العفو عن
العقوبة في القانون اليمني
العفو عن
العقوبة من الموضوعات المهمة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي إضافة الى كونه
يحتل مكانا بارزا في اهتمام السياسة الجنائية المعاصرة والتي تسعى في حالات معينة
الى تحقيق أغراض العقوبة دون توقيع العقوبة او تنفيذها وذلك بإسقاطها عن طريق
العفو فقد يتحقق بالعفو عن العقوبة ما لا يمكن تحقيقه بتنفيذ العقوبة في تحقيق
مصلحة الفرد والمجتمع.
اولا: تعريف العفو عن العقوبة
تعريف
العقوبة لغة: اسم للعقاب
والعقاب بالكسر هو أن تجزي الرجل بما فعل سوءا اصطلاحا: انتقاص او
حرمان المحكوم عليه من كل او بعض حقوقه او مزاياه يتضمن ايلاما يناله كأثر
قانوني لجريمته يتم توقيعه وفق اجراءات خاصة وبمعرفة جهة قضائية.
العفو لغة: التجاوز عن
الذنب وترك العقاب عليه وأصله الطمس والمحو العفو عن
العقوبة اصطلاحا: قرار يصدر من رئيس الجمهورية لمصلحة من حكم
عليه بصورة باتة لإعفائه شخصيا من العقوبة كلها او بعضها او ابدالها بعقوبة أخرى.
ثانيا: شروط العفو عن العقوبة
لا يصدر قرار العفو عن العقوبة الا بتوافر
الشرطين التاليين:
1- صدور حكم
بات بالعقوبة:
لا يصدر
العفو عن العقوبة الا بعد ان يصبح الحكم بالعقوبة على المحكوم عليه باتا فإن لم
يكن الحكم باتا فلا يجوز إصدار العفو باعتبار ان العفو يعد الوسيلة الاخيرة
للمحكوم عليه للتظلم من العقوبة الصادرة عليه وطالما ان الحكم لم يصبح باتا فإن
المحكوم عليه يستطيع عن طريق القضاء الحصول على إلغاء او تعديل الحكم الصادر عليه
بالعقوبة فلا تكون له حاجة الى العفو فإذا صدر العفو قبل ان يصبح الحكم باتا يكون
قد صدر قبل اوانه ودون مقتضى لذلك
2- ان يصدر
العفو بالعقوبة بقرار رئيس الجمهورية:
العفو عن
العقوبة يعد حق من حقوق رئيس الجمهورية وهو ما أكدته المادة 539 فقرة2 من قانون
الاجراءات الجزائية اليمني بقولها( اما العفو الخاص عن العقوبة فيكون بقرار من
رئيس الجمهورية)
فإذا صدر العفو عن العقوبة من شخص اخر او هيئة اخرى غير رئيس
الجمهورية فلا يعتد به ولا يكون له تأثير على العقوبة المحكوم بها على الجاني وقد
جعل المشرع قرار العفو عن العقوبة من اختصاص رئيس الجمهورية باعتباره أقدر من غيره
في تدارك ما قد يحدثه من تنفيذ العقوبة من تناقض مع مقتضيات المصلحة العامة سواء
لخطأ في الحكم يستحيل تصحيحه قضائيا او لاعتبارات أخرى لا شأن لها بسلامة الحكم
وانما لمقتضيات المصلحة العامة كتهدئة مشاعر عامة مضطربة.
فالعفو
الخاص يصدر عندما يقدر رئيس الجمهورية ان مصلحة المجتمع تكمن في عدم تنفيذ العقوبة
ولا يصدر
العفو عن رئيس الجمهورية باعتباره ممثلا للسلطة التنفيذية وانما باعتباره ممثلا
للدولة في مجموعها بكل سلطاتها ومن بينها السلطة القضائية، ويمنح رئيس الجمهورية
العفو عن العقوبة بناء على عرض وزير العدل.
ثالثا: نطاق
العفو عن العقوبة
أ) من حيث
العقوبات: نصت المادة
539 فقرة 2 من قانون
الاجراءات الجزائية: أما العفو الخاص عن العقوبة فيكون بقرار من
رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير العدل بعد الحكم البات ويكون بإسقاطها كلها او
بعضها او بإبدالها بعقوبة أخف منها ويسري العفو على العقوبات التكميلية)
يتسع نطاق
العفو عن العقوبة بنص المادة السابقة لكل العقوبات ايا كانت سواء كانت حدية او
تعزيرية وايضا كافة العقوبات التكميلية عدا عقوبات القصاص والدية والأرش والتي
استثنيت من نطاق العفو عن العقوبة بنص المادة السابقة
أما عقوبات
الحدود فلأن النص الخاص بالعفو عن العقوبة لم يستثنيها من العفو كما فعل حين
استثنى عقوبات القصاص والديات والارش ما يترتب على ذلك القول بأنها تنطوي في نطاق
العفو عن العقوبة بدليل عدم استثناءها بنص المادة السابقة ومانصت عليه المادة 48 من قانون
الجرائم والعقوبات بقولها( لرئيس الجمهورية ان يأمر بتأخير إقامة الحد
كما له أن يأمر بإسقاطه متى اقتضت المصلحة ذلك وذلك فيما لا يتعلق به حق ادمي)
ومع ان
النصين السابقين يجدان لهما سندا شرعيا فيما ذهبا اليه في تجويزهما العفو او اسقاط
الحد من قبل رئيس الجمهورية هو قول المذهب الزيدي الذي جعل ذلك مبدأ من مبادئه. وماذهب
اليه المذهب الزيدي هو ما اعتنقه القانون اليمني يخالف ما أجمع عليه جمهوو الفقهاء
من أن الحدود اذا رفعت الى الإمام منع العفو عنها او التشفع فيها.
ب) من حيث الاشخاص:
العفو عن العقوبة يقتصر على الشخص المعفي عنه فلا يمتد نطاقه الى الغير يستوي في ذلك ان يكون الغير مشاركا للجاني المعفي عنه في ارتكاب الجريمة او مرتكبا جريمة اخرى.
رابعا: اثار
العفو عن العقوبة
1- يؤدي صدور
العفو عن العقوبة من قبل رئيس الجمهورية الى الاعفاء من العقوبة التعزيرية او
اسقاطها او إبدالها بعقوبة أخرى او بتخفيفها وهو عمل من اعمال السيادة لا يملك
القضاء المساس به او التعقيب عليه
2- الاصل ان
الحكم بالعقوبة رغم صدور العفو يبقى قائما ومنتحا لاثاره القانونية فتبقى الصفة
الإجرامية عالقة به ولا يؤثر العفو على ما تم تنفيذه من عقوبات
3- لا يمتد
الى العقوبات التبعية او التكميلية الا إذا تضمنها قرار العفو ولا يؤثر على حقوق
الغير المترتبة عن الجريمة كالتعويض عن الضرر والمصادرة.
4- لا يترتب
على العفو عن العقوبة الغاء الحكم وانما يترتب عليه تغيير نوع العقوبة او مقدارها
او اعتبارها كأنها نفذت ويبقى المحكوم عليه خاضعا لأحكام العود والتكرار وغير ذلك
من الاثار المدنية الناتجة عن الجريمة لان العقوبة هي التي تسقط اما الجريمة نفسها
فتظل قائمة بجميع اثارها
5- العفو ملزم
للمحكوم عليه فلا يجوز له بعد صدور العفو ان يقبل تنفيذ العقوبة لانه منحة من رئيس
الدولة قصد بها اقرار العدالة ورعاية الصالح العام.
خامسا: التمييز بين
العفو عن العقوبة والعفو الشامل:
1-العفو عن
العقوبة يصدر بقرار من رئيس الدولة او السلطة التي تمثل رئاسة الدولة اما العفو
الشامل فلا يصدر الا بقانون او قرار من السلطة التشريعية
2-العفو عن
العقوبة أمر شخصي يمنح لفرد واحد او أكثر وهو قاصر على من منح له اما العفو الشامل
ليس امرا شخصيا ولا يصد لشخص بعينه وانما لمجموعة من الجرائم تكون عادة من الجرائم
السياسية
3-العفو عن
العقوبة لا يحدث اثارا الا بالنسبة للمستقبل لأنه لا يمحو الجريمة ولا الحكم بل
يبقى الحكم قائما بما يترتب عليه من عقوبات تبعية واثار جنائية أخرى ما لم ينص في
أمر العفو على خلاف ذلك وإنما يعفى من تنفيذ العقوبة فقط بالقدر المنصوص عليه في
أمر العفو أما العفو الشامل يزيل صفة الجريمة وكأنها غير معاقب عليها.
4- العفو
عن العقوبة لا يجوز الا بعد صدور الحكم بالعقوبة على الجريمة المرتكبة أما العفو
الشامل فيسري على الجرائم المرتكبة قبل صدوره او في الفترة الزمنية التي حددها
قانون العفو ولا يسري على الجرائم المرتكبة بعد صدوره.
عمل: سمر عبد السلام العريقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي