الحيل عليها باعتبارها مخالفة للحقيقة دائما.
(دكتور محمود عبد الرحيم مرجع
سابق صفحه 266)
وقد يقوم المورث قبل وفاته بالتصرف ببعض أمواله إلى بعض الورثة بقصد الحيلة
على الورثة الآخرين, مثل البيع لأحد الورثة بيعا صوريا بدون ثمن أو بثمن أقل من ثمن
المثل ولا ريب أن هذا البيع باطل إذا ثبت أن المورث لم يدفع ثمن المبيع أو كان الثمن
أقل من الثمن الحقيقي حسب ما قضى حكم الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 9/1/2013 في الطعن رقم 4657٥ .
( الدكتور عبد المؤمن شجاع
الدين: البيع حيلة لأحد الورثة: الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء)
ثالثا: الفرق بين الاحتيال في جريمة النصب والاحتيال
والحيلة في التعاقد:
١-التدليس في جميع الأحوال نشاط متجه إلى ايقاع شخص في الغلط وانما الاختلاف
بين نوعي التدليس هو اختلاف من حيث الدور القانوني, فالتدليس في القانون الجنائي وسيلة
الاعتداء على الملكية, والتدليس في القانون المدني عيب من عيوب الرضا أو خطأ موجب للتعويض
ويستتبع ذلك اختلاف في التكييف والاثار, فالأول تقوم به جريمة والثاني يستوجب فحسب
بطلان العقد والالتزام بالتعويض ويستتبع ذلك اختلاف بالشروط فالتدليس في القانون الجنائي
يستلزم استخدام إحدى وسائل التدليس المنصوص عليها, اما في التدليس المدني فيكفي صلاحيته
لخداع المتعاقد أي أنه يقاس بمعيار شخصي بحت.
(أ.د/علي محمد حسنين حماد:
الأساليب العدلية لمكافحة جرائم الاحتيال. جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية كلية
التدريب قسم البرامج التدريبية الحلقة العلمية تكامل جهود الأجهزة الأمنية والعدلية
في مكافحة جرائم الاحتيال 2006 الرياض صفحه 11).
٢-واذا كان قبول المدلس بسبب فعل قام به المتعاقد ولم يكن دافعا للتعاقد فإن ذلك يعتبر تدليس مدني
لا احتيال, وتأكيدا لذلك قضت محكمة النقض السورية بأن التدليس غير الدافع الذي يؤدي
بالمدلس إلى القبول بشروط ابهظ لا يعتبر احتيالا وانما هو تدليس مدني يعطي الحق في
التعويض لا الإبطال.
( محمد هشام صالح عبد الفتاح: جريمة الاحتيال دراسة
مقارنة قدمت الأطروحة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام
بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس فلسطين ٢٠٠٨ م صفحة 22)
٣-وإذا كانت جريمة الاحتيال والتدليس المدني يشتركان في أثرهما على نفسية
المجني عليه وهو إيقاعه في الغلط إلا أن كليهما يختلفان في أن التدليس المدني لا يتوقف
على قدر معين من الطرق الاحتيالية وإنما يكفي مجرد الكذب, بخلاف جريمة الاحتيال لا
تقوم بمجرد الكذب بل لابد من توافر نوع من الطرق الاحتيالية قدر المشرع أن اللجوء إليها
يمثل الحد الأدنى للخطر الاجتماعي الذي يستوجب العقاب الجماعي.
(علي بن محمد سفياني: تجريم
الاحتيال المصرفي في الشريعة والقانون دراسة تأصيلية تطبيقية رسالة مقدمة استكمالا
للحصول على درجة الماجستير في العدالة الجنائية تخصص التشريع الجنائي الإسلامي جامعة
نايف العربية للعلوم الأمنية كلية الدراسات العليا الرياض 2006 صفحة 48.)
٤-التدليس المدني يتعلق عادة بخاصية في الشيء، كدرجة جودة سلعة من السلع أو
موقع عقار من العقارات أو قابلية أرض للبناء أو عدم قابليتها ذلك. أما في حالة الاحتيال،
فإن الكذب فيه يصل إلى درجة الإيهام بشيء موجود بينما هو غير موجود.
(المستشار عدنان عبدالمجيد محمد والبسيوني عبده:
جريمة الاحتيال وفقا لنص المادة ٣٩٩ ع. أص٣).
إعداد/جهد الدين الصلاحي
إشراف الأستاذ المحامي/
سليمان الحميري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي