الصفحات

الاثنين، 30 سبتمبر 2024

 

ما هو أثر  الحكم الجنائي وحجيته على دعوى الملك امام القضاء المدني؟

يجيب على هذا السؤال الفقه والقضاء القانونين من ذلك:

-         ما اورده الدكتور مصطفي مجدى هرجه في كتابه الحيازة داخل وخارج دائرة التجريم طبعة 1989م صـ104 وما بعدها بقوله:

" الحكم الذي يصدر في الدعوى الجنائية بالإدانة أو البراءة يلزم المحكمة المدنية بالنسبة لما فصل فيه في منطوقه وأسبابه أن كان ما ورد بالأسباب متصلاً بالمنطوق ولازما للفصل في الدعوى الجنائية وعلى ذلك إذا قضت محكمة الجنح بإدانة المتهم بتهمة انتهاك حرمة ملك الغير فإن هذا القضاء يكون قاطعا في أن الحيازة الفعلية كانت للمجني عليه وأن المتهم سلبها منه بالقوة او بدا منه ما يدل على استعمال القوة في سلبها ولكن هذا الحكم لا تكون له حجية بالنسبة لحق المتهم في الحيازة ذلك أنه قد يكون للمتهم الحق في الحيازة لكن الحيازة الفعلية لغيره وحاول المتهم سلبها بالقوة ومن ثم تكتمل أركان الجريمة إلا أن ذلك لا ينفي أن للمتهم الحق في الحيازة المستوفية لشروطها وفقاً للقانون المدني وإذا تناول الحكم الجنائي أمر الحيازة وشروطها الغير لازمة للفصل في الجريمة كان يتحدث عن سبب الحيازة ومدتها واستمرارها وظهورها ويثبت الحيازة أو ينفيها لأي من طرفي الخصومة قبل وقوع الجريمة بمدة فإن هذا يعد تزيدا منه غير متعلق بالجريمة وليس ركنا من أركانها وبالتالي لا يلزم القاضي المدني ومثال ذلك أن يستطرد الحكم الجنائي إلى بحث مدة الحيازة وسببها لو دفع المتهم الدعوى بأن الحيازة كانت له قبل حيازة المجني عليه لها حيازة فعلية وادعى المتهم أنه كان يحوز العين لمدة سنة فأكثر سابقة على حيازة المجني عليه حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة وكان ذلك بسبب صحيح ونية التملك فإن هذا لا يعد دفعا للدعاوى الجنائية إذ تكفي لقيام الجريمة ان تكون الحيازة الفعلية للمجني عليه وأن تكون قد سلبت منه بالقوة بغض النظر عن حق المتهم في الحيازة وقد استقر على ذلك قضاء النقض وتأسيساً على ذلك إذا حكم بإدانة المتهم في إحدى الجرائم سالفة الذكر فإن هذا لا يمنعه من رفع إحدى الدعاوى الثلاث المنصوص عليها في القانون المدني أمام المحكمة المدنية وعليه ان يثبت أن المجني عليه في واقعة سلب الحيازة كان قد حصل على هذه الحيازة بطريقة معيبة وأن يثبت أنه كان يحوز العين حيازة ظاهرة ومستمرة لمدة سنة وبنية التملك ورفع دعواه قبل مضى سنة من تاريخ حيازة المجني عليه للعين وفي هذه الحالة تكون دعواه مقبول ويقضي له بطلباته.

والحكم الصادر في الدعوى الجنائية بالإدانة لا يمنع المحكمة المدنية من القضاء للمتهم الذي أدانته المحكمة الجنائية بطلباته لأن مجال الدعوتين سيكون في هذه الحالة مختلف فالدعوى الجنائية تحمى الحيازة الفعلية الظاهرة من العدوان عليها بالقوة أما الدعوى المدنية فتحمي الحيازة القانونية المستوفية لشروطها وهي الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك سواء أكان سلبها أو التعرض لها بالقوة أو بغير استعمال القوة إذ أن التعرض القانوني يكون أساسا لدعوى منع التعرض.

ومعنى ذلك أن ثبوت الحيازة الفعلية أمام المحكمة الجنائية وتقريرها نسبة الحيازة الفعلية إلى شخص بعينة في حكمها الجنائي يستلزم تمتع هذا الحكم بالحجية أمام القاضي المدني بالنسبة لشق ثبوت الحيازة الفعلية ومن ثم لا يجوز طرح فكرة الحيازة العرضية أو الفعلية من جديد أمام القاضي المدني ولكن إذا كان الذي أثير أمام المحكمة المدنية بعد صدور الحكم الجنائي هو الحيازة القانونية فإن الحكم الجنائي الذي أثبت الحيازة الفعلية لا تكون له أدنى حجية أمام القاضي المدني الذي يبحث في موضوع جديد تماماً عن ذلك الذي تعرض له الحكم الجنائي".

-         ما أورده الدكتور علي عوض حسن في كتابه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها طبعة1996م صـ41، 42 ما نصه:

"إن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجيته في الدعوى أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في واقع الفعل المكون الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني إلى فاعلة ذلك أن حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية شرطه اقتصار الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو البراءة والأسباب المؤدية إليه دون أن تلحق الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم في الدعوى الجنائية".

كما أورد الدكتور علي عوض في ذات المؤلف عده أحكام قضائية صادرة عن محكمة النقض المصرية:

-         ففي صـ117 أورد الحكم التالي:

"حكم بأن من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن مناط التمسك بالحجية المانعة من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها أن يكون الحكم السابق قد فصل في منازعة تناقش فيها الطرفان واستقرت حقيقتها بينهما استقراراً مانعاًَ من مناقشتها في الدعوى الثانية بين الطرفين فتكون بذاتها هي الأساس فيما يدعيه بعد بالدعوى الثانية أحد الطرفين قبل الاخر من حقوق متفرعة عنها ينبني على ذلك أنه ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز حجية الأمر المقضي لما كان ذلك وكان البين... ان الحكم القاضي برفض تلك الدعوى لم يبحث هذه الملكية ولم يفصل سواءً بقضاء صريح أو ضمني في أمر ثبوتها لأي من طرفي التداعي.... ولو كان ذلك هو الثابت من قضاء الحكم السابق فإنه لا يحوز حجية الأمر المقضي في الدعوى الراهنة...وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بعدم جواز نظر طلب تثبيت الملكية أخذاً بأن لذلك الحكم السابق حجية في ثبوتها للطرف المحكوم له فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وحجبه هذا الخطأ عن تمحيص دفاع الطاعنين باكتساب ملكية الأرض...".

-         وفي صـ166 أورد الدكتور عوض الحكم التالي:

"قضى بأن الحكم الصادر في دعوى منع التعرض لا يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى الملك لاختلاف الموضوع في الدعويين ولا يغير من ذلك ما يقول الطاعنون من أن الحكم يمنع تعرض المحكوم عليها لهم في أرض النزاع... إن هذا القول من الحكم لم يكن للفصل في أصل الحق وإنما للبحث في توافر الحيازة بشروطها القانونية أو عدم توافرها لأن قاضي الحيازة ممنوع من التعرض للملكية ومن بناء حكمه على أساس ثبوتها أو نفيها وكل ما يقرره في شأنها لا يحوز أية حجية لدى المحكمة التي يعرض عليها النزاع في أصل الحق ومن ثم لا تتقيد به تلك المحكمة".


اعداد المحامي/ فهمي عقيل ناجي انعم

السبت، 28 سبتمبر 2024

بطلان الإجراءات في حال تحريك الدعوى بدون اذن ، الحصانة واثرها على تحريك الدعوى الجزائية

 

بطلان الإجراءات في حال تحريك الدعوى بدون اذن ، الحصانة واثرها على تحريك الدعوى الجزائية

المعلوم من القانون بالضرورة ان اقامة الدعوى الجزائية (قرار الاتهام) كنشاط اجرائي تبدأ من لحظة تحريكها، وهي تبدأ بأول عمل تباشره النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق او اتهام على إثر اخطارها بأي وسيله بنبأ وقع الجريمة.

"المرجع: د/ محمد محمد سيف شجاع، شرح قانون الاجراءات الجزائية اليمني، ط2013، ص39.

وإذا كان الاصل ان النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الاصيل في موائمة تحريك الدعوى الجزائية، وفقاً لمقتضيات الصالح العام باعتبارها ممثلة عن المجتمع، فإن المشرع يشترط في بعض الاحوال اتخاذ اجراء، يصدر من غيرها حتى يمكن لها تحريك الدعوى الجزائية، بحيث لا تستطيع النيابة العامة تحريكها الا بعد صدور هذا الاجراء، وبتعبير اخر يعد هذا الاجراء قيداً او عقبة اجرائية يتعين زوالها حتى يمكن للنيابة العامة ان تحرك الدعوى الجزائية.

وعلى هذا فإن سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية في هذه الحالات لا ينشأ من هذا الاجراء، وانما يمثل هذا الإجراء مجرد عقبة يتعين زوالها عن طريق تحريك الدعوى الجزائية الذي تملكه النيابة العامة باعتبارها ممثلة عن المجتمع.

"المرجع: أ.د/ مأمون سلامة، الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، ص82، د/ محمد محمد شجاع، مرجع سابق، ص77.

وقد يتمثل هذا القيد في صورة شكوى من المجني عليه بالنسبة لجرائم الشكوى، وقد يعلقها على طلب من جانب جهة معينة، وقد تتوقف على صدور اذن من هيئة معينة بالنسبة للجرائم التي تقع من الاعضاء الذي ينتمون اليها.

"المرجع: محمد محمد شجاع، المرجع السابق، ص77.

والاذن كقيد من قيود رفع الدعوى الجزائية (قرار الاتهام) يقصد به، " بتصريح الهيئة التي ينتمي لها شخص معين متهم بجريمة باتخاذ الاجراءات الجزائية ضده، وهو ينطوي بالضرورة على اقرار هذه الهيئة بانها لا ترى في هذه الاجراءات المتخذة في مواجهة ذلك الشخص كيداً او تعسفا وهذه الحصانات لا تقرر لمصلحة شخص من تقررت له، وانما للمصلحة العامة، واهم حالتين للإذن الحصانة البرلمانية والحصانة القضائية.

"المرجع: أ.د/ مطهر علي صالح انقع، المرجع السابق، ص122،

ومن بين الحالات المقررة للإذن كذلك الحصانة المقررة لأعضاء مجلس الشورى ، بصريح نص المادة (106) رقم (39) لسنـ 2002م بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الشورى التي نصت على ذلك بقولها:

[لا يجوز أن يتخذ نحو عضو مجلس الشورى أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي إلا بإذن من هيئة الرئاسة ....]

 وكذلك المادتين (108،107) من ذات القانون اللتين بينتا اجراءات تقديم طلب الاذن برفع الحصانة عن عضو مجلس الشورى واجراءات نظرة وكيفيته وشروط الفصل فيه حيث نصت المادة (107) على أن:

[يقدم طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو إلى رئيس المجلس من وزير العدل ويجب أن يرفق بالطلب أوراق القضية المطلوب اتخاذ إجراءات جزائية فيها أو صورة من عريضة الدعوى المزمع رفعها مع المستندات المؤيدة لها ويحيل الرئيس الطلب إلى لجنة الشئون الدستورية والقانونية والقضائية لبحثه وإبداء الرأي فيه ويكون نظره في اللجنة أو المجلس بطريق الاستعجال.]

فيما اشترطت المادة (108) في الاذن صدوره بقرار من المجلس بالأغلبية المطلقة بقولها: -

[...، ويتخذ المجلس قراره بشأن رفع الحصانة بالأغلبية المطلقة لأعضائه]

وهذه الحصانة المقررة لأعضاء مجلس الشورى هي ذات الحصانة المقررة لأعضاء مجلس النواب في المادة (203) من القانون رقم (1) لسنـ2006م بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب والتي تقضي بأن:

[لا يجوز أن يُتخذ نحو عضو مجلس النواب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي إلا بإذن من مجلس النواب ما عدا حالة التلبس، وفي هذه الحالة يجب إخطار المجلس فوراً، وعلى المجلس أن يتأكد من سلامة الإجراءات وفي غير دورة انعقاد المجلس يتعين الحصول على إذن من هيئة الرئاسة ويخطر المجلس عند أول انعقاد لاحق له بما اتخذ من إجراءات]

وكذلك المادتين (205،204) من ذات القانون اللتين بينتا اجراءات تقديم طلب الاذن برفع الحصانة عن عضو مجلس النواب واجراءات نظره وكيفية وشروط الفصل فيه، بذات النحو والشكل والاجراءات والشروط والكيفية المقررة في المادتين (108،107) من القانون رقم (39) لسنـ 2002م بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الشورى.

وهذه الحصانة تشكل مانعاً قانونياً يحول دون ممارسة النيابة العامة سلطة تحريك اجراءات الدعوى الجزائية او رفعها امام القضاء ضد أيا من اعضاء المجلسين الا بأذن يصدر عن مجلس النواب بالنسبة للجرائم المنسوبة لأيا من اعضاءه وعن مجلس الشورى بالنسبة للجرائم المتعلقة بأيا من اعضاءه، ويصدر بناًء على طلب بالإذن برفع الحصانة يقدم من وزير العدل وينظر بالإجراءات المنصوص عليها قانوناً بالشكل والكيفية، والشروط المقررة لذلك في المواد القانونية أنفة الذكر.

واذا لم تلتزم النيابة العامة، أو تتقيد بتلك الاجراءات يعد مخالفة منها لأحكام القانون مخالفة جسيمة

وبالتالي/ فإن المترتب على تلك المخالفة اثرين قانونيين هامين: -

الاثر الاول/ بطلان اجراءات رفع الدعوى الجزائية العامة بطلاناً متعلق بالنظام العام:

فكرة البطلان في العصر الحديث ترتبط كل الارتباط بأهداف القاعدة الإجرائية الجنائية ومنها تحقيق الفاعلية الجنائية، وتتمثل في حماية المصالح الآتية: -

1-                  الضمانات المترتبة على قرينة البراءة.

2-                  ضمانات التنظيم القضائي.

3-                  الضمانات التي يشترطها القانون لمباشرة سلطة الادعاء الجنائي أو سلطة الادعاء المدني التبعي (شروط استعمال الدعوى الجنائية والقيود الواردة على حرية النيابة في تحريكها او رفعها، وشروط قبول الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائي).

"المرجع: د/ أحمد فتحي سرور، الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية القاهرة، 1993م. ص373."

ولذا يترتب على مخالفة قواعد الحصانة بطلان الاجراء الذي يتخذ ضد عضو المجلس ، وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام، فيجوز الدفع به في اية مرحلة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة امام المحكمة العليا، ويتعين على المحكمة ان تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يصحح الاجراء الباطل رضاء عضو المجلس به لأنه ليس مقرر لمصلحته الشخصية وانما بصفته الرسمية تبعاً للمصلحة العامة، وما دامت الحصانة مقررة للمصلحة العامة فلا يجوز التنازل عنها، واذا رفعت الدعوى الجزائية  دون الحصول على الاذن، يتعين على المحكمة ان تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها ولا يجوز لها تأجيلها انتظار لصدور الاذن.

"أ.د/ مطهر على صالح انقع: المرجع السابق، ص126."

"أ.د محمد نجيب حسين، شرح قانون الاجراءات الجنائية، مرجع سابق، رقم 152، ص151."

وهذا الاثر هو عين ما قررته المادة (397) من قانون الاجراءات الجزائية بقولها: -

[إذا كان البطلان راجعا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بكيفية رفع الدعوى الجزائية ... أو العيب الإجرائي الجوهري المهدر لأي حق من حقوق المتقاضين فيها أو غير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به من جميع الأطراف في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها و ...]

الاثر الثاني/ لزوم الحكم بعدم قبول الدعوى الجزائية كأثر مترتب قانوناً على بطلان اجراءات رفعها:

لما كان عدم القبول نوع من انواع الجزاء الاجرائي الذي يقرره القانون على مخالفة احكامه، ومفهوم هذا الجزاء هو ان المشرع يتطلب –احياناً – مفترضات خاصة يجب اتخاذها قبل مباشرة الاجراء، ومفترضات الاجراء امور يتطلب القانون تقديمها على اتخاذه، ويترتب على انعدامها انعدام الحق في اتخاذ الاجراء، أي ان يكون الاجراء غير مقبول بمعنى ان الاجراء "غير المقبول" في ذاته قد يكون صحيحاً ولكن لم تتوفر واقعة مستقلة عنه، وسابقة عليه يعلق القانون عليها جواز اتخاذه. وأغلب ما يرد عليه "عدم القبول" الطلبات التي تقدم الى المحكمة ومنها على سبيل المثال:

-                       رفع دعوى بدون شكوى م/27 اجراءات جزائية

-                       او بدون اذن مجلس القضاء الاعلى في جرائم القضاء م/26 إجراءات جزائية.

-                       او بدون اذن مجلس النواب بالنسبة لجرائم اعضائه م/28 من الدستور، م/203 من قانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

-                       أو بدون طلب م/206 من قانون الجمارك...الخ

"المرجع: أ.د/ مطهر علي صالح انقع، شرح قانون الاجراءات الجزائية، القسم الثاني، الاجراءات السابقة على المحاكمة، مرجع سابق، ص29،30.

د/ محمود نجيب حسني، المرجع السابق، برقم 276، ص358.

"د/ إدوار غالي الذهبي، الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الاولى 1980م ص626.

-         وكذلك يرد عدم القبول على رفع الدعوى الجزائية بدون اذن مجلس الشورى بالنسبة لجرائم اعضاءه م/ 106 من قانون اللائحة الداخلية لمجلس الشورى سالفة الذكر.

ومسالة عدم قبول الاجراء الجزائي من المسائل الاولية التي ينبغي على المحكمة الجزائية ان تتعرض لها قبل نظر الموضوع.

"المرجع: -أ.د/ مطهر علي صالح انقع، المرجع سابق، ذات الصفحة

-د/ عبد الفتاح الصيفي، النظرية العامة للقاعدة الاجرائية الجنائية، جامعة بيروت العربية، بيروت، طبعة 1974، بد رقم 85، ص161.

فإذا رفعت الدعوى الجزائية دون الحصول على الاذن وجب على المحكمة الجزائية ان تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها ولا يجوز لها تأجيلها انتظار لصدور الاذن كما سبق البيان في الاثر الاول.

أ‌.     فهمي عقيل ناجي انعم.

أ‌.     احمد التعزي.

الجمعة، 27 سبتمبر 2024

العذر المقبول في ميعاد دعوى الشفعة

 العذر المقبول في ميعاد دعوى الشفعة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين


الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء


حدد القانون المدني ميعاد طلب الشفعة وهو ثلاثة أيام من تاريخ علم الشفيع بشراء العين المطلوب شفعتها، كما حدد القانون ذاته ميعاد رفع دعوى طلب الشفعة بثلاثين يوماً من تاريخ قيد أو طلب  الشفيع الشفعة، ومع ذلك فقد اجاز القانون للمحكمة قبول دعوى طلب الشفعة بعد فوات الميعاد(30 )يوما إذا كان هناك سببا مقبولا يقدمه الشفيع، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-12-2012م في الطعن رقم (46234)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وقد نعى الطاعنون على الحكم الاستئنافي أنه لم يناقش أسباب الاستئناف المتعلقة بوجود عذر مقبول لدى الشافعين ادى إلى تأخرهم عن تقديم دعوى طلب الشفعة إلى المحكمة بضعة أشهر، وهذه المناعي غير سديد، لأن الحكم الاستئنافي قد اثبت في حينه أن دعوى طلب الشفعة لم تقدم إلا بعد مرور نحو خمسة أشهر، وان الشافع لم يقدم أي عذر مقبول، وان الحكم الاستئنافي قد استند في ذلك إلى المادة (1275) مدني التي نصت على أنه (إذا لم يستجب المطلوب للشفعة طوعاً كان للشفيع طلب مخاصمته أمام القضاء لتملك العين المشفوعة وان لم يرافعه في مدة ثلاثين يوماً من وقت طلب الشفعة سقط حقه إلا لعذر مقبول)،  وقد ناقش الحكم الاستئنافي أسباب الاستئناف، ومن خلال ذلك توصل الحكم إلى أن دعوى طلب الشفعة لم تقدم إلا بعد خمسة أشهر من وقت قيد طلب الشفعة، إضافة إلى أن تقدير العذر المقبول من السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:


الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا:

استند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (1275) مدني حسبما هو ظاهر في أسباب الحكم، وقد نصت المادة (1275) مدني على أنه (إذا لم يستجب المطلوب للشفعة طوعاً كان للشفيع طلب مخاصمته أمام القضاء لتملك العين المشفوعة وان لم يرافعه في مدة ثلاثين يوماً من وقت طلب الشفعة سقط حقه إلا لعذر مقبول)، فهذا النص صريح في سقوط حق الشفيع في تقديم دعوى طلب الشفعة إذا انقضت مدة ثلاثين يوماً من وقت طلب الشفيع الشفعة إلا إذا كان هناك عذر مقبول حال دون تقديم الشفيع لدعوى الشفعة في الميعاد المشار إليه وهو (30) يوماً من وقت طلب الشفعة.


الوجه الثاني: معنى العذر المقبول الذي يحول دون قيام الشفيع بتقديم الشفعة في ميعادها:

العذر هو أمر عارض لم يكن متوقعاً للشفيع يمنعه من تقديم دعوى طلب الشفعة  في الميعاد المحدد (30) يوما كالحبس والإعتقال والمرض والسفر الضروري والظروف القهرية والخوف والإكراه وغيرها من الظروف التي تمنع الشفيع من مباشرة رفع دعوى طلب الشفعة في ميعادها المحدد قانوناً، ومعنى العذر المقبول: هو العذر الذي تقبل به المحكمة المختصة وتقتنع به وفقاً لسلطتها التقديرية، فالمحكمة هي التي تقدر قبول العذر من عدمه حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.

الإعلان القضائي وصور بطلانه والاثر المترتب على بطلانه

 

الإعلان القضائي وصور بطلانه والاثر المترتب على بطلانه

يعتبر الاعلان القضائي اهم تطبيقات مبدأ المواجهة الذي يقصد به ضرورة اخطار الخصم بأي عمل اجرائي يقوم به الخصم الاخر أو المحكمة خلال الخصومة أو بسببها إذا لا يكفي اعلانه بهذا العمل وإنما يجب أن يتم ذلك الاعلان بشكل معين وعلى يد موظف رسمي هو المحضر الا إذا نص القانون على خلاف ذلك م (39) مرافعات.

وحتى يؤدي الإعلان وظيفته يجب أن يتم بالشكل الذي حدده القانون وبواسطة محضر وإلا كان باطلاً غير محقق للغاية منه.

وقد حددت المادة (41) من قانون المرافعات البيانات الواجب توافرها في ورقة الاعلان ومن تلك البيانات التي يتحتم على المحضر تدوينها في ورقة الاعلان تاريخ انتقاله والوقت والمكان الذي تم فيه الإعلان واسم من سلم له الاعلان وعلاقته بالمعلن اليه او سبب امتناعه فجاء نص المادة سالفة الذكر حرفيا :

( يجب أن تشتمل الورقة المراد اعلانها على البيانات الاتية:

1)   تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الاعلان

3)أسم المعلن إليه ولقبه ومهنته وموطنه .

     5)اسم من سلمت اليه الورقة المعلنة وعلاقته بالمعلن اليه وتوقيعه او ختمه او اثبات امتناعه وسببه.)

فيما أوجبت المادة (42) من ذات القانون على المحضر في حالة امتناع المطلوب اعلانه أو من ينوبه أثبات ذلك بعرض الاوراق بواسطة عاقل الحارة أو القرية أو قسم الشرطة ان وجد أو أخذ ايضاح عاقل الحارة والاشهاد عليه بشاهدين يوقعان الاعلان.

وإذا لم يوجد أي منهم فيجب على المحضر أن يشهد شاهدين عدلين يوقعان معه على الاعلان اشارت الى ذلك الاجراء المادة (43)من قانون المرافعات بقولها

[....وإذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يعلم خصمه بذلك صــح إعلانه فيه وتُسلم الأوراق لعاقل الحارة أو القرية إن وُجـد]

وبالتالي فإنا نجد أن من صور مخالفة تلك الاحكام القانونية التي حددت شروط الاعلان والاجراءات (السابق ذكرها)من حيث:

1)   تحدد الاعلان موطن المعلن بغش الخصم (المدعي او المستأنف) بناءً على البيانات التي أدلى بها:

وقوع الاعلان الى غير موطن المعلن نتيجة غش وتظليل من الطرف المدعي بإعلانه الى مزعوم الشقة الكائنة في شارع فيما لو ان كان المحضر اقد انتقل بالفعل.

على الرغم من ثبوت علمه بمكان المعلن (المدعى عليه) فاعلانه الى موطن غير موطنه يجعل إعلانه الى غير موطنه باطلاً .

((استناداً الى قاعدة (الغش يبطل التصرفات) كونها قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجر به نص خاص في القانون وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال. ..ولذا يبطل الاعلان الذي قد وجه بطريقة تنطوي على غش رغم استبقائها ظاهريا لأوامر القانون، حتى لا يصل الى علم المعلن إليه ،لمنعه من الدفاع في الدعوى )).

.(النقض المصرية جلسة 28/1/1981 المكتب الفني السنة32 رقم 75 ص 386(

2)   عدم بيان المحضر في ايضاحه المدون في الاعلان الساعة التي انتقل فيها الى الشقة المزعوم انتقاله اليها وعدم يبين المحضر أي منزل انتقل اليه ولم يذكر من الذي اخبره بعدم وجود المعلن اليه وكتفي بالقول(وأفاد المجاورين في العمارة بأنه قد انتقل من الشقة ) ولم يذكر اسماءهم ولم يبينوا متى كان انتقاله , بالإضافة الى أن ذلك الاعلان لم يوقع من عاقل الحارة و ولا من قسم الشرطة و لا حتى شهود من الجيران الذين  أفادوا بانتقال المعلن  من تلك الشقة المزعومة وهذ مخالف لنص المادة (42)بقولها:

[يعرض المحضُر أو صاحب الشأن أوراق الإعلان على الخصم أينما وُجد فإن تعذر فتعرض على من ينوب عنه أو في موطنه وفي حالة الامتناع يعرض الأوراق بواسطة عاقـل الحارة أو القرية أو قسم الشرطة إن وجد أو يؤخذ إيضاح العاقل أو الإشهاد عليه].

 

وعليه فإن إعلان المستأنف الى موطن غير موطنه قد جاء مخالف للقواعد العامة في الاعلان والتي تقضي بان يصل الاعلان الى المعلن اليه شخصياً حتى يعلم بالإعلان علماً يقينياً ,بل إن المشرع قد اكتفى بالعلم الافتراضي عن طريق تسليم صورة من الاعلان الى موطن المعلن سواء كان ذلك الموطن اصلياً أم خاصاً أو مختاراً ,واذا كان الموطن قد تغير فيجب أن يكون الاعلان الى الموطن الجديد

د/ سعيد الشرعبي مرجع سابق ص(282-74)

 

 

وبالتالي فإن مخالفة الاعلان لتلك القواعد يجعل الاعلان باطلاً وفقاً للمادة (48)من قانون المرافعات بقولها:

( يقع باطلاً كل إجراء أغفل أو جاء مخالفاً لغرض جوهري  )وكذلك المادة(48)من ذات القانون التي تقضي بأنه:

[يقع باطلاً كل إجراء مشوب بعيب لم تتحقق منه الغاية المطلوبة]

 

2- بطلان الاعلان عن طريق النشر :

تقضي المادة (45) مرافعات بأنه(إذا كان المعلن إليه قد ترك موطنه ولم يُعرف له موطن داخل الجمهورية أو خارجها وجب إعلانه بالنشر في إحدى الصحف الحكومية....)وهذه المادة تقرر قاعدة استثنائية في الاعلان لا يجوز استخدمها إلا اذا تعذر إعلان الخصم بالطرق الاعتيادية (حتى لا يتحول الاعلان بالصحيفة الى وسيلة للخداع والتضليل).

شرح قانون المرافعات د/سعيد الشرعبي ص(286)وهامشها

وعليه فإن الاعلان بطريق النشر في الصحف هو طريق استثنائي قصد به مواجهة ظروف معينة تصبح في ظلها أية محاولة لإعلان الخصم بالطرق المعتادة غير مجدي بحيث لا يجوز سلوك هذا الطريق الاستثنائي مالم يستنفذ طالب الاعلان كافة الوسائل الممكنة لإعلان الخصم

من حكم محكمة الطعن الاتحادية الامارتية طعن رقم 3 لسنة 2009م تجاري

وبالتالي فإن الحيلة والغش هما هدف من الإعلان عن طريق النشر مع علمها ومعرفتها التامة والمؤكدة بموطن المعلن ومحل إقامته بل ومحل إقامة, فأخذت بالاستثناء وتركت القاعدة الاصلية المقررة في المادة(64)مرافعات بقولها:

(إذا كان مكان الإعـلان خارج منطقة المحكمة تُرسل الأوراق إلى المحكمة التي يقع في منطقتها الإعــلان)

وبالتالي فإغفال المحكمة لهذه المادة وعملها بالنشر كونهُ عملاً استثنائياً يجعل الاعلان بالنشر باطلان لتفويته عملاً اصلياً كان كفيلاً بإعلان المستأنف في موطنه.

وبالرجوع الى نص المادة(45)مرافعات نجد أنه لا يمكن استخدم الاعلان بطريق النشر الا اذا كان المعلن غائباً لا يعرف موطنه ولا محل إقامته, أو مفقود لا تعرف حياته ولا وفاته.

وفي ذلك يتبين بطلان إجراءات اعلان بالدعوى من قبل محكمة أول درجة سواءً في الاعلان المنفذ بواسطة محضر المحكمة أو الإعلان بطريق النشر

الاثر المترتب على ذلك قانوناً هو اثرين هامين :

الأثر الاول: بطلان جميع الإجراءات المبنية عليه :

وذلك اعمالاً للقاعدة الشرعية التي تقضي بأن ما بني علي باطل فهو باطل مثله ,والمنصوص عليها في المادة(51) من قانون المرافعات بقولها

[لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه ولا الإجراءات اللاحقـة عليه التي لا تكون مبنية عليه ، أما الإجراءات المترتبة عليه فتبطل تبعاً لبطلانه.]

الاثر الثاني :انعدام الحكم لافتقاره الى أحد اركانه (الخصومة):

من المقرر قانوناً أن إعلان المدعي عليه إعلان صحيحاً وعلى النحو الذي رسمه القانون شرط أساسي لتنعقد الخصومة فإذا لم يعلن المدعى عليه في الدعوى أو كان إعلانه بالدعوى باطلاً فإن الاثر المترتب على ذلك قانوناً هو

عدم انعقاد الخصومة واعتبار الخصومة كأن لم تكن لعدم صحة الاعلانات التي لم تتم صحيحة بفعل المدعي بفعل غشه وتظليله وبالتالي لم تنعقد الخصومة انعقاداً صحيحاً لتخلف الغاية الجوهرية من إجراءات الاعلان,

((كون الدعوى هي الأساس الذي تقوم عليه كل إجراءاتها ،ويترتب على عدم إعلانها ،عدم انعقاد الخصومة ومن ثم لا يترتب عليها اي إجراء او حكم صحيح ، إذ يعتبر الحكم الصادر فيها منعدما ومن ثم لا تكون له قوة الأمر المقضي ))

 (النقض المصرية جلسة 21/4/1981 السنة 32 رقم 221 ص 1200

وبعدم انعقاد الخصومة يختل بها ركن من أركان الحكم المنصوص عليها في المادة (217)من قانو المرافعات التي عرفت الحكم بأنه:

[الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية].

وبالتالي فإن الحكم الذي أختل فيه ركن الخصومة يعتبر حكماً منعدماً وفقاً لما نصت عليه المادة (65)من قانون المرافعات التي دلة على ذلك الحكم في شطرها الاخير بقولها:

[....ويعتبر منعدماً إذا فقد أحد أركانه المنصوص عليها في المادة (217)] 

 

اعداد الأستاذ/ سليمان نبيل علي الحميري

اشراف الأستاذ/ فهمي عقيل ناجي انعم

الدفع ببطلان الصلح امام الاستئناف

 
المعلوم قانوناً انه لا يكفي الطلب القضائي الذي يعتد به وتلزم المحكمة بالفصل فيه، ان يكون وارداً بعبارات صريحة وجازمة كما سبق البيان وحسب وانما يشترط ايضاً ان يقدم وفقاً للقانون، وهذا الشرط يستفاد صراحة من الشطر الأول من نص المادة(221) من قانون المرافعات الذي يقضي بأن:
[يجب على المحكمة أن تحكم في كل طلب أو دفع قُدم إليها وفقاً للقانون، ولا يجوز لها أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو لمن لم يكن طرفاً في الخصومة أو عليه]
ولما كانت الدعوى كما عرفتها المادة (70) من ذات القانون هي:
[الدعوى هي الوسيلة الشرعية والقانونية لكل ذي ادعاء أو دفاع يرفعه الى القاضي للفصل فيه وفقاً للقواعد الشرعية والقانونية]
فإنه يشترط لقبولها شكلاً ان ترفع بالإجراءات والوسيلة (الطريقة) التي رسمها القانون م(70) مرافعات الدعوى هي الوسيلة الشرعية والقانونية لكل ذي ادعاء أو دفاع يرفعه الى القاضي للفصل فيه وفقاً للقواعد الشرعية والقانونية
ولما كان الادعاء ببطلان عقد الصلح يصنف بأنه من قبيل الدعاوى لا من قبيل الدفوع، فإن الوسيلة (الطريقة) القانونية للتمسك به وتقديمه امام القضاء -بحسب الأصل- هي الدعوى الاصلية وذلك بتقديم دعوى بطلان مبتدأه امام المحكمة الابتدائية، أو بالوسيلة القانونية الاستثناء من ذلك الأصل وهي وسيلة الطلب العارض الذي يقدم من المدعى عليه إذا ما كانت هنالك دعوى منظورة امام المحكمة في مواجهته تتضمن المطالبة بتنفيذ عقد الصلح، ففي هذه الحالة بحق للمدعى عليه ان يقدم طلب عارض (مقابل) ببطلان العقد وفقاً لما قررته المادة (199)مرافعات طبقاً لأحكام القانون.
مع الاخذ بعين الاعتبار بعدم جواز اثارة دعوى بطلان العقد في عريضة الاستئناف وذلك لضرورة توجه أسباب الاستئناف نحو قضاء الحكم المطعون فيه ناهيك عن ان الدفع بالبطلان يجب ان يوجه الى موضوع ومحل الاستئناف لا الى عقد الصلح وذلك لان الدفع وسيلة يراد بها الدفع بموضوع الدعوى او الاستئناف لا الى الدليل وفقاً لما نصت عليه المادة (179) مرافعات.
فضلا عن كون الادعاء امام محكمة الاستئناف مخالف لاحكام القانون من عدة صور ابرزها
الصورة الأولى/ اهدار لمبدأ التقاضي على درجتين وفصلها في دعوى جديدة (طلب جديد) أثيرت لأول مرة في مرحلة الاستئناف:
من المبادئ الحاكمة للقضاء والتقاضي البدا المنصوص عليه في المادة (22) من قانون المرافعات والذي يقضي بأن:
[الأصل في التقاضي أن يكون على درجتين إلا ما استثني بنص القانون.]
ويعتبر مبدأ التقاضي على درجتين من الضمانات والمبادئ الأساسية في التنظيم القضائي اليمني لا تجوز مخالفته لتعلقه بالنظام العام، ويجب على المحاكم إعمال مقتضاه من تلقاء نفسها... ومن مقتضياته أنه لا يجوز لمحاكم ثاني درجة قبول دعاوى مبتدئة بإجراءات مبتدأة.... لأن في ذلك تفويتاً لدرجة من درجات التقاضي، وترتيباً على ذلك لا يجوز للخصوم أبداً تقديم طلبات جديدة أمام محاكم ثاني درجة باعتبارها محاكم استئنافية.
القاضي/ محمد نعمان الأمير: عدم نزع الاختصاص القضائي في النظام اليمني والأنظمة الوضعية، الطبعة الأولى، 1432-2011م، ص69-70.
وذلك ما جسدته المادة(228/د) من ذات القانون كقاعدة ضمن القواعد الأساسية المحددة لنطاق الاستئناف ونطاق سلطة واختصاص محكمة الاستئناف بقولها:
[د- لا يجوز للخصوم التقدم بطلبات جديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها].
فقاعدة أو مبدأ حظر تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الدرجة الثانية تجد تبريرها في مسألتين أساسيتين هما: احترام مبدأي التقاضي على درجتين وثبات النزاع ومفهوم وظيفة محكمة الاستئناف، فالذي يترتب على الاستئناف هو طرح الدعوى على محكمة الدرجة الثانية لكي تفحصها من جديد سواءً من حيث الواقع أو من حيث القانون، فتصدر حكماً فاصلاً في الموضوع، فهو يكون ناقلاً، بمعنى أنه بدءاً من اللحظة التي يرفع فيها، فإن الاختصاص بالنزاع يسند إلى قاضٍ أعلى،.                                                       
  مبدأ التقاضي على درجتين: د/ أحمد هنيدي، مرجع سابق، ص162.
وبالتالي لا يجوز قبول طلب جديد في مرحلة الاستئناف لأن مثل هذا الطلب تنقصه سبق خصومة أول درجة وقبوله يعني إلغاء الدرجة الأولى للتقاضي، وهو أمر غير مقبول ولذلك جعل المشرع قاعدة حظر الطلبات الجديدة من النظام العام...مما يتوجب على محكمة الاستئناف [التصدي لما لم تفصل فيه محكمة أول درجة ممنوع على محكمة الدرجة الثانية لما فيه من إخلال بمبدأ التقاضي على درجتين، وهو مبدأ أساسي من مبادئ التنظيم القضائي].
الموسوعة الذهبية لأحكام النقض: د/ حسن الفكاهي، ج4، ص535، رقم 1005
الصورة الثانية/ عدم الاختصاص النوعي والولائي لمحكمة الاستئناف في نظر دعاوى مبتدأه ببطلان عقد الصلح أو الفصل فيها قانوناً:
حددت المادة(88) الواردة ضمن مواد الفصل الثالث المعنون ((الاختصاص بحسب نوع الدعوى)) من الباب الأول من الكتاب الأول من قانون المرافعات وظيفة محكمة الاستئناف واختصاصها النوعي بقولها:
[يجوز إبداء الدفوع الموضوعية أمام درجتي التقاضي في أية حالة كانت عليها الخصومة، وعلى المحكمة أن تقضي فيها قبل الفصل في طلب المدعي والحكم فيه يحوز حجية الأمر المقضي به]
ونطاق حدود اختصاص وسلطة محكمة ثاني درجة في القضايا الاستئنافية التي ترفع اليها محصورة بين حدين (قيدين) قررتهما الفقرة (ب) من المادة (288) من ذات القانون بقولها:
[ يرح الأستئناف للقضية المحكوم فيها أمام محكمة الأستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الأحكام الآتية :
أ لا تنظر محكمة الإستئناف إلا ما رفع عنه الإستئناف فقط .
ب- يجب على محكمة الإستئناف إلاّ تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الأستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات .
ج يجب على محكمة الاستئناف أن تنظر القضية المستأنفة على أساس ما يقدم لها من دفوع وأدلة جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى.
د لا يجوز للخصوم التقدم بطلبات جديدة في الإستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها .
هـ- تحكم المحكمة الأستئنافية فيما يتعلق بطلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل أو رفضه على وجه الأستعجال دون إنتظار للفصل في الموضوع.
و تحكم المحكمة الاستئنافية إما بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه أو تعديله ، وإما بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيما لم يتم الفصل فيه.]
وتطبيقاً لذلك فإن محكمة الاستئناف لا تختص نوعياً بنظر دعاوى مبتدأه ببطلان عقد الصلح الا اذا كان صلحاً قضائياً وكان الطعن ينصب على الحكم القضائي الذي صادق عليه ولأسباب معينة تتعلق بالعمل القضائي (التصديق) كان يصدر عن شخص لا يتمتع بالولاية القضائية، امام دعوى بطلان الصلح غير القضائي -كما هو حال الصلح المقضي ببطلانه في قضاء الحكم المطعون فيه-فلا ينعقد الاختصاص النوعي لمحكمة الاستئناف، وينعقد لمحكمة الدرجة الأولى اذ ان الوسيلة القانونية للتمسك به هي رفع دعوى اصلية مبتدأه امام المحكمة الابتدائية.
فالمقرر أن على أن عقد الصلح لا يجوز الطعن فيه إلا بطرق الطعن المقررة للعقود وهو رفع دعوى بطلان أصلية فلا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام ، أما الصلح القضائي فإنه يجوز الطعن فيه بالطريقين معاً أي برفع دعوى بطلان أصلية وبطرق الطعن المقررة للأحكام في بعض الحالات ذلك لأن الصفة العقدية تشترك مع الصفة القضائية في إتمامه فيجوز الطعن فيه برفع دعوى بطلان أصلية إذا كان هناك ثمة عيب يؤدي إلى بطلان العقد محل الصلح القضائي أو إذا كان العمل قد تم التصديق عليه من قبل شخص لا يتمتع بولاية القضاء أو زالت عنه هذه الولاية كما يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام إذا كان هذا العمل صادراً في شكل حكم).
د/الأنصاري حسن النيداني الصلح القضائي – دور المحكمة في الصلح والتوفيق بين الخصوم دراسة تأصيلة وتحليلية صـ (137 - 140)
الصورة الثالثة/ ان الدفع ببطلان عقد الصلح امام محكمة الاستئناف مخالف للقواعد القانونية المنظمة لحجية واثار عقد الصلح وكيفية الفصل في الدفع بسبق الفصل:
عرفت المادة (668) من القانون المدني الصلح بقولها:
[الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بأن يتنازل كل منهما عن جزء من ادعائه]
ويتفق الصلح مع الحكم القضائي الحائز لحجية الامر المقضي به، ومع احكام المحكمين من حيث ان الصلح شأنه شأن الحكم (القضائي-التحكيم) يشكل مانعاً قانوني يحول دون قبول الدعوى التي سبق حسمها بالصلح اتخذتا سبق حسمها بالصلح متى اتحدتا موضوعاً وسبباً واطرافاً، لما نصت عليه المادة(677) من ذات القانون بقولها: -
(يحسم الصلح المنازعات التي تناولها ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي تنازل عنها أي من الطرفين تنازلاً نهائياً)
فالمقرر انه إذا تم الصلح بين المتعاقدين ترتب عليه انقطاع الخصومة والمنازعة بينهما شرعاً فلا تسمع دعواهما بعد ذلك وتحصل البراءة عن الدعوى ووقوع الملك في بدل الصلح للمدعي والمصالح به للمدعى عليه إن كان مما يحتمل التمليك.
د/ سليمان بن فهد عيسي العيسى التصالح بين المتداعين في الأموال مرجع سابق صـ (117)
وذلك هو عين ما جسدته المحكمة العليا كقواعد قانونية ومبادئ قضائية استقرت عليها في العديد من احكامها ومن ذلك على سبيل المثال:
-        ما قررته المحكمة العليا في القاعدة رقم(31) طعن رقم (28356)لسنة 1427هـ (مدني) بقولها:
[يمتنع على الخصم العودة الى ذات المنازعة المنتهية بالصلح المبرم بينهما المنتج لآثاره]
المرجع :القواعد القانونية والمبادئ القضائية المدنية -المحكمة العليا في اليمن-
 العدد العاشر الطبعة الثانية 2014م-1435هـ صـ94
-        كذلك ما نصت عليه القاعدة رقم(14) طعن رقم (22912) لسنة 1425هـ جلسة 16/11/2005م بقولها:
[الصلح ينشئ دفعاً بعدم القبول ويمنع تجديد الدعوى بنفس الموضوع والسبب والأطراف]
المرجع: القواعد القانونية والمبادئ القضائية المدنية -المحكمة العليا في اليمن-
 العدد العاشر الطبعة الثانية 2014م-1435هـ صـ45
ولئن كان الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها بصلح يختلف عن الدفع بعدم القبول لسبق الفصل فيها بحكم قضائي او حكم تحكيم في كونه ليس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام كما هو حال الدفع بعدم قبول(عدم جواز نظر) الدعوى لسبق الفصل فيها بحكم الا ان الصلح اذا ما تم الدفع به او التمسك به من قبل احد طرفيه في مواجهة الطرف الاخر بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها بالصلح، فإنه يكسب حجية الشى المتعاقد عليه التي ترتب ذات الأثر الذي يرتبه الحكم القضائي كمانع من موانع قبول الدعوى الذي لا ينسحب اثره على الخصوم وحسب، بل وعلى المحكمة ايضاً اذ يتوجب عليها احترام ذلك الصلح وحجيته المانعة من قبل الدعوى شأنه شأن الحكم القضائي وذلك بالقضاء بعدم قبول الدعوى لسبق حسمها بالصلح، وإلغاء الحكم الابتدائي (المستأنف) لفصله في دعوى سبق حسمها بذلك الصلح لاسيما وقد ثبت في مجلس قضائها كافة المقومات القانونية اللازمة للقضاء بذلك وهي وجود صلح قائم بين طرفين ولم يقضي ببطلانه او الغائه منذ انعقاده وحتى التمسك به من قبل الطاعن في مرحلة الاستئناف فكان المتعين على محكمة ثاني درجة ان تكتفي بالتحقق من تلك المقومات فقط، دون المساس به او اهداره لان ذلك الامر يخرج عن حدود اختصاصها النوعي والوظيفي ولان العبرة في وجود المانع من سماع الدعوى او زواله هو بتاريخ رفع الدعوى، فإذا وجد مانع من الموانع القانونية للدعوى وكان ذلك المانع لا يزال قائماً وقت رفع الدعوى يغني على المحكمة القضاء بعدم قبولها، باعتبار ان المانع معنى معلوم محدد يمنع وجود الحكم، أو يمنع تحقق السبب، وذلك أنه إذا وجد السبب الشرعي، وتحقق شرطه، فلا يترتب المسبب عليه إلا إذا انتفى المانع، لأن المانع يمنع ترتب الحكم على السبب.،حقيقته أنه يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم.
 انظر: تسهيل الوصول: ص 258، إرشاد الفحول: ص 7، جمع الجوامع مع حاشية البناني عليه: 1 ص 98، الموافقات: 1 ص 179
 
اعداد الأستاذ/ سليمان نبيل الحميري

اشراف الاستاذ/ فهمي عقيل ناجي انعم