اجراءات انسحاب
الشريك من الشراكة قبل البدء بمشروع الشراكة, وفق القانون اليمني
المقدمة:
ولما كان عقد الشركة قائم على حرية التعاقد
كشرط من شروط أي
عقد،
حيث يعد عقد الشراكة من العقود
الرضائية، ولما كان للشخص المتعاقد حرية
انشاء الشراكة والدخول مع من يحبذ اختيارهم وفقا لمصالحه؛ فإن له الحق
في
الانسحاب
من
الشركة
لأي سبب, وفقا لشروط وإجراءات وضعها
القانون حفاظا للتوازن بين مصلحة الشريك المنسحب وبقية الشركاء.
يستطيع
الشركاء في عقد تأسيس الشركة أو في اتفاق لاحق أن يضعوا القواعد والشروط التي تنظم
مصالحهم, وتحكم حياة الشركة من لحظة إنشائها وحتى انقضائها وتصفيتها تطبيقاً لمبدأ
حرية التعاقد, بشرط لا يخالف هذا الاتفاق القواعد القانونية الآمرة, ولا يخالف
النظام العام.
غير أن
العقد قد لا يتضمن حلولاً لجميع الإشكاليات التي قد تطرأ على الشركة أثناء قيامها
واستمرارها, مما يؤدي إلى إثارة الخلاف بين الشركاء، وفي مثل هذه الحالات يتم
الرجوع إلى القواعد التي وضعها المشرع لحل مثل هذه الإشكاليات, ولا شك أن عملية الانسحاب
تكون قائمة على الاعتبار الشخصي, لذلك يعد انسحاب الشريك من الأسباب الخاصة التي
تختص بها شركات الأشخاص بأنواعها وأهمها شركة التضامن ولا يكون ذلك بالنسبة لشركات
الأموال، لأنها تكون كيانا مستقلا بذاته.
انسحاب (خروج)أحد الشركاء بقليل من
التفصيل:
تتأثر
الشركات المؤسسة على الاعتبار الشخصي كما ذكرنا آنفا وذلك بخروج أحد الشركاء
وانسحابه من الشركة, فلا يمكن للشريك كقاعدة عامة طلب الخروج من الشركة في أي وقت,
فحق الشريك في الانسحاب مقيد بعدة أمور, منها ألا تكون الشركة محددة المدة وأن
يكون انسحابه في وقت ملائم, سواء بالنسبة لباقي الشركاء أو للشركة ذاتها كشخص
معنوي مستقل.
ويمكن القول بصفة عامة أن الشريك يلتزم باحترام
العقد المتفق عليه, والبقاء في الشركة المدة المحددة بها, وسنتناول ذلك في عنصرين:
خروج الشريك من الشركة محددة المدة:
وفقا
للقواعد العامة يلزم العقد اطرافه بما جاء به, فهو يتضمن قوة ملزمة لأطرافه
باحترام كل احكامه وذلك تطبيقا للقاعدة العامة الشهيرة (العقد شريعة المتعاقدين, لا
يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين, أو للأسباب التي قررها القانون) .
ومع ذلك
تضمنت التشريعات المقارنة جواز الانسحاب لأي شريك وفق اعتبارات معينة, فاذا كانت
الشركة معينة المدة:
للشريك أن
يطلب من القضاء اخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة, وفي هذه
الحالة تنحل الشركة مالم يتفق باقي الشركاء على استمرارها.
والمقصود
بالأسباب المقنعة التي تبرر انسحاب الشريك على سبيل المثال:
1- إذا كان يمر بأزمة مالية,
ويريد التصرف في حصته في الشركة
2ـ إذا
كانت مدة الشركة طويلة, وتمثل قيدا على حرية الشريك.
خروج الشريك من الشركة غير محددة المدة:
وفي هذه
الحالة يحق للشريك ان ينسحب من الشركة بإرادته المنفردة بشرط اعلانه هذه الارادة إلى
بقية الشركاء قبل حصولها, ويكتفي إعلان الرغبة في الانسحاب من الشركة بأي طريق,
حيث لا يشترط الكتابة وفقا لمبدأ حرية الاثبات في المسائل التجارية, كما يشترط ان
يكون انسحابه في وقت مناسب ودون غش.
ولمحكمة
الموضوع مطلق تقدير الوقت المناسب وكذلك اسباب الانسحاب لعدم المساس بمصلحة الشركة
والشركاء, ومدى سوء نيته من عدمه. ومعنى ذلك أن للمحكمة سلطة قبول انسحاب الشريك
من عدمه, كما لها أن تحكم عليه بالتعويض.
ويرى
جانب من الفقه إمكان المحكمة اجبار الشريك على البقاء في الشركة.
مدى تنظيم المشرع اليمني لانسحاب الشريك, في قانون الشركات:
نظم المشرع اليمني حق الشريك في الانسحاب في قانون الشركات
التجارية, وجعل ذلك من الأسباب الخاصة لانحلال شركات الأشخاص وعلى رأسها شركة
التضامن, حيث أجاز للشريك أن ينسحب من الشركة بناء على مشيئته ورتب على ذلك حل
الشركة بقوة القانون, ما لم ينص عقد الشركة على استمرارها بين باقي الشركاء بمعزل
عن الشريك المنسحب, إلا أن المادة(45)تجاري أجازت لبقية
الشركاء الاتفاق على بقاء الشركة مالم يوجد نص في عقد الشراكة يمنعهم عن ذلك:
المادة(54):
3- يجوز لبقية الشركاء أن يقرروا بإجماع الآراء استمرار الشركة فيما بينهم بمعزل عن الشريك الذي توفى أو أفلس أو انسحب أو فقد الأهلية العامة, شريطة أن يجروا معاملة التسجيل والشهر القانونية< ما لم يكن الاستمرار تنفيذاً لنص صريح في عقد الشركة .
ولا ريب
أن تنظيم المشرع اليمني لحق الشريك في الانسحاب يعتريه القليل من القصور, حيث لم
يصرح بذلك صراحة كبعض التشريعات العربية المقارنة, حيث جُلّ ما تضمنه هو نص المادة
(45/2-ج)
1-تنحل شركة التضامن إذا تحقق أحد أسباب انحلال الشركات بصورة عامة.
...2- كما تنحل لأحد الأسباب التالية:
ج - انسحاب أحد الشركاء بناءً على مشيئته.
ووفقاً
لحكم هذه المادة فإنه في حالة إغفال الشركاء الاتفاق على أثر انسحاب الشريك على الشركة،
فإنها تنقضي بقوة القانون ما لم يكن متفقاً -قبل الانسحاب-على استمرارها بين باقي
الشركاء, وأجاز لهم الاتفاق لاستمرارها بعد انسحاب الشريك شريطة إجراء عملية
التسجيل والشهر كما ذكر آنفا.
ولما كان
المشرع اليمني قد أغفل ذكر الشروط اللازمة لصحة الانسحاب من الشركة إذا كانت غير
محددة المدة، وحكم الانسحاب من الشركة إذا كانت محددة المدة, مما يتوجب الرجوع إلى
القواعد العامة في القانون المدني لاستكمال هذا النقص, وكذا ما استقر عليه العرف
المنبثق من روح الشريعة والقانون.
ومن تلك
الشروط على سبيل المثال:
1- ألا يكون الانسحاب
تعسفي يهدف إلى الإضرار بالشركاء.
٢-ألا
يكون الانسحاب في الوقت التالي لتسجيل الشركة وقبل البدء بتنفيذ المشروع أو قد
بدأت بالتنفيذ, فإن التشريعات تحظر الانسحاب في الثلاث السنين الأولى من بدء
الشركة, والهدف من ذلك الحظر أن الشركاء قد تحملوا غرامات التأسيس والانطلاق, ولعل
تلك التكاليف تكون باهظة وتسبب لهم عبء لا يطيقونه, وغير ذلك من الشروط المقيدة لانسحاب
الشريك, حيث يكون تقدير ذلك لسلطة القاضي عند اللجوء إلى المحكمة من الطرف
المتضرر.
إجراءات انسحاب الشريك من الشركة في
القانون اليمني:
بناء على
ما تقدم في معرفة حق الشريك في الانسحاب؛ لابد أن يكون ذلك الانسحاب وفق إجراءات
وشروط وضعها المشرع, ليكون الانسحاب أمرا مقبولا من الناحية القانونية والعملية،
ولما كان المشرع اليمني لم ينص على إجراءات خاصة بالانسحاب, فإنه تم تلافي هذا
القصور بالرجوع إلى نص المادة (46) شركات تجارية, المنظمة لانحلال شركة التضامن بنصها:
(يجب تسجيل وشهر انحلال الشركة بنفس الطريقة التي سجلت وأشهرت بها وثيقة عقد تأسيسها, ما لم يكن انحلالها تنفيذاً لنص في هذا العقد)
وكذا نص
المادة(7)
:3 -تخضع إجراءات تعديل أوضاع الشركات وفقاً لأحكام هذا القانون للأحكام والإجراءات الخاصة بالتأسيس والتسجيل والنشر الواردة فيه.
وبالتالي
يتوجب الرجوع إلى الشروط والإجراءات المتبعة لتأسيس الشركة وتسجيلها كما يلي:
مادة (20) شركات:
يجب أن يسجل عقد تأسيس شركة التضامن وأي تعديلات تطرأ عليه في سجل الشركات التضامنية بمراكز المحافظات <وتحفظ نسخة من العقد وأي تعديلات عليه لدى إدارة الشركات, وأن يشهر في السجل التجاري في مركز المحافظة التي يكون فيها المركز الرئيسي للشركة, خلال شهر من تاريخ تسجيل عقد التأسيس أو تعديله.
ونص المادة (21): تسجل شركات التضامن وفقاً للإجراءات التالية:
أ-يقدم طلب التسجيل إلى المراقب أو مدير عام مكتب الوزارة بالمحافظة، وترفق النسخة الأصلية من العقد موقعاً من الشركاء جميعاً أمام المراقب أو من يفوضه خطياً, أو أمام مدير عام مكتب الوزارة بالمحافظة أو لدى المحكمة.
ب-يتضمن طلب التسجيل البيانات التالية:
1-
تاريخ تقديم الطلب
2-
اسم الشركة
3- نوعها
4-
غايتها ونطاق عملها
5- رأسمالها
6- أسماء الشركاء وحصه كل منهم في رأس المال.
7-
مركزها الرئيسي وعنوانها.
8- المدير أو المدراء المفوضين بالتوقيع عن الشركة بموجب عقدها المرفق.
9-
مدة الشركة إذا كانت محددة المدة.
ج-يوقع طلب التسجيل من المفوض أو المفوضين بالتوقيع عن الشركة, بموجب عقدها المرفق.
مادة (23) :
1-
بعد استكمال إجراءات التسجيل ، يقوم المراقب بتسليم المفوض بالتوقيع نسخة من استمارة طلب التسجيل, مبيناً فيها رقم التسجيل وتاريخه والرسم المستوفى بعد إلصاق الطابع المالي "الدمغة" المقررة لإعطاء النسخ, أو الصور وختم النسخة بخاتم إدارة الشركات والتوقيع عليها
2- يحتفظ المراقب بعقد الشركة الأصلي ونسخة طبق الأصل من استمارة طلب التسجيل< مثبتة عليها إجراءات التسجيل المبينة في الفقرة السابقة.
3- على الشركة أن تحتفظ بالاستمارة التي تثبت تسجيلها في مكان ظاهر من مكتب مركزها الرئيسي.
4- للشركة أن تحصل على العدد الذي تحتاجه من هذه الاستمارة مصدقة من المراقب< بعد دفع الرسوم وإلصاق الطوابع "الدمغات" المقررة.
وكذا تتبع نفس
الإجراءات المذكورة بالنسبة لشركة التوصية طبقا لنص
المادة
(54):
1- تطبق على تأسيس شركة التوصية وحلها حتى فيما يختص بالشركاء الموصيين القواعد الموضوعة لتأسيس شركات التضامن وحلها.
2- تخضع شركة التوصية بصورة عامة للقواعد المطبقة على شركات التضامن في كل ما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.
وأما بالنسبة لشركات المحاصة فلها أحكامها الخاصة
بها, حسب المواد التالية:
مادة
(55): فقرة رقم.2-لا تخضع شركة المحاصة لمعاملات الشهر المفروضة على الشركات التجارية الأخرى.
مادة (57): إذا اتخذت شركة المحاصة اسماً لها وتعاقد أحد الشركاء بهذا الاسم تعامل بحسب الأحوال, أما شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة وتسري عليها الأحكام الخاصة بها.
الخاتمة:
المشرع اليمني نص على
حق الشريك في الانسحاب بمشيئته, ورتب على ذلك انحلال الشركة بقوة القانون, بغض
النظر عن بعض الاستثناءات التي نظمها المشرع, وقد تبين لي ان تلك النصوص القانونية
يعتريها بعض القصور, حيث لم يتم تنظيم إجراءات انسحاب الشريك بنصوص صريحة خاصة, بل
حاول المشرع تلافي ذلك بإحالة تلك الإجراءات إلى إجراءات التأسيس, كما أنه لم ينص على شروط صريحة لتقيد الشريك المنسحب من
الانسحاب في الوقت الغير مناسب, مثل حظر الانسحاب خلال مدة محددة خصوصا الفترة
التالية للتأسيس للشركة وقبل البدء بتنفيذ المشروع, لأن الشركاء خلال هذه المرحلة
قد ضحوا بمبالغ مالية كبيرة, ويشكل الانسحاب ضررا مؤكد لبقية الشركاء, وغير ذلك من
الشروط, وبالتالي يتوجب الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني.
مراجع
البحث:
1-القانون المدني
اليمني
2-قانون الشركات
التجارية
3-الشركات التجارية د/سميحة القليوبي – جامعة القاهرة.
4- أطروحة رسالة ماجستير- انسحاب الشريك من شركات التضامن – مقدمة من
الباحث/وضاح الصوفي – الأردن
إعداد المحامي/ماجد امين اليوسفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي