الصفحات

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

الأثر الناقل للاستئناف (وقاعدة لا يضار الطاعن بطعنه)، والحق في تقديم اي ادلة جديدة لم تثار امام محكمة اول درجة

 

الأثر الناقل للاستئناف (وقاعدة لا يضار الطاعن بطعنه)

المعلوم قانونا والمستقر عليه فقها وقضاء ان الأثر الناقل لاستئناف الحكم يعني أن استئناف الحكم يعيد طرح النزاع الذي كان منظوراً أمام محكمة أول درجة بكل تفاصيله وذلك أمام محكمة الاستئناف.

وهو ما كرسه المشرع اليمني بنص المادة (288) من قانون المرافعات النافذ بقوله:

 (يطرح الاستئناف للقضية المحكوم فيها أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الأحكام الآتية: أ- لا تنظر محكمة الاستئناف إلا ما رفع عنه الاستئناف فقط. ب- يجب على محكمة الاستئناف ألا تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الاستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات. ج-يجب على محكمة الاستئناف أن تنظر القضية المستأنفة على أساس ما يقدم لها من دفوع وأدلة جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى. د-لا يجوز للخصوم التقدم بطلبات جديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها. هـ-تحكم المحكمة الاستئنافية فيما يتعلق بطلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل أو رفضه على وجه الاستعجال دون انتظار للفصل في الموضوع. و-تحكم المحكمة الاستئنافية إما بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه أو تعديله، وإما بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيما لم يتم الفصل فيه).

ومفهوم مبدأ الأثر الناقل للاستئناف:

 أن مهمة الفصل في النزاع بموجب عريضة الاستئناف تنتقل إلى المحكمة الاستئنافية التي تنظر في النزاع الذي كان منظورا أمام محكمة أول درجة بكل تفاصيل وإجراءات وأدلة هذا النزاع وهذا هو أصل مبدأ الأثر الناقل للاستئناف إلا أن هذا الأصل ترد عليه استثناءات منها:

الاول: تقيد محكمة الاستئناف بحدود الطعن بالاستئناف:

إن فصل محكمة الاستئناف يتحدد في حدود المسائل التي أثارها الطاعن في طعنه سواء أكان هذا الطعن أصليا أم مقابلا فلا يحق لمحكمة الاستئناف أن تتناول مسائل او طلبات لم يتم إثارتها في عريضة الطعن بالاستئناف وإلا كانت قد حكمت بما لم يطلبه الخصوم.

وبالتالي: فإن تعرض محكمة الاستئناف لما لم يتم ذكره واثارته في عريضة الاستئناف يترتب عليه اثرين:

الأثر الأول: الإضرار بمركز الطاعن خلافا لقاعدة لا يضار الطاعن بطعنه.

الأثر الثاني: تشعب النزاع وتوسع دائرته وتوسيع الشقة بين الخصوم:

وذلك مخالف لمبدأ الاقتصاد في إجراءات التقاضي كما أنه يخالف وظيفة القضاء في حسم مسائل الخلاف والنزاع وليس إثارته.

الثاني: تقيد محكمة الاستئناف بحدود المسائل والحالات التي أثارها الخصوم أمام محكمة أول درجة:

فمحكمة الاستئناف لا تنظر إلا في الحالات والوجوه والمسائل التي سبق للخصوم إثارتها أمام محكمة أول درجة وفي حدود ما فصلت به محكمة أول درجة من تلك الوجوه والحالات.

وبالتالي: فلا يحق لأي من الخصوم أن يثير أية مسألة من المسائل أو وجه من الوجوه لم يتم إثارته أمام محكمة أول درجة وذلك لسببين:

السبب الأول: ان ذلك يكون مخالفا لمبدأ الأثر الناقل للاستئناف الذي يعني أن الاستئناف ينقل النزاع كما هو من محكمة أول درجة إلى محكمة الاستئناف.

السبب الثاني: أن ذلك يكون مخالفا لمبدأ التقاضي على درجتين، فإثارة المسائل والوجوه الجديدة أمام محكمة الاستئناف سوف يحرم المستأنف ضده من درجة من درجات التقاضي.

الثالث: يتحدد الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة:

فالمعلوم قانونا ان الاستئناف طعن في الحكم الابتدائي، والحكم هو المنطوق والأسباب وهما اللذان يتضمنا المسائل التي فصل فيها الحكم الابتدائي وكيفية هذا الفصل ومدى اتفاقه مع نصوص القانون.

ومن المتفق عليه أيضا: أنه يحق للخصوم أمام الاستئناف إثارة أي من المسائل والوجوه التي سبق إثارتها أمام محكمة أول درجة ولكنها لم تفصل فيها لأن ذلك طعن في الحكم الابتدائي وسبب من أسباب الاستئناف.

الرابع: الأدلة والدفوع التي يجوز تقديمها أمام محكمة الاستئناف:

نصت الفقرة (ج) من المادة (288) مرافعات سالفة الذكر على أنه:

(يجب على محكمة الاستئناف أن تنظر القضية الاستئنافية على أساس ما يقدم لها من دفوع وأدلة جديدة وما كان قد تم تقديمه من ذلك أمام محكمة أول درجة)

ويستفاد من ذلك ان الاستئناف لا يكون مثمرا ومنتجا لآثاره بالنسبة للمستأنف إلا إذا كانت هناك دفوعا وأدلة جديدة يتم تقديمها، فإذا لم يتم تقديم أدلة أو إثارة دفوع جديدة أمام محكمة الاستئناف فغالبا ما تخلص محكمة الاستئناف في حكمها إلى تأييد الحكم الابتدائي.

لذلك يحرص المستأنف على إثارة الدفوع الجديدة وتقديم الأدلة الجديدة حتى يتغير وجه الرأي لدى محكمة الاستئناف.

وبالتالي فإن الدفوع التي يحق للمستأنف أن يثيرها أمام الاستئناف هي:

-         الدفوع المتعلقة بالنظام العام وهي التي يجوز أصلا إثارتها في أية مرحلة من مراحل التقاضي والتي يجب على المحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.

-         الدفوع التي لا تحتاج إلى تحقيق موضوعي.

واما الدفوع التي لا يحق للخصوم اثارتها امام محكمة الاستئناف هي:

-         الدفوع التي تحتاج إلى تحقيق موضوعي، لان ذلك سوف يترتب على نظرها من قبل محكمة الاستئناف إهدار درجة من درجات التقاضي، ولأن الخصم يستطيع أن يقدم بها دعوى مبتدأه أمام محكمة أول درجة.

-         الدفوع الشكلية التي يجب إثارتها بداية قبل الخوض في الموضوع، فلا يجوز لأي من أطراف الخصومة أن يثيرها أمام محكمة الاستئناف.

أما بالنسبة للأدلة الجديدة التي يجوز إثارتها أمام محكمة الاستئناف:

فلا قيد على الخصوم بشأنها فيجوز إثارة أية أدلة جديدة غير أنه ينبغي على محكمة الاستئناف أن تبذل قصارى جهدها في تحقيق هذه الأدلة ومواجهة الخصوم بها في متسع من الوقت حتى يتمكن الخصوم من دراستها وتدقيقها والتعليق عليها وإبداء أوجه دفاعهم ودفوعهم بشأنها وتقديم ما يناهضها وينبغي أن تتيح محكمة الاستئناف للخصوم ذلك، كما أنه ينبغي على محكمة الاستئناف أن تتولى تدقيق هذه الأدلة وتلك الدفوع الجديدة، لأن كثيرا من الخصوم والمحامين يتعمدون تأخير بعض الدفوع والأدلة حتى مرحلة الاستئناف كي يباغتوا خصومهم بها، وحتى تفوت على خصومهم مرحلة من مراحل التقاضي الموضوعي وحتى لا يسع الوقت الخصوم ومحكمة الاستئناف لتدقيقها وتحقيقها.

فضلا عن ذلك أن قبول الأدلة والدفوع الجديدة أمام محكمة الاستئناف يأتي استثناء من قاعدة نطاق الدعوى الذي يقتضي أن تتم مواجهة الخصوم بكافة الأدلة والدفوع أمام محكمة أول درجة حتى تتحدد معالم الخصومة ونطاقها بوضوح تام وحتى يكون الحكم الابتدائي معبرا تعبيرا صادقا عن الحقيقة التي ظهرت أمام محكمة أول درجة بعد أن ترافع الخصوم وقدموا كل ما لديهم من دفوع وأدلة بحيث يقتصر دور الاستئناف على استدراك ما فات على الخصوم أو الحكم الابتدائي.

اعداد الأستاذ/ ماجد امين اليوسفي.

اشراف الأستاذ/ سليمان نبيل علي الحميري.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي