الصفحات

الجمعة، 8 فبراير 2019

حكم التلفظ بفسخ عقد الزواج من قبل الزوجه امام القاضي ومناقشة نصوص القانون اليمني

فـي جلسة 16/5/2002م قضت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في الطعن الشخصي رقم (182) لسنة1422هـ, أنه (وبعد التداول والتأمل ودراسة ملف القضية والطعن والرد عليه اتضح أن محكمة أول درجة حكمت بعجز الزوج عن الوطء ولا تناكر بشأن ذلك, كما أن الشعبة الشخصية بمحكمة الاستئناف قد توصلت إلى النتيجة ذاتها وبموجبها فقد أيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة بفسخ نكاح مدعية الفسخ ولكن شاب هذا الحكم قصور من حيث أن مدعية الفسخ لم تتلفظ أمام المحكمة بلفظ الفسخ المعتبر ثم تحكم المحكمة بصحة فسخها, وذلك إعمالاً للقواعد والمادة (44) من قانون الأحوال الشخصية, ولما أشرنا ناسب الإرجاع لسماع الفسخ وإجراء اللازم في أسرع وقت ممكن). وقد نشر هذا الحكم ضمن القواعد القضائية في العدد الثاني الجزء الثاني الذي نشر عام 2005م صفحة (436) ومن خلال استقراء ما قضى به الحكم السابق ذكره يمكن التعليق على ذلك وعلى النحو الآتي:

 أولاً : الحكم محل تعليقنا اشترط أن تتلفظ المرأة: طالبة فسخ النكاح بلفظ الفسخ أمام القاضي كأن تقول المرأة (فسخت نكاحي من زوجي فلان بن فلان) حيث استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (44) من قانون الأحوال الشخصية النافذ التي نصت على أنه (يشترط في الفسخ لفظه أو ما يدل عليه) إضافة إلى أن مصطلح (الفسخ) يقتضي أن يصدر هذا من المتعاقد أو الطرف في العقد وليس من القاضي .

 ثانياً:المادة (44) أحوال شخصية تنص على أنه (يشترط في الفسخ لفظه أو مايدل عليه) ولفظ الفسخ معلوم وهو قول الفاسخ: (فسخت العقد) أما مايدل على لفظ الفسخ فهي الألفاظ الأخرى التي تدل على الفسخ كنقض العقد أو إزالة العقد أو إنهاء العقد أو انحلال العقد أو حل العقد حسبما ورد في تعريف الفسخ عند الفقهاء وكذا في معجمات اللغة , وهذا هو المقصود مما ورد في نص المادة (44) أحوال شخصية.

 ثالثاً: المادة (44) أحوال شخصية التي اشترطت التلفظ بفسخ الزواج أو ما يدل عليه والتي استند إليها الحكم محل تعليقنا لم تقتصر على اشتراط التلفظ بالفسخ فقط وإنما أجازت أيضاً أن يقع الفسخ بالألفاظ التي تدل على لفظ الفسخ مثل حل الزواج أو نقضه أو إزالته أو إنهائه أو انحلاله , وتبعاً لذلك فمن الممكن قانوناً فسخ عقد الزواج بأي من الألفاظ التي تدل على لفظ الفسخ السابق ذكرها, وهذه الألفاظ التي تدل على الفسخ خالية من المحاذير التي تحيط بلفظ الفسخ حينما يصدر من القاضي, فما هو المحذور حينما يحكم القاضي أو ينص في حكمه على حل أو إنهاء عقد الزواج بعد أن يثبت لدى القاضي شرعاً السبب الموجب لحل عقد الزواج أو إنهائه.

 رابعاً:المادة (44) أحوال شخصية التي اشترطت التلفظ بفسخ الزواج أو ما يدل عليه لم تحدد المكلف بتحقيق هذا الشرط (التلفظ بالفسخ) هل هو المتعاقد باعتباره طرفاً في العقد أم القاضي باعتبار الفسخ لعقد الزواج يتم بنظر القاضي وبحكم القاضي , وبما أن الفسخ يتم بحكم القاضي فإن لفظ الفسخ لعقد الزواج من وجهة نظرنا يتم من جانب القاضي وهذا ما يسمى بالفسخ القضائي , فمصطلح الفسخ ليس قاصراً على المتعاقد وإنما يصلح قانوناً أن يحكم القاضي به إذا ثبت لدى القاضي السبب الموجب للفسخ وهذا ما يتم فعلاً في أحكام القضاء لفسخ الزواج في الدول العربية التي تستعمل قوانين الأحوال الشخصية فيها مصطلح (فسخ الزواج) بدلاً عن مصطلح (التطليق).

 خامساً: تلفظ الزوجة التي تطلب فسخ عقد زواجها أمام القاضي وفرض التلفظ على الزوجة أمام القضاء على النحو المشار إليه في الحكم محل تعليقنا يثير إشكالات شرعية وقانونية وواقعية كثيرة منها:
 1- الزوجة ليست طرفاً أو عاقداً في عقد الزواج وإنما هي محل العقد أو المعقود عليه عند غالبية الفقهاء بخلاف مذهب أبي حنيفة الذي يجيز للمرأة أن تعقد لنفسها , وقد أخذ القانون اليمني بقول غالبية الفقهاء في جعل الولي في عقد الزواج ركناً أو شرطاً في عقد الزواج , وتبعاً لذلك فالعاقد في عقد الزواج أو المتعاقد في عقد الزواج طبقاً للقانون اليمني هو ولي الزوجة الأقرب لها شرعاً وليست الزوجة , فكيف تتلفظ الزوجة بلفظ الفسخ في حين أنها ليست طرفاً في عقد الزواج ولم تقم بإبرام عقد الزواج ولم تصدر منها صيغة الإيجاب والقبول في عقد الزواج؟
 2- إذا كان تلفظ الزوجة بفسخ عقد النكاح معتبراً على النحو الذي ذهب إليه الحكم محل تعليقنا , فما جدوى لجوء الزوجة إلى القضاء لفسخ الزواج طالما وهي تستطيع فسخ عقد نكاحها بلفظها المعتبر خارج نطاق القضاء؟
 3- إذا كان تلفظ الزوجة بالفسخ معتبراً على النحو الذي ورد في الحكم محل تعليقنا فأثار الفسخ ينبغي أن تترتب من تاريخ تلفظ الزوجة بالفسخ بما في ذلك وقت احتساب عدة المفسوخ نكاحها , وهذا يخالف المادة (80) أحوال شخصية التي تنص على أن تبدأ عدة الفسخ من تاريخ الحكم به.
 وختاماً: تلكُم أهم التعليقات على ما قضى به الحكم محل تعليقنا, وقد حاولنا الاختصار والإيجاز في ذلك وكذا الاقتصار على تناول

أهم التعليقات  بما يتناسب مع الحيز المخصص للتعليق على الأحكام في الصحيفة القضائية
و مقصدنا من تناول هذه التعليقات هو التسديد والتصويب والتوعية والتطور، وهذا لا ينتقص ولا يقلل و لا يهون من جهد وأجتهاد القضاة العلماء الأعلام الذين أصدروا الحكم محل تعليقنا والذين نكن لهم الاحترام والتقدير

د/عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون _جامعة صنعاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي