أداء
الواجب
النص
القانوني:
تنص
المادة(63) من قانون العقوبات على أنه:
(لا
جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الاحوال الآتية:
أولاً:
إذا ارتكب الفعل تنفيذ الأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو اعتقد أنها
واجبه عليه.
ثانياً:
إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذ لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد انه إجراءه من
اختصاصه ).
وعلى
كل حال يجب على الموظف ان يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأه كان
يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة أداء الواجب كاستعمال
الحق أحد الأسباب الإباحة العامة فهو لا يتقيد بجريمة أو جرائم معينة فكل عمل
يرتكب تنفيذاً لأمر القانون لا ينبغي أن يكون مؤاخذاَ عليه جنائياً لأنه عمل مأمور
به والشارع لا يتناقض بالعقاب مع ما يأمر بإجرائه ويلاحظ على نص المادة(63) من
قانون العقوبات أمران...
الأول هو ان الشارع ضيق في مجاله فقصره على
الموظفين العموميين.
الثاني أنه وسع فيه على الموظفين فأسقط
مسئوليتهم جنائياً في حالات يكون عملهم فيها مخالفا(السعيد مصطفي السعيد)
ونرجع
إباحة هذه الأفعال إلى سببين أحدهما موضوعي والأخر شخصي فالأول هو كون المصالح
التي تحققها هذه الأعمال أهم من المصالح التي تنال منها فالأولى عامة والثانية
خاصة.
أما
السبب الشخصي هو ايتان الموظف لهذا الفعل المجرم أما تنفيذاً لامر صادر من رئيسه
أوجب عليه القانون إطاعته أو اعتقد هو ذلك شريطة ان يكون هذا الفعل قد حدث بحسن
نية الموظف بعد تحريه وتثبته من ذلك.
المقصود بالموظف
العام:
عند
تطبيق نص المادة(63) من قانون العقوبات يتعين صرف الموظف العام إلى كل شخص عهد
إليه قانوناً قدراً من السلطة العامة أو أقره القانون على ممارستها ويتسع هذا
التعريف للموظف بمعناه وفقاً للقانون الإداري سواء يعمل في مرفق عام تديره الدولة
أو أحد الاشخاص الخاضعة للقانون العام سواء يعمل بصفة دائمة أو مؤقتة سواء يتقاضي
أجراً على عمله أم لا كما يتسع هذا التعريف للموظف الفعلي.
وهو
الذي يباشر عمله دون استكمال إجراءات تعيينه او بناء على قرار تعيين باطل وتحيل
محكمة النقض للاخذ بهذا الرأي السابق حيث عرفت الموظف العام في أحد أحكامها بأنه:
"من
يولى قدراً من السلطة العامة بصفة دائمة أو مؤقتة أو تمنح له هذه الصفة بمقتضي
القوانين واللوائح سواء أكان يتقاضى مرتبا من الخزانة العامة كالموظفين
والمستخدمين الملحقين بالوزارات والمصالح
التابع لها أم بالهيئات المستقلة ذات الصفة العمومية كالجامعات والمجالس البلدية
ودار الكتب أم كان مكلفا بخدمة عامة دون أجر كالعمد والمشايخ ومن إليهم"
الشروط اللازمة الأداء الواجب:
1-
الصفة: لابد أن يكون
مرتكب الفعل هو نفس الشخص الذي حمله القانون بالواجب.
2- تحقق
السبب الذي يقتضى مباشرة الفعل.
3- أن
يلتزم القائم بالعمل حدود واجبه.
4-
أن تتوافر في مرتكب
الفعل حسن النية.
وقد حددت المادة(63) صورتين لأداء الواجب بحسن النية من
قبل الموظف العام وهما:
1- أن يكون عمل الموظف مشروع أي مطابق للقوانين سواء نفذه
الموظف بناء على أمر القانون أو بناء على أمر رئيسه.
2- ان يكون عمل الموظف غير مشروع سواء كان العمل خارج نطاق
اختصاصه او ارتكبه الموظف تنفيذ الأمر غير واجب الطاعة.
أولاً: حالة مشروعية العمل:
يكون العمل مشروعاً حالة كونه مطابقاً للأوضاع القانونية
مقررا بنص القانون أو إذا كان تنفيذ الأمر رئيس أوجب القانون طاعته.
أ- إتيان الفعل تنفيذ
الحكم القانون:
يتحقق هذا الوصف إذا ارتكب الفعل أداء لواجب يفرضه
القانون أو استعمالاً لسلطة تقديرية مثال ذلك سلطة القاضي الذي يفصل في الدعاوى
المطروحة امامه وبخاصة الدعاوى الجنائية فالفعل فيها قد يؤدي إلى إدانة المتهم
والإدانة تنطوي على فعل قذف إلا أنه مباح ومشروع ويشترط لصحة العمل أن يكون القائم
به مختصاً بمباشرته وفقاً للقانون وأن تكون المباشرة على نحو القانون وكما رسمها
فإذا كان القانون أجاز لمأمور الضبط تفتيش المتهم وخوله في ذلك سلطة مباشرة
التفتيش بنفسه أو ندب غيره للقيام به إلا ان هذه السلطة تتقيد حين يكون المتهم
أنثى إذ يمتنع عليه تفتيشها بنفسه بل أوجب عليه القانون ندب أنثى للقيام بذلك فإذا
أجرى مأمور الضبط تفتيش الانثى بنفسه ومس عورة الأنثى كان فعله مكونا لجريمة هتك
عرض فضلاً من بطلان التفتيش وما يسفر عنه ويشترط أخيرا لصحة الفعل ان يكون الموظف
حسن النية عند إتيانه الفعل ففي حالة كونه قصد من فعله الانتقام ممن وقع الفعل
عليه او من غيره زالت عن الفعل صفة المشروعية وسئل عن الجريمة.
ب- إتيان الفعل تنفيذا
لأمر الرئيس:
يكون الفعل مشروعاً إذا قام به الموظف تنفيذاً لأمر من
رئيس تجب طاعته مع إثبات وجول الطاعة ويكون الأمر كذلك إذا استوفي شروط صحته
وتنقسم هذه الشروط إلى طائفتين: شكلي وموضوعي
الشروط الشكلية: فتقضي أن يكون الأمر صادراً من مختص
وموجها لمختص على أن يفرغ في الشكل الذي أوجبه القانون إفراغه فيه وهي الكيفية
التي تطلبها القانون لاستصدار الأمر وفي ذلك قضت محكمة جنايات المنظورة بانه: يجب
أن يكون الأمر المعطي ذا علاقة بشئون الامر الرسمية واختصاصاته القانونية فالمأمور
مسئول إذا لم يكن الأمر الذي نفذه داخلاً في اختصاصات من أصدره إليه كما في حالة
صدور أمر من ملاحظ البوليس للعساكر بالقبض على الرجال والنساء والأطفال وإيثاقهم
بالحبال وتعذيبهم فإن هذه الأعمال لا تدخل بحال في اختصاص الآمر ولا في اختصاص أحد
لأنها أعمال جرمها القانون تحريما كلياً.
وقد قررت محكمة النقض هذا المبدأ فقضت بانه:
"يشترط للإعفاء من المسئولية أن
يكون الأمر ذا علاقة بشئون الآمر الرسمية واختصاصاته القانونية"
ومن امثلة هذه الأوامر الأمر بحبس المتهم احتياطياً وهو
يوجه إلى مأمور السجن دون سواه كذلك الأمر بتنفيذ حكم الإعدام يوجه للجلاد والأمر
بالقبض والتفتيش يوجه لرجل الضبط القضائي.
الشروط الموضوعية:
المقصود بها المقدمات التي يوجب القانون وجودها كشرط
لإستصدار الأمر فلابد أن تتوافر دلائل قوية على اتهام شخص يمكن الامر بالقبض عليه
وتفتيشه وتفتيش مسكنه.
والخلاصة:
أن فعل المرؤوس يكون مشروعاً في حالتين:
إذا استوفي الأمر الذي نفذه شروط صحته الشكلية والموضوعية
كذلك إذا كان الامر يخطر على المرؤوس مناقشته وكان الامر ظاهر الصحة من حيث شكله
وغير ظاهر البطلان من حيث موضوعه.
ثانياً: حالة عدم مشروعية العمل:
يكون عمل الموظف غير مشروع في حالتين إذا كان العمل
خارجاً عن دائرة اختصاصه أيضاً إذا ارتكبه الموظف تنفيذ الأمر غير واجب الطاعة.
- ويكون خارج عن اختصاص الموظف إما في حالة دخوله في
اختصاص غيره او لأنه محرم على الإطلاق فاستراق السمع وتسجيل المحادثات أفعال لا
تباح إلا بأمر من قاضي التحقيق أو القاضي الجزائي م(95-206) من قانون الإجراءات
الجنائية فإذا بوشرت بدون الرجوع للمختصين بإصدار الامر بها أي بغير إذن عوقب
مباشرها بالعقوبة المقررة بالمادة(309) من قانون العقوبات أما تعذيب المتهم لحمله
على الاعتراف فلا يدخل في اختصاص أحد بل هذا الفعل محظور إتيانه بغطلاق لان
القانون يعاقب عليه بوصفه جناية.
- ويكون العمل غير مشروع أيضاً في حالة كون الأمر
بتنفيذه غير واجب الطاعة كأن يكون الامر محله فعل محظور أو يكون التنفيذ قد تم
مخالفاً لما اشتمل عليه أمر صحيح ومن قبيل ذلك ان يأمر وزير بالقبض على متهم أو أن
يامر عضو النيابة كاتب التحقيق بتفتيش مسكن أو ان يامر المحقق مدير السجن بتوقيع عقوبة
على شخص لم يحكم بها او أن يامره شفويا بحبس احد المتهمين احتياطياً أو أن يقوم
رجل الضبط القضائي من تلقاء نفسه بتفتيش مسكن شخص كلف بالقبض عليه.
في كل الأحوال السابقة وكأصل عام يسأل الموظف عن فعله
ويعاقب عليه إلا ان القانون خرج عن هذا الأصل العام بمقتضي نص المادة(63) عقوبات
وترجع العلة في إباحة هذه الأفعال إلى أنه يحتمل أن يقع الموظف أثناء تادية وظيفته
في غلط يحمله على الاعتقاد بان العمل من اختصاصه أو بأن الامر واجب طاعته وقد غفر
المشرع للموظف غلطة فنفى عن فعله وصف الجريمة.
راجع د/عوض محمد عوض صـ118 –1987م
وأيا كان الفعل مشروع أو غير مشروع أي منطبق عليه شروط
الحالة الأولى والثانية أيا كان الأمر ففي الحالتين كأصل عام يسأل الموظف ولكن لكي
يستفيد من المادة(63) عقوبات ويعفى من المسئولية ويعتبر علمه مباحاً ضرورة توافر
شرطين:
الشرط الاول: حسن النية:
ومقتضاه أن الموظف يجهل العيب الذي يشوب فعله ولهذا
يعتقد أنه مشروع وتطبيقاًَ لهذا فإذا تجاوز الموظف اختصاصه فحسن نيته يعني جهلة
بذلك واعتقاده على العكس بأنه يأتي عملاً داخلاً في اختصاصاته كذلك حالة تنفيذه
لأمر رئيس لا تجب طاعته فحسن نيته يعني اعتقاده بأنه ينفذ أمر رئيس تجب طاعته.
الشرط الثاني: التثبت والتحري:
أختتم المشرع المادة(63) من قانون العقوبات قائلاً:
" وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لمرتكب الفعل فلا بعد التثبت
والتحري"
وقد وضع المشرع في هذه الخاتمة الشرط الثاني لإباحية
الفعل المرتكب من الموظف العام في إحدى الحالتين المذكورتين بصدد هذه المادة مفاد
هذا الشرط ان يكون اعتقاد الموظف بمشروعية الفعل قائماً على أسباب معقولة أي أنه
قد بذل جهد للتحقق من سلامة اعتقاده بالمشروعية فإذا كان الموظف لم يبذل جهدا في
إثبات المشروعية أو بذل جهد طفيفاً كان في وسعه أن يبذل أكثر منه ففي هذا الوضع
يسأل ولا يستفيد من نص المادة(63) عقوبات وفي ذلك قضت محكمة لنقض بأنه:
"يشترط تبرير الفعل الواقع من الموظف- فوق أن يكون
حسن النية وجوب تحرية وتثبته ومن ضرورة التجائه إلى ما وقع منه ووجوب اعتقاده
مشروعية عمله اعتقادا مبنياً على أسباب معقولة فإذا كان المفهوم مما أثبته الحكم
المطعون فيه أن ما وقع من المتهم كان عن طيش ولم يكن منبعثاً عن أسباب معقولة فلا
يحق له التمسك بالمادة(63)"
"نقض جلسة11/3/35- مجموعة القواعد القانونية ج3
صـ447ـ رقم(347)
وقضت أيضاً بأنه:
مظهر التثبت والتحري اللازمين هو ألا يلجأ الموظف إلى
استخدام سلاحه ضد من يتشبه في امرهم إلا بعد التيقن من ان لشبهته محلا واستنفذ
وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجة إلى
استعمال سلاحه.
"نقض جلسة31/10/1932م مجموعة القواعد القانونية
صـ611"
إثبات حسن النية والتثبت والتحري:
ألقت الفقرة الأخير من المادة(63) من قانون العقوبات على
عاتق المتهم (الموظف) عبء الإثبات لحسن نيته والتثبت والتحري وقد جاء في تعليقات
الحقانية انه : (مما يؤول أن تشدد المحاكم فيما يختص بالإثبات المقدم)
وإن كان المشرع
يسوى بين العمل القانوني والعمل الغير قانوني حتى لا يدعو تهديد الموظف بمسئولية
مطلقة إلى تردده في إتيان الأفعال التي من شأن وظيفته مما يلحق الأضرار بالمصلحة
العامة فمن الواجب أيضاً ألا يغفل جانب الأفراد الذين يعتدي على حقوقهم مما يقتضي
أن ينتبه الموظف إلى عدم الإقدام على أي عمل ما لم يكن لديه دليل كافي على
مشروعيته.
راجع "السيد مصطفي السعيد ومحمود مصطفي، جلال
ثروت"
صـ86 دراسة عملية في إسباب الإباحة وموانع العقاب ممدوح
عزمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي