الصفحات

السبت، 21 مايو 2022

الرجوع عن الشهادة في القضايا المدنية وحجيتها, وفق القانون اليمني

 

 

 

الرجوع عن الشهادة في القضايا المدنية وحجيتها, وفق القانون اليمني

 

رجوع الشاهد عن الشهادة هو نفي ما أثبته  بشهادته, كأن يقول رجعت عما شهدت به.

ويكون الرجوع بأن يصرح به أو أن يقول شهادتي باطلة، أو لاً شهادة لي فيه.

"وسائل الإثبات- د.محمد الزحيلي - صـ778"

 

والرجوع عن الشهادة أمر مشروع ومرغوب فيه ديانة إذا كانت الشهادة غير صحيحة أو أخطأ فيها, لأنه الرجوع إلى الحق والعدل والصدق وخلاص من ارتكاب الكبائر وعقوبتها.

أما إنكار الشهادة فليس برجوع عنها، ولا يضمن الشاهد إلا في الحد, فإن أقر به ثم أنكر سقط عنه.

"وسائل الإثبات  د.محمد الزحيلي"

وهذا ما جاء به المشرع اليمني في قانون الإثبات رقم(21) لسنة 1992م في المادة(50) المعدلة بالقانون رقم(20) لسنة 1996م بقولها:

 

 يصح الرجوع عن الشهادة قبل الحكم وبعده بأن يقول الشاهد رجعت عن شهادتي أو بأن يكذب نفسه, ولابد أن يكون الرجوع أمام المحكمة التي سمعت الشهادة إذا كانت قد حكمت بشهادته لا قبل الحكم ، فيكفي لتوقفها الحكم بشهادته ثبوت رجوعه أو إكذابه نفسه ولو خارج المحكمة.

 

أما الرجوع عن الرجوع في الشهادة فقد حسمها قانون الإثبات في المادة(51) بأنه: (لا يصح الرجوع عن الرجوع في الشهادة)

 

أثر الرجوع عن الشهادة:

ينتج عن الرجوع عن الشهادة أثر في الحكم وأثر في الضمان, والرجوع عن الشهادة أما أن يكون قبل الحكم أو بعده.

 

أ)أثر الرجوع عن الشهادة قبل الحكم:

إذا كان الرجوع عن الشهادة قبل الحكم فلا يأخذ بها, وهذا عند جماهير العلماء من المذاهب الأربعة والظاهرية والأمامية والزيدية والإباضية, لأن الشهادة بطلت قبل الحكم فلا يصح القضاء بها.

ولا يضمن الشاهد في الرجوع عن شهادته قبل الحكم, لأنه لم يتلف شيئاً على المدعي أو المدعى عليه.

ويعزر إذا قال الشاهد تعمدت الزور والكذب.

وهناك رأي لأبي نور والزركشي, أنه إذا رجع الشاهد قبل الحكم يحكم بشهادته لأنها قد أوديت فلا تبطل برجوع من شهد بها, وقال محققون من الفقهاء أن هذا رأي فاسد لأن الشهادة شرط, للحكم فإذا زالت قبل الحكم لم يجز الحكم بها.

والراجح ما ذهب إليه جماهير الفقهاء لقوة دليلة وصحة تصوره.

"وسائل الإثبات –د.محمد الزحيلي"

ب)أثر الرجوع بعد الحكم:

يترتب على ذلك أثران: أثر على الحكم وأثر على الضمان:

أ- أثر الرجوع عن الشهادة في الحكم:

اختلف الفقهاء على قولين:

الأول: إذا رجع الشاهد عن شهادته بعد الحكم نقض الحكم, لأن الحكم أصبح غير معتمد على سبب لأن الشهادة سبب الحكم فإذا بطلت الشهادة بطل الحكم, وقاسوا ذلك أنه إذا تبين أن الشهود كانوا كفاراً أو عبيداً بطلت شهادتهم, وأصحاب هذا الرأي هم: الظاهرية وحماد بن سليمان، الحسن البصري، سعيد بن المسيب والاوزاعي وهو رأي لأبو حنيفة رجع عنه.

 

واعترض الجمهور على ذلك من عدة أوجه:

1)  أن قياس الرجوع عن الشهادة على ظهور الشهود كفاراً قياس مع الفارق, لأنه في حال تبين كفر الشهود فإن لا يوجد شرط الحكم وهو شهادة العدول من الأصل, أما في الرجوع فإن الشهادة كانت صحيحة مستوفية الشروط بالإضافة إلى أن الرجوع يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.

2)   أن الرجوع في الأحكام المالية وغير المالية تختلف عن الرجوع في العقوبات, لان العقوبات تدرأ بالشبهات مما يمنع تنفيذ الحكم أما بقية الأحكام فلا تدرأ بالشبهة, ولذلك تستوفي الأحكام ولو رجع الشهود بعد الحكم وقبل الاستيفاء.

3)  أن الشهادة ملزمة للجميع بعد الحكم, أما الرجوع فهو إقرار فلا يجوز أن ينقض به الحكم لئلا بصير إقراره لغيره.

والراجح ما ذهب إليه الفقهاء بعدم نقض الحكم لاكتسابه الحجية وأن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد, وإذا تغير اجتهاد الحاكم فلا ينقض حكمه السابق, ومنه قصة سيدنا عمر رضي الله عنه: (تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي)

واستدل الجمهور على عدم نقض الحكم بما يلي:

1-    أن الشهادة وإن كانت ظنية لكنها تأكدت بالقضاء.

2-  أن الحكم ثبت بقول عدول وسبب شرعي صحيح, والرجوع اعتراف منهم بأنهم فسقه.

3-  أن القضاء قد اثبت حقاً للمشهود له, فلا يسقط ورجوعهم ليس بينه.

4-  أن الرجوع عن الشهادة إقرار بالغلط والكذب, والإقرار قاصر على صاحبه.

ب_ اثر الرجوع عن الشهادة في الضمان:

اتفق الفقهاء على تضمين الشاهد إذا رجع عن شهادته بعد الحكم, واختلفوا في التفاصيل على قولين:

1_ أن الشاهد يضمن مطلقاً سواءً أكان المشهود به مالاً أو غيره, ذهب إلى ذلك جماهير الفقهاء.

2_ أن الشاهد يضمن في حالات دون أخرى, وكل مذهب فصل هذا الحالات بأسباب وظروف:

حيث ذكر بعضهم على عدم الرجوع على الشهود بالغرامة والضمان إذا رجعوا عن شهادتهم في المال فقط, ويضمن الشاهد في الرجوع عن القصاص والدية والأرش, وهذا قول الشافعي.

وقال الأمامية: أن كانت العين قائمة ارتجعت ولم يضمن الشهود, وأن كانت تالفة ضمن الشهود.

وقال الاباضية: بالضمان على الشاهد إذا رجع عن شهادته بعد الحكم, لتحقق الإتلاف وهو سبب الضمان.

أما قانون الإثبات فقد نص في المادة(52) منه في حكم الرجوع في الشهادة على ما يلي:

أ_ إذا كان الرجوع قبل الحكم فلا يحكم بالشهادة, ويكون الحكم بها بعد الرجوع باطلاً, ويحكم القاضي إذا كان الرجوع في مجلسه.

ب_ إذا كان الرجوع بعد الحكم جاز للمشهود عليه طلب إعادة النظر في الحكم, وإذا ألغى القاضي الحكم فيضمن الراجع ما نفذ وتعذر إرجاعه, ويعاقب بشهادة شاهد الزور..........الخ

وعليه فإن القانون اليمني يكون قد أخذ بما ذهب إليه جمهور الفقهاء, بجواز رجوع الشاهد عن شهادته مع ضمانة إذا كان الرجوع عن الشهادة بهد الحكم.

المحامي/أحمد عرمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي